الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَب ينسِلُونَ فَيَطؤونَ بِلادهم؟ لَا يَأتُونَ عَلَى شَيْءٍ إلَاّ أكَلُوهُ، وَلَا يَمُرونَ عَلَى مَاءٍ إِلَّا شرِبُوهُ؟ قَالَ: ثم يرجع الناس يَشْكُونَ فأدْعُو الله عَليهم فَيُهْلِكُهُمْ؟ ويَميتُهُمْ حتى تَمْتَلِىءَ الأرضُ مِنْ نَتَن ريحِهِم ويُنزل اللَّهُ المطرَ فيُغْرِقُ أجْسَادَهُمْ حَتّى يَقْذِفَهُمْ فِي البحرِ فَفِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي عز وجل: أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ السَّاعَةَ كَالْحَامِلِ المُتمِّ1 لَا يدْرِي أهْلُهَا مَتَى تَفْجأهُم".
ورواه ابن ماجه، عن محمد بن يسار، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ به نحوه.
1الحامل المتم التي أتمت حملها.
صِفَةُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام
صفة أهل آخر الزمان
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
"لَيْلَةَ أُسَرِيَ بي لقيت موسى فَنَعَتهُ فإذا رجل مُضْطَرِبُ أيْ طَوِيل رَجْلُ 1 الرَّأْسِ كَأَنَّهُ مِنْ رجالِ شَنُوءَةَ، قَالَ ولقيت عيسى فَنَعَتهُ، قال فرأيته أحْمَرَ كأنَّه خرجَ من ديماس يعني حَمَاماً".
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
1 رجل الرأس: مستوى الشعر.
"رأيت موسى وعيسى وَإِبْرَاهِيمَ، فَأَمَّا عِيسَى فأحمرُ جَعْد1 عَرِيضُ الصَّدْرِ، وَأَمَّا مُوسَى فأدَمُ جَسِيم سَبط2 كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ الزُّطِّ3 ".
وَلَهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عتيبة، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَوْمًا بَيْنَ ظَهَرَانَيِ النَّاسِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ:
"إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بأعوَرَ، ألَا إِنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ أعورَ الْعَيْنِ الْيُمْنى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عَنِبة طافيةُ؟ وأراني الله عند الكعبةِ في المنام رجُلاً آدمَ كَأَحْسَنِ مَا يُرَى مِن أدْم الرجَالِ يَضْرِبُ لِمَّتَهُ بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ، رَجْلَ الشَّعْرِ يقطرُ رأسَهُ مَاءً وَاضِعًا يديهِ عَلَى مِنْكَبَيّ رَجُلَيْنِ وهوَ يَطوف بالبيت، فقلت: مَنْ هَذَا؟ قالوا: هو المَسِيح ابنُ مَرْيَم، ورأيت رجلاً وراءَهُ4 قَطَطاً أعوَرَ العين الْيُمْنَى كأشْبَه مِن رَأيت بِابْنِ قطَن واضِعاً يَدَيهِ عَلَى مِنْكبي رَجُلٍ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: "المَسِيحُ الدجالُ". تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ.
ثُمَّ رَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعِيسَى أَحْمَرُ، وَلَكِنْ قال:
"بَيْنَمَا أنا نائمِ أطوف بالكعبة وإذا رجل آدَمُ سَبْطُ الشّعرِ يُهَوِّدُ5
1الوجه الجعد المستدير القليل اللحم ومن الشعر القصير الملتوي المقتبض.
2 السبط من الرجال الطويل ومن الشعر المسترسل غير الجعد.
3 الزط جيل من الهند كما ذكر القاموس المحيط.
4 القططا: من الشعر القصير الجعد
5 هود يهود: مشى رويدا.
بين رجلين يَنْطِف1 رأسهُ ماءً أو يُهْرِق2 ماء فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا المسيح ابْنُ مَريمْ، فَذَهبت ألتفت فإذا رجل أحمرُجسيمٌ جَعْدُ الرأس؟ أعوَرُ الْعَيْن الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طافِيةٌ؟ قلت: مَن هَذا؟ قالوا: الدجالُ: وَأَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا ابْنُ قَطَنٍ قال الزهري: ابن قَطَنٍ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ هَلَكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ "فَيَنْزِلُ عِنْدَ المنارة البيضاء شرقي دمَشقَ في مهْرُودَتَيْن3 وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ؟ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَر وَإِذَا رفعهُ تحدَّر مِنْهُ مِثْلُ جُمَانِ اللُّؤْلُؤِ، وَلَا يحِل4 لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِه إِلَّا مَاتَ؟ ونَفَسُهُ يَنْتَهي حَيْثُ يَنْتَهي طَرْفه ".
هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَوْضِعِ نُزُولِهِ أَنَّهُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ؟ وَقَدْ رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ جَامِعِ دِمَشْقَ فَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَتَكُونُ الرِّوَايَةُ فَيَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ فَتَصَرَّفَ الرَّاوِي فِي التعبير بحسب ما فهم، وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى شرق الجامع الأموي، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ وَالْأَلْيَقُ، لِأَنَّهُ يَنْزِلُ وَقَدْ أقيمت الصلاة فيقول له: يا إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، يَا رُوحَ اللَّهِ، تَقَدَّمْ، فَيَقُولُ: تقدم أنت فإنها أُقِيمَتْ لَكَ، وَفِي رِوَايَةٍ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ أمراء، يكرم الله هذه الأمة، وقد جدد بناء المنارة فِي زَمَانِنَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ من حجارة بيض، وكان بناؤها مِنْ أَمْوَالِ النَّصَارَى الَّذِينَ حَرَقُوا الْمَنَارَةَ الَّتِي كَانَتْ مَكَانَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ دَلَائِلَ النبوة الظاهرة حيث قيض اللَّهُ بِنَاءَ هَذِهِ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ مِنْ أَمْوَالِ
1 ينطف: يقطر.
2يهرق: يسيل.
3 الثوب المهرود المصبغ بالورس.
4 لا يحل: لا يتأتى ولا يمكن.
النصارى حتى ينزل عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهَا فَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرَ الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم قبل من إسلامه وإلاّ قتل، وكذلك حكم سائر كفار الأرض يومئذ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الإِخبار عَنِ الْمَسِيحِ بِذَلِكَ، والتشريع له بذلك فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَحْكُمُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ أنه ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردن، وفي رواية بعسكر الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
"وَإِنَّهُ نَازِلٌ؟ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ؟ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ؟ عَلَيْهِ ثَوْبَانُ ممَصَّرانِ؟ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ؟ وإِن لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ؟ ويقتل الخنزيرة وَيَضَعُ الجزيةَ، وَيَدْعُو النَّاسُ إِلَى الإِسلام، وَيُهْلِكُ الله فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامِ؟ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ المسيحَ الدجالَ؟ ثُمَّ تَقَعُ الأمَنَة على الأرض حتى يرتع الأسد مع الإِبل؟ والنَّمورُ مَعَ الْبَقَرِ؟ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبُ الصبي بالحيات لا تضره، فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ المسلمون".
رواه أحمد وأبو داود هكذا وقع في الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ فَهَذَا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هَذِهِ السَّبْعُ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين سنة على المشهور والله أَعْلَمُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَخْرُجُونَ فِي زَمَانِهِ وَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَمَا سَيَأْتِي وَثَبَتَ أَنَّهُ يَحُجُّ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ.