المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض] - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: ‌[الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض]

يَحِلُّ وَطْؤُهَا بِنَفْسِ الِانْقِطَاعِ قُبَيْلَ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ فِي حَقِّهَا أَمَارَةٌ زَائِدَةٌ وَلَا يَتَغَيَّرُ بِإِسْلَامِهَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ وَلَوْ انْقَطَعَ الْحَيْضُ دُونَ عَادَتِهَا فَوْقَ الثَّلَاثِ لَا يَقْرَبُهَا وَإِنْ اغْتَسَلَتْ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الْعَوْدَ فِي الْعَادَةِ غَالِبٌ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ لِلِاحْتِيَاطِ.

قَالَ رحمه الله (وَالطُّهْرُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فِي الْمُدَّةِ حَيْضٌ وَنِفَاسٌ) مَعْنَاهُ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَالدَّمَانِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ يَكُونُ حَيْضًا وَلَوْ خَرَجَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ عَنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ بِأَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَتِسْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا مَثَلًا لَا يَكُونُ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْأَخِيرَ لَمْ يُوجَدْ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ وَوَجْهُهُ أَنَّ اسْتِيعَابَ الدَّمِ مُدَّةَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إجْمَاعًا فَيُعْتَبَرُ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ كَالنِّصَابِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَلَا يُبْتَدَأُ الْحَيْضُ بِالطُّهْرِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُخْتَمُ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا النِّفَاسُ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ يَفْصِلْ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ فَاسِدٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ.

وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْحَيْضَ يُبْتَدَأُ بِالطُّهْرِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

مَا إذَا انْقَطَعَ لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ بِدُونِ الِاغْتِسَالِ فَوَجَبَ الِاشْتِغَالُ بِالِاغْتِسَالِ وَقْتَ الطُّهْرِ دُونَ الْحَيْضِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ سَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ لَوْ أَدْرَكَتْ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهَا لَوْ أَدْرَكَتْ بَعْدَ الطَّهَارَةِ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ وَزَمَنُ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بَعْدَ الطَّهَارَةِ بِالِاغْتِسَالِ إلَّا قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ فَلَا مُخَالَفَةَ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ صَارَتْ دَيْنًا وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْوُجُوبِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ كَمَا فِي النَّائِمِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَطَهُرَتْ حُكْمًا لِأَنَّ وُجُوبَ الصَّلَاةِ مِنْ أَحْكَامِ الطِّهَارَاتِ، ثُمَّ انْتِهَاءُ النَّهْيِ عَنْ الْقُرْبَانِ وَإِنْ كَانَ بِالِاغْتِسَالِ بِالنَّصِّ لَكِنَّ الِاغْتِسَالَ إنَّمَا يَكُونُ غَايَةً؛ لِأَنَّهُ حَلَّ لَهَا بِهِ أَدَاءُ الصَّلَاةِ وَأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُ الِانْقِطَاعِ عَلَى جَانِبِ الِاسْتِمْرَارِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا مَضَى وَقْتُ الصَّلَاةِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيهِ دَلَالَةً، كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ. اهـ. مِعْرَاجٌ.

فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] فِي الْقِرَاءَتَيْنِ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ فِي الْحَالَيْنِ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي الدِّرَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ انْقَطَعَ فِيمَا دُونَ الْعَادَةِ وَلَكِنْ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَاغْتَسَلَتْ أَوْ مَضَى عَلَيْهَا الْوَقْتُ كُرِهَ قُرْبَانُهَا وَالتَّزَوُّجُ لَهَا بِزَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تَأْتِيَ عَادَتُهَا وَتَغْتَسِلَ أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ عَلَى رَأْسِ عَادَتِهَا أَخَّرَتْ الِاغْتِسَالَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ تَأْخِيرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ وَفِيمَا دُونَ عَادَتِهَا بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُ فِي حَقِّهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْفُرُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: زَائِدَةٌ) أَيْ عَلَى الِانْقِطَاعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ انْقَطَعَ الْحَيْضُ دُونَ عَادَتِهَا) فَفِي جَوَازِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَبُطْلَانِ الرَّجْعَةِ كَأَنَّهَا طَهُرَتْ وَفِي حَقِّ قُرْبَانِ الزَّوْجِ وَالتَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ كَأَنَّهَا لَمْ تَطْهُرْ حَتَّى تَمْضِيَ عَادَتُهَا الْمَعْرُوفَةُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَحَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ قَالَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ.

[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَنِفَاسُ) يَعْنِي الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَلَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتُجْعَلُ إحَاطَةُ الدَّمِ بِطَرَفَيْهِ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ فِي النِّفَاسِ كَالْعَشَرَةِ فِي الْحَيْضِ، ثُمَّ الطُّهْرُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ فِي الْحَيْضِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَتُجْعَلُ إحَاطَةُ الدَّمِ بِطَرَفَيْهِ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي فَكَذَا النِّفَاسُ وَقَالَا إذَا كَانَ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ الْأَرْبَعِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَيُجْعَلُ الْأَوَّلُ نِفَاسًا وَالثَّانِي حَيْضًا إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ لَا يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَيُجْعَلُ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي صُورَتُهُ رَأَتْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْأَرْبَعُونَ نِفَاسٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نِفَاسُهَا الدَّمُ الْأَوَّلُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالطُّهْرُ) الْمُتَخَلِّلُ إلَى آخِرِهِ قَالَ الرَّازِيّ رحمه الله أَيْ الطُّهْرُ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَوْعِبًا لِلْمُدَّةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَوْعِبٍ إذَا كَانَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَهُوَ حَيْضٌ مِثَالُ الْمُسْتَوْعِبِ مَا إذَا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا قَبْلَ الْعَادَةِ، ثُمَّ عَشَرَةً طُهْرًا، ثُمَّ يَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ وَمِثَالُ غَيْرِ الْمُسْتَوْعِبِ مَا إذَا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا فِي الْعَادَةِ، ثُمَّ رَأَتْ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ طُهْرًا، ثُمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَهُمَا الِابْتِدَاءَ بِالطُّهْرِ وَالْخَتْمَ بِهِ إذَا كَانَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ جَائِزٌ اهـ. وَلَوْ رَأَتْ قَبْلَ عَشَرَتِهَا سَاعَةً دَمًا وَطَهُرَتْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ عَشَرَتِهَا، ثُمَّ رَأَتْ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ مِنْ عَشَرَتِهَا دَمًا، ثُمَّ رَأَتْ الْعَاشِرَ مِنْ أَيَّامِهَا طُهْرًا، ثُمَّ رَأَتْ سَاعَةً دَمًا بَعْدَهَا فَأَيَّامُهَا الْعَشَرَةُ حَيْضٌ عِنْدَ س وَعِنْدَ م ثَمَانِيَةٌ مِنْ عَشَرَتِهَا الَّتِي رَأَتْ فِيهَا الدَّمَ حَيْضٌ فَقَطْ وَلَوْ لَمْ تَرَ قَبْلَ أَيَّامِهَا دَمًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْيَوْمُ الْعَاشِرُ لَيْسَ بِحَيْضٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرَ بَعْدَهُ دَمًا وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَطُهْرُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فَرَأَتْ قَبْلَ عَادَتِهَا يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَادَتُهَا الْخَمْسَةُ حَيْضٌ وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا اسْتِحَاضَةٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ حَيْضُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ عَادَتِهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ، وَلَوْ رَأَتْ أَوَّلَ خَمْسَتِهَا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا وَاسْتَمَرَّ وَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَعَادَتُهَا حَيْضٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا وَانْتِهَاءَهَا حَصَلَ بِالدَّمِ وَلَوْ رَأَتْ مِنْ أَوَّلِ خَمْسَتِهَا ثَلَاثَةً دَمًا وَطَهُرَتْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَعَادَتُهَا حَيْضٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الثَّلَاثَةُ مِنْ عَادَتِهَا حَيْضٌ لَا الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَمُ الْحَيْضُ بِالطُّهْرِ، وَكَذَا النِّفَاسُ مُلَخَّصٌ مِنْ شَرْحِ الْإِسْبِيجَابِيِّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ) أَيْ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ) أَيْ لَا مَذْهَبُهُ بَلْ مَذْهَبُهُ سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَفْصِلْ) فَلَوْ رَأَتْ مُبْتَدَأَةٌ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ عِنْدَهُ حَيْضٌ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا بِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَسْهَلُ) لِعَدَمِ التَّفَاصِيلِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ اهـ

ص: 60

وَيُخْتَمُ بِهِ بِشَرْطِ إحَاطَةِ الدَّمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ دَمٌ لَا يُبْتَدَأُ بِالطُّهْرِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ دَمٌ لَا يُخْتَمُ بِالطُّهْرِ كَمَا إذَا رَأَتْ قَبْلَ عَادَتِهَا يَوْمًا دَمًا وَعَشَرَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ الَّتِي لَمْ تَرَ فِيهِ الدَّمَ حَيْضٌ إنْ كَانَ عَادَتُهَا هِيَ الْعَشَرَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ رَدَّتْ إلَى أَيَّامِهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إنْ نَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِسَاعَةٍ لَا يَفْصِلُ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الدَّمِ لَا حُكْمَ لَهُ فَكَذَا الطُّهْرُ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا وَكَانَ مِثْلَ الدَّمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الدَّمَيْنِ فَصْلٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَهُوَ حَيْضٌ وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالْكُلُّ اسْتِحَاضَةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَانِبَيْنِ مَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الطُّهْرَ أَقَلَّ مِنْ الدَّمَيْنِ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ فَيُجْعَلُ الْأَوَّلُ حَيْضًا لِسَبْقِهِ دُونَ الثَّانِي.

وَمِنْ أَصْلِهِ أَنْ لَا يُبْتَدَأَ الْحَيْضُ بِالطُّهْرِ وَلَا يُخْتَمَ بِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ طُهْرَانِ مُعْتَبَرَانِ وَصَارَ أَحَدُهُمَا حَيْضًا لِاسْتِوَاءِ الدَّمِ بِطَرَفَيْهِ حَتَّى صَارَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي هَلْ يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى الطُّهْرِ الْأَخِيرِ حَتَّى يَصِيرَ الْكُلُّ حَيْضًا أَوْ لَا يَتَعَدَّى؟ قَالَ أَبُو زَيْدٍ الْكَبِيرُ يَتَعَدَّى وَقَالَ أَبُو سَهْلٍ لَا يَتَعَدَّى.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ مِثَالُهُ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ الْكُلُّ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الدَّمَ فِي طَرَفَيْهِ اسْتَوَى بِالطُّهْرِ فَيُجْعَلُ كَالدَّمِ الْمُسْتَمِرِّ فَكَأَنَّهَا رَأَتْ سِتَّةً دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَهْلٍ الْغَزَالِيِّ السِّتَّةُ الْأُولَى حَيْضٌ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّلَ الْعَشَرَةَ طُهْرَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا لَمْ يُمَيَّزْ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَانَ الطُّهْرُ غَالِبًا فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ وَعَلَى الثَّانِي السِّتَّةُ الْأُولَى حَيْضٌ، وَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ.

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إنْ نَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِسَاعَةٍ لَا يَفْصِلُ) بِأَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ دَمًا أَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ دَمًا فَالْكُلُّ حَيْضٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ وَقْتِهِ وَهُوَ وَقْتُ الْحَيْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ) بِأَنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ حَيْضٌ) مِثَالُهُ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا اهـ وَالْأَصْلُ عِنْدَ زُفَرَ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ، وَإِلَّا أَوْجَبَ الْفَصْلَ وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا، وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ إنْ انْتَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةٍ لَا يُفْصَلُ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا فَصَلَ، ثُمَّ مَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ يُجْعَلُ وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ أَمْكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ فَالْأَوَّلُ حَيْضٌ وَالثَّانِي اسْتِحَاضَةٌ فَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِيَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ أَنَّ الطُّهْرَ إذَا نَقَصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَفْصِلُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا.

أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الدَّمَيْنِ فَفَصَلَ وَلَيْسَ فِي كِلَا الْجَانِبَيْنِ مَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا، وَأَمَّا عِنْدَ زُفَرَ فَلَمْ يَرَ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْحَسَنِ فَكَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ رَأَتْ سَاعَةً دَمًا وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ سَاعَتَيْنِ طُهْرًا، ثُمَّ سَاعَةً دَمًا فَذَلِكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا حَيْضًا بَلْ الْكُلُّ اسْتِحَاضَةٌ وَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَهِيَ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ ثَلَاثَةٌ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ مُتَقَدِّمَةً كَانَتْ أَوْ مُتَأَخِّرَةً وَالْيَوْمُ اسْتِحَاضَةٌ، وَلَوْ رَأَتْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَأَرْبَعَةً دَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدٍ الْعَشَرَةُ حَيْضٌ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَدَدَ الطُّهْرِ مِثْلُ الدَّمَيْنِ وَكِلَا الدَّمَيْنِ فِي الْعَشَرَةِ فَلَمْ يَفْصِلْ وَعِنْدَ الْحَسَنِ يَفْصِلُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْآخَرِ حَيْضٌ وَاسْتِحَاضَةٌ وَلَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَالطُّهْرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ فَاصِلٌ فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ حَيْضٌ عِنْدَهُمَا وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةٌ اهـ مُلَخَّصٌ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ الطُّهْرُ أَقَلَّ مِنْ الدَّمَيْنِ) لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ فَالْحِيضَان سِتَّةٌ فَيَكُونُ الطُّهْرُ أَرْبَعَةً؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ مَجْمُوعَ الدَّمَيْنِ وَالطُّهْرِ الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَهُمَا عَشَرَةٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَجْمُوعُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ لَمْ يَكُنْ الطُّهْرُ أَقَلَّ مِنْ الدَّمَيْنِ فَحِينَئِذٍ يَكُنْ مِثَالُهُ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَثَلَاثَةً دَمًا فَحَيْضُهَا الثَّلَاثَةُ الْأُولَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ فَالْعَشَرَةُ مِنْ حِينِ رَأَتْ الدَّمَ حَيْضٌ، وَإِلَّا رُدَّتْ إلَى عَادَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: طُهْرَانِ مُعْتَبَرَانِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ الدَّمَ فِي طَرَفَيْهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ اعْتَبَرَ كَوْنَ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ دَمًا حُكْمًا فَالطُّهْرُ الثَّانِي أَقَلُّ مِنْ مَجْمُوعِ الدَّمَيْنِ فَلَا يَفْصِلُ فَالْكُلُّ دَمٌ وَأَبُو سَهْلٍ اعْتَبَرَ حَقِيقَةَ الطُّهْرِ فَالطُّهْرُ الْأَوَّلُ مِثْلُ مَجْمُوعِ الدَّمَيْنِ فَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا فَالْكُلُّ دَمٌ وَالطُّهْرُ الثَّانِي أَكْثَرُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الدَّمَيْنِ فَيَفْصِلُ فَلَا يَكُونُ دَمًا حُكْمًا وَكُلٌّ مِنْ الدَّمَيْنِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ حَيْضًا فَيَكُونُ اسْتِحَاضَةً وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الطُّهْرَيْنِ مُعْتَبَرًا بِأَنْ كَانَ ثَلَاثَةً أَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُعْتَبَرٍ بِأَنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ كَانَ الْكُلُّ حَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ أَبَا سَهْلٍ إنَّمَا يَعْتَبِرُ حَقِيقَةَ الطُّهْرِ إذَا كَانَ مُعْتَبَرًا فَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَيَوْمَيْنِ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا كَانَ الْكُلُّ حَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَهْلٍ الْغَزَالِيِّ) تَارَةً يَذْكُرُ بِالْغَزَالِيِّ وَتَارَةً بِالْفَرْضِيِّ وَتَارَةً بِالزَّجَّاجِيِّ اهـ طَبَقَاتُ عَبْدِ الْقَادِرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُمَيِّزْ أَحَدَهُمَا) أَيْ إذَا لَمْ يُمَيِّزْ يُعْتَبَرُ الْمَجْمُوعُ وَهُوَ سِتَّةٌ فَالطُّهْرُ غَالِبٌ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْعَشَرَةِ حَيْضًا بِخِلَافِ السِّتَّةِ فَإِنَّ الطُّهْرَ فِيهَا مِثْلُ الدَّمِ فَالْكُلُّ حَيْضٌ اهـ

ص: 61

دَمًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي سَهْلٍ السِّتَّةُ الْأَخِيرَةُ حَيْضٌ لِمَا قُلْنَا.

وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ فِي الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رحمه الله؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ دَمَيْنِ إذَا نَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَفْصِلْ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَلَ كَيْفَمَا كَانَ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الدَّمُ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَيْضًا وَهُوَ حَيْضٌ وَالْآخَرُ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالْكُلُّ اسْتِحَاضَةٌ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَانِبَانِ فَالْأَوَّلُ حَيْضٌ لِسَبْقِهِ وَالثَّانِي اسْتِحَاضَةٌ.

{فُرُوعُ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ} امْرَأَةٌ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَخَمْسَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا وَيَوْمَيْنِ طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ إنْ كَانَ عَادَتُهَا عَشَرَةً أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ يُخْتَمُ بِالطُّهْرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْأَرْبَعَةُ مِنْ آخِرِهَا حَيْضٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ جَعْلُ الْعَشَرَةِ حَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ خَتْمُ الْعَشَرَةِ بِالطُّهْرِ وَتَعَذَّرَ جَعْلُ مَا قَبْلَ الطُّهْرِ الثَّانِي حَيْضًا؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ فِيهِ لِلطُّهْرِ فَطَرَحْنَا الدَّمَ الْأَوَّلَ وَالطُّهْرَ الْأَوَّلَ يَبْقَى بَعْدَهُ يَوْمٌ دَمٌ وَيَوْمَانِ طُهْرٌ وَيَوْمٌ دَمٌ وَالطُّهْرُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَجَعَلْنَا الْأَرْبَعَةَ حَيْضًا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَعِنْدَ زُفَرَ الثَّمَانِيَةُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ ثَلَاثَةً فِي الْعَشَرَةِ وَلَا يُخْتَمُ بِالطُّهْرِ وَقَدْ وُجِدَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمُخْتَصَرِ كَذَلِكَ لِخُرُوجِ الدَّمِ الثَّانِي عَنْ الْعَشَرَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ خَمْسَةَ عَشَرً يَوْمًا، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ مُدَّةُ اللُّزُومِ فَصَارَ كَمُدَّةِ الْإِقَامَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَدُّ إلَى سَنَةٍ وَسَنَتَيْنِ وَقَدْ لَا يُرَى الْحَيْضُ أَصْلًا فَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ قَالَ رحمه الله (إلَّا عِنْدَ نَصْبِ الْعَادَةِ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ) أَيْ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِ الطُّهْرِ إلَّا إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ وَاحْتِيجَ إلَى نَصْبِ الْعَادَةِ فَيُقَدَّرُ طُهْرُهَا، وَذَلِكَ كَالْمُبْتَدَأَةِ إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ وَكَصَاحِبَةِ الْعَادَةِ إذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا وَقَدْ نَسِيَتْ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا وَدَوْرَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ فَإِنَّهَا تَتَحَرَّى وَتَمْضِي عَلَى أَكْبَرِ رَأْيِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْيٌ وَهِيَ الْمُحَيَّرَةُ وَتُسَمَّى الْمُضَلَّلَةُ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الطُّهْرِ أَوْ الْحَيْضِ عَلَى التَّعْيِينِ بَلْ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: فَصَلَ كَيْفَمَا كَانَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الدَّمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَالْكُلُّ اسْتِحَاضَةٌ) وَهَذَا الْإِمْكَانُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ إنْ كَانَ ثَلَاثَةً فَصَاعِدًا فَصَلَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مَجْمُوعِ الدَّمَيْنِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ وَقَوْلُهُ: فُرُوعٌ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ أَيْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقَعُ) وَفِي نُسْخَةٍ يَمْنَعُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْتَمُ بِالطُّهْرِ) فَيُلْغِي طُهْرَ يَوْمَيْنِ فَالْبَاقِي ثَمَانِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ وَجَدَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ) صَوَابُهُ ثَلَاثَةٌ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) يَعْنِي أَقَلَّ الطُّهْرِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ طَرَفَاهُ حَيْضًا لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ حَتَّى لَوْ رَأَتْ ثَلَاثَةً دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طُهْرًا، ثُمَّ ثَلَاثَةً دَمًا فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ حَيْضٌ وَلَوْ انْتَقَصَ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى حَيْضٌ دُونَ الثَّانِيَةِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَقَادِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سُمِعَ مِنْ صَحَابِيٍّ وَذَا سَهْوٌ مِنْهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ حَيْضَتَانِ وَطُهْرَانِ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةٌ وَأَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ سُؤَالًا وَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ رَأَتْ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ خَمْسَةً، ثُمَّ طُهْرًا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً أَلَيْسَ قَدْ حَاضَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَجَابَ فَقَالَ إذَا ضَمَمْت إلَيْهِ طُهْرًا آخَرَ كَانَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالشَّهْرُ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى ذَلِكَ وَحُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَقَالَتْ إنِّي حِضْت فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ عَلِيٌّ لِشُرَيْحٍ مَاذَا تَقُولُ فَقَالَ إنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً مِنْ بِطَانَتِهَا مِمَّنْ يُرْضَى بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ قُبِلَ مِنْهَا فَقَالَ عَلِيٌّ قالون وَهِيَ بِالرُّومِيَّةِ حَسَنٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ شُرَيْحٌ بِذَلِكَ تَحْقِيقَ النَّفْيِ أَنَّهَا لَا تَجِدُ ذَلِكَ وَأَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] أَيْ لَا يَدْخُلُونَهَا رَأْسًا. (قَوْلُهُ: هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ) قَالَ فِيهَا وَفِيهِ كَلَامٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مُدَّةُ اللُّزُومِ) أَيْ لُزُومِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إلَّا عِنْدَ نَصْبِ الْعَادَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ فَإِنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ مُقَدَّرٌ فِي حَقِّهِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ مُدَّتِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ نُقْصَانُ طُهْرِ غَيْرِ الْحَامِلِ عَنْ طُهْرِ الْحَامِلِ وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَانْتَقَصَ عَنْ هَذَا بِشَيْءٍ وَهُوَ السَّاعَةُ صُورَتُهُ مُبْتَدَأَةٌ رَأَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ طُهْرًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ كُلُّ حَيْضٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَإِلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً اهـ قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ لَوْ قُدِّرَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا دُونَ الْيَوْمِ سَاعَاتٌ لَا تُضْبَطُ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ) صُورَتُهَا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ امْرَأَةٌ رَأَتْ دَمًا خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً مَثَلًا، ثُمَّ رَأَتْ طُهْرًا مُمْتَدًّا، ثُمَّ رَأَتْ دَمًا مُسْتَمِرًّا هَلْ يُقَدَّرُ لَهَا أَكْثَرُ الطُّهْرِ قَالُوا يُقَدَّرُ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَمَا تَرَى وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لِلْمُتَحَيِّرَةِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا لَا يَخْفَى. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ) فِي الْمَبْسُوطِ حَتَّى ضَلَّتْ أَيَّامَهَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَسِيَتْ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا) فَإِنْ عَرَفَتْ عَدَدَ أَيَّامِهَا بِأَنْ رَأَتْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ دَمًا وَسِتَّةً طُهْرًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَعِنْدَ أَبِي عِصْمَةَ يُقَدَّرُ طُهْرُهَا بِمَا رَأَتْ وَهِيَ السِّتَّةُ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا كَذَا بِخَطِّ قَارِئٍ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: لَا يُحْكَمُ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الطُّهْرِ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ

ص: 62

تَأْخُذُ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ وَهَلْ يُقَدَّرُ طُهْرُهَا فِي حَقِّ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقَدَّرُ بِشَيْءٍ وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْهُمْ أَبُو عِصْمَةَ وَالْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ؛ لِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالتَّوْقِيفِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلِهَذَا لَمْ يُقَدَّرْ فِي حَقِّ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ بَلْ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ وَتَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَدَّرُوهُ لِلضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ يُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ أَقَلُّ مِنْ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ عَادَةً فَنَقَصْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ سَاعَةً فَإِذَا طَلُقَتْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ فَيَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ بِشَهْرٍ وَإِلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ بُخَارَى.

(قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ) يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا فَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ سِوَاهَا وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ، وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي سَهْلٍ الْغَزَالِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ لَا تَرَى الْحَيْضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ؛ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ مِنْ الْعَوْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الشَّهْرِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ وَأَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ يُقَدَّرُ طُهْرُهَا بِسَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ مِنْ الشَّهْرَيْنِ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا، وَقَالَ الزَّعْفَرَانِيُّ يُقَدَّرُ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي الْغَالِبِ يَشْتَمِلُ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَأَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَبَقِيَ الطُّهْرُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا هَذَا فِي حَقِّ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ فَلَمْ يُقَدِّرُوا الطُّهْرَ بِشَيْءٍ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ تَجْتَنِبُ أَبَدًا مَا تَجْتَنِبُهُ الْحَائِضُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّهِ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَتُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ وَالْوِتْرَ وَتَقْرَأُ فِيهِمَا قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَلَا تَزِيدُ وَقِيلَ تَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ؛ لِأَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ وَإِنْ حَجَّتْ تَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ، ثُمَّ تُعِيدُهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَتَطُوفُ لِلصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ تَقْضِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَاضَتْ فِي رَمَضَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَشَرَةً فِي أَوَّلِهِ وَخَمْسَةً فِي آخِرِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَا يُتَصَوَّرُ حَيْضُهَا فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهَا حَاضَتْ فِي الْقَضَاءِ عَشَرَةً فَيَسْلَمُ لَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ بِيَقِينٍ وَإِنْ عَلِمَتْ دَوْرَ حَيْضِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً وَلَمْ تَعْرِفْ عَدَدَهُ وَلَا ابْتِدَاءَهُ وَلَا انْتِهَاءَهُ أَوْ عَلِمَتْ الِابْتِدَاءَ دُونَ الِانْتِهَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ ضَلَّتْ أَيَّامَهَا فِي ضِعْفِهَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: تَأْخُذُ بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ) فَتَصُومُ وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (قَوْلُهُ: مِنْهُمْ أَبُو عِصْمَةَ) سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَرْوَزِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ) بِمُعْجَمَةٍ هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً) فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَقَلُّ مِنْ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ) وَمُدَّةُ الْحَمْلِ مُدَّةُ الطُّهْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ لَا تَرَى الْحَيْضَ فِي كُلِّ شَهْرٍ) فَيُعْتَبَرُ شَهْرٌ بِلَا حَيْضٍ، ثُمَّ شَهْرٌ آخَرُ كَذَلِكَ لِتَثَبُّتِ الْعَادَةِ اهـ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَأَمَّا أَكْثَرُ الطُّهْرِ فَلَا غَايَةَ لَهُ حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَهُرَتْ سِنِينَ كَثِيرَةً فَإِنَّهَا تَعْمَلُ مَا تَعْمَلُ الطَّاهِرَاتُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي بَنَاتِ آدَمَ أَصْلٌ وَالْحَيْضُ عَارِضٌ فَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهَا الْعَارِضُ يَجِبُ بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ طَالَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ الَّذِي يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ عِنْدَ الِاسْتِمْرَارِ كَمْ هُوَ قَالَ أَبُو عِصْمَةَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبُو حَازِمٍ الْقَاضِي: إنَّ الطُّهْرَ وَإِنْ طَالَ يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَاضَتْ خَمْسَةً وَطَهُرَتْ سِتَّةً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ تَبْنِي الِاسْتِمْرَارَ عَلَيْهِ فَتَقْعُدُ خَمْسَةً وَتُصَلِّي سِتَّةً، وَكَذَا لَوْ رَأَتْ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بُخَارَى إنَّ أَكْثَرَ الطُّهْرِ الَّذِي يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِذَا كَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَا يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ وَإِذَا لَمْ يَصْلُحْ لَهُ تُرَدُّ أَيَّامُهَا إلَى الشَّهْرِ فَتَقْعُدُ مَا كَانَتْ رَأَتْ فِيهِ مِنْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتُصَلِّي بَقِيَّةَ الشَّهْرِ هَكَذَا دَأْبُهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ وَأَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ أَكْثَرُ الطُّهْرِ الَّذِي يَصْلُحُ لِنَصْبِ الْعَادَةِ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ تُرَدُّ أَيَّامُهَا إلَى الشَّهْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرُهُ شَهْرٌ وَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ تُرَدُّ أَيَّامُهَا إلَى الشَّهْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَدَلَائِلُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ تُذْكَرُ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ اهـ. (قَوْلُهُ: يُقَدَّرُ) أَيْ أَكْثَرُ الطُّهْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَتُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ) أَيْ وَالسُّنَنَ الْمَشْهُورَةَ وَلَا تُصَلِّي شَيْئًا مِنْ التَّطَوُّعَاتِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ تُعِيدُهُ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا طَافَتْ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُهَا عَشَرَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ضَلَّتْ أَيَّامَهَا فِي ضَعْفِهَا) مِثَالُ الْإِضْلَالِ فِي الضَّعْفِ امْرَأَةٌ أَيَّامُ حَيْضِهَا ثَلَاثَةٌ فِي السِّتَّةِ الَّتِي فِي آخِرِ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسِيَتْ أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِي أَوَّلِ السِّتَّةِ أَوْ آخِرِهَا وَمِثَالُ الْأَكْثَرِ مِنْ الضَّعْفِ امْرَأَةٌ أَيَّامُ حَيْضِهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسِيَتْ أَنَّهَا فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ وَمِثَالُ الْأَقَلِّ امْرَأَةٌ أَيَّامُ حَيْضِهَا ثَلَاثَةٌ فِي الْخَمْسَةِ الَّتِي فِي آخِرِ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسِيَتْ أَنَّهَا فِي أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا فَالْمَرْأَةُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا تَتَيَقَّنُ بِالْحَيْضِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ الَّتِي ضَلَّتْ فِيهَا أَوْ آخِرِهَا وَتَتَيَقَّنُ بِهِ فِي بَعْضِهَا فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهَا تَتَيَقَّنُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَنَّهُ مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ أَوَّلُ الْحَيْضِ أَوْ آخِرُهُ فَتَتْرُكُ الصَّلَاةَ فِيهِ وَفِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ حَالَهَا فِيهِمَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَفِي الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ حَالَهَا فِيهِمَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْحَيْضِ وَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِمَا قُلْنَا. اهـ. يَحْيَى وَدَمُ

ص: 63

أَوْ أَقَلَّ مِنْ الضِّعْفِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَمَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ وَلَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ.

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ)(فَمَا زَادَ عَلَى عَادَتِهَا اسْتِحَاضَةٌ) لِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَتُصَلِّي فِي غَيْرِهَا، فَعُلِمَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا اسْتِحَاضَةٌ؛ وَلِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِأَنَّ عَادَتَهَا حَيْضٌ وَمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ اسْتِحَاضَةٌ وَشَكَكْنَا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ فَأَلْحَقْنَاهُ بِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُجَانِسُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لِلْمَعْهُودِ فَكَانَ إلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى إذْ الْأَصْلُ الْجَرْيُ عَلَى وِفَاقِ الْعَادَةِ، ثُمَّ قِيلَ إذَا مَضَتْ عَادَتُهَا تُصَلِّي وَتَصُومُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ فَيَكُونُ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ وَقِيلَ تَتْرُكُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الصِّحَّةُ وَدَمُ الْحَيْضِ دَمُ صِحَّةٍ وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ دَمُ عِلَّةٍ وَعَلَى هَذَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ ابْتِدَاءً قِيلَ لَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ بِالنُّقْصَانِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ تَتْرُكُ لِمَا قُلْنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ الْعَادَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ رحمه الله (وَلَوْ مُبْتَدَأَةً فَحَيْضُهَا عَشَرَةٌ وَنِفَاسُهَا أَرْبَعُونَ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ مُبْتَدَأَةً بِأَنْ ابْتَدَأَتْ مَعَ الْبُلُوغِ مُسْتَحَاضَةً أَوْ مَعَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَحَيْضُهَا أَكْثَرُ الْحَيْضِ وَنِفَاسُهَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّحَّةُ فَلَا يُحْكَمُ بِالْعَارِضِ إلَّا بِيَقِينٍ.

قَالَ رحمه الله (وَتَتَوَضَّأُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ أَوْ اسْتِطْلَاقُ بَطْنٍ أَوْ انْفِلَاتُ رِيحٍ أَوْ رُعَافٌ دَائِمٍ أَوْ جُرْحٌ لَا يَرْقَأُ لِوَقْتِ كُلِّ فَرْضٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ ييي «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» ؛ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَجُوزَ بِهِ فَرْضٌ وَاحِدٌ فَتُرِكَ لِلضَّرُورَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ» وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اللَّامَ تُسْتَعَارُ لِلْوَقْتِ يُقَالُ آتِيك لِصَلَاةِ الظُّهْرِ أَيْ لِوَقْتِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] أَيْ لِوَقْتِ دُلُوكِهَا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا وَآخِرًا» أَيْ لِوَقْتِهَا، وَكَذَا الصَّلَاةُ تُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهَا الْوَقْتُ قَالَ عليه الصلاة والسلام «أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ» أَيْ وَقْتُهَا فَكَانَ الْأَخْذُ بِمَا رَوَيْنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُحْكَمٌ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مُحْتَمَلٌ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُحْكَمِ؛ وَلِأَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فِي حَقِّ النَّفْلِ إجْمَاعًا حَيْثُ لَمْ يَجِبْ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ تَقْدِيرٌ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ مَعْنًى إذْ الْوَقْتُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَدَاءِ لِكَوْنِهِ مَحِلَّهُ وَلَهُ شَغْلُ كُلِّهِ بِالْأَدَاءِ عَزِيمَةً وَشَغْلُ الْبَعْضِ رُخْصَةً فَكَأَنَّهُ شَغَلَ كُلَّهُ بِهِ فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِهِ تَقْدِيرًا بِالصَّلَاةِ مَعْنًى وَهُوَ مَعْلُومٌ لَا يَتَفَاوَتُ وَالْأَدَاءُ غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ الْأَدَاءَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُهُ فِي آخِرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الِاسْتِحَاضَةِ وَهُوَ الَّذِي يَنْقُصُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ عَلَى أَكْثَرِ النِّفَاسِ كَرُعَافٍ يَعْنِي حُكْمُهُ كَحُكْمِ رُعَافٍ دَائِمٍ غَيْرِ مُنْقَطِعٍ مِنْ وَقْتِ صَلَاةٍ كَامِلٍ لَا يَمْنَعُ صَوْمًا وَصَلَاةً وَوَطْئًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» فَيَثْبُتُ حُكْمُ الصَّلَاةِ بِهِ عِبَادَةً وَحُكْمُ الصَّوْمِ وَالْوَطْءِ دَلَالَةً إذْ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ دَمَ الرَّحِمِ يَمْنَعُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ وَالْوَطْءَ وَدَمَ الْعِرْقِ لَا يَمْنَعُ وَاحِدًا مِنْهَا فَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ هَذَا الدَّمُ الصَّلَاةَ عُلِمَ أَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ لَا دَمُ رَحِمٍ فَيَثْبُتُ الْحُكْمَانِ الْآخَرَانِ دَلَالَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ) يُنْظَرُ فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَتْرُكُ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَادَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِمَرَّتَيْنِ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله فَإِنْ رَأَتْ مَرَّةً سَبْعًا وَمَرَّةً سِتًّا، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ أَخَذَتْ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَانْقِطَاعِ الرَّجْعَةِ بِالْأَقَلِّ وَفِي حِلِّ التَّزْوِيجِ وَالْوَطْءِ بِالْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا اهـ فَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً فِي شَهْرٍ، ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي كَانَ الْخَمْسَةُ حَيْضًا فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالْبَاقِي اسْتِحَاضَةً عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَ الْعَشَرَةُ حَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ رَأَتْ الدَّمَ خَمْسَةً فِي شَهْرَيْنِ، ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ كَانَ الْخَمْسَةُ حَيْضًا وَالْبَاقِي اسْتِحَاضَةً بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهَا خَمْسَةً فَرَأَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي رَدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ عِنْدَهُمَا وَإِلَى السِّتَّةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ رَأَتْهُ سِتَّةً فِي شَهْرَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ رَدَّتْ إلَى السِّتَّةِ وَبَطَلَ عَادَةُ الْخَمْسَةِ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَوْ اسْتِطْلَاقُ) أَيْ جَرَيَانُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ مَكْتُوبَةً أَوْ مَنْذُورَةً وَقَالَ مَالِكٌ لِكُلِّ نَفْلٍ أَيْضًا. اهـ. رَازِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي طَبَقَاتِهِ مِنْ الْفَوَاطِمِ الصَّحَابِيَّاتِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إحْدَى الْمُسْتَحَاضَاتِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو حُبَيْشٍ اسْمُهُ قَيْسٌ فَتَارَةً يَقُولُونَ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وَتَارَةً يَقُولُونَ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ وَبَعْضُهُمْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ: فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ الْمُسْتَحَاضَةُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَالْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ هَكَذَا نَسَبَاهَا وَقَالَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ وَغَلَّطَهُمَا صَاحِبُ الْغَايَةِ وَقَالَ غَلَطًا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي قَوْلِهِمَا فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَإِنَّمَا فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الَّتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَالثَّانِي أَنَّهُمَا ذَكَرَاهَا فِي الْمُسْتَحَاضَاتِ إنَّمَا الْمُسْتَحَاضَةُ فَاطِمَةُ بِنْتُ حُبَيْشٍ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْغَلَطِ وَالصَّوَابُ مَعَهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ) أَيْ تَيَمَّمَتْ وَصَلَّيْت.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَقْتَهَا إلَى آخِرِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُدْرِكَ إيَّاهُ دُونَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا فِعْلُهُ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ) وَلِأَنَّ صَاحِبَ الْعُذْرِ قَدْ يَكُونُ مُوَسْوِسًا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْفَرِيضَةِ مَرَّاتٍ فَفِي الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ مَرَّةٍ حَرَجٌ بَيِّنٌ وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى الْفَرِيضَةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةً بَعْدَهَا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ فِعْلُ فَرِيضَةٍ أُخْرَى عَمَلًا بِبَقَائِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ فِعْلُ النَّافِلَةِ لِعَدَمِ الطَّهَارَةِ إذْ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ مِنْ شَرْطِهِمَا الطَّهَارَةُ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بَاقِيَةً. اهـ. غَايَةٌ

ص: 64

فِي وَسَطِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُطَوِّلُ فَكَانَ التَّقْدِيرُ بِالْمَعْلُومِ أَوْلَى قَالَ رحمه الله (وَيُصَلُّونَ بِهِ فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ يُصَلُّونَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا شَاءُوا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا بِهِ إلَّا فَرْضًا وَاحِدًا وَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا مِنْ النَّفْلِ مَا شَاءُوا؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ قَالَ رحمه الله (وَيَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ فَقَطْ) أَيْ يَبْطُلُ وُضُوءُهُمْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ زُفَرُ يَبْطُلُ بِالدُّخُولِ فَقَطْ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَبْطُلُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِزُفَرَ إنَّ اعْتِبَارَ الطَّهَارَةِ مَعَ الْمُنَافِي لِلْحَاجَةِ إلَى الْأَدَاءِ وَلَا حَاجَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْحَاجَةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْوَقْتِ فَلَا تُعْتَبَرُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْوَقْتَ أُقِيمَ مَقَامَ الْأَدَاءِ شَرْعًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ عَلَيْهِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْأَدَاءِ حَقِيقَةً؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ أَجَازَ إشْغَالَ الْوَقْتِ كُلِّهِ بِالْأَدَاءِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ؛ وَلِأَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ دَلِيلُ ثُبُوتِ الْحَاجَةِ وَخُرُوجَهُ دَلِيلُ زَوَالِهَا فَإِضَافَةُ الِانْتِقَاضِ إلَى دَلِيلِ زَوَالِ الْحَاجَةِ أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهِ إلَى دَلِيلِ ثُبُوتِهَا.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّ طَهَارَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ زُفَرَ مُسْتَقِيمٌ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِتَخْصِيصِهِ بِالدُّخُولِ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ بِالْخُرُوجِ أَيْضًا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا إذَا تَوَضَّئُوا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا بِهِ الظُّهْرَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَالثَّانِي إذَا تَوَضَّئُوا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُمْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا تُنْتَقَضُ وَلَوْ تَوَضَّئُوا لِصَلَاةِ الْعِيدِ قِيلَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا بِهِ الظُّهْرَ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَوَضَّئُوا لِصَلَاةِ الضُّحَى وَلَوْ تَوَضَّئُوا فِي وَقْتِ الظُّهْرِ لِلْعَصْرِ يُصَلُّونَ بِهِ الْعَصْرَ فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُمْ لِلْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ كَطَهَارَتِهِمْ لِلظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ طَهَارَةٌ وَقَعَتْ لِلظُّهْرِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ فَسَادُ الظُّهْرِ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا بِهَا صَلَاةَ الظُّهْرِ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ خُرُوجِهِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَشَايِخَنَا رحمهم الله أَضَافُوا انْتِقَاضَ الطَّهَارَةِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولِهِ لِيَسْهُلَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ، وَإِلَّا فَلَا تَأْثِيرَ لِلْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ فِي الِانْتِقَاضِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْحَدَثُ السَّابِقُ عِنْدَهُ.

وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ بَعْدَمَا خَرَجَ الْوَقْتُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْبِنَاءُ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ جَوَازَهُمَا عُرِفَ نَصًّا فِي الْحَدَثِ الطَّارِئِ لَا فِي الْحَدَثِ السَّابِقِ وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ يَظْهَرُ الْحَدَثُ السَّابِقُ وَهَذَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْحَدَثِ وَلَا يَرْفَعُ مَا بَعْدَهُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ رَافِعٌ قَالَ رحمه الله (وَهَذَا إذَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهِ وَقْتُ فَرْضٍ إلَّا وَذَلِكَ الْحَدَثُ يُوجَدُ فِيهِ).

وَهَذَا حَدُّ الْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا أَيْ وَحُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ يَثْبُتُ إذَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ إلَّا وَالْحَدَثُ الَّذِي اُبْتُلِيَتْ بِهِ يُوجَدُ فِيهِ وَلَكِنَّ هَذَا شَرْطُ بَقَاءِ الِاسْتِحَاضَةِ بَعْدَمَا ثَبَتَ حُكْمُ الِاسْتِحَاضَةِ لِلْمُسْتَحَاضَةِ، وَأَمَّا شَرْطُ ثُبُوتِهِ ابْتِدَاءً فَأَنْ يَسْتَوْعِبَ اسْتِمْرَارَ الْعُذْرِ وَقْتَ الصَّلَاةِ كَامِلًا كَالِانْقِطَاعِ لَا يَثْبُتُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْوَقْتَ كُلَّهُ وَفِي الْكَافِي لِحَافِظِ الدِّينِ إنَّمَا يَصِيرُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ فَقَطْ) قَالَ الرَّازِيّ أَيْ يَبْطُلُ وُضُوءُهُمْ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ أَيْ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ إذْ الْوَقْتُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ نَجَسًا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ الْحَدَثِ يَظْهَرُ عِنْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أُضِيفَ إلَيْهِ مَجَازًا أَيْ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عِنْدَ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْإِنْسَانِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ حَدَثًا قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى مَعْذُورٍ شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ شَرَعَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ طَهُورٌ مِنْ وَجْهٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَاقْتِصَارٌ مَنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَدَاءِ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِالطَّهَارَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهَا فِي الْوَقْتِ فَعَمِلْنَا بِالْوَجْهَيْنِ فَجَعَلْنَاهُ طُهُورًا فِي حَقِّ الْمَسْحِ كَمَا سَيَأْتِي وَاقْتِصَارًا فِي حَقِّ الْقَضَاءِ اهـ ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هَاهُنَا كَلَامًا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ عُلَمَائِنَا الْأَرْبَعَةِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تُنْتَقَضُ بِالْحَدَثِ السَّابِقِ عِنْدَ الْخُرُوجِ فَقَطْ لَكِنْ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ إنَّمَا يُوجِبَانِ الطَّهَارَةَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِأَنَّهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا تُعْتَبَرُ الطَّهَارَةُ الْوَاقِعَةُ قَبْلَهُ فَتُعَادُ بَعْدَ دُخُولِهِ لَا؛ لِأَنَّهَا تُنْتَقَضُ بِالدُّخُولِ وَزُفَرُ إنَّمَا لَمْ يُوجِبْ الطَّهَارَةَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ وَقْتِ الْفَجْرِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ قَضَى الْفَجْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ قَضَاهُ مَعَ سُنَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَضَاهُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِلَا سُنَّتِهِ فَإِيجَابُ زُفَرَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ دُخُولِ الظُّهْرِ لَا قَبْلَهُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الْفَجْرِ لَيْسَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ عِنْدَهُ بَلْ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَّا بِدُخُولِ وَقْتِ الظُّهْرِ فَإِنَّ الِانْتِقَاضَ عِنْدَهُ أَيْضًا بِالْخُرُوجِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: أُقِيم مَقَامَ الْأَدَاءِ) لِكَوْنِهِ مَحِلَّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ انْتِفَاءِ الْحَاجَةِ بِالْخُرُوجِ) فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَاقِضًا أَيْضًا عِنْدَهُ كَمَا يُنْتَقَضُ بِالدُّخُولِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ وَزُفَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ) وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي جَعَلَ خُرُوجَهُ أَوْ دُخُولَهُ نَاقِضًا لِلطَّهَارَةِ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ الْفَرْضِ وَصَلَاةُ الْعِيدِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ.

(قَوْلُهُ: يُصَلُّونَ بِهِ الْعَصْرَ فِي رِوَايَةٍ) فِي الْبَدَائِعِ لَمْ يَجْعَلْهُ رِوَايَتَيْنِ بَلْ قَالَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَمَا خَرَجَ الْوَقْتُ) خِلَافًا لِزُفَرَ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ حَيْثُ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْحَدَثِ الطَّارِئِ) أَيْ الْعَارِضِ بَعْدَ اللُّبْسِ وَالشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ لَا السَّابِقِ عَلَيْهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا لِمَا عُرِفَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ بِالطَّهَارَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ ظَهَرَ بَعْدَ الْخُرُوجِ وَالطَّهَارَةُ سَابِقَةٌ عَلَيْهِ فَلَا تَرْفَعُهُ

ص: 65

صَاحِبَ عُذْرٍ إذَا لَمْ يَجِدْ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ زَمَانًا يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْحَدَثِ.

وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْفَتَاوَى المرغينانية وَالْوَاقِعَاتِ وَالْحَاوِي وَجَامِعِ الْخَلَّاطِيِّ وَخَيْرِ مَطْلُوبٍ وَالْمَنَافِعِ وَالْحَوَاشِي فَهَذِهِ عَامَّةُ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا تَرَاهُ، فَكَانَ هُوَ الْأَظْهَرُ حَتَّى لَوْ سَالَ دَمُهَا فِي بَعْضِ وَقْتِ صَلَاةٍ فَتَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَدَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَانْقَطَعَ دَمُهَا فِيهِ أَعَادَتْ تِلْكَ الصَّلَاةَ لِعَدَمِ الِاسْتِيعَابِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى خَرَجَ لَا تُعِيدُهَا لِوُجُودِ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ.

وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِي جَانِبِ الِانْقِطَاعِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَوْ كَانَ عَلَى السَّيَلَانِ وَالصَّلَاةَ عَلَى الِانْقِطَاعِ أَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهَا إنْ عَادَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الِانْقِطَاعِ التَّامِّ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهَا الْإِعَادَةُ لِوُجُودِ الِانْقِطَاعِ التَّامِّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا صَلَّتْ صَلَاةَ الْمَعْذُورِينَ وَلَا عُذْرَ، ثَمَّ إنَّمَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ لَوْ تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ سَائِلٌ أَوْ سَالَ بَعْدَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سَائِلًا عِنْدَ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَسِلْ بَعْدَهُ فَلَا حَتَّى إذَا تَوَضَّأَتْ وَالدَّمُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهِيَ عَلَى وُضُوئِهَا لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يَسِلْ أَوْ تُحْدِثْ حَدَثًا آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ السَّيَلَانُ بَعْدَهُ حَتَّى يُنْتَقَضَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَفِيهِ طَعَنَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ تُعِيدَ الْوُضُوءَ إذَا دَخَلَ الْوَقْتُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ انْقِطَاعٌ نَاقِصٌ فَلَا يَمْنَعُ اتِّصَالَ الدَّمِ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ فَكَانَ كَالْمُسْتَمِرِّ وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ وَاقِعٌ لِلسَّيَلَانِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى وُضُوءٍ آخَرَ إذَا سَالَ فِي الْوَقْتِ وَالْوُضُوءُ الْوَاقِعُ لِلسَّيَلَانِ يُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَجَوَابُهُ أَنَّ وُضُوءَهَا وُضُوءُ الطَّاهِرَاتِ إذَا لَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ حَدَثٌ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَرْفَعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ مِثْلَ وُضُوءِ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ وَلَا يَرْفَعُ مَا بَعْدَهُ فَتَعَذَّرَ لِلْحَرَجِ فِي حَقِّ الْحَدَثِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْوُضُوءِ وَهِيَ إنَّمَا تُخَالِفُ الطَّاهِرَاتِ فِي التَّخْفِيفِ لَا فِي التَّغْلِيظِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الْحَدَثَ الْمَوْجُودَ حَقِيقَةً مَعْدُومًا حُكْمًا لِلْعُذْرِ وَفِيمَا قَالَهُ عِيسَى يَلْزَمُ جَعْلُ الْحَدَثِ الْمَعْدُومِ حَقِيقَةً مَوْجُودًا حُكْمًا وَهُوَ عَكْسُ الْمَشْرُوعِ وَلَوْ جَدَّدَتْ الْوُضُوءَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، ثُمَّ سَالَ الدَّمُ انْتَقَضَ طَهَارَتُهَا؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَضَّأَتْ بَعْدَ السَّيَلَانِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَ عِيسَى لَا يُنْتَقَضُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ الثَّانِي، ثُمَّ إذَا أَصَابَ ثَوْبَ صَاحِبِ الْعُذْرِ نَجَسٌ مِنْ الْحَدَثِ الَّذِي اُبْتُلِيَ بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ إذَا كَانَ مُفِيدًا بِأَنْ لَا يُصِيبَهُ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى لَوْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ يُصِيبُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا وَقِيلَ إذَا أَصَابَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ يَغْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ وَفِي الصَّلَاةِ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ يَقُولُ يَغْسِلُ ثَوْبَهُ فِي وَقْتِ كُلِّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي فِيهِ خَالِيًا عَنْ الْحَدَثِ) عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْكَافِي لَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ عَدَمُ خُلُوِّ كُلِّ جُزْءٍ عَنْ الْحَدَثِ بَلْ يُكْتَفَى بِعَدَمِ خُلُوِّ الْجُزْءِ الَّذِي يَسَعُهُ الْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ عَنْ الْحَدَثِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الِاسْتِيعَابِ قَالَ قَارِئٌ الْهِدَايَةِ رحمه الله وَمَنْ خَطَّهُ نُقِلَتْ وَمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي أَيْسَرُ لِأَنَّ الْعُذْرَ بِهِ مُتَحَقِّقٌ اهـ قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ رحمه الله وَهَذَا يَصْلُحُ تَفْسِيرًا لَهَا إذْ قَلَّمَا يَسْتَمِرُّ كَمَالُ وَقْتٍ بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ لَحْظَةً فَيُؤَدِّي إلَى نَفْيٍ مُحَقَّقٍ إلَّا فِي الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ جَانِبِ الصِّحَّةِ مِنْهُ فَإِنَّهُ بِدَوَامِ انْقِطَاعِهِ وَقْتًا كَامِلًا وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَحَقَّقُ اهـ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَتَى قَدَرَ الْمَعْذُورُ عَلَى رَدِّ السَّيَلَانِ بِرِبَاطٍ أَوْ حَشْوٍ أَوْ كَانَ لَوْ جَلَسَ لَا يَسِيلُ وَلَوْ قَامَ سَالَ وَجَبَ رَدُّهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِرَدِّهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ عُذْرٍ بِخِلَافِ الْحَائِضِ إذَا مَنَعَتْ الدُّرُورَ فَإِنَّهَا حَائِضٌ وَيَجِبُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا بِالْإِيمَاءِ إنْ سَالَ بِالْمَيَلَانِ لِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ أَهْوَنُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ لَهَا وُجُودٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الْحَدَثِ بِحَالِ حَالَةِ الِاخْتِيَارِ وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا سَالَ جُرْحُهُ وَإِنْ اسْتَلْقَى لَا يَسِيلُ وَجَبَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ كَمَا لَا تَجُوزُ مَعَ الْحَدَثِ إلَّا ضَرُورَةً لَا تَجُوزُ مُسْتَلْقِيًا إلَّا لَهَا فَاسْتَوَيَا وَتَرَجَّحَ الْأَدَاءُ مَعَ الْحَدَثِ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْرَازِ الْأَرْكَانِ وَلَوْ كَانَتْ بِهِ دَمَامِلُ أَوْ جُدَرِيٌّ فَتَوَضَّأَ وَبَعْضُهَا سَائِلٌ، ثُمَّ سَالَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَائِلًا انْتَقَضَ؛ لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ جَدِيدٌ فَصَارَ كَالْمَنْخِرَيْنِ،.

وَمَسْأَلَةُ الْمَنْخِرَيْنِ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ مَا إذَا سَالَ أَحَدُ مَنْخِرَيْهِ فَتَوَضَّأَ مَعَ سَيَلَانِهِ وَصَلَّى، ثُمَّ سَالَ الْآخَرُ فِي الْوَقْتِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ جَدِيدٌ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَوَاشِي) لِلْخَبَّازِيِّ لَمْ يَعْزُهُ فِي الْغَايَةِ لِغَيْرِ الذَّخِيرَةِ وَالْمَرغِينَانيَّةِ فَلَعَلَّهُ هُنَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَهُوَ اسْتِظْهَارُهُ بِبَقِيَّةِ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَتَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ) فَلَا تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ فَلَا تَجُوزُ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ مَعَ الْحَدَثِ اهـ يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ) أَيْ الدَّمُ الْمُقَارِنُ لِلْوُضُوءِ أَوْ الصَّلَاةِ لَمَّا اسْتَمَرَّ إلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْتُ الثَّانِي كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً مِنْ أَوَّلِ مَا رَأَتْ الدَّمَ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ فِي جَانِبِ السَّيَلَانِ كَقَوْلِهِمْ فِي جَانِبِ الِانْقِطَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ إلَى آخِرِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ وُضُوءَهَا لِلسَّيَلَانِ بَلْ لِلطَّهَارَةِ كَوُضُوءِ سَائِرِ الطِّهَارَات وَإِنَّمَا لَمْ تَحْتَجْ إلَى وُضُوءٍ آخَرَ لَوْ سَالَ الدَّمُ بَعْدَهُ لِدَفْعِ الْحَرَجِ، وَإِذَا كَانَ وُضُوءُهَا لِلطَّهَارَةِ لَمْ تُعِدْ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَكْسُ الْمَشْرُوعِ) قِيلَ هَذَا مَنْقُوضٌ بِالْمُؤْتَمِّ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ، أَقُولُ مَنَاطُ الِاعْتِبَارَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْعُذْرِ الْمُقْتَضِي لِلتَّخْفِيفِ وَهُوَ هُنَا فِي عَدَمِ إيجَابِ الْوُضُوءِ يَجْعَلُ الْحَدَثَ الْمَوْجُودَ حَقِيقَةً فِي الْوَقْتِ كَلَا مَوْجُودٍ لَا فِي إيجَابِهِ يَجْعَلُ غَيْرَ الْمَوْجُودِ كَالْمَوْجُودِ كَمَا أَنَّ التَّخْفِيفَ هُنَاكَ يَجْعَلُ غَيْرَ الْمَوْجُودِ كَالْمَوْجُودِ. اهـ. يَحْيَى.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ) أَيْ فَيُنْتَقَضُ بِالدَّمِ السَّائِلِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَضَّأَتْ بَعْدَ السَّيَلَانِ) فَإِنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ بِالسَّيَلَانِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ عَنْ حَاجَةٍ. اهـ. .

ص: 66