الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمسانيد، وزدت على ما ذكره الخطيب أكثر من القدر الذي ذكره" (1)، وقال: "واسمه تقريب المنهج بترتيب المدرج أعان الله على تكميله وتبيضه إنه على كل شيء قدير" (2).
وقد أشار إلى كتاب ابن حجر هذا الإمام السَّخاوي في شرحه لألفية العراقي، فقال:"وقد صنف الخطيب في هذا النوع كتابا سماه (الفصل للوصل المدرج في النقل) ولخصه شيخنا مع ترتيبه له على الأبواب، وزيادة لعللٍ وعزوٍ، وسماه (تقريب المنهج بترتيب المدرج) "(3)، ولم أجد هذا الكتاب بين المطبوع من كتب علوم الحديث.
ثم جاء الحافظ جلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ) فلخص كتاب الحافظ ابن حجر، يقول في مقدمة كتابه:" هذا جزء لطيف سميته المَدرج بفتح الميم - إلى المُدرج - بضم الميم -، لخصته من تقريب المنهج بترتيب المدرج لشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر، إلَّا أنِّي اقتصرت فيه على مدرج الْمَتْن دون مدرج الإسناد؛ لِأَن العنايَة بتمييز كلام الرواة من كلام النُّبُوَّة أهم، وعوضته من مدرج الإسناد زوائِد مهمة من مدرجات المُتُون خلى عنها كتابه وهي مسطورة في كتب النقاد والله الْمُوفق"(4).
سابعًا: الفرق بين المدرج وزيادة الثقة
لكي يتضح الفرق بين المدرج وزيادة الثقة فلا بّد من بيان معناهما.
تعريف زيادة الثقة:
عرفها الحاكم النيسابوري بقوله: "معرفة زيادات ألفاظ فقهية في أحاديث، ينفرد بالزيادة راوٍ واحد"(5).
ويؤخذ على هذا التعريف ما يلي:
1 -
قصر الزيادة على الزيادة على المتن، وزيادة الثقة قد تكون في السند وقد
(1) ابن حجر، النكت على كتاب ابن الصلاح، 2/ 811.
(2)
المصدر نفسه، 2/ 829.
(3)
السخاوي، فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي، 1/ 308.
(4)
السيوطي، المدرج إلى المدرج] الدار السلفية، الكويت، د. ط.، د. ت. [، ص 17.
(5)
انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم] دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1397 هـ[، ص 130.
تكون في المتن.
2 -
قصر الزيادة على الألفاظ الفقهية، والأولى أن تكون مطلقة.
وعرفها ابن رجب ببيان صورتها فقال: "وصورتها أن يروي جماعة حديثاً واحداً بإسناد واحد، ومتن واحد فيزيد بعض الرواة فيه زيادة، لم يذكرها بقية الرواة"(1).
وعرفها ابن كثير بقوله: "بأنها ما تفرّد به الراوي بزيادة في الحديث عن بقية الرواة، عن شيخ لهم"(2).
ولعل أقرب التعريفات إلى الدقة تعريف ابن كثير؛ حيث جعل الزيادة مطلقة في الألفاظ الفقهية وفي غيرها، كما أنه شمل الزيادة في السند والزيادة في المتن معًا.
ولقد سبق أن عرفت المدرج بأنه: "ما أُدخلت فيه زيادة ليست منه، على وجه يُوهم أنها منه".
ومن تعريف زيادة الثقة وتعريف المدرج يمكن تحديد الفرق بينهما:
أولًا: الفرق بينهما في المتن، ويتبين فيما يلي:
1 -
أن زيادة الثقة هي جزء من الحديث روي من بعض الطرق ولم يرو من بعضها الآخر، ولم يثبت دليل على أنها مزيدة من غير قول النبي صلى الله عليه وسلم، بينما المدرج زيادة ثبت بالأدلة أنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فـ"الأصل ما كان في الخبر فهو منه حتى يقوم دليل على خلافه"(3).
2 -
ومن جهة الحكم والعمل فيختلف المدرج عن زيادة الثقة في أن: زيادة الثقة متى ثبتت وصحت صارت حجة ولزم العمل بها (4). أما المدرج ففيه بعض
(1) ابن رجب، شرح علل الترمذي، تحقيق: د. همام عبد الرحيم سعيد] مكتبة المنار، الأردن، ط 1، 1407 هـ[، 2/ 635.
(2)
ابن كثير، الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث، ص 61.
(3)
ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري] دار المعرفة، بيروت، د.، ط.، 1379 هـ[، 2/ 83.
(4)
انظر: الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح الأبناسي] مكتبه الرشد، مصر، ط 1، 1418 هـ[، 1/ 194.
التفصيل: فإن ثبت أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وصح من طريق آخر فهو حجة صحيح من حيث الحكم، ولكنه غير صحيح من حيث الرواية المدرجة، وإن كان المدرج من قول الصحابي فهو موقوف، وإن كان من قول التابعي فهو مقطوع.
ثانيًا: الفرق بينهما في السند، ويتبين فيما يلي:
1 -
في زيادة الثقة يكون الإسناد واحد والمتن واحد، فيزيد عليه الثقة، بينما المدرج غير ذلك، فربما أدرج الراوي في الحديث كلامًا للنبي صلى الله عليه وسلم ثبت بإسناد آخر، ويكون المتن مختلفًا أيضًا.
2 -
وفرق آخر هو أن زيادة الثقة مقيدة بما يزيده راوي ثقة، أما ما يزيده الضعيف فهو زيادة ضعيف، بينما المدرج فيشمل ما يدرجه الثقة وما يدرجه الضعيف.