الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول عن ثلاث وتسعين سنة. والوزير جلال الدين عبيد الله بن يونس، مات فى المطمورة «1» . وعذراء بنت شاهنشاه بن أيّوب ودفنت بالعذراويّة «2» . وقاضى القضاة أبو طالب علىّ بن علىّ بن أبى البركات البخارىّ الشافعىّ ببغداد. وأبو المعمّر محمد ابن حيدرة بن عمر بن إبراهيم العلوىّ الزّيدىّ الرافضىّ. وأبو «3» الفتح الأصبهانىّ ناصر الدين بن محمد الوترح فى ذى الحجّة. وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن [يحيى «4» ] بن بوش الخبّاز فى ذى القعدة، غصّ بلقمة، وعاش بضعا وثمانين سنة.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وخمس وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وإحدى وعشرون إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 594]
السنة السادسة من ولاية العزيز عثمان بن صلاح الدين يوسف على مصر، وهى سنة أربع وتسعين وخمسمائة.
فيها توفّى الأمير جرديك بن عبد الله النّورىّ. كان من أكابر أمراء الملك العادل نور الدين محمود الشهيد؛ ثم خدم السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فى جميع غزواته وحروبه من يوم قتل شاور بمصر وابن الخشّاب بحلب. وكان أميرا شجاعا مهيبا جوادا، ولّاه صلاح الدين نيابة القدس إلى أن أخذها منه الأفضل.
وفيها توفى زنكى بن مودود بن زنكى بن آق سنقر عماد الدين صاحب سنجار، وابن أخى نور الدين الشهيد. كان عاقلا جوادا لم يزل مع السلطان صلاح الدين؛ وكان السلطان صلاح الدين يحترمه مثل ما كان يحترم نور الدين، ويعطيه الأموال والهدايا، وكانت وفاته بسنجار. ولمّا احتضر أوصى إلى أكبر أولاده قطب الدين محمد، ولقّب بالملك المنصور.
وفيها توفّى قيماز بن عبد الله مجاهد الدين الخادم الرومىّ الحاكم على الموصل، وهو الذي بنى الجامع المجاهدىّ والمدرسة والرّباط والبيمارستان بظاهر الموصل على دجلة ووقف عليها الأوقاف. وكان عليه رواتب بحيث إنّه لم يدع [بالموصل «1» بيت] فقير إلّا أغنى أهله، وكان ديّنا صالحا عابدا عادلا كريما، يتصدّق كلّ يوم خارجا عن الرواتب بمائة دينار. ولمّا مات عزّ الدّين مسعود «2» وولى ابنه أرسلان «3» شاه حبس قيماز هذا وضيّق عليه وآذاه إلى أن مات فى حبسه.
وفيها توفّى يحيى بن سعيد بن هبة الله العلّامة أبو طالب قوام الدّين الشّيبانىّ المنشئ الكاتب الواسطىّ الأصل، البغدادىّ المولد والدار والوفاة. مولده فى سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة. واشتغل بالأدب وبرع فى الإنشاء وفنون من العلوم كالفقه وعلم الكلام والأصول والحساب والشعر، وجالس أبا منصور بن الجواليقىّ وقرأ عليه، وسمع أبا القاسم بن الصائغ وغيره؛ وولى للخليفة عدّة خدم: حجبة الباب، ثم الأستادارية، ثم كتابة الإنشاء آخر عمره ومات فى ذى الحجّة. ومن شعره- وأحسن فيما قال-:
باضطراب الزمان ترتفع الأن
…
ذال فيه حتّى يعم البلاء
وكذا الماء ساكنا فإذا
…
حرّك ثارت من قعره الأقذاء
قلت: وفى هذين البيتين شرح حال زماننا هذا لكثرة من ترقّى فيه من الأوباش إلى الرّتب السنيّة من كلّ طائفة، وقد أذكرنى ذلك واقعة جرت فى أوّل سلطنة الملك الأشرف إينال «1» ، وهى أنّ بعض أوباش الخاصكيّة ممّن ليس له ذات ولا أدوات وقف إلى السلطان وطلب منه إمرة عشرة، وقال له: يا مولانا السلطان، إمّا أن تنعم علىّ بإمرة عشرة وإلّا وسّطنى هنا؛ وقيل: إنّه تمدّد ونام بين يديه حتّى أخذ إمرة عشرة؛ وهو معروف لا يحتاج إلى تسميته. ومن هذه المقولة شىء كثير، ومع ذلك خرج الزمان وللدولة أعيان، فلا قوّة إلّا بالله.
وفيها توفّى أبو الهيجاء السّمين الأمير حسام الدين الكردىّ المقدّم ذكره فى عدّة أماكن، وذكرنا أيضا دخوله إلى بغداد، وأنّه صار من جملة أمراء الخليفة حتى سيّره إلى همذان، فلم يتمّ له أمر، واختلف أصحابه عليه فاستحيا أن يعود إلى بغداد، فسار إلى الشام ومرض بها ومات بعد أيّام. وكان أميرا شجاعا مقداما عارفا متجمّلا سيوسا.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وأربع وعشرون إصبعا. مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وإصبعان.