الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحشر الناس يوم القيامة أصنافاً ثلاثة
وَرَوَى الإِمام أَحْمَدُ، عَنْ حَسَنٍ وَعَفَّانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ، صِنْفٌ مُشَاةٌ، وَصِنْفٌ رُكْبَانٌ، وَصِنْفٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ"، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ؟ قَالَ:
"إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قادر أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَمَا إِنَّهُمْ يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كُلَّ حَدَبٍ 1 وَشَوْكٍ".
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ.
وَقَالَ الإِمام أَحْمَدُ: عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
"إِنَّهَا سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، يَنْحَازُ النَّاسُ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ، لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ إِلَّا شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أرضوهم، تَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا، وَتَأْكُلُ من تخلَّف".
1 الحدب: ماارتفع وغلظ من الأرض.
ورواه الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللهّ الخرقي بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ: حدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أَخْبَرَنِي الوليد بن جميع القرشي، قال: وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبو الوليد، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عامر بن وائلة، عن أبي شريحة حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ الغفاري وقد تلا هَذِهِ الْآيَةَ:
{وَنَحْشُرهمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجوهِهِمْ عُمْيَاَ وَبُكْماً وصُمّاً} [الإسراء:97] .
يقول: حَدَّثَنِي الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صلى الله عليه وسلم:
"أَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَفْوَاجٍ، فَوْجٍ طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ، وَفَوْجٍ يَمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ، وَفَوْجٍ تَسْحَبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى وُجُوهِهِمْ"، قُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا هَذَيْنِ، فَمَا بَالُ الَّذِينَ يَمْشُونَ وَيَسْعَوْنَ؟ قَالَ:"يُلْقِي اللَّهُ الْآفَةَ عَلَى الظَّهْرِ، حتى تبقى ذَاتُ ظَهْرٍ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُعْطِي الْحَدِيقَةَ المعجبة بالممارن 1 ذَاتِ الْقَتَبِ2" لَفْظُ الْحَاكِمِ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ الإِمام أَحْمَدُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، وَلَمْ يَذْكُرْ تلاوة أبي ذر الآية وزاد في آخره فلا يقدر عليها.
1الممارن الناقة انقطع لبنها يقال مارنت الناقة ممارنة ومرانافهي ممارن.
2 القتب بفتح القاف والتاء بالرجل الصغير على قدر سنام البعير.
وَفِي مُسْنَدِ الإِمام أَحْمَدَ، مِنْ حَدِيثِ بَهْزٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِيهِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جده معاوية بن حميدة الْقُشَيْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"يحشرون هاهنا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ الشَّامِ- مُشَاةً وَرُكْبَانًا، ويمرون على وجوههم ويعرضون على الله، وعلى أفواههم الفدام"1.
وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، عَنِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، بِنَحْوِهِ. وَقَالَ: حسن صحيح.
فَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَشْرَ هُوَ حَشْرُ الْمَوْجُودِينَ فِي آخِرِ الدنيِا، مِنْ أقطار محلة الحشر، وَهِيَ أَرْضُ الشَّامِ، وَأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَى أَصْنَافٍ ثلاثة، فقسم يحشرون طَاعِمِينَ كَاسِينَ رَاكِبِينَ، وَقِسْمٍ يَمْشُونَ تَارَةً وَيَرْكَبُونَ أُخْرَى، وَهُمْ يَعْتَقِبُوَنَ عَلَى الْبَعِيرِ الْوَاحِدِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ على بعير، وعشرة على بعير، يعني يعتقبونه من قلة الظهر، كما تقدم، كما جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ، فَتُحِيطُ بِالنَّاسِ مِنْ وَرَائِهِمْ تَسُوقُهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، إِلَى أَرْضِ الْمَحْشَرِ، وَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ أكلته النار، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا في آخر الدنيا، حيث الأكل والشرب، والركوب على الظهر المستوي وغيره، وحيث يهلك المتخلفون منهم بالنار، وَلَوْ كَانَ هَذَا بَعْدَ نَفْخَةِ الْبَعْثِ، لَمْ يبق موت ولا ظهر يسري، وَلَا أَكْلٌ وَلَا شُرْبٌ، وَلَا لُبْسٌ فِي الْعَرَصَاتِ2، وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ أَنَّ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ الْبَيْهَقِيَّ بَعْدَ رِوَايَتِهِ لِأَكْثَرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، حَمَلَ هَذَا الرُّكُوبَ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وصححِ ذَلِكَ، وَضَعَّفَ مَا قُلْنَاهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ما قاله بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{يَوْمَ نَحْشًرُ الْمُتّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً وَنسُوقُ المُجْرمينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً} . [مريم: 85-86]
1الفدام: ما يوضع على الفم ليسده.
2 العرصات: الساحات الواسعة.