الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو سعد عبد السلام ابن المبارك [بن «1» عبد الجبّار بن محمد بن عبد السلام] بن البرد «2» عول فى المحرّم، وله تسع وثمانون سنة. والعلّامة فخر الدين أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن ابن عساكر الشافعىّ فى رجب، وله سبعون سنة. والعلامة موفّق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسىّ شيخ الحنابلة فى يوم الفطر، وله ثمانون سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع ونصف إصبع.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا سواء.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 621]
السنة السادسة من ولاية الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر بن أيّوب على مصر، وهى سنة إحدى وعشرين وستمائة.
فيها استردّ الملك الأشرف موسى مدينة خلاط من أخيه شهاب الدين غازى، وأبقى عليه ميّافارقين، ورضى عنه بعد أمور وقعت بينهما، وقد تقدّم ذكر ذلك أيضا.
وفيها ظهر السلطان جلال الدين بن خوارزم شاه بعد ما انفصل عن بلاد الهند وكرمان، واستولى على أذربيجان وحكم عليها. وراسله الملك المعظّم عيسى ليعينه على قتال أخيه الملك الأشرف موسى؛ ثم كتب المعظّم أيضا لصاحب إربل فى هذا المعنى، وبعث ولده الملك الناصر داود إليه رهينة.
وفيها استولى بدر الدين لؤلؤ على الموصل وأظهر أنّ الملك محمود «3» بن القاهر قد توفّى، وكان قد أمر بخنقه.
وفيها بنى الملك الكامل صاحب الترجمة دار «1» الحديث الكامليّة بالقاهرة فى بين القصرين، وجعل أبا «2» الخطّاب بن دحية شيخها.
وفيها قدم الملك مسعود أضسيس «3» (المشهور بأقسيس) على أبيه الملك الكامل من اليمن طائعك، وعزمه أخذ الشام من عمّه الملك المعظّم عيسى، وقدّم لأبيه أشياء «4» عظيمة، منها مائتا خادم.
قال ابن الأثير: وفيها عادت التتار من بلاد القبجاق ووصلت إلى الرّىّ، وكان من سلم من أهلها قد عمّروها، فلم يشعروا إلّا بقدوم التتار بغتة، فوضعوا فيهم السيف، ثم فعلوا بعدّة بلاد أخر كذلك، فما شاء الله كان.
وفيها حدثت واقعه قبيحة من الكرج، وهو أنّ الكرج- لعنهم الله- لم يبق فيهم من بيت الملك أحد سوى امرأة فملّكوها عليهم. قال ابن الأثير: ثم طلبوا لها زوجا يتزوّجها وينوب عنها فى الملك، ويكون من بيت مملكة. وكان صاحب أرزن الروم مغيث الدين طغرل شاه بن قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان وهو من الملوك السّلجوقيّة وله ولد، فأرسل إلى الكرج يخطب الملكة لولده فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مسلم، فقال لهم: إنّ ابنى يتنصّر ويتزوّجها، فأجابوه فتنصّر وتزوّج بها، وأقام عندها حاكما فى بلادهم، فنعوذ بالله من الخذلان! وكانت الملكة تهوى مملوكا، فكان هذا الزوج يسمع عنها من القبائح أشياء ولا يمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوما فرآها مع المملوك، فأنكر ذلك، فقالت: إن رضيت بذا وإلّا
أنت أخبر بما أفعله معك!. [فقال: إنّنى لا «1» أرضى بهذا] فنقلته إلى بلد [آخر «2» ] ووكّلت به من يحفظه وحجرت عليه؛ وأحضرت لها رجلين وصفا لها بحسن الصورة فتزوّجت بأحدهما، وبقى معها ذاك يسيرا، ثمّ فارقته وأحضرت آخر من كنجة «3» وهو مسلم، فطلبت منه أن يتنصّر ويتزوّجها فلم يفعل، فأرادت أن تتزوّجه [وهو مسلم «4» ] فقام عليها الأمراء ومعهم إبوانى «5» مقدّمهم؛ وقالوا لها: فضحتينا بين الملوك بما تفعلين! [ثم «6» تريد بن أن يتزوّجك مسلم، وهذا لا نمكّنك منه أبدا] ، والأمر بينهم متردّد، والرجل الكنجىّ عندهم [لم يجبهم إلى «7» الدخول فى النّصرانيّة] ، وهى تهواه. انتهى كلام ابن الأثير.
وفيها توفّى فخر الدين أبو المعالى محمد بن أبى الفرج الموصلىّ المقرئ ببغداد فى شهر رمضان. وكان إماما فاضلا بارعا فى فنون. ومن شعره «مواليا» :
ساق قمر بكفّه شمس ضحا
…
قد أسكرنى من راحتيه وصحا
لو أمكننى والراح فى راحته
…
فى الحان شربت كفّه والقدحا
قلت: ويعجبنى فى هذا المعنى قول أبى الحسن علىّ بن عبد الغنىّ الفهرىّ القيروانىّ الضّرير المعروف بالحصرىّ الشاعر المشهور، ووفاته سنة ثمان [وثمانين «8» ] وأربعمائة، وهما:
أقول له وقد حيّا بكأس
…
لها من مسك ريقته ختام
أمن خدّيك يعصر قال كلّا
…
متى عصرت من الورد المدام
وفيها توفّى القاضى أبو البركات عبد القوىّ بن عبد العزيز بن الجبّاب السّعدىّ فى شوّال، وله خمس وثمانون سنة. وكان عالما بارعا ديّنا عفيفا أفتى ودرّس سنين.