الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ النَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلَنَا أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ فَقَضَاهُنَّ وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِ وَلِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا قَصُرَتْ لَا يُحْرَجُ فِي الْقَضَاءِ فَيَجِبُ كَالنَّائِمِ، وَإِذَا طَالَتْ يُحْرَجُ فَيَسْقُطُ كَالْحَائِضِ وَالْجُنُونُ كَالْأَغْمَاءِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ سِتَّ صَلَوَاتٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَفَاقَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ اسْتَوْعَبَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ إذَا أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ بِاسْتِيعَابِ سِتَّةِ أَوْقَاتٍ وَلَمْ يُوجَدْ، وَهَذَا إذَا دَامَ الْإِغْمَاءُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفِقْ فِي الْمُدَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُفِيقُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ مِثْلُ أَنْ يَخِفَّ عَنْهُ الْمَرَضُ عِنْدَ الصُّبْحِ مَثَلًا فَيُفِيقُ قَلِيلًا، ثُمَّ يُعَاوِدُهُ فَيُغْمَى عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْإِفَاقَةُ فَيَبْطُلُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حُكْمِ الْإِغْمَاءِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يُفِيقُ بَغْتَةً فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ، ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الْإِفَاقَةِ، وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْخَمْرِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ؛ وَلِهَذَا يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ أَوْ الدَّوَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عُرِفَ بِالْأَثَرِ إذَا حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَصَارَ كَالْمَرَضِ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ بِسَبَبِ ضَعْفِ قَلْبِهِ، وَهُوَ مَرَض وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَنَا وَقَالَ بِشْرٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ طَالَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعْذَرُ إلَى آخِرِهِ) ذَكَرَ فِي الْمَنَافِعِ أَنَّ الْأَعْذَارَ أَنْوَاعٌ: مُمْتَدٌّ جِدًّا كَالصِّبَا يَمْنَعُ، قَاصِرٌ جِدًّا كَالنَّوْمِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَإِنْ امْتَدَّ أُلْحِقَ بِالْمُمْتَدِّ جِدًّا حَتَّى سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ قَصُرَ أُلْحِقَ بِالنَّوْمِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. اهـ. غَايَةٌ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْكُنُوزِ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ كَالْأَخْرَسِ فَإِنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ إلَى آخِرِهِ) فَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّوْرَةِ سَاعَةً سَقَطَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إلَى آخِرِهِ) تَخْرِيجًا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ، وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَالَ هُنَاكَ بِقَوْلِهِمَا فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطَالَبٌ بِالْفَرْقِ إلَّا أَنَّهُمَا مُجِيبَانِ هُنَا بِالتَّمَسُّكِ بِالْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ.
قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطَالَبٌ إلَى آخِرِهِ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي كِلَا الْبَابَيْنِ وَاتَّفَقَ الْمَشَايِخُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الرَّاوِيَةِ وَالصَّحِيحَ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا فَلَا احْتِيَاجَ إلَى طَلَبِ الْفَرْقِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الْإِفَاقَةِ إلَى آخِرِهِ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجْنُونَ قَدْ يَتَكَلَّمُ فِي جُنُونِهِ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إفَاقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ) قُلْت يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْبَنْجِ الْمُتَقَدِّمَةِ ذُكِرَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ سِتَّ صَلَوَاتٍ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِغْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِغْمَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَتْنِ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهَا بَعْدَهَا قُلْت لَعَلَّهُ ذَكَرَهَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِغْمَاءِ بَيْنَ السَّمَاوِيِّ الْمَحْضِ وَبَيْنَ مَا حَصَلَ سَبَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ صُنْعٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حَالِ الْمُطَالَعَةِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ - ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ هَذَا صَاحِبَ الْمَنْبَعِ قَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ وَالْفَزَعَ إنَّمَا يَجِيءُ لِضَعْفِ قَلْبِهِ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَرَضِ. اهـ.
[بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ]
(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ) وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَلَا يَتْلُو بِمَعْنَى قَرَأَ وَتَلَا بِمَعْنَى تَبِعَ مَصْدَرُهُ تُلُوٌّ. اهـ. عَيْنِيٌّ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ مِنْ حَقِّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقْرَنَ بِبَابِ سُجُودِ السَّهْوِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعٌ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ وَالتَّتِمَّةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهَا بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَانُ السَّجْدَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ بَيَانَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بَعْدَ السَّهْوِ لِمَا قُلْنَا إنَّهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ أَلْحَقَ هَذَا الْبَابَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إلْحَاقٌ بِبَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ سُقُوطَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ رُخْصَةً لِلْحَرَجِ، وَفِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَثْبُتُ التَّدَاخُلُ رُخْصَةً لِلْحَرَجِ أَيْضًا اهـ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَأَقْوَى وُجُوهِ الِاخْتِصَاصِ اخْتِصَاصُ الْمُسَبَّبِ بِسَبَبِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَافِعِ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ بِهِ وَقَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ حُدُوثَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفِعْلِ الْمُصَلِّي إذَا فَرَغَ مِنْهَا، وَوُجُوبُهَا
قَالَ رحمه الله (يَجِبُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْهَا أُولَى الْحَجِّ وَصِّ عَلَى مَنْ تَلَا، وَلَوْ إمَامًا أَوْ سَمِعَ، وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ أَوْ مُؤْتَمًّا لَا بِتِلَاوَتِهِ) أَمَّا الْوُجُوبُ فَمَذْهَبُنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لَا يَجِبُ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَلَمْ يَسْجُدْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا مَعَك» ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَسَجَدَ، وَلَنَا أَنَّ آيَاتِ السَّجْدَةِ كُلَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ أَمْرٌ صَرِيحٌ، وَهُوَ لِلْوُجُوبِ، وَقِسْمٌ فِيهِ ذِكْرُ فِعْلِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَاجِبٌ وَقِسْمٌ فِيهِ ذِكْرُ اسْتِنْكَافِ الْكُفَّارِ، وَمُخَالَفَتُهُمْ وَاجِبَةٌ؛ وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يَسْجُدْ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلْحَالِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إذْ هِيَ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً أَيْ بِتِلَاوَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً وَهِيَ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ وَفِي الرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمَ وَالْأُولَى مِنْ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وأَلَمْ تَنْزِيلُ وَص وَحم السَّجْدَةِ وَالنَّجْمِ وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] كَذَلِكَ كُتِبَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ رضي الله عنه وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقَوْلُهُ مِنْهَا أُولَى الْحَجِّ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ احْتِرَازًا عَنْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مِنْ السَّجْدَةِ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا لَا يَقْرَأْهُمَا» وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فِي الْحَجِّ هِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ سَجْدَةُ الصَّلَاةِ وَقِرَانُهَا بِالرُّكُوعِ يُؤَيِّدُ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا وَمَا رَوَاهُ لَمْ يَثْبُتْ، ذَكَرَ ضَعْفَهُ فِي الْغَايَةِ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَالْمُرَادُ بِإِحْدَاهُمَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَبِالْأُخْرَى سَجْدَةُ الصَّلَاةِ وَذَمُّ تَارِكِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ خُصُوصًا عَلَى مَذْهَبِهِ فَإِنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ بِتَرْكِهَا وَخَصَّ الشَّيْخُ رحمه الله ص أَيْضًا بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ حَتَّى لَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ لَا يَسْجُدُهَا عِنْدَهُ لَهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَجَدَ فِي ص وَقَالَ سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَجَدَ فِي ص وَمَا رَوَاهُ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَئِنْ صَحَّ فَمَعْنَى قَوْلِهِ شُكْرًا أَيْ لِأَجْلِ الشُّكْرِ فَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا وَجَبَتْ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ مَالِكٌ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُذْ تَحَوَّلَ إلَى الْمَدِينَةِ» وَلِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ النَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا» وَلَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ» الْحَدِيثَ، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ الصَّائِغِ قَالَ صَلَّيْت خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] فَسَجَدَ فِيهَا فَقُلْتُ مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ «سَجَدْت بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَمَا أَزَالَ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي انْشَقَّتْ وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]» وَمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُتَأَخِّرٌ فِي سَابِعِ سَنَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَئِنْ صَحَّ فَهُوَ نَافٍ فَلَا يُعَارِضُ الْمُثْبِتَ وَحَدِيثُ زَيْدٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ أَوْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَسْجُدْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَسْجُدْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ كَالْإِمَامِ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً بِالِاحْتِمَالِ فَلَا يُعَارِضُ غَيْرَ الْمُحْتَمَلِ.
قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تَلَا، وَلَوْ إمَامًا أَيْ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلَا، وَلَوْ كَانَ التَّالِي إمَامًا قَوْلُهُ أَوْ سَمِعَ، وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا الْحَجُّ حُدُوثُهُ بِفِعْلِ الْحَاجِّ وَوُجُوبُهُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ حُدُوثُهُمَا بِالشَّرْعِ اهـ.
قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رحمه الله فَإِنْ قُلْت التِّلَاوَةُ سَبَبٌ فِي حَقِّ التَّالِي وَالسَّمَاعُ سَبَبٌ فِي حَقِّ السَّامِعِ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ فِي حَقِّ السَّامِعِ بَلْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْض مَشَايِخِنَا وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ سَبَبٌ فِي حَقِّهِ لَكِنْ إنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ لِكَوْنِ التِّلَاوَةِ أَصْلًا فِي الْبَابِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ إذَا لَمْ تُوجَدْ لَا يُوجَدُ السَّمَاعُ اهـ قَالَ الْوَبَرِيُّ وَسَبَبُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ التِّلَاوَةُ لِلسَّجْدَةِ وَسَمَاعُهَا وَالِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ يَجِبُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِتِلَاوَتِهَا فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الظَّرْفِ أَيْ يَجِبُ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً اهـ ع قَالَ فِي الْكُنُوزِ وَمَنْ قَرَأَ آيَاتِ السُّجُودِ كُلَّهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَاجِبٌ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90]. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ أَيْ لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ. اهـ. غَايَةٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعَةٌ الم تَنْزِيلُ، وحم، وَالنَّجْمُ، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ) أَيْ «وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي انْشَقَّتْ وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1]. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ تَلَاهَا» وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَنَّهُ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْوَدِيعَةَ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ الْقَاصِدَ وَغَيْرَهُ وَلِأَنَّ السَّبَبَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ قَصَدَ بِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَجْعُولٌ لِلْحُكْمِ. اهـ. فَتْحٌ
فَصْلٍ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً وَقَالَ تَعَالَى {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20]{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] ذَمَّ السَّامِعِينَ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُؤْتَمًّا أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ مُؤْتَمًّا، وَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْمُؤْتَمِّ قِرَاءَةَ إمَامِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَإِنْ قَرَأَ سِرًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْتَ الْقِرَاءَةِ وَاقْتَدَى بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا، وَقَوْلُهُ لَا بِتِلَاوَتِهِ أَيْ لَا يَجِبُ بِتِلَاوَةِ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْ الْمُصَلِّينَ بِصَلَاةِ إمَامِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَيَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَهُوَ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَلَا مَانِعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَلْبِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ أَوْ التِّلَاوَةِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا، وَلَيْسَ هُوَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَحَمَّلَ عَنْ الْمُقْتَدِي فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا حُكْمَ لِقِرَاءَتِهِ كَسَهْوِهِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا حُكْمَ لِتَصَرُّفِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْهِيَّانِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَلَيْسَا بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا فَتُعْتَبَرُ قِرَاءَتُهُمَا غَيْرَ أَنَّ الْحَائِضَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِقِرَاءَتِهَا، وَلَا بِسَمَاعِهَا فَإِنَّ السَّجْدَةَ رُكْنُ الصَّلَاةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لَهَا وَبِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَعْدُوهُمْ وَلَا وَجْهَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا تِلَاوَةُ مَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَتَكُونُ صَلَاتِيَّةً ضَرُورَةً وَالصَّلَاتِيَّةُ لَا تُقْضَى خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ تَلَاهَا الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعُوهَا مِمَّنْ هُوَ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ يَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ مُسْتَنِدٌ إلَى التِّلَاوَةِ وَهِيَ خَارِجَ الصَّلَاةِ.
، وَلَوْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ لِلْحَجْرِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهَا تَجِبُ وَتَتَأَدَّى فِيهِ
، وَلَوْ سَمِعَهَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ لِكُفْرٍ أَوْ لِصِغَرٍ أَوْ لِجُنُونٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ تَجِبُ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَقِيلَ: لَا تَجِبُ بِقِرَاءَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ، وَكَذَا لَا تَجِبُ بِقِرَاءَةِ النَّائِمِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ، وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ طُوطِيٍّ لَا تَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِهِ سَجَدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَهُوَ السَّمَاعُ وَلَا يَسْجُدُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ سَجَدَ فِيهَا أَعَادَهَا) أَيْ أَعَادَ السَّجْدَةَ لَا الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهَا الْكَامِلُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذِهِ التِّلَاوَةِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِيرُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ إلَى قَلْبِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ) أَيْ إنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ وَتَابَعَهُ الْإِمَامُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ التِّلَاوَةِ) أَيْ إنْ سَجَدَهَا الْإِمَامُ وَتَابَعَهُ التَّالِي الْمَأْمُومُ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ التِّلَاوَةِ أَنْ يَسْجُدَ التَّالِي وَيُتَابِعُهُ السَّامِعُ وَلِذَلِكَ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لِلتَّالِي الَّذِي لَمْ يَسْجُدْ كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا» وَلِذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيُصَفُّ الْقَوْمُ خَلْفَهُ فَيَسْجُدُونَ، وَفِي الْخُلَاصَةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ) فَخَرَجَ مِنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْقِرَاءَةِ حُكْمًا؛ وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ. اهـ. كَافِي.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَا بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا) أَيْ حَتَّى لَا تَنْفُذَ قِرَاءَةُ الْغَيْرِ عَلَيْهِمَا؛ وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهُمَا قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ. اهـ. كَافِي قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله أَثَرُ الْحَجْرِ عَدَمُ اعْتِبَارِ فِعْلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفِهِ وَأَثَرُ النَّهْيِ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ لَا تَرْكُ الِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقًا لَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ فَالْمَحْجُورُ هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفُذُ فِعْلُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ شَاءَ أَوْ أَبَى كَمَا لَوْ فَعَلَهُ هُوَ فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ، وَالْمَأْمُومُ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاءَةُ حَتَّى تُعَدَّ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَصَارَتْ قِرَاءَةً لَهُ كَتَصَرُّفِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَأَنَّهُ تَصَرَّفَ فَكَأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِرَاءَتُهُ فَكَانَتْ كَعَدَمِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَإِنَّهُمَا مَنْهِيَّانِ فَكَانَتْ مَمْنُوعَةً لَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا بِعَدَمِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي السِّرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ قِرَاءَةَ الْمُؤْتَمِّ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ فَلَيْسَ عِنْدَهُ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَلْ مُجَوِّزًا لَهُ التَّرْكَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَعْنِي اسْتِحْسَانَ الْقِرَاءَةِ فِي السِّرِّيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ.
وَالْحَقُّ عَنْهُ خِلَافُهُ عَلَى مَا أَسْلَفْنَا وَلَمَّا كَانَ مُقْتَضَى هَذَا الْوُجُوبِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا بِتِلَاوَتِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ بِتِلَاوَتِهَا اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ بِسَمَاعِهَا مِنْ غَيْرِ حَائِضٍ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ السَّبَبِ لِلصَّلَاةِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهَا وَالسَّجْدَةُ جُزْءُ الصَّلَاةِ لَا بِقَيْدِ الْجُزْئِيَّةِ بَلْ نَظَرًا إلَى ذَاتِهَا اُعْتُبِرَتْ مُسْتَقِلَّةً فَلَا فَرْقَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِسَبَبِهَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ بِسَبَبِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَا قَضَاؤُهَا كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ بِالتِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ سُجُودٌ وَيَجِبُ عَلَى السَّامِعِ مِنْهُمْ إذَا كَانَ أَهْلًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ اهـ كَافِي (قَوْلُهُ فَلَا يَعْدُوهُمْ) إذْ عِلَّةُ الْحَجْرِ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ وُجِدَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَتَثْبُتُ تِلْكَ الْعِلَّةُ، وَهُوَ الْحَجْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ. اهـ. كَافِي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَلَا) أَيْ مَنْ يَكُونُ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي حُكْمِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إلَى آخِرِهِ)؛ لِأَنَّ السَّبَبَ سَمَاعُ تِلَاوَةٍ صَحِيحَةٍ، وَصِحَّةُ التِّلَاوَةِ بِالتَّمْيِيزِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ، وَفِي الْوَبَرِيِّ سَبَبُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ: التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَالِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا، ثُمَّ التِّلَاوَةُ تُوجِبُ التِّلَاوَةَ عَلَى التَّالِي بِشَرْطَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا جُنُونًا مُمْتَدًّا أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ عَقِيبَ طُهْرٍ دُونَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَالتَّالِي إذَا كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ سَكْرَانًا أَوْ مَجْنُونًا قَاصِرًا بِأَنْ كَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَوْ بِأَقَلَّ لَزِمَتْهُ تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا وَالصَّبِيُّ يُؤْمَرُ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ فَعَلَ، وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَلَتْهَا الْمَرْأَةُ فِي صَلَاتِهَا فَحَاضَتْ قَبْلَ السُّجُودِ سَقَطَ وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ التَّالِي مُؤْتَمًّا. اهـ.
سَبَبًا إلَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلَاهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ حَيْثُ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ لِلْحَالِ وَإِنَّمَا لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ سَجَدَ مَعَهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا وَلَا تَبْطُلُ تَحْرِيمَتُهُ بِذَلِكَ وَقِيلَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا سَجَدَ فِيهَا صَارَ رَافِضًا لَهَا كَمَنْ صَلَّى النَّفَلَ فِي خِلَالِ الْفَرْضِ وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يُعِيدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّجْدَةَ الْوَاحِدَةَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُ كَسَجْدَةِ الشُّكْرِ فَيَتَحَقَّقُ الِانْتِقَالُ.
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ سَمِعَ مِنْ إمَامٍ فَأَتَمَّ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ مَعَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا سَجَدَهَا مَعَهُ تَبَعًا لَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى قَالَ رحمه الله (وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ مَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْجُدُهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، وَهَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُدْرِكًا لِلسَّجْدَةِ بِإِدْرَاكِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا لَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَهَا فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا صَلَاتِيَّةٌ فَلَا تُقْضَى خَارِجَهَا فَصَارَ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْوِتْرِ حَيْثُ لَا يَقْنُتُ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَيْثُ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ رَاكِعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهِ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْإِمَامِ وَلَا فَاتَ مَحَلُّهُ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لَا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا لِلسَّجْدَةِ وَلَا تَصِيرُ هِيَ صَلَاتِيَّةً فَيُؤَدِّيهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: لَا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا لَهَا وَلَكِنْ تَصِيرُ صَلَاتِيَّةً فَلَا يُؤَدِّيهَا.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِالْإِمَامِ (سَجَدَهَا) لِتَقَرُّرِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَمْ تُقْضَ الصَّلَاتِيَّةُ خَارِجَهَا) أَيْ خَارِجَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةً فَلَا تَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا لَا تَتَأَدَّى خَارِجَهَا
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ تَلَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَجَدَ وَأَعَادَهَا فِيهَا) أَيْ أَعَادَ تِلَاوَتَهَا فِي الصَّلَاةِ (سَجَدَ أُخْرَى)؛ لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ أَقْوَى فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَسْجُدْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَتَلَاهَا فَسَجَدَ لَهَا أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاتِيَّةُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُتَّحِدٌ، وَالصَّلَاتِيَّةُ أَقْوَى فَصَارَتْ الْأُولَى تَبَعًا لَهَا وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَسْجُدُ لِلْأُولَى إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِلَّاحِقِ أَوْ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ قَدْ تَبَدَّلَ بِالِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَبَدَّلَ بِعَمَلٍ آخَرَ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ لِلْأُولَى، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ أُخْرَى لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَلِأَنَّ لِلْأُولَى قُوَّةَ السَّبَقِ فَاسْتَوَيَا فَلَا تَسْتَتْبِعُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَبِمِثْلِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا أَكْمَلَ فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ لَا لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ السَّابِقُ تَبَعًا لِلَّاحِقِ كَالسُّنَنِ لِلْفَرَائِضِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَلَاهَا فِي صَلَاةٍ بَعْدَ مَا سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا تَكْفِيهِ وَفِي الْوَبَرِيِّ لَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ تَلَاهَا أَجْزَأَتْهُ وَاحِدَةٌ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْهَا سَقَطَ الْكُلُّ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ الَّتِي سَمِعَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَلَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَأَعَادَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ النَّوَادِرِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَقَالَ رحمه الله (كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ لَا فِي مَجْلِسَيْنِ) أَيْ أَجْزَأَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الصَّلَاتِيَّةُ كَمَا تُجْزِئُ مَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُجْعَلُ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَدَاخَلُ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَبْنَى السُّجُودِ عَلَى التَّدَاخُلِ مَا أَمْكَنَ وَإِمْكَانُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْمُتَفَرِّقَاتِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَغَيْرِهِ وَالْقَارِئُ مُحْتَاجٌ إلَى التَّكْرَارِ لِلْحِفْظِ وَالتَّعْلِيمِ وَالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ وَمَعْنَاهُ أَنْ تُجْعَلَ التِّلَاوَاتُ كُلُّهَا كَتِلَاوَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا سَبَبًا وَالْبَاقِي تَبَعًا لَهَا وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعِبَادَاتِ إذْ السَّبَبُ مَتَى تَحَقَّقَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ حُكْمِهِ؛ وَلِهَذَا يُحْكَمُ بِوُجُوبِهَا فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ وَالتَّدَاخُلُ فِي الْحُكْمِ أَلْيَقُ فِي الْعُقُوبَاتِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ فَهُوَ يَنْزَجِرُ بِوَاحِدَةٍ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَأَعَادَهَا إلَى آخِرِهِ)، وَإِنْ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَسَجَدَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ أَوَّلًا حَتَّى شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَسَجَدَ لَهُمَا جَمِيعًا أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ نَوَادِرِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ الَّتِي تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ تَلَاهَا، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى فَرَغَ سَقَطَتْ إحْدَاهُمَا وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى. اهـ. تَتَارْخَانْ