الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها توفّى محمد بن أبى القاسم بن محمد أبو عبد الله الهكّارىّ الأمير بدر الدين، استشهد على الطور «1» ، وأبلى بلاء حسنا ذلك اليوم وكان من المجاهدين، له المواقف المشهودة فى قتال الفرنج، وكان من أكابر أمراء الملك المعظّم، كان يستشيره ويصدر عن رأيه ويثق به لصلاحه ودينه وكان سمحا جوادا.
الذين ذكر الذهبى وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى المحدّث أبو الخطّاب أحمد بن محمد البلنسىّ بمرّاكش. وأبو الحسن علىّ بن محمد بن علىّ الموصلىّ أخو سليمان «2» . وأبو الحسين محمد بن أحمد بن جبير الكنانىّ البلنسىّ الأديب الإسكندرانىّ بها، وله أربع وسبعون سنة. وقاضى القضاة أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستانىّ فى ذى الحجّة، وله أربع وتسعون سنة وأشهر. والإمام عماد الدين إبراهيم ابن عبد الواحد المقدسىّ فجأة فى ذى القعدة، وله سبعون سنة. والمحدّث أبو محمد عبد الله «3» بن عبد الجبّار العثمانىّ الإسكندرانىّ الكارمىّ بمكّة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وأربع عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وسبع عشرة إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 615]
السنة التاسعة عشرة من ولاية الملك العادل أبى بكر بن أيّوب على مصر، وهى التى مات فيها العادل فى جمادى الآخرة حسب ما تقدّم ذكره، وهى سنة خمس عشرة وستمائة.
وفيها نزلت الفرنح على دمياط فى شهر ربيع الأوّل، وكان العادل بمرج الصّفّر، فبعث بالعساكر التى كانت معه إلى مصر إلى ولده الكامل، وأقام المعظّم بالساحل بعسكر الشام فى مقابلة الفرنج ليشغلهم عن دمياط.
وفيها استدعى الملك العادل صاحب الترجمة ابنه الملك المعظّم المقدّم ذكره وقال له: قد بنيت هذا الطّور «1» ، وهو يكون سببا لخراب الشام، وقد سلّم الله من كان فيه من أبطال المسلمين، وسلاح الدنيا والذخائر؛ وأرى من المصلحة خرابه ليتوفّر من فيه من المسلمين والعدد على حفظ دمياط، وأنا أعوّضك عنه؛ فتوقّف المعظّم وبقى أيّاما لا يدخل إلى أبيه العادل، فبعث إليه العادل ثانيا وأرضاه بالمال، ووعده فى مصر ببلاد، فأجاب المعظّم وبعث ونقل ما كان فيه.
وفيها فى يوم الجمعة ثانى عشر شهر ربيع الآخر كسر الملك الأشرف موسى صاحب خلاط وديار بكر وحلب ابن الملك العادل هذا ملك الروم كيكاوس.
وفيها أيضا بعث الأشرف المذكور بالأمير سيف الدين بن كهدان والمبارز ابن خطلخ بجماعة من العساكر نجدة إلى أخيه الملك الكامل بدمياط، كلّ ذلك والقتال عمّال بين الملك الكامل والفرنج على ثغر دمياط.
وفيها فى آخر جمادى الأولى أخذ الفرنج برج السّلسلة «2» من الكامل، فأرسل الكامل شيخ الشيوخ صدر الدين إلى أبيه العادل وأخبره، فدقّ العادل بيده على صدره، ومرض من قهره مرض الموت.
وفيها فى جمادى الآخرة التقى الملك المعظّم الفرنج بساحل الشام وقاتلهم فنصره الله عليهم، وقتل منهم مقتلة، وأسر من الدّاويّة «1» مائة فارس، وأدخلهم القدس منكّسى الأعلام.
وفيها وصل رسول خوارزم شاه إلى الملك العادل هذا وهو بمرج الصّفّر، فبعث بالجواب الخطيب «2» الدّولعىّ ونجم الدين خليل [بن «3» علىّ الحنفى] قاضى العسكر، فوصلا همذان فوجدا الخوارزمىّ قد اندفع بين يدى الخطا [والتتار «4» ] ، وقد خامر عليه عسكره، فسارا إلى حدّ بخارى؛ فاجتمعا بولده الملك جلال الدين فأخبرهما بوفاة العادل صاحب الترجمة مرسلهما، فرجعا إلى دمشق.
وفيها حجّ بالناس من بغداد أقباش «5» الناصرى.
وفيها توفّى عبد الله بن الحسين أبو القاسم عماد الدين الدّامغانىّ الحنفىّ قاضى القضاة ببغداد؛ ومولده فى شهر رجب سنة أربع وستين وخمسمائة. وكان له صمت ووقار ودين وعصمة وعفّة وسيرة حسنة مع العلم والفضل، وكانت وفاته فى ذى القعدة ودفن بالشّونيزيّة.
وفيها توفّى كيكاوس «6» الأمير عزّ الدين صاحب الروم، كان جبّارا ظالما سفّاكا للدماء، ولمّا عاد إلى بلده من كسرة الأشرف موسى اتّهم أقواما من أمراء دولته
أنهم قصّروا فى قتال الحلبيّين، وسلق منهم جماعة فى القدور، وجعل آخرين فى بيت وأحرقه؛ فأخذه الله بغتة. ومات سكران فجأة؛ وقيل: بل ابتلى فى بدنه، وتقطّعت أوصاله. وكان أخوه علاء الدين كيقباد محبوسا فى قلعة، وقد أمر كيكاوس بقتله، فبادروا وأخرجوه، وأقاموه فى الملك. وكانت وفاة كيكاوس فى شوّال، وهو الذي أطمع الفرنج فى دمياط.
وفيها توفّى خوارزم شاه واسمه محمد بن تكش بن إيل أرسلان بن أتسر ابن محمد بن أنوشتكين السلطان علاء الدين المعروف بخوارزم شاه.
قال ابن واصل «1» : نسبه ينتهى إلى إيلتكين أحد مماليك السلطان ألب أرسلان ابن طغرلبك السّلجوقىّ، وكانت سلطنة خوارزم شاه المذكور فى سنة ست وتسعين وخمسمائة عند موت والده السلطان علاء الدين تكش.
وقال عز الدين بن الأثير: كان صبورا على التعب وإدمان السّير غير متنعّم ولا مقبل على اللّذات، إنّما همّته فى الملك وتدبيره وحفظه وحفظ رعيّته، وكان فاضلا عالما بالفقه والأصول وغيرهما، وكان مكرما للعلماء محبّا لهم محسنا إليهم يحبّ مناظرتهم بين يديه ويعظم أهل الدين ويتبرّك بهم.
- قلت: وهذا بخلاف ما ذكره أبو المظفّر ممّا حكاه عن الشيخ شهاب الدين السّهروردىّ، لمّا توجه إلى خوارزم شاه هذا رسولا من قبل الخليفة الناصر لدين الله فإنّه ذكر عنه أشياء من التكبّر والتعاظم عليه، وعدم الالتفات له، وإنّه صار لا يفهم كلام السّهروردىّ إلّا بالتّرجمان؛ ولعلّه كان فعل ذلك لإظهار العظمة، وهو نوع من تجاهل العارف- قال: وكان أعظم ملوك الدنيا واتّسعت ممالكه شرقا وغربا
وهابته الملوك حتّى لم يبق إلّا من دخل تحت طاعته وصار من عسكره. ومحق أبوه التّتار بالسيف وملك منهم البلاد. ووقع له أمور طويلة حتّى إنّه نزل همذان، وكان فى عسكره سبعون ألفا من الخطا؛ فكاتب القمّىّ «1» عساكره ووعدهم بالبلاد، فآتّفقوا مع الخطا على قتله. وكان خاله من الخطا وحلّفوه ألّا يطلعه على ما دبّروا عليه، فجاء إليه فى الليل وكتب فى يده صورة الحال «2» ، فقام وخرج من وقته ومعه ولداه: جلال الدين وآخر؛ ولمّا خرج من الخيمة دخل الخطا والعساكر من بابها ظنّا منهم أنّه فيها، فلم يجدوه فنهبوا الخزائن، يقال: إنّه كان فى خزائنه عشرة آلاف ألف دينار، وألف حمل قماش أطلس، وعشرون ألف فرس وبغل، وكان له عشرة آلاف مملوك، فتمزّق الجميع وهرب ولداه إلى الهند، وهرب خوارزم شاه إلى الجزيرة، وفيها قلعة ليتحصّن بها، فمات دون طلوع القلحة المذكورة فى هذه السنة، وقيل: فى سنة سبع «3» عشرة وستمائة. والله أعلم.
وفيها توفّى الملك القاهر عزّ الدّين مسعود [بن أرسلان «4» بن مسعود بن مودود ابن زنكى أبو الفتح] صاحب الموصل، وترك ولدا صغيرا اسمه محمود، فأخرج الأمير بدر الدين لؤلؤ زنكىّ أخا «5» القاهر من الموصل واستولى عليها، ودبّر مملكة محمود المذكور.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى الشهاب فتيان بن علىّ الشاغورىّ»
الأديب. وصاحب الروم السلطان عزّ الدين كيكاوس، وولى بعده علاء الدين أخوه. وصاحب الموصل عزّ الدين مسعود بن أرسلان شاه الاتابكىّ.
وصاحب مصر وغيرها السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيّوب فى جمادى الآخرة عن سبع وسبعين سنة. وأبو الفتوح محمد بن محمد [بن «2» محمد] بن عمروك البكرىّ النّيسابورىّ الصّوفىّ فى جمادى الآخرة، وهو فى عشر المائة.
والشمس أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمىّ العطّار فى شعبان.
والحافظ أبو العبّاس أحمد بن أحمد بن أحمد بن كرم البندنيجىّ «3» فى رمضان عن أربع وسبعين سنة، سمع ابن الزّاغونىّ «4» . وأمّ المؤيّد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الشّعريّة، ولها إحدى وتسعون سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ستّ أذرع وستّ أصابع. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وستّ أصابع.