الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخطب له يومئذ بالجامع حتى أقبل شرف الدين «1» إقبال الشّرابىّ ومعه جمع من الخدّام، وسلّم على ولده المستعصم بالله أمير المؤمنين، واستدعاه إلى سدّة الخلافة، ثم عرّف الوزير وأستاذ الدار، ثم طلبوا الناس، وبايعوه بالخلافة وتمّ أمره.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى زين الدين أحمد بن عبد الملك بن عثمان المقدسىّ المحدّث الشّروطىّ. وإبراهيم بن بركات بن إبراهيم الخشوعىّ فى رجب. وعبد العزيز بن محمد بن الحسن بن عبد الله ويعرف بابن الدجاجيّة. وعلم الدين علىّ بن محمود ابن الصابونىّ الصّوفى فى شوّال، وله أربع وثمانون سنة. وأبو الكرم محمد بن عبد الواحد بن أحمد المتوكّلىّ، المعروف بابن شفنين فى رجب، وله إحدى وتسعون سنة. والمستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر، وله اثنتان وخمسون سنة، توفّى فى جمادى الآخرة، وكانت خلافته ثلاث عشرة سنة.
قلت: لعل الذهبىّ وهم فى مدّة خلافته، والصحيح أنّه ولى فى سنة ثلاث وعشر بن وستمائة، وتوفّى سنة أربعين.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم أربع أذرع وأربع عشرة إصبعا.
مبلغ الزيادة ستّ عشرة ذراعا وثلاث أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 641]
السنة الرابعة من ولاية الملك الصالح نجم الدين أيّوب على مصر، وهى سنة إحدى وأربعين وستمائة.
فيها تردّدت الرسل بين السلطان الملك الصالح نجم الدين أيّوب المذكور وبين عمّه الملك الصالح إسماعيل صاحب الشام [فى الصلح «2» ] ، وكان الملك المغيث بن الصالح
نجم الدين هذا فى حبس الصالح إسماعيل صاحب الشام بدمشق، فأطلقه الصالح إسماعيل وخطب للصالح هذا ببلاده، ثم تغيّر ذلك كلّه وقبض الصالح إسماعيل ثانيا على الملك المغيث بن الصالح نجم الدين وحبسه.
قال أبو المظفر- رحمه الله: «وفيها قدمت القاهرة وسافرت إلى الإسكندريّة فى هذه السنة، فوجدتها كما قال الله تعالى: ذات قرار ومعين معمورة بالعلماء، مغمورة بالأولياء، [الذين «1» هم فى الدنيا شامة] : كالشيخ محمد القبّارىّ «2» والشاطبىّ وابن أبى أسامة «3» . وهى أولى بقول القيسرانىّ «4» رحمه الله فى وصف دمشق:
أرض تحلّ الأمانى من أماكنها
…
بحيث تجتمع الدنيا وتفترق
إذا شدا الطير فى أغصانها وقفت
…
على حدائقها الأسماع والحدق
قلت: وأين [قول «5» ] أبى المظفّر من قول مجير الدين «6» بن تميم فى وصف الإسكندريّة!:
لمّا قصدت سكندريّة زائرا
…
ملأت فؤادى بهجة وسرورا
ما زرت فيها جانبا إلّا رأت
…
عيناى فيها جنّة وحريرا
وفيها صالح صاحب الروم التتار على أن يدفع إليهم فى كلّ يوم ألف دينار وفرسا ومملوكا وجارية وكلب صيد؛ وكان صاحب الروم يومئذ ابن علاء الدين كيقباذ، وهو شابّ لعّاب ظالم قليل العقل، يلعب بالكلاب والسباع ويسلّطها على الناس فعضّه بعد ذلك سبع فمات، فأقام التّتار شحنة على الروم.
وفيها توفّى الشيخ نجم الذين خليل بن علىّ بن الحسين الحموىّ الحنفىّ الفقيه [قاضى العسكر «1» ] ، قدم دمشق وتفقّه بها وخدم المعظّم ودرس فى الرّيحانيّة بدمشق، وناب فى القضاء بها عن الرّفيع «2» . ومات فى شهر ربيع الأوّل ودفن بقاسيون.
وفيها توفّى مظفّر الدين الملك الجواد يونس بن مودود بن الملك العادل أبى بكر بن أيّوب. وقد تقدّم من ذكره نبذة كبيرة عند وفاة الملك الكامل محمد بدمشق.
انتهى. وكان مظفّر الدين هذا قد جاء إلى ابن عمّه الملك المعظّم لمّا وقع بينه وبين الملك الكامل صاحب مصر [ما وقع «3» ] فأحسن إليه المعظّم، ثم عاد إلى مصر لمّا مات الملك الأشرف موسى شاه أرمن، فأقام بها عند الكامل إلى أن عاد.
صحبته إلى دمشق وأقام بها إلى أن مات الكامل فملّكوه دمشق، حسب ما حكيناه فى ترجمة الكامل والعادل ابنه؛ ووقع له بعد ذلك أمور. وكان جوادا كما اسمه، ويحبّ الصالحين والفقراء.
قال أبو المظفّر: «إلّا أنّه كان حوله من ينهب الناس ويظلم وينسب ذلك إليه» . قلت: ثمّ قبض عليه عمّه الملك الصالح إسماعيل واعتقله، فطلبه منه الفرنج لصحبة كانت بينهم، فحنقه ابن يغمور وقال: إنّه مات، وكان ذلك فى شوّال، ودفن بقاسيون دمشق فى تربة المعظّم. وأمّا ابن يغمور فإنّه حبس بأذن الصالح بقلعة دمشق، ثم شنقه الملك الصالح أيّوب لما ملك دمشق بعث به ابن شيخ
الشيوخ إلى مصر، فحبسه الصالح بالجبّ، ثم شنقه بعد مدّة هو وأمين «1» الدولة على قلعة القاهرة.
وفيها توفّى الشيخ الصالح الزاهد أبو بكر [الشّعيبى «2» ] ، كان من أهل ميّافارقين وكان من الأبدال، بعث إليه غازى صاحب ميّافارقين «3» مرارا يسأله الإذن فى الزيارة، فلم يأذن له، فقيل له: هل يطرق البلاد التتار؟ فرفع رأسه إلى السماء وأنشد:
وما كلّ أسرار القلوب مباحة
…
ولا كلّ ما حلّ الفؤاد يقال
ثم خرج إلى الشّعيبة «4» وهى قرية هناك وقال: احفروا لى ها هنا، فبعد يومين اموت، فمات بعد يومين- رحمه الله تعالى-.
الذين ذكر الذهبىّ وفاتهم فى هذه السنة، قال: وفيها توفّى أبو تمّام علىّ ابن أبى الفخار هبة الله بن محمد الهاشمىّ خطيب جامع ابن المطّلب [ببغداد «5» ] ، وله تسعون سنة. وأبو الوفاء عبد الملك بن عبد الحقّ [بن «6» عبد الوهّاب بن عبد الواحد] ابن الحنبلى. وأمّ الفضل كريمة بنت عبد الوهاب القرشيّة فى جمادى الآخرة.
والعدل أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن عبد الواحد [بن محمد «7» ] بن هلال فى رجب. وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علىّ بن القبّيطىّ «8» التاجر، وله ستّ وثمانون سنة. وأبو محمد عبد الحقّ بن خلف الحنبلىّ. وأبو الرضا علىّ بن زيد التّسارسىّ «9» الخيّاط بالثغر. والأعزّ بن كرم بن «10» محمد الإسكاف. والقاضى شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجّا الحنبلى، وله أربع وثمانون سنة. والحافظ تقىّ الدين إبراهيم