الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3- باب ما جاء أَوَّلِ أَمْرِهِ وَمَوْلِدِهِ وَإِرْضَاعِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَمَا يَذْكُرُ صلى الله عليه وسلم
-
6313 / 1 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: ثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ- رضي الله عنه قَالَ:" قيل: يارسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا كَانَ بدؤ أَمْرِكَ؟ قَالَ: دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى ابن مَرْيَمَ، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ ".
6313 / 2 - رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ: ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ موسى، ثنا فرج بن فضا لة
…
فذ كره.
6313 / 3 - وَرَوَاهُ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: ثَنَا أَبُو النَّضْرِ، ثَنَا الْفَرَجُ، ثَنَا لُقْمَانُ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: " قُلْتُ: يَا نَبِّيَ اللَّهِ، مَا كان بدؤ أَوَّلِ أَمْرِكَ 000) فَذَكَرَهُ.
6314 / 1 - قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: وَثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اعتكف هو وخديجة شهرًا بحراء فَوَافَقَ ذَلِكَ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ السَّلَامَ عَلَيْكُمْ قَالَتْ: قَالَ: وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ فَجْأَةُ الْجِنِّ. فَقَالَتْ أَبْشِرْ فَإِنَّ السَّلَامَ خَيْرٌ، ثُمَّ رَأَى يَوْمًا آخَرَ جِبْرِيلَ- عليه السلام عَلَى الشَّمْسِ، جَنَاحٌ له بالمشرق وجناح بالمغرب، فهبت منه قالت: فانطلق، يُرِيدُ أَهْلَهُ فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الباب. قال: فكلمني
حتى آنست به ثم وعدني مَوْعِدًا فَجِئْتُ لِمَوْعِدِهِ، وَاحْتَبَسَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ- عليه السلام فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ إِذَا هُوَ به وميكائيل- عليهما السلام فَهَبَطَ جِبْرِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. قَالَ: فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ- عليه السلام فَصَلَقَنِي لِحَلَاوَةِ الْقَفَا وَشَقَّ عَنْ بَطْنِي فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ أَعَادَهُ فيه، ثم كفأني كما يكفأ الْإِنَاءُ، ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حَتَّى وَجَدْتُ مَسَّ الْخَاتَمِ، ثُمَّ قَالَ لِي:{اقْرَأْ بِاسْمِ ربك} وَلَمْ أَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ، فَأَخَذَ بِحَلْقِي حَتَّى أجهشت بالبكاء. قال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق
…
} إلى قوله: {ما لم يعلم} قال: فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ فوزنته، ثم وزنني بآخر فوزنته، ثم وزنني بمائة، فَقَالَ مِيكَائِيلُ: تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. حَتَّى جِئْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَمَا تَلَقَّانِي حَجَرٌ وَلَا شجر إلا قال: السلام عليك يارسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى دخلت على خديجة فقالت: السلام عليك يارسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
6314 / 2 - رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ: ثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عمران الجوني، عن يزيد بن بَابَنُوسَ، عَنْ عَائِشَةَ (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا هُوَ وَخَدِيَجَةُ بِحِرَاءَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ شَهْرَ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَسَمِعَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ. قَالَ: فَظَنَنْتُهَا فَجْأَةَ الْجِنِّ، فَجِئْتُ مُسْرِعًا حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ فسجَّتني ثَوْبًا وقَالَتْ: مَا شَأْنُكَ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ فَظَنَنْتُهَا فَجْأَةَ الْجِنِّ. فَقَالَتْ: أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّ السَّلَامَ عَلَيْكَ خَيْرٌ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى الشَّمْسِ، جَنَاحٌ لَهُ بِالْمَشْرِقِ وَجَنَاحٌ لَهُ بِالْمَغْرِبِ. قَالَ: فَهِبْتُ مِنْهُ فَجِئْتُ مُسْرِعًا، فَإِذَا هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَّابِ، فَكَلَّمَنِي حَتَّى آنَسْتُ بِهِ، ثُمَّ أَوْعَدَنِي مَوْعِدًا، فَجِئْتُ إِلَيْهِ فَأَبْطَأَ عَلَيَّ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَإِذَا أَنَا بِهِ وَمِيكَائِيلُ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ، وَبَقِيَ مِيكَائِيلُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَسَلَقَنِي لِحَلَاوَةِ الْقَفَا، ثُمَّ شَقَّ عَنْ قَلْبِي، فَاسْتَخْرَجَهُ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَكْفَانِي كَمَا يكفأ الْأَدِيمُ أَوِ الْآنِيَةُ، ثُمَّ خَتَمَ فِي ظَهْرِي حتى وجدت مس الخاتم في قلبي، تم قَالَ: اقْرَأْ. قُلْتُ: مَا قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ، فَلَمْ أَدْرِ مَا أَقْرَأُ.
ثُمَّ قَالَ: اقْرأْ. فَقُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ من علق اقرأ وربك الأكرمِ} حتى انتهى إلى خَمْسِ آيَاتٍ مِنْهَا، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِرَجُلٍ فَوَزَنْتُهُ، ثُمَّ وَزَنَنِي بِآخَرَ فَوَزَنْتُهُ حَتَّى وُزِنْتُ بِمِائَةِ رَجُلٍ. فَقَالَ مِيكَائِيلُ مِنْ فَوْقِهِ: تَبِعَتْهُ أُمَّتُهُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ فَجَعَلْتُ لَا يَلْقَانِي حَجَرٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. حتى دخلت على خديجة فقالت: السلام عليك يارسول الله صلى الله عليه وسلم)
6315 -
وقال إسحاق بن راهويه: أبنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسحاق، حدثني صالح بن إبراهيم، عن يحيى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ شِئْتَ مِنْ رِجَالِ قَوْمِي، عَنْ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:" إِنِّي لَغُلَامٌ يَفَعَةٌ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ- أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ- أسمع ما أرى وأعقل، إذ أشرف يهودي على أطم يصيح بِأَعَلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ. فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهُ فَقَالُوا: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: طَلَعَ الْلَيْلَةَ نَجْمُ أحمد الذي ولد به، قَالَ: فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حسان ابن ثَابِتٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً".
6313 / 1 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي جَهْمُ بْنُ أبي جهم، عن عبدلله بن جعفر- أو عمن حدثه عن عبدلله بْنِ جَعْفَرٍ- قَالَ: " لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ يَلْتَمِسْنَ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ، قَالَتْ حَلِيمَةُ: فَخَرَجْتُ في أوائل النسوة على أتان لي قمراء، وَمَعِيَ زَوْجِيَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى- أَحَدُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ثُمَ أَحَدُ بَنِي نَاضِرَةَ- قَدْ أُدْمَتْ أَتَانُنَا وَمَعِيَ بِالرَّكْبِ شَارِفٌ، والله ما يبض بقطرة مِنْ لَبَنٍ فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ، قَدْ جَاعَ
الناس حتى خلص إليهم الجهد، ومعي ابْنٌ لِي وَاللَّهِ مَا يَنَامُ لَيْلَهً وَمَا أجد في ثدي شيئًا أعلله به إلا أنا نرجو الغيث وَكَانَتْ لَنَا غَنَمٌ فَنَحْنُ نَرْجُوهَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ فَمَا بَقِيَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فكرهناه، فقلنا: إنه يتيم وإنما تكرم الظِّئْرُ وَيُحْسِنُ إِلَيْهَا الْوَالِدُ، فَقُلْنَا: مَا عَسَى أن تصنع بِنَا أُمُّهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ جَدُّهُ؟ فَكُلُّ صواحبي أخذن رَضِيعًا وَمَا أَجِدُ شَيْئًا، فَلَّمَا لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخَذْتُهُ، وَاللَّهِ مَا أَخَذْتُهُ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَجِدْ غَيْرَهُ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: وَاللَّهِ لَآخُذَنَّ هَذَا الْيَتِيمَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ وَلَا أَرْجِعُ مِنْ بَيْنِ صَوَاحِبِي (وَلَا أَجِدُ) شَيْئًا. فَقَالَ: فَقَدْ أَصَبْتِ. قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّحْلَ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ أَتَيْتُ به الرحل فأمسيت أقبل ثدياي باللبن كما أَرْوَيْتُهُ، وَأَرْوَيْتُ أَخَاهُ فَقَامَ أَبُوهُ إِلَى شَارِفِنَا تِلْكَ يَلْتَمِسُهَا، فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ فَحَلَبَهَا فَأَرْوَانِي وَرُوِيَ، فَقَالَ: يَا حَلِيمَةُ، تَعْلَمِينَ وَاللَّهِ لَقَدْ أصبنا، نَسَمَةً مُبَارَكَةً، وَلَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ عَلَيْهَا مَا لم نتمن. قالت: فَبِتْنَا بِخَيْرِ، لَيْلَةٍ شِبَاعًا، وَكُنَا لَا نَنَامُ ليلنا مع صبيتنا، ثم اغتدينا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِنَا أَنَا وَصَوَاحِبِي، فَرَكِبْتُ أَتَانِيَ القمراء، فَحَمَلْتُهُ مَعِي، فَوَالَّذِي نَفْسُ حَلِيمَةَ بِيَدِهِ لَقَطَعْتُ بِالرَّكْبِ حَتَّى إِنَّ النِّسْوَةَ لَيَقُلْنَ: أَمْسِكِي عَلَيْنَا، أهذه أتانك التي خرجت عَلَيْهَا؟! فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالُوا: إِنَّهَا كَانَتْ أُدْمَتْ حِينَ أَقْبَلْنَا فَمَا شَأْنُهَا؟! قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلْتُ عَلَيْهَا غُلَامًا مُبَارَكًا. قَالَتْ: فَخَرَجْنَا فَمَا زَالَ يَزِيدُنَا اللَّهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَيْرًا، حَتَّى قَدِمْنَا وَالْبِلَادُ سَنَةً، فَلَقَدْ كَانَ رُعَاتُنَا يَسْرَحُوُنَ، ثُمَّ يُرِيحُونَ، فَتَرُوحُ أَغْنَامُ بَنِي سَعْدٍ جِيَاعًا، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا بِطَانًا حُفْلًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: مَا شَأْنُ غَنَمِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَغَنَمِ حَلِيمَةَ، تَرُوحُ شِبَاعًا حُفْلًا، وَتَرُوحُ غَنَمُكُمْ جِيَاعًا؟! وَيْلَكُمُ اسْرَحُوا حَيْثُ تَسْرَحُ رِعَاؤُهُمْ. فَيَسْرَحُونَ مَعَهُمْ، فَمَا تَرُوحُ إِلَّا جِيَاعًا كَمَا كَانَتْ، وَتَرْجِعُ غَنَمِي كَمَا كَانَتْ. قالت: وكان يشب شبابًا ما يشبه أحد من الغلمان، يشب في اليوم شباب الغلام في الشهر، ويشب في الشهر شباب السنة، فلما استكمل سنتين أقدمنا مَكَّةَ أَنَا وَأَبُوهُ فَقُلْنَا: وَاللَّهِ لَا نُفَارِقُهُ أَبَدًا وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ. فَلَمَّا أَتَيْنَا أُمَّهُ قُلْنَا: أي ظئر، واللهم مَا رَأَينَا صَبِيًا قَطٌ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهُ، وأنا أتخوف عليه وباء مكة وأسقامها، فدعيه نرجع به حتى تبرئي من دائك، فلما نَزَلْ بِهَا حَتَّى أَذِنَتْ، فَرَجَعْنَا بِهِ فَأَقَمْنَا أَشْهُرًا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً، فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ خَلْفَ الْبُيُوتِ هُوَ وَأَخُوهُ فِي بُهْمٍ لَهُ " إذ أتى أخوه يشتد، وأنا وأبوه في البيت، فَقَالَ: إِنَّ أَخِيَ الْقُرَشِيَّ
أَتَاهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بَيَاضٌ فَأَخَذَاهُ فَأَضْجَعَاهُ، فَشَقَّا بَطْنَهُ. فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُوهُ نَشْتَدُّ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا قَدِ انْتُقِعَ لَوْنُهُ، فَلَمَّا رَآنَا أَجْهَشَ إلينا وبكى قالت: فَالْتَزَمْتُهُ أَنَا وَأَبُوهُ فَضَمَمْنَاهُ إِلَيْنَا فَقُلْنَا: مَا لك بأبي أنت وأمي،؟ فَقَالَ: أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي، فَشَقَّا بَطْنِي، فَصَنَعَا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ رَدَّاهُ كَمَا هُوَ. فَقَالَ أَبُوهُ: وَاللَّهِ مَا أَرَى ابْنِي إِلَّا وَقَدْ أُصِيبَ، الْحَقِي بِأَهْلِهِ فَرُدِّيهِ إِلَيهِمْ قَبْلَ أَنْ يظهر به ما نتخوف مِنْهُ. قَالَت: فَاحْتَمَلْنَاهُ فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ، فَلَمَّا رَأَتْنَا أَنْكَرَتْ شَأْنَنَا وَقَالَتْ: مَا رَجَعَكُمَا به قبل أن أسألكماه، وَقَدْ كُنْتُمَا حَرِيصَيْنِ عَلَى حَبْسِهِ؟! فَقُلْنَا: لَا شَيءَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى الرَّضَاعَةَ وسرنا ما ترى، وَقُلْنَا: نُؤَدِّيهِ كَمَا تُحِبُّونَ أَحَبُ إِلَينَا. قَالَ: فَقَالَتْ: إِنَّ لَكُمَا لَشَأْنًا فَأَخْبِرَانِي مَا هُوَ؟ فَلَمْ تَدَعْنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا، فَقَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ، لَا يَصْنَعُ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ إِنَّ لِابْنِي شَأْنًا أَفَلَا أُخْبِرُكُمَا خَبَرَهُ؟ إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ، فوالله ما حملت حملا قط كان أَخَفَّ عَلَيَّ مِنْهُ وَلَا أَيْسَرَ، ثُمَّ أُريت حين حملته أنه خرج مني نور أضاء منه أعناق الإبل ببصرى- أو قالت: قصور بصرى- ثم وضعته حِينَ وَضَعْتُهُ، فَوَاللَّهِ مَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، لَقَدْ وَقَعَ مُعْتَمِدًا بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ رافعًا رأسه إلى السماء، فدعاه عنكما. فقبضثته وانطلقنا ".
6316 / 2 - قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا ابِنُ إِدْرِيسَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا جَهْمُ بْنُ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ عبدلله بْنِ جَعَفَرٍ- أَوْ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ- قَالَ: قَالَتْ حَلِيمَةُ بِنْتُ الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدية: (قدمت في نفر من بني سعد ابن بكر نلتمس الرضعاء بمكة
…
" فذكر نحوه.
6316 / 3 - رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: ثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ الْكُوفِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ- ونَسَخْتُه مِنْ حديث مسروق- ثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عن جهم بن أبي جهم، عن عبدلله بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ.
6316 / 4 - وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: ثَنَا أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ
…
فَذَكَرَهُ.
6317 / 1 - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ: ثَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا أبو محمد بقية ابن الوليد الحمصي، عن بُحَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ ابن عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ حَدَّثَهُمْ "أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ كان أول شأنك يارسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ، أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بُهْمٍ لَنَا، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا. فَانْطَلَقَ أَخِي وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبُهْمِ، فَأَقْبَلَ إِلَيَّ طَيْرَانِ أَبْيَضَانِ كَأَنَّهُمَا نَسْرَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي، فَأَخَذَانِي، فَبَطَحَانِي لِلْقَفَا، فَشَقَّا بَطْنِي، فَاسْتَخْرَجَا قَلْبِي فَشَقَّاهُ، فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَتَيْنِ سَوْدَاوَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: ائتني بماء وثلج. فَغَسَلَا بِهِ جَوفِي، ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بِمَاءِ بَرَدٍ. فَغَسَلَا بِهِ قَلْبِي ثُمَّ قَالَ: ائْتِنِي بَالْسَكِينَةِ. فَذَرَّهَا فِي قَلْبِي، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لصاحبه: حِصْهُ. فَحَاصَهُ وَخَتَمَ عَلَيْهِ بِخَاتَمِ الْنُبُوَةِ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحبِهِ: اجْعَلْهُ فِي كِفَّةٍ وَاجْعَلْ أَلْفًا من أمته في كفة. فإذ أن أَنْظُرُ إِلَى الْأَلَفِ فَوْقِي أُشْفِقُ أَنْ يَخِرَّ عَلَيَّ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ أُمَّتَهُ وُزِنَتْ بِهِ لَمَالَ بِهِمْ. ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي وَفَرَقْتُ فَرْقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، فَأَشْفَقَتْ أَنْ يَكُونَ قَدِ الْتُمِسَ بِي، فَقَالَتْ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ. فَرَحَّلَتْ بَعِيرًا لَهَا وَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ وَرَكِبَتْ خَلْفِي حَتَّى بَلَغَتْنِي إِلَى أُمِّي، فَقَالَتْ: أَدَّيْتُ أَمَانَتِي وَذِمَّتِي. وَحَدَّثَتْهَا بِالَّذِي لَقِيتُ، فَلَمْ يُرِعْهَا ذَلِكِ، قَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ ".
هَذَا حَديثٌ حَسَنٌ، وَبَقيَّةُ ثِقَةٌ وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَرَوَاهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْعَنْعَنَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ فىِ بَعْضِ طُرُقِهِ.
6317 / 2 - كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا حَيْوَةُ وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَا: ثنا بقية، حدثني بحير بْنُ سَعْدٍ
…
فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ: حَدَّثَنِي بُحَيْرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ ابن عَمْرٍو الْسُلَمِيِ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ
…
فَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
قُلْتُ: وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
6318 / 1 - قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، ثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ أُبي- رضي الله عنه يُحَدِّثُ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زمزم، ثم جاء بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمَلُوءٍ حِكمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا في صدري، ثم أطبقه "
6318 / 2 - رواه عبدلله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زَوَائِدِهِ عَلَى الْمُسْنَدِ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَبُو يحيى البزار ثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا مُعَاذُ بْنُ محمد بن معاذ بن محمد بن أبي بن كعب حدثني أبي محمد بن معاذ عن مُعَاذٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ "أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ جَرِيئًا عَلَى أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (عَنْ أَشْيَاءَ لَا يَسْأَلُهُ عَنْهَا غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (مَا أَوُّلُ مَا رَأَيتَ من أمر النبوة؟ فاستوى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (جَالِسًا وَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي لَفِي صَحْرَاءَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ وَأَشهُرٍ وَإِذَا بِكَلَامٍ فوق رأسي وإذا رجل يَقُولُ لِرَجُلٍ: أَهُوَ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَاسْتَقْبَلَانِي بوجوه لم أرها على أحد قط وأرواح لم أجدها لأحد قط وثياب لَمْ أَرَهَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ فَأَقْبَلَا إِلَيَّ يَمْشِيَانِ حَتَّى أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَضُدِي لَا أَجِدُ لِأَحَدِهِمَا مَسًّا. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أضجعه. فأضجعاني بلا قصر ولا هصر. فقال أحدهما لصاحبه: افلق صدره. فهوى أَحَدُهُمَا إِلَى صَدْرِي فَفَلَقَهَا- فِيمَا أَرَى- بِلَا دَمٍ وَلَا وَجَعٍ فَقَالَ لَهُ: أَخْرِجِ الْغِلَّ وَالْحَسَدَ. فَأَخْرَجَ شَيئًا كَهَيئَةِ الْعَلَقَةِ ثُمَّ نَبَذَهَا فَطَرَحَهَا فَقَالَ لَهُ: أَدْخِلِ الْرَأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ. فَإِذَا مَثَلُ الَّذِي أَخْرَجَ شَبِيهُ الْفِضَّةِ ثُمَّ هَزَّ إبهام رجلي اليمنى فقال: اغد به وَاسْلَمْ فَرَجَعْتُ أَغْدُو
بها رقة على الصغير ورحمة للكبير". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وُمُعَاذُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُوهُ مُحَمَّدٌ وَجَدُّهُ مُعَاذٌ ذَكَرَهُمُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.
وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَوَّلَ الْحَدِيثِ فِي شَهَادَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِأَنَّهُ كَانَ جَرِيئًا عَلَى أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ وَجَعَلَ الرَّاوِي لَهُ عَنْ أُبَيِّ بن كعب ابنه معاذ وَالّذِي فِي الْمُسْنَدِ أَنَّ الرَّاوِي لَهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أُبَيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
6319 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: وَثَنَا يَحْيَى بْنُ حجر بن النعمان السامي ثنا محمد ابن يَعْلَى الْكُوفِيُّ ثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ عَنْ ثَورِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوسٍ- رضي الله عنه قَالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عامر وهو سيد قومه وكبيرهم (مدرههم) يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ قَالَ وَنَسَبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (إلى جده فقال: يأبن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إنىِ نُبِّئْتُ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ أَرْسَلَكَ بِمَا أَرْسَلَ به إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيرَهُمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَلَا وإنك (نبوت) بِعَظِيمٍ إِنَّمَا كَانَ الْأَنبِيَاءُ وَالْمُلُوكُ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: بَيْتِ نُبُوَّةٍ وَبَيْتِ مُلْكٍ فلا أَنْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْعَرَبِ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْحِجَارَةَ وَالْأَوثَانَ فَمَا لَكَ وَالنُّبُوَّةُ؟! وَلَكِنْ لِكُلِّ أَمْرٍ حَقِيقَةٌ فائتني بِحَقِيقَةِ قَولِكَ وَبَدَءِ شَأْنِكَ. قَالَ: فَأَعْجَبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (مَسْأَلَتُهُ ثُمَّ قَالَ: يأخا بَنِي عَامِرٍ إِنَّ لِلْحَدِيثِ الَّذِي تَسْأَلُ عَنْهُ نَبَأً وَمَجْلِسًا فَاجْلِسْ. فَثَنَى رِجْلَهُ وَبَرَكَ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (: يأخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدء شَأْنِي دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى أَخِي عِيسَى ابن مَرْيَمَ وَإِنِّي كُنْتُ بِكرًا لِأُمِّي وَإِنَّهَا حَمَلَتْنِي كَأَثْقَلِ مَا تَحْمِلُ النِّسَاءُ حَتَّى جَعَلَتْ تَشْتَكِي إِلَى صَوَاحِبِهَا ثِقَلَ مَا تَجِدُ وَإِنَّ أُمِّي رَأَتْ فِي الْمَنَامِ أَنَّ الَّذِي فِي بَطْنِهَا نُورٌ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أُتْبِعُ بَصَرِيَّ
النُّورَ فَجَعَلَ النُّورُ يَسْبِقُ بَصَرِي حَتَّى أَضَاءَ لِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ثُمَّ إِنَّهَا وَلَدَتْنِي فَلَمَّا نَشَأْتُ بُغِّضَتْ إِلَيَّ الْأَوثَانُ وَبُغِّضَ إلّيَ الشعر و (استرضع لي) في بني جشم بن بني بكر فبينم أَنَا ذَاتَ يَومٍ فِي بَطْنِ وَادٍ مَعَ أتراب لي من الصبيان إذ أَنَا بِرَهْطٍ ثَلَاثٍ مَعَهُمْ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ ملآن نور وثلج فأخذوني من بين أصحابي وانطلق أصحابي هرابًا حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي أَقْبَلُوا عَلَى الرَّهْطِ فَقَالُوا: مَا لَكَمْ وَلِهَذَا الْغَلَامِ؟ إِنَّهُ غُلَامٌ لَيسَ مِنَّا وَهُوَ مِنْ بَنِي سيد قريش وهو مسترضع فينا من غُلَامٌ يَتِيمٌ لَيسَ لَهُ أَبٌ فَمَاذَا يَرُدُّ عَلَيكُمْ قَتْلُهُ؟! وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ لَابُدَّ فَاعِلِينَ فاختاروا منا أينا شئتم فليأتكم فَاقْتُلُونَا مَكَانَهُ وَدَعُوا هَذَا الْغُلَامَ فَلَمْ يُجِيبُوهُمْ فلما رأو الصبيان أن القوم لا يجيبونهم انطلقوا هرابًا مسرعين إلى الحي يؤذنوهم لهم) ويستصرخونهم عَلَى الْقَومِ فَعَمِدَ إليَّ أَحَدُهُمْ فَأَضْجَعَنْي إِلَى الْأَرْضِ إضْجَاعًا لَطيفًا ثُمَّ شَقَّ مَا بَيْنَ صدري إلى منتهى عانتي وأن أنظر فلم أَجِدْ لِذَلِكَ مَسًا ثُمَّ أَخْرَجَ أَحشَاءَ بَطْنِي فغسله بذلك الثلج فأنعم غَسلَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا فِي مَكَانِهَا ثُمَّ قَامَ الثَّانِي فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: تَنَحَّ. ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ في جوفي فأخرج قلبي وأن أَنظُرُ فَصَدَعَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ رَمَى بِهَا ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ يَمِنَةُ مِنْهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا ثُمَّ إِذَا بِالْخَاتَمِ فِي يَدِهِ من نور- نُورِ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ- تُخطف أَبْصَارُ النَّاظِرِينَ دُوْنَهُ فَخَتَمَ قَلبِي فَامْتَلَأَ نُورًا وَحِكْمَةً ثُمَّ أَعَادَهُ مَكَانَهُ فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الْخَاتَمِ فِي قَلْبِي دهرًا ثم قام الثالث فتنحى صاحبه فأصر يَدَهُ بَينَ ثَدْيَيَّ وَمُنْتَهَى عَانَتِي فَالْتَأَمَ ذَلِكَ الشَّقُ بِإِذْنِ اللَّهِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فِأَنْهَضَنِي مِنْ مَكَانِي إِنْهَاضًا لَطِيفًا ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ الَّذِي شَقَّ بَطْنِي: زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ. فَوَزَنُونِي فرجحتهم. ثمّ قَالَ: زنوه بمائة من أمته. فوزنوني فرجحتهم. ثم قالت: زنوه بألف من أمته. فوزنوني فرجحتهم. قال: دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ جَمِيعًا لَرَجَحَ بِهِمْ. ثُمَّ قَامُوا إِلَيَّ فَضَمُّونِي إِلَى صُدُورِهِمْ وَقَبَّلُوا رَأْسِي وَمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ ثُمَّ قَالُوا: يَا حَبِيبُ لَمْ تُرَعْ إِنَّكَ لَوْ تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ. قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ الْحَيُّ بِحَذَافِيرِهِمْ وَإِذَا ظِئْرِي أَمَامَ الْحَيِّ تَهْتِفُ بِأَعْلَى صَوتِهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا ضَعِيفَاهُ. قَالَ: فَأَكَبُّوا عَلَيَّ يقبلوني ويقولون: يا حبذ أَنْتَ مِنْ ضَعِيفٍ. ثُمَّ قَالَتْ: يَا وَحِيدَاهُ. قَالَ: (فَأَكَبُّوا عَلَيَّ وَضَمُّونِي إِلَى صُدُوُرِهِمْ وَقَالُوا:) يا حبذ أَنْتَ مِنْ وَحِيدٍ مَا أَنْتَ بِوَحِيدٍ إِنَّ الله معك وملائكته والمؤمنون مِنْ أَهلِ الْأَرْضِ. ثُمَّ قَالَتْ: يَا يَتِيمَاهُ!
اسْتُضْعِفْتَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِكَ فَقُتِلْتَ لِضَعْفِكَ. فَأَكَبُّوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وقالوا: يا حبذ أنت من يتيم مأكرمك عَلَى اللَّهِ لَوْ تَعْلَمُ مَاذَا يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ. قَالَ: فَوَصَلُوا إِلَى شَفِيرِ الْوَادِي فَلَمَّا بَصُرَتْ بِي ظِئْرِي قَالَتْ: يَا بُنَيَّ ألأراك حَيًّا بَعْدُ. فَجَاءَتْ حَتَّى أَكَبَّتْ عَلَيَّ فَضَمَّتْنِي إلى صدرها فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَفِي حِجْرِهَا قَدْ ضَمَّتْنِي إِلَيْهَا وَإِنَّ يَدِي لَفِي يَدِ بَعْضِهِمْ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ يُبْصِرُونَهُمْ فَإِذَا هُمْ لَا يُبْصِرُونَهُمْ فَجَاءَ بَعْضُ الْحَيِّ فَقَالَ: هَذَا الْغُلَامُ أَصَابَهُ لَمَمٌ أَوْ طَائِفٌ مِنَ الْجِنِّ فَانْطَلِقُوا بِهِ إِلَى الْكَاهِنِ يَنْظُرُ إِلَيهِ وَيُدَاوِيهِ. فَقُلْتُ (لَهُ) : يا هَذَا لَيْسَ بِي شَيْءٌ مِمَّا تَذْكُرُونَ أَرَى نفسي سليمة وفؤادي صَحِيحًا وَلَيسَ بِي قُلْبَةٌ. فَقَالَ أَبِي- وَهُوَ زوج ظئري-: ألا ترون ابني كلامه صحيح؟ إني لأرجو ألا يَكُونَ بِابْنِي بَأْسٌ. فَاتَّفَقَ الْقَوْمُ عَلَى أَنْ يَذْهَبُوا بِي إِلَى الْكَاهِنِ فَاحْتَمَلُونِي حَتَّى ذَهَبُوا بِي إِلَيْهِ فَقَصُّوا عَلَيْهِ قِصَّتِي. فَقَالَ: اسْكُتُوا حَتَّى أَسْمَعَ مِنَ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَمْرِهِ. فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِي مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتِي ضَمَّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَنَادَى بأعلى صوت: يَا لَلْعَرَبَ اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَاقْتُلُونِي مَعَهُ فقواللات وَالْعُزَّى لَئِنْ
تَرَكْتُمُوهُ لَيُبَدِّلَنَّ دِينَكُمْ وَلَيُسَفِّهَنَّ أَحْلَامَكُمْ وأحلام آبائكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا مثله. قال: فَانْتَزَعَنْي ظِئْرِي مِنْ يَدِهِ قَالَ: لَأَنْتَ أَعْتَهُ مِنْهُ وَأَجَنُّ وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يكون من قولك مأتيتك بِهِ. ثُمَّ احْتَمَلُونِي وَرَدُّونِي إِلَى أَهْلِي فَأَصْبَحْتُ معزى مما فعل بي وأصبح أثر الشق بَيْنَ صَدْرِي إِلَى مُنْتَهَى عَانَتِي كَأَنَّهُ شِرَاكٌ فذلك حقيقة قولي وبدء شَأْنِي. فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلالله وَأَنَّ أَمْرُكَ حَقٌّ فَأَنْبِئْنِي بِأَشْيَاءَ أَسْأَلُكَ عَنْهَا. قَالَ: سَلْ عَنْكَ- وَكَانَ يَقوُلُ لِلْسَائِلِينَ قَبَلَ ذَلِكَ: سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ فَقَالَ يَوْمَئِذٍ لِلْعَامِرِيِّ: سَلْ عَنْكَ " فَإِنَّهَا لُغَةُ بَنِي عَامِرٍ فكلمه بما يَعْرِفُ- فَقَالَ العَامِرِيُّ: أَخْبِرْنِي يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَاذَا يَزِيدُ فِي الشَّرِ؟ قَالَ: التَّمَادِي. قَالَ فَهَلْ يَنْفَعُ الْبِرُّ بَعْدَ الْفُجُورِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (: نِعْمَ التَّوبَةُ تَغْسِلُ الْحَوْبَةَ وَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ وَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ رَبَّهُ فِي الرَّخَاءِ أَعَانَهْ عِنْدَ البلاء. قال العامري: وكيف ذلك ياابن عبدلمطلب؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (: ذَلِكَ بِأَنَ اللَّهَ يَقُولُ: لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَيْنِ وَلَا أَجْمَعُ لَهُ خَوُفَينِ إِنْ هُوَ أَمِنَنِي في الدنيا خافني يَومَ أَجْمَعُ عِبَادِي فِي حَظِيرَةِ الْقُدُسِ فَيَدُومُ لَهُ أَمْنُهُ وَلَا أَمْحَقُهُ فِيمَنَ أَمْحَقُ فَقَالَ العامري: ياابن عبد المطلب إلامَ تدعو؟ قال: أدعو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ