الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كذلك، فعلى هذا هو من أقسام المدرج (1).
ثالثًا: وجوه معرفة المدرج
يمكن معرفة المدرج من خلال ما يلي (2):
1 -
أن يستحيل إضافة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومثاله: ما أخرجه البخاري عن بِشْر بن مُحَمَّد، قال: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بن المبارك، أَخْبَرَنَا يُونُس بن يزيد، عن الزُّهْرِيّ، قال، سَمِعْتُ سَعِيدَ بن المُسَيِّبِ، يَقُول: قَال أبو هُرَيْرَة رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِلْعَبْدِ المَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ» (3).
فهذا الفصل الذي في آخر الحديث لا يجوز أن يكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم إذ يمتنع عليه صلى الله عليه وسلم أن يتمنى أن يصير مملوكا، وأيضا فلم يكن له أمّ يبرها، بل هذا من قول أبي هريرة رضي الله عنه أدرج في المتن (4).
وقد رواه مسلم (5) من طريق ابن وهب عن يونس، فساق الحديث إلى قوله "أجران" فقال فيه:"والذي نفس أبي هريرة بيده .. " إلى آخره.
2 -
أن يصرح الصحابي بأنه لم يسمع تلك الجملة من النبي صلى الله عليه وسلم.
ومثاله ما أخرجه ابن الأعرابي، قال: نا أَحْمَد بن عَبْد الْجَبَّارِ، نا أَبُو بَكْرِ بن عَيَّاشٍ، عن عَاصِم، عن زِرٍّ عن عَبْد اللَّه بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: سمعت النبي رضي الله عنه يقول: "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ النَّارَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ"(6).
(1) انظر توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار للصنعاني] دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1417 هـ[، 2/ 67.
(2)
انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر، 2/ 812.
(3)
البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب العتق، باب العبد إذا أحسن عبادة ربّه ونصح سيده، رقم (2548)، 3/ 149.
(4)
ابن حجر، النكت على كتاب ابن الصلاح، 2/ 811.
(5)
مسلم، المسند الصحيح المختصر: كتاب الإيمان، باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله، رقم (1665)، 3/ 1284.
(6)
ابن الأعرابي، معجم ابن الأعرابي، تحقيق: عبد المحسن بن إبراهيم بن أحمد الحسيني] دار ابن الجوزي، الرياض، ط 1، 1418 هـ[، رقم (840)، 2/ 231.
"هكذا رواه أحمد بن عبد الجبار العطاردي (1)، عن أبي بكر بن عياش بإسناده ووهم فيه"(2)، والحديث أخرجه البخاري من غير هذا الوجه عن ابن مسعود رضي الله عنه، وروايته تفصل قول ابن مسعود رضي الله عنه عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال البخاري: حَدَّثَنَا عُمَر بن حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ» وَقُلْتُ أَنَا: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ» (3).
3 -
أن يصرح بعض الرواة بفصل الجملة المدرجة فيه عن المتن المرفوع فيه، بأن يضيف الكلام إلى قائله.
ومثاله ما أخرجه الإمام أحمد عن يَحْيَى بن آدَمَ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن الْحُرّ، قال: حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بن مُخَيْمِرَةَ، قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ، بِيَدِي وَحَدَّثَنِي، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَخَذَ بِيَدِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ، فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ:" قُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ - قَالَ زُهَيْرٌ: حَفِظْتُ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللهُ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "، قَالَ: فَإِذَا قَضَيْتَ هَذَا، أَوْ قَالَ: فَإِذَا فَعَلْتَ هَذَا، فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَكَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ (4).
قال ابن الصلاح: "هكذا رواه أبو خيثمة عن الحسن بن الحرّ، فأدرج في الحديث قوله: فإذا قلت هذا إلى آخره، وإنما هذا من كلام ابن مسعود، لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان رواه عن رواية الحسن
(1) هو: أحمد بن عبد الجبار بن محمد العطاردي أبو عمر الكوفي، ضعيف وسماعه للسيرة صحيح (انظر: تقريب التهذيب لابن حجر، ص 81).
(2)
ابن حجر، النكت على كتاب ابن الصلاح، 2/ 813.
(3)
البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب الجنائز، باب ما جاء في الجنائز، ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، رقم (1238)، 2/ 71.
(4)
الإمام أحمد، المسند: مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، رقم (4006)، 7/ 108.