الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- عليه الصلاة والسلام «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا» الْحَدِيثَ وَهَذَا؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَيْنٌ مَرْئِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِزَوَالِهِ فَلَمْ يَبْقَ سِوَى الِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ غَالِبًا إلَّا بِالتَّكْرَارِ وَالْعَصْرِ فَشَرَطَهُمَا فِي الْكِتَابِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ الْعَصْرُ حَتَّى لَوْ جَرَى الْمَاءُ عَلَى ثَوْبٍ نَجَسٍ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عَصْرٌ وَالْمُعْتَبَرُ ظَنُّ الْغَاسِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ ظَنُّ الْمُسْتَعْمِلِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ قَالَ رحمه الله (وَبِتَثْلِيثِ الْجَفَافِ فِيمَا لَا يَنْعَصِرُ) أَيْ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبِالتَّجْفِيفِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فِيمَا لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ كَالْخَزَفِ وَالْآجُرِّ وَالْخَشَبِ وَالْحَدِيدِ وَالْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ بِالنَّجَسِ؛ لِأَنَّ لِلتَّخْفِيفِ أَثَرًا فِي اسْتِخْرَاجِ النَّجَاسَةِ وَتَفْسِيرُ التَّخْفِيفِ أَنْ يُخَلِّيَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ التَّقَاطُرُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيُبْسُ وَعَلَى هَذَا السِّكِّينُ الْمُمَوَّهَةُ بِالْمَاءِ النَّجِسِ وَاللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ بِهِ وَالْحِنْطَةُ الْمَبْلُولَةُ بِالنَّجَسِ حَتَّى انْتَفَخَتْ تَطْهِيرُهُ بِأَنْ تَمُوهَ السِّكِّينُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَتُطْبَخَ الْحِنْطَةُ وَاللَّحْمُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَبْرُدَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَطْهُرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ أَبَدًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحَصِيرُ وَكُلُّ مَا لَا يَنْعَصِرُ بِالْعَصْرِ وَالْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ عِنْدَنَا وَذَلِكَ مِثْلُ الْمَيْتَةِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَمْلَحَةِ فَاسْتَحَلَّتْ حَتَّى صَارَتْ مِلْحًا وَالْعَذِرَةِ إذَا صَارَتْ تُرَابًا أَوْ أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ وَصَارَتْ رَمَادًا فَهِيَ نَظِيرُ الْخَمْرِ إذَا تَخَلَّلَتْ أَوْ جِلْدِ الْمَيْتَةِ إذَا دُبِغَتْ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا لِلِاسْتِحَالَةِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَأْسَ الشَّاةِ لَوْ أُحْرِقَ حَتَّى زَالَ الدَّمُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَكَذَا الْبِلَّةُ النَّجِسَةُ فِي التَّنُّورِ تَزُولُ بِالْإِحْرَاقِ.
قَالَ رحمه الله (وَسُنَّ
الِاسْتِنْجَاءُ
بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ) لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
أَوْ دُونَهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الثَّوْبُ النَّجِسُ إذَا غُسِلَ ثَلَاثًا وَعُصِرَ مَرَّةً لَا يَطْهُرُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ غُسِلَ ثَلَاثًا وَعُصِرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، ثُمَّ تَقَاطَرَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ فَأَصَابَتْ شَيْئًا إنْ عَصَرَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَبَالَغَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ عَصَرَهُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ فَالْكُلُّ طَاهِرٌ، وَإِلَّا فَمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ نَجِسٌ وَمَا أَصَابَ مِنْ شَيْءٍ أَفْسَدَهُ اهـ.
{فَرْعٌ} الْوِعَاءُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ الْخَمْرُ هَلْ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ يُنْظَرُ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْخَمْرُ إذَا أَصَابَتْ الْحِنْطَةَ فَغَسَلَهَا وَطَحَنَهَا وَخَبَزَهَا فَإِنَّهُ يَحِلُّ أَكْلُهَا إذَا كَانَ لَا يُوجَدُ مِنْهُ طَعْمٌ وَلَا رَائِحَةٌ وَإِنْ يُوجَدُ مِنْهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِذَا انْتَفَخَتْ مِنْهُ الْحِنْطَةُ فَلَا تَطْهُرُ أَبَدًا إلَّا إذَا جَعَلَهَا فِي خَلٍّ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُ، وَلَوْ وَقَعَتْ النَّجَاسَةُ فِي دُهْنٍ أَوْ وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ فَغَسَلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَطْهُرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَطْهُرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى شَيْءٌ مِنْ غَسْلِهِ (قَوْلُهُ: وَالْآجُرُّ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله الْآجُرُّ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ وَتَشَرَّبَتْ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْآجُرُّ قَدِيمًا مُسْتَعْمَلًا يَكْفِيهِ الْغَسْلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُجَفَّفُ عَلَى أَثَرِ كُلِّ مَرَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا السِّكِّينُ الْمُمَوَّهَةُ بِالْمَاءِ النَّجَسِ) قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ مَوَّهَ الْحَدِيدَ بِالْمَاءِ النَّجِسِ يُمَوِّهُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَطْهُرُ السِّكِّينُ إذَا مُوِّهَ بِمَاءٍ نَجِسٍ لَا تَجُوزُ مَعَهُ الصَّلَاةُ يَعْنِي إذَا كَانَ فَوْقَ الدِّرْهَمِ وَيَجُوزُ قَطْعُ الْبِطِّيخِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ ذَلِكَ الْمَاءِ عَنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا بِالنَّارِ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ يُبَاحُ قَطْعُ الْبِطِّيخِ بِالسِّكِّينِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ بِوَاسِطَةِ قَطْعِهِ بِهِ لِتَكُونَ إضَاعَةَ الْمَالِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بِلَا خِلَافٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ تَنَجُّسَ السِّكِّينِ إنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ مَا شَرِبَهُ مِنْ الْمَاءِ النَّجِسِ وَهُوَ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْبِطِّيخِ بِمُجَرَّدِ قَطْعِهِ بِهِ. اهـ. ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ رحمه الله تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: وَالْأَعْيَانُ النَّجِسَةُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَطْهُرُ، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي رَمَادِ السِّرْقِينِ وَالْخَشَبَةِ النَّجِسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَذِرَةُ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعَذِرَاتُ إذَا دُفِنَتْ فِي مَوْضِعٍ حَتَّى صَارَتْ تُرَابًا قِيلَ تَطْهُرُ كَالْحِمَارِ الْمَيِّتِ إذَا وَقَعَ فِي مَمْلَحَةٍ وَصَارَ مِلْحًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا غُسِلَتْ خَابِيَةَ الْخَمْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَطْهُرُ إذَا لَمْ تَبْقَ رَائِحَةُ الْخَمْرِ وَإِنْ بَقِيَتْ لَا إذَا صُبَّ الْمَاءُ فِي الْخَمْرِ، ثُمَّ صَارَ الْخَمْرُ خَلًّا يَطْهُرُ هُوَ الصَّحِيحُ فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي الْخَمْرِ وَمَاتَتْ إنْ أُخْرِجَتْ، ثُمَّ تَخَلَّلَتْ صَارَتْ طَاهِرَةً وَإِنْ تَخَلَّلَتْ وَهِيَ فِيهِ إنَّهُ نَجِسٌ الْخَزَفُ الْجَدِيدُ إذَا صُبَّ فِيهِ الْخَمْرُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَطْهُرُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا يُغْسَلُ ثَلَاثًا يَطْهُرُ وَإِنْ بَقِيَ أَثَرُ الْخَمْرِ يُجْعَلُ فِيهِ الْخَلُّ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرُهَا فَيَطْهُرُ.
(قَوْلُهُ: يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ الْحَرْقُ كَالْغَسْلِ. اهـ. وَلِوَالِجِيٍّ رحمه الله قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ صُبَّ الْخَمْرُ فِي قِدْرٍ فِيهِ لَحْمٌ قَبْلَ الْغَلَيَانِ يَطْهُرُ اللَّحْمُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْغَلَيَانِ لَا يَطْهُرُ وَقِيلَ يُغْسَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَتَجْفِيفُهُ بِالتَّبَرُّدِ وَالْخُبْزُ الَّذِي عُجِنَ بِالْخَمْرِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ.
[الِاسْتِنْجَاء]
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَسُنَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ) وَهُوَ مَسْحُ مَوْضِعِ النَّجْوِ أَوْ غَسْلُهُ وَالنَّجْوُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السِّينُ لِلطَّلَبِ أَيْ طَلَبِ النَّجْوِ لِيُزِيلَهُ. اهـ. بَاكِيرٌ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله هُوَ إزَالَةُ مَا عَلَى السَّبِيلِ مِنْ النَّجَاسَةِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُزَالِ بِهِ حُرْمَةٌ أَوْ قِيمَةٌ كُرِهَ كَقِرْطَاسٍ وَخِرْقَةٍ وَقُطْنَةٍ وَخَلٍّ قِيلَ يُوَرِّثُ ذَلِكَ الْفَقْرَ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ إزَالَةُ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَنْ مَخْرَجِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِجْمَارُ وَالِاسْتِطَابَةُ عِبَارَاتٌ عَنْ إزَالَةِ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَنْ مَخْرَجِهِ فَسَمَّى الْكَرْخِيُّ إزَالَةَ ذَلِكَ اسْتِجْمَارًا وَهُوَ طَلَبُ الْجَمْرَةِ وَهِيَ الْحَجَرُ الصَّغِيرُ وَالطَّحَاوِيُّ سَمَّاهَا اسْتِطَابَةً وَهِيَ طَلَبُ الطِّيبِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ وَالْقُدُورِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ سَمَّاهَا اسْتِنْجَاءً وَهُوَ إمَّا مَأْخُوذٌ مِنْ النَّجْوِ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ أَوْ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّجْوَةِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ فَكَأَنَّ الرَّجُلَ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ يَسْتَتِرُ بِنَجْوَةٍ أَوْ مَأْخُوذٌ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ وَأَنْجَيْتهَا إذَا قَطَعْتهَا كَأَنَّهُ يَقْطَعُ الْأَذَى عَنْ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَيْهِ) وَلِذَا كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. اهـ. كَمَالٌ
- عليه الصلاة والسلام «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ حَاجَتَهُ فَلِيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَعْوَادٍ أَوْ ثَلَاثِ حَثَيَاتٍ مِنْ التُّرَابِ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ فَرْضٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالْمَاءِ شَرْطُ جَوَازِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ اكْتَفَى بِغَيْرِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ وَمَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» رَوَاهُ أَبُو حَاتِمٍ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَجِبُ إزَالَتُهُ بِالْمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَاءَ آلَةُ التَّطْهِيرِ وَهُوَ مُطَهِّرٌ حَقِيقَةً فَإِذَا لَمْ يَجِبْ بِالْمُطَهِّرِ فَكَيْفَ يَجِبُ بِغَيْرِهِ فَصَارَ كَالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَقْعَدَةَ لَا يَجِبُ تَطْهِيرُهَا إذْ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ بِالْمَاءِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَرَادَ بِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تَتَقَوَّمُ كَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالْعُودِ وَالْخِرْقَةِ وَالْقُطْنِ وَالْجِلْدِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَقَوْلُهُ مُنَقٍّ خَرَجَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ لِكَوْنِهِ سُنَّةً؛ لِأَنَّ الْإِنْقَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالِاسْتِنْجَاءِ فَلَا يَكُونُ دُونَهُ سُنَّةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ دَمٌ أَوْ قَيْحٌ يَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ نَجَاسَةٌ مِنْ الْخَارِجِ يَطْهُرُ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهِ وَصِفَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ أَنْ يَجْلِسَ مُعْتَمِدًا عَلَى يَسَارِهِ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ وَالرِّيحِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَعَهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يُدْبِرُ بِالْأَوَّلِ وَيُقْبِلُ بِالثَّانِي وَيُدْبِرُ بِالثَّالِثِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا فِي الصَّيْفِ وَفِي الشِّتَاءِ يُقْبِلُ بِالْأَوَّلِ وَيُدْبِرُ بِالثَّانِي وَيُقْبِلُ بِالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ خُصْيَتَيْهِ مُتَدَلِّيَتَانِ فِي الصَّيْفِ فَيَخَافُ مِنْ التَّلْوِيثِ وَالْمَرْأَةُ تَفْعَلُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ فِي الشِّتَاءِ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنْ النَّجَاسَةِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فِي حَقِّ الْعَرَقِ حَتَّى إذَا أَصَابَهُ الْعَرَقُ مِنْ الْمَقْعَدَةِ لَا يَتَنَجَّسُ وَلَوْ قَعَدَ فِي مَاءِ قَلِيلٍ نَجَّسَهُ.
قَالَ رحمه الله (وَمَا سُنَّ فِيهِ عَدَدٌ) أَيْ لَيْسَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَدَدٌ مَسْنُونٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بُدَّ مِنْ التَّثْلِيثِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «وَلِيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» وَلَنَا مَا رَوَيْنَا وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَاوَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ حَجَرَيْنِ وَرَوْثَةً فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَرَمَى بِالرَّوْثَةِ وَقَالَ إنَّهُ رِجْسٌ» وَلَوْ كَانَ التَّثْلِيثُ وَاجِبًا لَنَاوَلَهُ ثَالِثًا؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ الْإِنْقَاءُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ بِالثَّلَاثِ بَعْدَ حُصُولِهِ وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ النَّقَاءُ بِالثَّلَاثِ يُزَادُ عَلَيْهِ إجْمَاعًا لِكَوْنِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ وَمَا رَوَاهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ وَاحِدٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ وَأَنْقَى جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَلَعَلَّ ذِكْرَ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَدِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ وَالْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ النَّقَاءُ بِهَا غَالِبًا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَحَمْلُهُمْ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجٌ» عَلَى جَوَازِ تَرْكِ الْوِتْرِ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ النَّقَاءُ بِالثَّلَاثِ فَالزِّيَادَةُ بِدْعَةٌ عِنْدَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَوَاجِبَةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَرْكِهَا وَعَلَى جَوَازِ الْإِتْيَانِ بِهَا فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَتَّى يَجُوزَ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهَا وِتْرٌ حَقِيقَةً.
قَالَ رحمه الله (وَغَسْلُهُ بِالْمَاءِ أَحَبُّ) أَيْ غَسْلُ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ يُقْلِعُ النَّجَاسَةَ وَالْحَجَرُ يُخَفِّفُهَا فَكَانَ أَوْلَى وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قِيلَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَا أَهْلَ قُبَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيْكُمْ فَمَاذَا تَصْنَعُونَ عِنْدَ الْغَائِطِ فَقَالُوا نُتْبِعُ الْغَائِطَ الْأَحْجَارَ، ثُمَّ نُتْبِعُ الْأَحْجَارَ الْمَاءَ» ، ثُمَّ قِيلَ هُوَ أَدَبٌ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام فَعَلَهُ مَرَّةً وَتَرَكَهُ أُخْرَى وَقِيلَ سُنَّةٌ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ يَثْلِطُونَ ثَلْطًا وَفِي الْأَوَّلِ كَانُوا يَبْعَرُونَ بَعْرًا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ حَاجَتَهُ فَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثِ أَحْجَارٍ» ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ الَّتِي أَصَابَتْهُ قَدْرَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالَ أَوْ أَقَلَّ سُنَّةً وَإِتْبَاعُ الْمَاءِ أَدَبٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: بِنَحْوِ حَجَرٍ) أَرَادَ بِهِ الْأَشْيَاءَ الطَّاهِرَةَ. اهـ. بَاكِيرٌ بِمَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ رحمه الله فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَيَجُوزُ بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَوَاهِرِ الطَّاهِرَةِ إذْ الْمَقْصُودُ إزَالَةُ النَّجْوِ فَمَا صَلَحَ لِذَلِكَ جَازَ بِهِ اهـ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ الْمُحْدِثُ إذَا اسْتَنْجَى فَأَصَابَ الْمَاءُ ذَيْلَهُ أَوْ كُمَّهُ إنْ أَصَابَ الْمَاءُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّالِثَ يَتَنَجَّسُ نَجَاسَةً غَلِيظَةً وَإِنْ أَصَابَهُ الْمَاءُ الرَّابِعُ يَتَنَجَّسُ بِنَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمِلِ.
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تَتَقَوَّمُ) فَلَا يَسْتَنْجِي بِنَحْوِ الْيَاقُوتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهِ) سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ عَنْ الْغَايَةِ عَنْ الْقُنْيَةِ قَوْلُهُ: إنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يُدْبِرُ بِالْأَوَّلِ) الْإِدْبَارُ الذَّهَابُ إلَى جَانِبِ الدُّبُرِ وَالْإِقْبَالُ ضِدُّهُ شَرْحُ وِقَايَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُقْبِلُ بِالثَّانِي) أَيْ لِأَنَّ الْإِقْبَالَ أَبْلَغُ فِي التَّنْقِيَةِ اهـ شَرْحُ وِقَايَةٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُنْتَقَى مَنْ لَمْ يُدْخِلْ أُصْبُعَهُ فِي دُبُرِهِ فَلَيْسَ بِتَنْظِيفٍ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقِيلَ إنَّهُ يُوَرِّثُ الْبَاسُورَ اهـ غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خُصْيَتَيْهِ مُتَدَلِّيَتَانِ) فَلَا يُقْبِلُ احْتِرَازًا عَنْ تَلْوِيثِهِمَا، ثُمَّ يُقْبِلُ، ثُمَّ يُدْبِرُ مُبَالَغَةً فِي التَّنْظِيفِ وَفِي الشِّتَاءِ غَيْرُ مُدَلَّاةٍ فَيُقْبِلُ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِقْبَالَ أَبْلَغُ فِي التَّنْقِيَةِ، ثُمَّ يُدْبِرُ، ثُمَّ يُقْبِلُ لِلْمُبَالَغَةِ. اهـ. بَاكِيرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) أَمْرٌ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَغَسْلُهُ بِالْمَاءِ أَحَبُّ) إنْ أَمْكَنَهُ بِلَا كَشْفِ عَوْرَةٍ، وَإِلَّا يُتْرَكُ حَتَّى لَا يَصِيرَ فَاسِقًا. اهـ. بَاكِيرٌ قَالَ الْكَمَالُ وَإِنَّمَا يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إذَا وَجَدَ مَكَانًا يَسْتَتِرُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ لَيْسَ فِيهِ سُتْرَةٌ لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ قَالُوا يَفْسُقُ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْمُصَلِّينَ فِي الْمِيضَأَةِ فَضْلًا عَنْ شَاطِئِ النِّيلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ يَثْلَطُونَ ثَلْطًا) فَتَتَلَوَّثُ الْمَقْعَدَةُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبِلِ اهـ سَرُوجِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله فِي كِتَابِهِ زَادِ الْفَقِيرِ وَيَسْتَنْجِي بِبَطْنِ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَيَحْتَرِزُ عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَيُنَشِّفُ الْمَحِلَّ إنْ كَانَ صَائِمًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ كَيْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَهُ وَإِنَّمَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ مَوْضِعَ الْمِحْقَنَةِ وَقَلَّمَا يَكُونُ اهـ