الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من آلات النفخ الجواق والغيطة. وأشار إلى أنواع الموسيقى الباقية إلى وقته، والفرق الموسيقية العربية. وقد نوه بالكتاب بعض المراجعين مثل محمد بن أبي شنب (1).
تطورات أخرى في مجال الموسيقى والغناء
رغم عراقة الموسيقى الجزائرية، فإنها تقوم على التراث العربي - الأندلسي، ولكن أصولها هي ترتيل القرآن الكريم وإنشاد المدائح النبوية، وقد ازداد هذا التماسك منذ سقوط الأندلس واستغراق الناس في التصوف. وكانت أصوات المؤذنين في المساجد وإنشادات الحضرة الصوفية تلقي بظلالها على مختلف الألحان الموسيقية. ثم أضيفت إلى ذلك أنواع الغناء الأخرى كالشعبي والبدوي والصحراوي والقبائلي. ويذهب السيد حشلاف إلى أن الجزائريين قد استعاروا أيضا من المشرق الألحان العربية منذ 1930 ولعله يشير بذلك إلى مدرسة محمد عبد الوهاب، كما استعاروا من الأوروبيين. ولذلك أصبح الغناء الجزائري متأثرا بعدة تيارات (2). وقد درس ذلك أكثر من واحد، ولا سيما السيد محمود قطاط، كما عرفنا (3).
(1) محمد بن شنب (المجلة الإفريقية)، 1906، ص 290 - 291. انظر عنه أيضا جريدة (المجاهد) بالفرنسية 3 يونيو 1992. وتعطي الدراسة الأخيرة فكرة أيضا عن مجموعة من الموسيقيين وأعمالهم وآلاتهم. لا ندري تاريخ ما كتبه سفير البودالي كشرح وتعليق على بعض الاسطوانات الخاصة بالموسيقى الجزائرية. وكذلك (ديوان الطرب) الذي وضعه سونيك. أما التراث الغنائي الجزائري الذي أعده وقدمه جلول بن يلس والحفناوي أمقران (1975)، ومجلة آمال العدد الرابع (1969)، والجواهر الحسان الذي جمعه محمد بن مرابط، فهي كلها قد صدرت بعد الاستقلال. انظر مراجع السيد محمود قطاط (الحياة الثقافية)، تونس، عدد 32 (1984).
(2)
حشلاف (مجموعة الموسيقى العربية)، ص 175.
(3)
انظر فصل المنشآت الثقافية، فقرة الموسيقى.
ومن رأي السيد حشلاف أيضا أن الموسيقى الجزائرية لا تكاد تخرج عن ضربين: الحضرية والبدوية. والموسيقى الحضرية تتنوع إلى: العروبي، والحوزي، والمالوف والحوفي والزنداني والمحجوز والرحوي والغاوي. وكل نوع له مكانه وزمانه. أما الموسيقى البدوية فهي تختلف باختلاف جهاتها، وهي: الصحراوية، والغربية (الوهرانية) والأوراسية، الخ. وعند الغناء يستعمل أهل كل جهة لهجتهم المحلية مثل التارقية (الهقارية)، والشاوية، والقبائلية، والميزابية، الخ. وقد ظل معظم الشعب يعيش في الأرياف، ولذلك بقيت الموسيقى ريفية (بدوية) في أغلبها ولم تخضع للتأثيرات الخارجية، وهي تستعمل الآلات التقليدية (الجواق، والزرنة والمزود والطبلة والبندير والدف والقلال)، ويسمى المغني البدوي (الفحصى) تحريف (الفصحى) لأن المغنين الأولين كانوا شعراء ينشدون أشعارهم بالفصحى. ومن أشهر الشعراء المغنين في الريف أوائل هذا القرن: الشيخ وراد (تجلابين) والشيخ ابن مناد (تابلاط)، والشيخ بوطبل (الشلف) وأحمد بن الزبير (بنو سليمان)، والشيوخ محمد السنوسي، وولد منور، وولد الزاوي، وحمادة، وكلهم كانوا بناحية مستغانم.
وقد لعب التسجيل دورا بارزا في حفظ التراث الموسيقي. فقد سجلت أغاني الشيوخ الأربعة المتأخرين المشار إليهم بين سنوات 1906 و 1926، بينما ضاع تراث وراد وابن مناد وبوطل وابن الزبير وغيرهم (1). والواقع أنه منذ 1908 انطلق التسجيل لأصوات الفنانين رجالا ونساء. كما سجلت أصوات جماعية (جوقة) مثل (قالوا العرب قالوا، ورانا جيناك، يا بلارج). وكانت الفرق في بداية القرن تضم أسماء يهودية مثل يافيل وسرور وروباش، أو أوروبية (نصرانية) مثل ماري سوسان. ومن هذه الفرق فرقة فيتوسي، وفرقة البيدي، وفرقة ليفي، ثم ظهرت فرقة المطربية وفرقة الكمال (وهي غير معروفة من قبل).
(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 277.
ومن الفرق (الأجواق) الجزائرية ما أنشأه باشر تارزي، وقد سبق ذلك. وفرقة سفنجة التي تسمى (الموصلية)، وكان يشرف عليها بعده تلميذه عبد الرحمن سعيدي وابن التفاحي. وتكونت فرق أخرى في البليدة بقيادة محمود ولد سيدي سعيد الذي توفي سنة 1918. ثم عوضه تلميذه الزموري، وهذا هو شيخ دحمان بن عاشور. ثم فرقة أخرى كانت نواحي وادي الرمان (جنوب/ غربي العاصمة) أشرف عليها قويدر بن إسماعيل، ثم جمعية (الودادية) في البليدة التي كان من أعضائها دحمان بن عاشور. وفرقة (الناصرية) في بجاية، وهذه كان يشرف عليها الصادق البجاوي. وتكونت أيضا فرق في شرشال والقليعة. وكان هناك تبادل وتفاهم بين الفنانين في هذه الفرق، بحيث تبادلت ودادية البليدة والموصلية بالعاصمة والناصرية في بجاية الخبرات والفنانين. وتكون بذلك فن أندلسي وثيق الصلة بالماضي ومعروفا. وكانت الودادية هي التي قدمت الشيخ محيي الدين الأكحل إلى الموصلية فأثر فيها وأصبح تلاميذه في خدمة التعليم الفني وتنشيط الإذاعة (1).
أما الموسيقى الحضرية فتعرف بالصنعة. وهي تقوم على التفنن في الآلات خلافا للموسيقى البدوية. واشتهرت بذلك تلمسان وقسنطينة ثم العاصمة، ولكن اسم (الصنعة) غير موحد في هذه المدن. وعندما نتحدث عن تلمسان فإنما نعني كل الناحية الغربية تقريبا، مثل مستغانم وندرومة أيضا. وقد ظهرت في هذه المدن عدة شخصيات موسيقية في آخر القرن الماضي، وأول هذا القرن. واستطاعوا أن يجددوا فن الغناء والموسيقى وأن يحافظوا على التراث الأندلسي بالخصوص. ومنهم الشيخ بوخالفة الذي كانت له فرقة خاصة، ومن تلاميذه الحاج العربي بن صاري المولود سنة 1857. ومن الشعراء الشعبيين نذكر أيضا الشيخ المرغوني، وقد كان أعمى، وكانت له موهبة موسيقية نادرة. ومنهم قدور بن عاشور الإدريسي الذي ترك مجموعة من الأغاني غير مطبوعة، مثل قصيدة (ولفي مريم)، وكان أهل
(1) نفس المصدر، ص 180 - 181.
تلمسان، رغم حبهم للموسيقى يمنعون أطفالهم من احترافها. وفي مستغانم وندرومة ظهر أوائل هذا القرن الشيوخ ابن دادة ومحمد بن سعدون وحميدة السنوسي، وعبد القادر بن طوبجي وعبد القادر بن قطاط. ويذكر السيد حشلاف أن الشيخ بلقاسم ولد سعيد الجنادي، وهو من مواليد آيت منصور قرب عزازقة، قد تتلمذ على الشيخ سفنجة في العاصمة، ثم حل بمستغانم وأقام فيها وأصبح له تلاميذ في الموسيقى التقليدية، وقد توفي الجنادي سنة 1954. كما ذكر حشلاف مجموعة من أعلام الموسيقى في تلمسان، منهم الشيوخ: بريكسي، والسقال، وبشير زروقي، ومحمد بن صاري، وعبد الغني مالطي، وبومدين بن زينب (1).
ولنتحدث الآن عن بعض الموسيقيين والموسيقيات أو المغنين والمغنيات ما دمنا بصدد هذا الموضوع الفني الصرف، وإذا شئت الثقافي، لأن الشعوب تتميز بلغاتها وموسيقاها وأغانيها الشعبية. ونود أن نسرع إلى القول بأن موضوعات الشعر قد تكون غير أخلاقية عند بعض الشعراء، ولكن منها ما هو ديني وما هو تأملي وما هو وجداني، وما هو في الطبيعة وحتى في مناجاة بعض الحيوانات. وربما تعرض الشعراء إلى الشكوى من الزمان ومن الظلم والاستعمار، وخلدوا ذكر فقيد وبكوا الأحبة والمهاجرين. وربما فرحوا بمولود أو بعودة غريب أو بشفاء مريض. فالموضوعات إذن كثيرة ومتنوعة. أما الصنعة الموسيقية فهي التطريب الشجي المحرك لدواعي النفس وأوتار القلب مهما كان الموضوع.
كان عبد الرحمن المنيمش من مواليد العاصمة في زمن غير محدد في النصف الثاني من القرن الماضي. ولعله كان من ذلك الجيل الذي عاصر
(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 190 - 191. في إحدى المرات ذكر حشلاف أن سفنجة توفي سنة 1891، ويبدو أنه خطأ، لأن رواني روى عن سفنجة أول هذا القرن، وكان عندئذ (أي سفنجة) متقدما في السن. ولذلك رجحنا تاريخ الوفاة سنة 1912. وقد سبقت الإشارة إلى المقال، ولسنا متأكدين الآن من هوية الشيخ الجنادي.
مرحلة التهدئة التي تعني كبح المقاومة الشعبية ومراقبة أصوات المداحين. وقيل إن المنيمش كانت له ذاكرة قوية وصوت جميل، واستطاع أن يحفظ جميع النوبات أو القوالب الموسيقية، وأنه عزف على الآلات التقليدية وغيرها مثل القيثارة والرباب والكمنجة التي كان يفضلها على غيرها.
ومن تلاميذه محمد بن علي سفنجة الذي أخذ عنه رواني الفرنسي أول هذا القرن واعتبره (المعاجم) الأول في هذا الفن (1). وتوفي سفنجة سنة 1912، ودفن بضريح الشيخ الثعالبي. وكان سفنجة محل تقدير تلاميذه وجيله حتى أن صورته ظلت معلقة في قاعة الجمعية الموصلية تخليدا له. واستطاع سفنجة أن يجمع من حوله تلاميذ شيخه المنيمش، ومنهم عبد الرحمن سعيدي. وعند وفاة سفنجة خلفه سعيدي هذا، فواصل مع زملائه تلاميذ سفنجة، مسيرته في الحفاظ على التراث الموسيقي، ومنهم الشيخ زعيبق الذي كان يعزف أيضا على الكمنجة، ثم أحمد سبتي. ومن جيل سفنجة نذكر عبد الرحمن الأكحل ومحمد فخارجي، ثم تلاميذهما مثل عبد الرحمن بن الحسين وعبد الرزاق فخارجي. ومن تلاميذ قندين: أحمد سري ومحمد خزناجي. وهكذا جيلا بعد جيل. ونلاحظ أن بعض العائلات كانت تتوارث الفن الموسيقي، كما كانت عائلات أخرى تتوارث القضاء والتعليم والطب وبعض المهن الأخرى.
أما بالنسبة لتلمسان فقد أشرنا إلى أن الحاج العربي بن صاري كان من مواليد 1857، وأنه كان من تلاميذ الشيخ بوخلفة، وأن الشيخ ابن صاري قد واصل إدارة الفرقة مع تلاميذ شيخه، وهم عمر بخشي والبغدادلي والتريكي ويحيى بن دالي وأضرابهم. وقد ذكر السيد حشلاف عددا، من الفرق الموسيقية التي ظهرت في تلمسان ولكنه لم يذكر تواريخ إنشائها فلا نعلم هل هي من إنشاء هذا الجيل أو من إنشاء جيل آخر سابق: وهي فرقة نسيم الأندلس، وفرقة الهواء الجميل، وفرقة الهلال (مستغانم). وقد عرفنا
(1) انظر رواية رواني عنه، سابقا. فصل المنشآت الثقافية.
منه أيضا أن الحاج العربي بن صاري كان أول من سجل الموسيقى التقليدية على الشريط، ثم تلاه عبد الكريم دالي وبومدين بن قبيل. وفي سنة 1932 شارك ابن صاري في مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية، وشارك معه ابنه رضوان. وقيل إن ابن صاري قدم إلى المؤتمر نماذج من مدرسة تلمسان الموسيقية، فبعد التوشية، قدم القطع الآتية: شمس العشية، وراني نهواك، وقطر الندي، وياللحمام يبكي، وتلمسان يا العالية، وقم دير الجزائر، الخ.
وعند تشكيل الوفد فضل العربي بن صاري ابنه رضوان على عبد الكريم دالي. ومن ثمة كانت القطيعة بين الرجلين (ابن صاري ودالي). وكان عبد الكريم دالي يأتي إلى العاصمة من وقت لآخر للمشاركة في الحفلات الموسيقية الأندلسية التي كانت تقدمها جوقة الإذاعة تحت إشراف محمد فخارجي، ولكنه منذ 1952 استقر (دالي) بعائلته نهائيا في العاصمة. وكانت مهارته قد برزت في الموسيقى الغرناطية وموسيقى الحوزي وسجل الكثير من الموسيقى الأندلسية، وأحيا عدة حفلات منذ الاستقلال (1).
وسبق لنا ذكر بعض المغنيات مثل يمينة وأنيسة. ولا بد أن يقوم الإنتاج الموسيقي على المغنين والمغنيات رغم التحفظات الدينية المعروفة في الحفلات العامة. وتتحدث المصادر عن المعلمة يمينة بنت الحاج المهدي التي اشتهرت أول هذا القرن. وكان غناؤها من نوع الحوفي التلمساني المعروف في العاصمة باسم البوقالة والجعلولة. وهو من غناء الرجال أيضا. وقيل إن يمينة هذه قد سجلت منذ 1908 بعض أغانيها الأندلسية، مثل: جار
(1) ولد عبد الكريم دالي في تلمسان سنة 1914 وتوفي في العاصمة سنة 1978 ودفن بمقبرة سيدي يحيى. انظر حشلاف، مرجع سابق، ص 291. ومن مصادر تاريخ الموسيقى الجزائرية نذكر مقالة سفير البودالي (وقد كان هو المدير الفني لمحطة إذاعة الجزائر) وعنوانها (الموسيقى العربية في الجزائر) في الوثائق الجزائرية. Doc .Alg السلسلة الثقافية رقم 36، 1949. ومقالة بشير حاج علي (بعض الأفكار عن خصائص ومصادر واتجاهات الموسيقى الجزائرية) في مجلة (لانوفيل كريتيك) يناير 1960 عدد خاص. انظر كذلك جان عمروش (الأغاني البربرية لبلاد القبائل) تونس 1939.
الهوى، نبتدي باسم الله، صباحك بالخير؛ ويبدو أن هذه المرأة قد عاشت إلى حوالي 1930. ثم ظهرت مغنيات أخريات مثل المعلمة تطيف (طيطمة؟) التي تعاطت أيضا الغناء الأندلسي وسجلت منه منذ 1908 مثل: هائم في الخلا، ويا قامة غصن البان. وذكر السيد حشلاف أسماء مغنيات أخريات، وهن حسيبة بنت محمد وغزالة الجزائرية وفاطمة بنت المداح، وكلهن ظهرن أوائل هذا القرن وسجلن أغانيهن بين 1910 - 1912. وكذلك المغنية مريم فكاي ثم فضيلة الجزائرية المعروفة باسم مدني فضيلة، وهي من مواليد القصبة في فترة الحرب العالمية الأولى. وقد عاشت في باريس وغنت هناك للمهاجرين، ثم رجعت إلى العاصمة وشاركت في فرقة مريم فكاي، ثم كونت مع أختها فرقة غنائية. وسجنت خلال حرب التحرير، وأغانيها من النوع الأندلسي الشعبي (1).
وثمة فئة أخرى من المغنين غنوا الأندلسي والشعبي. وانتشر اسمهم بين الحربين ثم بعد 1946. ويتساءل المرء عن سبب شهرة بعض الفنانين، هل لفنهم أو لشيء آخر. ولا شك أن الإعلام قد أصبح يلعب دورا كبيرا. في ترويج الأسماء والأغاني، سيما بعد ظهور الإذاعة والتلفزة. ومن الأسماء البارزة التي غزت غرب البلاد ووسطها في الفترة المشار إليها اسم الشيخ حمادة (وهو الحاج محمد قويش) الذي ولد سنة 1889 بنواحي مستغانم. وقيل إنه درس العربية والفرنسية، وأحب الموسيقى، فكان يحضر الحفلات منذ صغره ثم أخذ يشارك في نشاطها منذ 1920، وكون حوله فرقة من القصابة. وأصبح يحيي الحفلات في مستغانم والبليدة والعاصمة. وبدأ في تسجيل أغانيه منذ 1926. وقيل إنه سجل أكثر من مائة أغنية في الجزائر وخارجها. وكان غناؤه أندلسيا وشعبيا. وقد ربط علاقات مع كل من العربي بن صاري
(1) توفيت فضيلة سنة 1970. انظر حشلاف، مرجع سابق، ص 186. وبناء عليه فإن فضيلة كانت أمية (وربما الأخريات أيضا) وكلمات الأغاني كانت تسمعها همسا من أحد الملقنين. وعن تكوين وثقافة الفنانين الجزائريين انظر ملاحظات رواني، سابقا.
في تلمسان والحاج العنقاء في العاصمة (1)، وما يزال له معجبون إلى اليوم.
ومن هذا الجيل الحاج محمد العنقاء المولود في القصبة (العاصمة) سنة 1907، واسمه الحقيقي هو محمد ايدير حالو. وتعلم الموسيقى والشعر على الشيخ مصطفى الناظور، وكانت له ذاكرة قوية فحفظ الأشعار والألحان. وأخذ على شيوخ آخرين أيضا، وقيل أنه دخل الثعالبية وأخذ على الشيخ سيدي علي وليد الأكحل، وكان يريد بذلك تصحيح النطق حسب الشعر القديم فراسل الشيخ أحمد بن زكري والحاج أحمد الأكحل (الشعر؟) العارف بأسرار الموسيقى الأندلسية (2). وكان العنقاء عارفا بأواع الشعر الملحون (الزجل)، وهو الذي أصبح فيما بعد يسمى العروبي (الموال). وبعد موت شيخه الناظور سنة 1925 أسس العنقاء فرقة خاصة وأخذ ينشط الحفلات العامة. وشارك العنقاء سنة 1928 في حفلة افتتاح محطة الإذاعة (راديو الجزائر) واشتهر فيها أمره، إذ تولى فيها الإشراف على الجوقة الشعبية (3). وكان وجوده في العاصمة وفي المنصب المذكور قد جعل منه علما بارزا في الموسيقى التقليدية، ولكنه كان مثل زميله الشيخ حمادة، لا يستجيب لمقاييس الطرب والغناء في الذوق الجزائري جميعا. فقد ظلت أصواتهما محلية أو جهوية (4).
(1) حشلاف، مرجع سابق، ص 278. توفي الشيخ حمادة، إبريل 1968 بعد أن أدى فريضة الحج.
(2)
لا نعرف أن الشيخ سيدي علي وليد الأكحل كان من شيوخ الثعالبية. أما أحمد الأكحل. فهناك شاعر معروف بهذا الاسم وترجمته في شعراء الجزائر لمحمد الهادي السنوسي انظر فصل الشعر.
(3)
حشلاف، مرجع سابق، ص 199 - 201. توفي الحاج العنقاء في نوفمبر 1978. وقد خصه رابح سعد الله بتأليف يحمل اسمه.
(4)
استمعنا نحن إلى عدد من هؤلاء الفنانين، كالشيخ حمادة والحاج العنقاء وفضيلة والحاج الفرقاني وأمثالهم، فوجدناهم يتمتعون بأصوات طيعة ومواهب كبيرة، ولكن غناءهم لا يخضع لأي قواعد لغوية ولا يكادون يفصحون عن مشاعرهم من خلال =