الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصبهانىّ الغزالىّ المقرئ. وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبىّ فى صفر بالمدينة. وأبو الغنائم المسلم بن أحمد المازنى النّصيبىّ فى شهر ربيع الأوّل.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع سواء. مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وثلاث أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 632]
السنة السابعة عشرة من ولاية الملك الكامل محمد بن العادل أبى بكر بن أيّوب على مصر، وهى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
فيها خرجت عساكر الروم نحو آمد وحاصروها وأقامو عليها أياما، ثم نازلوا السّويداء «1» فأخذوها.
وفيها كان الوباء العظيم بمصر حيث إنّه مات فى شهر نيّف وثلاثون ألف إنسان.
وفيها توفّى عبد السلام بن المطهّر بن عبد الله بن محمد بن [أبى «2» ] عصرون. كان فقيها فاضلا زاهدا إلّا أنّه كان مغزى بالنكاح، كان عنده نيّف وعشرون جارية للفراش. ومات بدمشق ودفن بقاسيون، وهو والد قطب «3» الدين وتاج «4» الدين.
وفيها توفّى صواب العادلى مقدّم عسكر الملك الكامل الذي كانت الروم أسرته فى عام أوّل، وكان خادما عاقلا شجاعا، وكان العادل والكامل يعتمدان عليه، وكان حاكما على الشرق كلّه من قبل الكامل.
وفيها توفّى الشيخ شرف الدين أبو حفص «1» عمر بن أبى الحسن علىّ بن المرشد ابن علىّ المعروف بابن الفارض الحموىّ الأصل، المصرىّ [المولد و «2» ] الدار والوفاة الصالح الشاعر المشهور، أحد البلغاء الفصحاء الأدباء. مولده فى رابع ذى القعدة سنة ستّ وسبعين وخمسمائة، وتوفّى بالقاهرة فى يوم الثلاثاء الثانى من جمادى الأولى «3» ، ودفن من الغد بسفح المقطم، وقبره معروف به يقصد للزيارة. والفارض (بفتح الفاء وبعدها ألف وراء مكسورة «4» وضاد معجمة) . وهو الذي مكتب الفروض على النساء والرجال. وهو صاحب النظم الرائق والشعر الفائق الغرامىّ. وديوان شعره مشهور كثير الوجود بأيدى الناس، وشعره أشهر من أن يذكر. فمن مقطّعات شعره قوله:
وحياة أشواقى إلي
…
ك وحرمة «5» الصبر الجميل
لا أبصرت «6» عينى سوا
…
ك ولا صبوت إلى خليل
ومن قصائده المشهورة- رحمه الله وعفا عنه-:
سائق الأظعان يطوى البيد طىّ
…
منعما عرّج على كثبان طىّ
وبذات الشّيح عنّى إن مرر
…
ت بحىّ من عريب الجزع حىّ
وتلطّف واجر ذكرى عندهم
…
علّهم أن ينظروا عطفا إلىّ
قل تركت الصّبّ فيكم شبحا
…
ماله ممّا براه الشّوق فىّ
خافيا عن عائد لاح كما
…
لاح فى برديه بعد النّشر طىّ
صار وصف الضّرّ ذاتيّا له
…
عن عناء والكلام الحىّ لىّ
كهلال الشّكّ لولا أنّه
…
أنّ عينى عينه لم تتأىّ
مثل مسلوب حياة مثلا
…
صار فى حبّكم ملسوب حىّ
مسبلا للنّأى طرفا جاد إن
…
ضنّ نوء الطّرف إذ يسقط خىّ
بين أهليه غريبا نازحا
…
وعلى الأوطان لم يعطفه لىّ
جامحا إن سيم صبرا عنكم
…
وعليكم جانحا لم يتأىّ
نشر الكاشح ما كان له
…
طاوى الكشح قبيل النأى طىّ
فى هواكم رمضان عمره
…
ينقضى ما بين إحياء وطىّ
صاديا شوقا لصدّى طيفكم
…
جدّ ملتاح إلى رؤيا ورىّ
حائرا فيما إليه أمره
…
حائر والمرء فى المحنة عىّ
فكأيّن من أسى أعيا الأسى
…
نال لو يغنيه قولى وكأىّ
رائيا إنكار ضرّ مسّه
…
حذر التعنيف فى تعريف رىّ
والذي أرويه عن ظاهر ما
…
باطنى يزويه عن علمى زىّ
يا أهيل الودّ أنّى تنكرو
…
نى كهلا بعد عرفانى فتىّ
وهوى الغادة عمرى عادة
…
يجلب الشّيب إلى الشابّ الأحىّ
نصبا أكسبنى الشوق كما
…
تكسب الأفعال نصبا لام كئّ
[ومتى أشكو جراحا بالحشى
…
زيد بالشّكوى إليها الجرح كىّ]
عين حسّادى عليها لى كوت
…
لا تعدّاها أليم الكىّ كىّ
عجبا فى الحرب أدعى باسلا
…
ولها مستبسلا فى الحبّ كىّ
هل سمعتم أو رأيتم أسدا
…
صاده لحظ مهاة أو ظبىّ
سهم شهم القوم أشوى وشوى
…
سهم ألحاظكم أحشايى شىّ
وضع الآسى بصدرى كفّه
…
قال مالى حيلة فى ذا الهوىّ
أىّ شىء مبرد حرّا شوى
…
للشّوى حشو حشاى أىّ شىّ
سقمى من سقم أجفانكم
…
وبمعسول الثّنايا لى دوىّ
أوعدونى أوعدونى وامطلوا
…
حكم دين الحبّ دين الحبّ لىّ
رجع اللّاحى عليكم آيسا
…
من رشادى وكذاك العشق غىّ
أبعينيه عمّى عنكم كما
…
صمم عن عذله فى أذنىّ
أو لم ينه النّهى عن عذله
…
زوايا وجه قبول النّصح زى
ظلّ يهدى لى هدى فى زعمه
…
ضلّ كم يهذى ولا أصغى لغىّ
ولما يعذل عن لمياء طو
…
ع هوى فى العذل أعصى من عصىّ
لومه صبّا لدى الحجر صبا
…
بكم دلّ على حجر صبىّ
عاذلى عن صبوة عذريّة
…
هى بى لا فتئت هىّ بن بىّ
ذابت الرّوح اشتياقا فهى بع
…
د نفاد الدمع أجرى عبرتىّ
فهبوا عينىّ ما أجدى البكا
…
عين ماء فهى إحدى منيتىّ
أو حشا سال ولا أختارها
…
إن تروا ذاك بها منّا علىّ
بل أسيئوا فى الهوى أو أحسنوا
…
كلّ شىء حسن منكم لدىّ
وفيها توفّى عيسى بن سنجر بن بهرام بن جبريل بن خمارتكين «1» الشيخ الإمام الأديب البارع حسام الدين أبو يحيى- وقيل: أبو الفضل- الإربلىّ المعروف بالحاجرىّ الشاعر المشهور. كان جنديّا من أولاد الأتراك. وكان أديبا فاضلا ظريفا فصيحا، وله ديوان شعر مشهور، يغلب على شعره الرّقة والانسجام.
قال ابن خلّكان- رحمه الله: وكان صاحبى وأنشدنى كثيرا من شعره، فمن ذلك وهو معنى جيّد فى نهاية الجودة:
ما زال يحلف لى بكلّ أليّة
…
ألّا يزال مدى الزمان مصاحبى
لمّا جفا نزل العذار بخدّه
…
فتعجّبوا لسواد وجه الكاذب
قال وأنشدنى لنفسه أيضا:
لك خال من فوق عر
…
ش شقيق قد استوى
بعث الصّدع مرسلا
…
يأمر الناس بالهوى
انتهى.
قلت: ومن شعره أيضا:
لك «1» أن تشوّقنى إلى الأوطان
…
وعلىّ أن أبكى بدمعى القانى
إنّ الألى «2» رحلوا غداة محجّر
…
ملئوا القلوب لواعج الأحزان
فلأبعثنّ مع النسيم إليهم
…
شكوى تميل لها غصون البان
نزلوا برامة قاطنين فلا تسل
…
ما حلّ بالأغصان والغزلان
وكانت وفاته فى يوم الخميس ثانى شوّال، وتقدير عمره خمسون سنة. والحاجرىّ (بفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مكسورة وبعدها راء) وهذه النسبة إلى حاجر، وكانت بليدة بالحجاز. وسبب تسميته بذلك لأنّه كان يكثر من ذكر الحاجر فى شعره فسمّى بذلك.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى الحسن «1» بن صباح بن حسام المخزومىّ الكاتب فى رجب، وله إحدى وتسعون سنة، وتقي الدين علىّ بن أبى الفتح [المبارك بن «2» الحسن بن أحمد] بن ماسويه الواسطىّ فى شعبان، وله ست وسبعون سنة. والأديب شرف الدّين عمر بن علىّ بن المرشد الحموىّ بن الفارض بمصر فى جمادى الأولى. والزاهد العارف أبو حفص «3» عمر بن محمد بن عبد الله التّيمىّ السّهروردىّ فى أوّل السنة، وله ثلاث وتسعون سنة. وأبو عبد الله محمد بن عماد ابن محمد الحرّانىّ التاجر فى صفر بالإسكندرية، وله تسعون سنة. والقدوة الزاهد غانم بن علىّ [بن «4» إبراهيم بن عساكر] المقدسىّ. والقاضى العلّامة بهاء «5» الدين يوسف ابن رافع بن تميم الشافعىّ ابن شدّاد بحلب فى صفر. وسيف الدولة محمد بن غسّان الحمصى فى شعبان. وأبو الوفا محمود [بن إبراهيم «6» بن سفيان] بن مندة التاجر بأصفهان شهيدا فى خلق لا يحصون بسيف التتار فى شوّال. وأبو سعد «7» محمد بن عبد الواحد المدينى. وحسام الدين عيسى بن سنجر بن بهرام الإربلىّ المعروف بالحاجرىّ الشاعر المشهور، قتله شخص فى شوّال، وله خمسون سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع سواء. مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وثلاث عشرة إصبعا.