الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي المقدمة التي كتبها قنان تفصيل عن حياة الشاعر وظروف استشهاده.
34 -
ديوان حسن حموتن: جاء في رسالة منه إلى صلاح مؤيد أنه نظم كثيرا في السنوات الأولى لحرب التحرر. ولكن (تلك القصائد مع الأسف الممض وقعت في يد الجيش الاستعماري)(1). ولم يذكر حسن حموتن شعره قبل الثورة، وهو الذي يعنينا هنا، ونحن نعلم أنه نشر بعض شعره أيضا في البصائر.
ونريد أن نؤكد أن معظم شعراء فترة 1919 - 1954 لهم أشعار لو جمعت لملأت دواوين. ولكن بعضهم أضاعها، أو ضاعت منه، وبعضهم عزف عن نشرها تواضعا أو عجزا ماديا.
…
كتاب شعراء الجزائر في العصر الحاضر
لقد وعدنا أن نخصص لـ (شعراء الجزائر في العصر الحاضر) وقفة خاصة لأهميته في الحركة الشعرية. فقد كان وقع ظهوره يشبه ظهور تاريخ الجزائر لمبارك الميلي، رغم أن شعراء الجزائر ظهر قبله قليلا. ففي الوقت الذي كانت الجزائر تعيش آثار الحرب العالمية الأولى وتعاني من غطرسة الكولون الذين اعتادوا على التمرد بعد كل حرب أو أزمة تعرفها البلاد، ظهر شعراء الجزائر يحمل البشرى لأنصار النهضة والإصلاح دليلا على ميلاد الشاعر الرائد لهذه النهضة والإصلاح. فالكتاب كان يمثل ميلاد الجزائر الجديدة كما تصورها الشعراء. ولا يعني ذلك أن هؤلاء كانوا كلهم سياسيين أو حتى متسيسين، ولكن إحساسهم العميق بالتجربة الوطنية والتعلق بالتراث والحلم بالمستقبل كان واضحا في هذا الكتاب. أين كان أمثال هؤلاء الشعراء
= تجربته في فرنسا لإدارة المدرسة الإصلاحية التابعة لجمعية العلماء، وعن تتلمذه على الشيخ ابن باديس.
(1)
صالح مؤيد (الثورة في الأدب الجزائري)، ط. مصر، 1963، ص 61.
في القرن الماضي، وأين كانوا في العشرية الأولى من هذا القرن؟ كيف وأين تعلموا حتى يظهروا بهذه القوة وهذه الروح في وقت واحد؟ تلك هي أهمية هذا الكتاب. إن أول ما يفاجئك فيه قول محمد اللقاني بن السائح (1):
بني الجزائر هذا الموت يكفينا
…
لقد أغلت بحبل الجهل أيدينا
ومن مزايا هذا الكتاب أنه جمع بين شعر الشيوخ أمثال ابن الموهوب وأحمد الغزالي، وشعر الشباب أمثال محمد العيد ومفدي زكريا. وكان فيهم الموظفون الرسميون وفيهم المدرسون الأحرار، وفيهم الباحثون عن العيش في غير هذا أو ذاك. وقد كان فيهم أيضا خريجو مدارس الشرق مثل العقبي والمولود الزريبي، والزيتونة مثل محمد العيد ومفدي زكريا، ومدارس الحكومة الفرنسية مثل الجنيد أحمد مكي والأمين العمودي. ولكن جمعهم كلهم حب الشعر وحب الوطن وحرف الضاد في وقت ظن المستعمرون فيه أن الأدب العربي، فما بالك بالشعر الجيد، قد اختفى من الجزائر.
فلا غرابة إذن أن يستقبل المتفائلون بمستقبل الجزائر هذا (الديوان) الجماعي بالفرح والسرور، وأن يحتلفوا بصاحبه أيما احتفال، وأن ينظروا من خلال الإنتاج إلى أفق جديد للوطن. وقد قال محمد العابد الجلالي ان العمل كان منتظرا من غير محمد الهادي السنوسي، من أولئك الذين تقدمت بهم السن وأدركوا الحاجة إلى مثل هذا العمل، ولكن الشاب السنوسي أبى إلا أن يأخذ على عاتقه هذا المشروع الطموح. إنه مشروع جاء في وقته، وكانت الحاجة ماسة إلى إحياء الأدب العربي. وبعد أن نوه بالجزء الأول تمنى ظهور بقية الأجزاء (2). ونوه بالكتاب أيضا أحمد توفيق المدني قائلا إن السنوسي قد
(1) أصل اللقاني من أولاد السائح قرب تقرت. ولد بنفطة سنة 1313 وتعلم في الطيبات ونفطة، ثم جلس للتدريس في قمار وتماسين عند الزاوية التجانية. وقد نشر شعره السياسي والإصلاحي في صدى الصحراء والشهاب. وتوجد ترجمته في (شعراء الجزائر)، 1/ 30 - 61. وقد أدركناه في جامع الزيتونة وحضرنا عليه بعض الدروس.
(2)
محمد العابد الجلالي (تقويم الأخلاق)، ص 175.
ترجم لأغلب شعراء وقته وذكر نبذا من أشعارهم وسيرهم (فقام بعمل جليل خلد اسم الجزائر في عالم التاريخ الأدبي الحديث)(1). وجرى احتفال بالشاعر وكتابه في بسكرة يوم 4 فبراير 1927، وحضر الاحتفال عدد من الأدباء، منهم الشعراء الذين ظهروا في الكتاب، مثل محمد العيد والأمين العمودي والطيب العقبي، وعمر العنق، ومحمد الطاهر بن الشيخ حمدان الونيسي وسعيد الزاهري. وشملت كلمات التكريم كلمة ألقاها الشيخ الطيب العقبي بعنوان (العلم خير منتقى)(2).
اشتمل الجزء الأول من شعراء الجزائر على إهداء (قصيدة) بعنوان روحي لكم بقلم السنوسي نفسه، ثم مقدمة. أما الشعراء الذين ترجموا لأنفسهم أو لخص السنوسي حياتهم، فهم: محمد العيد، ومحمد اللقاني، ومحمد السعيد الزاهري، والجنيد أحمد مكي، وإبراهيم أبو اليقظان، والطيب العقبي، ومفدي زكريا، وأحمد الغزالي، ورمضان حمود، وإبراهيم امتياز، ثم محمد الهادي السنوسي (المؤلف). ولعل أكبر الشعراء سنا في هذا الجزء هو أحمد الغزالي المولود سنة 1873.
أما الجزء الثاني فقد احتوى على عشرة شعراء وهم: الأمين العمودي، المولود بن الموهوب (ولعله أكبرهم سنا في هذا الجزء إذ هو مولود سنة 1866، والطاهر بن عبد السلام الذي أطال في ترجمة حياته وكتبها في شكل (مذكرات) قد تكون هي الأولى من نوعها في أدبيات هذا النوع من الكتابة، ثم حسن أبو الحبال، ومحمد الصالح خبشاش، والمولود الزريبي، ومحمد العلمي (وهو من مواليد المغرب)، ومحمد الطرابلسي (من مواليد طرابلس) وأحمد بن يحيى الفحل، وأخيرا محمود بن دويدة. وفي هذا الجزء كتب خمسة منهم حياتهم بينما لخص السنوسي حياة الخمسة الباقين. وقد تضمن
(1) أحمد توفيق المدني (كتاب الجزائر)، ص 95.
(2)
قام سعيد الزاهري بتلخيص خطبة (كلمة) العقبي، ونشر ذلك في (الشهاب)، انظر أحمد مريوش (الطيب العقبي والحركة الوطنية)، مخطوط. وكذلك شعراء الجزائر 2/ 177.