الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَتَقَدَّمَ مَا رواه الترمذي وغيره من حديث شعبة بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سميرة بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ.
"إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً".
ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رَوَاهُ أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الملك عن الحسن مرسلاً وهو أصح.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حراش، حَدَّثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"إِذَا فَقَدْتُمُونِي فَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا، وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حَوْضِهِ، بِيَدِهِ عَصًا يَدْعُو مَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّتِهِ، أَلَا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ تَبَعًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَبَعًا".
وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ عَنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ حَسَنٌ، صَحَّحَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا المزي بصحته من هذه الطرق.
فصل: الحوض المورود قبل الصراط الممدود وما أفهم عكس ذلك ضعيف أو مردود أو مؤول
مدخل
…
فصل: الحوض المورود قبل الصراط الممدود وما أفهم عكس ذلك ضعيف أو مردود أو مؤول
إِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ يَكُونُ الْحَوْضُ قَبْلَ الجواز على الصراط أو بعده قلت: أَنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ قَبْلَ الصِّرَاطِ، لِأَنَّهُ
يُذَادُ عَنْهُ أَقْوَامٌ يُقَالُ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ لَمْ يزالوا يرتدون على أعقابهم مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ، فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا فَالْكَافِرُ لَا يُجَاوِزُ الصِّرَاطَ، بَلْ يُكَبُّ عَلَى وَجْهِهِ في النار قبل أن يجاوزه، وإن كانوا عصاة فهم مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَبْعُدُ حَجْبُهُمْ عَنِ الْحَوْضِ لَاسِيَّمَا وعليهم سيما الوضوء، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
"أَعْرِفُكُمْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ من آثار الوضوء".
"ثم من جاوز لَا يَكُونُ إِلَّا نَاجِيًا مُسْلِمًا فَمِثْلُ هَذَا لَا يُحْجَبُ عَنِ الْحَوْضِ فَالْأَشْبَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْحَوْضَ قَبْلَ الصِّرَاطِ، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: "أَنَا فَاعِلٌ" قَالَ: فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: "اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ" قلت: فإن لم ألقك؟ قال: "فاطلبني عند المنبر"، قال: فإن لم ألقك؟ قال: "فأنا عند الحوض لا أخطىء هذه الثلاثة المواطن يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَدَلِ بْنِ الْمُحَبَّرِ وَابْنُ مَاجَهْ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ كِلَاهُمَا عَنْ حَرْبِ بْنِ ميمون بن أَبِي الْخَطَّابِ الْأَنْصَارِيِّ الْبَصْرِيِّ، مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَقَدْ وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، وَعَمْرُو بْنُ علي الغلاس وقوفاً بينه وبين حرب بن ميمون بن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَبْدِيِّ الْبَصْرِيِّ أَيْضًا صَاحِبِ الأدعية وَضَعَّفَا هَذَا، وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ فَجَعَلَهُمَا وَاحِدًا، وَحَكَى عن سليمان بن حرب أنه قال: هَذَا أَكْذَبَ الْخَلْقِ وَأَنْكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ ومسلم جعلهما هذين حديثاً واحداً وقال: شيخنا الْمِزِّيُّ جَمَعَهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ واحد، وهو الصحيح. قُلْتُ: وَقَدْ حَرَّرْتُ هَذَا فِي التَّكْمِيلِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَوْضَ بَعْدَ الصِّرَاطِ، وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ أَيْضًا، وَهَذَا لَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يكون ذَلِكَ حَوْضًا ثَانِيًا لَا يُذَادُ عَنْهُ أَحَدٌ، والله سبحانه وتعالى أعلم.