الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"يَأْكُلُ التُّرَابُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الإِنسان إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ، قيل وما هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مِثْلُ حَبَّةِ خردل، منه ينبتون".
والمقصود هنا ذكر النفختين، وأن بينهما إِمَّا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً، وَهَاتَانِ النَّفْخَتَانِ هُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، نَفْخَةُ، الصَّعْقِ، وَنَفْخَةُ الْقِيَامِ لِلْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، بِدَلِيلِ إِنْزَالِ الْمَاءِ بَيْنَهُمَا، وَذِكْرِ عَجْبِ الذَّنَبِ الَّذِي مِنْهُ يُخْلَقُ الإِنسان ومنه يُرَكَّبُ عِنْدَ بَعْثِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون المراد منهما ما بين نفخة الصعق، ونفخة الفزع وهو الذي يريد ذِكْرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ بَيْنَ نَفْخَتَيِ الْفَزَعِ وَالصَّعْقِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ أَنَّهُ يكون فيها أمور عظام.
من أهوال يوم القيامة
مِنْ ذَلِكَ زَلْزَلَةُ الْأَرْضِ، وَارْتِجَاجُهَا وَمَيَدَانُهَا، بِأَهْلِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالها وأخْرَجَتِ الأرْضُ أثْقَالَها وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَها} [الزلزلة:1-3] .
وَقَالَ تَعَالَى:
{يَا أيُهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنْ زَلزَلةَ السًاعَةِ شَيءٌ عَظِيم يَوْمَ تَرْونَهَا
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاس سُكَارَىَ وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:1-2] .
وَقَالَ تَعَالَى:
وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ النَّفْخَةُ، أَعْنِي نَفْخَةَ الفزع أولى مبادىء الْقِيَامَةِ، كَانَ اسْمُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ صَادِقًا عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.
كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نشر الرجلان ثوباً بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ، وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا"1.
وَهَذَا إِنَّمَا يَتَّجِهُ عَلَى ما قبل نَفْخَةِ الْفَزَعِ بِأَنَّهَا السَّاعَةُ لَمَّا كَانَتْ أَوَّلَ مَبَادِئِهَا، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهْلِ آخِرِ الزَّمَانِ أَنَّهُمْ شِرَارُ النَّاسِ، وَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ رَافِعٍ فِي حَدِيثِ الصُّورِ الْمُتَقَدِّمِ، أَنَّ السَّمَاءَ تَنْشَقُّ فيما بين نفختي الفزع والصعق، وأن نجومهما تتناثر، وتخسف شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا، وَالظَّاهِرُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّ هَذَا إنما يكون بعد نفخة الصعق.
1 الحديث رواه البخاري 9-59 من حديث طويل.
قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأرْض والسَّموَاتُ وَبَرَزُوا لِلّهِ الوَاحِدِ الْقَهَّارِ وَتَرَى الْمجْرِمِينَ يَوْمَئِذ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم:48-50] .
وقال تعالى:
{إِذا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِربِّهَا وَحُقَّتْ} [الِانْشِقَاقِ:1-2] .
وَقَالَ تَعَالَى:
وسيأتي تقرير أن هذا كله كائن، بَعْدَ نَفْخَةِ الصَّعْقِ، وَأَمَّا زِلْزَالُ الْأَرْضِ، وَانْشِقَاقُهَا بِسَبَبِ تِلْكَ الزَّلْزَلَةِ، وَفِرَارُ النَّاسِ إِلَى أَقْطَارِهَا، وأرجائها، فمناسب أن يكون بَعْدَ نَفْخَةِ الْفَزَعِ وَقَبْلَ الصَّعْقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ قَالَ:
{وَيَا قوْم إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التنَادِ يَوْمَ تُوَلًّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِم} [غافر:32-33] .
وَقَالَ تَعَالَى:
{يَا مَعْشَرَ الجِنِّ والإِنْس إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذوا مِنْ أَقْطَارِ السَّموَاتِ وَالأَرْض فَانْفُذُوا لَا تَنفذُونَ إِلَاّ بِسُلْطَانٍ فَبِأَيَ آلاءِ رَبكمَا تُكَذِّبَانِ