الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد رأيتها وانتقيت منها مباحث ونوادر كثيرة. وله من التآليف أيضًا (4) شرح الشاهدي الجامع بين الفارسي والتركي، وغير ذلك مما لم يصل إليَّ خبره. وكل تآليفه مفيدة نافعة وكان مع تبحره في الآداب ومعرفته الشعر لم يتفق له نظم حتَّى طلبت من بعض المختصين به شيئًا من شعره لأُثبته في ترجمته فذكر لي فيما زعم أنَّه لم يتفوَّه بشيءٍ منه ترفعًا عنه. ثم رأيت الشلبي ذكر له في ترجمته هذه الأبيات في هجاءِ طبيب يهوديٍّ يعرف بابن جميع (وهي أربعة أقذع فيها أفحش الإقذاع فتركنا كتْبها).
ودخل دمشق في سنة 1085 وكان في صحبة الوزير إبراهيم باشا المعروف بكتخدا الوزير منصرفًا من حكومة مصر وسافر معه إلى أدرنة راجيًا أن يحل من الزمان محل الفريدة من العِقْد فدخل إلى مجلس الوزير الأعظم أحمد باشا الفاضل واستمكن منه واختص به ولما حللتُ أدرنة في ذلك العهد زرته مرةً في معهده وكان بينه وبين والدي حقوق مودَّة قديمة فرحب بي وأقبل على وكان إذ ذاك في غاية من إقبال الكبراء عليه فلم يلبث حتَّى هجمت عليه علة قاسى منها آلامًا شديدة ولم يبق طبيب حتَّى باشر معالجته وكان أمره في نيل أمانيه مأخوذًا على التراخي فعاجلَه الملل والسآمة وضاق به الأمر فذهب إلى معرة مصر (بن) وعاد مرة ثانية وأنا بالروم فابتُلي برمد في عينيه حتَّى قارب أن يكفَّ فسافر من طريق البحر إلى مصر فوصلها ولم تطل مدته بها حتَّى توفي وكانت ولادته ببغداد سنة 1030 وتوفي في أحد الربيعين من سنة 1093 رحمه الله تعالى. انتهى بطرح ما لا علاقة له بالترجمة.
ثم وقفت بعد تصفح زوايا الخزانة والاقتباس من أنوار الشهاب في الريحانة على فوائد زوائد، وأوابد شوارد في ترجمة البغدادي، أحببت أن اعلقها وأحرد نحوها حردًا، وأسردها سردًا:
حرصه على العلم
كان صاحبنا في حفظ الكتب والتدوين والحرص على اقتنائها وانتقائها بحيث لا نراه إلا منهومًا لا يشبع وشرِهًا لا يقنع قال في الخزانة (1) "وكنت ممن مرن في علم الأدب حتَّى صار يلبيه من كثب وأفرغ في تحصيله جهده وبذل فيه وكده وكدَّه وجمع دواوينه وعرف قوانينه واجتمع عنده بفضل الله من الأسفار ما لم يجتمع عند أحد في
(1) 2: 1.
هذه الأعصار، فشمرت عن ساعد الجد والاجتهاد، وشرعت في شرحها على وفق المني والمراد، فهو جدير بأن يسمى (خزانة الأدب الخ) وقد عرضت فيه بضاعتي للامتحان وعنده يكرم الرجل أو يهان". وهكذا يحدّث بنعم الله عليه فنراه يقول تارة (1) بعد سرد أسماءِ تأليف الأسود الأعرابي "وأكثرها عندي ولله الحمد والمنة" وتارة (2) يهمس بالشكر همسًا حيث يقول:"قال معمر بن المثنى (أبو عبيدة) شارح ديوان بشر وهو عندي بخطه وهو خط كوفي الخ" وأُخرى (3)"هذه حكايته وقد نقلتها من خطها الكوفي" وأُخرى (4) وقد تعب من سرد مبحث طويل "وقد أرخينا هنا عنان القلم فجرى في ميدان الطروس فأتى بما يبهج النفوس وقد بقيت أشياء تركناها خشية السآمة واتقاء الملامة" فكأنه لولا خوف ضجر القارئين لم يسأم ولم يرجع وقد قال الأول "سير السواني سفر لا ينقطع".
ويوجد اليوم خطه على ما بقي من كتبه ومنها نسخة لمَجمَع الأمثال للميداني بخزانة بانكي بور في الهند فقد رأيته ثبت عليه "من نعم الله على عبده الفقير إليه عبد القادر بن عمر البغدادي" وعلى كتاب المعمرين (5) والوصايا لأبي حاتم السجستاني ببعض حواضر المغرب. ويوجد (6) شرح شواهد شرح الرضي على الشافية له وبخطه بأوربا وخطه متوسط متقن بالشكل ما أشكل.
هذا وجاء في معجم الأدباء (7) في ختام ترجمة الحصري صاحب زهر الآداب هذه العبارة: "وله عندي كتاب الجواهر في المُلح والنوادر كتبه عبد القادر البغدادي" والظاهر أنها حاشية لصاحبنا يظهر منها أن أصل معجم الأدباء للجزئين الأولين كان قد بقي عند صاحبنا وقد عرفنا وجود الجواهر هذا عنده من خزانته (8) أيضًا. إلا أن المستعرب الفاضل مستر مرجليوث لم ينتبه له فظن العبارة من كلام ياقوت حتَّى أدرجها في صلب المتن.
(1) 1: 21.
(2)
262: 2.
(3)
264: 2.
(4)
3: 57.
(5)
وطبع كتاب المعمرين بليدن عن هذا الأصل.
(6)
طبعوا صورة فوتغرافية لصفحة منه وألحقوها بآخر مجموعة ديوان أبي محجن وزهير وغيرهما.
(7)
1: 360.
(8)
1: 11 و 251 و 3: 168 و 284: 4.