المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَوْ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِيهِ بِخِلَافِ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: لَوْ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِيهِ بِخِلَافِ

لَوْ كَفَلَ يَتِيمًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِيهِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ كَسَاهُ تُجْزِيهِ لِوُجُودِ التَّمْلِيكِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ وَلَا مَوْلَاهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغَنِيِّ وَالْكَافِرِ وَالْهَاشِمِيِّ وَمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ مَعَ الْعِلْمِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ: بِشَرْطِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الدَّفْعِ إلَى فُرُوعِهِ، وَإِنْ سَفَلُوا، وَإِلَى أُصُولِهِ، وَإِنْ عَلَوْا، وَمِنْ دَفْعِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ، وَمِنْ دَفْعِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَى الْآخَرِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ، وَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].

قَالَ رحمه الله: (وَشَرْطُ وُجُوبِهَا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَمِلْكُ نِصَابٍ حَوْلِيٍّ فَارِغٍ عَنْ الدَّيْنِ وَحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا) أَيْ شَرْطُ لُزُومِ الزَّكَاةِ عِلْمًا، وَعَمَلًا، وَأَرَادَ بِالْوُجُوبِ الْفَرْضِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ شُرُوطُهَا أَمَّا الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فَلِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَا يَتَحَقَّقُ دُونَهُمَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَا بِشَرْطٍ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «ابْتَغُوا فِي مَالِ الْيَتَامَى خَيْرًا كَيْ لَا تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ» ؛ وَلِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ فَتَجِبُ فِي مَالِهِمَا كَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالْغَرَامَاتِ الْمَالِيَّةِ فَصَارَتْ كَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» الْحَدِيثَ؛ وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ لِكَوْنِهَا أَحَدَ أَرْكَانِ الدِّينِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» ، وَعَدَّ مِنْهَا الزَّكَاةَ، وَهُمَا لَيْسَا بِمُخَاطَبِينَ فِي الْعِبَادَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا سَائِرُ أَرْكَانِهِ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عِبَادَةً لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُؤَنِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةَ، وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ مِنْهُمَا، وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَأَدَّى بِنِيَّةِ الْغَيْرِ، وَلَا يَلْزَمُنَا الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ نِيَّتَهُ، وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ نِيَّةَ الْمُوَكِّلِ وَلِهَذَا تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ أَنَّهَا مِنْ الزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَهُمَا نَاقِصٌ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَبَرُّعُهُمَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

إذْ بِتَقْدِيرِ الْكُلِّ التَّرَاخِي، وَهُوَ بَعِيدٌ لَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ زَمَانِ أَدَاءِ الْمُكَلَّفِينَ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ وَكَذَا إنْ دَفَعَ الطَّعَامَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَأْكُلُ فِي الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ دَفْعٍ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَسَاهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْخَلْخَالِيِّ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْيَتِيمِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ النَّفَقَةَ إلَيْهِ وَيَأْخُذَهَا الْيَتِيمُ بِيَدِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ قَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُمَلِّكِ) هُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمَالِكُ. اهـ. ع

[شُرُوط وُجُوبهَا]

(قَوْلُهُ: وَمِلْكُ نِصَابٍ) أَيْ فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي سَوَائِمِ الْوَقْفِ وَالْخَيْلِ الْمُسَبَّلَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ تَمْلِيكًا، وَالتَّمْلِيكُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يُتَصَوَّرُ، وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَالِ الَّذِي اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَأَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ عِنْدَنَا. اهـ. بَدَائِعُ وَيُنْتَقَضُ بِوُجُوبِ الْعُشْرِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ كَذَا نَقَلْته مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالْوُجُوبِ الْفَرْضِيَّةَ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله لِقَطْعِيَّةِ الدَّلِيلِ إمَّا مَجَازٌ فِي الْعُرْفِ بِعَلَاقَةِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ لُزُومِ اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ بِتَرْكِهِ عَدَلَ عَنْ الْحَقِيقَةِ وَهُوَ الْفَرْضُ إلَيْهِ بِسَبَبِ أَنَّ بَعْضَ مَقَادِيرِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا ثَبَتَتْ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ أَوْ حَقِيقَةٌ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْوَاجِبَ نَوْعَانِ قَطْعِيٌّ وَظَنِّيٌّ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْوَاجِبُ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ اسْمٌ أَعَمُّ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ نَوْعٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ: الدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالْإِجْمَاعُ وَالسُّنَّةُ وَالْمَعْقُولُ قُلْت السُّنَّةُ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْفَرْضُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَوَاتِرَةً أَوْ مَشْهُورَةً لَا سِيَّمَا فَرْضًا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَالزَّكَاةُ جَاحِدُهَا يَكْفُرُ، وَالسُّنَّةُ الْوَارِدَةُ فِيهِ أَخْبَارُ آحَادٍ صِحَاحٍ وَبِهَا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ دُونَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَالْمَشْهُورُ آحَادٌ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ تَوَاتَرَ نَقْلَهُ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ وَالْعَقْلُ لَا يَثْبُتُ بِهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْمَعْقُولِ الْمَقَايِيسَ الْمُسْتَنْبَطَةَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْفَرْضِيَّةُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ «أَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ» قُلْت لَا يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى الْفَرِيضَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ الثَّانِي أَنَّ دُخُولَهُ الْجَنَّةَ قَدْ يُقَالُ بِالرَّغَائِبِ إذَا فَعَلَهَا الْإِنْسَانُ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ لِلُحُوقِ الذَّمِّ وَالْوَعِيدِ بِتَرْكِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَا بِشَرْطٍ إلَى آخِرِهِ)، وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَنْبَلٍ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِمَا وَيُطْلَبُ الْوَصِيُّ وَالْوَلِيُّ بِالْأَدَاءِ وَيَأْثَمُ بِالتَّرْكِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْوَلِيُّ وَجَبَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ إخْرَاجُهَا لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ. وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِمَا بَلْ تَجِبُ فِي مَالِهِمَا، وَعِبَارَةُ الْحَنَابِلَةِ: الْوُجُوبُ عَلَيْهِمَا. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي. اهـ. غَايَةٌ.

قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْوُجُوبُ يَخْتَصُّ بِالذِّمَّةِ، وَلَا تَجِبُ فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ، وَفِيهِ تَوْجِيهُ الْخِطَابِ عَلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «ابْتَغُوا» إلَى آخِرِهِ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ مَدَارُهَا عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحَدُهَا فِيهِ الْمُثَنَّيْ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَفِي الثَّانِي مَنْدَلٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَمْرٍو وَفِي الثَّالِثِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَمْرٍو أَمَّا الْمُثَنَّى فَقَالَ أَحْمَدُ لَا يُسَاوِي شَيْئًا، وَأَمَّا مَنْدَلٌ كَانَ يَرْفَعُ الْمَرَاسِيلَ وَيُسْنِدُ الْمَوْقُوفَاتِ مِنْ سُوءِ حِفْظِهِ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ ضَعِيفًا، وَقَالَ شَمْسُ الدِّينِ سِبْطِ أَبِي الْفَرَجِ أَحَادِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ لَا تَصِحُّ عِنْدَ الْحُذَّاقِ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي الْغَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى إلَى آخِرِهِ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ مَالِ بِالْأَفْرَادِ. اهـ. (قَوْلُهُ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ») بِالتَّاءِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ:، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ إلَى آخِرِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. اهـ.

ص: 252

فَصَارَا كَالْمُكَاتَبِ بَلْ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ، وَهُمَا لَا يَمْلِكَانِهِ فَكَيْفَ يَنْمُو مَالُهُمَا، وَهِيَ لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْمَالِ النَّامِي، وَمَا رَوَاهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ، وَلَئِنْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ، وَلَا يَلْزَمُنَا مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ النَّفَقَاتِ وَالْغَرَامَاتِ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقُ الْعِبَادِ، وَلِهَذَا تَتَأَدَّى بِدُونِ النِّيَّةِ، وَهُمَا أَهْلٌ لَهَا، وَكَذَا الْعُشْرُ الْغَالِبُ فِيهِ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَفِي الْأَرْضِ الْوَقْفِ، وَكَذَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَلِهَذَا يَتَحَمَّلُهَا عَنْ غَيْرِهِ كَالْأَبِ عَنْ أَوْلَادِهِ، وَلَا يَجْرِي التَّحَمُّلُ فِي الْعِبَادَةِ الْمَحْضَةِ ثُمَّ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ حَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ بُلُوغِهِ، وَكَذَا إذَا أَفَاقَ الْمَجْنُونُ الْأَصْلِيُّ، وَهُوَ الَّذِي بَلَغَ مَجْنُونًا يُعْتَبَرُ أَوَّلُ مُدَّتِهِ مِنْ وَقْتِ إفَاقَتِهِ، وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْجُنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُنْظَرُ فَإِنْ اسْتَوْعَبَ جُنُونُهُ حَوْلًا فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْعَبَ مُدَّةَ التَّكْلِيفِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ جُنُونُهُ أَقَلَّ مِنْ الشَّهْرِ فِي حَقِّ الصَّوْمِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ أَفَاقَ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا إذْ هِيَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْكُفْرِ فَكَذَا لَا تَجِبُ مَعَهُ، وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِتَحَقُّقِ التَّمْلِيكِ إذْ الرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ لِيُمَلِّكَ غَيْرَهُ، وَأَمَّا مِلْكُ النِّصَابِ فَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدَّرَ السَّبَبَ بِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ حَوْلِيًّا أَيْ تَمَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ»؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي لِكَوْنِ الْوَاجِبِ جُزْءٍ مِنْ الْفَضْلِ لَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] أَيْ الْفَضْلَ، وَالنُّمُوُّ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحَوْلِ غَالِبًا أَمَّا الْمَوَاشِي فَظَاهِرٌ، وَكَذَا أَمْوَالُ التِّجَارَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ فِيهِ غَالِبًا عِنْدَ اخْتِلَافِ الْفُصُولِ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الْحَوْلُ مَقَامَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ النُّمُوُّ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فَارِغًا عَنْ الدَّيْنِ، وَعَنْ حَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَدُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ، وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ وَكُتُبِ الْفِقْهِ لِأَهْلِهَا فَلِأَنَّ الْمَشْغُولَ بِالْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ كَالْمَعْدُومِ وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: وَلَئِنْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِالصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ إلَى آخِرِهِ) وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّهُ أَضَافَ الْأَكْلَ إلَى جَمِيعِ الْمَالِ وَالنَّفَقَةُ هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ جَمِيعَ الْمَالِ دُونَ الزَّكَاةِ قُلْت هَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ عِنْدَهُمْ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ حَتَّى مَضَتْ سُنُونَ يَجُوزُ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ بَلْ يَصِيرُ كُلُّهُ زَكَاةً. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعُشْرُ الْغَالِبُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الصَّدَقَةِ رَاجِحَةٌ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْرَفَ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: الْعُشْرُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ حَقِيقَةً. اهـ. سَرُوجِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ مُدَّتِهِ مِنْ وَقْتِ إفَاقَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ صَارَ أَهْلًا كَمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ وَلِهَذَا مُنِعَ وُجُوبُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. اهـ. غَايَةٌ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا نَقَلَهُ فِي الْغَايَةِ عَنْ الْبَدَائِعِ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ رحمه الله، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ هُوَ الْهِدَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا يُعْتَبَرُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ الْإِفَاقَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ، وَإِنْ جُنَّ بَعْضَ السَّنَةِ ثُمَّ أَفَاقَ فَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ إنْ أَفَاقَ سَاعَةً مِنْهَا فِي أَوَّلِهَا أَوْ فِي وَسَطِهَا أَوْ فِي آخِرِهَا تَجِبُ زَكَاةُ تِلْكَ السَّنَةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ وَاَلَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ بِمَنْزِلَةِ النَّائِمِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمَبْسُوطِ وَالْوَبَرِيِّ، وَفِي الْيَنَابِيعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ مُفِيقًا فِي نِصْفِ السَّنَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ ثُمَّ الْإِسْلَامُ كَمَا هُوَ شَرْطُ الْوُجُوبِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وُجُوبِهَا سَقَطَتْ كَمَا فِي الْمَوْتِ فَلَوْ بَقِيَ عَلَى ارْتِدَادِهِ سِنِينَ فَبَعْدَ إسْلَامِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِتِلْكَ السِّنِينَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ وَكَذَا بِالْمَوْتِ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَنَا أَنَّهَا عِبَادَةٌ فَتَسْقُطُ بِهَا كَالصَّلَاةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ. اهـ. قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالنَّظَرُ التَّاسِعُ فِي مُسْقِطَاتِهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ مِنْهَا رُجُوعُ الْوَاهِبِ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ مَا حَالَ الْحَوْلُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَضَاءٍ وَبِغَيْرِهِ وَمِنْهَا الرِّدَّةُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَحْمَدَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ:«لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ» ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْأَسْعَارِ فِيهِ غَالِبًا) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ لِمَا يُبْتَذَلُ مِنْ الثِّيَابِ. اهـ غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَسِلَاحِ الِاسْتِعْمَالِ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَكَذَا الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ وَالْجِمَالُ يُؤَجِّرُهَا لَا زَكَاةَ فِيهَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَكُتُبِ الْفِقْهِ لِأَهْلِهَا) أَيْ وَلِغَيْرِ أَهْلِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَكَذَا طَعَامُ أَهْلِهِ وَمَا يَتَجَمَّلُ بِهِ مِنْ الْأَوَانِي إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَا اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ والبلخش وَالزُّمُرُّدُ وَنَحْوُهَا مِنْ الْفُصُوصِ وَغَيْرِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ، وَكَذَا آلَاتُ الْمُحْتَرَفِينَ كَقُدُورِ الصَّبَّاغِينَ، وَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِينَ وَظُرُوفِ الْأَمْتِعَةِ، وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ اشْتَرَى جَوَالِقَ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ يُؤَجِّرُهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ نَخَّاسًا اشْتَرَى دَوَابَّ يَبِيعُهَا أَوْ غَيْرَهَا فَاشْتَرَى لَهَا جِلَالًا وَمَقَاوِدَ وَنَحْوَهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نِيَّتُهُ أَنْ يَبِيعَهَا مَعَهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَبِيعَهَا آخِرًا فَلَا عِبْرَةَ لِهَذِهِ النِّيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. اهـ. غَايَةٌ.

قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَقَالُوا فِي نَخَّاسِ الدَّوَابِّ إذَا اشْتَرَى الْمَقَاوِدَ وَالْجِلَالَ وَالْبَرَاذِعَ أَنَّهُ إنْ كَانَ يُبَاعُ مَعَ الدَّوَابِّ عَادَةً يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا تُبَاعُ، وَلَكِنْ تُمْسَكُ وَتُحْفَظُ بِهَا الدَّوَابُّ فَهِيَ مِنْ آلَاتِ الصُّنَّاعِ فَلَا يَكُونُ مَالَ التِّجَارَةِ إذَا لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ عِنْدَ شِرَائِهَا. اهـ.

ص: 253

مَعَ الْمَاءِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَطَشِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لِلْعُمُومَاتِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً، وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يَقُولُ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ فَمِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُؤَدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَخْلُصَ أَمْوَالُهُ فَيُؤَدِّيَ مِنْهَا الزَّكَاةَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا؛ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ لِإِغْنَاءِ الْفَقِيرِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْغِنَى بِالْمَالِ الْمُسْتَقْرَضِ مَا لَمْ يَقْضِهِ؛ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ حَيْثُ كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ فَصَارَ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمَوْهُوبُ لَهُ حَيْثُ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِرِضَا الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ بِدُونِهِمَا، وَفِيمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ يَلْزَمُ تَزْكِيَةُ مَالٍ وَاحِدٍ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِرَارًا بِأَنْ كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ يُسَاوِي أَلْفًا فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَهُ الْآخَرُ كَذَلِكَ حَتَّى تَدَاوَلَتْهُ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ مَثَلًا فَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَكَاةُ أَلْفٍ، وَالْمَالُ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ فُسِخَتْ الْبِيَاعَاتِ بِعَيْبٍ رَجَعَ إلَى الْأَوَّلِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ شَيْءٌ.

وَلَا فَرْقَ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ وَالْمُرَادُ بِالدَّيْنِ دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَدَيْنَ الزَّكَاةِ مَانِعٌ حَالَ بَقَاءِ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَقَصُ بِهِ النِّصَابُ، وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ خِلَافًا لِزُفَرَ رحمه الله فِيهِمَا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

قَوْلُهُ: لِأَهْلِهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَهِيَ تُسَاوِي نِصَابًا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَعَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَهْلَ إذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ لِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْكُتُبِ لِلتَّدْرِيسِ وَالْحِفْظِ وَالتَّصْحِيحِ لَا يَخْرُجُونَ بِهَا عَنْ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ سَاوَتْ نِصَابًا فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الزَّكَاةَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ حَاجَتِهِمْ نُسَخٌ تُسَاوِي نِصَابًا كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ نُسْخَتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ فَإِنَّ النُّسْخَتَيْنِ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا لِتَصْحِيحِ كُلٍّ مِنْ الْأُخْرَى وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَهْلِ فَإِنَّهُمْ يُحْرَمُونَ بِهَا أَخْذَ الزَّكَاةِ إذْ الْحِرْمَانُ تَعَلَّقَ بِمِلْكِ قَدْرِ نِصَابٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَامِيًا، وَإِنَّمَا النَّمَاءُ يُوجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةَ ثُمَّ الْمُرَادُ كُتُبُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ أَمَّا كُتُبُ الطِّبِّ وَالنَّحْوِ وَالنُّجُومِ فَمُعْتَبَرَةٌ فِي الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي الْكُتُبِ إنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْحِفْظِ وَالدِّرَاسَةِ وَالتَّصْحِيحِ لَا يَكُونُ نِصَابًا وَحَلَّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ فِقْهًا كَانَ أَوْ حَدِيثًا أَوْ أَدَبًا كَثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمُصْحَفُ عَلَى هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لَوْ كَانَ لَهُ كُتُبٌ إنْ كَانَتْ كُتُبَ النُّجُومِ وَالْأَدَبِ وَالطِّبِّ وَالتَّعْبِيرِ يُعْتَبَرُ.

وَأَمَّا كُتُبُ التَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالْمُصْحَفُ الْوَاحِدُ فَلَا يُعْتَبَرُ نِصَابًا، وَهَذَا تَنَاقُضٌ فِي كُتُبِ الْأَدَبِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ نُسْخَةً مِنْ النَّحْوِ أَوْ نُسْخَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ النِّصَابِ وَكَذَا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْكَلَامِ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ بِالْآرَاءِ بَلْ مَقْصُورٌ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَقِّ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ إلَى آخِرِهِ) وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَابْنِ حَنْبَلٍ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: دَيْنٌ لَهُ مُطَالِبُ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ) أَيْ دُونَ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ كَالزَّكَاةِ أَوْ لَهُمْ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفِ وَأَرْشِ الْجِرَاحَةِ وَمَهْرِ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا. اهـ. بَاكِيرٌ أَيْضًا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَفَقَةُ الْمَحَارِمِ بَعْدَ الْقَضَاءِ إذْ نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّ نَفَقَتَهُمْ لَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ حَتَّى تَسْقُطَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَعَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ مَا ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْحَاكِمُ بِالِاسْتِدَانَةِ فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَمَرَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ فَتَصِيرُ دِينًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يَمْنَعَ دَيْنَ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ) أَيْ وَالْحَجُّ وَنَفَقَةُ الْمَحَارِمِ وَالزَّوْجَاتِ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ أَمَّا النُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ وَدَيْنُ الْحَجِّ فَلِأَنَّهَا يُفْتَى بِهَا، وَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْمَحَارِمِ وَالزَّوْجَاتِ فَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا. اهـ. غَايَةٌ، وَقَالَ فِي الدِّرَايَةِ، وَفِي الْجَامِعِ دَيْنُ النَّذْرِ لَا يُمْنَعُ وَمَتَى اُسْتُحِقَّ بِجِهَةِ الزَّكَاةِ بَطَلَ النَّذْرُ فِيهِ. بَيَانُهُ: لَهُ مِائَتَانِ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا سَقَطَ النَّذْرُ بِقَدْرِ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ اُسْتُحِقَّ بِجِهَةِ الزَّكَاةِ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَيَتَصَدَّقُ لِلنَّذْرِ بِسَبْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَنِصْفٍ، وَلَوْ تَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا لِلنَّذْرِ يَقَعُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ عَنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ بِتَعْيِينِ اللَّهِ فَلَا تَبْطُلُ بِتَعْيِينِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ نَذَرَ بِمِائَةٍ مُطْلَقَةٍ لَزِمَتْهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْذُورِ الذِّمَّةُ فَلَوْ تَصَدَّقَ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا لِلنَّذْرِ يَقَعُ دِرْهَمَانِ فَنِصْفٌ لِلزَّكَاةِ وَيَتَصَدَّقُ بِمِثْلِهَا عَنْ النَّذْرِ. اهـ. وَكَذَا أَيْضًا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالْأَضْحَى لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ وَنَفَقَةٍ فُرِضَتْ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُطَالِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَقَطَ، وَعَرَّفَهَا سَنَةً ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا حَيْثُ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ مُتَيَقِّنًا لِاحْتِمَالِ إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ الصَّدَقَةَ. اهـ. فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَدَيْنُ الزَّكَاةِ مَانِعٌ إلَى آخِرِهِ) صُورَتُهُ لَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ حَوْلَانِ لَمْ يُزَكِّهِ فِيهِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ خَمْسَةً مِنْهَا مَشْغُولَةٌ بِدَيْنِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَكُنْ الْفَاضِلُ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي عَنْ الدَّيْنِ نِصَابًا كَامِلًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يُزَكِّهَا حَوْلَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَالْحَوْلِ الثَّانِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ) صُورَتُهُ لَهُ نِصَابٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَمْ يُزَكِّهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ اسْتَفَادَ غَيْرَهُ وَحَالَ عَلَى النِّصَابِ الْمُسْتَفَادِ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِاشْتِغَالِ خَمْسَةٍ مِنْهُ بِدَيْنِ الْمُسْتَهْلَكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ

ص: 254

وَلِأَبِي يُوسُفَ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، وَمِنْ جِهَةِ نُوَّابِهِ فِي الْبَاطِنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُلَّاكَ نُوَّابُهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ كَانَ يَأْخُذُهَا إلَى زَمَنِ عُثْمَانَ رضي الله عنه، وَهُوَ فَوَّضَهَا إلَى أَرْبَابِهَا فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ قَطْعًا لِطَمَعِ الظَّلَمَةِ فِيهَا فَكَانَ ذَلِكَ تَوْكِيلًا مِنْهُ لِأَرْبَابِهَا.

وَقِيلَ لِأَبِي يُوسُفَ مَا حُجَّتُك عَلَى زُفَرَ؟. فَقَالَ مَا حُجَّتِي عَلَى رَجُلٍ يُوجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا ثَمَانُونَ حَوْلًا، وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ كَهَلَاكِ النِّصَابِ كُلِّهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَمْنَعُ كَنُقْصَانِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ أَوْ الْأَصَالَةِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ حَيْثُ تَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ فِي مَالِهِ دُونَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَالَبٌ بِهِ أَمَّا الْغَاصِبَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ بَلْ أَحَدُهُمَا.

وَإِنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ زَكَّى الْفَاضِلَ إذَا بَلَغَ نِصَابًا لِفَرَاغِهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نُصُبٌ يَصْرِفُ الدَّيْنَ إلَى أَيْسَرِهَا قَضَاءً. مِثَالُهُ: إذَا كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ، وَعُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ وَسَوَائِمُ مِنْ الْإِبِلِ، وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ يَسْتَغْرِقُ الْجَمِيعَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ صُرِفَ إلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوَّلًا إذْ الْقَضَاءُ مِنْهُمَا أَيْسَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَتَعَلَّقُ الْمَصْلَحَةُ بِعَيْنِهِمَا؛ وَلِأَنَّهُمَا لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْهَا؛ وَلِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْهُمَا جَبْرًا، وَكَذَا لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا إذَا ظَفِرَ بِهِمَا، وَهُمَا مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَإِنْ فَضَلَ عَنْهُمَا الدَّيْنُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمَا شَيْءٌ صُرِفَ إلَى الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّهَا عُرْضَةٌ لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ السَّوَائِمِ؛ لِأَنَّهَا لِلنَّسْلِ وَالدَّرِّ وَالْقِنْيَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُرُوضٌ أَوْ فَضَلَ الدَّيْنُ عَنْهَا صُرِفَ إلَى السَّوَائِمِ فَإِنْ كَانَتْ السَّوَائِمُ أَجْنَاسًا صُرِفَ إلَى أَقَلِّهَا زَكَاةً نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ يُخَيَّرُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوَاجِبِ، وَقِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْغَنَمِ لِتَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ. وَقَوْلُهُ: نَامٍ، وَلَوْ تَقْدِيرًا أَيْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ نَامِيًا حَقِيقَةً بِالتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَبِالتِّجَارَاتِ أَوْ تَقْدِيرًا بِأَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ بِكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

الْأَوَّلُ لَمْ يُسْتَهْلَكْ بَلْ هَلَكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي الْمُسْتَفَادِ لِسُقُوطِ زَكَاةِ الْأَوَّلِ بِالْهَلَاكِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَمِنْ فُرُوعِهِ إذَا بَاعَ نِصَابَ السَّائِمَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ بِسَائِمَةٍ مِثْلِهَا أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ يُرِيدُ الْفِرَارَ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ لَا يُرِيدُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِي الْبَدَلِ إلَّا لِحَوْلٍ جَدِيدٍ أَوْ يَكُونُ لَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ فِي صُورَةِ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِبْدَالَ السَّائِمَةِ بِغَيْرِهَا مُطْلَقًا اسْتِهْلَاكٌ بِخِلَافِ غَيْرِ السَّائِمَةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَلِأَبِي يُوسُفَ فِي الثَّانِي) أَيْ لَهُ أَنَّ هَذَا الدَّيْنَ لَا مُطَالِبَ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَمُرَّ عَلَى عَاشِرٍ فَيُطَالِبَهُ. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا وَزَادَ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ قَالَ الْكَمَالُ: وَهِيَ رِوَايَةُ أَصْحَابِ الْإِمْلَاءِ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَ رِوَايَةٍ عَنْهُ مَرَّضَهَا. اهـ.

(مَسْأَلَةٌ) لَهُ مَالَانِ أَحَدُهُمَا مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَالْآخَرُ مِمَّا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِمَّا لَهُ مُطَالِبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَإِنَّ الدَّيْنَ لَا يُصْرَفُ إلَى الْمَالِ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ. اهـ. شَرْحٌ طَحَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ السَّوَائِمِ، وَقَوْلُهُ وَمِنْ جِهَةِ نُوَّابِهِ فِي الْبَاطِنَةِ أَيْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُلَّاكَ نُوَّابُهُ إلَى آخِرِهِ) وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ يُوجِبُ حَقَّ أَخْذِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا لِلْإِمَامِ، وَعَلَى هَذَا «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخَلِيفَتَانِ بَعْدَهُ فَلَمَّا وُلِّيَ عُثْمَانُ وَظَهَرَ تَغَيُّرُ النَّاسِ كَرِهَ أَنْ تُفَتِّشَ السُّعَاةُ عَلَى النَّاسِ مَسْتُورَ أَمْوَالِهِمْ فَفَوَّضَ الدَّفْعَ إلَى الْمُلَّاكِ نِيَابَةً عَنْهُ» ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يُسْقِطُ طَلَبَ الْإِمَامِ أَصْلًا وَلِذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ أَهْلَ بَلْدَةٍ لَا يُؤَدُّونَ زَكَاتَهُمْ طَالَبَهُمْ بِهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَنُقْصَانِ النِّصَابِ إلَى آخِرِهِ) حَتَّى إذَا سَقَطَ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ، وَقَالَ زُفَرُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَلَمْ يَحْكِ الْخِلَافَ عَنْ مُحَمَّدٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ رَجُلٌ لَهُ أَلْفٌ عَلَى رَجُلٍ فَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلِلْأَصِيلِ أَلْفٌ وَالْكَفِيلُ أَلْفٌ فَحَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إذَا أَتْلَفَهُ حَيْثُ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْغَاصِبِ فِي أَلْفِهِ دُونَ غَاصِبِ الْغَاصِبِ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إنْ ضَمِنَ يَرْجِعُ عَلَى غَاصِبِهِ بِخِلَافِ غَاصِبِهِ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا فَارَقَ الْغَصْبُ الْكَفَالَةَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ إذَا أَدَّى كَالْغَاصِبِ لِأَنَّ فِي الْغَصْبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا جَمِيعًا بَلْ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا فَكَانَ كُلٌّ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ السَّوَائِمُ أَجْنَاسًا إلَى آخِرِهِ) حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ يُصْرَفُ إلَى الْغَنَمِ ثُمَّ إلَى الْبَقَرِ إنْ كَانَ التَّبِيعُ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: يُخَيَّرُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْوَاجِبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النِّصَابَيْنِ شَاةٌ وَسَطٌ. اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْغَنَمِ إلَى آخِرِهِ)، وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْمُصَدِّقُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ لَهُ عِجَافًا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَفِي الْخَمْسِ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ وَسَطٌ فَكَانَ الْوَاجِبُ فِي الْغَنَمِ أَقَلَّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِتَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) إذْ لَوْ صَرَفَ الدَّيْنَ إلَى الْإِبِلِ لَمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الْغَنَمِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ لِانْتِقَاصِ النِّصَابِ. اهـ. قَالَ فِي الْغَايَةِ وَمِنْهَا أَيْ مِنْ مَوَانِعِ الزَّكَاةِ وُجُوبُ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَدِ بِخِلَافِ الْعُشْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ. اهـ.

ص: 255

السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي فَلَا بُدَّ مِنْهُ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِاسْتِنْمَاءِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ مَالِ الضِّمَارِ كَالْآبِقِ وَالْمَفْقُودِ وَالْمَغْصُوبِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَالْمَالِ السَّاقِطِ فِي الْبَحْرِ وَالْمَدْفُونِ فِي الْمَفَازَةِ إذَا نَسِيَ مَكَانَهُ وَاَلَّذِي أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً الْوَدِيعَةِ إذَا نَسِيَ الْمُودَعَ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَالدَّيْنِ الْمَجْحُودِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ الْمُودَعُ مِنْ مَعَارِفِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْمَاضِي إذَا تَذَكَّرَ، وَفِي الْمَدْفُونِ فِي كَرْمٍ أَوْ أَرْضٍ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ، وَهُوَ مِلْكُ نِصَابٍ نَامٍ، وَفَوَاتُ الْيَدِ لَا يُخِلُّ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ كَمَالِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ رضي الله عنه «لَا زَكَاةَ فِي الْمَالِ الضِّمَارِ» مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا، وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعِيرٌ ضَامِرٌ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِهُزَالِهِ أَوْ مِنْ الْإِضْمَارِ، وَهُوَ الْإِخْفَاءُ وَالتَّغَيُّبُ؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي، وَلَا نَمَاءَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَلَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ وَابْنُ السَّبِيلِ قَادِرٌ بِنَائِبِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي الدَّيْنِ الْمَجْحُودِ تَجِبُ لِمَا مَضَى؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ لَا تُقْبَلُ وَكُلَّ قَاضٍ لَا يَعْدِلُ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مُقِرٍّ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ بِوَاسِطَةِ التَّحْصِيلِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تَجِبُ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ فَقِيرًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَانَ مُفْلِسًا بِنَاءً عَلَى تَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ بِالتَّفْلِيسِ عِنْدَهُ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِيهِ، وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ رِعَايَةً لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ النَّمَاءَ الْحَقِيقِيَّ وَالتَّقْدِيرِيَّ وَيَنْقَسِمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى قِسْمَيْنِ إلَى خِلْقِيٍّ، وَفِعْلِيٍّ فَالْخِلْقِيُّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا لِلتِّجَارَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا النِّيَّةُ وَالْفِعْلِيُّ مَا يَكُونُ بِإِعْدَادِ الْعَبْدِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ كَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ فَإِنْ اقْتَرَنَتْ بِهِ النِّيَّةُ صَارَتْ لِلتِّجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ: وَالدَّيْنُ الْمَجْحُودُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَجْحُودَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَكُونُ نِصَابًا مَا لَمْ يُحَلِّفْهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِالدَّيْنِ يَجِبُ، وَإِنْ كَانَ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. اهـ. قَالَ الْكَمَالُ: وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا فَلَمَّا قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي جَحَدَ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَمَضَى زَمَانٌ فِي تَعْدِيلِ الشُّهُودِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ مِنْ يَوْمِ جَحَدَ إلَى أَنْ عُدِّلُوا؛ لِأَنَّهُ كَانَ جَاحِدًا وَيَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ فِيمَا كَانَ مُقِرًّا قَبْلَ الْخُصُومَةِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى اخْتِيَارِ الْإِطْلَاقِ فِي الْمَجْحُودِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ أَوْ كَانَ شُهُودُهُ غَائِبِينَ فَحَضَرُوا بَعْدَ سِنِينَ أَوْ تَذَكَّرُوا بَعْدَمَا نَسُوا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَدْفُونِ فِي كَرْمٍ أَوْ أَرْضٍ) أَيْ مَمْلُوكَةٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَفَازَةِ قَدْ تَقَدَّمَ. اهـ. وَالْمَدْفُونُ فِي الْبَيْتِ نِصَابٌ لِتَيَسُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ. اهـ. هِدَايَةٌ قَوْلُهُ: نِصَابٌ أَيْ عِنْدَ الْكُلِّ. اهـ. غَايَةٌ وَمِنْ جُمْلَةِ الضِّمَارِ الْمَالُ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ الْعَدُوُّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. اهـ. فَتْحٌ، وَلَوْ ظَنَّ مَالَهُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ يَجِبُ. اهـ. غَايَةٌ

(فَرْعٌ) فِي الْمُحِيطِ، وَعِدَّةِ الْمُفْتِي تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ، وَقَبَضَتْهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةً فَرَدَّ الْمَوْلَى نِكَاحَهَا فَلَا زَكَاةَ فِي الْأَلْفِ عَلَى الزَّوْجِ لِعَدَمِ يَدِهِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهَا كَرَجُلٍ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ دِيَتَهَا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ ثُمَّ نَبَتَتْ لَا تَجِبُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ، وَلَا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَكَذَا إذَا وَهَبَ لَهُ أَلْفًا وَحَالَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ فَسَوَّى بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَكِنْ اسْتِحْقَاقُ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ كَالدَّيْنِ اللَّاحِقِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَمَا يَتَعَيَّنُ يُسْقِطُهَا فَالْهِبَةُ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ قَالَ فِي الْجَامِعِ وَالْمُحِيطِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَلْفٍ، وَقَبَضَتْهُ وَحَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا زَكَّتْ الْأَلْفَ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَتْ ابْنَهُ لَا يَتَعَيَّنُ رَدُّهُ بَلْ الْوَاجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ دَيْنًا لَحِقَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ بِخِلَافِ الْقَرْضِ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَالِ الضِّمَارِ) فِعَالٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مُفْعِلٍ، وَفِي الصِّحَاحِ الضِّمَارُ مَا لَا يُرْجَى مِنْ الدَّيْنِ وَالْوَعْدِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا إلَخْ) إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَقْلِ الْأَصْحَابِ كَصَاحِبِ الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِمْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ السَّبَبَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ، وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا فِي عَبْدِ التِّجَارَةِ قَتَلَهُ عَبْدٌ خَطَأً فَدُفِعَ بِهِ أَنَّ الثَّانِيَ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَالِ التِّجَارَةِ، وَكَذَا إذَا فَدَى بِالدِّيَةِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْمَوْلَى مِنْ الْقِصَاصِ عَلَى الْعَبْدِ الْقَاتِلِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ لَا يَكُونُ مَالَ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الْقِصَاصِ لَا عِوَضُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَالْقِصَاصُ لَيْسَ بِمَالٍ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ) كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يُفَسَّقُ إلَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِعِلْمِهِ، وَلَوْ كَانَ يُقِرُّ سِرًّا وَيَجْحَدُ عَلَانِيَةً لَا زَكَاةَ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَكُلَّ قَاضٍ لَا يَعْدِلُ) فَفِي الْمُجَاثَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْخُصُومَةِ ذُلٌّ. اهـ. غَايَةٌ، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِهِ فَهُوَ نِصَابٌ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا لِلتِّجَارَةِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله، وَقَوْلُهُمْ فِي النَّقْدَيْنِ خُلِقَا لِلتِّجَارَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا خُلِقَا لِلتَّوَسُّلِ بِهِمَا إلَى تَحْصِيلِ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ مَاسَّةٌ فِي دَفْعِ الْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ وَالْمَسْكَنِ، وَهَذِهِ غَيْرُ نَفْسِ النَّقْدَيْنِ، وَفِي أَحَدِهِمَا عَلَى التَّغَالُبِ مَا لَا يَخْفَى فَخُلِقَ النَّقْدَانِ لِغَرَضِ أَنْ يُسْتَبْدَلَ بِهِمَا مَا تَنْدَفِعُ الْحَاجَةُ بِعَيْنِهِ بَعْدَ خَلْقِ الرَّغْبَةِ فِيهِمَا فَكَانَا لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْعَمَلُ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ كَانَ لِلتِّجَارَةِ قَالَ الْكَمَالُ الْمُرَادُ مَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ لَا عُمُومُ شَيْءٍ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً لِيَتَّجِرَ فِيهَا لَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَإِلَّا لَاجْتَمَعَ فِيهَا الْحَقَّانِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْأَرْضُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: كَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ) وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ آجَرَ دَارِهِ

ص: 256