الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن الحرّ كذلك، واتفق حسين الْجُعْفِيّ وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحرّ على ترك ذكر هذا الكلام في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره، عن ابن مسعود على ذلك، ورواه شَبَابَة عن أبي خَيْثَمَة ففصله أيضًا" (1).
رابعًا: أسباب الإدراج
أسباب الإدراج ودواعيه الحاملة عليه كثيرة، منها (2):
1 -
استنباط الراوي حكمًا من الحديث قبل أن يتم فيدرجه.
ومثاله ما رواه الدَّارَقُطْنِيّ (3) من رِوَايَة عَبْد الْحَمِيدِ بن جَعْفَرٍ، عن هِشَامٍ، عن عُرْوَةَ، عن أَبِيهِ، عن بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أَوْ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ رُفْغَيْهِ فَلْيَتَوَضَّأْ»
قال الدَّارَقُطْنِيّ عقبه: كذا رواهُ عبد الْحَمِيد بن جَعْفَر، عن هِشَام، وَوَهِمَ في ذكر الْأُنْثَيَيْنِ وَالرَّفْغِ وَإِدْرَاجِهِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَالْمَحْفُوظ أَنّ ذلك من قول عُرْوَة، غير مرفوع، وكذا رواهُ الثِّقَات، عن هِشَام: منهم أَيُّوب، وَحَمَّاد بن زَيْد، وَغيرهما، ثُمّ رواهُ من طريق أَيُّوب بلفظ:«مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَلْيَتَوَضَّأْ» ، قَالَ: وَكَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ: إِذَا مَسَّ رُفْغَيْهِ أَوْ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ (4).
فعُرْوَة لمّا فهم من لفظ الخبر أنّ سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة، جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك، فقال ذلك، فظن بعض الرواة، أنّه من صلب الخبر، فنقله مدرجًا فيه، وفهم الآخرون حقيقة الحال ففصلوا (5).
(1) ابن الصلاح، أنواع علوم الحديث (المعروف بمقدمة ابن الصلاح)، ص 96.
(2)
انظر: تدريب الراوي في شرح تقريب النووي للسيوطي، 1/ 318، وانظر: النكت الوفية بما في شرح الألفية للبقاعي، 1/ 536.
(3)
الدَّارَقُطْنِيّ، سنن الدَّارَقُطْنِيّ، تحقيق: شعيب الأرناؤوط] مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 1، 1424 هـ[، كتاب الطهارة، باب ما روي في لمس القبل والدبر والذكر والحكم في ذلك، رقم (536)، 1/ 269.
(4)
المصدر نفسه، 1/ 270.
(5)
السيوطي، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، 1/ 318.
2 -
تفسير بعض الألفاظ الغريبة في الحديث النبوي.
ومثاله حديث عائشة في بَدْء الوحي: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَنَّثُ فِي غَارِ حِرَاءَ - وهو التَّعَبُّد - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ» (1)، فقوله: وهو التَّعَبُّد، مُدْرَج من قول الزُّهْرِيّ (2).
3 -
وقد يكون الإدراج نتيجة لوَهْم (3) الراوي وخطئه.
ومثاله ما أخرجه البيهقي (4) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: ثنا قُرَّة بن خالد، ثنا مُحَمَّد بن سِيرِين، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "طَهُورُ الْإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، الْأُولَى بِالتُّرَابِ، وَالْهِرَّةُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ" قُرَّة يَشُكّ.
قال البيهقي (5): "وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة إلا أنه أخطأ (6) في إدراج قول أبي هريرة في الهرّة في الحديث المرفوع في الكلب، وقد رواه علي بن نصر الجَهْضَمِيّ، عن قرة فبينه بيانًا شافيًا"، وقال أيضًا في معرفة السنن والآثار (7):"وأما حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: «إذا ولغ الهرّ غسل مرة» فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ولوغ الكلب ووهموا فيه، الصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع، وفي ولوغ الهر موقوف، ميزه علي بن نصر الجَهْضَمِيّ، عن قرة بن خالد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات".
(1) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب التّعبير، باب أوَّل مَا بُدِئَ به رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرُّؤيا الصَّالِحَة، رقم (6982)، 9/ 29.
(2)
السيوطي، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، 1/ 318.
(3)
الوَهْم بسكون الهاء: وهم القَلْب، والجمع: أوهامٌ .. وتوهّمت في كذا، وأَوْهَمْتَه، أي: أغفلته، ووَهِم يَوْهَمُ وهمًا، أي: غلط، ووهمت، إذا ذهب قلبك إلى شيء وأنت تريد غيره، ومعنى هذا أنك تريد الصواب فتسلك مسلكًا غيره وأنت لم تقصده (انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس، 1/ 301).
(4)
البيهقي، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا] دار الكتب العلمية، بيروت، ط 3، 1424 هـ[، كتاب الطهارة، باب سُؤْر الهِرَّة، رقم (1168)، 1/ 939.
(5)
المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
(6)
استخدم بعض المحدّثين الوهم بمعنى الخطأ والعكس، فعبروا عن الوهم بلفظ الخطأ، وعبروا عن الخطأ بلفظ الوهم، يتبين ذلك من المثال السابق.
(7)
البيهقي، معرفة السنن والآثار، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي] جامعة الدراسات الإسلامية، باكستان، ط 1، 1412 هـ[، 2/ 69.