المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السادس

- ‌الفصل الأولالاستشراق والهيئات العلمية والتنصير

- ‌الاستشراق ومراحله

- ‌حلقات اللغة العربية

- ‌ مدرسة الآداب

- ‌أعمال المستشرقين

- ‌حياة بعض المستشرقين والمستعربين

- ‌اللجان العلمية

- ‌لجنة الاكتشاف العلمي للجزائر:

- ‌لجنة الاحتفال المئوي بالاحتلال:

- ‌الجمعيات المتخصصة

- ‌المعاهد الجامعية

- ‌البعثات العلمية ومشاركة المثقفين الجزائريين فيها

- ‌الكنيسة والتنصير

- ‌نشأة الأسقفية

- ‌الأسقف بافي:

- ‌ لافيجري

- ‌شارل دي فوكو:

- ‌النشاط التنصيري منذ 1930:

- ‌الفصل الثانيالترجمة وظهور النخبة الاندماجية

- ‌مترجمو الحملة وغداتها

- ‌تنظيم فرقة المترجمين

- ‌المترجمون الجزائريون

- ‌تعاون الجزائريين والفرنسيين في مجال الترجمة

- ‌الترجمة إلى العربية

- ‌الاتجاه الاندماجي - الاستغرابي

- ‌الزيارات المنظمة لباريس وفكرة المعهد العربي

- ‌أسر الأطفال وحملهم إلى فرنسا

- ‌دعاة التعلم باللغة الفرنسية الأوائل

- ‌نماذج من المثقفين والاندماجيين

- ‌الفصل الثالثمذاهب وتيارات

- ‌(نعمة) الاحتلال

- ‌رأي باصيه، ود. وارنييه، وطوكفيل

- ‌رأي لافيجري ولويس فينيون وآخرين

- ‌(فرق تسد)

- ‌معاداة العرب

- ‌ومعاداة البربر

- ‌التآمر على زواوة

- ‌الدعوة إلى تعلم الفرنسية ..وإلى التعلم عموما

- ‌وضع المرأة

- ‌الهجرة أو البقاء

- ‌الاندماج، التجنس، النخبة

- ‌الجزائر في الكتابات الفرنسية

- ‌اليهودية والصهيونية

- ‌الماسونية

- ‌الإسلام ووحدة الأديان

- ‌المثالية والاشتراكية

- ‌ إسماعيل عربان

الفصل: ‌ إسماعيل عربان

سانسيمونيا، وكذلك البارون جيروم دفيد الذي عاش تسع سنوات في الجزائر ضابطا في المكاتب العربية. ومن آثاره (بحوث حول الملكية عند العرب)، وكان البارون دفيد ضد عملية تحشيد أو حشر (الكانتونمان) القبائل العربية، وكان يقول مثل عربان: إن (الجزائر للجزائريين)(1). إضافة إلى‌

‌ إسماعيل عربان

(توماس أوربان) الذي اقترب من نابليون منذ زيارته الأولى للجزائر 1860. وقد أعجب الامبراطور بأفكاره المنشورة في الكتب والصحف. والغريب أن السانسيمونيين قد ساندوا مرسوم الأرض لسنة 1863 الذي اعترف بالملكية القبلية (الجماعية) للجزائريين، وفي نفس الوقت كان يهدف إلى إنشاء الملكية الفردية وانتزاع الأرض في النهاية من أهلها عن طريق حرية الشراء وإعطائها للكولون. فالسانسيمونيون إذن كانوا من هذه الناحية هم المحرضين على الاستعمار وكانوا هم الأدوات لتنفيذه. وقد نسب إليهم مارسيل إيمريت في كتاب عن السانسيمونية، المشاريع الاقتصادية الكبرى، واكتشاف الصحراء، وركز على دور إسماعيل عربان ولاباسيه، وكان الأخير متأثرا بأفكار فورييه (2). وتمثل حياة إسماعيل عربان نموذجا لهذا التذبذب الخطير في نظرية هذه المدرسة التشاركية - المثالية (الاستعمارية؟).

إسماعيل عربان:

من الشخصيات التي تركت بصماتها على تاريخ الاستعمار في الجزائر، إسماعيل عربان (توماس أوربان). وهو فرنسي من مواليد كايان، أبوه فرنسي من تجار مرسيليا، وأمه من كايان، وكانت هي أيضا مهجنة من والدين مختلطين. وكان ميلاده غير الشرعي قد ظل ينغص على إسماعيل عربان كل حياته، حسب الدراسة التي خصه بها شارل روبير آجرون. وباعتباره رجلا ملونا، كان عربان

(1) جاكلين بيلي (عندما أصبحت الجزائر ..) ص 75 - 77، 118 - 120. وتعبير (الجزائر للجزائريين) استعمله عربان عنوانا لأحد كتبه الذي نشره تحت اسم مستعار، وهو جورج فوازان.

(2)

ايكزافييه ياكانو (الجزائر منذ 1830) في العدد الخاص من المجلة الإفريقية، 1956، ص 178.

ص: 441

دخيلا على المجتمع الفرنسي المؤمن ببياض البشرة والتفوق العرقي والحضاري. أما عدم الشرعية في الميلاد فلعلها لم تكن على درجة كبيرة من الأهمية في ذلك المجتمع الذي هزته الثورة وقضت فيه على مقاييس النبل والأصالة. وقد درس إسماعيل في أحد ليسيات فرنسا، ولم يرجع إلى كايان إلا مرة واحدة بعد إنهاء الدراسة الثانوية. ومنذ العشرين من عمره اعتنق إسماعيل مبدأ السانسيمونية وتأثر بالحركة الرومانتيكية التي كانت تسيطر على الرأي العام الفرنسي.

وفي سنة 1833 رافق أونفنتان إلى مصر لإقامة التجارب التشاركية التي يؤمن بها السانسيمونيون في المجتمعات المتخلفة. وقد تعرف على بعض الأصدقاء في مصر التي كان النفوذ الفرنسي فيها قويا أيام حكم محمد علي. واكتشف الإسلام هناك واعتنقه. وكان يؤمن ربما بأن السانسيمونية ستحقق له الربط بين الغرب والشرق، وأنها ستؤدي إلى التوفيق بين المسيحية والإسلام. ولما فشلت مهمة أونتان في مصر رجع (الجماعة) كل إلى ميدانه، فتوجه أصدقاء عربان إلى الجزائر ليحققوا فيها عن طريق الجيش الفرنسي ما عجزوا عن تحقيقه في مصر، لأن الجيش كان أداة هدم، وهم سيكونون أدوات بناء، في نظر (أبيهم) أونفنتان. أما عربان فقد بقي رجلا بسيطا (محقورا)، ومجرد مترجم عسكري بسيط. وتولى الكتابة لعدد من الجنرالات الذين وعدوه بالترقيات والمناصب العليا، ولكنهم لم يوفوا. وكان صاحب قلم سيال وأفكار واضحة، شارك بها في الصحف والتحقيقات التي أجراها، في الواحات والتيطري وقسنطينة. فكان الجنرالات وغيرهم (دوماس، الدوق دومال، بيدو) يوقعون على ما يكتبه عربان وينسبونه لأنفسهم.

كان إسماعيل عربان ربما هو أقرب الفرنسيين إلى المجتمع الجزائري. فهو بحكم اعتناقه لإسلام ومعرفته اللغة العربية، قد جعل نفسه واحدا من هذا المجتمع يحس بإحساسه ويفهم تقاليده، وهو من جهة أخرى سانسيموني، يؤمن بترقية المجتمع الأهلي وإخراجه من التخلف مع المحافظة على بعض قيمه في وجه الغزو الذي يتعرض له. وفي سنة 1840 تزوج عربان من امرأة عربية من قسنطينة اسمها (جرمونة) وعاش معها فترة طويلة في

ص: 442

الجزائر العاصمة وأنجب منها بنتا سماها (باية). وكان زواجه على يد القاضي المسلم، وعاش حياته مسلم العقيدة عربي المظهر واللسان. وكان محل تقدير الجزائريين، كما كان رؤساؤه الفرنسيون يحترمونه ويحتاجونه، ولكن بعضهم كانوا يسيئون إليه ويحتقرونه لاعتناقه الإسلام ولزواجه من عربية، ولون بشرته وميلاده غير الشرعي. ويبدو أنه ظل على إسلامه إلى أن أراد الزواج من امرأة فرنسية فكان عليه أن يعود إلى المسيحية ويتزوجها، وكان عمره إذاك خمسة وخمسين سنة. وقيل إنه أدخل ابنته في المسيحية أيضا (1).

شارك إسماعيل عربان في مختلف أوجه الحياة بالجزائر وفي فرنسا. وبالإضافة إلى الكتابات والترجمة. فإنه منذ 1841 عينوه مديرا للشؤون الجزائرية في باريس، ثم اشترك سنوات 1842 - 1845 في الحملات القامعة للمقاومة، ثم كلفوه بالشؤون العربية بوزارة الحربية سنة 1845. ورغم ظهوره كليبرالي أثناء ثورة 1848 الفرنسية، فإن بعض رؤسائه عاقه عن الترقي وتحقيق طموحه. وفي سنة 1858 عينوه في وظيف بسيط - رئيس مكتب - بوزارة الجزائر عند إنشائها في باريس لأول مرة، ثم أصبح مستشارا ومقررا في مجلس الدولة سنة 1860 وذلك هو أعلى منصب وصل إليه. وقد رافق الامبراطور في هذه السنة إلى الجزائر كمترجم. وكان هو صاحب الأفكار التي وردت في رسالة نابليون إلى الحاكم العام بيليسييه حول حكم الجزائر والعلاقة مع العرب، ثم رسالة نابليون إلى الحاكم العام ماكماهون بعد ذلك. ومن ثمة كان كل من يكره سياسة نابليون في الجزائر يصب جام غضبه على إسماعيل عربان، لأنهم لا يستطيعون مهاجمة الامبراطور مباشرة. ومن الذين هاجموا عربان بشدة د. وارنييه وكذلك بيليسييه وماكماهون، ولكنه كان لا يهاجم خصومه لأنه كان، كما يقول آخرون، معقدا من ميلاده ولونه، فكان يشعر بالوحدة وخيبة الأمل في طموحاته الشرعية. وقد توقع عربان ثورة

(1) آجرون (الجزائر الجزائرية من نابليون الثالث إلى ديغول)، باريس، 1982، ص 21.

ص: 443

العرب عند تغيير النظام سنة 1870 وخشي أن يتهمه خصومه بالتورط فيها فغادر الجزائر سنة 1871، وكان يمني نفسه بالرجوع إليها، وكان يتابع أخبارها عن طريق أصدقائه، ومنهم فيتال وديشتال، وقد برهنت الثورة المذكورة (ثورة 1871 وثورة 1881) على صدق تنبؤاته، وقد توفي في فرنسا وهو حزين، سنة 1884.

ويقول إيميل ماسكري ان عربان قد توفي في الوقت الذي أخذ فيه الفرنسيون يستيقظون على أخطائهم في الجزائر ويرجعون إلى آرائه في السياسة التي كانت على فرنسا أن تعمل بها تجاه الأهالي. فما هي أهم أفكار إسماعيل عربان؟ لقد حضر عربان وأصدقاؤه (السانسيمونيون) لمرسوم 1863 حول اعتراف الدولة بملكية الأرض الجماعية للقبائل العربية. وقد عارض الكولون ذلك وانضموا إلى المعارضة السياسية العامة للامبراطور نابليون (التي كان يمثلها الليبراليون والجمهوريون)، كما عارض بيليسييه ثم ماكماهون ذلك المرسوم. وأمام ذلك عاود نابليون الزيارة للجزائر (1865) وبقي بها مدة أطول من السابقة (حوالي خمسة أسابيع) واستمع إلى عربان وعلق على صدره وساما، ولما رجع نابليون إلى فرنسا أرسل رسالته الشهيرة بعنوان (سياسة فرنسا في الجزائر) وكانت تتألف من ثمانية وثمانين (88) صفحة. ومن جهة أخرى سعى عربان إلى إطلاع نابليون على أثر المجاعة على الجزائريين لأن الحاكم العام ماكماهون حاول إخفاء ذلك الأثر، وهي المجاعة التي ذهب ضحيتها في بضعة أشهر (إبريل 1867 - إلى نهاية 1868) ثلاثمائة ألف نسمة على الأقل. أما المعارضة فقد حملت مسؤولية المجاعة لسياسة المملكة العربية التي اتبعها نابليون. وأعلنت (لجنة لوهون سنة 1868) التي جاءت لتحقق في أسباب المجاعة أن مسؤوليتها ترجع إلى الشيوعية العربية (أي الملكية الجماعية)، وطالبت بضرورة العمل بالملكية الفردية وتوسيع الاستعمار.

ومن جهة أخرى عارض عربان النظام المدني لأنه في نظره سيجعل من الكولون هم السادة والأهالي هم العبيد. وقد أيده في ذلك الجنرال هانوتو

ص: 444

وغيره من رجال المكاتب العربية. وكان يرى أن الفلاح الحقيقي هو الجزائري الذي يعرف قيمة الأرض وأن الأوروبي عليه أن يهتم بالصناعة ليحدث التوازن الحضاري بين الطرفين. ودعا إلى تعليم عربي - فرنسي يتناسب مع عقلية الجزائريين ويستجيب للحاجة المهنية، كما رأى أن على الأوروبيين أن يتعلموا عن الحضارة العربية. ودخل عربان الكفاح السياسي سنة 1868 بكتابه (الجزائر للجزائريين) الذي وقعه باسم جورج فوازان. وقد حذر فيه من سياسة ما سمي بالاستعمار الصغير، وهي التي تقوم على انتزاع الأرض من الجزائريين وتمليكها للكولون عن طريق حق الدولة في الأرض وتجميع الأهالي في (محتشدات).

ومن رأى عربان أن الدين الإسلامي دين متسامح جدا، وأن المسيحية هي التي جعلته دينا، مناضلا من أجل البقاء. ورأى أن ما كان يسميه بعض الفرنسيين بالتعصب الإسلامي عند العرب ما هو إلا شكل من أشكال الوطنية (1) Patriotisme . ورفض عربان فكرة إدماج الأهالي في الحضارة الفرنسية، بل إنه كان يؤمن بفشل دمج الأعراق في بعضها، وكذلك دمج العادات والمذاهب الدينية. وكان يرى أن ما يمكن أن يأخذه العرب من الفرنسيين هو التنظيم الإداري الملائم للتطور الصناعي والتجاري الذي يفتقرون إليه. بالإضافة إلى تنظيم العدالة والتعليم العمومي، وإقامة بعض المؤسسات الخيرية. وبذلك يكون عربان قد دعا إلي تمهيد التقارب في المصالح المشتركة بين الجزائريين والفرنسيين. وكان قد تعاون مع أونفنتان نفسه في كتابه (استعمار الجزائر) الذي سبق ذكره، كان أونفنتان قد دعا إلى إقامة حكم فرنسي مباشر للقبائل العربية عن طريق العسكريين. وفي 1847 كتب عربان عن حكومة القبائل العربية وعن المسلمين والمسيحيين، ودعا إلى إبقاء السلطة في يد الرؤساء العرب التقليديين ولكن تحت رقابة المكاتب العربية - العسكرية.

(1) آجرون (الجزائر الجزائرية

)، ص 20.

ص: 445

وقال عربان على لسان الجزائري مخاطبا للفرنسيين: (إنكم تريدون مني أن أكون شبيها بكم، وتجعلونني أتنكر لذاتي بتنكري لآبائي. إنني لن أتبعكم في ذلك. لأنني أريد فقط أن أشابهكم كتابع وفي نفس الوقت أريد أن أبقى وفيا لذاتي). لذلك طالب عربان بأن تعمل فرنسا على تمدين الأهالي وذلك بحمايتهم والاحتفاظ لهم بأراضيهم مع تنمية غريزة الملكية الفردية عندهم. ووعد بأن الجزائري سيتطور وأنه سيأتي اليوم الذي يقبل فيه بالأفكار العلمانية والفردية. ومن أقواله في ذلك أنه لا يوجد ما يمنع من التفاهم بين الأهالي والفرنسيين، غير أنه ليس من حق أي شخص ان يقول إن قانوني السياسي وتنظيمي الاجتماعي وتقاليدي تمثل آخر تعبير للتقدم من أجل الإنسانية. ووقف ضد ما سمي (بالجزائر الافريقية) التي كان يحلم بها الكولون إذ كانوا يريدون إجبار الأهالي على ترك أرضهم للمهاجرين الفرنسيين والأوروبيين.

ولكن آراء عربان وكتاباته وجدت معارضة شديدة من الكولون ومن الحكام العامين في ذلك الوقت (1860 - 1870)، وحتى من بعض زملائه السانسيمونيين وغيرهم من الكتاب والساسة. فهذا وارنييه كان يهاجمه بطريقة غير مباشرة وكان يصفه بالمرتد والملون، وبأنه يريد فرض أفكاره الضيقة رغم أنه شخص من الدرجة الثانية، ومن رأي وارنييه أن عدم اللجوء إلى الحشر والحشد للقبائل العربية سيؤدي إلى تكريس البربارية وتقلص الحضارة المسيحية وطرد الفرنسيين من البلاد، ونادى وارنييه بضرورة الاندماج الكلي للمؤسسات الجزائرية في المؤسسات المماثلة لها في فرنسا، كما دعا إلى ضرورة القضاء على الشريعة الإسلامية ونظام القضاء الإسلامي (المحاكم) وفرض التجنس بالقوة على العرب وفرنسة الأرض الأهلية لتصبح الجزائر مثل كورسيكا. وطالب بيليسييه (الحاكم العام) بإبعاد عربان من الجزائر وإعطائه وظيفة قنصل في بلد ما. ورأى بول بير P. Bert (إجبار هذا الشعب (الأهالي) على التفتت والتحلل الذاتي، وقال آخر يجب وضع الإنسان الأهلي بين اختيارين لا ثالث لهما: الاندماج أو الفناء. ولكن بعض الفرنسيين

ص: 446

اللاحقين تبينوا ريادة آراء عربان وتبين لهم صوابها ولكن بعد فوات الوقت، مثل ماسكري والمارشال ليوتي، والبان روزي، ولوروا بوليو. وفيكتور باروكان. وهناك آخرون ظلوا بالطبع مضادين لآرائه إلى آخر رمق (1).

ومنذ 1848 كتب فريدريك أنجلز عن الجزائر وهزيمة الأمير عبد القادر وعن سجنه في فرنسا. وكان إنجلز يراسل جريدة (النجم الشمالي - N. Star) الإنكليزية من باريس (2). وقد حبذ القضاء على مقاومة الأمير لأن ذلك سيفسح المجال في نظره لتمدين الشعب الجزائري (البرباري). وكان ذلك في عام صدور البيان الشيوعي المشهور، وثورة 1848 الفرنسية والأوروبية، التي قامت بها التيارات اليسارية، كالاشتراكية والرومانتيكية والليبرالية في المجتمع الغربي.

وبعد حوالي عشر سنوات تبين إنجلز أن الفرنسيين لم يأتوا إلى الجزائر للتمدين وإنما للتخريب والتسلط. ووصف الفرنسيين بالغزاة الذين قاموا بحرب بربارية. وكتب مقالة بعد ثورة زواوة سنة 1857 وما تلاها من حرق المداشر (القرى) وتشريد السكان، في عهد المارشال راندون. وقد حكم أنجلز على الاستعمار الفرنسي بالفشل الذريع، رغم الإعلانات المتفائلة بنجاحه، ورغم ما تقوله الصحافة الفرنسية في الموضوع. وكان الرأي العام الفرنسي عندئذ مأخوذا بحادثة الضابط (دوانو) رئيس المكتب العربي في تلمسان والفضيحة التي انجرت عن محاكمته والفساد المستشري في الإدارة الفرنسية في الجزائر. وقد رأى بعض الكتاب الفرنسيين المتأخرين. أن موقف إنجلز كان معادي لهم، ولكنهم يذكرونه للأمانة والموضوعية (3).

(1) اعتمدنا في هذه الفقرة على دراسة آجرون (الجزائر الجزائرية

) مرجع سابق، ص 18 - 36. وبيلي، مرجع سابق، ص 120. والسجل (طابلو) سنة 1843 - 1844. وقد احتوى المرجع الأخير بحث عربان عن إقليم التيطري.

(2)

انظر ترجمتنا لمقالته عن الأمير في كتابنا أبحاث وآراء، ج 1.

(3)

بوسكي، ج. د. (ماركس وإنجلز) في مجلة الدراسات الإسلامية Studia Islamica، 30، 1969. ص 129. وقد نشر أنجلز مقالته في الأنسكلوبيدية الأمريكية الجديدة =

ص: 447

وقبل وفاته بحوالي سنة زار كارل ماركس الجزائر زيارة قصيرة. ولم تكن الزيارة للاطلاع على آثار الاستعمار أو إذا شئت آثار التمدين الفرنسي فيها، وإنما جاء للعلاج من مرضه ووحدته، بعد وفاة زوجه وابنته. ولذلك خاب ظن كل من كان يرغب في حكم ماركس على الاستعمار عن كثب. فقد كانت الجزائر نموذجا لتكالب رأس المال والاستغلال والاستيطان في ذلك الوقت، وكان الشعب الأهلي مسحوقا لا حراك له ولا صوت. ومنذ وضع ماركس قدمه في مدينة الجزائر في 20 فبراير 1882 لم يغادرها وظل حبيس جدرانها، وزادته رداءة الطقس انحباسا في مكانه. ونزل في فندق الشرق ثم تحول منه إلى فندق فيكتوريا العائلي (بنسيون). وكان قد جاء من مرسيليا على ظهر باخرة اسمها (سعيد). ووجد بريده عند صديق له يدعى فيرمي Ferme، وكان فيرمي ممن شملهم النفي من فرنسا باعتباره من المعارضة، وقد أصبح قاضيا في إحدى المحاكم المدنية بالجزائر. وهو الذي قدم لماركس تفاصيل عن الاستعمار الفرنسي. يقول عنها بوسكي إنها تفاصيل غير باهرة.

ولم نعرف عن هذه التفاصيل السوداء من مقالة بوسكي إلا القليل جدا. فقد كتب عنها كارل ماركس إلى أنجلز، وأخبره أن الشرطة الفرنسية كانت تعذب الجزائريين لتحصل منهم على ما ترغب فيه من المعلومات. وكانت العدالة تغمض عينيها على أنها لا تعرف. وإذا ارتكب العرب بعض الجرائم في الدماء وعوقبوا عليها بالإعدام، فإن ذلك لا يكفي لإشباع حقد الكولون بل إنهم كانوا يشترطون ملاحقة آخرين يصل عددهم إلى حوالي ستة على الأقل من العرب الأبرياء، فيعاقبونهم بدورهم. حقيقة أن محاكم الاستئناف كانت تعارض ذلك، حسب رواية ماركس، ولكن القضاة في المناطق النائية خاضعون لضغوط قوية جدا. ومع ذلك حكم ماركس بأن الإنكليز والهولنديين قد فاقوا الفرنسيين فى الجبروت والقسوة الدموية.

=. 1857، N.A. Encyclopedia

ص: 448

وعالج ماركس صحته في الجزائر حيث بقي عند الدكتور ستيفان إلى الثاني من شهر مايو 1882. ولكن الطقس كان رديئا معظم الرحلة. وعندما رجع إلى مرسيليا وجد الأمطار أيضا تتهاطل وكذلك كان الحال في نيس. ونعرف من أخباره أنه كان يكره اللغات السامية. ولذلك لم يتعلم العربية عندما عزم على تعلم اللغات الشرقية وأخذ بدلها اللغة الفارسية، ولكن حروفها العربية عقدته فاكتفى بلعنها (1). ولا ندري كيف يؤمن كارل ماركس بالعنصرية في اللغات ويعمل على أن يكون فكره غير عنصري على المستوى العالمي، وهو الذي قيل عنه إنه من أصل يهودي - سامي!

ومهما كان الأمر فإن الذين درسوا رحلة ماركس إلى الجزائر أخبرونا أنه اكتفى بالحديث عن المناظر الطبيعية الجميلة، ولم يتعرض إلى حياة الجزائريين، وعلاقتهم بالأوروبيين ومستوى ما وصلت إليه (الرسالة التمدينية) الفرنسية هناك. ويبدو أنه رجع من الجزائر كما جاءها جاهلا عنها كل شيء عدا المناظر الخلابة وما حدثه به القاضي فيرمي عن قانون الأهالي ووحشية الأحكام القضائية وتعذيب الجزائريين على أيدي الشرطة وشهوة الانتقام عند الكولون (2).

وفي هذه الأثناء كان صوت الاشتراكيين الفرنسيين يمثله جان جوريس.

(1) بوسكي، (ماركس وأنجلز)، مرجع سابق، ص 128 - 130. وقد اطلعنا على مقالة أنجلز في (الموسوعة الأمريكية الجديدة) فإذا بها شديدة اللهجة ضد وحشية الاستعمار الفرنسي في معاملة السكان، وقد حكم أنجلز بفشل سياسة الاستعمار العسكري والمدني، وسخر من وسائل الحضارة الفرنسية. انظر صفحات 351 - 343.

(2)

لا شك أن ماركس كان قد اطلع على ما كتبه أنجلز سنة 1857 في الموسوعة الأمريكية الجديدة، حول القضاء والاستعمار وفشل المهمة الحضارية الفرنسية، ووحشية الغزوات التي كان يشنها الجيش الفرنسي - مائة ألف جندي عندئذ - وقد سمى ماركس الجزائر (المدرسة الحربية للجنرالات الفرنسيين) حيث يتدربون ويتربون على هذه الأعمال الشنيعة.

ص: 449

وليس من غرضنا تتبع حياته وإنجازاته، وإنما الإشارة إلى أنه كان من أوائل المنادين بمنح التمثيل النيابي للجزائريين في البرلمان الفرنسي لكي يسمعوا صوتهم ويعرف النواب حقيقة ما يجري في الجزائر. ولم يكن جوريس وحده في ذلك ولا كان هو الأول. فقد كان هناك تيار اشتراكي كامل مثله هو وغيره (1). ولكن الاشتراكيين الفرنسيين تخلوا عن رسالتهم وساندوا الحرب العالمية وأيدوا استغلال الشعوب والاستعمار، وهم في أوروبا غيرهم في الجزائر والمستعمرات، وفي المبادئ غيرهم في التطبيق. فكانوا وبالا على الشعب الجزائري، ولا سيما منذ انفصالهم عن الشيوعيين غداة الحرب العالمية الأولى. وقد كان منهم موريس فيوليت، صاحب المشروع الاندماجي الخطير بين الحربين، ثم منهم قي موليه ولاكوست وميتران، زعماء حرب إبادة الجزائر (الذين آلوا على أنفسهم أن يحتفظوا بالجزائر الفرنسية) إلى الأبد.

ولم يختلف عنهم زملاؤهم الشيوعيون كثيرا إلا في التفاصيل. فرغم أن هؤلاء تشجعوا بالثورة الروسية ومبادئ تقرير المصير، وتغيير وجه العالم بين الحربين، فإنهم ظلوا بصفة عامة مع الامبراطورية الفرنسية وضد استقلال الجزائر. وساهموا في إبقاء الجزائر ممزقة بالمفهوم الفرنسي - شعوبا وقبائل لتنافروا - وظلوا ينفون وجود (الأمة الجزائرية)، لأن ما عانته الجزائر من دعوات جهوية وصيحات باسم (الثقافات) المحلية إنما هو من نسيج هذه المدرسة الاستعمارية التي لم يتخل عنها الشيوعيون. وقد حاول هؤلاء دمج الجزائريين في التيار الشيوعي العالمي لا أن يعترفوا بحقهم في الحرية والاستقلال كشعب واحد له هوية خاصة، ورغم تعديل مواقفهم ومواقعهم بعد الحرب العالمية الثانية فإنهم ظلوا بعيدين عن المفهوم الوطني وانتماء الشعب الجزائري للحضارة العربية الإسلامية. ومع ذلك يجب القول إن المدرسة الشيوعية عموما قد أخرجت عناصر جزائرية معادية للاستعمار،

(1) انظر عن ذلك بحث آجرون عن جان جوريس. وكان البان روزي من الذين اهتموا بقضية الجزائر ومعرفة آراء الأهالي.

ص: 450

وساهمت في تنوير الرأي العام وتجنيد الشباب ضد الاستغلال والامبريالية (1).

وقد أعجب عدد من الجزائريين بالفكر الاشتراكي كما أعجب بعضهم بالفكر الشيوعي. وإذا كان أنصار الفكر الثاني قد ظهروا في شخص وكتابات عمار أوزقان وبشير الحاج علي وغيرهما، فإننا لا نكاد نجد من رسخ الفكر الاشتراكي بمعناه الكلاسيكي. حقيقة أن هناك معجبين بفكرة المشاركة في الملكية ومحاربة الإفراط الطبقي، ولكن هذا لا يكاد يخرج عن موقف المعجبين بالعدالة الإسلامية وسماحة الإسلام. وكانت الاشتراكية الكلاسيكية ما تزال تعيش في النظريات، ولم يكن الجزائريون في أوائل هذا القرن يذكرون أن مدرسة أونفنتان هي التي شجعت على الاستعمار والحكم العسكري البغيض وإرساء قواعد التمدين الفرنسي. ومن هؤلاء المعجبين المبكرين نجد عمر راسم. فقد كتب معبرا عن ذلك في جريدته (ذو الفقار) سنة 1914. ولعله كان يتابع أفكار جان جوريس من الصحافة الفرنسية. وقد جعل عنوان مقالته (صيحة اجتماعية) مما يبرهن على أن نظرته للاشتراكية إنما كانت نظرة عدالة اجتماعية لإنصاف المحرومين من الظالمين، كما كان حال الجزائريين.

وفي نظر عمر راسم أن الاشتراكية قد أصبحت تهز العالم الأوروبي. فهي التي ترتعد منها أجسام أصحاب الثروة الطائلة هناك. ولا ندري لماذا خص أوروبا بالثراء بينما الكولون في الجزائر يشربون عرق مواطنيه وقد استثروا على حسابهم. فهل كان راسم فقط يتفادى المواجهة والرقابة حتى يمرر (صيحته) إلى هؤلاء المواطنين؟ وقد اعتبر راسم الاشتراكية حركة المستقبل للشعوب المتمدنة. وأين التمدن من الجزائر؟ ويقول إن الاشتراكية

(1) لقد كتب الكثير عن موقف الشيوعيين من الحركة الوطنية، كما كتبوا هم عن أنفسهم. انظر كتابنا الحركة الوطنية، ج 2، 3. ومن الذين كتبوا في الموضوع جاك جوركي، وعمار أوزقان ومحمد حربي، وآجرون وجوليان وستورا، وإيمانويل سيفان وهنري اليغ

ص: 451

هي لغز التمدن، ومعجزة الأمم حين تصل إلى درجة عالية من الحضارة. وهو لغز عجز عن حله الفلاسفة وعلماء الاقتصاد السياسي. واعتبرها كذلك (حركة مباركة) كما اعتبر ألمانيا هي (مبعث الاشتراك) ومنها انطلقت إلى سائر الأمم (الأوروبية) حيث استفادت منها الطبقات العاملة، كما انتشرت في المدن الصناعية الآهلة بالعمال الذين اتخذوا من الاشتراكية مذهبا لهم في الحياة. وهو يسميها أحيانا، (مذهب الاشتراك) الذي أنصف الفقراء والمحتاجين والعمال وحتى (عقلاء الأمم الأحرار)، لا سيما أولئك الذين كانوا يعملون على المساواة بين الناس. وربما يفهم البعض أن الاشتراكية كانت معادية للدين، فبادر عمر راسم إلى حديث شريف نسبه للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو حديث يذكر بالمساواة أمام الله وبأن التفاضل عنده إنما هو بالعمل الصالح والنافع للناس وليس بالمال والثروة، ونصه (لا فضل لعجمي على عربي ولا عربي على عجمي إلا بالتقوى)(1).

وقد تبنى عدد من الجزائريين المذهب الاشتراكي والمذهب الشيوعي. واعتقد بعضهم أن هناك فرقا بين الشيوعية والاشتراكية. وظهرت أول منظمة سياسية (النجم) داخل الحزب الشيوعي الفرنسي. وكان زعيمها هو الحاج علي عبد القادر. ورغم أن مصالي لم يكن شيوعيا فإن عددا من أعضاء حزبه كانوا (اشتراكيين) بالمعنى الذي يقربهم من الشيوعية. وتبنى حزب الشعب المذهب الاشتراكي صراحة بينما كان يناصب الشيوعية العداء، وهو موقف لم يكن واضحا منذ البداية. وظهر زعماء شيوعيون من أمثال علي بوقرط والعربي البوهالي وعمار أوزقان. ومن الكتاب أمثال البشير حاج علي وكاتب ياسين. وكان لجريدة (هيومانيتي) الفرنسية و (الصراع الطبقي)

(1) العدد الأول من جريدة (ذو الفقار)، 1914، نقلا عن قنان (نصوص)، مرجع سابق، مس 294. انظر مقالة عدالته ركيبي عن عمر راسم في (المجاهد الثقافي)، وعبد القادر جغلول (تكوين المثقفين) في (مظاهر الثقافة الجزائرية)، المركز الثقافي الجزائري، باريس، 1986 ص 81، نقلا عن زهير احدادان من جريدة (ذو الفقار) العدد 2، 26 أكتوبر 1913. قارن تاريخ الجريدة بما جاء في قنان، المرجع السابق.

ص: 452

و (الجزائر الجمهورية) تأثير على شريحة من النشطين الجزائريين قبل الثورة. وكان الضغط الاستعماري قد جعل عددا من العناصر (الوطنية) في حزب الشعب تنحاز أكثر فأكثر إلى المعسكر الاشتراكي الشيوعي. وقد ظهر ذلك جليا في برنامج طرابلس 1962 وفي ميثاق الجزائر 1964، وفيما تلا ذلك من أوراق نظرية وممارسات عملية.

انتهى الجزء السادس

ويليه الجزء السابع

ص: 453

المحتوى

الفصل الأول: الاستشراق والهيئات العلمية والتنصير ................ 5

مقدمة ............................................................. 7

الاستشراق ومراحله ................................................ 14

حلقات اللغة العربية .............................................. 14

مدرسة الآداب .................................................. 26

أعمال المستشرقين ............................................. 41

حياة بعض المستشرقين والمستعربين ........................... 62

اللجان العلمية: ............................................... 79

- لجنة الاكتشاف العلمي للجزائر ............................. 80

? لجنة الاحتفال المئوي بالاحتلال .......................... 88

الجمعيات المتخصصة ..................................... 89

المعاهد الجامعية ........................................... 100

البعثات العلمية ومشاركة المثقفين الجزائريين فيها ............. 102

الكنيسة والتنصير .......................................... 105

نشأة الأسقفية .............................................. 108

- دوبوش ................................................ 108

- بافي ................................................... 114

- لافيجري ................................................. 119

- دي فوكو ............................................... 133

- النشاط التنصيري منذ 1930 .............................. 137

ص: 454

_________

الفصل الثاني: الترجمة وظهور النخبة الإندماجية .................. 141

مترجمو الحملة وغداتها ........................................... 144

تنظيم فرقة المترجمين ........................................... 154

المترجمون الجزائريون ........................................... 157

تعاون الجزائريين والفرنسيين في مجال الترجمة ................... 169

الترجمة إلى العربية ............................................ 181

الاتجاه الإندماجي - الاستغرابي ................................ 197

الزيارات المنظمة لباريس وفكرة المعهد العربي ................... 200

أسر الأطفال وحملهم إلى فرنسا ................................ 204

دعاة التعليم باللغة الفرنسية الأوائل ............................ 209

نماذج من المثقفين الإندماجيين ................................ 223

ابن رحال - ابن العربي - بوضر بة - مرسلي -

حامد - فخار - عطشي - ابن حمودة - بريهمات -

ابن قلفاط - الزناتي - الفاسي -صوالح

الفصل الثالث: مذاهب وتيارات ................................ 267

(نعمة) الاحتلال .............................................. 270

رأي باصيه، ود. وارنييه، وطوكفيل ............................ 280

رأي لافيجري، ولويس فينيون، وآخرين ......................... 285

(فرق تسد) ................................................... 399

معاداة العرب ................................................ 311

ومعاداة البربر ............................................... 315

التآمر على زواوة ........................................... 321

الدعوة إلى تعلم اللغة الفرنسية والتعليم عموما ................ 328

وضع المرأة ................................................ 337

الهجرة أو البقاء ............................................ 356

الإندماج، التجنس، النخبة ................................. 368

ص: 455

_________

الجزائر في الكتابات الفرنسية .......................... 379

اليهودية والصهيونية ................................ 391

الماسونية ........................................... 407

الإسلام ووحدة الأديان ............................... 424

المثالية والاشتراكية ................................ 437

ص: 456

دار الغرب الإسلامي

بيروت - لبنان

لصاحبها: الجيب اللمسي

شارع الصوراتي (المعماري) - الحمراء، بناية الأسود

تلفون: 350331 - 009611: Tel / خلوي: 638535 - 009613: Cellulair

فاكس: 742587 - 009611: Fax / ص. ب. 5787 - 113 يروت، لبنان

DAR AL - GHARB AL - ISLAMI B.P.: 113 - 5787 Beyrouth، LIBAN

الرقم: 337/ 2000/ 11/ 1998

التنضيد: كومبيوتايب - بيروت

الطباعة: دار صادر، ص. ب ، 10 - بيروت

ص: 458

HISTOIRE CULTURELLE

DE

L' ALGERIE

PAR

Professeur Aboul Kacem Saadallah Université d'Alger

Tome 6

1954 -

1830

DAR AL-GHARB AL-ISLAIMI

ص: 460