الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ مَعَهَا سُؤَالُ الْجُبَّةِ وَالْكِسَاءِ وَيَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأُوقِيَّةِ وَالْخَمْسِينَ سُؤَالُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَةِ وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ حُرْمَةُ السُّؤَالِ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَرُوِيَ عَلَى مَنْ يَمْلِكُ أُوقِيَّةً وَعَلَى مَنْ يَكُونُ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]
(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) وَهُوَ لَفْظٌ إسْلَامِيٌّ اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَأَنَّهُ مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ النُّفُوسِ وَالْخِلْقَةِ قَالَ رحمه الله (تَجِبُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ ذِي نِصَابٍ فَضَلَ عَنْ مَسْكَنِهِ وَثِيَابِهِ وَأَثَاثِهِ وَفَرَسِهِ وَسِلَاحِهِ وَعَبِيدِهِ) أَيْ تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ يَمْلِكُ نِصَابًا فَاضِلًا عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَمَسْكَنِهِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ أَمَّا وُجُوبُهَا فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي خُطْبَتِهِ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِمَامِ وَبِمِثْلِهِ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ وَشَرَطَ الْحُرِّيَّةَ لِيَتَحَقَّقَ التَّمْلِيكُ وَالْإِسْلَامَ لِتَقَعَ قُرْبَةً وَمِلْكَ النِّصَابِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمِقْدَارِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَمَّا ذُكِرَ عَلَى مَا مَرَّ فِي حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله تَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ نَامِيًا بِخِلَافِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ
قَالَ رحمه الله (عَنْ نَفْسِهِ وَطِفْلِهِ الْفَقِيرِ وَعَبِيدِهِ لِلْخِدْمَةِ وَمُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ) يَعْنِي يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِمَّنْ تَمُونُونَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
مَحْمَلِهِ كَوْنُ مَنْ بِالْمَدِينَةِ أَحْوَجَ أَوْ ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ إعْطَاءِ فُقَرَائِهِمْ. اهـ. فَتْحٌ
(بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ) وَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا بِالزَّكَاةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ الْوَظَائِفِ الْمَالِيَّةِ وَأَوْرَدَهَا فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ الصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِ الْوُجُودِ وَأَوْرَدَهَا صَاحِبُ الْكِتَابِ هُنَا رِعَايَةً لِجَانِبِ الصَّدَقَةِ وَرَجَّحَهَا لِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُضَافُ لَا الْمُضَافُ إلَيْهِ خُصُوصًا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ شَرْطًا وَحَقُّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى الْعُشْرِ لِمَا أَنَّ الْعُشْرَ مُؤْنَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهَذِهِ عِبَادَةٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ إلَّا أَنَّ الْعُشْرَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَهِيَ ثَبَتَتْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مَعَ أَنَّ الْعُشْرَ مِنْ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرِ يَوْمُهُ كَيَوْمِ النَّحْرِ لِمَا أَنَّ الْفِطْرَ اللُّغَوِيَّ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ وَسُمِّيَتْ صَدَقَةً وَهِيَ الْعَطِيَّةُ الَّتِي يُرَادُ بِهَا الْمَثُوبَةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا تُظْهِرُ صِدْقَ الرَّجُلِ كَالصَّدَاقِ يُظْهِرُ صِدْقَ الرَّجُلِ فِي الْمَرْأَةِ وَإِضَافَةُ الصَّدَقَةِ إلَى الْفِطْرِ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى الشَّرْطِ كَمَا فِي حُجَّةِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَجَازٌ لِمَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى السَّبَبِ كَمَا فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ كَأَنَّهُ إضَافَةٌ إلَى الشَّرْطِ لِيَصِيرَ مُحَرِّضًا لَهُ عَلَى الْأَدَاءِ فِي هَذَا الْوَقْتِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَمَّا مَعْرِفَتُهَا فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ رحمه الله هِيَ لَفْظَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ وَلَا مُعَرَّبَةٌ بَلْ هِيَ اصْطِلَاحِيَّةٌ لِلْفُقَهَاءِ.
قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله وَلَوْ قِيلَ لَفْظَةٌ إسْلَامِيَّةٌ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا مَا عُرِفَتْ إلَّا فِي الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هُوَ اسْمُهَا عَلَى لِسَانِ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته وَيُقَالُ لَهَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَزَكَاةُ رَمَضَانَ وَزَكَاةُ الصَّوْمِ اهـ.
وَأَمَّا مَعْرِفَتُهَا شَرْعًا فَإِنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُعْطَى مِنْ الْمَالِ بِطَرِيقِ الصِّلَاتِ وَالْعِبَادَةِ تَرَحُّمًا مُقَدَّرًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا تُعْطَى صِلَةً تَكَرُّمًا لَا تَرَحُّمًا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْله تَجِبُ) قَالَ الْعَيْنِيُّ فِعْلٌ وَفَاعِلُهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ نِصْفُ صَاعٍ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ تَذْكِيرُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ ضَمِيرًا رَاجِعًا إلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي الْبَابِ فَيَجِبُ التَّأْنِيثُ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ نِصْفَ صَاعٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ نِصْفُ صَاعٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا. اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَرْطَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ يُؤَدِّي وَلِيُّهُمَا مِنْ مَالِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى شَرْحُ النَّافِعِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ صِفَتَيْنِ لِلْعَبْدِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَلَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا رَاجِعَيْنِ إلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ الصَّغِيرُ إلَى الْحُرِّ وَالْكَبِيرُ إلَى الْعَبْدِ فَيَجِبُ الْأَدَاءُ عَنْ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ عَبْدِهِ الْكَبِيرِ لَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ أَوْلَى وَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْحُرِّ الصَّغِيرِ لَأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ أَوْلَى اهـ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» إلَخْ) ذَكَرَ فِي مَجَازَاتِ الْآثَارِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَجَازٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُتَصَدِّقَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ إذَا كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ مِنْ غِنًى وَالظُّهْرُ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنْ الْقُوَّةِ فَكَانَ الْمَالُ لِلْغَنِيِّ بِمَنْزِلَةِ الظَّهْرِ الَّذِي عَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ وَإِلَيْهِ اسْتِنَادُهُ وَلِذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ ظَهْرُ فُلَانٍ إذَا كَانَ يَتَقَوَّى بِهِ وَيَلْتَجِئُ إلَيْهِ فِي الْحَوَادِثِ وَذُكِرَ فِي الْمُغْرِبِ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى أَيْ صَادِرَةً عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَالظَّهْرُ فِيهِ مُقْحَمٌ كَمَا فِي ظَهْرِ الْقَلْبِ فَظَهْرُ الْغَيْبِ اهـ كَشْفٌ كَبِيرٌ فِي بَحْثِ الْقُدْرَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ
وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ عَلَى الْكَمَالِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ فَقِيرًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ هُوَ يَقُولُ أَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تَجِبُ عَلَى الصَّغِيرِ وَهُمَا يَقُولَانِ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ الْغَيْرِ فَصَارَتْ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَلِهَذَا لَا يَتَحَمَّلُهَا أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَدُهُ الْمَجْنُونُ الْكَبِيرُ وَقَوْلُهُ وَعَبِيدُهُ لِلْخِدْمَةِ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ عَبِيدِهِ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمْ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى الشَّيْءِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَعَبِيدُ عَبِيدٍ تَجِبُ عَنْ الْعَبِيدِ لِمَا قُلْنَا وَلَا تَجِبُ عَنْ عَبِيدِ الْعَبِيدِ إنْ كَانُوا لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ كَانُوا لِلْخِدْمَةِ تَجِبُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبِيدِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا تَجِبُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى هَلْ يَمْلِكُ كَسْبَ عَبْدِهِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إسْلَامُ الْعَبْدِ كَالزَّكَاةِ
قَالَ رحمه الله (لَا عَنْ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَلِي عَلَيْهَا وَلَا يُمَوِّنُهَا إلَّا لِضَرُورَةِ انْتِظَامِ مَصَالِحِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَيْرُ الرَّوَاتِبِ نَحْوُ الْأَدْوِيَةِ قَالَ رحمه الله (وَ) لَا (وَلَدُهُ الْكَبِيرُ) لِأَنَّهُ لَا يُمَوِّنُهُ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ فَانْعَدَمَ السَّبَبُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى عَنْهُ وَعَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً وَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ وَنَوَافِلِهِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى نَفْسِهِ
قَالَ رحمه الله (وَ) لَا (مُكَاتَبِهِ) لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ قَالَ رحمه الله (وَ) لَا (عَبْدٍ أَوْ عَبِيدٍ لَهُمَا) أَيْ لَا تَجِبُ عَنْ عَبْدٍ أَوْ عَبِيدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْعَبِيدِ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ وَهُمَا يَرَيَانِهَا وَقِيلَ لَا تَجِبُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ النَّصِيبَ لَا يَجْتَمِعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ تَتِمَّ الرَّقَبَةُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَتْ لَهُمَا جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا عَنْ الْأُمِّ لِمَا قُلْنَا وَعَنْ الْوَلَدِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ تَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ لَا يَتَجَزَّأُ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَ وَلَدًا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَجِبُ عَلَيْهِمَا صَدَقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُمَا وَالْمُؤْنَةَ عَلَيْهِمَا فَكَذَا الصَّدَقَةُ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّجَزُّؤِ كَالْمُؤْنَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ مَأْسُورٌ أَوْ مَغْصُوبٌ مَجْحُودٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ بِسَبَبِهِمْ وَمِنْ الْمَرْهُونِ تَجِبُ فِي الْمَشْهُورِ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ قَدْرَ النِّصَابِ وَكَذَا بِسَبَبِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُسْتَغْرَقِ بِالدَّيْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي حَيْثُ تَجِبُ عَنْهُمَا كَيْفَمَا كَانَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الرَّهْنِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْتَغْرَقِ وَالْجَانِي وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَبْدِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَى الْمَوْلَى، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتَهُ
قَالَ رحمه الله (وَيَتَوَقَّفُ لَوْ مَبِيعًا بِخِيَارِ) أَيْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ صَدَقَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا مُقْتَصِرًا عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى فَقَالَ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَتَعْلِيقَاتُهُ الْمَجْزُومَةُ لَهَا حُكْمُ الصِّحَّةِ وَرَوَاهُ مَرَّةً مُسْنَدًا بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ تَجِبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَهُمَا) وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى بَلَغَ وَجَبَ الْقَضَاءُ عِنْدَهُمَا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ) أَيْ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ غَنِيًّا لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَادَةً. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ نَحْوُ الْأَدْوِيَةِ) أَيْ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ زَمِنًا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ عَادَةً) أَيْ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا الْإِعَادَةُ فِيهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا مُكَاتَبُهُ إلَخْ) وَفِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ أَقْوَالٌ سِتَّةٌ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَعَلَّهُ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَقِ كُلِّهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَهُمَا وَبَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ تُنْظَرُ فِي الْغَايَةِ السُّرُوجِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قِسْمَةِ الرَّقِيقِ جَبْرًا وَلَمْ يَجْتَمِعْ لِوَاحِدٍ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي الْقِسْمَةِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْقِسْمَةِ بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ بِاعْتِبَارِ الْمُؤْنَةِ عَنْ وِلَايَةٍ لَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ وَلِذَا تَجِبُ عَنْ الْوَلَدِ وَلَا مِلْكَ وَلَا تَجِبُ عَنْ الْآبِقِ مَعَ الْمِلْكِ فِيهِ وَلَوْ سَلَّمَ فَجَوَازُ الْقِسْمَةِ لَيْسَ عِلَّةً تَامَّةً لِثُبُوتِهَا وَكَلَامُنَا فِيمَا قَبْلَهَا وَقَبْلَهَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ رَأْسٌ كَامِلٍ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ) يَعْنِي أَنَّ السَّبَبَ هُوَ رَأْسٌ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ لِأَنَّ الْمُفَادَ بِالنَّصِّ مِنْ قَوْلِهِ تَمُونُونَ عَلَيْكُمْ مُؤْنَتَهُ وَلَيْسَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُؤْنَتُهُ بَلْ بَعْضُهَا وَبَعْضُ الشَّيْءِ لَيْسَ إيَّاهُ وَلَا سَبَبَ إلَّا هَذَا فَعِنْدَ انْتِفَائِهِ يَبْقَى عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ لَا أَنَّ الْعَدَمَ يُؤَثِّرُ شَيْئًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَعْبُدْ مَثَلًا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ عَبْدَيْنِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْخَامِسِ. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَحَكَى الزَّعْفَرَانِيُّ والإسبيجابي قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِمَا فَكَذَا الصَّدَقَةُ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا فَعَلَى الْآخَرِ صَدَقَةٌ تَامَّةٌ عِنْدَهُمَا وَلَا نَصَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى فَإِنْ عَادَ الْعَبْدُ مِنْ الْإِبَاقِ أَوْ رُدَّ الْمَغْصُوبُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا مَضَى يَوْمُ الْفِطْرِ كَانَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ مَا مَضَى. اهـ. (قَوْلُهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى فِطْرَتُهُ) قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ الْفِطْرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ الْمُوصَى لَهُ وَقَبْلَ رَدِّهِ اهـ غَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَفِي الْعَبْدِ
فِطْرِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا وَإِذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْخِيَارُ بَاقٍ تَجِبُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ الْعَبْدُ لَهُ فَإِنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى الْبَائِعِ وَقَالَ زُفَرُ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ وَالزَّوَالُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ حُكْمِ عَلَيْهِ كَالْمُقِيمِ إذَا سَافَرَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ حَيْثُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ أَنْشَأَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ مِنْ وَظَائِفِهِ كَالنَّفَقَةِ وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ وَالْوِلَايَةَ مَوْقُوفَانِ فِيهِ فَكَذَا مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ فُسِخَ يَعُودُ إلَى قَدِيمِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَوْ أُجِيزَ يَسْتَنِدُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِهِ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ فَلَا تَحْتَمِلُ التَّوَقُّفَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَكُونُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ وَصُورَتُهُ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا لِلتِّجَارَةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا وَكَانَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ فَتَمَّ الْحَوْلُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَعِنْدَنَا يُضَمُّ إلَى نِصَابِ مَنْ يَصِيرُ الْعَبْدُ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ صَدَقَتُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ بِالْقَبْضِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا تَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ مِلْكُهُ وَلَمْ يَتَقَرَّرْ وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ غَيْرُ مُنْتَفِعٍ بِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَإِنْ رَدَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ مُنْتَفِعًا بِهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَتَأَكُّدِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ قَبَضَهُ قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَبَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَصَدَقَتُهُ عَلَيْهِ لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَعَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ لَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي يَقْتَصِرُ عَلَى الْقَبْضِ
قَالَ رحمه الله (نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ) أَيْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ (أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الزَّبِيبُ بِمَنْزِلَةِ الشَّعِيرِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ صَاعٌ وَلَا يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذَكَرَ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي خُطْبَتِهِ «أَدُّوا عَنْ كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» الْحَدِيثَ وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ قَبْلَ يَوْمِ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ فَقَالَ إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مُدَّانِ مِنْ بُرٍّ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ أَوْ صَاعٌ مِمَّا سِوَاهُ مِنْ الطَّعَامِ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ» وَهُوَ مُرْسَلُ سَعِيدٍ وَمَرَاسِيلُهُ حُجَّةٌ عِنْدَ الْخَصْمِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَمَرَ عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ بِنِصْفِ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ» . وَقَالَ هُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَجَابِرٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لَا يُجْزِئُهُ فَكَانَ إجْمَاعًا وَحَدِيثُ الْخُدْرِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَرَّعُونَ بِالزِّيَادَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْوُجُوبِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَرَفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةً وَنَظِيرُهُ مَا قَالَ جَابِرٌ «كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَقَوْلُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَكَذَا الْعَبْدُ الْمُسْتَعَارُ الْوَدِيعَةُ وَالْجَانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ لَا تَجِبُ فِطْرَتُهُ مِنْ سَهْوِ الْقَلَمِ وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ بَيْعًا فَاسِدًا فَمَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَعْتَقَهُ فَالْفِطْرَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَهُوَ مَقْبُوضُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَهُ فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ مِلْكِهِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ لِأَحَدٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ كَالْمُعَارِ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِإِنْسَانٍ وَبِخِدْمَتِهِ لِآخَرَ تَجِبُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ دُونَ الْخِدْمَةِ كَالْعَبْدِ الْمُسْتَعَارِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَجِبُ عَلَى مَالِك الْخِدْمَةِ اهـ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَرَقِيقُ الْأَحْبَاسِ وَرَقِيقُ الْقُوَّامِ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى زَمْزَمَ وَرَقِيقُ الْفَيْءِ وَرَقِيقُ الْغَنِيمَةِ وَالسَّبْيِ وَالْأَسْرَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا فِطْرَةَ فِيهِمْ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ لِمُعَيَّنٍ. اهـ. غَايَةٌ
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ لِأَنَّهُ) أَيْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى تَأْوِيلِ التَّصَدُّقِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ) كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَلَا تَحْتَمِلُ التَّوَقُّفَ) فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فِي الْحَالِ فَلَوْ جَعَلْنَاهَا مَوْقُوفَةً مَاتَ الْمَمْلُوكُ جَوْعًا فَلِأَجْلِ الضَّرُورَةِ اعْتَبَرْنَا فِيهِ الْمِلْكَ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ كَانَ ثَابِتًا) أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ. اهـ. كَاكِيٌّ
نِصْفُ (قَوْلُهُ أَوْ زَبِيبٌ) أَلْحَقَهُ شَيْخُنَا وَلَيْسَ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ اهـ (قَوْلُهُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ) وَصَحَّحَهَا أَبُو الْيُسْرِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَقْدِيرِهَا بِصَاعٍ كَمَا سَتَقِفُ عَنْ قَرِيبٍ وَرَفَعَ الْخِلَافَ بَيْنَهُمْ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِعِزَّةِ الزَّبِيبِ فِي زَمَانِهِ كَالْحِنْطَةِ لَا يَقْوَى لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَى قَدْرٍ فِيهِ لَا يَنْقُصُ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ فِيهِ نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كُنَّا نُخْرِجُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا مَوْقُوفٌ فِي الْمُوَطَّأِ لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ رِوَايَةٌ فِيمَا عَلِمْت قَالُوا وَالطَّعَامُ هُوَ الْبُرُّ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الشَّعِيرِ مَعَهُ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ) وَالْأَقِطُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ جُبْنُ اللَّبَنِ بَعْدَ إخْرَاجِ زُبْدِهِ وَقِيلَ جُبْنٌ يُتَّخَذُ مِنْ لَبَنٍ حَامِضٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ ذَكَرَ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ) رَوَاهُ مَالِكٌ
أَسْمَاءَ كَانَتْ لَنَا فَرَسٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَبَحْنَاهَا وَأَكَلْنَاهَا كُلُّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حُجَّةً مَا لَمْ يَثْبُتْ عِلْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّهُ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ وَلَهُمَا فِي الزَّبِيبِ مَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّهُ يُقَارِبُ التَّمْرَ مِنْ حَيْثُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ التَّفَكُّهُ وَلَهُ مَا رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ وَلِأَنَّهُ وَالْبُرُّ يَتَقَارَبَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤْكَلُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَلَا يَرْمِي مِنْ الْبُرِّ النُّخَالَةَ وَلَا مِنْ الزَّبِيبِ الْحَبَّ إلَّا الْمُتَرَفِّهُونَ بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يُرْمَى مِنْهُمَا النَّوَى وَالنُّخَالَةُ وَبِهِ ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ التَّمْرِ وَالْبُرِّ وَذَكَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنَّ دَقِيقَ الْبُرِّ وَسَوِيقَهُ كَالْبُرِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا مِنْ الشَّعِيرِ وَحُكْمُهُمَا أَنَّهُمَا كَالشَّعِيرِ حَتَّى يَجِبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّاعُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ احْتِيَاطًا لِضَعْفِ الْآثَارِ فِيهِمَا لِعَدَمِ الِاشْتِهَارِ حَتَّى إذَا كَانَتْ صَحِيحَةً تَتَأَدَّى بِالْقَدْرِ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ.
وَعَلَى هَذَا فِي الزَّبِيبِ أَيْضًا يُرَاعَى فِيهِ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ قِيمَةُ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَبْلُغُ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَالْخُبْزُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَدْرُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُوَ أَنْ يَكُون مَنَوَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ مِنْ دَقِيقِهِ نِصْفُ صَاعٍ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ مِنْ خُبْزِهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ لِكَوْنِهِ أَنْفَعَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ الْقَدْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ الْأَثَرُ فَصَارَ كَالذُّرَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحُبُوبِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ فِيهَا الْأَثَرُ بِخِلَافِ الدَّقِيقِ وَالزَّبِيبِ عَلَى مَا مَرَّ قَالَ رحمه الله (وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ) أَيْ الصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحِجَازِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام صَاعُنَا أَصْغَرُ الصِّيعَانِ وَخَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ أَصْغَرُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمَّا حَجَّ سَأَلَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَنْ الصَّاعِ فَقَالُوا خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَجَاءَهُ جَمَاعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَهُ صَاعُهُ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخْبَرَنِي أَبِي
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ وَهُوَ التَّفَكُّهُ) وَالِاسْتِحْلَاءُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالْبُرُّ يَتَقَارَبَانِ) فِي الْمَعْنَى. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْله وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاعِيَ فِيهِمَا) أَيْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ حَتَّى إذَا كَانَتْ) أَيْ الْحِنْطَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ صَحِيحَةً) أَيْ غَيْرَ مَطْحُونَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ تَتَأَدَّى بِالْقَدْرِ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ) وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي نِصْفَ صَاعٍ مِنْ دَقِيقِ الْبُرِّ قِيمَتُهُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ الْبُرِّ حَتَّى لَوْ كَانَ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ اهـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالْأَحْوَطُ فِي الزَّبِيبِ الْقِيمَةُ لِعَدَمِ شُهْرَةِ النَّصِّ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَالْخُبْزُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَدْرُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ) فَإِنَّ فِي الْغَالِبِ كَوْنُ نِصْفِ صَاعٍ دَقِيقٍ لَا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَةِ نِصْفِ صَاعٍ مَا هُوَ دَقِيقُهُ بَلْ يَزِيدُ حَتَّى لَوْ فُرِضَ نَقْصُهُ كَمَا يَتَّفِقُ فِي أَيَّامِ الْبِدَارِ كَانَ الْوَاجِبُ مَا قُلْنَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ الْأَثَرُ) أَيْ وَهُوَ مَوْزُونٌ غَيْرُ مَكِيلٍ وَالْكَيْلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ بِالنَّصِّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَصَارَ كَالذُّرَةِ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَأَصْلُهُ ذَرْوٌ أَوْ ذَرْيٌ وَالْهَاءُ عِوَضٌ اهـ (قَوْلُهُ بِالْبَغْدَادِيِّ) فِي الْهِدَايَةِ بِالْعِرَاقِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ) أَيْ بِالْبَغْدَادِيِّ. اهـ. غَايَةٌ وَالرِّطْلُ زِنَةُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ وَهُوَ الْعَدَسُ وَالْمَاشُّ فَمَا وَسِعَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ أَوْ خَمْسَةً وَثُلُثًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الصَّاعُ كَذَا قَالُوا وَعَلَى هَذَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ آنِفًا فِي تَقْدِيرِ الصَّاعِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا إذَا تَأَمَّلَ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَقِيلَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا قَالَ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَسُ وَالْمَاشُّ يَسْتَوِي فِيهِمَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ يَعْنِي أَنَّ الصَّاعَ مِنْهُمَا يَكُونُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ وَالثَّمَانِيَةُ الْأَرْطَالُ مِنْهُمَا صَاعٌ وَمَا سِوَاهُمَا قَدْ يَكُونُ الْوَزْنُ أَقَلَّ مِنْ الْكَيْلِ كَالْمِلْحِ وَقَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ كَالشَّعِيرِ فَإِذَا كَانَ الْمِكْيَالُ يَسَعُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْعَدَسِ وَالْمَاشِّ فَهُوَ الصَّاعُ الَّذِي يُكَالُ بِهِ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالتَّمْرُ. اهـ. غَايَةٌ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ رحمه الله فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ مَا نَصُّهُ الصَّاعُ كَيْلٌ يَسَعُ فِيهِ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ فَقْدٍ وَثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ مِنْ الْمَجِّ وَهُوَ الْمَاشُّ أَوْ مِنْ الْعَدَسِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِهِمَا لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ حَبَّاتِهِمَا عِظَمًا وَصِغَرًا وَتَخَلْخُلًا وَاكْتِنَازًا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ فَإِنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا كَثِيرٌ غَايَةُ الْكَثْرَةِ وَإِنِّي قَدْ وَزَنْت الْمَاشَّ وَالْحِنْطَةَ الْجَيِّدَةَ الْمُكْتَنَزَةَ وَالشَّعِيرَ وَجَعَلْتهَا فِي الْمِكْيَالِ فَالْمَاشُّ أَثْقَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالْحِنْطَةُ مِنْ الشَّعِيرِ فَالْمِكْيَالُ الَّذِي يُمْلَأُ بِثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ مِنْ الْمَجِّ يُمْلَأُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ الْمُكْتَنَزَةِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُقَدَّرَ الصَّاعُ بِثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ مِنْ الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ إنْ قُدِّرَ بِالْحِنْطَةِ الْمُكْتَنَزَةِ فَكَمَا يُجْعَلُ فِيهِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْحِنْطَةِ يُمْلَأُ بِهَا وَإِنْ كَانَ يُمْلَأُ بِأَقَلَّ مِنْ تِلْكَ إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ الْمُتَخَلْخِلَةُ لَكِنْ إنْ قُدِّرَ بِالْمَجِّ يَكُونُ أَصْغَرَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَسَعُ فِيهِ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَحْوَطَ اهـ.
وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا وَلَعَلَّ تَقْدِيرَ الصَّاعِ بِثَمَانِيَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَثُلُثٍ مِنْ الْمَاشِّ وَالْعَدَسِ لِمَا كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ أَوْرَدَهُ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رحمه الله مُتَبَرِّيًا عَنْهُ بِلَفْظِ كَذَا قَالُوا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام صَاعُنَا أَصْغَرُ الصِّيعَانِ) وَلَمْ يُعْلَمْ خِلَافٌ فِي قَدْرِ صَاعِهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا مَا قَالَهُ الْحِجَازِيُّونَ وَالْعِرَاقِيُّونَ وَمَا قَالَهُ الْحِجَازِيُّونَ أَصْغَرُ فَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ هُوَ أَصْغَرُ الصِّيعَانِ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ حِبَّانَ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَاعُنَا أَصْغَرُ الصِّيعَانِ وَمُدُّنَا أَكْبَرُ الْأَمْدَادِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي قَلِيلِنَا وَكَثِيرِنَا وَاجْعَلْ لَنَا مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ» اهـ ثُمَّ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَفِي تَرْكِهِ إنْكَارَ كَوْنِهِ أَصْغَرَ الصِّيعَانِ بَيَانٌ أَنَّ صَاعَ الْمَدِينَةِ كَذَلِكَ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَوَاضِعِ كَوْنِ السُّكُونِ حُجَّةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ حَتَّى يَلْزَمَ رَدُّهُ إنْ كَانَ خَطَأً كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَسَاقَهُ فَلْيُنْظَرْ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
أَنَّهُ صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ آخَرُ أَخْبَرَنِي أَخِي أَنَّهُ صَاعُهُ عليه الصلاة والسلام فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ مَذْهَبِهِ.
وَلَنَا مَا رَوَاهُ صَاحِبُ الْإِمَامِ عَنْ أَنَسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ رِطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ جَرَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَنَّهُ صَاعٌ وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَجَّاجِيِّ وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَيَقُولُ أَلَمْ أُخْرِجْ لَكُمْ صَاعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَشْهُورٌ وَمَا رَوَاهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا قَالَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ أَنَّهُ أَصْغَرُ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ أَصْغَرُ الصِّيعَانِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ الْهَاشِمِيَّ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْحَجَّاجِيِّ وَالْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَقِيَهُمْ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقُومُ بِهِمْ حُجَّةٌ لِكَوْنِهِمْ مَجْهُولِينَ نَقَلُوا عَنْ مَجْهُولِينَ مِثْلَهُمْ وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي الصَّاعِ.
وَإِنَّمَا أَبُو يُوسُفَ لَمَّا حَرَّرَ صَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجَدَهُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ بِرِطْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهَلْ أَكْبَرُ مِنْ رِطْلِ أَهْلِ بَغْدَادَ لِأَنَّهُ ثَلَاثُونَ إسْتَارًا وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ عِشْرُونَ إسْتَارًا فَإِذَا قَابَلَتْ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ بِالْبَغْدَادِيِّ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ بِالْمَدَنِيِّ تَجِدُهُمَا سَوَاءً فَوَقَعَ الْوَهْمُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَهُوَ أَشْبَهُ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ كَانَ فِيهِ لَذَكَرَهُ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ ثُمَّ يَعْتَبِرُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَزْنِ فِيمَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي الصَّاعِ بِأَنَّهُ كَمْ رِطْلٌ هُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْوَزْنِ إذْ لَا مَعْنَى لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ إلَّا إذَا اُعْتُبِرَ بِهِ وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ لِأَنَّ الْآثَارَ جَاءَتْ بِالصَّاعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْكَيْلِ وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ وَأَعْجَلُ بِهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْحِنْطَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْخِلَافِ قُلْنَا لَا يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ بِالْحِنْطَةِ لِأَنَّ الْخِلَافَ وَاقِعٌ فِي الْحِنْطَةِ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ أَيْضًا
قَالَ رحمه الله (صُبْحَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ) أَيْ تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَصُبْحَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لِتَجِب فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وُجُوبُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ يَتَعَلَّقُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ وُلِدَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْفِطْرَ بِانْفِصَالِ الصَّوْمِ وَذَلِكَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ وَهَذَا لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ لِرَمَضَانَ لَا لِشَوَّالٍ وَيَوْمُ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتُهُ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ شَوَّالٍ فَمَنْ وُلِدَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْ مَلَكَ فِيهَا نِصَابًا لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَمْلِكْ فِي رَمَضَانَ وَنَحْنُ نَقُولُ يَتَعَلَّقُ بِفِطْرٍ مُخَالِفٌ لِلْعَادَةِ وَهُوَ الْيَوْمُ إذْ لَوْ تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ فِطْرَةً لِأَنَّ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فِطْرٌ بَعْدَ صَوْمٍ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَلِهَذَا يُقَالُ يَوْمُ الْفِطْرِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا بِقَوْلِهِمْ لَيْلَةَ الْفِطْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْيَوْمِ تَقْدِيرُهُ لَيْلَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ وَهُوَ الْيَوْمُ لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ قَالَ رحمه الله
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ يَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ رِطْلَيْنِ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ رَوَاهُ فِي الْغَايَةِ مَرَّةً بِتَعْرِيفِ مُدٍّ وَمَرَّةً بِتَنْكِيرِهِ اهـ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ رِطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ ثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ» هَكَذَا وَقَعَ مُفَسَّرًا عَنْ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ فِي ثَلَاثَةِ طُرُقٍ رَوَاهَا الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعَّفَهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالصَّاعُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهَكَذَا كَانَ صَاعُ عُمَرَ رضي الله عنه اهـ وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ فُقِدَ فَأَخْرَجَهُ الْحَجَّاجُ وَكَانَ يَمُنُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ وَيَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَمَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ أَلَمْ أُخْرِجْ لَكُمْ صَاعَ عُمَرَ وَلِذَلِكَ سُمِّيَ حَجَّاجِيًّا أَيْضًا. اهـ. كَيْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ الْهَاشِمِيَّ) أَيْ وَهُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ رِطْلًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَبُو يُوسُفَ لَمَّا حَرَّرَ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي تَضْعِيفِهِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ لِكَوْنِ النَّقْلِ عَنْ مَجْهُولِينَ مِنْ النَّظَرِ بَلْ الْأَقْرَبُ مِنْهُ عَدَمُ ذِكْرِ مُحَمَّدٍ خِلَافَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلَ ضَعْفِ أَصْلِ وُقُوعِ الْوَاقِعَةِ لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ كَانَ رَوَاهَا ثِقَةٌ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِعَامَّةِ النَّاسِ وَمُشَافَهَتَهُ إيَّاهُمْ مِمَّا يُوجِبُ شُهْرَةَ رُجُوعِهِ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَعُمَّهُ مُحَمَّدٌ فَهُوَ عَلَى بَاطِنِهِ اهـ.
قَوْلُهُ مِنْ النَّظَرِ لِأَبِي يُوسُفَ عُرِفَ بِوُجُوهِ الِاسْتِدْلَالِ ثُمَّ لَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ طَرِيقَ الْأُصُولِ لِأَنَّهُمْ يَحْتَجُّونَ بِمَنْ لَيْسَ بِمَعْلُومِ الْجُرْحِ وَلَفْظُ الْكَرْخِيِّ فِيهِ الْأَصْلُ فِي الْمُسْلِمُ الْعَدَالَةُ مَا لَمْ تَثْبُتْ الرِّيبَةُ وَلَا طَرِيقَ الْمُحَدِّثِينَ إذْ الضَّعِيفُ يَرْتَقِي حَدِيثُهُ إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَعْفُهُ بِالْكَذِبِ فَإِنَّا لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الَّذِينَ أَخْبَرُوا أَبَا يُوسُفَ فِيهِمْ ضَعِيفٌ لَارْتَقَى إخْبَارُهُمْ الْمَذْكُورُ إلَى الْحُجَّةِ لِتَعَدُّدِ طُرُقِهِ تَعَدُّدًا كَثِيرًا فَكَيْفَ وَهُوَ يَقُولُ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كُلٌّ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ (قَوْلُهُ عِشْرُونَ إسْتَارًا) الْإِسْتَارُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفٌ فَإِذَا ضَرَبْت مِائَةً وَسِتِّينَ فِي سِتَّةِ دَرَاهِمَ وَنِصْفٍ يَصِيرُ أَلْفًا وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. اهـ. بَاكِيرٌ (قَوْلُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ) حَتَّى لَوْ وَزَنَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ فَدَفَعَهَا إلَى الْقَوْمِ لَا يَجْزِيهِ لِجَوَازِ كَوْنِ الْحِنْطَةِ ثَقِيلَةً لَا تَبْلُغُ نِصْفَ صَاعٍ وَإِنْ وَزَنَتْ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ) أَيْ وَالدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ الْبُرِّ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ كَانَ فِي زَمَنِ الشِّدَّةِ فَالْأَدَاءُ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ دَقِيقِهِ أَفْضَلُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَفِي زَمَنِ السَّعَةِ الدَّرَاهِمُ أَفْضَلُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْخِلَافِ) إذْ فِي الدَّقِيقِ وَالْقِيمَةِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ. اهـ. هِدَايَةٌ
(وَصَحَّ لَوْ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ) أَيْ جَازَ أَدَاءُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ إذَا قَدَّمَهُ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَهُوَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ.
أَمَّا جَوَازُ التَّقْدِيمِ فَلِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ رَأْسٌ يُمَوِّنُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُودِ النِّصَابِ وَلَا تَفْصِيلَ فِيهِ بَيْنَ مُدَّةٍ وَمُدَّةٍ فِي الصَّحِيحِ وَعِنْدَ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلَا فِطْرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَقِيلَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ وَقِيلَ فِي الْعُشْرِ الْأَخِيرِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا أَصْلًا كَالْأُضْحِيَّةِ قُلْنَا الْأُضْحِيَّةَ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا تَكُونُ عِبَادَةً إلَّا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ وَأَمَّا جَوَازُ الْأَدَاءِ بَعْدَ يَوْمِ الْفِطْرِ فَلِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ مَعْقُولَةُ الْمَعْنَى فَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ الْوُجُوبِ إلَّا بِالْأَدَاءِ كَالزَّكَاةِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ يَوْمِ الْفِطْرِ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ اخْتَصَّتْ بِيَوْمِ الْعِيدِ فَتَسْقُطُ بِمُضِيِّهِ كَالْأُضْحِيَّةِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ أَيَّامِ النَّحْرِ قُلْنَا هِيَ قُرْبَةٌ مَعْقُولَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ كَالزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا تَكُونُ قُرْبَةً إلَّا فِي وَقْتِهَا.
وَإِذَا مَضَى وَقْتُهَا لَا تَسْقُطُ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى التَّصَدُّقِ بِهَا وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَهَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ بِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَلِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَيُقَدِّمَ لِلْفَقِيرِ أَيْضًا لِيَأْكُلَ مِنْهَا قَبْلَهَا وَيَتَفَرَّغَ لِلصَّلَاةِ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ فَرَّقَهُ عَلَى مِسْكِينَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِغْنَاءُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَغْنَوْهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَلَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا الْقِيَاسُ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّبَبِ فَهُوَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَسُقُوطُ مَا يُسْتَحَبُّ إذَا وَجَبَ بِفِعْلٍ قَبْلَ الْوُجُوبِ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَلَا يَتِمُّ فِي مِثْلِهِ إلَّا السَّمْعُ وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ إلَى أَنْ قَالَ وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بِإِذْنٍ سَابِقٍ فَإِنَّ الْإِسْقَاطَ قَبْلَ الْوُجُوبِ لَمَّا كَانَ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ لَمْ يَصْرِفْهُمْ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ لِكِبَرٍ أَوْ عُذْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالصَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَتَجِبُ الصَّدَقَةُ عَلَى مَنْ سَقَطَ عَنْهُ الصَّوْمُ بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا) قَائِلُهُ نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ. اهـ. دِرَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا مَضَى وَقْتُهَا لَا تَسْقُطُ) قَالَ الْكَمَالُ وَمَا قِيلَ مِنْ مَنْعِ سُقُوطِ الْأُضْحِيَّةَ بَلْ يَنْتَقِلُ إلَى التَّصَدُّقِ بِهَا لَيْسَ بِشَيْءٍ إذْ لَا يَنْتَفِي بِذَلِكَ كَوْنُ نَفْسِ الْأُضْحِيَّةَ وَهُوَ إرَاقَةُ دَمٍ سُنَّ مُقَدَّرٍ قَدْ سَقَطَ وَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ سُقُوطُهَا بِبَادِئِ الرَّأْيِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُقَدَّمِ أَوَّلَ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ لَكِنْ قَدْ يُرْفَعُ بِاتِّحَادِ مَرْجِعِ ضَمِيرِ أَدَّاهَا فِي الْمَرَّتَيْنِ إذْ يُفِيدُ أَنَّهَا هِيَ الْمُؤَدَّاةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ غَيْرَ أَنَّهُ نَقَصَ الثَّوَابَ فَصَارَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَ ظَاهِرِهِ يُؤَدِّي إلَى سُقُوطِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي بَاقِي الْيَوْمِ وَلَيْسَ هَذَا قَوْلُهُ هُوَ مَصْرُوفٌ عَنْهُ عِنْدَهُ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَأَمَّا وَقْتُ أَدَائِهَا فَيَوْمُ الْفِطْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَبَعْدَهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَدَاءً وَيَجِبُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا بِالِافْتِقَارِ بَعْدَ وُجُوبِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ) وَاَلَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. اهـ. غَايَةٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَدَّاهَا) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَإِنْ أَدَّاهَا. اهـ. (قَوْلُهُ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ إلَى آخِرِهِ) وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى أَيِّ عَدَدٍ شَاءَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا وَاحِدًا لِأَنَّ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِغْنَاءُ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ جَازَ اهـ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي آخِرِ فَتَاوِيهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَأَدَّى لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَلْسًا وَجَمْعُ ذَلِكَ الْفُلُوسِ يَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ وَبِهَذَا لَا يَقَعُ الْغِنَى اهـ.
قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِغْنَاءِ لَا بِالْمَسْأَلَةِ يَعْنِي أَغْنَوْهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ قِيلَ الْمِثْلُ زَائِدٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفَائِدَتُهُ تَعْمِيمُ الْحُكْمِ إذْ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَاقْتَصَرَ الْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ اهـ كَشْفٌ كَبِيرٌ فِي بَحْثِ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ دَفْعُ صَدَقَةِ فِطْرِ كُلِّ شَخْصٍ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ) قَالَ فِي الْغَايَةِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مَا يَجِبُ عَنْ جَمَاعَةٍ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَمَا يَجِبُ عَنْ وَاحِدٍ لِمَسَاكِينَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ جَوَّزَهُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرُ الْكَرْخِيِّ مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُجَوِّزْ دَفْعَ مَا يَجِبُ لِوَاحِدٍ إلَى الْمَسَاكِينِ قَالُوا لِأَنَّ الْإِغْنَاءَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ اهـ وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَى فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ