المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الترتيب في الصلاة] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: ‌[الترتيب في الصلاة]

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَجِبُ بِنَصٍّ مَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَكُونُ عِبَادَةً إلَّا بِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ وَمَا لَا يُؤْمَرُ بِهِ خَارِجَ الْوَقْتِ لَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ عِبَادَةً؛ وَلِهَذَا لَا يَقْضِي رَمْيَ الْجِمَارِ بَعْدَ أَيَّامِهِ، وَكَذَا الْجُمُعَةَ وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ.

قَالَ رحمه الله (التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ)، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا لِغَيْرِهِ وَلَنَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا، وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُعِدْ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ، وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْخَبَرِ وَقَدْ رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَهَا» دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا أَخَّرَ الْمَغْرِبَ الَّتِي يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا لِأَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ وَكَوْنُهُ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِغَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِتَبَعٍ لِشَيْءٍ، وَمَعَ هَذَا هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنَّ تَقَدُّمَ الظُّهْرِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَصْرِ فِي الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ فَكَذَا هَاهُنَا.

قَالَ رحمه الله (وَيَسْقُطُ) أَيْ التَّرْتِيبُ (بِضِيقِ الْوَقْتِ وَالنِّسْيَانِ وَصَيْرُورَتِهَا سِتًّا) أَيْ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَمَّا سُقُوطُهُ بِضِيقِ الْوَقْتِ؛ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَفْوِيتُ الْوَقْتِيَّةِ لِتَدَارُكِ الْفَائِتَةِ وَلِأَنَّهُ وَقْتَ لِلْوَقْتِيَّةِ بِالْكِتَابِ وَوُقِّتَ لِلْفَائِتَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْكِتَابُ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْغَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَقَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الثَّابِتِ بِالْخَبَرِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الْوَقْتِيَّةَ وَالْفَائِتَةَ جَمِيعًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ مَثَلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِقَضَائِهِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ بَعْدَهُ تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِيهِ صَلَّى الْفَجْرَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَى الْعِشَاءَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ. وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ قَدْ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَلَ الْفَجْرُ فَإِذَا بَطَلَ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْفَجْرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ يُعِيدُ الْفَجْرَ فَقَطْ فَإِنْ أَعَادَ الْفَجْرَ فَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ يَسَعُهُمَا صَلَّاهُمَا وَإِلَّا أَعَادَ الْفَجْرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِشَاءِ وَلَمْ يُعِدْ الْفَجْرَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَابْنُ حَبِيبٍ لَا تُقْضَى الْمُتَعَمَّدَةُ فِي التَّرْكِ؛ لِأَنَّ تَارِكَهَا مُرْتَدٌّ. اهـ. غَايَةٌ.

[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ) أَيْ وَاجِبٌ. اهـ. كَاكِيٌّ وَعَيْنِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْفَوَائِتِ الثَّلَاثَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ أَوْ الْخَمْسَةُ أَوْ السِّتَّةُ. اهـ. عَيْنِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالْجَهْلُ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَا يُسْقِطُهُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ. وَفِي الْبِدَايَةِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبِ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ كَالنَّاسِي رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ اهـ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا وَلَمْ يَعْقِدْ عِنْدَ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ يَظُنّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ صَلَوَاتٍ أَرْبَعٍ فَسَادَهَا فَالْجَاهِلُ كَالنَّاسِي فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا صَلَّاهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثُ يَصْلُحُ حُجَّةً عَلَى مُحَمَّدٍ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ بُطْلَانُ أَصْلِ الصَّلَاةِ حَيْثُ أَمَرَهُ بِالْمُضِيِّ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَهُ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ) يَعْنِي يَصِحُّ لَا أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّافِلَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ يَكُونُ آثِمًا بِتَفْوِيتِ الْفَرْضِ بِهَا وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا إلَى آخِرِهِ) قِيلَ الْمُرَادُ مِنْ النَّهْيِ قَوْله تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78]؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِجْمَاعُ لَا نَهْيُ الشَّارِعِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَقْتِيَّةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي غَيْرِ الْفَائِتَةِ، وَهُوَ كَوْنُ الِاشْتِغَالِ بِهَا يُفَوِّتُ الْوَقْتِيَّةَ، وَهَذَا يُوجِبُ كَوْنَهُ عَاصِيًا فِي ذَلِكَ أَمَّا هِيَ فِي نَفْسِهَا فَلَا مَعْصِيَةَ فِي ذَاتِهَا اهـ فَتْحٌ وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا كَانَ الْوَقْتُ قَابِلًا لِلْفَائِتَةِ، وَعِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَائِتَةِ، وَلَوْ بَدَأَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ النَّهْيُ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى فِيهَا؛ بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ فَرْضِ الْوَقْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَمَا يُنْهَى عَنْ الْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ وَالنَّهْيُ مَتَى كَانَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَعِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ النَّهْيُ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لِمَعْنًى فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالنَّهْيُ مَتَى كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ فَإِنْ افْتَتَحَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، وَهُوَ نَاسٍ لِلظُّهْرِ فَصَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَاحْمَرَّتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الظُّهْرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ افْتِتَاحَ الْعَصْرِ فَلَا يَمْنَعُ الْمُضِيَّ فِيهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا يُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى) أَيْ وَفَرْضُهُ مَا يَلِي الطُّلُوعَ وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ. اهـ. زَاهِدِيٌّ.

{فَرْعٌ} افْتَتَحَ الْعَصْرَ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْعَصْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ فَقَهْقَهَ لَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ عَنْ التَّطَوُّعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ عَنْ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلصَّلَاةِ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا أُفْسِدَتْ صَارَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَهُمَا بِفَسَادِ الْجِهَةِ لَا يَفْسُدُ أَصْلُ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا اعْتَرَضَ مُنَافِيًا لِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَتَذَكُّرُ الظُّهْرِ لَا يُنَافِي أَصْلَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ أَدَاءَ الْعَصْرِ فَيَفْسُدُ الْعَصْرُ اهـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ص: 186

فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْعِشَاءِ جَازَ فَجْرُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَقْتَ كَانَ ضَيِّقًا ثُمَّ ضِيقُ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَشْرَعَ فِيهَا، وَلَوْ شَرَعَ نَاسِيًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ جَازَتْ صَلَاتُهُ. وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ جَائِزَةً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ فِيهَا بَعْدُ، وَالْوَقْتُ لَا يَسَعُ فِيهِ الْمَتْرُوكَاتِ كُلَّهَا مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَكِنْ يَسَعُ فِيهِ بَعْضَهَا مَعَهَا لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الصَّرْفُ إلَى هَذَا الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ الصَّرْفِ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعَصْرِ لِأَصْلِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ الْحَسَنِ: الْعِبْرَةُ لِلْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الظُّهْرِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالظُّهْرِ يَقَعُ الْعَصْرُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَهُمَا فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ فَيُصَلِّي الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَوْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَدْرُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ جَوَازِ الظُّهْرِ فِيهِ. وَلَوْ دَخَلَ فِي الْعَصْرِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيهِ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لَمْ يَجُزْ الْعَصْرُ إلَّا إذَا قَطَعَ وَاسْتَقْبَلَ، وَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ مَا ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَ جَائِزًا فَكَذَا لَا يُمْنَعُ الْبَقَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ عَلَى مَا مَرَّ لَوْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ، وَالشَّمْسُ حَمْرَاءُ وَغَرَبَتْ، وَهُوَ فِيهَا أَتَمَّهَا. طَعَنَ عِيسَى فِيهِ فَقَالَ الصَّحِيحُ يَقْطَعُهَا ثُمَّ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقْتٌ مُسْتَحَبٌّ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهَا يَكُونُ كُلُّهَا قَضَاءً، وَلَوْ مَضَى فِيهَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ فَكَانَ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ حِينَ شَرَعَ فِيهَا كَانَ مَأْمُورًا بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَقَعُ فِي الْوَقْتِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَانِعًا لَمَا أُمِرَ بِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعَصْرَ اسْتِحْسَانًا وَيَجْزِيهِ وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِالنِّسْيَانِ فَلِلتَّعَذُّرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْفَائِتَةِ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَلِأَنَّ الْوَقْتَ إنَّمَا يَصِيرُ وَقْتًا لِلْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ وَمَا لَمْ يَتَذَكَّرْ لَا يَكُونُ وَقْتًا لَهَا فَلَا اجْتِمَاعَ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا فَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهَا لَوَقَعُوا فِي حَرَجٍ عَظِيمٍ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ وَلِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا عِنْدَ كَثْرَتِهَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ) أَيْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَثَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا اهـ.

كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَطَعَ وَاسْتَقْبَلَ إلَى آخِرِهِ)؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي الْعَصْرِ مَعَ تَرْكِ الظُّهْرِ فَيَقْطَعُ، ثُمَّ يَفْتَتِحُهَا ثَانِيًا، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلتَّرْتِيبِ وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَاخْتِتَامِهَا وَهُوَ النِّسْيَانُ وَضِيقُ الْوَقْتِ اهـ. قَارِئُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الصَّحِيحُ يَقْطَعُهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ زَالَ، وَهُوَ ضِيقُ الْوَقْتِ فَعَادَ التَّرْتِيبُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْضِي فِيهَا، ثُمَّ يَقْضِي الظُّهْرَ، ثُمَّ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ذَكَرَهُ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَضَى فِيهَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ، وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا يَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْمَبْسُوطِ كَانَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ يَقُولُ: مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ فِي عُمُرِهِ مَا لَمْ يَقْضِهَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفَوَائِتِ تَكُونُ عَنْ كَثْرَةِ تَفْرِيطٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّخْفِيفَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةِ سِتَّةٌ فَجَعَلَ حَدَّ الْكَثْرَةِ مَا زَادَ عَلَى سِتَّةٍ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ إلَّا بِمُضِيِّ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ قَلِيلٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَى أَجَلٍ دُونَ الشَّهْرِ وَمَا فَوْقَ الشَّهْرِ كَثِيرٌ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قُلْت الْفَوَائِتُ أَوْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا يَسْتَوِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. اهـ. كَاكِيٌّ.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ حَتَّى سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِأَجْلِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِي نَفْسِهَا أَيْضًا حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ شَهْرٍ فَصَلَّى ثَلَاثِينَ فَجْرًا، ثُمَّ صَلَّى ثَلَاثِينَ ظُهْرًا هَكَذَا إلَى آخِرِهِ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا التَّرْتِيبُ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّ فَجْرَ الْيَوْمِ الثَّانِي حَصَلَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ مَا يَقُولُ الْعَوَامُّ أَنَّهُ يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الْفَوَائِتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا أَنَّ الْفَوَائِتَ لَمَّا كَثُرَتْ أُسْقِطَ التَّرْتِيبُ عَنْ أَغْيَارِهَا؛ فَلَأَنْ يَسْقُطَ فِي نَفْسِهَا كَانَ أَوْلَى، وَشَبَّهَهُ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الْكُرْدِيُّ بِالضَّرْبِ لِمَا أَثَّرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ إيلَامًا فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي مَوْضِعِ الضَّرْبِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا عِنْدَ كَثْرَتِهَا) أَيْ مَعَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْحَاجَاتِ. اهـ. فَتْحٌ وَذَكَرَ فِي الدِّرَايَةِ أَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُسْقِطَةَ صَيْرُورَةُ الْفَوَائِتِ خَمْسًا فِي رَاوِيَةِ ابْنِ شُجَاعٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ دُخُولُ وَقْتِ السَّادِسَةِ مَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ صَيْرُورَتُهَا سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا.

وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَذَكَرَ فِي الدِّرَايَةِ أَيْضًا أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْفَوَائِتِ فِي بَابِ الْكَثْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَا تَحْصُلُ بِهِ الْكَثْرَةُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْكَثْرَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ أَوْ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ وَلَا مَدْخَلَ لِلْوِتْرِ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْفَوَائِتِ الصَّلَوَاتِ الْمُؤَقَّتَةَ اهـ.

ص: 187

وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الدُّخُولَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً، وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ: الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فَرْعٌ} عَنْ أَبِي نَصْرٍ فِيمَنْ يَقْضِي صَلَوَاتِ عُمُرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَاتَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ نُقْصَانٍ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ لِكَرَاهَةٍ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَفْعَلُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ وَقَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيُّ: الْقَضَاءُ أَوْلَى فِي الْحَالَيْنِ. اهـ. غَايَةٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ قِيلَ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ الْأَوَّلَ صَارَ الظُّهْرُ الثَّانِي أَوَّلَ ظُهْرٍ مَتْرُوكٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقِيلَ يَنْوِي آخِرَ ظُهْرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى الْآخِرَ صَارَ الَّذِي قَبْلَهُ آخِرًا، وَلَوْ نَوَى الْفَائِتَةَ وَلَمْ يَنْوِ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا جَازَ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ إلَى آخِرِهِ) احْتَجَّ بِأَنَّ كَثْرَةَ الشَّيْءِ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَاهُ وَأَقْصَى الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ فَشُبِّهَ بِالصَّوْمِ حَتَّى قَالُوا: إنَّ الْجُنُونَ الْكَثِيرَ مُفْسِدٌ بِاسْتِغْرَاقِ الشَّهْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ)؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ لَا تَدْخُلُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَإِنَّمَا تَدْخُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا تَصِيرُ مُكَرَّرَةً، وَلَوْ تَرَكَ صَلَاةً، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِنَّ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَقْضِي الْمَتْرُوكَةَ وَأَرْبَعَةً بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ السَّادِسَةَ جَائِزَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى صَلَّى السَّابِعَةَ فَالسَّابِعَةُ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا صَلَّى السَّابِعَةَ تَعُودُ الْمُؤَدَّيَاتُ الْخَمْسُ إلَى الْجَوَازِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ وَحْدَهَا اسْتِحْسَانًا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَخَمْسًا بَعْدَهَا قِيَاسًا وَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى السَّادِسَةَ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَوَائِتِ فَالسَّادِسَةُ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ صَلَّى السَّابِعَةَ تَنْقَلِبُ السَّادِسَةُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْخَمْسِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَنْقَلِبُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ السِّتِّ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةً، ثُمَّ صَلَّى شَهْرًا، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ، وَخَمْسٌ بَعْدَهَا إلَّا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ يُعِيدُ الْفَائِتَةَ وَجَمِيعَ مَا صَلَّى بَعْدَهَا مِنْ صَلَاةِ الشَّهْرِ اهـ مِنْ الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا اهـ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْخَمْسِ، وَهُوَ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ فِيهِ شِيمَةُ الِاتِّحَادِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِيَّةُ فَشَرَطَ الدُّخُولَ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ لِتَثْبُتَ الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ التَّكْرَارَ ثَمَّ لَزَادَتْ الزِّيَادَةُ الْمُؤَكَّدَةُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُؤَكَّدِ إذَا لَا يَدْخُلُ وَقْتُ وَظِيفَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَمْضِ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا اهـ. سَيِّدٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلَعَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رحمه الله فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ سِتَّةً مُذْ فَاتَتْهُ الْفَائِتَةُ، وَإِنْ أَدِّي مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ مِنْ يَوْمٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ يَعْنِي بَيْنَ الْمَتْرُوكَاتِ وَعَلَى الثَّانِي لَا؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا.

وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُصَفَّى فِي وَجْهِ اقْتِصَارِ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا إذَا تَرَكَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا قَالَ لِلْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ يَزِيدُ عَلَى سِتٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْفَوَائِتِ بِنَفْسِهَا سِتًّا يَعْنِي فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي الزَّائِدِ عَلَى الصَّلَاتَيْنِ اقْتَصَرَ فِي الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ فِيهِمَا وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عَلِمَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَادَةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَى قَوْلِهِ كَوْنُ الْمُتَخَلَّلَاتِ سِتَّ فَوَائِتَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ دُخُولِ وَقْتِهَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فَائِتًا سِوَى الْمَتْرُوكَةِ إذْ ذَاكَ، وَالْمُسْقَطُ هُوَ سِتُّ فَوَائِتَ لَا مُجَرَّدُ أَوْقَاتٍ لَا فَوَائِتَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ السُّقُوطُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلْزَامُ الِاشْتِغَالِ بِأَدَائِهَا إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ فَمُجَرَّدُ الْأَوْقَاتِ بِلَا فَوَائِتَ لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ، وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مَقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ بِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا.

وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بِالْخَطَأِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ خِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي الثَّلَاثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الثِّنْتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا نُحَقِّقُهُ بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ بِشُعَبِهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ إذْ قَدْ صَيَّرْنَا إلَيْهَا إحْرَازًا لِفَائِدَتِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِيهَا إلْحَاقُ نَاسِي التَّرْتِيبَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْفَائِتَتَيْنِ بِنَاسِي الْفَائِتَةِ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِهِ وَهُوَ أَلْحَقَهُ بِنَاسِي التَّعْيِينِ وَهُوَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَا هِيَ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ طَرِيقٍ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ سُلُوكُهَا، وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَرِّحُ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ فَيَجِبُ الطَّرِيقُ الَّتِي تَعَيَّنَهَا كَمَا قِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ صُورَةُ قَضَاءِ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَوَّلًا هُوَ

ص: 188

مِنْ يَوْمٍ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهَا أُولَى فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَةَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ كَثِيرَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْفَوَائِتُ الْقَدِيمَةُ وَالْحَدِيثَةُ قِيلَ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ

وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَيْضًا بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ ثُمَّ قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ، وَهُوَ ظَنّ مُعْتَبَرٌ

قَالَ رحمه الله (وَلَمْ يُعِدْ بِعَوْدِهَا إلَى الْقِلَّةِ) أَيْ لَمْ يُعِدْ التَّرْتِيبَ بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ إلَى الْقِلَّةِ بِقَضَاءِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ قَدْ تَلَاشَى فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ: يَعُودُ التَّرْتِيبُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ الْكَثْرَةُ وَقَدْ زَالَتْ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله فِيمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الظُّهْرَ.

فَالظُّهْرُ الْأَخِيرَةُ تَقَعُ نَفْلًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَصْرَ فَالظُّهْرُ الْأَوَّلُ يَقَعُ نَفْلًا وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالظُّهْرِ يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَصْرِ فَيُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ ثَلَاثًا ظُهْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَعَصْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَمَغْرِبٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي تَرْتِيبَهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ، ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ سَبْعَ صَلَوَاتٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ يَحْتَمِلُ أَنَّ كَوْنَهَا أُولَى أَوْ أَخِيرَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً تَجِيءُ تِسْعًا الثَّابِتُ فِي الْخَارِجِ سِتٌّ لِلتَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّ تَوَسُّطَ الظُّهْرِ يَصْدُقُ فِي الْخَارِجِ أَمَّا مَعَ تَقَدُّمِ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَلَا يَكُونُ كُلٌّ قِسْمًا بِرَأْسِهِ، وَكَذَا هُمَا فَخَرَجَ بِوَاسِطَةِ كُلٍّ وَاحِدَةٌ يَبْقَى الثَّابِتُ الظُّهْرُ، ثُمَّ الْعَصْرُ، ثُمَّ الْمَغْرِبُ أَوْ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، ثُمَّ الْعَصْرُ فَهَذَانِ قِسْمَا تَقَدُّمِ الظُّهْرِ وَلِتَقَدُّمِ الْعَصْرِ مِثْلُهُمَا وَلِلْمَغْرِبِ كَذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ مَعَ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ يُصَلِّي تِلْكَ السَّبْعَ، ثُمَّ يُصَلَّى الرَّابِعَةَ وَهِيَ الْعِشَاءُ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً، ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ السَّبْعَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَ عَشَرَةَ فَلَوْ كَانَتْ خَمْسًا مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ بِأَنْ تَرَكَ الْفَجْرَ أَيْضًا يُصَلِّي إحْدَى وَثَلَاثِينَ صَلَاةً تِلْكَ الْخَمْسَ عَشَرَةَ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ أَعْنِي الْفَجْرَ، ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الْخَمْسَ عَشَرَةَ فَالضَّابِطُ أَنَّ الْمَتْرُوكَةَ.

وَإِنْ كَانَتَا ثِنْتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا، ثُمَّ يُعِيدُ أَوَّلَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً صَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً صَلَّى قَضَاءً الثَّلَاثَ كَمَا قُلْنَا، ثُمَّ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ أَعَادَ مَا يَلْزَمُهُ فِي قَضَاءِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةً فَعَلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ، ثُمَّ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ فِي أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا لِكَثْرَةِ سُؤَالِ السُّؤَالِ عَنْهُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ لِكَسَلِهِمْ وَإِلَّا فَدَلِيلُهُمَا لَا يَتَرَجَّحُ عَلَى دَلِيلِهِ، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا وَرَاءَ الصَّلَاتَيْنِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الْأُولَى فِي قَوْلِ الْكُلِّ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتِ الْوَقْتِيَّةِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ مُسْتَقِيمٌ أَمَّا إيجَابُ سَبْعِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَسْتَقِيمُ لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْوَقْتِيَّةِ اهـ.

فَهَذَا يُوَضِّحُ لَك أَنَّ خِلَافَ هَؤُلَاءِ فِيمَا وَرَاءَ الثِّنْتَيْنِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ إيجَابِ سَبْعٍ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ، وَهُوَ كَسَبْعِ فَوَائِتَ مَعْنًى لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ إيجَابَ التَّرْتِيبِ فِي قَضَائِهَا يُوجِبُ سَبْعَ صَلَوَاتٍ فَإِذَا كَانَ التَّرْتِيبُ يَسْقُطُ بِسِتٍّ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِسَبْعٍ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى لَمْ يَعْتَبِرُوا إلَّا تَحَقُّقَ فَوَاتِ سِتٍّ وَالْأَوَّلُونَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالسِّتِّ مَوْجُودٌ فِي إيجَابِ سَبْعٍ فَظَهَرَ بِهَذَا مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ قَوْلُهُ خَمْسُ وَقْتِيَّاتٍ أَيْ بِالْمُؤَدَّاةِ الْأُوَلِ اهـ وَقَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ السَّادِسَةِ اهـ وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا مَبْنًى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَوْقَاتٌ مُتَخَلَّلَةٌ لَا فَوَائِتَ فِيهَا اهـ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ اهـ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ، وَهُوَ قِيَاسُهُ عَلَى نَاسِي التَّعْيِينِ اهـ مِنْهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ مَا يَلْزَمُهُ فِي قَضَاءٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ وَهُوَ سَبْعُ صَلَوَاتٍ اهـ. وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ فِي أَرْبَعٍ هَذَا وَإِنَّمَا وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ مِنْ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ مَا هُوَ نَفْلٌ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِيَقِينٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فَوَجَبَ لِوُجُوبِهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّتْ النِّيَّةُ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِ كُلِّ وَاحِدٍ؟ (أُجِيبُ) بِإِنَّمَا صَحَّتْ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي ذِمَّتِهِ فَصَحَّتْ لِذَلِكَ لِظَنِّهِ بَقَاءَهَا فِي ذِمَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مُعَيَّنَةٌ فَشَكَّ فِي أَدَائِهَا فَإِنَّهَا تَجْزِيهِ مَعَ شَكِّهِ لِاسْتِنَادِ نِيَّتِهِ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ كَأَنَّهُ خَبَرُ كَأَنَّهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَأَنَّهُ قِيلَ ذَلِكَ تَخْفِيفًا اهـ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ) أَيْ فَيُصَلِّي أَيَّ صَلَاةٍ شَاءَ مِنْ الثَّلَاثِ اهـ (قَوْلُهُ فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي إلَى آخِرِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إلَى التَّهَاوُنِ لَا إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ اعْتَادَ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّكَاسُلُ لَوْ أُفْتِيَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ يُفَوِّتُ أُخْرَى وَهَلُمَّ جَرَّا حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ زَاجِرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ) أَيْ وَأَنْ لَا تَصِيرَ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ قَالَ أَبُو حَفْصٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْكَافِي وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ إذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَمَاءٍ قَلِيلٍ نَجَسٍ دَخَلَ عَلَيْهِ مَاءٌ جَارٍ حَتَّى سَالَ فَعَادَ قَلِيلًا لَمْ يَعُدْ نَجَسًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ إلَى آخِرِهِ) فَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ مَثَلًا، ثُمَّ قَضَاهَا إلَّا صَلَاةً، ثُمَّ قَضَى الْوَقْتِيَّةَ ذَاكِرًا لَهَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ اهـ ع

ص: 189

يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَجَعَلَ يَقْضِي مِنْ الْغَدِ مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْوَقْتِيَّاتُ فَاسِدَةٌ إنْ قَدَّمَهَا لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، وَإِنْ أَخَّرَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا (قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ الْكَرِيمِ) لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْدِ التَّرْتِيبِ بَعْدَ سُقُوطِهِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ سَقَطَ لَجَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَجْزَأَتْهُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا وَلَا يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِفَسَادِ الْوَقْتِيَّةِ الَّتِي بَدَأَ بِهَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَمَا فَسَدَتْ الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ.

قَالَ رحمه الله (فَلَوْ صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً، وَلَوْ وِتْرًا فَسَدَ فَرْضُهُ مَوْقُوفًا) حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ مَا لَمْ يَقْضِ الْفَائِتَةَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا، وَلَوْ قَضَى الْفَائِتَةَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ سِتَّةُ أَوْقَاتٍ بَطَلَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ، وَانْقَلَبَ نَفْلًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْوِتْرُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْفَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَفْلٌ عِنْدَهُمَا، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ، وَالنَّوَافِلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا صَلَّى الْفَرْضَ ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَبْطُلُ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ وَتَنْقَلِبُ نَفْلًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ مَا حُكِمَ بِفَسَادِهِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِيهِ كَمَنْ افْتَتَحَ الْفَرْضَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ ثُمَّ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يُحْكَمْ بِجَوَازِهَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ عِلَّةُ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي حَقِّ مَا بَعْدَهَا لَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا كَمَا لَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ ثَبَتَ الْإِذْنُ دَلَالَةً فِي حَقِّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ لَا فِي حَقِّهِ، وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا صَارَ مُعَلَّمًا بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثَبَتَ الْحِلُّ فِيمَا بَعْدَهَا لَا فِيهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَا تَبْقَى التَّحْرِيمَةُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلْفَرْضِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ إلَى آخِرِهِ) فَإِنَّهُ مَتَى أَدَّى صَلَاةً مِنْ الْوَقْتِيَّاتِ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةَ الْمَتْرُوكَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَضَى مَتْرُوكَةً بَعْدَهَا عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ خَمْسًا، ثُمَّ لَا يَزَالُ هَكَذَا فَلَا يَعُودُ إلَى الْجَوَازِ. اهـ. كَاكِيٌّ قَوْلُهُ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةَ الْمَتْرُوكَاتِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَعُودَ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَضَى بَعْدَهَا فَائِتَةً حَتَّى عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ إلَى خَمْسٍ أَنْ تَجُوزَ الْوَقْتِيَّةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا أَوْ أَخَّرَهَا، وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ عِدَّةٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ أَعْنِي خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ إلَى الْخَمْسِ اهـ.

فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ إلَى آخِرِهِ) فَكَانَ فِي مَعْنَى النَّاسِي قَالُوا هَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّ صَلَاةَ يَوْمِهِ جَائِزَةٌ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الْعِشَاءُ الْأَخِيرَةُ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَالْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالشَّهِيدُ فِي عُدَّةِ الْمُفْتِي. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ حَالَ أَدَائِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى وَقْتِيَّةً أَوَّلًا فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَلَمْ تَجُزْ وَصَارَتْ مِنْ الْفَوَائِتِ فَصَارَتْ سِتًّا فَإِذَا قَضَى فَائِتَةً بَعْدَهَا عَادَتْ الْفَوَائِتُ خَمْسًا فَلَمْ يَزَلْ كَذَا أَمَّا إذَا قَدَّمَ الْفَوَائِتَ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّاتُ إلَّا الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا وَفِي زَعْمِهِ أَنَّهُ أَعَادَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَصِيرُ الْوَقْتُ وَقْتًا لِلْفَائِتَةِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَائِتَةَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا اهـ وَبِهَذَا سَقَطَ إشْكَالُ الشَّارِحِ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ رحمه الله. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا) أَيْ حَتَّى صَارَتْ خَمْسًا بِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى تِلْكَ الرَّاوِيَةِ لَمَا فَسَدَتْ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا وَاحِدَةٌ تُصَحِّحُ الْخَمْسَ وَوَاحِدَةٌ تُفْسِدُ الْخَمْسَ فَالْمُصَحِّحَةُ هِيَ السَّادِسَةُ وَالْمُفْسِدَةُ هِيَ الْمَتْرُوكَةُ تُقْضَى قَبْلَ السَّادِسَةِ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ وِتْرًا) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ نُسَخِ الْمَتْنِ، وَلَوْ وِتْرًا اهـ.

{فَرْعٌ} وَفِي الْحَاوِي لَا يَدْرِي كَمِيَّةَ الْفَوَائِتِ يَعْمَلُ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يَقْضِي حَتَّى يَسْتَيْقِنَ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَقْضِي احْتِيَاطًا فَقِيلَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَقِيلَ لَا يَقْرَأُ، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي أَيُّهَا هِيَ يَقْضِي الْخَمْسَ احْتِيَاطًا وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهَا هِيَ يَتَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ أَعَادَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ رحمه الله وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ يُعِيدُ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَانِ يَنْوِي بِهِمَا الْفَجْرَ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَأَرْبَعًا يَنْوِي ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ عِشَاءً إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَثَلَاثًا بِنِيَّةِ الْمَغْرِبِ وَقَالَ زُفَرُ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَالْمُزَنِيِّ يُصَلِّي أَرْبَعًا يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ الَّتِي عَلَيْهِ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو: سَأَلْت مُحَمَّدًا عَمَّنْ نَسِيَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا مِنْ أَيَّةِ صَلَاةٍ قَالَ يُعِيدُ الْخَمْسَ قُلْت فَإِنْ نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ يُعِيدُ صَلَاةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالرَّازِيِّ وَالنَّسَفِيِّ مَعَ الثَّوْرِيِّ وَفِي جَامِعِ الْكُرْدِيِّ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ رُكْنًا مِنْ صَلَاةٍ لَا يَدْرِي أَيَّتُهَا يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ شَرْطٌ وَأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِجَهْلِهِ بِهَا فَيَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ وَبِهِ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْمَرِيسِيِّ وَالْمُزَنِيِّ.

وَلَوْ نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ سِتًّا مِنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعًا مِنْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَضَى صَلَوَاتِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ أَوْ سِتَّةٍ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ تَعْيِينِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ إذَا صَارَتْ سِتًّا عَادَتْ الْمَفْعُولَاتُ صَحِيحَةً كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْفَائِتَةِ.

وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ وَتَعْيِينُ النِّيَّةِ وَاجِبٌ وَلَا طَرِيقَ إلَى قَضَاءِ الْفَوَائِتِ عَيْنًا إلَّا بِقَضَاءِ جَمِيعِ صَلَوَاتِ الْأَيَّامِ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَا يَخْفَى حُسْنُ هَذَا النَّظَرِ اهـ

ص: 190