الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً
وَكَيْفَ يَصِحُّ مَا ادَّعَاهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ بالحديت وفيه:
"إن منهم اثنين عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ" وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قلة الظهر. هذا لا يلتثم مع هذا، والله أعلم، تلك نجائب من الجنة يركبها المؤمنون مِنَ الْعَرَصَاتِ إِلَى الْجَنَّاتِ، عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصفة كما سيأتي تقرير ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ، الْوَارِدُ من طرق أخر، عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم.
"إنكم تحشرون إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا":
{كَمَا بَدَأنَا أوَّلَ خَلْق نُعِيده} [الْأَنْبِيَاءِ:104] .
فَذَلِكَ حَشْرٌ غَيْرُ هذا، هذا يوم القيامة، بعد نفخة البعث، يَقُومُ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، أيّ غير مختنين، وكذلك يحشر الكافرون إلى جهنم ورداً أي عطاشاً وقوله:
{وَنَحْشُرهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَأوَاهُمْ جَهًنّمُ كُلُمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} [الإسراء:97] .
فذلك حِينَ يُؤْمَرُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، مِنْ مُقَامِ الحشر، كما سيأتي بيان ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التكلان.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ أَنَّ الْأَمْوَاتَ لا يشعرون بشيء مما يقع، مما ذكر، بِسَبَبِ نَفْخَةِ الْفَزَعِ، وَأَنَّ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ فيها، إِنْمَّا هُمُ الشُّهَدَاءُ، لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَهُمْ يَشْعُرُونَ بِهَا، وَلَا يَفْزَعُونَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَا يُصْعَقُونَ بِسَبَبِ نَفْخَةِ الصَّعْقِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُسْتَثْنَيْنَ مِنْهَا عَلَى أَقْوَالٍ، أحدها: كما جاء مصرحاً به، أنهم الشهداء، وَقِيلَ: بَلْ هُمْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَمَلَكُ الموت، قيل: وحملة العرش أيضاً، قيل: وغير ذلك، فالله أعلم.
وقد ذكر في هذا الحديت، أعني حَدِيثِ الصُّورِ، أَنَّهُ يَطُولُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مُدَّةُ مَا بَيْنَ نَفْخَةِ الْفَزَعِ وَنَفْخَةِ الصَّعْقِ، وهم يشاهدون تلك الأهوال، والأمور العظام، فيموت بسبب ذلك جميع الموجودين، من أهل السموات، ومن في الأرض، مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَالْمَلَائِكَةِ، إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقِيلَ: هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَجِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وإسرا فيل، وَقِيلَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
وَقَالَ تَعَالَى:
تقدم في حديث الصور:
"إن الله تعالى يقول لإِسرافيل: انْفُخْ نَفْخَةَ الصَّعْقِ، فَيَنْفُخُ فَيُصْعَقُ مَنْ
في السموات وَالْأَرْضِ، إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ بَقِيَ فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَبَقِيَتْ حَمَلَةُ عَرْشِكَ، وَبَقِيَ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، فيأمره الله أن يقبض روح جبريل وميكائيل، ثم يأمر الله سبحانه وتعالى بقبض حَمَلَةِ الْعَرْشِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَمُوتَ، وَهَوَ آخر من يموت من الخلائق".
وروى أبو بكر بن أَبِي الدُّنْيَا، مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا بَلَغَهُ، وَعَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
"أن الله تعالى يَقُولُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ، فَمُتْ ثُمَّ لَا تَحْيَا".
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فِيمَا بَلَغَهُ فَيَقُولُ لَهُ: مُتْ مَوْتًا لَا تَحْيَا بَعْدَهُ أَبَدًا فَيَصْرُخُ عِنْدَ ذَلِكَ صَرْخَةً لَوْ سَمِعَهَا أَهْلُ السموات وَالْأَرْضِ لَمَاتُوا فَزَعًا.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: لَمْ يُتَابَعْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَمْ يَقُلْهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى هَذَا: مُتْ موتاً لا تحيا بعده أبداً، يعني ثم لا يكون بَعْدَ هَذَا مَلَكَ مَوْتٍ أَبَدًا، لِأَنَّهُ لَا مَوْتَ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ:
"يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ 1، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يقال: يا أهل النار خلود ولا موت. ويا أهل الجنة خلود ولا موت".
وسيأتي الحديث،.... فملك الموت فان حتى لا يكون بعد ذلك ملك موت أبداً، والله أعلم. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا اللَّفْظِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يحيى بعد ذلك أبداً، وهذا التأويل بعيد بتقدير صحة الحديث، والله أعلم بالصواب.
1 الكبش الأملح الذي يخالط بياضه سواده.
فصل
قَالَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ: "فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، الْأَحَدُ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، كَانَ آخِرًا كَمَا كان أولاً، طوى السموات وَالْأَرْضَ، كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكِتَابِ، ثُمَّ دَحَاهُمَا، ثُمَّ لفهما ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ: "أَنَا الْجَبَّارُ" ثَلَاثًا ثُمَّ يُنَادِي: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَا يجيبه أحد، ثم يقول مُجِيبًا لِنَفْسِهِ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" وَقَدْ قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُة يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّموَاتِ مَطْوِيَّاتٌ بيَمِييهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:67] .
وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ نَطوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَلَ خَلْقٍ نُعِيد وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلين} [الأنبياء:104] .
وَقَالَ تعالى:
{هُوَ الأَولُ والآخِرُ والظَّاهر والْباطنُ وَهُوَ بكلِّ شَيْءٍ عَليمٌ} [الحديد:3] .
وَقَالَ تَعَالَى:
وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:
"يقبض الله الْأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْجَبَّارُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ أَيْنَ الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ".
وفيهما أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"إِنَّ اللَّهَ يَقْبِضُ السموات بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ".
وَفِي مُسْنَدِ الإمام أحمد، وصحيح مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ:
وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ كذا بيده، يحركها، يقبل بها ويدير، يُمَجِّدُ الرَّبُّ نَفْسَهُ، أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْعَزِيزُ، أَنَا الْكَرِيمُ، فَرَجَفَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرُ حيث قُلْنَا لَيَخِرَّنَّ بِهِ.
وَهَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ.
وَقَدْ ذكرنا الأحاديث المتعلقة بهذا المقام عند هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِهَا بما فيه كفاية ولله الحمد.
فصل
قَالَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ: وَيُبَدِّلُ اللَّهُ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ فَيَبْسُطُهَا وَيَسْطَحُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ العكاظي:
قال تعالى:
{لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أَمْتًا} [طه:107] .
ثم يزجر الله الخلائق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة وقد قال الله تعالى:
{يَوْمَ تُبَدَلُ الأرضُ غَيْرَ الأرْض وَالسَموَاتُ وَبَرزُوا لِلّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار} [إبراهيم:48] .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تبدل الأرض والسموات؟ فقال:
"فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ".
وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بذلك تبديل آخَرَ غَيْرَ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ أَنْ تُبَدَّلَ مَعَالِمُ الْأَرْضِ فِيمَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ، نَفْخَةِ الصَّعْقِ، وَنَفْخَةِ الْبَعْثِ، فَتَسِيرُ الْجِبَالُ، وتميد الْأَرْضُ، وَيَبْقَى الْجَمِيعُ صَعِيدًا وَاحِدًا، لَا اعْوِجَاجَ فيها ولا روابي ولا أودية قال الله تَعَالَى:
{وَيَسْألُونَكَ عَن الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبي نَسْفاً فَيذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لَا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلَا أمتاً} [طه:105-107] .
أي لا انخفاض فيها ولا ارتفاع. وَقَالَ تَعَالَى:
{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً} [النبأ:20] .
وَقَالَ تَعَالَى:
{وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالْعِهْن الْمَنْفُوش} [القارعة:5] .
وَقَالَ تَعَالَى:
{وَحُمِلَتِ الأْرْضُ وَالْجِبَالُ فدكَّتا دَكَّةً واحدَةً} [الحاقة:14] .
وقال تعالى:
فصل
قَالَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ: "ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ من تحت العرش ماء، فتمطرالسماء أَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ فَوْقَكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْأَجْسَادَ أَنْ تنبت، كنبات الطراثيت 1 وهو صِغَارُ الْقِثَّاءِ أَوْ كَنَبَاتِ الْبَقْلِ".
وَتَقَدَّمَ فِي الحديث الذي رواه الإمام أحمد، ومسلم، من حديث يعقوب بن عاصم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلا أصغى ليتاً، ورفع ليتاً، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه، فيصعق، ولا يسمعه أحد إلا صعق، ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل، أو الظل، فينبت منه أجساد الخلائق، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ ينظرون ثم يقال: أيها الناس هلموا إلى ربكم".
وقال البخاري: حدثنا عمرو بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ". قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أربعون يوماً؟ قال: أبيت2 قالوا:
1الطراثيث: جمع طرثوث وهونبات طويل مستدق ينبت في بادية مصر وقد فسره المؤلف بصغار القثاء.
2 أبيت: أي امتنعت أن أقول بغير علم.
أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ: أَبَيْتُ قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً قال: أبيت. ويبلى كل شيء من الإِنسان إلا عجب الذنب منه يركب الخلق.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبَى كُرَيْبٍ، عَنْ أَبَى مُعَاوِيَةَ، عَنْ الأعمش به مثله، وزاد بعد قوله في الثالثة أبيت قال: ثم ينزل مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ، قال وليس شيء من الإِنسان إِلا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الحسين بن حبيب المروزي، أخبرنا أبو الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَالَ:
"سِتُّ آيَاتٍ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ، إِذْ ذَهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ وَقَعَتِ الْجِبَالُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَتَحَرَّكَتْ وَاضْطَرَبَتْ، وَاخْتَلَطَتْ، وَفَزِعَتِ الْجِنُّ إِلَى الإِنس، والإِنس إلى الجن، واختلطت الدواب والوحش والطير، فماج بعضهم في بعض، {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} قال: انطلقت. {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} وقال أهملها أهلها. {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} قال الجن للإنس: نحن نأتيكم بالخبر، فانطلق إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا هُوَ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ صَدْعَةً وَاحِدَةً إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى، وَإِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَتْهُمْ رِيحٌ فَأَمَاتَتْهُمْ".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا هَارُونُ بن عمرو الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عطاء بن يزيد السَّكْسَكِيِّ، قَالَ:
"يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً بَعْدَ قبض عيسى ابن مريم، وعند دنو من الساعة، فيقبض روح كل مؤمن، وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحُمُرِ،
عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إذ بعث الله على أهل الأرض الرجف فرجفت بهم أقدامهم ومساكنهم، فيخرج الإِنس والجن والشياطين، كلٌّ يلتمس الْمَخْرَجَ، فَيَأْتُونَ خَافِقَ الْمَغْرِبِ فَيَجِدُونَهُ قَدْ سُدَّ، وَعَلَيْهِ الْحَفَظَةُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى النَّاسِ، فَبَيْنَمَا هم كذلك، إذ شرقت عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ، وَيَسْمَعُونَ مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَيُّهَا الناس: أتى أمر الله فلا تستعجلوه، قَالَ: فَمَا الْمَرْأَةُ بِأَشَدَّ اسْتِمَاعًا مِنَ الْوَلِيدِ فِي حِجْرِهَا، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، فَيُصْعَقُ من في السموات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ".
وقال أيضاً: حدثنا هارون بن شيبان: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث هشام بن سعيد، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي حجرة، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"تطلع عَلَيْكُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ مِثْلَ التُّرْسِ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ، فَمَا تَزَالُ تَرْتَفِعُ وَتَرْتَفِعُ حَتَّى تَمْلَأَ السحاب، وَيُنَادِي مُنَادٍ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَمْرَ اللَّهِ قَدْ أَتَى، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَنْشُرَانِ الثَّوْبَ فَمَا يَطْوِيَانِهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَلُوطُ حَوْضَهُ فَمَا يَشْرَبُ مِنْهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَحْلُبُ لِقْحَتَهُ فَمَا يَشْرَبُ مِنْهَا شَيْئًا".
وَقَالَ مُحَارِبُ بن دثار:
"إن الطير يوم القيامة لتضرب بأذنابها، وترمي ما في حواصلها من هول ما ترى وليس عِنْدَهَا طَلِبَةٌ".
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَالِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى الْعَبْدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن بحر، سمعت عبد الرحمن بن زيد الصَّنْعَانِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: