الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القصيدة اليتيمة ومن صاحبُها
؟ (*)
كنت قرأت في الدهر الأول في بلوغ الأرب (1) للألوسي المرحوم 21 بيتًا منها وهي في النسيب. فأعجبتُ بها غاية الإعجاب، وهي والحق يقال مما يورث الإِطراب.
ثم إني عثرت في زوايا البينات (2) للشيخ عبد القادر المغربي على خلاف عظيم في تعيين قائلها -بينما الألوسي يعزوها إلى (بعض الجاهليين) على ما يظهر من كلامه- وهاك خلاصة مقال البينات:
القصيدة المسماة الدرة اليتيمة التي أولها:
هل بالطلول لمسائلٍ ردٌّ
…
أم هل لها بتكلّم عهدُ
لم توجد مدوّنةً في شيء من كتب الأدب المتداولة، وإنما هي ما كتبه الشِنْقيطيّ [الكبير] بخطه في مجموعته وذكر "أن أربعين من الشعراء حلفوا على انتحالها وتمارَوْا عليها فيما بينهم -ثم غلب عليها اثنان وهما أبوالشيص والعَكَوَّك. ولكن صحَّ بعد نزاع طويل أنها (للعكوّك الكندي) لانتساب الشاعر إلى كندة في آخرها وهي نيف وسبعون بيتًا" ولولا ذلك لعظم الريب في أن تكون للعكوّك ولكن الشنقيطي ثقة- اهـ.
فأنت ترى هذا الخلاف الحديث مع الخلاف القديم: إذ الأول يعزوها لبعض الجاهليين، والآخر إلى شاعر الدولة العباسية. ثم عثرت على قول ثالث في بعض المطبوعات (3) وهو يرشدنا إلى أمور هامة. وهاكه بنصّه:
(*) نشر في مجلة "الزهراء" عدد ربيع الثاني 1345 هـ.
(1)
الطبعة الأولى 2: 18 وهي في الثانية 2: 20.
(2)
204: 1 - 207.
(3)
فهرست ابن خير طبع سرقسطة ص 401.
"القصيدة اليتيمة: هل بالطلول لسائل ردُّ
حدثني بها القاضي أبو بكر ابن العربيّ قال أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفيّ قال أنشدنا جميع قصيدة الحسين بن محمد المَنْبجي -ولقبه (دوقلة) - القاضي أبو القاسم التنوخيُّ قال أنشدناها أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمَّد النَّصيبيّ الأزدي مؤدّبي وأخبرني أن أبا عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب أنشده عن أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب لدوقلة المَنْبِجيّ وأنشدنيها (1) أبو الحسن علي بن محمد النحويّ المعروف بالوزان (2) عن أبي النضر (3) الحلبي النحوي عن الزجاج عن محمد بن حبيب قال: مِن غُفْل شعر (ذي الرُمَّة) قولُه هل بالطلول .. الخ وذكَرَها.
وقرأتها (1) على أبي العباس أحمد بن محمد الموصلي الشافعي (4) المعروف بالأخفش قال أنشدني جماعة عن أبي بكر ابن درديد عن أبي حاتم السجستاني عن الأصمعي وأبي عبيدة قالا القصيدة اليتيمة هل
…
الخ.
وأنشدنيها (1) رجل من الكُتّاب يعرف بأبي الحسن السورانيّ كان يكاثر (5) أبا الحسن النصيبيّ مؤدّبي عن أبي محمد ابن دُرُسْتويه عن أبي العباس المبرَّد قال القصيدة التي لا يعرف قائلَها وهي اليتيمة هل .. الخ. وفي الروايات ألفاظ وزيادةٌ ونقصان أبيات منها وعرضتها تصحيحًا على أبي القاسم عبيد الله بن محمد بن حزم (6) الأسدي- وقال أبو الحسن علي بن الحسن الرازي سمعتُ أبا عبد الله بن خالويه ينشد هذه القصيدة فسألته: لمن هي، فقال: تروى لسبعة عشر شاعرًا".
فأنت تعلم أن اسمها (القصيدة اليتيمة) لا الدرة اليتيمة وأن (دوقلة) و (ذا الرُمّة) هما أقدم المستحقّين عصرًا، وان لم أقف على ترجمة لدوقلة. والقول بأن
(1) هذا كله من قول التنوخي.
(2)
في الأصل الوزاز مصحفًا وترجم له في معجم الأدباء 409: 5 والبغية 355.
(3)
كذا بالضاد المعجمة؟
(4)
البغية 170 وهو أستاذ ابن جني.
(5)
كذا في الأصل.
(6)
صوابه جرو الآدباء 5: 5 والبغية 320.
صاحبها هو (العكوّك الكندي) ليس مما يصلح للجزم به وهناك يتيمة أخرى وهي (عينية سويد ابن أبي كأهل اليشكريّ) التي أولها
بسطتْ رابعةُ الحبلَ لنا
…
فوصلنا الحبلَ منها ما اتَّسَعْ
والتي اختارها الضبّيّ (1) وقد دعاها الأصمعي (اليتيمة) على ما في خزانة البغداديّ (2).
جامعة عليكره الإِسلامية (الهند) عبد العزيز الميمني الراجكوتي
(1) مصر 83: 1.
(2)
2: 548 ولفظه: فضلها الأصمعي وقال كانت العرب تفضلها وتقدمها وتعدها من حكمها. وكان في الجاهلية تسمى (اليتيمة) لما اشتملت عليه من الأمثال.