الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِفصاح عن أبيات مشكلةِ الإِيضاح للفارقيّ ولا توجيه إعراب أبيات مُلْغَزَةِ الإِعراب للرُّمّانيّ
(*)
كنَّا أنا والسيدان عزّ الدين التنوخي وسعيد الأفغاني في يونية الماضي نتفرَّج في منتزه المهاجرين ونتجاذب أطراف أحاديث هي ألذّ من السلوى لدى كل عارف. وسألت الصديق الكريم الأفغاني عما سقط عليه من طرائف الأعلاق وضنائن الأسفار في رحلته إلى الغرب والمغرب سنة 1956 هـ فأخبرني بكتاب الرمَّاني هذا ولم يزدني فيه شيئًا.
إذ جاءني كتاب من معالي الأستاذ الزركلي من الرباط أخبرني فيه بصدوره من المطبع ثم لم يمض أيام إلَّا وكتاب الصديق ماثلٌ أمام عيني 23/ 9/ 58 م دالًّا على ودّه وصفائه.
ومنذ تناولت نسخته ما زالت الشكوك تخالجني والرِيَب والأوهام تساورني. ولمَّا تغلغلت إلى أعماقه وعرفت أن صاحب الكتاب يروي عن أبي علي الفارسيّ (م 377 هـ) وأبي سعيد السيرافي (368 هـ)، والرمانيُّ (388) عصريُّهما (1) وفي طبقتهما، وزاد ضِغثًا على إبَّالة أنه شرح لُمَع ابن جني (صاحب أبي عليّ الذي نبغ في آخر حياة الرُّماني وبُعيد وفاته) - جزمت بأنه ليس للرمَّاني ألبتَّة.
وكنت أذكر للحسن بن أسد الفارقي أبي نصر الشاعر الكاتب النحوي المقتول سنة 487 هـ الذي تُرجم له في الأدباء (3/ 47 - 54) والإِنباه (1/ 294 - 298) وعنهما في الفوات والشذرات وغيرهما - مؤلفًا في المعنى. فراجعت جُزازاتي التي كنت علَّقتها في رحلة سنة 1936 وفهرست دار الكتب ومجلة المجمع فوجدت:
أن الإِفصاح عن أبيات مشكلة الإِيضاح للفارقي توجد منه نُسخ ومعظمها أجلّ
(*) نشر في مجلة "المجمع بدمشق 34/ 192 - 195.
(1)
وأخذ عن أبي بكر السرّاج وابن دريد كما اخذا عنهما.
وأقدم من نسخة باريس. إحداها بوليّ الدين بايزيد برقم 2818 بقطع صغير في 85 ورقة. وأخرى بالدار (فهرس النحو 120) أوّلها: أطال الله بقاءك وأدام عزّك ونعماءك (1) وحرس نفسك وعلاءك الخ. وهي من مقتنيات الشنقيطي في 271 ص والمسطرة 15 عن نسخة كتبت سنة 613 هـ. وفيها ص 158 جاء ذكر مختصر للإِفصاح سمّي فيه الأصل ألغاز الإِعراب في مجموعة للشنقيطي برقم 36. ولعلّ هذا المختصره لعزّ الدين الزنجاني (والريحاني تصحيف) المتوفي سنة 654. ومنه نسخة في خزانة بيت الجوهري بنابلس جاء ذكره في مجلة المجمع ص 455 سنة 24 م نُسخ سنة 660. كما جاء فيه ذكر نسخة أخرى في 5/ 97 ولكني لست أملك هذه المجلدة.
فظهر أن هذا خطأ عظيم أفسد على الصديق عمله وحَرَمه المعارضةَ بعدة نسخ جليلة كانت منه على طرف الثُمام قريبة المتناوَل. كما حَرَم الفارقيَّ البائسَ المسكينَ مؤلَّفين له من أنبل ما كتبه في حياته وذكرهما كلّ من ترجم له فلم يبق ما يدلّ على حياته. هذا على أن إضافتهما إلى ثَبَت مؤلَّفات الرمَّاني وهو في صفحتين مكتنزتين ما كان ليغني عنه فتيلًا. إذ لم يُعْرَفا له ألف سنة مضت على وفاته وقد نال دونهما شهرة لا يستهان بها. فلم يذكرهما له أحد ممن له. والثابت على نسخة باريس ليس بخطّ الأصل كما هو ظاهر. فإما أن يكون هذا الكاتب المتأخر اختلط عليه الحابل بالنابل أي الفارقي بالرمانيّ. أو أن يكون لما وجد الكتاب غُفلًا أثبت عليه اسم كُتيّب للرمّانيّ في المعنى نفسه إن ثبت أنه له. وذلك أن فهرست الدار المذكورة نفسها تذكر في ص 79 الألغاز النحوية للرُّمَّاني أوله: الحمد لله على فضله وكرمه الخ 30 ش مخطوطة بقلم مغربيّ، وهذا كما ترى غير المطبوع، ثم رآه بروكلمان فتبعه ولم يوفَّق لاستجلاء الحقيقة وربما يكون عرف إفصاح الفارقي فذكره في كتابه ولم يفرغ للعِراض فقلَّد من أتى بعده، ثم إلى اليوم هلمّ جَرّا.
وهذه بعض معلَّقات على المطبوع:
1 -
قوله في ص 12: لا يُعرف من مؤلفات الرُّمَّاني غير ثلثة- زد إليها رابعًا وهو شرح أصول ابن السَّرَّاج ومنه قطعة في مجموعة برقم 1077 بكتبخانة سليم آغا في
(1) والأسجاع الثلثة بالمدّ لا بالقصر كما في المطبوع.
اسكيدار من ق 295 - 326. وخامسًا وهو ثلاثة أجزاء من شرح الكتاب الثاني والرابع والخامس بأرقام 1984 و 1987 و 1986 في 181 و 197 و 297 ورقة ولاءً بكتبخانة فيض الله، أملاه سنة 367 هـ.
2 -
على قوله ص 25: هنا فرق كبير بين أبيات المعاني وبين الألغاز النحوية التي أُلّف فيها الإِفصاح. وقد كان الرمانيّ سبقه بالتأليف فيها وتأخّر عنه ابن هشام وخالد الأزهري وقد طُبع كتاباهما ولأبي سعيد بن لُبّ منظومة مشروحة طبعت في (1) الأشباه للسيوطي. ولابن عربشاه كتاب فيها إلى غيرهم. يا ليت صديقي كان عارض عمله بها وقارن.
3 -
قوله ص 30: يمتدّ إلى مائة سنة- ولكن ذلك لا يحتاج إلى امتداد في عمره وإنما ينقل كلام ثعلب كما ننقله نحن الآن من دون أن ندركه.
4 -
في ص 71: فنام ليلي تجلّى همّي
غير متزن ولا متمعنٍ. وهو شطر معروف في الكامل 79:
فنام ليلي وَتجَلّى همّي
وكذا الصواب من النوم في الكلمات الآتية على ما في الأصل لا كما غيَّره في المتن. والبيت برقم 55 لرجل من لصوص البحرين على ما في الكامل 700 طبعة ريط.
5 -
في ص 134: وجه الكلام وصوابه: أنشدناه أبو إسحاق (يريد الزجَّاج لا غير)[في] المصنَّف لأبي عبيد. والبيت برقم 126 من المعروف شعر عنترة في طبعات ديوانه وسمط اللآلي 483 وحماسة ابن الشجري ومشروحًا في الخزانة 3/ 362 والعيني 3/ 157.
6 -
في ص 185: في بيت الرُبيع بن ضَبُع وجاء مصحَّفًا (ولا أسادوا) ولم أجد مع طول البحث المقطوعة التي منها البيت ليُعرف أهو من همزيته أو داليته اهـ -
(1) 2/ 302 ولم يعرف لمن هي وقد عرفنا صاحبها من الخزانة 3/ 466. وترى في الأشباه جزءًا كبيرًا في الألغاز.
المقطوعة همزية معروفة وكنت نشرتها في مجلة الزهراء 4/ 235 عن التيجان قبل نشره وهي في طبعته هذه 119 وهي في المعمرين برقم 6 والمرتضى 1/ 255 وشرحي أدب الكتاب لابن السيد والجواليقي 369 و 466 والخزانة 3/ 306.
والبيت منها إذا عاش الفتى، البيت من شواهد الكتاب كتاب سيبويه.
7 -
في ص 203: البيت برقم 183 لطفيل الغنوي من قصيدة في ديوانه برقم 9 ومنها ثلثة أبيات في الحماسة فريتاغ 136 وبولاق 1/ 146.
8 -
في ص 212: الحافظو عورة، البيت ليس لابن الخطيم وإنما هو من كلمة في الرويّ لعمرو بن قيس الخزرجيّ وقد خرّجته في الخزانة السلفية 4/ 205.
9 -
في ص 230 البيت لعمرو بن معد يكرب الزبيدي عزاه إليه سيبويه 1/ 200. وفُتيّة فيه مصغر فتاةَ ولا يجوز فِتنة فإن البيت لا يتزن معه.
(كراتشي) 26/ 9/ 1958 عبد العزيز الميمني