المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب زكاة المال) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: ‌(باب زكاة المال)

وُجُودِ أَصْلِهِ كَالتَّكْفِيرِ بَعْدَ الْجَرْحِ قَبْلَ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يُوجَدْ ثُمَّ الْمُقَدَّمُ يَقَعُ زَكَاةً إذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِلًا فَإِنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِ السَّاعِي يَسْتَرِدُّهَا؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ الْمَالِكِ حَتَّى يُكْمِلَ النِّصَابَ بِمَا فِي يَدِهِ وَيَدُ الْفَقِيرِ أَيْضًا حَتَّى تَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ بِالْهَلَاكِ فِي يَدِهِ فَيَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَلَا يَضْمَنَهُ إنْ كَانَ هَالِكًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ لِنُصُبٍ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ نِصَابٌ فَيُقَدِّمُ لِنُصُبٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ بَعْدُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ حَوْلَهَا قَدْ انْعَقَدَ وَلِهَذَا يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ فَيُزَكَّى بِحَوْلِهِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ هُوَ يَقُولُ كُلُّ نِصَابٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ أَدَاءً قَبْلَ وُجُودِ السَّبَبِ وَنَحْنُ نَقُولُ النِّصَابُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ، وَمَا بَعْدَهُ تَابِعٌ لَهُ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الضَّمِّ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

.

أَرَادَ بِالْمَالِ غَيْرَ السَّوَائِمِ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ عَائِدٌ إلَى الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «هَاتُوا رُبُعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ السَّائِمَةِ لِأَنَّ زَكَاةَ السَّائِمَةِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِرُبُعِ الْعُشْرِ قَالَ رحمه الله (يَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا رُبُعُ الْعُشْرِ) أَيْ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَنِصْفُ دِينَارٍ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «وَفِي الرَّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ» وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» وَالْأُوقِيَّةُ كَانَتْ فِي أَيَّامِهِمْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ فِي أَقَلَّ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِي الْغَايَةِ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ (قَوْلُهُ: فَيَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا إلَخْ) وَلِذَا إنْ بَاعَهُ السَّاعِي لِنَفْسِهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ أَدَّاهُ إلَى الْفَقِيرِ يَقَعُ نَفْلًا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَالزِّيَادَاتِ، وَفِيهِ لَوْ بَاعَهُ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّمَنَ. اهـ كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْنُ نَقُولُ النِّصَابُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَصْلُ) أَيْ فِي السَّبَبِيَّةِ. اهـ.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا وَقْتَ التَّعْجِيلِ ثُمَّ هَلَكَ جَمِيعُ الْمَالِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ حَبَّةٌ مَثَلًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَاتَمٌ، وَلَا سِكِّينٌ مُفَضَّضٌ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، وَإِنْ قَلَّ، وَلَا شَيْءَ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ بَطَلَ الْحَوْلُ فَصَارَ مَا عَجَّلَ تَطَوُّعًا ثُمَّ اسْتَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الْمَالِ نِصَابًا كَامِلًا فَحَالَ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةٌ فَمَا عَجَّلَ لَا يَنُوبُ عَنْهُ، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ شَيْءٌ يَسِيرٌ ثُمَّ اسْتَفَادَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ نِصَابًا كَامِلًا فَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهِ صَحَّ التَّعْجِيلُ، وَسَقَطَتْ عَنْهُ زَكَاةُ السَّنَةِ. اهـ. طَحَاوِيٌّ.

(فَرْعٌ آخَرُ) لَوْ دَفَعَ الْإِمَامُ الْمُعَجَّلَ إلَى فَقِيرٍ فَأَيْسَرَ الْفَقِيرُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ جَازَ عَنْ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ يَسْتَرِدُّهُ الْإِمَامُ إلَّا إذَا كَانَ غِنَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَنَا الصَّدَقَةُ لَاقَتْ كَفَّ الْفَقِيرِ فَلَا يُعْتَبَرُ غِنَاهُ الْحَادِثُ كَمَا إذَا دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَدَثَ ذَلِكَ. اهـ. بَدَائِعُ.

[بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ]

(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)(قَوْلُهُ أَرَادَ بِالْمَالِ غَيْرَ السَّوَائِمِ) أَيْ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَيِّنٌ فِيمَا مَضَى. اهـ. ع (قَوْلُهُ يَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْقِيمَةُ بَلْ الْوَزْنُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَدَائِعِ وَالذَّهَبُ مَا لَمْ يَبْلُغْ قِيمَتَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَكَانَ الدِّينَارُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقَوَّمًا بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَصْكُوكَةً أَوْ لَا وَكَذَا عَشَرَةُ الْمَهْرِ وَفِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ مَا لَمْ يَبْلُغْ قِيمَتُهُ نِصَابًا مَصْكُوكًا مِنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ لُزُومَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقَوُّمِ وَالْعُرْفُ أَنْ يُقَوَّمَ بِالْمَصْكُوكِ وَكَذَا نِصَابُ السَّرِقَةِ احْتِيَاطًا لِلدَّرْءِ اهـ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ نَقَصَتْ الْمِائَتَانِ حَبَّةٌ فِي مِيزَانٍ وَكَانَتْ تَامَّةً فِي مِيزَانٍ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لِلشَّكِّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ لَا تَجِبُ وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ تَجِبُ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَبَالَغَ وَعِنْدَ مَالِكٍ لَوْ نَقَصَتْ الْمِائَتَانِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ تَجِبُ وَعَنْهُ لَا تَمْنَعُ الْحَبَّةُ وَالْحَبَّتَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَعَنْهُ قِيرَاطَانِ وَفِي الْيَنَابِيعِ إذَا كَمُلَتْ الْمِائَتَانِ فِي الْعَدَدِ وَنَقَصَتْ فِي الْوَزْنِ لَا تَجِبُ وَإِنْ قَلَّ النَّقْصُ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «هَاتُوا رُبُعَ عُشْرِ أَمْوَالِكُمْ» (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَفِي الرِّقَةِ) الرِّقَةُ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ كَذَا فِي الْغَايَةِ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُغْرِبِ الْفِضَّةُ تَتَنَاوَلُ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ وَالرِّقَةُ تَخْتَصُّ بِالْمَضْرُوبِ وَأَصْلُهَا وَرِقٌ اهـ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْهُمْ أَنَّ الرِّقَةَ هِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ قُلْت قَدْ ذَكَرَ السَّفَاقِسِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْوَرِقَ اسْمٌ لَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ وَهُوَ أَصَحُّ التَّأْوِيلَيْنِ اهـ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ هَكَذَا «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسٍ ذُو صَدَقَةٍ وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «لَيْسَ دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ» الْحَدِيثُ. اهـ. فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُ أَوَاقٍ مَا نَصُّهُ قَالَ الْفَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ وَمِنْ الرُّوَاة مَنْ يَمُدَّ هَمْزَةَ الْجَمْعِ فَيَقُولُ آوَاقٍ وَهُوَ خَطَأٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأُوقِيَّةُ كَانَتْ إلَخْ) هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَجَمْعُهَا أَوَاقِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَأَنْكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنْ يُقَالَ وَقِيَّةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَحَكَى اللَّحْيَانِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ وُقِيَّةٌ وَيُجْمَعُ عَلَى وَقَايَا كَرَكِيَّةٍ وَرَكَايَا. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْأُوقِيَّةُ أَفَعُولَةٌ فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ زَائِدَةً وَهِيَ مِنْ الْوِقَايَةِ لِأَنَّهَا تَقِي صَاحِبَهَا الْحَاجَةَ وَقِيلَ هِيَ فِعْلِيَّةٌ فَالْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةٌ وَهِيَ مِنْ الْأَوْقِ وَهُوَ الثِّقَلُ

ص: 276

مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا صَدَقَةٌ وَفِي عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ «فَإِذَا بَلَغَ الْوَرِقُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ»

قَالَ رحمه الله (وَلَوْ تِبْرًا أَوْ حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ حُلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ وَخَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» وَلِأَنَّهُ مُبْتَذَلٌ فِي مُبَاحٍ وَلَيْسَ بِنَامٍ اهـ فَشَابَهُ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ وَلَنَا مَا رَوَاهُ حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مُسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا قَالَتْ لَا قَالَ أَيَسُرُّك أَنْ يُسَوِّرَك اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ فَخَلَعَتْهُمَا وَأَلْقَتْهُمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» . قَالَ النَّوَوِيُّ إسْنَادُهُ حَسَنٌ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها «دَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ فَقُلْت صَنَعْتهنَّ أَتَزَيَّنُ لَك بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ قُلْت لَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ حَسْبُك مِنْ النَّارِ» أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ «كُنْت أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ فَقَالَ مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدِّي زَكَاتَهُ فَزَكِّي فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا وَعُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] الْآيَةَ يَتَنَاوَلُ الْحُلِيَّ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ بِالرَّأْيِ وَكَذَا الْأَحَادِيثُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ تَتَنَاوَلُهُمَا وَمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ لَا أَصْلَ لَهُ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُهُ مُبْتَذَلٌ فِي مُبَاحٍ وَلَيْسَ بِنَامٍ لَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا حَقِيقَةُ النَّمَاءِ وَلَا تَسْقُطُ زَكَاتُهُمَا بِالِاسْتِعْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا إذَا كَانَا مُعَدَّيْنِ لِلنَّفَقَةِ أَوْ كَانَا حُلِيَّ الرَّجُلِ أَوْ حُلِيَّ الْمَرْأَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُعْتَادِ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ إجْمَاعًا وَلَوْ كَانَا كَثِيَابِ الْبِذْلَةِ لَمَا وَجَبَتْ وَلِأَنَّهُمَا خُلِقَا أَثْمَانًا لِلتِّجَارَةِ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى نِيَّةِ التِّجَارَةِ وَلَا تَبْطُلُ الثَّمَنِيَّةُ بِالِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ وَسَائِرِ الْجَوَاهِرِ مِنْ اللَّآلِئِ وَالْيَاقُوتِ وَالْفُصُوصِ كُلِّهَا لِأَنَّهَا خُلِقَتْ لِلِابْتِذَالِ فَلَا تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِالنِّيَّةِ

قَالَ رحمه الله (ثُمَّ فِي كُلِّ خُمُسٍ بِحِسَابِهِ) أَيْ فِي كُلِّ خُمُسٍ نِصَابٌ تَجِبُ فِيهِ بِحِسَابِهِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا مِنْ الْوَرِقِ فَيَجِبُ فِيهِ دِرْهَمٌ وَمِنْ الذَّهَبِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ فَيَجِبُ فِيهَا قِيرَاطَانِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَالَا مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَزَكَاتُهُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله لِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ وَكَانَ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَفِي الرَّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْمَالِ وَاشْتِرَاطُ النِّصَابِ فِي الِابْتِدَاءِ لِتَحَقُّقِ الْغِنَى وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَلْزَمُ التَّشْقِيصُ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِمُعَاذٍ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ «إذَا بَلَغَ الْوَرِقُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةٌ وَلَا تَأْخُذْ مِمَّا زَادَ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا» وَلِأَنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ وَفِي إيجَابِ الْكُسُورِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَلَمْ يَذْكُرْ فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ إلَّا الْأَوَّلَ قَالَ وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ وَيُشَدَّدُ الْجَمْعُ وَيُخَفَّفُ مِثْلُ أَثَفْيَةً وَأَثَافِيُّ وَأَثَافٍ وَرُبَّمَا يَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ وَقِيَّةٌ وَلَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ الْوَرِقُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَلَهُ تَخْفِيفَانِ فَتْحُ الْوَاوِ وَكَسْرُهَا مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ قِيَاسٌ وَهُوَ اسْمٌ لِلْفِضَّةِ وَقِيلَ لِلدَّرَاهِمِ خَاصَّةً اهـ غَايَةٌ قَوْلُهُ وَهُوَ اسْمٌ لِلْفِضَّةِ أَيْ مَضْرُوبَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام لِمُعَاذٍ إلَخْ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ») ذَكَرَهُ فِي الْإِمَامِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسْكَتَانِ) أَيْ سِوَارَانِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ تِبْرًا) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ التِّبْرُ مَا كَانَ غَيْرَ مَضْرُوبٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ حُلِيًّا) سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا أَوْ لَا حَتَّى يَجِبَ أَنْ يَضُمَّ الْخَاتَمَ مِنْ الْفِضَّةِ وَحِلْيَةَ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَكُلُّ مَا انْطَلَقَ عَلَيْهِ الِاسْمُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٌ) وَالْفَتَخَاتُ الْخَوَاتِمُ الْكِبَارُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ كُنْت أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ) وَفِي الصِّحَاحِ حُلِيٌّ مِنْ الدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد) أَيْ بِاللَّفْظِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فَبِلَفْظٍ آخَرَ قَالَ الْكَمَالُ وَلَفْظُهُ «إذَا أَدَّيْت زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» . اهـ. (قَوْلُهُ تَتَنَاوَلُهُمَا) أَيْ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْبَعْضِ مِنْهُمَا بِمَا لَمْ يَثْبُتْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ إلَخْ) إنَّمَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُعْتَادِ) أَيْ كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا دِينَارٍ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ ثُمَّ فِي كُلِّ خُمُسٍ بِحِسَابِهِ) وَهُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَمَا يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ مَضَى عَلَيْهَا عَامَانِ عِنْدَهُ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ وَعِنْدَهُمَا خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَثُمُنٌ فَيَبْقَى السَّالِمُ مِنْ الدَّيْنِ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِائَتَانِ إلَّا ثُمُنُ دِرْهَمٍ فَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعِنْدَهُ لَا زَكَاةَ فِي الْكُسُورِ فَيَبْقَى السَّالِمُ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةٌ أُخْرَى. اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) أَيْ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَوَاهُ عَنْهُمَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ التَّشْقِيصُ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ إلَّا أَنَّا فِي السَّوَائِمِ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ بَعْدَ النِّصَابِ لِتَعَذُّرِ إيجَابِ التَّشْقِيصِ لِمَا يَدْخُلُ مِنْ إيجَابِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمَالِكِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ هُنَا كَذَا فِي الْإِيضَاحِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي إيجَابِ الْكُسُورِ ذَلِكَ) بَيَانُهُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي حَبَّةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ حَبَّةٍ وَهَذَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْبَقَرِ عِنْدَهُ لِسُهُولَةِ حِسَابِهِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَسَبْعَةَ دَرَاهِمَ وَجَبَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِمَا خَمْسَةٌ وَسَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى جَاءَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ

ص: 277

وَقَوْلُ عَلِيٍّ لَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ وَكَذَا كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالرَّقَّةِ النِّصَابَ

قَالَ رحمه الله (وَالْمُعْتَبَرُ وَزْنُهُمَا أَدَاءً وَوُجُوبًا) أَيْ يُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَدَّى قَدْرَ الْوَاجِبِ وَزْنًا وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَكَذَا فِي حَقِّ الْوُجُوبِ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ وَزْنُهُمَا نِصَابًا وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ فِي الْأَدَاءِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ زُفَرُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَبَرُ الْأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ حَتَّى لَوْ أَدَّى عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ خَمْسَةً زُيُوفًا قِيمَتُهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٌ جَازَ عِنْدَهُمَا وَيُكْرَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْفَضْلَ لِأَنَّ زُفَرَ يَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ وَمُحَمَّدٌ يَعْتَبِرُ الْأَنْفَعَ وَهُمَا يَعْتَبِرَانِ الْوَزْنَ وَلَوْ أَدَّى أَرْبَعَةً جَيِّدَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ رَدِيئَةٌ عَنْ خَمْسَةٍ رَدِيئَةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ زُفَرَ لِمَا بَيَّنَّا وَلَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَتَانِ وَقِيمَتُهُ لِصِنَاعَتِهِ ثَلَاثُمِائَةٍ إنْ أَدَّى مِنْ الْعَيْنِ يُؤَدِّي رُبُعَ عُشْرِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَإِنْ أَدَّى خَمْسَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ جَازَ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَضْلَ وَلَوْ أَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِزُفَرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَالِيَّةِ كَمَا إذَا أَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا لِأَنَّهُ لَا رِبًا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ وَكَذَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ إلَّا أَنَّهُ احْتَاطَ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فَاعْتَبَرَ الْأَنْفَعَ وَهُمَا يَقُولَانِ الْجَوْدَةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ لَا قِيمَةَ لَهَا إذَا قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا وَقَوْلُهُ لَا رِبًا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ قُلْنَا عَامَلَنَا اللَّهُ مُعَامَلَةَ الْمُكَاتَبِينَ حَتَّى اسْتَقْرَضَ مِنَّا بَلْ مُعَامَلَةَ الْأَحْرَارِ حَتَّى أَجَازَ تَصَرُّفَاتِنَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَضْيِيعُ الْجَوْدَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا بَاعَا الْمَصُوغَ بِوَزْنِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَكَالْمَرِيضِ إذَا أَوْصَى بِمَصُوغٍ وَزْنُهُ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ تَصَرُّفُهُمَا مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ وَلَا نَظَرَ فِيهِ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فَلَا يَجُوزُ تَضْيِيعُ الْجَوْدَةِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ اعْتِبَارُ الْوَزْنِ فِي حَقِّ الْوُجُوبِ فَمُجْمَعٌ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ لَا يَجِبُ فِيهَا لِمَا قُلْنَا وَعَلَى هَذَا الذَّهَبُ

قَالَ رحمه الله (وَفِي الدَّرَاهِمِ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ) أَيْ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ وَزْنُ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ وَالْمِثْقَالُ وَهُوَ الدِّينَارُ عِشْرُونَ قِيرَاطًا وَالدِّرْهَمُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فَبَعْضُهَا كَانَ عِشْرِينَ قِيرَاطًا مِثْلُ الدِّينَارِ وَبَعْضُهَا كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ قِيرَاطًا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الدِّينَارِ وَبَعْضُهَا عَشَرَةُ قَرَارِيطَ نِصْفُ الدِّينَارِ فَالْأَوَّلُ وَزْنُ عَشَرَةٍ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهُ وَزْنُ الْعَشَرَةِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالثَّانِي وَزْنُ سِتَّةٍ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهُ وَزْنُ سِتَّةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالثَّالِثُ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهُ وَزْنُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَوَقَعَ التَّنَازُعُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَأَخَذَ عُمَرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ دِرْهَمًا فَخَلَطَهُ فَجَعَلَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مُتَسَاوِيَةً فَخَرَجَ كُلُّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا فَبَقِيَ الْعَمَلُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَدِرْهَمٍ وَزَكَاةُ ثَلَاثَةِ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ وَلِأَنَّهُ أَوَفْقُ لِقَيْدِ الزَّكَوَاتِ لِأَنَّهَا تَدُورُ بِعَفْوٍ وَنِصَابٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى أَرْبَعَةً جَيِّدَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ رَدِيئَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ أَدَّى شَاةً سَمِينَةً عَنْ شَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ تُعَدُّ قِيمَتُهَا بِشَاتَيْنِ وَسَطَيْنِ جَازَ لِأَنَّ الْحَيَوَانُ لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا وَالْجَوْدَةُ فِي غَيْرِ أَمْوَالِ الرِّبَا مُتَقَوِّمَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ بِشَاتَيْنِ فَبِقَدْرِ الْوَسَطِ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَبِقَدْرِ قِيمَةِ الْجَوْدَةِ يَقَعُ عَنْ شَاةٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ أَدَّى مِنْ النِّصَابِ رُبُعَ عُشْرِهِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ بِكَمَالِهِ وَإِنْ أَدَّى مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ يُرَاعَى فِيهِ صِفَةُ الْوَاجِبِ مِنْ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ وَلَوْ أَدَّى مَكَانَ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى طَرِيقِ التَّقْوِيمِ بِقَدْرِهِ وَعَلَيْهِ التَّكْمِيلُ لِأَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَتْ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ ثَوْبٍ بِثَوْبَيْنِ فَكَانَتْ الْجَوْدَةُ فِيهَا مُتَقَوِّمَةً وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى ثَوْبًا جَيِّدًا عَنْ ثَوْبَيْنِ رَدِيئِينَ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَيُرَاعَى فِيهِ قِيمَةُ الْوَاجِبِ حَتَّى إذَا أَدَّى أَنْقَصَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِقَدْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ) أَيْ بِأَنْ أَدَّى مِنْ الذَّهَبِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ أَيْ مَا يُسَاوِي سَبْعَةً وَنِصْفًا وَفِي الْقُدُورِيِّ إنْ زَكَّى مِنْ عَيْنِ الْإِبْرِيقِ أَدَّى رُبُعَ عُشْرِهِ وَيَكُونُ الْفَقِيرُ شَرِيكُهُ فِيهِ بِرُبُعِ الْعُشْرِ وَإِنْ أَدَّى مِنْ قِيمَتِهِ عَدَلَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ. غَايَةٌ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ كَالْغَصْبِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ مُعَامَلَةُ الْمُكَاتَبِينَ) أَيْ وَأَثْبَتَ لَنَا يَدًا وَالرِّبَا يَجْرِي بَيْنَ الْمَوْلَى وَمُكَاتَبِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ مُعَامَلَةُ الْأَحْرَارِ) تَبِعَ الشَّارِحُ صَاحِبَ الْغَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّهُ عَامَلَنَا مُعَامَلَةَ الْمُكَاتَبِينَ قُلْت وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ عَامَلَنَا مُعَامَلَةَ الْأَحْرَارِ حَتَّى صَحِيحُ اقْتِرَاضِنَا وَتَبَرُّعَاتِنَا وَإِعْتَاقِنَا وَالْمُكَاتَبُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَصْحَابُ لَمْ يَذْكُرُوا غَيْرَ الْأَوَّلِ فِيمَا عَلِمْت اهـ قَوْلُهُ وَإِعْتَاقُنَا أَيْ وَأَوْجَبَ عَلَيْنَا الْحَجَّ وَالزَّكَاةَ وَأَثْبَتَ لَنَا شَهَادَةً وَجَوَّزَ لَنَا التَّزَوُّجَ بِالْأَرْبَعِ مِنْ النِّسَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَزْنُهَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ لَا يَجِبُ) أَيْ وَمُحَمَّدٌ إنَّمَا يُرَاعِي حَقَّ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَكَمَالَ النِّصَابِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الذَّهَبُ) قَدْ تَقَدَّمَ مَا ذَكَرَهُ الْأَقْطَعُ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ فَلْيُرَاجَعْ أَوَّلَ الْبَابِ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَخَرْجُ كُلِّ دِرْهَمٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا إلَخْ) لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ قِيرَاطًا وَثُلُثُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله مِنْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه فَأَخَذَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ دِرْهَمًا إلَخْ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْضُهَا اثْنَا عَشَرَ قِيرَاطًا وَبَعْضُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَبَعْضُهَا خَمْسَةً وَعِشْرُونَ وَكَانَ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ

ص: 278

عَلَيْهِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فِي الدِّيَاتِ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ دِرْهَمَ مِصْرَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ حَبَّةً وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ دِرْهَمِ الزَّكَاةِ فَالنِّصَابُ مِنْهُ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَحَبَّتَانِ

قَالَ رحمه الله (وَغَالِبُ الْوَرِقِ وَرِقٌ لَا عَكْسُهُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْوَرِقِ الْفِضَّةَ فَهُوَ فِضَّةٌ وَلَا يَكُونُ عَكْسُهُ فِضَّةً وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْغِشَّ وَإِنَّمَا هُوَ عُرُوضٌ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَخْلُو عَنْ قَلِيلِ غِشٍّ وَتَخْلُو عَنْ الْكَثِيرِ فَجَعَلْنَا الْغَلَبَةَ فَاصِلَةً وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى النِّصْفِ اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْفِضَّةَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّهُ فِضَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْغِشَّ يُنْظَرُ فَإِنْ نَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لِلتِّجَارَةِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ فِضَّتُهُ تَتَخَلَّصُ تُعْتَبَرُ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا وَحْدَهَا أَوْ بِالضَّمِّ إلَى غَيْرِهَا لِأَنَّ عَيْنَ الْفِضَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّةُ التِّجَارَةِ وَلَا الْقِيمَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ تَتَخَلَّصْ مِنْهُ فِضَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْفِضَّةَ قَدْ هَلَكَتْ فِيهِ إذْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا لَا حَالًا وَلَا مَآلًا فَبَقِيَتْ الْعِبْرَةُ لِلْغِشِّ وَهُوَ عُرُوضٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فَصَارَتْ كَالثِّيَابِ الْمُمَوَّهَةِ بِمَاءِ الذَّهَبِ. فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِضَّةِ الْمَغْلُوبَةِ وَبَيْنَ الْغِشِّ الْمَغْلُوبِ حَتَّى اعْتَبَرْتُمْ الْفِضَّةَ الْمَغْلُوبَةَ وَأَجْرَيْتُمْ عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْفِضَّةِ إذَا كَانَتْ تَخْلُصُ مِنْهُ وَلَمْ تَعْتَبِرُوا الْغِشَّ الْمَغْلُوبَ بَلْ جَعَلْتُمْ كُلَّهُ فِضَّةً قُلْنَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْفِضَّةَ قَائِمَةٌ فِي كَثِيرِ الْغِشِّ حَقِيقَةً حَالًا بِاللَّوْنِ وَمَآلًا بِالْإِذَابَةِ بِخِلَافِ الْغِشِّ الْمَغْلُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ حَالًا وَلَا يَخْلُصُ مَآلًا بَلْ يَحْتَرِقُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الذَّهَبُ الْمَغْشُوشُ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ حُكْمَهُ يُعْرَفُ بِبَيَانِ حُكْمِ الْفِضَّةِ الْمَغْشُوشَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ وَالْغِشُّ سَوَاءً ذَكَرَ أَبُو النَّصْرِ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ احْتِيَاطًا وَقِيلَ لَا تَجِبُ وَقِيلَ يَجِبُ فِيهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الْغِطْرِيفِيَّةِ وَالْعَادِلِيَّةِ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَدَدًا لِأَنَّ الْغِشَّ فِيهِمَا غَالِبٌ فَصَارَا فُلُوسًا فَوَجَبَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِيهِ لَا الْوَزْنِ وَالذَّهَبُ الْمَخْلُوطُ بِالْفِضَّةِ إنْ بَلَغَ الذَّهَبُ نِصَابَ الذَّهَبِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الذَّهَبِ وَإِنْ بَلَغَتْ الْفِضَّةُ نِصَابَ الْفِضَّةِ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةُ الْفِضَّةِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ غَالِبَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مَغْلُوبَةً فَهُوَ كُلُّهُ ذَهَبٌ لِأَنَّهُ أَعَزُّ وَأَغْلَى قِيمَةً

قَالَ رحمه الله (وَفِي عُرُوضِ تِجَارَةٍ بَلَغَتْ نِصَابَ وَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ) يَعْنِي فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ يَجِبُ رُبُعُ الْعُشْرِ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ نِصَابًا وَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْأَنْفَعُ أَيُّهُمَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا رُبُعُ الْعُشْرِ وَاعْتِبَارُ الْأَنْفَعِ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَعْنَاهُ يَقُومُ بِمَا يَبْلُغُ نِصَابًا إنْ كَانَ يَبْلُغُ بِأَحَدِهِمَا وَلَا يَبْلُغَ بِالْآخَرِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

فِي مُعَامَلَتِهِمْ فَشَاوَرَ عُمَرُ الصَّحَابَةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ خُذُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ فَأَخَذُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ثُلُثَهُ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا فَجَعَلَهُ دِرْهَمًا فَجَاءَتْ الْعَشَرَةُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ قِيرَاطًا وَذَلِكَ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ اهـ وَمَا فِي الِاخْتِيَارِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي الْغَايَةِ) أَيْ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لِلشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رحمه الله ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْغَايَةِ مِنْ دَرَاهِمَ مَصْرِفِيَّةٍ نَظَرٌ عَلَى مَا اعْتَبَرُوهُ فِي دِرْهَمِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْحَبَّةِ الشَّعِيرَ فَدِرْهَمُ الزَّكَاةِ سَبْعُونَ شَعِيرَةً إذْ كَانَ الْعَشَرَةُ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ الْمِثْقَالُ مِائَةُ شَعِيرَةٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَهُوَ إذَنْ أَصْغَرُ لَا أَكْبَرُ وَإِنْ أَرَادَ بِالْحَبَّةِ أَنَّهُ شَعِيرَتَانِ كَمَا وَقَعَ تَفْسِيرُهَا فِي تَعْرِيفِ السَّجَاوَنْدِيِّ الطَّوِيلُ فَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ إذْ الْوَاقِعُ أَنَّ دِرْهَمَ مِصْرَ لَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ شَعِيرَةً لِأَنَّ كُلَّ رُبُعٍ مِنْهُ مُقَدَّرٌ بِأَرْبَعِ خَرَانِيبَ وَالْخُرْنُوبَةُ مُقَدَّرَةٌ بِأَرْبَعِ قَمْحَاتٍ وَسَطٍ. اهـ.

(قَوْله لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَخْلُو إلَخْ) لِأَجْلِ الِانْطِبَاعِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْغِشُّ إلَخْ) لِأَنَّ الْغِشَّ فِيهَا مَغْمُورٌ وَيُسْتَهْلَكُ كَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الْجِيَادِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ قَالَ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا كُلُّهَا الْفِضَّةُ وَمَا يَغْلِبُ فِضَّتُهُ عَلَى غِشِّهِ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الدَّرَاهِمِ مُطْلَقًا وَالشَّرْعُ أَوْجَبَ بِاسْمِ الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهَا الْغِشُّ وَالْفِضَّةُ فِيهَا مَغْلُوبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ رَائِجَةً أَوْ يُمْسِكُهَا لِلتِّجَارَةِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهِيَ الَّتِي الْغَالِبُ عَلَيْهَا الْفِضَّةُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا اهـ بَدَائِعُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَائِجَةً وَلَا مُعَدَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ كَثِيرَةً. اهـ. (قَوْلُهُ لَا حَالًا) أَيْ بِاللَّوْنِ (قَوْلُهُ وَلَا مَآلًا) أَيْ بِالْإِذَابَةِ اهـ (قَوْلُهُ ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ) أَيْ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا هُوَ الْأَقْطَعُ اهـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ فِيهَا دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْيَنَابِيعِ حَكَى لِي هَذَا مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ الْمُحَقِّقُ فِي الْفَتْحِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ تَجِبُ فِي الْكُلِّ الزَّكَاةُ فَفِي مِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَأَنَّهَا كُلُّهَا فِضَّةٌ أَلَا تَرَى إلَى تَعْلِيلِهِ بِالِاحْتِيَاطِ وَقَوْلُ النَّفْي مَعْنَاهُ لَا يَجِبُ لِذَلِكَ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى اعْتِبَارِ أَنْ يَخْلُصَ وَعِنْدَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ فَيَخُصُّهُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا قَوْلَانِ لِأَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُخَالِفُ فِيهِ أَحَدٌ فَحِكَايَةُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لَيْسَ بِوَاقِعٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفِي عُرُوضِ تِجَارَةٍ إلَخْ) الْعَرُوضُ جَمْعُ عَرَضٍ بِفَتْحَتَيْنِ حُطَامُ الدُّنْيَا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالصِّحَاحِ وَفِي الصِّحَاحِ وَالْعَرْضُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الْمَتَاعُ وَكُلُّ شَيْءٍ فَهُوَ عَرْضُ سِوَى الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْعَرُوضُ الْأَمْتِعَةُ الَّتِي لَا يَدْخُلُهَا كَيْلٌ وَلَا وَزْنٌ وَلَا يَكُونُ حَيَوَانًا وَلَا عَقَارًا فَعَلَى هَذَا جَعَلَهَا هُنَا جَمْعَ عَرْضٍ بِالسُّكُونِ أَوْلَى لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ النَّقْدِ وَالْحَيَوَانَاتِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ غَيْرُ النَّقْدِ وَالْحَيَوَانَاتِ مَمْنُوعٌ بَلْ فِي بَيَانِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ السَّائِمَةَ الْمَنُوبَةَ لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ السَّائِمَةِ كَالْإِبِلِ أَوْ لَا كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ فَالصَّوَابُ اعْتِبَارُهَا هُنَا جَمْعُ عَرْضِ بِالسُّكُونِ عَلَى تَفْسِيرِ الصِّحَاحِ فَيَخْرُجُ

ص: 279

لِأَنَّ الثَّمَنَيْنِ فِي تَقْدِيرِ قِيَمِ الْأَشْيَاءِ بِهِمَا سَوَاءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِمَا اشْتَرَى إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ النُّقُودِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِمَعْرِفَةِ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ النُّقُودِ يُقَوِّمُهَا بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَيَقُومُ بِالْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ يُقَوَّمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُقَوَّمُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْعَبْدُ وَيُقَوَّمُ بِالْمَضْرُوبَةِ وَقَوْلُهُ فِي عُرُوضِ تِجَارَةٍ لَيْسَ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ وَنَوَاهَا لِلتِّجَارَةِ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ وَاجِبٌ فِيهَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ وَزَرَعَهَا أَوْ اشْتَرَى بَذْرًا لِلتِّجَارَةِ وَزَرَعَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهُ وَجَبَ فِيهِ الزَّكَاةُ بِخِلَافِ الْخَرَاجِيَّةِ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَيَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حَقِيقَةُ الزَّرْعِ وَلَا كَذَلِكَ الْعُشْرُ وَالْأَعْيَانُ الَّتِي تَشْتَرِيهَا الْأُجَرَاءُ لِيَعْمَلُوا بِهَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَ لَهَا أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ كَالصِّبْغِ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي حُكْمِ الْعِوَضِ عَنْ الْعَيْنِ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْأَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ لَا تُجِبْ فِيهَا الزَّكَاةُ كَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَذَا حَطَبُ الْخَبَّازِ وَالدُّهْنُ لِلدَّبَّاغِ بِخِلَافِ السِّمْسِمِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الْخَبَّازُ لِيَجْعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ عَيْنٌ بَاقِيَةٍ يَبِيعُهُ مَعَ الْخُبْزِ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ

قَالَ رحمه الله (وَنُقْصَانُ النِّصَابِ فِي الْحَوْلِ لَا يَضُرُّ إنْ كَمُلَ فِي طَرَفَيْهِ) أَيْ إذَا كَانَ النِّصَابُ كَامِلًا فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ وَانْتِهَائِهِ فَنُقْصَانُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ وَقَالَ زُفَرُ رحمه الله يُسْقِطُهَا لِأَنَّ حَوَلَانَ الْحَوْلِ عَلَى النِّصَابِ كَامِلًا شَرْطُ الْوُجُوبِ بِالنَّصِّ وَلَمْ يُوجَدْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي السَّائِمَةِ مِثْلَ قَوْلِ زُفَرَ وَفِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ خَاصَّةً لِأَنَّ النِّصَابَ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فَيَشُقُّ عَلَى صَاحِبِهِ تَقْوِيمُهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ لِأَنَّ الْقِيمَةَ بِاعْتِبَارِ رَغَبَاتِ النَّاسِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ رَغْبَتِهِمْ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَفِي آخِرِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَالزَّكَاةُ لَا تَجِبُ إلَّا فِي النِّصَابِ بِالنَّصِّ وَلَنَا أَنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى النِّصَابِ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا فِي النِّصَابِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِمَا وَيَسْقُطُ الْكَمَالُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لِلْحَرَجِ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يَبْقَى الْمَالُ حَوْلًا عَلَى حَالِهِ وَنَظِيرُهُ الْيَمِينُ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمِلْكُ حَالَةَ الِانْعِقَادِ وَحَالَةَ نُزُولِ الْجَزَاءِ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ النِّصَابِ الَّذِي انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لِيَضُمَّ الْمُسْتَفَادَ إلَيْهِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْكُلِّ يُبْطِلُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِدُونِ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا إذَا اشْتَرَى عَصِيرًا لِلتِّجَارَةِ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَخَمَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثُمَّ تَخَلَّلَ وَالْخَلُّ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ يُسْتَأْنَفُ الْحَوْلُ لِلْخَلِّ وَبَطَلَ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ وَلَوْ اشْتَرَى شِيَاهًا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَاتَتْ كُلُّهَا وَدُبِغَ جِلْدُهَا وَصَارَ يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا يَبْطُلُ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ بَلْ يُزَكِّيهَا إذَا تَمَّ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْخَمْرَ إذَا تَخَمَّرَتْ هَلَكَتْ كُلُّهَا وَصَارَتْ غَيْرَ مَالٍ فَانْقَطَعَ الْحَوْلُ ثُمَّ بِالتَّخَلُّلِ صَارَ مَالًا مُسْتَحْدَثًا غَيْرَ الْأَوَّلِ وَالشِّيَاهُ إذَا مَاتَتْ لَمْ يَهْلَكْ كُلُّ الْمَالِ لِأَنَّ شَعْرَهَا وَصُوفَهَا وَقَرْنَهَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالًا فَلَمْ يَبْطُلْ الْحَوْلُ لِبَقَاءِ الْبَعْضِ

قَالَ رحمه الله (وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ وَالذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً)

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

النُّقُودُ فَقَطْ لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ وَإِيَّاهُ عَنَى فِي النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ هَذَا فَإِنَّهُ فَرَّعَ عَلَيْهِ إخْرَاجَ الْحَيَوَانِ. اهـ. فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا إلَخْ) رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَعَنْهُ التَّخْيِيرُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ اهـ (قَوْلُهُ بِمَا اشْتَرَى) أَيْ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ يُقَوِّمُهَا بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ) كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِالنَّقْدِ) رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ) أَيْ اعْتِبَارًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِحُقُوقِ الْعِبَادِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ) أَيْ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ الْعُشْرِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ إلَخْ) لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْأَجِيرُ هُوَ بِإِزَاءِ عَمَلِهِ لَا بِإِزَاءِ تِلْكَ الْأَعْيَانِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ كَالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ إلَخْ) أَيْ وَالْقَلْي وَالْعَفْصِ. اهـ. غَايَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَاكِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَشَى فِي الدِّرَايَةِ عَلَى أَنَّ الْعَفْصَ وَالدُّهْنَ لِدَبْغِ الْجِلْدِ مَنْ قَبِيلِ مَالَهُ أَثَرٌ فِي الْعَيْنِ فَأَوْجَبَ فِيهِ الزَّكَاةَ وَعَزَى ذَلِكَ إلَى فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ رحمه الله فِي الْغَايَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ وَكَذَا حَطْبُ الْخَبَّازِ) أَيْ وَالْمِلْحُ لِلْخُبْزِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالدُّهْنُ لِلدَّبَّاغِ) أَيْ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى فُلُوسًا لِلنَّفَقَةِ لِأَنَّهَا صُفْرٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. غَايَةٌ

(قَوْلُهُ إنْ كَمَّلَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ كَمَّلَ الشَّيْءَ كُمُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ وَالِاسْمُ الْكَمَالُ وَكَمَّلَ مِنْ أَبْوَابِ قَرَّبَ وَضَرَبَ وَتَعِبَ لُغَاتٌ لَكِنَّ بَابَ تَعِبَ أَرْدَؤُهَا كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْحَوْلِ وَانْتِهَائِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ النِّصَابِ إلَخْ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ دِرْهَمٌ أَوْ فَلَسٌ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَفَادَ قَبْلَ فَرَاغِ الْحَوْلِ حَتَّى تَمَّ عَلَى نِصَابِ زَكَاةٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِيَضُمَّ الْمُسْتَفَادَ إلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ خَاتَمُ فِضَّةٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَلَاكَ الْكُلِّ يُبْطِلُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ) أَيْ وَجَعَلَ السَّائِمَةَ عَلُوفَةً كَهَلَاكِ الْكُلِّ لِوُرُودِ الْمُغَيِّرِ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ فِي الذَّاتِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْطُلْ الْحَوْلُ لِبَقَاءِ الْبَعْضِ) إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى عَصِيرًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَخَمَّرَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلِمَا مَضَتْ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا صَارَ خَلًّا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَتَمَّتْ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ عَادَ لِلتِّجَارَةِ كَمَا

ص: 280

أَيْ تُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ فَيَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ لِأَنَّ الْكُلَّ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ الْأَعْدَادِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله لَا يُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ حَقِيقَةً بِالْمُشَاهَدَةِ وَحُكْمًا حَتَّى لَا يَجْرِيَ الرِّبَا بَيْنَهُمَا فَصَارَا كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ بِخِلَافِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ حَيْثُ تُضَمُّ إلَيْهِمَا لِأَنَّ زَكَاتَهَا زَكَاةُ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْعُرُوضِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَهِيَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَأَمَّا وُجُوبُهَا فِي النَّقْدَيْنِ فَبِاعْتِبَارِ عَيْنِهِمَا لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِدَلَالَةِ حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُضَمَّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ لِإِيجَابِ الزَّكَاةِ وَالسُّنَّةُ إذَا أُطْلِقَتْ يُرَادُ بِهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارَيْنِ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهِمَا بِوُجُودِهِمَا فِي مِلْكِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ جِهَةُ إمْسَاكِهِ لِمَاذَا يُمْسِكُهَا لِكَوْنِهِمَا لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً وَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ. وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَّفِقُ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَنَحْوِهِمَا وَاَلَّذِي يُحَقِّقُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ نِصَابَ أَحَدِهِمَا يَكْمُلُ بِمَا يَكْمُلُ بِهِ نِصَابُ الْآخَرِ وَهُوَ عُرُوضُ التِّجَارَةِ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِنْسُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَيُضَمُّ إلَيْهِمَا ثُمَّ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ جِنْسِ الْآخَرِ وَهَذَا خُلْفٌ وَإِنَّمَا لَا يَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا صُورَةً وَاسْتِدْلَالُهُ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْقِيمَةَ اُعْتُبِرَتْ لِلضَّمِّ وَذَلِكَ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِغَيْرِهِ فَقَطْ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رحمه الله مِنْ أَنَّ أَحَدَهُمَا يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ بِالْقِيمَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُضَمُّ بِالْأَجْزَاءِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

كَانَ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ وَفِي الْغَايَةِ نَصَّ الْقُدُورِيِّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَوْلِ لَا يَنْقَطِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَقِيلَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا اهـ قَوْلُهُ لَا يَنْقَطِعُ أَيْ لِأَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ عِنْدَنَا. اهـ. كَاكِيٌّ

1 -

(فَرْعٌ) فِي الْمُجْتَبَى الدَّيْنُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا وَقَالَ زُفَرُ يَقْطَعُ. اهـ. كَاكِيٌّ

(قَوْلُهُ وَيَضُمُّ قِيمَةَ الْعُرُوضِ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) أَيْ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ كَيْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ الْأَعْدَادِ) أَيْ فَالثَّمَنَانِ لِلتِّجَارَةِ وَضْعًا وَالْعُرُوضُ جَعْلًا. اهـ. بُكَيْر (قَوْلُهُ بِدَلَالَةِ حَالَةِ الِانْفِرَادِ) أَيْ فَإِنَّ النِّصَابَ لَا يَكْمُلُ بِالْقِيمَةِ بَلْ يَكْمُلُ بِالْوَزْنِ كَثُرَتْ الْقِيمَةُ أَوْ قَلَّتْ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ بُكَيْر) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله ثُمَّ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ مَشَايِخُنَا عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَاقَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَضُمَّ الذَّهَبَ إلَخْ) ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرُهُمَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ اهـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَحُكْمُ مِثْلُ هَذَا الرَّفْعُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ إذَا أُطْلِقَتْ يُرَادُ بِهَا سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ سُنَّةَ الصَّحَابَةِ فَهِيَ حُجَّةٌ لِمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ذَكَرَ ابْنُ الْهُمَامِ فِي نَفَقَاتِ الْمَبْتُوتَةِ مَا يُوَافِقُهُ وَفِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مَا يُخَالِفُهُ قَالَ الْكَافِي فِي شَرْحِ الْمَنَارِ إذَا قَالَ الرَّاوِي مِنْ السُّنَّةِ كَذَا فَعِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يُحْمَلُ عَلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى سُنَّةِ الرَّسُولِ إلَّا بِدَلِيلٍ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي قَوْلِ الصَّحَابِيِّ أُمِرْنَا بِكَذَا أَوْ نُهِينَا عَنْ كَذَا اهـ (قَوْلُهُ لِمَاذَا يَمْسِكُهُمَا) أَيْ لِلنَّمَاءِ أَوْ لِلنَّفَقَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُحَقِّقُ هَذَا الْمَعْنَى إلَخْ) فَكَذَا يُكْمِلُ نِصَابَ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ وَإِذَا جَازَ تَكْمِيلُ نِصَابِ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ بِالضَّمِّ إلَى الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ بِالْقِيمَةِ فَإِلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَا يَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا صُورَةً) أَيْ فَحِينَئِذٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا إلَّا أَحَدُ وَصْفَيْ الرِّبَا وَهُوَ الْوَزْنُ فَكَانَتْ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ لَا حَقِيقَتُهَا فَيَثْبُتُ شُبْهَةَ الْفَضْلِ وَهُوَ رِبَا النَّسِيئَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رحمه الله إلَخْ) قَالَ فِي الْغَايَةِ أَيْضًا وَيُرَدُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ هُنَا سُؤَالٌ فَإِنَّهُ لَا يَرَى ضَمَّ ثَمَنِ السَّوَائِمِ الَّتِي زُكِّيَتْ إلَى مَا مَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيَكْتَفِي بِحَوْلِهَا لِأَجْلِ الثَّنْي فِي الصَّدَقَةِ وَأَوْجَبَ ضَمَّ ثَمَنَ الْعَبْدِ الَّذِي أَدَّى صَدَقَةَ فِطْرِهِ إلَى مَا مَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ تَجِبُ عَنْ عَبْدِ الْخِدْمَةِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ حَتَّى وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَمِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْحَوْلِ حَتَّى لَوْ مَلَكَ عَبْدًا قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْفِطْرِ تَجِبُ فِطْرَتُهُ فَإِذَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ كَيْفَ يُؤَدِّي إلَى الشَّيْءِ وَاَلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ أَنَّا لَوْ أَخَذْنَا صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ التِّجَارَةِ لَأَخَذْنَا عَنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ صَدَقَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ صَدَقَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ ضَمِّ ثَمَنِهِ فَإِنَّ الْأَخْذَ مِنْ بَدَلِهِ وَصَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنْ عَيْنِهِ مَعَ اخْتِلَافِ السَّبَبِ وَفِي ثَمَنِ الْإِبِلِ الْمُزَكَّاةِ الْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ لِاتِّحَادِ جِهَةِ الزَّكَاةِ وَالسَّبَبِ فَافْتَرَقَا. اهـ. (قَوْلُهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا) أَيْ وَمَالِكٍ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ يَضُمُّ بِالْأَجْزَاءِ) وَهُوَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَرِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْهُ ذَكَرَهَا فِي الْمُفِيدِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ وَفِي الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ وَالْيَنَابِيعِ وَالتُّحْفَةِ وَالْغُنْيَةِ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ تُسَاوِي مِائَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَعِنْدَهُ تَجِبُ سِتَّةُ دَرَاهِمَ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ بِالْأَجْزَاءِ نِصَابًا تَامًّا فَيَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبُعُ عُشْرِهِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهِمَا دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا وَرُبُعُ دِينَارٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَجِبُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَشَرَةِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَدْ اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَالصَّحِيحُ الْوُجُوبُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالْيَنَابِيعِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إذَا قُوِّمَتْ بِالدَّنَانِيرِ تَبْلُغُ نِصَابًا مِنْ الذَّهَبِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَفِي الْبَدَائِعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمُّ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْأَجْزَاءِ وَكَذَا فِي التُّحْفَةِ وَالْغُنْيَةِ وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ وَغَيْرُهُ

ص: 281