الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها توفّى الملك غازى بن مودود بن زنكى بن آق سنقر التركىّ سيف الدين صاحب الموصل وابن أخى السلطان الملك العادل نور الدين محمود الشهيد. كان غازى من أحسن الناس صورة، وكان وقورا عاقلا غيورا، ما يدع خادما بالغا يدخل داره على حرمه، وكان طاهر اللّسان عفيفا عن أموال الناس، قليل السفك للدماء، مع شحّ كان فيه.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفىّ فى شهر ربيع الآخر، وقد جاوز المائة بيقين. وشمس الدولة توران شاه بن أيّوب بن شادى صاحب اليمن بالإسكندرية فى صفر. وأبو المعالى عبد الله بن عبد الرحمن [بن أحمد «1» بن علىّ] بن صابر السلمىّ فى رجب. وأبو المفاخر سعيد بن الحسين المأمونىّ. وأبو الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد الأزدىّ ابن أبى العجائز فى جمادى الآخرة. وأبو الحسن «2» علىّ بن عبد الرحيم بن العصّار السّلمىّ البغدادىّ اللغوىّ فى المحرّم. وصاحب الموصل سيف الدين غازى بن مودود ابن اتابك فى صفر، وله ثلاثون سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وعشر أصابع. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وستّ عشرة إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 577]
السنة الحادية عشرة من ولاية السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة سبع وسبعين وخمسمائة.
فيها عاد السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيّوب صاحب الترجمة من دمشق إلى القاهرة، واستناب على الشام [ابن «1» ] أخيه عزّ الدين فرخشاه.
وفيها أمر السلطان صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين بالمسير إلى اليمن، فأخذ يتجهّز للمسير.
وفيها بعث السلطان صلاح الدين الخادم بهاء الدين قراقوش إلى «2» اليمن، فتوجّه وقبض على سيف الدولة مبارك بن كامل بن منقذ، وطلب منه المال؛ وكان نائب أخيه توران شاه.
وفيها بنيت قلعة «3» الجبل بالقاهرة.
وفيها توفّى الملك الصالح إسماعيل ابن الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى ابن آق سنقر صاحب حلب بمرض القولنج، وكان لمّا اشتدّ به مرض القولنج وصف له الحكماء قليل خمر، فقال: لا أفعل حتّى أسأل الفقهاء. فسأل الشافعيّة «4» فأفتوه بالجواز فلم يقبل، وقال: إن الله تعالى قرّب أجلى، أيؤخّره شرب الخمر! قالوا: لا. قال: فو الله لا لقيت الله وقد فعلت ما حرّم علىّ، فمات ولم يشر به.
ولمّا أشرف على الموت أحضر الأمراء واستحلفهم لابن عمّه عزّ الدين [مسعود «5» ابن مودود] صاحب الموصل؛ فقيل له: لو أوصيت لابن عمك عماد الدين صاحب سنجار! فإنّه صعلوك ليس له غير سنجار، وهو تربية أبيك وزوج أختك،
وشجاع كريم، وعزّ الدين له من الفرات إلى همذان؛ فقال: هذا لم يخف عنىّ، ولكن قد علمتم استيلاء صلاح الدين على الشام، [سوى «1» ما بيدى] ، ومصر واليمن، وعماد الدين لا يثبت له إذا أراد أخذ البلاد؛ وعزّ الدين له العساكر والأموال فهو أقدر على حفظ حلب وأثبت من عماد الدين، ومتى ذهبت حلب ذهب الجميع؛ فاستحسنوا قوله.
قلت: ولم يخطر ببال أحد أخذ صلاح الدين بن أيّوب الشام من الملك الصالح هذا قبل تاريخه، فإنّه كان غرس نعمة أبيه الملك العادل، فلم يلتفت صلاح الدين للأيادى السالفة، وانتهز الفرصة حيث أمكنته، وقاتل الملك الصالح هذا حتّى أخذ منه دمشق، فلهذا صار عند الصالح كمين من صلاح الدين.
وفيها توفّى عبد الرحمن «2» بن محمد [بن «3» عبيد الله] بن أبى سعيد أبو البركات الأنبارىّ النحوىّ، مصنّف كتاب «الأسرار «4» فى علم العربيّة» وكتاب «هداية الذاهب فى معرفة المذاهب» . كان إماما فى فنون كثيرة مع الزهد والورع والعبادة، وكانت وفاته فى شعبان.
وفيها توفّى عمر «5» بن حموّيه عماد الدين والد شيخ الشيوخ صدر الدين وتاج الدين، وهو من ولد حموّيه بن علىّ الحاكم على خراسان إمام السامانيّة.