الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة فى كتاب الإشارة «1» ، قال: وفيها توفّى الملك الصالح إسماعيل ابن السلطان نور الدين بحلب فى رجب، وله ثمانى عشرة سنة.
والكمال أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنبارىّ النحوىّ العبد الصالح. وشيخ الشيوخ أبو الفتوح «2» عمر بن علىّ الجوينىّ.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وعشر أصابع. مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وخمس أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 578]
السنة الثانية عشرة من ولاية الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيّوب على مصر، وهى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة.
فيها سار سيف الإسلام طغتكين أخو صلاح الدين من مصر إلى اليمن إلى أن نزل زبيد، وبها حطّان [بن منقذ «3» الكنانىّ] ، فأمره أن يسير إلى الشام، فجمع أمواله وذخائره ونزل بظاهر زبيد فقبض عليه سيف الإسلام، وأخذ جميع ما كان معه، وقيمته ألف ألف دينار، ثم قتله بعد ذلك. وكان عثمان الزنجبيلىّ بعدن، فلمّا بلغه ذلك سافر إلى الشام بعد أن أثّر باليمن آثارا كبيرة ووقف الأوقاف؛ وله مدرسة أيضا بمكّة، ورباط بالمدينة وغيرها.
وفيها فى خامس المحرّم خرج صلاح الدين من مصر فنزل البركة «4» قاصدا الشام، وخرج أعيان الدولة لوداعه، وأنشده الشعراء أبياتا فى الوداع، فسمع قائلا يقول فى ظاهر المخيّم:
تمتّع من شميم عرار نجد
…
فما بعد العشيّة من عرار
فطلب القائل فلم يجده. فوجم الناس وتطيّر الحاضرون، فكان كما قال.
قلت: وقول من قال، فكان كما قال، ليس بشىء، فإنّ صلاح الدين عاش بعد ذلك نحو العشر سنين، غير أنّه ما دخل مصر بعدها فيما أظنّ، فإنّه اشتغل بفتح الساحل وقتال الفرنج، كما تقدّم ذكره فى ترجمته.
وفهيا توفّى أحمد بن علىّ بن أحمد الشيخ أبو العبّاس المعروف بابن الرّفاعىّ، إمام وقته فى الزهد والصلاح والعلم والعبادة. كان من الأفراد الذين أجمع الناس على علمه وفضله وصلاحه. كان يسكن أمّ عبيدة بالعراق، وكان شيخ البطائحة «1» ، وكان له كرامات ومقامات، وأصحابه يركبون السّباع ويلعبون بالحيّات، ويتعلّق أحدهم فى أطول النخل ثم يلقى نفسه إلى الأرض ولا يتألّم، وكان يجتمع عنده كلّ سنة فى المواسم خلق عظيم. قال الشيخ شمس الدين يوسف فى تاريخه مرآة الزمان:
قلت: وعلم الشيخ أحمد بن الرفاعىّ وفضله وورعه أشهر من أن يذكر، وهو أكثر الفقراء أتباعا شرقا وغربا، والأعاجم يسمّونه: سيّدى أحمد الكبير، وقيل:
إنّ سبب مرضه الذي مات منه، أنّ عبد الغنىّ بن محمد بن نقطة الزاهد مضى إلى زيارته، فأنشد «1» أبياتا منها:
إذا جنّ ليلى هام قلبى ذكركم
…
أنوح كما ناح الحمام المطوّق
وفوقى سحاب يمطر الهمّ والأسى
…
وتحتى بحار بالأسى تتدفّق
سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها
…
تفكّ الأسارى دونه وهو موثق
فلا هو مقتول ففى القتل راحة
…
ولا هو ممنون عليه فيعتق «2»
وكانت وفاة الشيخ أحمد فى يوم الخميس ثانى عشر «3» جمادى الأولى، وقد جاوز سبعين «4» سنة.
وفيها توفّى الأمير فرخشاه بن شاهنشاه بن أيّوب أبو سعد عزّ الدين. كان من الأماثل الأفاضل، كان متواضعا سخيّا جوادا شجاعا مقداما، وكان عمّه صلاح الدين قد استنابه بالشام، وكان فصيحا شاعرا. مات بدمشق فى جمادى الأولى. ومن شعره- رحمه الله تعالى-:
أقرضونى زمنا قرّبهم
…
واستعادوا بالنّوى ما أقرضوا
أنا راض بالذى يرضيهم
…
ليت شعرى بالتلاقى هل رضوا؟
وفيها توفّى الأمير يوسف بن عبد المؤمن بن علىّ أبو يعقوب صاحب المغرب، أمير الموحّدين. كان حسن السيرة عادلا ديّنا ملازما للصلوات الخمس، لا بسا للصوف، مجاهدا فى سبيل الله تعالى.