الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدواوين والمجاميع
نذكر هنا الدواوين المطبوعة والمخطوطة التي علمنا بها أو اطلعنا عليها. كما نذكر المجاميع بنفس الطريقة، وهي تلك التي تضم قصائد لشعراء عديدين. وسنلجأ إلى الترتيب الزمني كلما أمكن ذلك.
1 -
ديوان الأمير عبد القادر المسمى (نزهة الخاطر في قريض الأمير عبد القادر). وربما كان هذا الديوان أقدم الدواوين التي طبعت. ورغم أنه طبع في مصر بدون تاريخ، فالغالب أنه طبع قريبا من تاريخ طبع (تحفة الزائر) الذي ظهر في مصر أيضا، سنة 1903. وكان ابنه محمد (الأمير محمد باشا) هو المسؤول على جمع نزهة الخاطر وطبعا، بعد وفاة والده بربع قرن. ولعل الديوان كان مجموعا في حياة الأمير. ولكن ما ظهر منه لا يضم كل ما قاله الأمير من شعر. فهناك قصائد وقطع معروفة له، وهي غير موجودة في الديوان، فهل هذا راجع إلى اختيار ابنه محمد أو عدم تمكنه من جمع القصائد كلها؟.
وكانت قصاند من شعر الأمير قد ظهرت في بعض مؤلفات الضابط دوماس الفرنسي، سيما كتابه عن (الخيول الصحراوية). وفي بعض كتب دوماس الأخرى ظهرت نماذج أيضا مثل (المرأة العربية). وكان هذا الضابط على صلة بالأمير أثناء سجنه فرنسا، وكان يتقن العربية. وكان الأمير قد كتب فصلا عن الخيول في الجزائر وقدمه مع قصيدته عن البداوة والحضارة إلى هذا الضابط (1).
وقد ذكرت له بعض المصادر الفرنسية الأخرى قصائد في أغراض شتى. منها قصيدة نشرت في النص الفرنسي ولم يذكر نصها العربي، وهي تعبر عن شوقه لإخوته. فكان يحن إليهم بعد فراقهم في المعارك والغزوات. وقد ترجمها المستشرق برينييه ونشرت في (مجلة الشرق). وقد بدأها بأوصاف تناسب كل واحد من إخوته فى نفسه، مثل: يا سويداء قلبى، وروح
(1) انظر تفصيل ذلك في المجلة الشرقية الجزائرية، ج 1، 1852.
جسمي، وربيع قلبي، وذراعي الأيمن. وحاول المحلل للقصيدة أن ينسب كل وصف من هذه الأوصاف إلى أحد الأخوة. ويبدو أن الفرنسيين قد عثروا على القصيدة إما في حادثة الزمالة وإما باحتجاز بريد الأمير. ذلك أن المترجم وجد على النسخة ملاحظة يبدو أن الأمير قد أملاها على كاتبه وهي: اكتب هذا الشعر (القصيدة؟) على ظهر الرسالة الموجهة إلى محمد السعيد أو إلى مصطفى، واحتفظ بالنسخة الأصلية عندك، وإذا وجدت أخطاء فصححها، وعسى الله أن يوفقنا جميعا بجاه سيدنا محمد وآله وصحبه (1). وهذه القصيدة تقع في حوالي 20 بيتا. وقد ذكرت مجلة الشرق أن الأمير بدأ قرض الشعر وعمره خمسة عشر عاما. وأنه كان معجبا بثورة التجاني ضد حكم الأتراك في معسكر (1814) وأنه أشاد بالتجاني واعتبره شهيدا. ولكن هذه القصيدة لا تعبر عن ذلك.
وقد نسبت إليه مجلة الشرق أيضا قصيدة قالها في الزلزال الذي أصاب وهران، والذي أجبر الأسبان على مغادرتها (؟). ولكنها لم تورد أيضا نص هذه القصيدة (2).
وقصيدة (يوم البين) التي قالها الأمير سنة 1847 وقع خلاف حولها بين كاتبين فرنسيين. قال (اوغست شيربونو) إن الأمير قالها في امرأة فرنسية، ولكن عائلة ابن رحال (من ندرومة) كانت تحتفظ بنص القصيدة وتعرف مناسبتها. لأن حمزة بن رحال كان قاضيا في عهد الأمير ثم أصبح آغا لدى الفرنسيين. وكان يعرف أن قصيدة (يوم البين) قالها الأمير في توديع الوفد الذي أرسله إلى السلطان عبد الرحمن بن هشام، برئاسة محمد البوحميدي
(1) مجلة الشرق، باريس 1846، ص 344 - 345. معلومات إضافية عن هذه القصيدة وظروفها موجودة في فصل المشارق والمغارب.
(2)
عن علاقة الأمير بالشعر انظر دراسة قندوز (؟)(الصحراء لها شاعرها: الأمير عبد القادر) في المجلة الجغرافية للجزائر وشمال افريقية SGAAN، 1931، ص 65 - 78. وقد ترجم للأمير شعرا مما ذكره له ابنه في (عقد الأجياد) وعن دوماس أيضا (وربما الصحيح كتاب نخبة عقد الأجياد).
صديق الأمير وخليفته على تلمسان. وكان ذلك في شهر نوفمبر 1847 عندما انغلقت كل السبل أمام الأمير وأصبح محاصرا بالجيش الفرنسي والجيش المغربي. فالقصيدة كانت في وداع الوفد والفراق. وكأن الأمير يقرأ الغيب، لأن البوحميدي لم يرجع إليه، فقد توفي في فاس في ظروف غامضة. ومات كذلك عضد الأمير الآخر، وهو محمد بن عيسى البركاني في تازة (المغرب)، وهكذا بقي الأمير وحيدا، تقريبا. وقد حصل المستعرب ف. باتورني على نص القصيدة ونشرها مع بعض الملاحظات (1).
وللأمير أشعار متفرقة ضمها مجموع مخطوط كان في حوزة محمد الشاذلي في قسنطينة وانتقل منه إلى مكتبة الشيخ المولود بن الموهوب. وفي تحفة الزائر نماذج أخرى من شعره، كما أن ابنه ذكر له في (نخبة عقد الأجياد) قصيدة البدو والحضر، وكذلك في كتاب (المواقف) أشعار أخرى له. ولا شك أن في مراسلات الأمير أثناء المقاومة وبعدها أشعارا أخرى. ولو جمع كل ذلك لجاء في ديوان كبير، وشمل مختلف الأغراض التي طرقها الأمير.
أما ديوانه المتداول فقد احتوى كما قلنا على بعض شعره (2). ومهما كان الأمر فقد رتبه ابنه على عدة أغراض. وإذا صح أن الأمير بدأ نظم الشعر مبكرا (15 سنة) وأنه نظم في الزلزال والثورة التجانية، فمن الممكن أن نزعم
(1) نشر شيربونو نص القصيدة في (تمارين على قراءة المخطوطات العربية)، باريس 1850، ص 55. أما باتورني فقد نشر النص الجديد في المجلة الإفريقية، 1896، ص 278 - 281. ومما قاله ليون روش عن البوحميدي (وقد عرفه عن كثب عندما كان مقيما عند الأمير يتجسس عليه): كان البوحميدي أطول قليلا من الأمير، له لحية سوداء وبشرة مصهودة بالشمس، نحيفا، وله عضلات قوية وروح عسكرية، ونظرته حادة لكن الأهداب تخفف من حدتها. قاد معظم الهجومات ضد الفرنسيين في ناحية وهران. شجاع نادر وفارس مغوار، يتصرف بمهارة في السيف والبندقية. واشتهر بالعدل أثناء حكمه تلمسان.
(2)
ط. 1، مصر، د. ت، 58 صفحة. ثم طبع طبعات أخرى منها ط. ممدوح حقي، دار اليقظة، سورية 1964، وط. الجزائر، 1990، بتحقيق ودراسة زكريا صيام.
أنه كان أيضا شاعر الطبيعة والوصف. فقد ارتحل للحج وشاهد آثار الشرق والإسلام، فهل سجل ذلك في ديوانه؟ ثم إنه كان يمارس رياضة الصيد والفروسية قبل الاحتلال. ونظن أنه نظم حول ذلك أيضا. ورغم أنه تزوج مبكرا، فإن حياة الشباب والغزل ربما لم تمر بدون نفحات خيالية وأشواق ملتهبة. إن ما في الديوان لا يجيب على هذه الأسئلة ولا يسجل هذه المرحلة، وربما تصرف ابنه بما ظن أنه يناسب مقام أبيه وشهرته كرجل دين ودولة وموضع احترام العالم. ولكنه قد حرم بذلك الشعر والباحثين من جانب هام في حياته، إذا صح أنه تصرف كما قلا.
وثقافة الأمير تقليدية، فهي ثقافة الزاوية والمسجد، والدراسة والمشاهدات. درس في القيطنة ووهران، وتتلمذ على شيوخ الوقت ومنهم والده شيخ الطريقة القادرية. ولكن الأمير عاش تجربتين الأولى رحلته إلى المشرق التي أضافت إلى رصيده العلمي أشياء كثيرة، مثل معرفة المذاهب في الحجاز والإصلاح في مصر. والتجربة الثانية هي الاحتلال الفرنسي ومقاومته مع ما يلزم ذلك من معرفة ما عند العدو من وسائل التقدم والتفوق، كالأسلحة والألبسة والتدريب العسكري والانضباط، ثم الصحف والمطابع والمعاهدات والمعاملات. فهل دخل ذلك في شعر الأمير أو تأثر به؟ إن الجواب على ذلك صعب، لأننا لا نملك كل شعره من جهة ولأننا لا نعرف تواريخ هذا الشعر. فإذا استطعنا ذات يوم أن نعرف ما نظمه قبل التجارب التي ذكرنا وما نظمه بعدها استطعنا أن نميز الفرق، إن كان.
أما الأغراض فمعظمها تقليدية، فالفخر والحنين والغزل والوصف والفروسية والمدح، كلها أغراض معروفة في الشعر العربي. ولكن هناك مسحة جديدة في هذا الشعر وهي ارتباطه بوقائع معلومة مع حرارة العاطفة عند صاحبه وصدقه. فهو صادق الفخر إذا افتخر، وهو صادق الفروسية إذا تباهى بها. والجديد أيضا هو أن هذا النوع من الشعر كان غائبا قبل 1830 منذ مدة طويلة. فالشعراء قد يتحدثون عن معارك الجهاد ضد الأجانب، ولكنهم لم يكونا هم الفرسان. فالأمير كان هو الشاعر والفارس والمجاهد
معا. كما كان رجل دولة ودين.
2 -
ديوان عاشور الخنقي: ظهر هذا الديوان سنة 1914. وهو في الواقع منظوم في نهاية القرن الماضي. ولكن الشاعر جمع ما تفرق من شعره سنة 1913 وطبعه بعد ذلك (1). وعنوان هذا الديوان هو (منار الإشراف). وقد رتبه بنفسه على النحو التالي:
أولا: خطبة الديوان وفيها حوالي 52 صفحة.
ثانيا: القصيدة الكبرى المسماة (حسن الأمل في فضل الشرف المجرد عن العمل).
ثالثا: القصيدة الصغرى التي اختصرها من الكبرى وسماها (كشف الخفاء عن فضل عصاة الشرفاء ومواليهم من الطرفاء).
رابعا: القصيدة الوسطى التي خمس بها الصغرى وسماها (أعجوبة الأطراف بفضل عصاة الأشراف ومواليهم من الأطراف).
خامسا: القصيدة المسماة صغرى الصغرى، وعنوانها (غاية الإنصاف فضل عصاة الأشراف ومواليهم من الأطراف).
سادسا: رسالة نثرية سجعية، وهي بالطبع ليست من الشعر، ولكنها جزء من ترتيب الديوان.
سابعا: الخاتمة التي ضمت قصيدتين، الأولى سماها (ترقيص أطفال الكتاب)، وهي في هجاء الشيخ صالح بن مهنة، والثانية سماها (غاية الرقى في مدح الشيخ أبي التقى) دفين بالبرج.
فأنت ترى أن الديوان كله تقريبا عن الأشراف والدفاع عنهم ومهاجمة من يتعرض لهم، وقد بالغ في ذلك حتى اعتبر العصاة منهم مغفورا لهم من
(1) يقول (وكان الفراغ من تجميعه وترقيمه وترتيبه وتذنيبه صبيحة يوم السبت الثالث عشر من صفر الخير، عام 1332، ص 168. وتقع القصائد التي ذكرها من صفحة 55 - 129. والديوان طبع في المطبعة الثعالبية، الجزائر 1914 (1332). وعنوانه الكامل (منار الإشراف على فضل عصاة الأشراف).
عند الله، بل جعلهم في مقامات فوق البشرية. وذلك ما جلب إليه النقمة من البعض واعتبر هو ذلك حسدا منهم له. ودخل معهم في مهاترات ماكان أغنى الجزائر عنها لو كانوا من العاقلين. وسنذكر ما حصل له من تقلبات ومحن نتيجة ذلك.
ونفهم من الترتيب والتقسيم السابق للديوان أنه لا يضم سوى قصيدتين خارج القسم الخاص بالأشراف. والواقع أن القصيدتين أيضا داخلتان في موضوع الشرف، فالأولى في مهاجمة ابن مهنة، دفاعا عنهم. والثانية في مدح شيخ يعتبره الشاعر أيضا من أهل الشرف. وليس ذلك كل شيء. ففي الديوان قصائد أخرى يبدو أنه أضافها إليه، وهي غير داخلة في الترتيب المذكور، ومنها: قصيدة في مدح القاضي عبد القادر بن زريق الذي احتضنه ووسع عليه عندما جفاه الناس في قسنطينة. وقصيدة في ملح وشكر الشيخ محمد السعيد بن زكري مفتي ومدرس العاصمة على تدخله لإطلاق سراحه بعد سبعة عشر عاما من السجن. وكان ابن زكرى يقول إنه من أشراف زواوة، فتكون القصيدة أيضا في موضوع الشرف.
ونلاحظ أن كل قصائد الديوان نظمت قبل 1896 إلا قصيدة أبي التقى فهي سنة 1909. وكان الشيخ عاشور قد ضاق به الحال، فاستنجد بالأحياء والأموات، وكان أبو التقى من الصالحين الذين استنجد بهم. أما مدح ابن زكري فنحن نعلم بالقرينة أنه بعد 1909 ولعله سنة 1911، حين أطلق سراحه. ولكن ليس ذلك هو كل شعر عاشور الخنقي.
فقد كان كثير الإنتاج واسع الاطلاع قوي الحافظة، وقد أورد في كتابه (منار الإشراف) أن له أشعارا أخرى بل ديوانا آخر. ولكن أين ذلك الآن؟ إن له ديوانا في ذم الشيخ عبد القادر المجاوي سماه (الديوان الباوي في هجو المجاوي)(1). وقد ذكر بعضهم أنه يقع في أكثر من ألف بيت. ولا نعلم سبب الخصومة بين الرجلين، ولكن المعروف أن المجاوي قد حل بقسنطينة
(1) محمد علي دبوز (نهضة) 1/ 91، 99.
حوالي 1872 في الوقت الذي حل بها عاشور تقريبا. وأخذ المجاوي يدرس للطلبة في أحد المساجد، كما كان يفعل عاشور، ثم إن الفرنسيين عينوا المجاوي مدرسا في المدرسة الكتانية الرسمية التي كان مديرها محمد الشاذلي، ولم يعينوا عاشور. فهل هي الغيرة والحسد فقط؟ إن من مآخذ عاشور على المجاوي أن مجلس درسه كان محل السوق. ومع ذلك نجح المجاوي في تدريسه بقسنطينة وأخفق عاشور حين قاطعه الناس، كما ذكر هو. والجدير بالذكر أن محمد الشاذلي، مدير الكتانية خلال السبعينات كان أيضا من البوازيد الهلاليين، وهم قبيل عاشور، كما سنرى، وقبيل شيخه محمد بن بلقاسم الهاملي.
والديوان الثالث لعاشور الخنقي هو ما نظمه في هذا الشيخ، نعني محمد بن بلقاسم (البوزيدي) الهاملي. وقد سماه (ديوان مديح يشفى غلة القلب القريح) وقال إنه يشتمل على عدة قصائد كلها جمانات وجواهر وفرائد. وفيه القصائد الطوال. ومن هذه القصائد (الرحلة البدرية)، و (بانت سعاد) وأرجوزة سماها (غنية القلوب) وقصيدة (الشافية) وأخرى سماها (الصفاتية في أجوبة الإنكارات السماتية) و (سيوف الأصحاب على رقاب الأحزاب) و (المنفرجة الهاملية). وغيرها من القصائد الطوال والقصار، وقال إنها متفرقة في الأقطار أيدي سبإ. وقد وعد بأنه سيجمعها ويطبعها عن قريب. ولكن لم تظهر في كتاب وظلت في خزائن الخاصة، ولعلها في خزائن الزاوية الهاملية. ومنها ما يبلغ 600 بيت.
وهكذا، فنحن أمام شعر غزير، قد يكون ثلاثة دواوين على الأقل، إذا اقتصرنا على ما ذكره هو وما نظمه قبل سجنه، بل إلى حوالي 1913. ولكن الشعر الذي لم يذكره ربما كثير أيضا، ونعقد أنه استمر في قرض الشعر بعد 1914، وكان قد دخل مرحلة أخرى في الدفاع عن الأشراف والصالحين حين هاجم الشيخ الطيب العقبي أيضا خلال العشرينات لأن العقبي تعرض لرجال الطرق الصوفية، وفهم عاشور وبعض الناس أنه كان ضد آل البيت وأهل الله.
كانت العلاقة وطيدة بين الشيخ القاسمي وعاشور. وقد كشف عاشور عن عدة جوانب منها، من ذلك أن الشيخ القاسمي هو الذي وظف عاشور في زاويته لتدريس العروض والمنطق. وكان عاشور قد قرأ الأوزان في نفطة على الشيخ المدني بن عزوز وأجازه فيها. وجاء عاشور إلى الزاوية الهاملية بزوجته (باية) وأقام بها هناك إلى أن توفيت، وقال إنها كانت تقرأ القرآن. وخصص له الشيخ راتبا بمائة فرنك من أحباس الزاوية فأغناه عن الناس، وكانت بينهما رابطة خاصة حتى أن الشيخ كان مستعدا للتنازل له على إحدى زوجاته - بعد العدة - لو لم يكن الشيخ عاشور متزوجا. هذا جانب، والجانب الآخر أن الشيخ القاسمي هو الذي قال لعاشور إنه عنده بمنزلة حسان بن ثابت، وكان يسميه (شاعري). وذكر عاشور أن الشيخ كان يطرب لشعره ويتواجد حتى يخرج عن أحواله الظاهرة. وهذا قد يدل على تذوق الشيخ للشعر وعلى طغيان النازع الصوفي عليه، رغم أن شعر عاشور ليس صوفيا كله ولا روحيا عميقا، وإنما هو شعر يمتاز بالجزالة والتدفق. والشيخ القاسمي هو الذي شجع عاشور على خوض معركة الدفاع عن الأشراف، وكان، كما يقول عاشور، مثله من البوازيد، رغم أن الذين ترجموا للشيخ القاسمي لم يهتموا بذلك (1). وعندما قرأ الشيخ القاسمي قصائد عاشور الكبرى والوسطى والصغرى قال:(أحيا الشرف في هذا الزمن المظلم، الله يحييه!).
والغريب أن الشيخ القاسمي إذا كان هو الذي شجع عاشور على التصدي لمن هاجموا الأشراف كما فهموا، مثل الشيخ محمد الصالح بن مهنة، فإنه لم ينقذه مما وقع له رغم مكانته عند الفرنسيين وعند الرأي العام. ويقول عاشور بصراحة إن الذي حمله على نظم منار الإشراف هو محمد بن أبي القاسم، وذلك عند ظهور دعوة ابن مهنة (حتى لا يقتدي به ضعفاء العقول)، ونفهم أن عاشور بقي سجينا أو تحت الإقامة الجبرية سبعة عشر عاما وبضعة أشهر، قبل سنة 1911، فيكون قد سجن حوالي 6 189. ونحن
(1) انظر تعريف الخلف، 2/، وكان مؤلفه يعرف الشيخ القاسمي جيدا.
نعلم أن الشيخ محمد بن بلقاسم قد توفي سنة 1897. وربما كان ذلك من سوء حظ عاشور، لأن الذين تولوا شؤون الزاوية بعد الشيخ لم يعترفوا له بما كان الشيخ يرتبه له، وربما لم يتذوقوا شعره كما كان يفعل الشيخ، وربما شعروا بالراحة والتخلص منه، سيما وأن من خصومه أيضا الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي. وهو صاحب كلمة في الزاوية، وكان عالما قوي المعرفة وشاعرا بارزا أيضا، كما سنرى.
وأثناء سجنه الطويل عبثت الأيدي بشعر عاشور، وخشي عليه من الضياع والتحريف. وقد قال إنه كان ينوي جمعه وطبعه بين 1895 - 1896، ولكن ما حدث له أخره عن إنجاز رغبته. وتوجه الشك لخصومه الذين سماهم (عوج الأيدي وهوج الأصابع) ظانا بهم ظن السوء. وكان بالطبع يعني ابن مهنة وأنصاره، فقد اتهمهم بالزيادة والنقصان في شعره، ولذلك وجد شعره، بعد خروجه من السجن مشوها في عدة نسخ. فأخذ (يرقعه) - كما قال، فجمع القصائد المتفرقة (على أنني غير مكترث في ترقيعه بما وافق الأصل الفاسد أو خالفه، بموجب التباسه علي بكثرة المخالفة، ومطاولة الأجل المهول على العهد الأول). ونفهم من ذلك أنه وجد صعوبة في الحصول على الأصل أو في جعل المطبوع قريبا من الأصل. ومع ذلك أقدم على جمعه وطبعه إنقاذا له، وقد طلب من كل من لديه نسخة غير المطبوعة ألا يعتمد عليها (1).
ورغم أن المنار قد احتوى على قصيدة في مدح البوازيد، فإن هناك قصيدة أخرى له فيهم غير مذكورة في المنار، وهي القصيدة الدالية التي افتخر فيها أنه منهم وأن آل المقراني، وآل عثمان من البوازيد أيضا، وهي التي سماها (العقد الفريد في فضائل البوازيد)، وأولها:
(1) طبع منه 5000 نسخة، وهو عدد ضخم إذا عرفنا عدد القراء القليل عندئذ. وقال إنه تكلف الصرف على طبع الكتاب، فهل معنى ذلك أنه استدان أو استكتب الناس وطلب تبرعاتهم؟ وقد طلب ممن له نسخة قديمة من منار الإشراف أن يتلفها بالماء الطهور أو النار السريعة.
أبرق على وادي جدي ن يصعد
…
فبشر أن الحي بالري مسعد
وسنذكر منها أبياتا في فقرة الفخر. ولكننا لم نعثر على أشعار أخرى له غير ما ذكره هو في ديوانه المطبوع أو ما قال إنه نظمه في الشيخين محمد بن بلقاسم الهاملي وعبد القادر المجاوي. ومهما كان الغرض الذي نظم فيه الشيخ عاشور فإن شاعريته تظل عندئذ بدون تحد، ولغته كانت حقا متينة، ولم يكن أحد من الأدباء قادرا، على مجاراته في الميدان. ولعل ما وقع له في قسنطينة لم يكن كله حسدا شخصيا، بل قد يكون وراءه أغراض أخرى. فالرجل قد هاجر في طلب العلم إلى نفطة وتغرب، ولكنه نال ما تمنى. ولم يكن المجاوي من المهاجرين في طلب العلم، ولكن والده هو الذي أنجبه في المغرب ورباه وعلمه في القرويين. وكان وراء المجاوي مصاهرة عائلة الأمير عبد القادر ولم يكن ذلك متوفرا لعاشور. وكان عاشور فيما يبدو هجاء سليط اللسان ومعتدا بشعره ونبوغه، ولم يكن المجاوي ولا ابن مهنة من الشعراء (1).
وقد حملت مسألة الشرف عاشور إلى مدح السلطان عبد الحميد الثاني ونقيب الأشراف في الدولة العثمانية أبي الهدى الصيادي. ونوه عاشور بالصيادي وشرفه وبكتابه (ضوء الشمس)، وجعل نسب البوازيد وبني عثمان واحدا. كل ذلك في وقت كانت السلطة الفرنسية فيه تراجع سياستها الإسلامية وتصد تيار الجامعة الإسلامية القادم، حسب الفرنسيين، مع عملاء الدولة العثمانية. ويبدو لنا أن سجن الشيخ عاشور وإبعاده عن مسرح الأحداث لم يكن كما فهمه هو من فعل ابن مهنة وأنصاره، ولكنه من فعل المخابرات الفرنسية، ومن فعل إدارة الشؤون الأهلية التي كانت ترى في لسانه وشعره وعلاقاته خطرا على سياستها في الجزائر. وتلفيق التهم التي أشار إليها عاشور كان أمرا هينا على أمثال دومينيك لوسيانى وجان
(1) عن حياة المجاوي انظر فصل السلك الديني والقضائي، وعن ابن مهنة انظر فصل اللغة والنثر الأدبي.
ميرانت عندئذ (1). انظر إلى عاشور كيف فهم القضية: (استعجلني على ذلك (أي طبع الكتاب) مصيبة النفي والتغريب، واسترهقتني عليه مشيئة السجن والتعذيب، مدة سبعة عشر عاما، أو تزيد أشهرا وأياما، بموجب هذا المجموع الشريف
…
بإغراء ذلك الدجال الضال (ابن مهنة؟) وأشياعه على ذلك الضلال، ولاة الأمر اليوم من أهل دولة الفرنسيس، بما افتروه علي وأضافوه إلي من أراجيف التدليس، على وجه التخليط والتلبيس) (2). فالاتهام هنا موجه إلى خصومه الجزائريين الذين أغروا به السلطة الفرنسية ولبسوا له التهم فسجنته، وهذا فهم ساذج في نظرنا.
وإلى جانب كونه قد مدح السلطان العثماني ونقيب الأشراف في اسطانبول، كان عاشور رحمانيا (خلوتيا)، ومن تلاميذ الشيخ محمد بن أمزيان الحداد زعيم ثورة 1871. وهذا وحده كاف لقمع شاعر كعاشور وقطع لسانه إذا أمكن. وقد روى عاشور كيف أخذ الطريقة على الشيخ الحداد في سجن قسنطينة (توفي الشيخ الحداد في سجنه). ونعته بالقطب والأستاذ، وحاول تبرئته من الضلوع في الثورة خدمة لأنصاره، ربما (اتهم الأستاذ القطب بتلك الثورة، فأتي به فيها إلى تلك الحضرة (قسنطينة)، وعلى الحقيقة هو منها برئ سليم
…
حسبما أخبر بذلك المؤلف (عاشور) بمشافهته السنية، من قصة تقتضي الإطالة) (3). ويسمى عاشور عام
(1) دومينيك لوسياني كان المكلف بإدارة الشؤون الأهلية (الجزائرية) وكان ميرانت موظفا بارزا فى الحكومة العامة، وسيتولى المنصب الأول بعد لوسيانى. وكان لويس رين الذى تولى الشؤون الأهلية خلال الثمانينات ما يزال مستشارا للحكومة الجزائرية، ما الحاكم العام زمن سجن عاشور فهو جول كامبون. وعن إشادة عاشور بالسلطان عبد الحميد والصيادي انظر منار الإشراف، ص 59. وكانت دعوى شرف آل عثمان قد روج لها بعض دعاة الجامعة الإسلامية/ العثمانية بقيادة السلطان عبد الحميد، تقربا وزلفى. وهي دعوى باطلة ولا أساس لها في التاريخ.
(2)
المنار، ص 22 - 23.
(3)
نفس المصدر، ص 23. وليته قد أطال!.
1871 عام (الثورة المقرانية على الدولة الفرنساوية). وأخبر عاشور أن له جلسات ومحاضرات، مع الشيخ الحداد وأنه ذاكره عدة مرات، وذهب إلى أن الشيخ الحداد كان يوصي أتباعه باغتنام فرصة الطريقة الرحمانية لأنها منتقلة إلى أشراف الهامل. وكان الحداد، كما قال عاشور، ينوه بالشيخ محمد بن بلقاسم. غير أننا نعرف من المصادر الفرنسية (لويس رين) أن وصية الحداد بالخلافة كانت لابن الحملاوي وليس للشيخ الهاملي ولا الشيخ البوجليلي (1).
وهناك ناحية أخرى كانت تغضب الفرنسيين على الشيخ عاشور، وهي أنه درس في نفطة عدة سنوات. وكانت الزاوية العزوزية بنفطة عدوة لفرنسا، وهي أيضا رحمانية. وكانت خلال دراسته، تأوي ثوار الجنوب من محمد بن عبد الله إلى ناصر بن شهرة، إلى المقرانيين في أول السبعينات. ولعل للإدارة الفرنسية شبهات أخرى ضد عاشور لا نعلمها الآن. وقد اغتنمت الإدارة فرصة المهاترات التي وقعت بينه وبين بعض المعاصرين، وسجنته وغربته مدة طويلة. ونحن نفهم أن يكون السجن لمدة قصيرة (تأديبا) له وإرضاء للشاكين معه، ولكن كيف يظل سجينا أو تحت الإقامة الجبرية في إحدى القرى طيلة سبعة عشر عاما وشهورا! من أجل ماذا؟ هل يصدق عاقل أن فرنسا تفعل ذلك به غيرة على الأشراف؟ وماذا عساها تستفيد هي من ذلك؟ ان ذلك هو ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن وراء سجنه أو بالأحرى قطع لسانه تهمة سياسية، ولكننا لا نعلم الآن حيثياتها بالضبط، وهو نفسه لم يكن ربما يعلمها لأنه لم يتهم بها بصراحة. وها هو يصف السجن:(وبينما أنا على تلك الشجون (التنقل بين القرى والبادية لتغيير المنكر والتدريس - كما قال)، إذ حملت إلى مختلف السجون
…
بعضها ظلمات فوق بعض، مع أجلاف، أو منفردا مع الفئران) (2). ولم يسلم ابن مهنة أيضا من (التأديب) الرسمي إظهارا (العظمة الدولة الفرنسية)، كما قالت جريدة (الأخبار) شبه الرسمية. فقد أوقفوه أيضا عن الإقامة، واحتجزوا كتبه وأوراقه لانتقاده
(1) انظر فصل التصوف - الرحمانية.
(2)
المنار، ص 25 - 26.
الحكومة وتعرضه لرجال الدين (1).
بالإضافة إلى سوء التفاهم الذي وقع بين عاشور وبعض مشاهير العلماء في قسنطينة، مثل المجاوي وابن مهنة، عارضه الشيخ محمد بن عبد الرحمن الديسي أيضا. وكان ذلك فيما يبدو، بعد نشر (ديوان المنار). وكان الديسي، كما ذكرنا، أحد مدرسي زاوية الهامل. وكان فاقد البصر. فألف كتابا أو رسالة سماها (هدم المنار)، وهو يقصد بذلك (منار الإشراف) لعاشور. وقد هاجمه واعتبره، كما قيل، شيطانا في صورة إنسان، واتهمه بتأليه الأشراف تقربا من أعيانهم من أجل المال (2). وقد أشار عمر بن قينة إلى أن للعقبي أيضا رأيا في الشيخ عاشور، أو بالأحرى خلافا معه (3).
وأغراض الشعر عند عاشور الخنقي غير جديدة. فالمدح بالشرف أو غيره، والفخر والهجاء كلها أغراض قديمة عرفها الشعر العربي وجال فيها الشعراء. ولكن هل ذلك كل ما أنتج عاشور؟ ان شاعرا يتمتع بموهبة كبيرة في الأدب واللغة، وعاش في الشرق الجزائري ونفطة في فترة ثورات وانتفاضات، وفترة ضنك للشاعر والشعب، ثم احتلال تونس، والانقلاب العثماني، ونحو ذلك من الأحداث - هذا الشاعر لا يمكن أن يكرس كل شعره في الأمداح لأهل الشرف والتصوف، وبعض الهجاء والفخر. وماذا عن سجنه الطويل، وعن حرمانه ووفاة زوجه وأقاربه؟ ومن الملفت للنظر أنه رغم تقديره القوى لبعض شيوخه في العلم والتصوف، مثل مصطفى بن عزوز
(1) سنعرض حياة ابن مهنة وما حدث له في فصل آخر (فصل اللغة والنثر الأدبي). انظر (الأخبار)، 16 أبريل 1905.
(2)
لم نطلع على رسالة الديسي، وقد أشار إليها أحمد مريوش في بحثه لنيل الماجستير عن الشيخ العقبي. وقد ذكرنا في مكان آخر أن للديسي رسالة بعنوان (الساجور للعادي العقور).
(3)
عمر بن قينة (الديسي) وكذلك الشهاب مارس 1926، عدد 17. وقيل ان عاشور قد تحالف مع الشيخ المولود الحافظي ضد العقبي. وكان الحافظي رئيسا لجمعية علماء السنة ومتقربا، رغم علمه، من أهل الزوايا.
ومحمد الحداد، لم يذكر أنه نظم في رثائهما أو مدحهما، ونحن نعلم من سيرته أنه حضر وفاة كليهما.
كان عاشور مفتخرا بنفسه إلى حد الغرور، على طريقة المتنبي، أليس هو القائل:
أنا الشاعر الفحل الغيور، ولا وجل
…
على جانب الله، ما دام لي أجل
وفي المدح للسلطان عبد الحميد وأبي الهدى الصيادي والبوازيد، قال عاشور، مبتدئا بالصيادي:
شيخ الشريعة والطريقة والحجا
…
صدر النقابة في بني الزهرا الخير
في حضرة الآستانة الغراء من
…
أعضاء سلطان السلاطين الأخر
مولى الورى (عبد الحميد) حميد ما
…
شملتمه سلطنة البرايا من سير
أهل الخلافة كابرا عن كابر
…
عن كابر عن كابر عن ذي كبر
من آل عثمان الذي جمع الخلا
…
فة في الورى فيما تجاهر واستتر
ولقد بدا أن السلاطين العلا
…
من آل عثمان (بوازيد) غرر
وبه تقاسمت البوازيد الخلافة
…
هؤلاء ولاتها فيما استتر
وأولئك الأملاك جهرا أهلها
…
فالكون طرا للبوازيد العبر
(عاشور) مولاهم ومولى القوم منـ
…
ـهم قال جدهم الرسول ولا فخر
لي في البوازيد العلا لا سيما
…
أستاذنا، ديوان مدح كالدرر (1)
وقد هجا عاشور معاصره ابن مهنة، وكان إماما وخطيبا في أحد مساجد قسنطينة، وله تآليف سندرس بعضها. وكان قد نشر رحلة الورتلاني وجعل عليها تعاليق، أثارت الزوبعة التي نظم فيها عاشور جل (منار الإشراف). ولا نريد أن نذكر نماذج من هذا الهجاء، وإنما نذكر أن عاشور قد جعل عنوان إحدى قصائده فيه (ترقيص الأطفال)، متهما ابن مهنة
(1) منار الإشراف، ص 59، 97. ويشير بكلمة (أستاذنا) إلى الشيخ محمد بن بلقاسم الهاملي الذي اعتبره أيضا من البوازيد. وهكذا جعل عاشور آل عثمان من البوازيد الأشراف، وجعل نفسه مولى لهم.
بالانحراف عن الدين واصفا إياه بالقرمطي واليزيدي والإساءة إلى العلم، ونحو ذلك.
وقد مدح قاضي القل، عبد القادر بن رزيق بأبيات يبدو فيها الصدق، لأنه أنقذه مما كان فيه من بؤس وفاقة، وعده أيضا من الأشراف الفاطميين ومن آل زين العابدين بن الحسين بن الإمام علي، ومدحه كذلك بالعدالة في القضاء والتفقه في الدين وبالمروءة والكرم:
بحر الندا والجود لما أصبحا
…
غولا وعنقاء وبيض أنوق
وعلي من عليا نداه جلائل
…
لا يستقل بشكرها منطوقي (1)
وله قصيدة مفردة في البوازيد - إضافة إلى ما قاله فيهم في القصيدة الكبرى - وسماها (العقد الفريد) كما عرفت. وهي غير منشورة لأسباب ربما سياسية، لأن البوازيد قد ثاروا ضد الفرنسيين، وهددوهم في الزيبان (ومن ثمة ذكره لواد جدي). وقد ردت السلطات الفرنسية عليهم بتشريدهم في النواحي، وحملت بعضهم إلى زواوة وأوطنتهم هناك. فهل قال عاشور قصيدته الفخرية بعد هذه الثورة (2)؟.
أما الأغراض الأخرى في شعر عاشور، فلم نطلع عليها، كما لم نطلع على هجائه للمجاوي ولا مدحه لشيخ زاوية الهامل. ولعل أغراضه الأخرى في هؤلاء لا تخرج عما ذكرنا. لكن سكوته، إذا صح، بعد سجنه، يظل محيرا للباحثين.
3 -
ديوان أبي اليقظان (3): وقد طبعه سنة 1931. وتحدثنا عن أبي اليقظان في فصل المؤسسات الثقافية - الصحافة، وكان أبو اليقظان واسع المعرفة المعاصرة، درس في ميزاب وتونس. وعاش في العاصمة، وأنشأ
(1) منار الإشراف، ص 22 ..
(2)
انظر أبياتا منها في فقرة الفخر والهجاء.
(3)
طبع المطبعة العربية الجزائر، 1931. وهي المطبعة التي أنشأها أبو اليقظان نفسه سنة 1931 أيضا.
الصحف. وراسل علماء الوقت وسياسييه. وكان له علاقات خاصة بالشيخ سليمان الباروني، وقد ترجم له في جزئين وجاء بنصوص عديدة تدل على مكانته عنده ومكاتباته معه. أما شعره فيغلب عليه الطابع الاجتماعي، بالإضافة إلى الأغراض التقليدية. وهو أيضا تقليدي في صوره وتعابيره. وكان أبو اليقظان يمتح لا من جرابه الدراسي. ولكن روحه كانت إصلاحية، وأهدافه أخلاقية واجتماعية. ويعتبر ديوانه من الدواوين القليلة التي طبعت في الجزائر في الفترة التي نتحدث عنها. فقد رأينا ديوان الأمير طبع في المشرق، وديوان عاشور يعتبر ديوانا خاصا في موضوعه ولم يسمه صاحبه ديوانا. وإذا شئت فإن ديوان أبي اليقظان هو الأول من نوعه. وكان طبعه في ذلك الوقت يعد في نفسه مغامرة أدبية كبيرة.
4 -
ديوان المشرفي: بالإضافة إلى التاريخ والتراجم نظم أبو حامد المشرفي قصائد كثيرة معظمها في المدح، ولا سيما في سلطان المغرب، الحسن الأول، الذي كان ولي نعمته. ولكن في الديوان قصائد أيضا في أحوال الجزائر التي ولد وعاش فيها قبل هجرته إلى المغرب، وفي مدح رجال آخرين سواء من الأسرة العلوية أو قواد الجيش في المغرب - المخزن. وفي الديوان بعض الأراجيز، مثل التي نقلها عنه محمد بن الأعرج في الجزء الثالث من (زبدة التاريخ)، وهي أرجوزة تصف ما جرى بين الجزائريين والفرنسيين. وقد اعترف المشرفي أن ديوانه مجموعة من القصائد التي تقادم عهدها، وبذلك نعرف أنه جمع ديوانه في مرحلة متأخرة من حياته. وقد قال ان تسجيلها سيجددها ويخلدها، كما يخلد ذكر صاحبها. هكذا كان يظن عند تسجيلها. ولكن شعره لم يطبع، وقل من اطلع عليه ليجدد ذكرى صاحبه. وقد اطلعنا على نسخة منه فكانت في حجم كبير، وهي بخط الشاعر نفسه (1).
(1) الخزانة العامة - الرباط، ك 204. وكنا أخذنا بطاقات عنه ولكنها ضاعت منا سنة 1988.
وللمشرفي ديوان آخر في مدح السلطان الحسن الأول يوجد في المكتبة الملكية بالمغرب (1). ويغلب على الظن أنه هو المسمى (مشموم عرار النجد والغيطان). ومن الصعب أن نتحدث عن أغراض شعر المشرفي وقيمته الفنية ما دامت معلوماتنا عنه ناقصة. وكل ما نستطيع قوله الآن هو أنه شعر بلاط، وأنه يعكس ثقافة صاحبه في معسكر ثم في المغرب. وأن المشرفي قد يكون نظم أيضا في الوصف والتأملات والوصف، وربما الهجاء أيضا.
5 -
ديوان المكي بن عزوز: قيل إنه بلغ حوالي ثلاثة آلاف بيت، وانه مخطوط عند ورثته. والمكي بن عزوز عالم أكثر منه شاعر. ولقد اطلعنا له على قصائد متفرقة، معظمها في الأغراض التقليدية، ومنها الإخوانيات والمراثي والتصوف والزهد ونحوها. وهو من الشخصيات الكبيرة التي تتنازعها الجزائر وتونس، فأصوله وارتباطاته ومصاهراته وبعض ولده جزائرية، وهو بميلاده وتعلمه وارتباطاته الأخرى تونسي. وقد ترجم له السيد محمد محفوظ بما لا مزيد عنه. وجدير بشعر المكي بن عزوز أن يفرد بدراسة، فما بالك بنشاطه السياسي والإصلاحي والتربوي (2)، وهو عالم متعدد جوانب المعرفة.
6 -
ديوان الديسي: وهو محمد بن عبد الرحمن، وقد اطلعنا على نسخة مخطوطة مصورة منه كانت لدى عمر بن قينة، وعنوان الديوان (منة الحنان). وهو في مجلد ضخم. وقال عبد الله ركيبي انه في جزئين. وشعر الديسي يمتاز بالطلاقة والصفاء، وأغراضه اجتماعية وإخوانية، مع مسحة دينية. وهو، كما سبق، من شيوخ زاوية الهامل، وكان محل تقدير علماء وقته يستجيزونه ويسألون أخباره (3).
(1) المكتبة الملكية - الرباط، 5310.
(2)
تعرضنا إلى بعض نشاطه في فصل المشارق والمغارب.
(3)
خصه عمر بن قينة بدراسة شاملة نال بها شهادة الماجستير، وهي مطبوعة، الجزائر. وعندنا نسخة من ديوان الديسي، ولكنها الآن بعيدة عنا.
وقد ذكر الركيبي في دراسته للشعر الديني مجموعة من الدواوين لم نطلع عليها (1). فلنكتف بذكرها هنا، مع ملاحظة أن بعضها ليس بالضرورة في الشعر الديني فقط، وأننا أضفنا إلى المجموعة ما عرفناه من مصادر أخرى، وهي:
7 -
ديوان ابن يوسف (؟): فهل هو شاعر بالفصيح أو بالملحون؟
8 -
ديوان أبي عبد الله البوعبدلي: ويبدو أن الشاعر هو والد الشيخ المهدي البوعبدلي، وقد كان من رجال التصوف أيضا.
9 -
ديوان أحمد بن عليوة: وهو أحمد المصطفى منشئ زاوية مستغانم العليوية. وقد نسبت إليه أشعار جادل خصومه في قدرته على نظمها. والغالب على الظن أن ديوان ابن عليوة مطبوع في تونس (؟)1921. وشعره بين الفصحى والعامية، ولكنه شعر صوفي تحدث فيه عن خمرة الكأس وعن الطريق والمريد، وعن المقام الصوفي والحب الإلهي. ولابن عليوة منظومة في ألف بيت تسمى (الرسالة العلوية) تحدث فيها عن أصول الدين والفرائض والتصوف أيضا، وهي على غرار (المرشد المعين) لابن عاشر. وقد نظمها بلغة بسيطة.
10 -
ديوان الطاهر بن عزوز: ولا نعرف إن كان الشاعر من عائلة ابن عزوز الطولقية أو غيرها.
11 -
ديوان محمد بن سليمان: لعله من أسرة قدور بن سليمان صاحب ديوان عقد لآلي الوفاق، الجزائر، حوالي 1905. ويبدو أنه في الشعر الصوفي، لأن ابن سليمان كان من العلماء الزهاد وقد جمع بين عدة طرق صوفية، ولعله من نسل محمد بن سليمان صاحب (كعبة الطائفين) الذي درسناه في غير هذا المكان.
12 -
ديوان معمر بن صالح (؟): لا نعرف عن هذا الديوان أكثر مما
(1) عبد الله الركيبي (الشعر الديني الجزائري الحديث)، الجزائر 1984.
ذكره الركيبي وقد يكون مخطوطا وفي التصوف أيضا.
13 -
ديوان قدور بن عاشور (؟): وعنوانه كنوز الأنهار والبحور في ديوان السر والنور. وهو مطبوع في وجدة، د. ت.
14 -
ديوان محمد بن يلس: طبع في تلمسان، 1951. وكان بعض أفراد أسرة ابن يلس قد هاجروا إلى الشام واهتموا بالتصوف (انظر فصل التصوف).
15 -
ديوان محمد الصغير (؟): وعنوانه: تعطير الأكوان بنشر نفحات أهل العرفان. طبع الثعالبية بالجزائر، 1916.
16 -
ديوان عدة بن تونس: وعنوانه آيات المحبين في مقامات العارفين، طبع للمرة الثانية في مستغانم 1951. وابن تونس هو الذي خلف ابن عليوة في قيادة الزاوية. (انظر فصل التصوف).
17 -
ديوان عبد الله البيضاوي تحت عنوان: مطلع اليقين في مديح الإمام المبين، طبع مستغانم 1941. وقد يكون الشاعر من متصوفة الطريقة العلوية.
18 -
ديوان بلقاسم بن منيع: نزهة اللبيب في محاسن الحبيب، طبع قسنطينة 1926.
19 -
ديوان ابن عبد الله (؟): الحلل الفردوسية في نظم قطب الغريسية، وهران، د. ت. (وغريس بضواحي معسكر اليوم، بل أصبحت جزءا منها).
20 -
ديوان الطاهر العبيدي: النصيحة العزوزية، ط. مصر، د. ت.؟ وعن العبيدي انظر فصل العلوم الدينية، ومراسلته مع ابن باديس.
وإضافة إلى هذه الدواوين ذات الطابع الديني والصوفي والتي نظم بعضها بالشعر الملحون، هناك دواوين ومجموعات في أغراض أخرى، ومن ذلك:
21 -
ديوان الهادي السنوسي: وقد قيل إنه اجتمع لديه شعر غزير،
سواء قبل طبع (شعراء الجزائر) أو بعده. وكان حقا من الشعراء العاطفيين الذين تدفق شعرهم بقوة خلال العشرينات. ولعله قد استمر على نظمه في سنواته اللاحقة. ومعظم أغراضه كانت اجتماعية وسياسية متطورة ووصفية جميلة. ويبدو أنه أضاع شعره. فقد كتب سنة 1963 (ولا أكتمكم أنني جد آسف على ما ضاع لي من شعري الذي هو عصارة أيام الشباب. وما الذي أبقته غير الدهر منه بالشيء الذي يذكر أو ينشر)(1).
22 -
مساجلة أدبية اجتماعية أخلاقية: للسنوسي أيضا، طبع قسنطينة، 1928. ولم نطلع عليها.
23 -
شعراء الجزائر فى العصر الحاضر: لنفس الشاعر، وفيه بعض شعره، انظر لاحقا.
24 -
تحية العلم: (الفرنسي)، انظر الشعر السياسي.
25 -
مجموع محمد قاضي: المسمى الكنز المكنون في الشعر الملحون، ط. الجزائر، 1928. انظر الشعر الشعبي.
26 -
كتاب مجموع القصائد والأدعية: طبع الجزائر، 1320، لمؤلف مجهول؟ وموضوعه التصوف.
ونكاد نقول ان كل الذين عرفوا بالشعر خلال الفترة التي ندرسها قد اجتمع لهم ديوان. وقد لا يكون اهتمامهم بطبع شعرهم قويا، وربما كانت الظروف تعاكسهم في ذلك أو لا يعرفون الطريق إلى النشر، كما سبقت الإشارة. ومثال ذلك: معظم الشعراء الذين ترجم لهم السنوسي في (شعراء الجزائر) لهم دواوين صغيرة أو كبيرة. ولكنها ظلت مغمورة عند بعض الورثة أو تلفت لأسباب مختلفة (2).
(1) صلاح مؤيد (الثورة في الأدب الجزائري) ط. مصر، 1963، ص 21. وفي هذا الكتاب بعض شعر السنوسي.
(2)
انظر الملاحظات التي أبداها أحمد توفيق المدني على الشعراء الذين ترجم لهم السنوسي في (شعراء الجزائر) والذين كانوا في السلك الرسمي. وقد ذكر منهم أيضا =
27 -
ديوان محمد العيد خليفة: جمع هذا الديوان السيد أحمد بوعد، حوالي سنة 1952 وسماه (شاعر القرن العشرين). وعلق أحمد بوعد على بعض القصائد، وقسمه إلى جزئين. وهذه المخطوطة أرسلت إلى الشيخ محمد البشير الإبراهيمي لطبعها في المشرق (1). ولكن ذلك لم يحصل إلا في الجزائر بعد الاستقلال وبعد أن أضيفت إلى الديوان أشعار قديمة وجديدة. ونحن لا يعنينا هنا الديوان المطبوع ولكن المخطوط الذي جمع قبل الثورة. لقد ضم الكثير من شعر محمد العيد وليس كله، ويبدو أن ذلك كان باتفاق وتنسيق مع الشاعر نفسه، لأننا وجدنا في المخطوطة إصلاحات وتدخلات من محمد العيد. ولكن جامع الديوان أهمل عددا كبيرا من القصائد والقطع، بعضها فهمنا لماذا أهملها (لأسباب سياسية واجتماعية) وبعضها لم نفهم. وكانت مبررات الإهمال هي الإحراج، أو فوات أوان المناسبة أو عدم رضى الشاعر عن بعض ما نظمه في وقت سابق، أو ضياع أو نسيان بعض القصائد المنشورة.
وقد درسنا شعر محمد العيد في غير هذا المكان. وهو شعر قديم وجديد. قديم في تراكيبه وأوزانه وقوالبه، وجديد في روحه وموضوعاته، لم يتخل محمد العيد عن القصيدة العمودية ولا عن الألفاظ الجزلة والصور التقليدية التي كان يستعيرها الشعراء من قبله. ومن ثمة فهو شاعر قديم محافظ ويمثل استمرار مدرسة حافظ وشوقي والرصافي ونظرائهم المخضرمين. ولكن محمد العيد كان متأثرا بالنهضة الإصلاحية والتطور
= العزوزي حوحو ومحمد عبابسة الأخضري. انظر المدني (كتاب الجزائر)، 1931، ص 95 - 96.
(1)
لدينا نسخة بخط السيد أحمد بوعد، وعليها تصحيحات محمد العيد، وهي في جزئين، وكانت في حوزة الشيخ الإبراهيمي بالقاهرة. وكنا قد جمعنا أشعارا كثيرة لإضافتها لهذا الديوان تحت توجيهات الشيخ الإبراهيمي بين 1956 - 1959. ومن شعر محمد العيد نشرنا دراستنا (شاعر الجزائر محمد العيد)، القاهرة سنة 1961. وقد طبعت عدة طبعات.
السياسي للجزائر فكانت روحه متسامية ومتحفزة تريد التجديد والتحرر وتطلب فكاك الأسر والتحليق. فتمثل شعره ذلك كله وصوره أحسن تصوير وأخلص له كل الإخلاص، وكانت تتقاسم روح محمد العيد نزعتان: النزعة الإصلاحية - الوطنية التي أشرنا إليها، ونزعة التصوف في أصفى معانيه والانجذاب إلى الله في حب وفناء. وهكذا غلبت على شعره مسحة التربية والأخلاق والدعوة إلى الخير والصلاح إلى جانب الدعوة إلى التحرر والحرية السياسية والتخلص من الاستعمار.
عندما درسنا أغراض شعر محمد العيد في القاهرة قسمناها إلى التالي: المراثي والوصف والوطنيات والدينيات، والاجتماعيات والإخوانيات. وقد أضفنا إلى ذلك مجموعة من القضايا نظم فيها محمد العيد. وقسمناها إلى أربع قضايا، وهي:
أولا: القضايا العامة وتشمل الشعر الذي قاله في افريقية والحبشة وهيروشيما وتركيا.
ثانيا: القضايا العربية وتشمل شعره في الاستقلال والمشاكل التي تعرضت لها هذه البلاد: ليبيا وتونس والسودان ومصر والعراق وفلسطين ومراكش.
ثالثا: القضايا الجزائرية، وقد لخصناها فيما يلي: المرأة والتعليم والاندماج والأحزاب والشباب والدين واللغة وحياة الريف والسياسة والحرية.
رابعا: القضايا الخاصة وهي الإخوانيات والحب والوصف والشكوى والغزل والألغاز (1).
ولكن شعر محمد العيد متعدد الجوانب، ومن الصعب حصره في مجموعة من الأغراض والقضايا، لأن قصائده الطوال ملا تشتمل على العديد من الأفكار والأغراض.
(1) وجدنا هذه التقسيمات في ورقة لنا قديمة ترجع إلى عهدنا بالدراسة في مصر. وكانت عندي أوراق مثلها ضاعت فيما ضاع لي سنة 1988.
ومن ثمة فإن أغراض شعره لا تكاد تخرج عن هذه الحقول. وقد رتب السيد أحمد بوعد ديوان محمد العيد على حروف الهجاء ولم يراع الموضوعات. أما الذين جمعوا شعره فيما بعد فقد حاولوا تقسيمه إلى أغراض، فكان أمرا صعبا حقا (1). فأنت تجد في القصيدة الواحدة كما قلنا مجموعة من الأغراض. فالرد على أعداء الإسلام تجد فيه الدعوة إلى النهضة والقومية، وأبيات في توجيه الشباب قد تجد فيها التربية والأخلاق والسياسة، وقصيدة تبدو غزلية فإذا فيها فلسفة وتأملات وتصوف. أما الفخر والهجاء فان محمد العيد لم يطرقهما على حد علمنا. وقد مدح أعيان العلماء، ورثاهم أيضا، وكذلك أعيان السياسة في الجزائر والعالم العربي. وأشاد بالمواقف والنزعات الخيرية والمشاريع القومية. ولم يكن يمدح عن طمع كما فعل شعراء آخرون. فالذين مدحهم (إذا جاز أن نسمي ذلك مدحا) لم يكن لهم ما يقدمون إليه من الوسائل المادية.
وهناك باب آخر أكثر منه محمد العيد هو الشكوى والتشكي من الزمان وأهله، وليس ذلك عن تذمر وانزعاج ولكن عن قلق وتوتر شعري وتواجد صوفي. وقد وجدنا له قطعا في مدح قادة الطريقة التجانية المتوفين (مثل الحاج علي التماسيني، وكان الشاعر نفسه قد سمي على أحد شيوخ التجانية، وهو محمد العيد التماسيي المتوفى سنة 1875)، وكل ما كانت الطريقة التجانية تفعله نحوه هو حمايته من جبروت السلطة الفرنسية إذا تعرض لسوء، كما حدث له سنة 1955. ولكن شعره الذي نحن بصدده قد قيل قبل الخمسينات.
28 -
ديوان العقبي: لا نعرف أن له عنوانا، ولكن جاء في (شعراء الجزائر) أن للطبيب العقبي أشعارا كثيرة لو جمعت في ديوان لجاءت في
(1) جمع محمد بن سمينة ما لم يشمله ديوان محمد العيد المنشور سنة 1967، وهو ما فات جامعي الديوان، ونشره في دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1997. وكان المرحوم علي أمقران السحنوني قد استدرك بعض ذلك في مقالة صحفية. ونعتقد أن الأيام ستكشف عن مستدركات أخرى من شعر محمد العيد.
مجلد ضخم. وكان العقبي قد نبغ في الشعر وهو في الحجاز، ولا ندري إن كان قد نشر منه في جرائد المشرق. وبعد رجوعه إلى الجزائر أخذ يدرس لمن حوله فنونا شتى، بما في ذلك علم العروض. وقد قيل إن محمد العيد قد تعلم ذلك على يديه. واستمر العقبي يقرض الشعر من وقت لآخر. فكان شعره فيض المناسبات، وهو شعر إصلاحي متمشيا مع مذهب صاحبه. كذلك كتب العقبي التقاريظ، ونوه ببعض الأحداث والأشخاص، ونشر ذلك في الصحف المعاصرة. وقد يكون له شعر لم ينشر شأن أغلب الشعراء، ولكن أولاده ينفون وجود الديوان عندهم.
29 -
ديوان الدر النفيس في شعر إدريس: ولم نطلع عليه، والظاهر أنه ما يزال مخطوطا. وقد نسبه إليه بعض المترجمين (1).
30 -
ديوان في المديح والإذكار: لعلي البوديلمي، ذكره له صاحب (المرآة الجلية). ويبدو أن الديوان في الدين والتصوف (2).
31 -
ديوان الشيخ محمد بن يوسف أطفيش.
32 -
ديوان حسن أبو الحبال: اليدري، وهو من الشعراء الذين ضمهم (شعراء الجزائر). وقيل إنه (ساع في جمع ديوانه وله عزم على طبعه)(3).
33 -
ديوان الربيع بوشامة: نشر منه قصائد في البصائر، وقد جمعه ونشره جمال قنان سنة 1995. وكان بوشامة من شهداء الثورة سنة 1957 (4).
(1) عن إدريس الدلسي انظر فصل العلوم التجريبية. وهو من أبناء المهاجرين إلى تونس.
(2)
يحيى بن صفية (المراة الجلية)، تلمسان 1953. عن البوديلمي انظر فصل التصوف وفصل العلوم الدينية.
(3)
(شعراء الجزائر) 2/ 75. ولد أبو الحبال في خنشلة سنة 1897 حيث كان أبوه قاضيا وأصلهم من نواحي جيجل. وقد درس في الزيتونة. ورجع منها معلما في خنشلة وباتنة والعين البيضاء، ثم تولى الفتوى.
(4)
قرأت للشاعر الربيع بوشامة في جريدة البصائر وأنا طالب بتونس، ثم عرفته شخصيا في شتاء 1954 - 1955 حيث كنت أعلم في مدرسة الثبات بالحراش، وكان هو المدير عندئذ. وكان يمتاز بعشق الشعر وحب الوطن. وطالما حدثني وأنا يافع، عن =