الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلاغات الزُّهْرِيّ وليس موصولًا" (1)، وتبع ابن حجر في نسبة البلاغ إلى الزُّهْرِيّ السيوطي (2) والقَسْطَلَّاني (3).
وقيل مَعْمَر بن راشد، قاله بدر الدين العيني، حيث قال:"وهذا من بلاغات مَعمَر ولم يسنده، ولا ذكر راويه ولا أنه صلى الله عليه وسلم قاله"(4)، وتبع العيني ابن الملقن (5).
وأُرى أن نسبة هذه الزيادة للزُّهْرِيّ أقوى من نسبتها لمَعْمَر؛ وذلك لأن هذه الزيادة وردت من طريقين أخريين غير طريق مَعْمَر عن الزُّهْرِيّ، فقد وردت من رواية عُقَيْل بن خالد الأيلي ويونس بن يزيد الأيلي كلاهما (عُقيل ويونس) عن الزُّهْرِيّ، كما سأبينه في تخريج الخبر.
طرق يتصل بها البلاغ المذكور:
يتصل هذا البلاغ، ولكن من طرق واهية غاية في الضعف.
أخرج نحوه ابن سعد بسنده عن ابن عباس، قال (6): أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِحِرَاءٍ مَكَثَ أَيَّامًا لا يَرَى جِبْرِيلَ. فَحَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا حَتَّى كَانَ يَغْدُو إِلَى ثَبِيرٍ مَرَّةً وَإِلَى حِرَاءٍ مَرَّةً يُرِيدُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ. فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ عَامِدًا لِبَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ إِلَى أَنْ سَمِعَ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ. فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَعِقًا لِلصَّوْتِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ مُتَرَبِّعًا عَلَيْهِ يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنَا جِبْرِيلُ. قَالَ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ وَرَبَطَ جَأْشَهُ. ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ بَعْدُ وَحَمِيَ.
(1) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، 12/ 359.
(2)
انظر: التوشيح شرح الجامع الصحيح للسيوطي] مكتبة الرشد، الرياض، ط 1، 1419 هـ[، 3/ 162.
(3)
انظر: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقَسْطَلَّاني، 7/ 427.
(4)
بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 1/ 55.
(5)
انظر: التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن، 2/ 299.
(6)
ابن سعد، الطبقات الكبرى، 1/ 154.
وهذا الإسناد ضعيف؛ فيه: مُحَمَّد بن عُمَر، وهو: مُحَمَّد بن عُمَر بن واقد الواقدي الأَسلميّ، أَبُو عَبد اللَّهِ الْمَدَنِيّ، مولى عَبد اللَّهِ بن بريدة الأَسلميّ (ت: 207 هـ)، متروك (1).
وكذا شيخه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَبِي مُوسَى، لم أجده، ولكني أظن أن جده أبي موسى محرّف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو: إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بن أَبي يحيى - واسمه سمعان - الأَسلميّ، مولاهم، أبو إسحاق المدني، وقيل: إِبْرَاهِيم بن محمد بن أَبي عطاء (ت: 184 - 191 هـ)، متروك (2).
وأخرج الطبري في تفسيره، قال (3): حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٌ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ، يَقُولُ عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَوَّلُ مَا أَبْتَدِئُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ؛ كَانَتْ تَجِيءُ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَكَانَ بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ اللَّيَالِي ذَوَاتِ الْعَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ فَيَتَزَوَّدَ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجَأَهُ الْحَقُّ، فَأَتَاهُ؛ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ:" فَجَثَوْتُ لِرُكْبَتَيَّ وَأَنَا قَائِمٌ، ثُمَّ رَجَعْتُ تَرْجُفُ بَوَادِرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، حَتَّى ذَهَبَ عَنِّي الرَّوْعُ، ثُمَّ أَتَانِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنَا جِبْرِيلُ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَطْرَحَ نَفْسِي مِنْ حَالِقٍ مِنْ جَبَلٍ، فَتَمَثَّلَ إِلَيَّ حِينَ هَمَمْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنَا جِبْرِيلُ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَقْرَأُ؟ قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ..... الحديث".
وإسناده أيضًا ضعيف؛ فيه النُّعمان بن راشد، وهو: النُّعمان بن راشد الجَزَريُّ، أبو إسحاق الرَّقيُّ، مولى بني أُميَّة، ذكره ابن حِبّان في الثِّقات (4)، وقال ابن حجر: صدوق
(1) انظر: تهذيب الكمال للمزي، 26/ 180 - 193، وتقريب التهذيب لابن حجر، ص 498.
(2)
انظر: تهذيب الكمال للمزي، 2/ 184، وتقريب التهذيب لابن حجر، ص 93.
(3)
ابن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بـ (تفسير الطبري)، تحقيق: أحمد محمد شاكر] مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1420 هـ[، 24/ 519.
(4)
ابن حِبَّان، الثِّقات] دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، ط 1، 1393 هـ[، 7/ 532.