الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"يأتِي الدجالُ المدينةَ فيجدُ الملائكةَ يَحْرُسُونَها فَلَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ إِن شاءَ اللَّهُ".
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى وَإِسْحَاقِ بْنِ أَبِي عيسى عن يزيد بن هارون ومحجن وأسامة وسمرة بن جندب رضي الله عنهم أجمعين.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ:
"أنَّهُ لَا يدخلُ مكةَ وَلَا المدينةَ تَمْنَعهُ الملائكةُ"
لِشَرَفِ هَاتَيْنِ البقعتين فهما حرمان آمنان منه وإنما إذا نزل نزل عند سبخة المدينة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات إما حساً أو معنى على القولين فيخرج منها كل منافق ومنافقة ويومئذ تنفي المدينة خبثها ويسطع1 طيبها كما تقدم في الحديث والله أعلم.
1 يسطع الطيب: يفوح وتنتشر رائحته الزكية.
تلخيص سيرة الدجال لعنه الله
مدخل
…
تلخيص سيرة الدجال لعنه الله
هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ تعالى ليكون محنة للناس في آخر الزمان: {يُضِلُ بِهِ كَثِيراً ويَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِل بِهِ إِلَاّ الفَاسِقِينَ} .
وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْيَةُ الدَّجَّالِ أبو يوسف، وقد روى عمر بن الخطاب وأبو داود جابر بن عبد الله وغيرهم من الصحابة وغيرهم كما تقدم أنه ابن صياد، وقد
قَالَ الإِمام أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عن أبي يزيد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"يَمْكُثُ أبَوَا الدجالِ ثَلَاثِينَ عَامًا لا يُولدُ لهما غًلام ثمَّ يولَدُ لَهُمَا بَعْد الثَلاثِينَ غُلام أعوَرُ أضَر شَيْءٍ وأقَلُهُ نَفْعاً تَنَام عَيْناهُ ولَا يَنَامُ قَلْبَه".
ثُمَّ نَعَتَ أَبَوَيْهِ فقال: "أبوه رجل مُضْطَرِبُ اللَّحْمِ طَوِيلُ الْأَنْفِ كَأَنَّ أَنْفَهُ مِنْقَارٌ وأمه امرأة عظيمة الثديين" ثم بلغنا أن مولوداً من اليهود ولد بالمدينة قال: فانطلقت وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبَوَيْهِ فوجدنا فِيهِمَا نَعْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِذَا هُوَ مُنْجَدِلٌ1 فِي الشَّمْسِ فِي قطيفة يهمهم فَسَأَلْنَا أَبَوَيْهِ فَقَالَا: مَكَثْنَا ثَلَاثِينَ عَامًا لَا يُولَدُ لَنَا، ثُمَّ وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَعْوَرُ أَضَرُّ شَيْءٍ وَأَقَلُّهُ نَفْعًا، فَلَمَّا خَرَجْنَا مَرَرْنَا به فقال:
عرفت مَا كُنْتُمَا فِيهِ. قُلْنَا: وَسَمِعْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِنَّهُ تَنَام عَيْنَاي وَلا يَنَامُ قلْبِي فَإِذَا هُو ابْن صَيَّادٍ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَقَالَ حسن قلت بل منكم جِدًّا واللهَ أَعْلَمُ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ صَيَّادٍ من يهود المدينة ولقبه عَبْدُ اللَّهِ، وَيُقَالُ صَافُ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا وَهَذَا وَقَدْ يَكُونُ أَصْلَ اسْمِهِ صَافُ ثُمَّ تسمى لما أسلم بابن عبد الله، وقد كان ابْنُهُ عُمَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ سَادَاتِ التابعين، وروى عَنْهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الدَّجَّالَ غَيْرُ ابْنِ صَيَّادٍ وَأَنَّ ابْنَ صياد كان دجالاً من الدجاجلة ثم تاب بَعْدَ ذَلِكَ فَأَظْهَرَ الإِسلام وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِضَمِيرِهِ وسيرته، وَأَمَّا الدَّجَّالُ الْأَكْبَرُ فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ فاطمة بنت قيس الذي روته عن
1 منجدل. منطرح على الجدالة والجدالة الأرض.
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَفِيهِ قِصَّةُ الْجَسَّاسَةِ ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَعْدَ فَتْحِ الْمُسْلِمِينَ مَدِينَةَ الرُّومِ الْمُسَمَّاةَ بِقُسْطَنْطِينِيَّةَ فيكون بدء ظهوره من أصبهان من حارة منها يُقَالُ لَهَا الْيَهُودِيَّةُ وَيَنْصُرُهُ مِنْ أَهْلِهَا سَبْعُونَ ألف يهودي عليهم الأسلحة والتيجان وهي الطيالسة الخضراء، وَكَذَلِكَ يَنْصُرُهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ التَّتَارِ وَخَلْقٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَيَظْهَرُ أَوَّلًا فِي صُورَةِ مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ ثُمَّ يَدَّعِي النُّبُوَّةَ ثُمَّ يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، فَيَتْبَعُهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَهَلَةُ مِنْ بُنِيَ آدَمَ وَالطَّغَامُ مِنَ الرعاعٍ وَالْعَوَامِّ، ويخالفه ويرد عليه من هدى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ وَحِزْبِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، يأخذ الْبِلَادَ بَلَدًا بَلَدًا وَحِصْنًا حِصْنًا وَإِقْلِيمًا إِقْلِيمًا وَكُورَةً1 كُورَةً، وَلَا يَبْقَى بَلَدٌ مِنَ الْبِلَادِ إِلَّا وَطِئَهُ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ غَيْرَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمُدَّةُ مُقَامِهِ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِ النَّاسِ هَذِهِ وَمُعَدَّلُ ذَلِكَ سَنَةٌ وَشَهْرَانِ ونصف شهر، وقد خلق الله تعالى عَلَى يَدَيْهِ خَوَارِقَ كَثِيرَةً يُضِلُّ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَيَثْبُتُ مَعَهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَزْدَادُونَ بِهَا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ، وَهُدًى إِلَى هُدَاهُمْ، ويكون نزول عيسى ابن مريم مَسِيحِ الهدىَ فِي أَيَّامِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ مَسِيحِ الضَّلَالَةِ، عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ المؤمنون ويلتف به عباد الله المقتون، فيسير بهم المسيح عيسى ابن مريم قَاصِدًا نَحْوَ الدَّجَّالِ، وَقَدْ تَوَجَّهَ نَحْوَ بَيْتِ المقدس فيدركهم عِنْدَ عَقَبَةِ أَفِيقَ فَيَنْهَزِمُ مِنْهُ الدَّجَّالُ فَيَلْحَقُهُ عند مدينة باب لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ بِحَرْبَتِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ إِلَيْهَا وَيَقُولُ إِنَّ لِي فِيكَ ضَرْبَةً لَنْ تَفُوتَنِي، وَإِذَا واجهه الدجال ينماع2 كما يذوب الملح في الماء فيتداركه فيقتله بالحربة بباب لدّ، فتكون وفاته هناك لَعَنَهُ اللَّهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا سيأتي.
1الكورة: المدينة والصقع والمنطقة.
2 ينماع يذوب ويضمحل.