الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منهما نهر يقول له الجنة ونهر يقول له النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهي النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهي الجنة قال: وسمعت مَعَهُ شَيَاطِينُ تُكَلِّمُ النَّاسَ وَمَعَهُ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ يَأْمُرُ السماءَ فَتُمْطِرُ فِيمَا يَرَى الناسُ وَيَقْتُلُ نفساً ثم يُحييها فيما يرى الناس، وَيَقُولُ لِلنَّاسِ: هَلْ يَفْعَلُ مثلَ هَذَا إِلَّا الرّبُّ? قال فيفِدُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى جَبَلِ الدُّخَانِ بِالشَّامِ فَيَأْتِيهِمْ فيحاصرُهُم فَيُشثدُ حِصَارهم ويُجْهِدُهم جُهداً شَدِيدًا، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابن مريم فينا مِنَ السًحَر ِفيقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى الْكَذَّابِ الْخَبِيثِ? فَيَقُولُونَ: هذا رجل حي فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذَا هُمْ بِعِيسَى ابْنِ مريَم فَتُقَامُ الصَّلَاةُ، فَيُقَالُ لَهُ تَقَدَّمْ يَا روحَ اللَّهِ، فيقول: لِيَتَقَدَّمْ إِمَامُكُمْ لِيُصَلِّ بِكُمْ فإذا صلّوا صَلَاةَ الصُّبْحِ خَرَجُوا إِلَيْهِ، قَالَ فَحِينَ يَرَاهُ الكذابُ يَنْماثُ 1 كَمَا يَنْمَاثُ المِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَيَمْشِي إِلَيْهِ فيقتلُه حَتَّى إِنَّ الشجرةَ والحجرَ يُنَادِي يَا روحَ اللَّهِ هَذَا يهوديٌّ فَلَا يَتْرُكَ مِمَّنْ كَانَ يَتبعُه أَحَدًا إِلَاّ قَتَلَه" تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ أَيْضًا2.
وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ واحد عن إبراهيم.
1ينماث: يختلط ويذوب.
2 الحديث رواه أحمد في المسند 3- 367، 368 ط الحلي
حَدِيثُ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ فِي مَعْنَاهُ وَأَبْسَطُ مِنْهُ
قَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حدثني ابن جبير، عن أبيه ابن نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ
سمعان الكلابي، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن زيد بن جابر الطائي، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عن أبيه جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجَّالَ ذَات غداةٍ فخَفَّض1 فِيهِ ورَفَّع يتى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْل، فَلَمَّا رُحنا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فقالَ:"مَا شَأنُكُمْ?" قُلنا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّال غَدَاةً فخفَّضْتَ فِيهِ ورَفَّعْتَ حَتَّى ظَننَّاه فِي طَائِفَةِ النَّخْل، فَقَالَ:
"غَيْرَ الدجالِ أخْوَفُنِي 2 عَلَيْكم إِنْ يَخْرجْ وأَنَا فِيكمْ فأَنَا حَجِيجُه دُونكُمْ، وإِن يَخْرج ولَستُ فِيكم فكل امرىء حَجِيجُ نفسِهِ واللَّهُ خَليفتي على كُلِّ امرىءٍ مسلم. إنه شابٌّ قَطط3 عَيْنُهُ طَافِيَةٌ إني أشبهه بعبد العُزَّى ابن قَطُن مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكم فَلْيَقْرَأْ عليْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إنه خارج في خلَّة 4 بين الشام والعراق فَعَائِث يميناً وعَائِثٌ شِمَالاً يَا عبادَ اللَّهِ فاثبُتُوا" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الأرْض؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا? يومٌ كسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كشَهْرٍ، ويومٌ كَجُمْعَةٍ، وسَائِرُ أَيَّامِهِ كأَيّامكم". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتكْفِينَا فِيهِ صلاةُ يَوْم? قَالَ: "لَا: اقدرُوا 5 لهُ قدْرَهُ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: "كالْغَيْثُ اسْتَدْبَرَتْهُ الريحُ? فَيَأْتِي عَلَى الْقوم فَيَدْعُوهُم فيُؤْمِنُونَ بهِ ويَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيأمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِر والأَرْضَ فَتنْبِت فَتَرُوحُ عَليهم
1 خفض ورفع: حقر من شأن فتنة والفتنة به.
2أشد خوفي عليكم من غير الرجال.
3 القطط: هو شديدة جعودة الشعر إلى درجة مستكرهة.
4 الخلة: بفتح الخاء المعجمة واللام المشددة المفتوحة مابين البلدين.
5 صلوا الوقت إذا مضى بينه وبين سابقه الزمن الكافي لحلوله في الأيام العادية.
سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذرا وأَسْبَغهُ ضُرُوعاً وأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأتِي القَوْمَ فيدعوهم فيرُدُّونَ قَوْلَهُ فَيَنْصرِفُ عَنْهُم فيُصْبِحُون مُمْحِلينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ مِن أَمْوَالِهِمْ شَيءٌ، ويَمُرُّ بالخَرِبَةِ فيقول: أَخرِجي كنوزَكِ فَتَتبَعُه كنوزُها كَيَعَاسِيبِ 1 النَّحْل، ثُمَّ يَدْعُو رجُلاً مُمْتَلِئاً شَبَاباً فَيَضْربُهُ بالسَّيْفِ فَيَقطعهُ جَزلَتَيْن 2 رَمْيَةَ الغَرَض? ثُمَّ يدعوَه فيقْبِلُ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وهو يَضْحَكُ? فَبَيْنَما هُو كَذَلِكَ إِذ بَعَث اللَّهُ المسيحَ ابْنَ مريمُ فينزلُ عِنْدَ المنارةِ الْبَيْضَاءِ شرقي دِمَشْقَ في مهروذتين 3 وَاضِعًا كفّيْه عَلَى أَجْنِحَة مَلَكَيْن إِذَا طأطأَ رأسَه قَطَرَ وإِذا رَفَعه تَحَدَّرَ مِنْه جُمَانٌ كاللُّؤْلُؤُ، وَلَا يَحِلُّ 4 لِكَافِرٍ يَجِد رِيحَ نفسِه إلَاّ ماتَ، ونَفَسُهُ يَنْتهي حيْثُ يَنْتَهِي طرْفه، فيطلُبه حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ 5 فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتي عيسى ابن مريم قوماً قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فيمسحَ عَنْ وجوهِهِم ويحدثُهم عن دَرَجاتِهم فِي الْجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إذْ أَوْحى الله تعالى إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدان6. لأحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرز7 عِبَادِي إِلَى الطُّورِ، وَيَبْعَثُ اللَّهُ يأجوجَ ومأجوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أوائلهُم عَلَى بُحيرة الطَّبَرِيَّةِ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لقد كان بهذه مرةً ماءُ، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابُهُ
1اليعسوب أمير جماعة النحل إذا طار تبعته والمراد هنا جماعات النحل.
2 قطعتين يكون بينهما مقدار رمية.
3 المهروزتان: بالذال والدال شقتا الملاءة أو هما ثوبان مصبوغان بورس وزعفران.
4 لا يحل: لا يمكن.
5 المراد باب مدينة اللد قرب القدس.
6 لا يدان: لا قدرة.
7 حرز عبادي إلى الطور: ضمهم إليه ليكون حرزا لهم.
حَتَّى يَكُونَ رأسُ الثورِ لأحَدِهم خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دينارٍ لأحدكُم اليومَ فيرغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عيسى وأَصحابه إلى اللَّهِ فيرسلُ الله إليهم النغْفَ 1 فِي رقَابِهم فيصبحونَ فَرْسى 2 كَمَوتِ نَفْس واحِدَة، ثُمَّ يَهْبط نَبِيُّ اللَّهِ عيسَى وأَصحابُه إلى الأَرض فلا يجدونَ موضعَ شبرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمِهِمْ 3 ونَتَنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وأصحابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِل اللَّهُ طَيْراً كَأعْنَاق الْبُخْتِ فَتَطَرحهمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مطراً لَا يُكِنُّ 4 منه بَيْتٌ وَلَا وَبَر، فيَغْسِل اللَّهُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كالزَّلفَةِ 5، ثُمَّ يُقَالُ للأَرض أَنْبِتِي ثمرَتِكَ ورُدِّي بَرَكَتَكِ? فيومئذ تأْكل العِصابَة ُ6 مِنَ الرُّمَّانَةِ ويَسْتَظِلّونَ بِقِحْفِهَا 7 ويُبَارَكُ فِي الرِّسْل 8، حَتَّى إِنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبل لَتَكْفِي الفِئامَ 9 مِنَ النَّاسِ، واللِّقْحَةَ مِن البَقَر لَتَكْفِي القبيلةَ مِنَ النَّاسِ، واللَقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهم، فَتَقْبِضُ روح كل مُؤمن وكلِّ
1النغف: دود يكون في أنوف الإبل والغنم واحدة نغفة.
2 فرسى ج فريس وهو قتيل.
3 الزهم النتن والرائحة الكريهة.
4 لا يكن: لا يمتنع منه.
5 الزلفة المرآة بفتح الزاء والغاء.
6 العصابة: الجماعة.
7 القحف: مقعر قشر الرمانة.
8 الرسل: بكسر الزاء وسكون السين اللين.
9 الفئام: الجماعة الكثيرة.
مُسْلِمٍ، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يتهارَجًون 1 فِيهَا تَهَارُجَ الحُمْرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ2".
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي حَدِيثِ الْآخَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ بِهَذَا الإِسناد نَحْوَ مَا ذكرناه وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: "لَقَدْ كَانَ بِهَذِه مَرَّةً مَاءٌ"
"ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتهوا إِلَى جَبَل الخَمر 3 وَهُوَ جبلُ بَيْتِ المَقْدِس فَيَقُولُونَ لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ هَلمّ 4 فَلْنَقْتُلْ مَنْ في السماء فيرمون بِنُشَّابِهِمْ 5 لى السماء فيرد الله عليهم نُشَابَهُمْ مَخْضُوبَةَ دماء".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ:
"فَإِنِّي قَدْ أَنْزَلْتُ عباداً لي لا يد لأحد بقتالهم" انتهى.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَرَوَاهُ الإِمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِإِسْنَادِهِ نحوه، وزاد في سياقه بعد قوله:"فيطرحهم الله حيث شاء". قال ابن حجر: فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي عن كعب أو غيره قال: "فيطرحهم بِالْمَهْبِلِ" قَالَ ابْنُ جَابِرٍ وَأَيْنَ الْمَهْبِلُ؟ قَالَ: "مطلع الشمس".
1 يتهارجون تهارج الحمر: يرتكبون الفاحشة على ملأ من الناس بلا استحياء فعل الحمر.
2 الحديث رواه مسلم رقم 2137.
- وابن ماجه رقم 4075.
3 الخمر: بفتح الخاء المعجمة والميم: الشجر الملتف الذي يستر مافيه.
4 هلم: اسم فعل أمر مبني على الفتح معناه تعالوا.
5 النشاب: النبل مفردها تشابة بضم النون وتشريد الشين المفتوحة بعدها ألف.
ورواه أبو داود، عن صفوان بن عمرو الْمُؤَذِّنِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِبَعْضِهِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُجْرٍ وَسَاقَهُ بِطُولِهِ وَقَالَ غَرِيبٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي فضائل القرآن عن علي بن حجر مختصر، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ الرحمِن عن زيد بن جابر بإسناده قال:
"سيوقد الناس مِن قِسِيّ يأجوج ومأجوج ونُشَّابِهم وتُرُوسِهِمْ سَبْعَ سِنِين".
وَذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِتَمَامِهِ عَنْ هشام بن عماد وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَلَا ذَكَرَ في إسناده عن جَابِرٍ الطَّائِيَّ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ صُدَيِّ بْنِ عَجْلَانَ فِي مَعْنَى حَدِيثِ النَّوَّاسِ بن سمعان.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَاجَهْ، حَدَّثَنَا علي بن محمد بن ماجه، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رافع أبي رافع، عن أبي زرعة الشيباني يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَكَانَ أكثرُ خُطْبَتِه حَدِيثًا حَدَّثنَاهُ عَنِ الدَّجَّالِ وحَذَّرْنَاهُ فكانَ مِنْ قَوْلِهِ أنْ قَالَ:
"إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرض مُنْذُ ذَرَأ 1 اللَّهُ ذُرِّيَّة آدَمَ أعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وإِن اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّرَ مِنَ الدَّجَّالِ، وَأَنَا آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ وأَنتم آخرُ الأمَم، وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ، فإِن يخرج وأنا بين أظْهرِكُم فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وإِن يَخْرُجْ مِنْ بَعْدِي فَكُلٌّ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفتي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وإِنه يَخْرُجُ مِنْ خَلَّة بَيْنَ
1 ذرأ: خلق وبث.
الشام والعراق فيَعِيثُ يميناً وشِمالاً،. يَا عِبَادَ اللَّهِ أَيُّهَا النَّاسُ فاثبُتُوا، وإِني سَأصِفُه لكم صِفَةَ لَمْ يَصِفْها إِيَّاه نبيٌّ قَبْلي، إِنَّهُ يَبْدأ فَيَقولُ: أَنَا نَبي وَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمّ يُثنِّي فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتوا، وإِنَّه أَعورُ وإِن رَبَّكُمْ عز وجل لَيْسَ بأعورَ، وَإِنَّهُ مَكتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كافرٌ يقرؤُه كُلُّ مُؤْمِنٍ كاتبٍ وَغَيْرِ كاتبٍ، وإِن مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جنَّةً وَنَارًا. فنارُه جَنّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ، فَمَنِ ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغثْ بِاللَّهِ وليقرأْ فَوَاتِحَ الكهْفَ فَتَكُونَ عَلَيْهِ بَرْداً وَسَلاماً كَمَا كَانَتِ النارُ عَلَى إِبراهِيمَ، وإِن مِن فِتْنَتِهِ أَنْ يقول لأعرابِيّ أَرأَيت إِن بَعَثث لَكَ أَبَاكَ وأمَّكَ أَتَشْهَدُ أنِّي ربُّك؟ فَيَقُولُ له: نَعَمْ، فَيَتَمًثّلْ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ ربُّك، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسًلّطَ عَلَى نَفس واحدة فيقتلها يَنْشُرُها بالمِنْشَارِ ثم يُلْقِيها شقَّتين 1، ثم يقول: انظروا إلى عَبْدِي فإني أبتَعِثُهُ الْآنَ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي، فيَبْعَثُهُ اللَّهُ فَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فيقول: ربِّي اللَّهُ، وأنت عدوّ اللَّهِ الدجالُ واللَّهِ مَا كنتُ بَعْدُ أشدَّ بَصِيرَةً بِكَ منِّي اليومَ".
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بن الوليد الوصالي، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"ذَاكَ الرجلُ أرفعُ أمَّتي دَرَجَةً فِي الجنّةِ".
قَالَ: قال أبو سعيد مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ. قَالَ الْمُحَارِبِيُّ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ:
1 الشقة: بضم الشين وتشديد القاف المفتوحة بعدها هاء- نصف الشيء.
"مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السماءَ أنْ تُمْطِرَ فتمطرَ، ويأمرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فتُنبت، وإِن مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ فَلَا تَبْقَى لَهُمْ سَائِمةٌ إِلَّا هَلَكَتْ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُرَّ بِالْحَيِّ فَيُصَدِّقُونَهُ فَيَأْمُرَ السماءَ أَنْ تُمْطِرَ فَتُمْطِرَ وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ فتنبت، حتى تروح عليهم مواشِيهِم مِنْ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ أسمنَ مَا كانَتْ وَأَعْظَمَهُ، وأمَدَّه خَوَاصِرَ، وأدَرَّهُ ضُرُوعاً وإِنه لَا يبقى من الأرض شيئاً إِلَّا وَطِئَه وظَهَر عَلَيْهِ إِلَّا مكّةَ وَالْمَدِينَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَأتيهما مِن نَقب مِنْ نِقَابِهِما إِلاّ لَقِيَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّيُوفِ صَلْتَةً حَتَّى يَنْزِلَ عند الطريب الْأَحْمَرِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ السبْخَةِ فَتَرْجُفُ 1 الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رجَفَاتٍ فَلَا يَبْقَى مُنَافِقٌ وَلَا مُنَافِقَةٌ إلا خَرَج إليه فَيُنقًّى الخَبَث 2 منها كما يُنقَّى الكيرُ 3 خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيومُ يَوْمَ الخلاص"، فقالت أمّ شَريكٍ ابنةُ أبي الْعَسْكَر: يَا رَسُولَ اللَّهِ فأيْنَ العربُ يَومَئِذٍ؟ قَالَ: "هُمْ قَلِيلٌ وجُلًّهُمْ 4 بِبَيْتِ المقدِس وإِمَامُهُمْ رجلٌ صالحٌ، فبينما إِمَامُهُمْ قدْ تَقَدَّمَ فَصًلّى 5 الصُبحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسى ابنُ مَرْيَمَ، فَرَجَعَ ذَلِكَ الإِمَامُ يَمْشِي القَهْقَرى 6 ليتقدّمَ بِهِمْ عِيسَى يُصلّي، فيضعُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام يَدَهُ بين كتفيه فيقول لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ أقيمَتْ، فَيُصَلِّي بِهِمْ إِمَامُهُمْ فَإِذَا انصرفَ قَالَ عِيسَى: أقِيمُوا البابَ فَيُفْتَحُ وَوَرَاءَه الدجالُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ يهوديٌّ كُلُّهُم
1ترجف: تضطرب اضطرابا شديد.
2 الخبث: العناصر الفاسدة غير الصالحة.
3 الكير تنفاخ الحداد.
4 جلهم: أكثرهم.
5 تقدم فصلى الصبح: أي شرع في أداء صلاة الصبح.
6 القهقري: الرجوع إلى الوراء دون تحويل الوجه عن الجهة الأمامية.
ذُو سيْف مُحَلَّى وَسَاجٍ 1، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ الدَّجَّالُ ذَاب كَمَا يذوبُ المِلحُ فِي الْمَاءِ وَيَنْطَلِقُ هارِباً وَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَسْبقَني بِها؟ فيدْرِكُه عندَ بابِ الدارِ الشَّرْقِيِّ فَيَقْتُلُهُ فَيَهزِمُ اللَّهُ اليهودَ فَلَا يَبْقى شَيء بِهَا خَلَقَ اللَّهُ يَتَوَارى بِهِ يَهوديٌّ إِلَّا أنطَقَ اللَّهُ الشَّيْءَ، لَا حَجَرَ وَلَا شَجَرَ وَلَا حَائِطَ وَلَا دابَّةَ إِلَّا الغَرْقَدَة فإِنها مِنْ شَجَرِهِمْ لَا تَنْطِقُ إِلَّا قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ هَذَا يهوديٌّ فَتَعَالَ فاقْتُلْهُ"، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"وإِن أيامِه أَرْبَعُونَ سَنَةً السنةُ كَنِصْفِ السنةِ، والسنةُ كَالشَّهْرِ، والشهر ُكالجمعةِ، وآخر أيامِهِ قصيرةٌ يصبح أحدكم على باب المدينة فما يصل إلى بابها الآخر حتى يُمْسي، فقيل لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ نُصَلِّي فِي تلكَ الأيّام القِصارِ؟ قال: تَقدُرُونَ 2 فيها للصَلاةِ كما تقدرونه فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الطِّوَالِ ثُمَّ صَلُّوا".
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"لِيَكونَنَّ عِيسَى ابنُ مريمَ فِي أمَّتي حَكَماً عَدْلاً وإِماماً قِسْطاً يدُق الصليبَ ويَقْتلُ الخنزيرَ ويَضَعُ الجزيةَ ويترك الصَّدقةَ فلا تسعى على شاةٍ ولا بعيرٍ، ويرفَع الشحناء والتباغضَ وينزع جُمَّةِ كل ذي جُمَّة حتى يدخل الوليد يده في فَم الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرُّه، وَيُنْفِرَ الْوَلِيدُ الْأَسَدَ فَلَا يَضرُّه وَيَكُونُ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كأنَّهُ كَلبها، وَتُمْلَأَ الأرْضُ مِنَ السّلْم كَمَا يُمْلَأُ الْإِنَاءُ مِنَ الماءِ؟ وَتَكُونَ الكلمَةُ وَاحِدَةً فَلَا يعبدُ إِلا اللَّهُ، وتَضعُ
1الساج ضرب من الملاحف. واحدها ساجة.
2 تقدرون: بمعنى اقدروا: أي قيسوا الزمن بين الأوقات على ضوء الأيام العادية وصلوا وهذا هو الذي يتبع في الصوم أيضا حين يطول بقاء الشمس أياما وشهورا وحين يطول غيابها أياما أو شهورا.