الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مريم، حدثنا سعد بْنُ ثَوْبَانَ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قال: تأتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ يَقُولُ اللَّهُ فِي كتابه:
{يَوْمَ تُبدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْض والسَّمواتُ} [إبراهيم:48] فَأَيْنَ الْخَلْقُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ:
"أَضْيَافُ اللَّهِ، فَلَنْ يُعْجِزَهُمْ مَا لَدَيْهِ".
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ.
وَقَدْ يَكُونُ هَذَا التَّبْدِيلُ بَعْدَ الْمَحْشَرِ، وَيَكُونُ تَبْدِيلًا ثَانِيًا إِلَى صِفَةٍ أخرى بعد أولى، والله تعالى أعلم.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ، أَوْ يُكَنَّى بِأَبِي عبد الكريم، قال: أقمت عند رجل بخراسان، فحدثني أنه سمع علي بن أبي طالب يقول:
{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْض وَالسَّموَاتُ} [إبرهيم:48] .
قَالَ: "ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْأَرْضَ تُبَدَّلُ فِضَّةً والسموات تبدل ذهباً".
وكذا روى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَمُجَاهِدِ بْنِ جبير وغيرهم.
ذِكْرُ طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا وَرَدَ فِي تعداده
مدخل
…
ذِكْرُ طُولِ يَوْمِ القِيَامَةَ وَمَا وَرَدَ فِي تَعْدَاده
قال الله تعالى:
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَقَالَ تَعَالَى:
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّفْسِيرِ اخْتِلَافَ السَّلَفِ والخلف في هَذِهِ الْآيَةِ، فَرَوَى لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وغيره، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {ِفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قال:"هو بُعد مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ" قال ابن عباس: وقوله: {ِفِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} قال: هو بُعد مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. قال ابن عباس وقوله:
{فِي يَوْم كَانَ مِقْدَارهُ ألْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة:5] .
يَعْنِي بِذَلِكَ نُزُولَ الْأَمْرِ مِنَ السماء إلى الأرض وصعوده من الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، لِأَنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَذَهَبَ إِلَيْهِ الْفَرَّاءُ، وَقَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، قَالَ الْحَلِيمِيُّ: والملك يَقْطَعُ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَلَوْ أنها مسافة يمكن أن تقطع لم يتمكن أحد من مسيرها إِلَّا فِي مِقْدَارِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْدِيرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِسَبِيلٍ، ورجح الحليمي هذا بقوله:
يعني العلو والعظمة كما قال تعالى:
ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ والروحُ إلَيْهِ فِي يَوْم} - أي في مسافة {كَانَ مقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة} ، أَيْ بُعدها واتسّاعُهَا هَذِهِ الْمدَّةُ.
فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، الْمُرَادِ بِذَلِكَ مَسَافَةُ المكان، هذا قول والقول الثاني: أن المراد بذلك مدة الدُّنْيَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{كَانَ مِقْدَارهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ} .
قَالَ: الدُّنْيَا عُمْرُهَا خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ، ذَلِكَ عمرها يوم سماها تعالى يوماً. فقال:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ} قَالَ: الْيَوْمُ الدُّنْيَا.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: الدُّنْيَا مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ لَا يَدْرِي أَحَدٌ كَمْ مَضَى وَلَا كَمْ بَقِيَ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ جِدًّا لَا يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَاللَّهُ أعلم.
القول الثالث:
الْمُرَادَ بِذَلِكَ فَصْلُ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَيَوْمِ القيامة، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَهُوَ غَرِيبٌ أَيْضًا.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ:
أن المراد بذلك يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ،
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَبِهِ قال الحسن والضحاك وابن زيد قَال ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدريس، أخبرنا الحسن بن رافع أخبرنا ضمرة، عن شوذب، عن زيد الرشد، قال:
يقوم الناس يوم القيامة أَلْفَ سَنَةٍ وَيُقْضَى بَيْنَهُمْ فِي مِقْدَارِ عَشَرَةِ آلَافِ سَنَةٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَهُ اللَّهُ عَلَى الْكَافِرِينَ مِقْدَارَ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَهُوَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"لَوْ وَلِيَ مُحَاسَبَةَ الْعِبَادِ غَيْرُ الله لم يفرغ في خمسين ألف سنة".
قال الْبَيْهَقِيُّ: وَفِيمَا ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ:
مَا ظَنُّكَ بِيَوْمٍ قاموا فيه على أقدامهم خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ لَمْ يَأْكُلُوا فِيهَا أَكْلَةً وَلَمْ يَشْرَبُوا فِيهَا شَرْبَةً حَتَّى تَقَطَّعَتْ أَعْنَاقُهُمْ عَطَشًا وَاحْتَرَقَتْ أَجْوَافُهُمْ جُوعًا ثُمَّ انْصُرِفَ بِهِمْ بعد ذلك إِلَى النَّارِ فَسُقُوا مِنْ عَيْنٍ1 آنِيَةٍ قَدْ أَنَى حَرُّهَا وَاشْتَدَّ نُضْجُهَا وَقَدْ وَرَدَ هَذَا في أحاديث متعددة والله أعلم.
1 العين الآنية المنتهبة في شدة حرارتها: منها يشرب أهل النار، يقال أنى الماء بلغ غاية الحرارة.