الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ، ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى فَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ حَتَّى يَنْزِعَ الْأُولَى، ثُمَّ يُدْخِلَهَا فِيهِ كَمَا كَانَتْ.
قُلْنَا: هَذَا اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ نَزْعَهُ ثُمَّ لُبْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ لَيْسَ فِيهِ حِكْمَةٌ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَدْخَلْتهمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ» أَيْ أَدْخَلْت كُلَّ وَاحِدَةٍ الْخُفَّ وَهِيَ طَاهِرَةٌ لَا أَنَّهُمَا اقْتَرَنَا فِي الطَّهَارَةِ وَالْإِدْخَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ عَادَةً وَهَذَا كَمَا يُقَالُ دَخَلْنَا الْبَلَدَ وَنَحْنُ رُكْبَانٌ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ رَاكِبًا عِنْدَ دُخُولِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ رُكْبَانًا عِنْدَ دُخُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا اقْتِرَانِهِمْ فِي الدُّخُولِ.
قَالَ رحمه الله (يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا) هَذَا بَيَانٌ لِمُدَّةِ الْمَسْحِ أَيْ صَحَّ الْمَسْحُ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَى آخِرِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ وَيَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ» .
قَالَ رحمه الله (مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ) بَيَانٌ لِأَوَّلِ وَقْتِ مُدَّةِ الْمَسْحِ أَيْ يَمْسَحُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَثَلَاثًا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ عُهِدَ مَانِعًا فَيُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْمَنْعِ؛ وَلِأَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ وَإِنَّمَا هُوَ طَهَارَةُ الْغُسْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ.
قَالَ رحمه الله (عَلَى ظَاهِرِهِمَا) بَيَانٌ لِمَحِلِّ الْمَسْحِ حَتَّى لَا يَجُوزَ مَسْحُ بَاطِنِهِ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ سَاقَيْهِ أَوْ جَوَانِبِهِ أَوْ كَعْبِهِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ بَاطِنُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ لَكِنْ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ» .
قَالَ رحمه الله (مَرَّةً) أَيْ يَمْسَحُ مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَارُ بِخِلَافِ الْغَسْلِ وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ رحمه الله (بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) بَيَانٌ لِمِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ حَتَّى لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَاءً جَدِيدًا لَا يَجُوزُ، وَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَخَذَ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً جَدِيدًا جَازَ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ وَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءٌ أَوْ مَطَرٌ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ كَانَ مُبْتَلًّا بِالطَّلِّ أَوْ أَصَابَ الْخُفَّ طَلٌّ قَدْرَ الْوَاجِبِ قِيلَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَفْسُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ يَجْذِبُهُ الْهَوَاءُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى لَوْ مَسَحَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ مِقْدَارَ أُصْبُعَيْنِ وَعَلَى الْأُخْرَى مِقْدَارَ خَمْسَةِ أَصَابِعَ لَا يَجْزِيهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَصَابِعُ الْيَدِ؛ لِأَنَّهَا آلَةُ الْمَسْحِ وَأَكْثَرُهَا يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: يُعْتَبَرُ أَصَابِعُ الرِّجْلِ كَمَا فِي الْخَرْقِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، ثُمَّ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَكَرَ قَدْرَ الْآلَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الْمَمْسُوحِ فَكَأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِبَيَانِ الْآلَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ إذْ هُوَ مُقَدَّرٌ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَإِذَا مَسَحَ بِهَا فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ فَيَكُونُ بَيَانًا لَهُمَا جَمِيعًا.
قَالَ رحمه الله (يَبْدَأُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ) هَكَذَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ وَجَدَ مَاءً مُطْلَقًا نَزَعَ خُفَّيْهِ وَتَوَضَّأَ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ حَتَّى أَحْدَثَ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَيَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَيَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ؛ لِأَنَّ سُؤْرَ الْحِمَارِ إنْ كَانَ طَهُورًا فَالتَّيَمُّمُ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الطَّهُورُ هُوَ التُّرَابُ فَالْقَدَمُ لَا حَظَّ لَهُ فِي التَّيَمُّمِ اهـ. وَلَوْ قُطِعَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَبَقِيَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْهُ أَيْ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ بَقِيَ ثَلَاثُ أَصَابِعَ لَكِنْ مِنْ الْعَقِبِ لَا مِنْ مَوْضِعِ الْمَسْحِ فَلَبِسَ عَلَى الصَّحِيحَةِ وَالْمَقْطُوعَةِ لَا يَمْسَحُ لِوُجُوبِ غَسْلِ ذَلِكَ الْبَاقِي كَمَا لَوْ قُطِعَتْ مِنْ الْكَعْبِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يَمْسَحُ. اهـ. كَمَالٌ رحمه الله.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَنْزِعَ الْأُولَى) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ لَبِسَهُمَا قَبْلَ غَسْلِهِمَا، ثُمَّ خَاضَ مَاءً عَظِيمًا فَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى رِجْلَيْهِ وَسَائِرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُمْ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام) جَوَابٌ عَنْ اسْتِدْلَالٍ مُقَدَّرٍ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ عَادَةً) أَيْ فِي لُبْسِ الْخِفَافِ.
[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثًا) فَإِذَا كَمُلَتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهَا حَتَّى يَنْزِعَ وَيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ جُرْحٍ لَا يَرْقَأُ وَنَحْوُهُ لَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ إلَّا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَدَخَلَ آخَرُ وَجَبَ النَّزْعُ إنْ كَانَ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ عَلَى السَّيَلَانِ، وَإِلَّا يَسْتَكْمِلُ الْمُدَّةَ كَغَيْرِهِ. اهـ. زَادُ الْفَقِيرِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ) أَيْ لَا مِنْ وَقْتِ اللُّبْسِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِ الْحَدَثِ) أَيْ إلَى مِثْلِ وَقْتِ ذَلِكَ الْحَدَثِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْخُفَّ عُهِدَ مَانِعًا) أَيْ مِنْ سِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ؛ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ تَيْسِيرًا لِتَعَذُّرِ النَّزْعِ وَالْحَاجَةِ إلَى النَّزْعِ عِنْدَ الْحَدَثِ. اهـ. .
[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: عَلَى ظَاهِرِهِمَا) وَيَتَعَلَّقُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بِالْمَحْذُوفِ أَيْ يَمْسَحُ. اهـ. ع وَقَالَ الرَّازِيّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَحَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَسْحِ) أَيْ مِنْ أَعْلَاهُ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ ظَاهِرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: خُطُوطًا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ مُخَطَّطًا وَفِي الْمُجْتَبَى إظْهَارُ الْخُطُوطِ فِي الْمَسْحِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ كَاكِيٌّ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ إذْ الْخُطُوطُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا مَسَحَ مَرَّةً. اهـ. مُسْتَصْفَى.
[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ. اهـ. ع وَقَالَ الرَّازِيّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ صَحَّ اهـ. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءٌ جَدِيدٌ أَجَازَ) أَيْ إنْ مَسَحَ كُلَّ مَرَّةٍ غَيْرَ مَا مَسَحَ قَبْلَ ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الْوُقَايَةِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمَسْحَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ (وَبِظَهْرِ الْكَفِّ) يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا وَلَوْ مَسَحَ بِظَهْرِ الْكَفِّ جَازَ لَكِنَّ السُّنَّةَ بِبَاطِنِهَا شَرْحِ وِقَايَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَصَابَ الْخُفَّ طَلٌّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الطَّلُّ الْمَطَرُ الْخَفِيفُ وَيُقَالُ أَضْعَفُ الْمَطَرِ اهـ. (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ أَصَابِعُ الرِّجْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ يَقَعُ عَلَيْهِ وَهِيَ أَكْثَرُ الْمَمْسُوحِ فَأُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ كَمَا فِي الْخَرْقِ. اهـ. مِعْرَاجٌ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) إذْ الْمَسْحُ فِعْلٌ يُضَافُ إلَى الْفَاعِلِ لَا إلَى الْمَحِلِّ فَتُعْتَبَرُ الْآلَاتُ. اهـ. مِعْرَاجٌ وَصَاحِبُ الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ يَمْسَحُ اهـ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ يَبْدَأُ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ) لَمَّا بَيَّنَ مِقْدَارَ الْوَاجِبِ اسْتَأْنَفَ الْكَلَامَ لِبَيَانِ الْكَيْفِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ وَقَالَ يَبْدَأُ إلَى آخِرِهِ
نُقِلَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ بَدَلُ الْغَسْلِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِهِ وَهَذَا بَيَانُ السُّنَّةِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ إلَى الْأَصَابِعِ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ.
قَالَ رحمه الله (وَالْخَرْقُ الْكَبِيرُ يَمْنَعُهُ) أَيْ يَمْنَعُ الْمَسْحَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مُوَاظَبَةُ الْمَشْيِ مَعَهُ فَصَارَ كَاللِّفَافَةِ قَالَ رحمه الله (وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ أَصْغَرُهَا) أَيْ الْخَرْقُ الْكَبِيرُ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ أَصْغَرُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَدَمِ هُوَ الْأَصَابِعُ وَالثَّلَاثُ أَكْثَرُهَا فَيَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَصْغَرِ لِلِاحْتِيَاطِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ يُعْتَبَرُ أَصَابِعُ الْيَدِ اعْتِبَارًا بِالْمَسْحِ وَهُوَ قَوْلُ الرَّازِيّ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْمِقْدَارُ فِي كُلِّ خُفٍّ عَلَى حِدَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ إذَا انْكَشَفَ مَوْضِعٌ غَيْرُ مَوْضِعِ الْأَصَابِعِ، وَأَمَّا إذَا انْكَشَفَ الْأَصَابِعُ نَفْسُهَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْكَشِفَ الثَّلَاثُ أَيَّتُهَا كَانَتْ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَصْغَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ بِغَيْرِهَا حَتَّى لَوْ انْكَشَفَتْ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فَإِنْ كَانَ مَعَ جَارَتَيْهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَفِي مَقْطُوعِ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ الْخَرْقُ بِأَصَابِعَ غَيْرِهِ وَقِيلَ بِأَصَابِعَ نَفْسِهِ لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَالْخَرْقُ الْمَانِعُ هُوَ الْمُنْفَرِجُ الَّذِي يَرَى مَا تَحْتَهُ مِنْ الرِّجْلِ أَوْ يَكُونُ مُنْضَمًّا لَكِنْ يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ وَيَظْهَرُ الْقَدَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْوَضْعِ بِأَنْ كَانَ الْخَرْقُ عَرْضًا وَإِنْ كَانَ طُولًا يَدْخُلُ فِيهِ ثَلَاثُ أَصَابِعَ فَأَكْثَرُ وَلَكِنْ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ الْقَدَمِ وَلَا يَنْفَرِجُ عِنْدَ الْمَشْيِ لِصَلَابَتِهِ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ وَلَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَخْرُوزَةٍ بِالْخُفِّ لَا يَمْنَعُ وَالْخَرْقُ فَوْقَ الْكَعْبِ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِلُبْسِهِ وَالْخَرْقُ فِي الْكَعْبِ وَمَا تَحْتَهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَنْعِ.
وَقِيلَ لَوْ كَانَ الْخَرْقُ فَوْقَ الْقَدَمِ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَكْثَرَ الْقَدَمِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْأَصَابِعِ يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهَا فَكَذَا الْقَدَمُ كَذَا فِي الْغَايَةِ قَالَ رحمه الله (وَيَجْمَعُ فِي خُفٍّ لَا فِيهِمَا) أَيْ وَيَجْمَعُ الْخُرُوقَ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ لَا فِي خُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَيْنِ عُضْوَانِ حَقِيقَةً فَعُمِلَ بِهَا أَيْ بِالْحَقِيقَةِ وَلَمْ يَجْمَعْ وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ نَقْلُ الْبَلَّةِ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ وَجُعِلَتَا فِي حُكْمِ عُضْوٍ وَاحِدٍ فِي مَنْعِ الْمَسْحِ عَلَى إحْدَاهُمَا وَغَسْلِ الْأُخْرَى احْتِرَازًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَبَدَلِهِ فِيمَا هُوَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
وَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ فَيَتَنَاوَلُ رِجْلًا وَاحِدَةً وَلَكِنْ لَمَّا جُعِلَتَا فِي الْحُكْمِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ تَنَاوَلَهُمَا الْأَمْرُ فَوَجَبَ غَسْلُهُمَا، ثُمَّ الْخَرْقُ الَّذِي يُجْمَعُ أَقَلُّهُ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمِسَلَّةُ وَمَا دُونَهُ لَا يُعْتَبَرُ إلْحَاقًا لَهُ بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ قَالَ رحمه الله (بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَالِانْكِشَافِ) أَيْ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ حَيْثُ يُجْمَعُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي خُفَّيْهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِخِلَافِ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ كَانْكِشَافِ شَيْءٍ مِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
مِسْكِينٌ وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَمْسَحُ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ إيمَاءً إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا. اهـ. مُجْتَبَى وَلَوْ بَدَأَ مِنْ قَبْلِ السَّاقِ جَازَ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ السُّنَّةَ. اهـ. مِسْكِينٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْخَرْقُ الْكَبِيرُ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْضًا. اهـ. ع.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ أَصْغَرُهَا) وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ وَفِي الْأَجْنَاسِ فِي اعْتِبَارِهَا مَضْمُومَةً أَوْ مُنْفَرِجَةً اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الرِّجْلِ مَضْمُومَةً لَا مُنْفَرِجَةً. اهـ. كَاكِيٌّ وَقَوْلُهُ: أَصْغَرُهَا بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ الْأَصَابِعِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ أَصْغَرُهَا وَالنَّصْبُ عَلَى تَقْدِيرِ أَعْنِي. اهـ. ع قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رحمه الله سَوَاءٌ كَانَ الْخَرْقُ فِي ظَاهِرِ الْخُفِّ أَوْ فِي بَاطِنِهِ أَوْ فِي نَاحِيَةِ الْعَقِبِ وَالْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ يَعْنِي إذَا كَانَ الْخَرْقُ مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ كَانَ فَذَلِكَ يَمْنَعُ جَوَازَ الْمَسْحِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَكْشُوفُ مِنْ قِبَلِ الْعَقِبِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَسْتُورِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ يَمْسَحُ حَتَّى يَبْدُوَ أَكْثَرُ نِصْفِ الْعَقِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلشَّيْخِ مِسْكِينٍ رحمه الله (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَدَمِ هُوَ الْأَصَابِعُ) حَتَّى يَجِبَ بِقَطْعِهَا الدِّيَةُ. اهـ. ع وَلَوْ كَانَ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ خَرْقٌ فِي مُقَدَّمِ الْخُفِّ قَدْرُ أُصْبُعٍ وَفِي مُؤَخَّرِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَفِي جَانِبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْأَسْفَلِ مِنْ السَّاقِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جُمِعَ يَصِيرُ قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ. اهـ. فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رحمه الله.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) أَيْ لِأَنَّ مَنْعَ الْخَرْقِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَشْيِ وَهُوَ بِالرِّجْلِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ بِالْيَدِ. اهـ. يَحْيَى. (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهَا) أَيْ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَلَوْ بَدَا ثَلَاثَةٌ مِنْ أَنَامِلِهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْنَعُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَمْنَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. بَدَائِعُ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الْمُحِيطِ إذَا كَانَ يَبْدُو قَدْرُ ثَلَاثِ أَنَامِلَ وَأَسَافِلُهَا مَسْتُورَةٌ قَالَ السَّرَخْسِيُّ يَمْنَعُ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَمْنَعُ حَتَّى يَبْدُوَ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ بِكَمَالِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيَجْمَعُ فِي خُفٍّ لَا فِيهِمَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا دَاعِي إلَى جَمْعِهَا وَهُوَ اعْتِبَارُهَا كَأَنَّهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لِمَنْعِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ فِيمَا إذَا اتَّحَدَ الْمَكَانُ حَقِيقَةً لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْخُفِّ بِامْتِنَاعِهِ قَطْعَ الْمَسَافَةِ الْمُعْتَادَةِ بِهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لِذَاتِ الِانْكِشَافِ مِنْ حَيْثُ هُوَ انْكِشَافٌ، وَإِلَّا لَوَجَبَ الْغُسْلُ فِي الْخَرْقِ الصَّغِيرِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ عِنْدَ تَعَرُّفِهَا صَغِيرَةً كَمِقْدَارِ الْحِمَّصَةِ وَالْفُولَةِ لِإِمْكَانِ قَطْعِهَا مَعَ ذَلِكَ وَعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَادِي قَالَهُ الْكَمَالُ رحمه الله (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ غُسْلُهُمَا)، وَإِلَّا جُعِلَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلَا كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْخُرُوقِ وَإِنْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّضْيِيقُ بِإِيجَابِ الِاحْتِيَاطِ. اهـ. يَحْيَى.
(قَوْلُهُ: الْمِسَلَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْإِبْرَةُ الْعَظِيمَةُ