الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَجَدَ لَبَطَلَ سُجُودُهُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ إذَا كَانَ فِي أَدَائِهِ إبْطَالُهُ.
قَالَ رحمه الله (وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ سَلَّمَ لِلْقَطْعِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالتَّسْلِيمِ قَطْعَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ تُغَيِّرُ الْمَشْرُوعَ فَتَلْغُو كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ سِتًّا أَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلسَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يُؤْتَى بِهِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالصُّلْبِيَّةُ يُؤْتَى بِهَا فِي حَقِيقَتِهَا وَقَدْ بَطَلَتْ بِالسَّلَامِ الْعَمْدِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْتَقْبِلْ الصَّلَاةَ» وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إسْقَاطِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْضِ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ لِمَا قُلْنَا فَكَذَا هَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَوَّلَ، فَقِيلَ أَوَّلَ مَا عُرِضَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ السَّهْوَ لَمْ يَكُنْ عَادَةً لَا أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ قَطُّ، وَقِيلَ أَوَّلَ سَهْوٍ وَقَعَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَلَمْ يَكُنْ سَهَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، ثُمَّ الِاسْتِقْبَالُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ الْأُولَى، وَذَلِكَ بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ مِمَّا يُنَافِي الصَّلَاةَ، وَالسَّلَامُ قَاعِدًا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ مُحَلِّلًا شَرْعًا وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ يَلْغُو؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى) أَيْ إنْ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى وَأَخَذَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ» وَالتَّحَرِّي طَلَبُ الْأَحْرَى وَلِأَنَّهُ يُحْرَجُ بِالْإِعَادَةِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُوَسْوِسًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ فَتَعَيَّنَ التَّحَرِّي قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ» ؛ وَلِأَنَّ فِي الْإِعَادَةِ حَرَجًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ انْعَدَمَ التَّرْجِيحُ بِالرَّأْيِ فَتَعَيَّنَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ وَيَقْعُدَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ كَيْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ، مِثَالُهُ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَيُتِمُّ بِالْقُعُودِ ثُمَّ زَادَ رَكْعَةً أُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا، وَلَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا، ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْعُدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُنَّ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاحْتِمَالِ.
قَالَ رحمه الله (تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ) أَيْ أَتَمَّ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام فَعَلَ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلِأَنَّ السَّلَامَ سَاهِيًا لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ لِكَوْنِهِ دُعَاءً مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ، وَعَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَظَنَّ أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ أَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ حَيْثُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَامِدًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ -.
[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إلَخْ) أَيْ فِي مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ أَوْ يَتَكَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ تُفِيدُ أَنَّ الِانْحِرَافَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَانِعٍ عَنْ السُّجُودِ اهـ اك.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله فِي زَادِ الْفَقِيرِ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ، وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى، وَهُوَ أَوَّلُ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ الشَّكِّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ، وَإِنْ وَقَعَ أَخَذَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ يَقْعُدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَوْضِعُ جُلُوسٍ مِثَالُهُ شَكَّ فِي الظُّهْرِ، وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ يُتِمُّ الرَّكْعَةَ وَيَقْعُدُ، ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ وَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ كَأَنْ شَكَّ فِي مَسْحِ رَأْسِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ يَمْسَحُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَعِنْدَ الْمُصَلِّي أَنَّهُ أَتَمَّ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إخْبَارِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ لَا يُعْتَبَرُ شَكُّهُ وَيَجِبُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُونَ فَقَالُوا ثَلَاثًا وَقَالَ أَرْبَعًا إنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا أَخَذَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ بِالتَّمَامِ وَآخَرُ بِالنُّقْصَانِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ، لَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى مُسْتَيْقِنِ النُّقْصَانَ أَمَّا لَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ أَحَدٌ بِالتَّمَامِ بَلْ هُمْ وَاقِفُونَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوهَا احْتِيَاطًا لِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ هُنَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَهَذِهِ الْإِعَادَةُ عَلَى وَجْهِ الْأَوْلَى اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى إلَخْ) وَأَمَّا الشَّكُّ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ ذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا يُؤَدِّي ثَانِيًا؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الرُّكْنِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَزِيَادَةَ الرَّكْعَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَكَانَ التَّحَرِّي فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَحْوَطَ. اهـ. مُحِيطُ أَبِي الْقَاسِمِ السَّرَخْسِيِّ (قَوْلُهُ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ إلَخْ) وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا وَقَعَ لَهُ غَيْرُ مَرَّةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا فَافْهَمْ. اهـ. عَيْنِيٌّ
قَالَ رحمه الله (تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ أَوْ خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ)، وَكَذَا إذَا خَافَ إبْطَاءَ الْبُرْءِ بِالْقِيَامِ أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ أَوْ كَانَ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا يُصَلِّي قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِك» وَلِأَنَّ فِي الْقِيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَجًا بَيِّنًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا قُدْرَتُهُ عَلَى الْوُضُوءِ بِغَيْرِهِ كَقُدْرَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْبِيرِ قَائِمًا أَوْ عَلَى التَّكْبِيرِ وَبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ وَيَأْتِي بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقْعُدُ إذَا عَجَزَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ.
قَالَ رحمه الله (أَوْ مُومِيًا إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ يُصَلِّي مُومِيًا، وَهُوَ قَاعِدٌ إنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ» الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ تَجِبُ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ فَلَا يُكَلَّفُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ رحمه الله (وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ) أَيْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْإِيمَاءَ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا فَيَأْخُذُ حُكْمَهُمَا.
قَالَ رحمه الله (وَلَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْجُدْ؛ وَإِلَّا فَأَوْمِ بِرَأْسِك» قَالَ رحمه الله (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ رَفَعَ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ (وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ) لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ وَقِيلَ: هُوَ سُجُودٌ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْضُوعُ بِحَالٍ لَوْ سَجَدَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ) ذَكَرَهَا عَقِيبَ سُجُودِ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ وُقُوعًا وَأَعَمُّ مَوْقِعًا؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ فَقَدَّمَهُ لِشِدَّةِ مِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ السَّهْوَ تَقْصِيرٌ وَلَهُ جَبْرٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَأَتْبَعَهُ صَلَاةَ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَعَ قُصُورٍ شُرِعَتْ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ وَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَدَقِّ الْقَصَّارِ أَوْ إلَى مَحَلِّهِ وَأَنَّهُ سَائِغٌ كَقَوْلِهِمْ: جُرْحُ زَيْدٍ لَا يَنْدَمِلُ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الصَّلَاةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْمَرِيضِ فَالْمَرِيضُ فَاعِلُهَا وَمُوجِدُهَا أَمَّا قَوْلُهُمْ جُرْحُ زَيْدٍ لَا يَنْدَمِلُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ زَيْدًا مَجْرُوحٌ فَلَا يَكُونُ نَظِيرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. اهـ. (قَوْلُهُ أَلَمًا شَدِيدًا إلَى آخِرِهِ) فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الْقِيَامِ بِسَبَبِهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ «كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا إلَى آخِرِهِ» اهـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَسَبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا» . اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُؤْمَرُ أَنْ يَقُومَ مِقْدَارَ مَا يَقْدِرُ فَإِنْ عَجَزَ قَعَدَ حَتَّى لَوْ قَدَرَ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ يَقْدِرَ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ فِيمَا يَقْدِرُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ فِي التَّكْبِيرِ وَفِي قَاضِي خَانْ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ خِفْت أَنْ لَا تُجْزِيَهُ صَلَاتُهُ وَيَقْعُدُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ. اهـ. غَايَةٌ قَوْلُهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْ الْهِنْدُوَانِيُّ. اهـ. زَاهِدِيٌّ وَقَوْلُهُ خِفْت أَنْ لَا تُجْزِيَهُ قَالَ الزَّاهِدِيُّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يُرْوَى عَنْ أَصْحَابِنَا خِلَافُهُ. اهـ. .
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يُصَلِّي الْمَرِيضُ» إلَى آخِرِهِ) تَمَامُهُ «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ النَّوَوِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى كَيْفِيَّةُ الِانْحِنَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُشْتَبَهٌ عَلَيَّ فِي أَنَّهُ يَكْفِي بَعْضُ الِانْحِنَاء أَمْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ فَظَفِرْت عَلَى الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا، ثُمَّ لِلسُّجُودِ جَازَ، وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وِسَادَةً فَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ فَإِنْ وَجَدَ أَدْنَى الِانْحِنَاء جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا فِي التُّحْفَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ كَانَتْ الْوِسَادَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَجَدَ عَلَيْهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ فَعَلَتْ هَكَذَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ، وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ اهـ (مَسْأَلَةٌ) ذَكَرَهَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا إذَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا لَا يُجْزِيهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ» إلَى آخِرِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ رَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَادَ مَرِيضًا فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إنْ اسْتَطَعْت وَإِلَّا فَأَوْمِ إيمَاءً وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ» قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ إلَّا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَعَطَاءٌ عَنْ الثَّوْرِيِّ اهـ. وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ثِقَةٌ وَرُوِيَ نَحْوُهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْأَصْلِ يُكْرَهُ لِلْمُومِي أَنْ يَرْفَعَ عُودًا أَوْ وِسَادَةً يَسْجُدُ عَلَيْهَا وَفِي الْيَنَابِيعِ يَكُونُ مُسِيئًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ سُجُودٌ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يُعَدُّ هَذَا سُجُودًا أَوْ إيمَاءً قِيلَ: هُوَ إيمَاءٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْمَبْسُوطِ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِالْإِيمَاءِ لَا بِوَضْعِ الرَّأْسِ. اهـ.
عَلَيْهِ الصَّحِيحُ تَجُوزُ جَازَ لِلْمَرِيضِ عَلَى أَنَّهُ سُجُودٌ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهِ فَهُوَ إيمَاءٌ فَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا لَا)، وَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ رَأْسَهُ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْإِيمَاءِ وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقُعُودُ أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا أَوْ عَلَى جَنْبِهِ) وَالِاسْتِلْقَاءُ أَنْ يُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ وَيُجْعَلَ رِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِخَدَّةٌ لِيَرْتَفِعَ فَيَصِيرُ شِبْهَ الْقَاعِدِ وَيَصِيرُ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ لَا إلَى السَّمَاءِ، وَهُوَ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ» وَلِأَنَّ إشَارَةَ الْمُسْتَلْقِي تَقَعُ إلَى هَوَاءِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قِبْلَةٌ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ وَإِشَارَةُ الْمُضْطَجِعِ عَلَى الْجَنْبِ إلَى جَانِبِ قَدَمَيْهِ وَبِهِ لَا تَتَأَدَّى الصَّلَاةُ إذْ هُوَ لَيْسَ بِقِبْلَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُومِي عَلَى الْجَنْبِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَلَنَا مَا بَيَّنَّا، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «عَلَى جَنْبِك» أَيْ سَاقِطًا؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ السُّقُوطَ يُقَالُ بَقِيَ فُلَانٌ شَهْرًا عَلَى جَنْبِهِ إذَا طَالَ مَرَضُهُ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْقِيًا؛ وَلِأَنَّ الْمَرَضَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَ فَقَعَدَ أَوْ قَامَ كَانَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْجَنْبِ وَقِيلَ: كَانَ عِمْرَانُ يَمْنَعُهُ مَرَضُهُ مِنْ الِاسْتِلْقَاءِ؛ وَلِذَلِكَ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنْبِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا أُخِّرَتْ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتْ الصَّلَاةُ (وَلَمْ يُومِئْ بِعَيْنَيْهِ وَقَلْبِهِ وَحَاجِبَيْهِ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: يُومِئُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ نَقُولُ: نَصْبُ الْأَبْدَالِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ رُكْنُ الصَّلَاةِ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أُخِّرَتْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ قَلِيلًا دُونَ سِتِّ صَلَوَاتٍ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا إذَا كَانَ كَثِيرًا وَكَانَ مُفِيقًا يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فِي رِوَايَةٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَسْقُطُ عَنْهُ إذَا كَثُرَ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا كَثُرَ، وَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فِي الْأَصَحِّ فَجَعَلَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ عَلَيْهِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ وَرِجْلَاهُ مِنْ السَّاقَيْنِ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ فَثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ ذَكَرَهُ مُسْتَشْهِدًا بِهِ (قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ) لَا دَلِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْعَجْزَ مُتَّصِلٌ بِالْمَوْتِ، وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا صَحَّ الْمَرِيضُ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَرِيضُ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ، وَإِنْ قُلْت فَصَارَ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ) تَمَامُ الْحَدِيثِ «يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ» . اهـ. هِدَايَةٌ قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله وَرَوَى أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «يُصَلِّي الْمَرِيضُ» وَسَاقَ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ مَعَ أَنَّ دَأْبَهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْكَمَالُ رحمه الله إنَّهُ غَرِيبٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُومِئُ عَلَى الْجَنْبِ) أَيْ الْأَيْمَنِ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ كَالْمَيِّتِ فِي لَحْدِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ يَذْكُرُ وَيُرَادُ بِهِ السُّقُوطُ إلَخْ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36]. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ إلَى آخِرِهِ) يُومِئُ بِحَاجِبَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِعَيْنِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ لِوُجُودِ فَهْمِ الْخِطَابِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ وَصَلَاحِيَّةِ الذِّمَّةِ، وَهُوَ وُسْعُ مِثْلِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ بِحَاجِبَيْهِ وَقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقُعُودَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ بِطَرَفِهِ» وَيُعِيدُ إذَا صَحَّ فِي قَوْلِ الْكُلِّ. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يُومِئُ بِحَاجِبَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَإِذَا صَحَّ أَعَادَ وَفِي التُّحْفَةِ وَالْقُنْيَةِ عَنْ الْحَسَنِ يُومِئُ بِقَلْبِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَيُعِيدُ اهـ.
(قَوْلُهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) وَفِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِيمَاءَ بِالْقَلْبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَسْت أَحْفَظُ قَوْلَهُ فِي الْإِيمَاءِ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ عِنْدَ عَجْزِهِ وَلَا يُومِئُ بِقَلْبِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ) وَلَئِنْ قَالَ يَتَأَدَّى بِالْقَلْبِ فَرْضُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ النِّيَّةُ قُلْنَا هِيَ شَرْطٌ وَالسَّجْدَةُ رُكْنٌ فَلَا يَنْقَاسَانِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ دُونَ سِتِّ صَلَوَاتٍ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ)، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَنَافِعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إلَخْ) وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. كَاكِيٌّ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ» أَيْ عُذْرِ السُّقُوطِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ لِوُجُودِ فَهْمِ الْخِطَابِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ وَصَلَاحِيَّةِ الذِّمَّةِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ فَقَالَ هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ» أَيْ عُذْرِ التَّأْخِيرِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ فِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَيَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ. اهـ. مِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ) وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رحمه الله رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. ظَهِيرِيَّةٌ
أَفْطَرَا فِي رَمَضَانَ وَمَاتَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ.
قَالَ رحمه الله (، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ أَوْمَأَ قَاعِدًا) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يُصَلِّي قَائِمًا بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فَلَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ آخَرَ وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالْقِيَامُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَجِبُ بِدُونِهِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ التَّوَاضُعَ يُوجَدُ فِي الرُّكُوعِ وَنِهَايَتُهُ تُوجَدُ فِي السُّجُودِ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَكْفُرُ وَالْقِيَامُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَصَارَ تَبَعًا لَهُ فَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ؛ وَلِهَذَا شُرِعَ السُّجُودُ بِدُونِ الْقِيَامِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يُشْرَعْ الْقِيَامُ بِدُونِ السُّجُودِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَقَّبْهُ السُّجُودُ لَا يَكُونُ رُكْنًا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِيمَاءِ قَاعِدًا وَبَيْنَ الْإِيمَاءِ قَائِمًا، وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا إلَّا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّجُودِ لِكَوْنِ رَأْسِهِ فِيهِ أَخْفَضَ وَأَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمَقْصُود وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ قَائِمًا وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا.
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ) مَعْنَاهُ صَحِيحٌ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ قَائِمًا فَحَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُومِيًا قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا؛ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا صَارَ إلَى الْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِهِمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ بَعْضِ صَلَاتِهِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعْضِهَا بِالْإِيمَاءِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكُلَّ بِالْإِيمَاءِ
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَصَحَّ بَنَى) أَيْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَصَحَّ بَنَى، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ.
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ كَانَ مُومِيًا لَا) أَيْ لَوْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ مُومِيًا فَصَحَّ حَتَّى قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يَبْنِي وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لِلرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ عِنْدَهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِمَامَةِ، وَلَوْ كَانَ يُومِئُ مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ افْتَتَحَهَا بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْإِيمَاءِ جَازَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ أَوْمَأَ قَاعِدًا) قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله ثُمَّ الْمُصَلِّي قَاعِدًا تَطَوُّعًا أَوْ فَرِيضَةً بِعُذْرٍ كَيْفَ يَقْعُدُ؟ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ إجْمَاعًا أَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَعَدَ كَذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ، وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ مُحْتَبِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الرُّكْنُ لِلتَّخْفِيفِ فَالتَّخْفِيفُ فِي هَيْئَةِ الْقُعُودِ أَوْلَى، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَالْمُفِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْعُدُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْإِقْعَاءُ الْمَكْرُوهُ وَمَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَحْتَبِي وَعَنْهُ يَتَرَبَّعُ، وَفِي الْمُفِيدِ عَنْهُ يَتَرَبَّعُ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِذَا رَكَعَ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَجَلَسَ عَلَيْهَا وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ وَعِنْدَ زُفَرَ يَفْتَرِشُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّخْيِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالتُّحْفَةِ وَالْقُنْيَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ الْإِيمَاءُ بَعْضُ السُّجُودِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ وَلَا خَلَفٍ عَنْهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْحَوَاشِي وَخَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْإِيمَاءُ بِالسُّجُودِ لَيْسَ مِنْ السُّجُودِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ السُّجُودِ لَوَجَبَ اسْتِيفَاءُ الْقِرَاءَةِ اهـ (فَرْعٌ) ذَكَرَهُ رُكْنُ الدِّينِ الصَّيَّادِيُّ أَنَّ بِكْرًا لَوْ حَشَتْ فَرْجَهَا تَذْهَبُ عُذْرَتُهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْشُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ قَالَ تُصَلِّي مَعَ الدَّمِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَ عُذْرَتِهَا ذَهَابُ جُزْءٍ مِنْهَا رَجُلٌ بِهِ وَجَعُ السِّنِّ إنْ أَمْسَكَ فِي فَمِهِ مَاءً بَارِدًا أَوْ دَوَاءً بَيْنَ أَسْنَانِهِ يَسْكُنُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ يَقْتَدِي بِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَكَذَا فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ لَوْ كَبَّرَ يَسِيلُ جُرْحُهُ يَشْرَعُ فِيهَا بِغَيْرِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَكَذَا مَنْ يَلْحَنُ فِي قِرَاءَتِهِ لَحْنًا مُفْسِدًا يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ كَالْأُمِّيِّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُشْرَعُ الْقِيَامُ بِدُونِ السُّجُودِ إلَى آخِرِهِ) لَا يُقَالُ يَرِدُ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْ ثَمَّةَ سُقُوطُ الْقِيَامِ بِسَبَبِ سُقُوطِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً بَلْ هِيَ دُعَاءٌ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا يَجُوزُ، وَلَوْ أَوْمَأَ بِالسُّجُودِ قَائِمًا لَا يَجُوزُ قُلْت، وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقْيَسُ كَمَا لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ جَالِسًا لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَاهُنَا أَقْوَالًا لَا يَجُوزُ الْإِيمَاءُ بِهِمَا إلَّا قَائِمًا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ يَجُوزُ الْإِيمَاءُ بِهِمَا قَائِمًا إنْ شَاءَ أَوْ قَاعِدًا إنْ شَاءَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا بِالسُّجُودِ جَالِسًا لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا) أَيْ اعْتِبَارًا لِأَصْلِهِمَا. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ) أَيْ صَارَ بِنَاءُ الْمَرِيضِ عَلَى أَوَّلِ صَلَاتِهِ كَالِاقْتِدَاءِ أَيْ يَجُوزُ هَذَا كَمَا يَجُوزُ ذَاكَ إذْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَاعِدِ بِالْقَائِمِ وَالْمُومِئِ بِالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ إلَى آخِرِهِ) قُلْنَا لَا بَلْ لِلْمَقْدُورِ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إذْ ذَاكَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَلَزِمَا فَإِذَا صَارَ الْمَقْدُورُ الْإِيمَاءَ لَزِمَ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ)؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِمَامَةِ إلَى آخِرِهِ) الذَّاكِرُ لِخِلَافِ زُفَرَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَا هَذَا الشَّارِحُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ) أَيْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمُومِئٌ بِمِثْلِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَحْرِيمَةٍ فَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ اهـ. مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رحمه الله -
بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
قَالَ رحمه الله (وَلِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ أَعْيَا) أَيْ إنْ تَعِبَ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَقْعُدَ إنْ أَعْيَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ إلَّا إذَا عَجَزَ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَيَجُوزُ الِاتِّكَاءُ بِلَا كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ؛ وَلِهَذَا إذَا قَدَرَ الْمَرِيضُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ الْقُعُودُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ فَكَذَا لَا يُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّ الِاتِّكَاءَ يُكْرَهُ وَالْقُعُودَ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوعٌ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالْإِتْكَاءُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ ابْتِدَاءً؛ وَلِهَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ التَّطَوُّعَ مُتَّكِئًا وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ قَاعِدًا.
قَالَ رحمه الله (وَلَوْ صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّ)، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ، وَلَهُ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ دَوَرَانُ الرَّأْسِ، وَهُوَ كَالْمُتَحَقِّقِ لَكِنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَالْخُرُوجُ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنُ لِقَلْبِهِ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى الشَّطِّ كَالشَّطِّ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا إذَا كَانَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا فَهُوَ كَالسَّائِرِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرُ فَهُوَ كَالْوَاقِفِ وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ عَلَى الْأَرْضِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ.
قَالَ رحمه الله (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَضَى، وَلَوْ أَكْثَرَ لَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقْضِي إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقْتَ صَلَاةٍ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَنْبَنِي
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَخْ) مَعْنَاهُ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَحْرِيمَةٍ فَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ اهـ مِنْ خَطّ الشَّارِحِ رحمه الله قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُفِيدِ أَصْلُهُ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى أَوَّلِهَا كَمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَبْنِي صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاقْتِدَاءُ ثَمَّةَ جَازَ الْبِنَاءُ هُنَا وَمَا لَا فَلَا، وَفِي الْحَوَاشِي لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ الرَّاكِبِ عَلَى الْإِيمَاءِ إذَا نَزَلَ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا تَقْدِيرًا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ الْمُومِئِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُمَا فَيَكُونُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مَعْدُومَيْنِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْمَعْدُومِ مُحَالٌ. اهـ. غَايَةٌ.
{فُرُوعٌ} مِنْ الدِّرَايَةِ عَبْدٌ مَرِيضٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَجِبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُوَضِّئَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الْمَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُوَضِّئَهَا. مَرِيضٌ إنْ صَامَ فِي رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ صَلَّى قَائِمًا يُصَلِّي قَاعِدًا. مَرِيضٌ تَحْتَهُ ثِيَابٌ نَجِسَةٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُبْسَطُ تَحْتَهُ شَيْءٌ إلَّا وَيَتَنَجَّسُ مِنْ سَاعَتِهِ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَنَجَّسْ وَلَكِنْ يَزْدَادُ مَرَضُهُ وَيَلْحَقُهُ بِالتَّحْوِيلِ مَشَقَّةٌ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ أَعْيَا)، وَفِي الصِّحَاحِ الْإِعْيَاءُ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ يُقَالُ أَعْيَا الرَّجُلُ فِي الْمَشْيِ إذَا تَعِبَ وَأَعْيَاهُ اللَّهُ كِلَاهُمَا بِالْأَلِفِ وَالْمُرَادُ هُنَا اللَّازِمُ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِيهِ قُصُورٌ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ الْقُعُودُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَى آخِره)، وَفِي الْمُحِيطِ وَالْمُجْتَبَى لَوْ تَكَلَّفَ الْمَرِيضُ الْخُرُوجَ إلَى الْجَمَاعَةِ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ قِيلَ لَا يَخْرُجُ مَخَافَةَ فَوْتِ الرُّكْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران: 191] الْآيَةَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ أَيْ قِيَامًا أَيْ إنْ قَدَرُوا وَقُعُودًا إنْ عَجَزُوا عَنْهُ، وَعَلَى جَنُوبِهِمْ إنْ عَجَزُوا عَنْ الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «صَلِّ قَائِمًا» الْحَدِيثَ. اهـ. دِرَايَةٌ، وَفِي الْغَايَةِ، وَلَوْ كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُطِيقُهُ مَعَ الْإِمَامِ يُصَلِّي وَحْدَهُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ وَالْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقِيلَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ قَاعِدًا؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ اهـ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ هَذَا بِأَوْرَاقٍ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لِعَجْزٍ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ، وَإِنْ قَاعِدًا يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ اهـ فَهَذَا مُشْكَلٌ عَلَى تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ) أَيْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) فِي الصَّحِيحِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوعٌ ابْتِدَاءً) إذْ «صَلَاةُ الْقَاعِدَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّ) أَيْ وَيَدُورُ إلَى الْقِبْلَةِ كَيْفَمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لِلتَّعَذُّرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنْ تَكُونَا مَقْرُونَتَيْنِ مَرْبُوطَتَيْنِ، وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى مَنْ عَلَى الْبَرِّ بِإِمَامٍ فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَجُزْ اقْتِدَاؤُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّهْرِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي فِيهَا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ كَيْفَمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ؛ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى الْقِبْلَةِ فِيهَا فَرْضٌ بِالنَّصِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَهَذَا قَادِرٌ بِخِلَافِ رَاكِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِقْبَالِهَا حَتَّى أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ فَأَعْرَضَ عَنْ الْقِبْلَةِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَى آخِرِهِ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَاعِدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ فِيهَا بِالْإِيمَاءِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا فَلَا يُعْذَرُ وَالْإِيمَاءُ شُرِعَ عِنْدَ الْعَجْزِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى الشَّطِّ كَالشَّطِّ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَرَّتْ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ جُنَّ إلَخْ قَضَى، وَلَوْ أَكْثَرَ لَا) أَيْ