الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ، وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي سُوقِهِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَهَذَا يُفِيدُ الْجَوَازَ، وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ لَمَا جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام أُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ مَعَ الْقِيَامِ بِهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ بَلْ كَانَتْ تَسْقُطُ عَنْهُمْ بِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ الْفَضِيلَةِ وَالْكَمَالِ لَا نَفْيُ الْجَوَازِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا صَلَاةَ لِلْآبِقِ وَالْمَرْأَةِ النَّاشِزَةِ» ، وَكَذَا الْحَدِيثُ الثَّانِي لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا فَرِيضَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ لَا يُصَلِّي بِدَلِيلٍ آخَرَ. وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَةَ؛ وَلِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ عز وجل {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72] يَقْتَضِي الْجَوَازَ مُطْلَقًا فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ نُسِخَ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَفِي الْغَايَةِ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا: إنَّهَا وَاجِبَةٌ وَفِي الْمُفِيدِ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ وَتَسْمِيَتُهَا سُنَّةٌ لِوُجُوبِهَا بِالسُّنَّةِ، وَفِي الْبَدَائِعِ تَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ الْأَحْرَارِ الْقَادِرِينَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ وَإِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا لَكِنْ لَوْ أَتَى مَسْجِدًا آخَرَ لِيُصَلِّيَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَحَسَنٌ وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَحَسَنٌ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجْمَعُ فِي أَهْلِهِ وَيُصَلِّي بِهِمْ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ مَسْجِدَ حَيِّهِ أَنْ يَتْبَعَ الْجَمَاعَاتِ وَإِنْ دَخَلَهُ صَلَّى فِيهِ وَتَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ بِالْأَعْذَارِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُقْعَدِ وَالزَّمِنِ وَمَقْطُوعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَمَقْطُوعِ الرِّجْلِ وَالْمَفْلُوجِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ وَالْأَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ فَقَالَ لَا أُحِبُّ تَرْكَهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ وَالطِّينِ وَالْمَطَرِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَالْأَعْلَمُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ) يَعْنِي الْأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْأَقْرَأُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يَؤُمُّ الْقَوْمُ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي الْقِرَاءَةِ فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا وَفِي رِوَايَةٍ سِلْمًا» ؛ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا بُدَّ مِنْهَا وَالْحَاجَةَ إلَى الْفِقْهِ إذَا نَابَتْ نَائِبَةٌ وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَؤُمُّ الْقَوْمُ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءٌ فَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى» الْحَدِيثُ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ» وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَأُ لِلْقُرْآنِ مِنْهُ مِثْلُ أُبَيٍّ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا فَتَقْدِيمُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهَا أَوْلَى إذَا عَلِمَ مِنْ الْقِرَاءَةِ قَدْرَ مَا تَقُومُ بِهِ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ يُحْتَاجُ إلَيْهَا لِإِقَامَةِ رُكْنٍ وَاحِدٍ وَهُوَ رُكْنٌ زَائِدٌ أَيْضًا وَالْفِقْهُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِجَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا وَمُسْتَحَبَّاتِهَا وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْأَقْرَأَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَلَقَّوْنَهُ بِأَحْكَامِهِ حَتَّى يُرْوَى عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ حَفِظَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا كَانَتْ تَنْزِلُ سُورَةٌ إلَّا وَنَعْلَمُ أَمْرَهَا وَنَهْيَهَا وَزَجْرَهَا وَحَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَالرَّجُلُ الْيَوْمَ يَقْرَأُ السُّورَةَ وَلَا يَعْرِفُ مِنْ أَحْكَامِهَا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَةَ إلَى آخِرِهِ) قُلْت وَلَوْ نَقَلَ الْحَدِيثَ لَا يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَةَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرِيضَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَلَا يُزَادُ بِهِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَسْخٌ عَلَى مَا عُرِفَ وَبِمِثْلِهِ لَا يَثْبُتُ نَسْخُ الْكِتَابِ وَالْكِتَابُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ بِدُونِ الْجَمَاعَةِ لِمَا مَرَّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ قَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا إنَّهَا وَاجِبَةٌ إلَى آخِرِهِ) وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَوْ تَرَكَهَا أَهْلُ نَاحِيَةٍ أَثِمُوا وَوَجَبَ قِتَالُهُمْ بِالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَفِي شَرْحِ خُوَاهَرْ زَادَهْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَايَةَ التَّأْكِيدِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ وَقِيلَ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي قُوَّةِ الْوَاجِبِ اهـ وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا فِي قُوَّةِ الْوَاجِبِ قَوْلُ صَاحِبِ التُّحْفَةِ فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَقَدْ سَمَّاهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهُمَا سَوَاءٌ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الْعِبَارَةِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ وَالْوَاجِبَ سَوَاءٌ خُصُوصًا فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَرْخِيَّ سَمَّاهَا سُنَّةً، ثُمَّ فَسَّرَهَا بِالْوَاجِبِ فَقَالَ الْجَمَاعَةُ لَا يُرَخَّصُ لِأَحَدٍ التَّأْخِيرُ عَنْهَا إلَّا بِعُذْرٍ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْوَاجِبِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَعْمَى إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَالْأَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اتِّفَاقٌ وَالْخِلَافُ فِي الْجُمُعَةِ لَا الْجَمَاعَةِ فَفِي الدِّرَايَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَعْمَى وَبِالْمَطَرِ وَالطِّينِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالظُّلْمَةِ الشَّدِيدَةِ فِي الصَّحِيحِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ فَقَالَ: لَا أُحِبُّ تَرْكَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّإِ الْحَدِيثُ رُخْصَةٌ يَعْنِي قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا ابْتَلَّتْ النِّعَالُ فَالصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ» اهـ. وَالنَّعْلُ الْأَرْضُ الْغَلِيظَةُ يَبْرُقُ حَصَاهَا وَلَا تُنْبِتُ شَيْئًا. اهـ. كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.
[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]
(قَوْلُهُ يَعْنِي الْأَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ) الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ الْفِقْهُ وَعِلْمُ الشَّرِيعَةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ سَلَّمَا) أَيْ إسْلَامًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا كَانَتْ تَنْزِلُ سُورَةٌ إلَى آخِرِهِ) فَكَانَ الْأَقْرَأُ فِيهِمْ هُوَ الْأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ وَالْأَحْكَامِ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَكَثِيرٌ مِنْ الْقُرَّاءِ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي الْعِلْمِ. اهـ. غَايَةٌ. فَإِنْ قِيلَ: الْكَلَامُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْجَوَازِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَالْحَدِيثُ بِصِيغَتِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إمَامَةِ الثَّانِي عِنْدَ وُجُودِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ إخْبَارٍ وَهُوَ فِي اقْتِضَاءِ الْوُجُوبِ آكَدُ مِنْ الْأَمْرِ أَوْ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالشَّرْطِ قُلْنَا صِيغَةُ الْإِخْبَارِ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّةِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام يَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ صِيغَةَ
شَيْئًا؛ وَلِأَنَّ مَا رَوَاهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَانَ يُسْتَدَلُّ بِحِفْظِهِ عَلَى عِلْمِهِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ وَتَفَقَّهُوا قُدِّمَ الْأَعْلَمُ نَصًّا وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَعْلَمُهُمْ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا قَالَ رحمه الله (ثُمَّ الْأَقْرَأُ) لِمَا رَوَيْنَا قَالَ رحمه الله (ثُمَّ الْأَوْرَعُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «اجْعَلُوا أَئِمَّتَكُمْ خِيَارَكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ» ؛ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَدَّمَ أَقْدَمَهُمْ هِجْرَةً وَلَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ فَأَقَمْنَا الْوَرَعَ مَقَامَهَا قَالَ رحمه الله (ثُمَّ الْأَسَنُّ) لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَلِصَاحِبٍ لَهُ «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاة فَأَذِّنَا، ثُمَّ أَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم التَّقْدِيمَ بِالْقِرَاءَةِ وَالْعِلْمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيهِمَا؛ وَلِأَنَّ الْأَكْبَرَ سِنًّا يَكُونُ أَخْشَعَ قَلْبًا عَادَةً وَأَعْظَمَهُمْ بَيْنَهُمْ حُرْمَةً وَرَغْبَةً وَالنَّاسُ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ أَكْثَرُ فَيَكُونُ فِي تَقْدِيمِهِ تَكْثِيرُ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فِي السِّنِّ فَأَحْسَنُهُمْ خُلُقًا فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهًا فَكُلُّ مَنْ كَانَ أَكْمَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَثْرَةُ الْجَمَاعَةِ وَرَغْبَةُ النَّاسِ فِيهِ أَكْثَرَ وَاجْتِمَاعُهُمْ عَلَيْهِ أَوْفَرُ.
قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ إمَامَةُ الْعَبْدِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لِلتَّعَلُّمِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ (وَالْأَعْرَابِيِّ) وَهُوَ الَّذِي يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ الْجَهْلُ (وَالْفَاسِقِ) لِأَنَّهُ لَا يَهْتَمُّ لِأَمْرِ دِينِهِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ لِلْإِمَامَةِ تَعْظِيمَهُ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ إهَانَتُهُ شَرْعًا قَالَ رحمه الله (وَالْمُبْتَدِعِ) أَيْ صَاحِبِ الْهَوَى قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ صَاحِبِ هَوًى وَبِدْعَةٍ وَلَا تَجُوزُ خَلْفَ الرَّافِضِيِّ وَالْجَهْمِيِّ وَالْقَدَرِيِّ وَالْمُشَبِّهِ وَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، حَاصِلُهُ إنْ كَانَ هَوَى لَا يَكْفُرُ بِهِ صَاحِبُهُ يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ رحمه الله (وَالْأَعْمَى) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّى النَّجَاسَةَ وَلَا يَهْتَدِي إلَى الْقِبْلَةِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيعَابِ الْوُضُوءِ غَالِبًا وَفِي الْبَدَائِعِ إذَا كَانَ لَا يُوَازِيه غَيْرُهُ فِي الْفَضِيلَةِ فِي مَسْجِدِهِ فَهُوَ أَوْلَى وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ وَقَدْ «اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَعِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَا أَعْمَيَيْنِ» قَالَ رحمه الله (وَوَلَدِ الزِّنَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَبٌ يُعَلِّمُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ وَإِنْ تَقَدَّمُوا جَازَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الْإِخْبَارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ وَلَكِنْ يُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِوُجُودِ الْجَوَازِ بِدُونِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَنْ الْأَقْرَأُ فِي الْحَدِيثِ الْأَعْلَمُ يَلْزَمُ تَكْرَارُ الْأَعْلَمِ فِي الْحَدِيثِ وَيَئُولُ تَقْدِيرُهُ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَعْلَمُهُمْ فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَعْلَمُهُمْ قُلْنَا: الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَأَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ السُّنَّةِ، وَمِنْ قَوْلِهِ أَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ أَعْلَمُهُمْ بِأَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمِيعًا فَكَانَ الْأَعْلَمُ الثَّانِي غَيْرَ الْأَعْلَمِ الْأَوَّلِ. اهـ. دِرَايَةٌ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِمَسَائِلِ الصَّلَاةِ مُتَبَحِّرًا فِيهَا غَيْرَ مُتَبَحِّرٍ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمُتَبَحِّرِ فِي سَائِرِ الْعُلُومِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَفِي الْمُجْتَبَى فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعِلْمِ وَأَحَدُهُمَا أَقْرَأُ فَقَدَّمُوا غَيْرَهُ أَسَاءُوا وَلَا يَأْثَمُونَ اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: ثُمَّ الْأَوْرَعُ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: ثُمَّ الْوَرَعُ لَيْسَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ فِي تَرْتِيبِ الْإِمَامَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَعْلَمِ أَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً وَلَكِنْ أَصْحَابُنَا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ جَعَلُوا مَكَانَ الْهِجْرَةِ الْوَرَعَ؛ لِأَنَّ الْهِجْرَةَ مُنْقَطِعَةٌ فِي زَمَانِنَا، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَإِنَّمَا الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» فَجَعَلُوا الْهِجْرَةَ عَنْ الْمَعَاصِي مَكَانَ تِلْكَ الْهِجْرَةِ فَإِنَّ هِجْرَتَهُمْ لِتَعَلُّمِ الْأَحْكَامِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَزْدَادُ الْوَرَعُ وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «مِلَاكُ دِينِكُمْ الْوَرَعُ» وَفِي الْحَدِيثِ «الْجِهَادُ جِهَادَانِ أَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ وَهُوَ أَنْ تُجَاهِدَ نَفْسَك وَهَوَاك وَالْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْأُخْرَى وَهُوَ أَنْ تَهْجُرَ السَّيِّئَاتِ» . اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ، ثُمَّ الْأَسَنُّ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ مَنْ امْتَدَّ عُمُرُهُ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَ أَكْثَرَ طَاعَةٍ وَمُدَاوَمَةٍ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ الثَّوْرِيُّ الْمُرَادُ بِالسِّنِّ سِنٌّ مَضَى فِي الْإِسْلَامِ فَلَا يُقَدَّمُ شَيْخٌ أَسْلَمَ قَرِيبًا عَلَى شَابٍّ نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهًا إلَى آخِرِهِ) وَفَسَّرَ فِي الْكَافِي حَسَنَ الْوَجْهِ بِأَنْ يُصَلِّيَ فِي اللَّيْلِ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى مَا رَوَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَارِ» وَالْمُحَدِّثُونَ لَا يُثْبِتُونَهُ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَكُرِهَ إمَامَةُ الْعَبْدِ إلَى آخِرِهِ) فَلَوْ اجْتَمَعَ الْمُعْتَقُ وَالْحُرُّ الْأَصْلِيُّ وَاسْتَوَيَا فِي الْعِلْمِ وَالْقِرَاءَةِ فَالْحُرُّ الْأَصْلِيُّ أُولَى. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَالْمُبْتَدِعِ إلَى آخِرِهِ) الْبِدْعَةُ هِيَ الْحَدَثُ فِي الدِّينِ فَإِنْ اخْتَصَّ بِالِاعْتِقَادِ فَهَوَى اهـ مُوضِحٌ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» إلَى آخِرِهِ) تَمَامُ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيّ «وَصَلُّوا عَلَى كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَجَاهِدُوا مَعَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» فَأَعَلَّهُ بِأَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ دُونَهُ ثِقَاتٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَنْ سَمَّى الْإِرْسَالَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ حُجَّةٌ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا وَرَوَاهُ بِطَرِيقٍ آخَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَأَعَلَّهُ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ وَالْعُقَيْلِيِّ كُلُّهَا مُضَعَّفَةٌ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَبِذَلِكَ يَرْتَقِي إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ. كَمَالٌ وَفِي الْمُجْتَبَى وَقِيلَ: إمَامَةُ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ وَعَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ هُمَا سَوَاءٌ اهـ. وَفِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ مُخْتَصَرِ الْجَوَاهِرِ يُرَجَّحُ بِالْفَضَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْخَلِيفِيَّةِ وَالْمَكَانِيَّةِ وَكَمَالُ الصُّورَةِ كَالشَّرَفِ فِي النَّسَبِ وَالسِّنِّ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ حَسَنُ اللِّبَاسِ وَقِيلَ وَبِصَبَاحَةِ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخَلْقِ وَبِمِلْكِ رَقَبَةِ الْمَكَانِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى مِنْ الْمَالِكِ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي هَذِهِ الْخِصَالِ يُقْرَعُ أَوْ الْخِيَارُ إلَى الْقَوْمِ اهـ. قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّى خَلْفَ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ أَحْرَزَ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ لَا يُحْرِزُ ثَوَابَ الْمُصَلِّي خَلْفَ تَقِيٍّ اهـ. يُرِيدُ بِالْمُبْتَدَعِ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ وَلَا بَأْسَ بِتَفْصِيلِهِ الِاقْتِدَاءَ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ جَائِزٌ إلَّا الْجَهْمِيَّةَ وَالْقَدَرِيَّةَ وَالرَّوَافِضَ وَالْقَائِلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَالْخَطَّابِيَّةَ وَالْمُشَبِّهَةَ وَجُمْلَتُهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ قِبْلَتِنَا وَلَمْ يَغْلُ حَتَّى لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَتُكْرَهُ وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ
بَرٍّ وَفَاجِرٍ» وَالْفَاجِرُ إذَا تَعَذَّرَ مَنْعُهُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ خَلْفَهُ وَفِي غَيْرِهَا يَنْتَقِلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ يُصَلِّيَانِ الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ قَالَ (وَتَطْوِيلُ الصَّلَاةِ) أَيْ كُرِهَ تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذْ أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَالضَّعِيفَ وَالْمَرِيضَ وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلِيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ» ، وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ «مَا صَلَّيْت وَرَاءَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام» .
قَالَ رحمه الله (وَجَمَاعَةُ النِّسَاءِ) أَيْ كُرِهَ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا» ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُنَّ أَحَدُ الْمَحْظُورَيْنِ إمَّا قِيَامُ الْإِمَامِ وَسَطَ الصَّفِّ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ وَهُوَ أَيْضًا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِنَّ فَصِرْنَ كَالْعُرَاةِ لَمْ يُشْرَعْ فِي حَقِّهِنَّ الْجَمَاعَةُ أَصْلًا وَلِهَذَا لَمْ يُشْرَعْ لَهُنَّ الْأَذَانُ وَهُوَ دُعَاءٌ إلَى الْجَمَاعَةِ وَلَوْلَا كَرَاهِيَةُ جَمَاعَتِهِنَّ لَشُرِعَ قَالَ رحمه الله (فَإِنْ فَعَلْنَ يَقِفُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
خَلْفَ مُنْكِرِ الشَّفَاعَةِ وَالرُّؤْيَةِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لِتَوَارُثِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَنْ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم. وَمَنْ قَالَ لَا يَرَى لِعَظَمَتِهِ وَجَلَالَتِهِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ كَذَا قِيلَ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى الدَّلِيلِ إذَا تَأَمَّلْت، وَلَا يُصَلِّي خَلْفَ مُنْكِرِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْمُشَبِّهِ إذَا قَالَ لَهُ تَعَالَى يَدٌ وَرِجْلٌ كَمَا لِلْعِبَادِ فَهُوَ كَافِرٌ مَلْعُونٌ وَإِنْ قَالَ جِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا إطْلَاقَ لَفْظِ الْجِسْمِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوهِمٌ لِلنَّقْصِ فَرَفَعَهُ بِقَوْلِهِ لَا كَالْأَجْسَامِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدَ الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ مَعْصِيَةٌ تَنْتَهِضُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ لِمَا قُلْنَا مِنْ الْإِيهَامِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ عَلَى التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ وَقِيلَ يَكْفُرُ بِمُجَرَّدِ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا وَهُوَ حَسَنٌ بَلْ أَوْلَى بِالتَّكْفِيرِ وَفِي الرَّوَافِضِ إنْ فَضَّلَ عَلِيًّا رضي الله عنه عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمُبْتَدَعٌ وَإِنْ أَنْكَرَ خِلَافَةَ الصِّدِّيقِ أَوْ عُمَرَ فَهُوَ كَافِرٌ وَمُنْكِرُ الْمِعْرَاجِ إنْ أَنْكَرَ الْإِسْرَاءَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَكَافِرٌ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمِعْرَاجَ مِنْهُ فَمُبْتَدَعٌ اهـ مِنْ الْخُلَاصَةِ إلَّا تَعْلِيلَ إطْلَاقِ الْجِسْمِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ لَا تَجُوزُ وَبِخَطِّ الْحَلْوَانِيِّ تُمْنَعُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ يَخُوضُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَيُنَاظِرُ أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ كَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُتَكَلِّمِ وَإِنْ تَكَلَّمَ بِحَقٍّ. قَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ أَبِي يُوسُفَ مَنْ يُنَاظِرُ فِي دَقَائِقِ عِلْمِ الْكَلَامِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُتَكَلِّمِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ الَّذِي قَرَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ رَأَى ابْنَهُ حَمَّادًا يُنَاظِرُ فِي الْكَلَامِ فَنَهَاهُ فَقَالَ رَأَيْتُك تُنَاظِرُ فِي الْكَلَامِ وَتَنْهَانِي فَقَالَ كُنَّا نُنَاظِرُ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤْسِنَا الطَّيْرَ مَخَافَةَ أَنْ يَزِلَّ صَاحِبُنَا وَأَنْتُمْ تُنَاظِرُونَ وَتُرِيدُونَ زِلَّةَ صَاحِبِكُمْ وَمَنْ أَرَادَ زِلَّةَ صَاحِبِهِ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَكْفُرَ فَهُوَ قَدْ كَفَرَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَهَذَا هُوَ الْخَوْضُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ وَهَذَا الْمُتَكَلِّمُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِكُفْرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ عَنْ عَدَمِ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ كُلِّهِمْ مَحْمَلُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعْتَقَدَ نَفْسُهُ كُفْرٌ فَالْقَائِلُ بِهِ قَائِلٌ بِمَا هُوَ كُفْرٌ وَإِنْ لَمْ يَكْفُرْ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ قَوْلِهِ ذَلِكَ عَنْ اسْتِفْرَاغِ وُسْعِهِ وَمُجْتَهِدًا فِي طَلَبِ الْحَقِّ لَكِنْ جَزْمُهُمْ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْجَمْعُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ خَلْفَهُمْ عَدَمُ الْحِلِّ أَيْ عَدَمُ حِلِّ أَنْ يَفْعَلَ وَهُوَ لَا يُنَافِي الصِّحَّةَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِخِلَافِ مُطْلَقِ اسْمِ الْجِسْمِ مَعَ نَفْيِ التَّشْبِيهِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ لِاخْتِيَارِهِ إطْلَاقَ مَا هُوَ مُوهِمٌ النَّقْصَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ نَفَى التَّشْبِيهَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا التَّسَاهُلَ وَالِاسْتِخْفَافَ بِذَلِكَ وَفِي مَسْأَلَةِ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَوْلٌ آخَرُ ذَكَرْته فِي الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسَايِرَةِ وَيُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَشْهُورِ بِآكِلِ الرِّبَا وَيَجُوزُ بِالشَّافِعِيِّ بِشُرُوطٍ نَذْكُرُهَا فِي بَابِ الْوِتْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا يَنْتَقِلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ) لِأَنَّ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ يَجِدُ إمَامًا غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ الْكَمَالُ: يَعْنِي أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَوَّلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى هَذَا فَتُكْرَهُ فِي الْجُمُعَةِ إذَا تَعَدَّدَتْ إقَامَتُهَا فِي الْمِصْرِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ التَّحَوُّلِ حِينَئِذٍ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ صَلَّى خَلْفَ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ يَكُونُ مُحْرِزًا ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ» أَمَّا لَا يَنَالُ ثَوَابَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ التَّقِيِّ اهـ. (قَوْلُهُ يُصَلِّيَانِ الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ) أَيْ وَقَدْ كَانَ فِي غَايَةِ الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا صَبْرًا وَمَاتَ فِي حَبْسِهِ خَمْسُونَ أَلْفًا مِنْ الرِّجَالِ وَثَلَاثُونَ أَلْفًا مِنْ النِّسَاءِ سِوَى مَنْ قَتَلَ فِي حُرُوبِهِ وَزُحُوفِهِ وَكَانَ حَبْسُهُ يُقَالُ لَهُ الْجَائِرُ بِغَيْرِ سَقْفٍ صَيْفًا وَشِتَاءً وَيُسْقَوْنَ الْمَاءَ بِالرَّمَادِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَوْ جَاءَ كُلُّ أُمَّةٍ بِخَبِيثَاتِهَا جِئْنَا بِأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَلَبْنَاهُمْ يَعْنِي الْحَجَّاجَ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا» إلَى آخِرِهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا) الْمَخْدَعُ الْخِزَانَةُ تَكُونُ فِي الْبَيْتِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَخْدَعُ بِضَمِّ الْمِيمِ بَيْتٌ صَغِيرٌ يُحْرَزُ فِيهِ الشَّيْءُ وَتَثْلِيثُ الْمِيمِ لُغَةً. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ فَعَلْنَ يَقِفُ الْإِمَامُ وَسْطَهُنَّ) قَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ الْإِمَامُ مَنْ يُؤْتَمُّ بِهِ أَيْ يُقْتَدَى بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَمِنْهُ قَامَتْ الْإِمَامُ وَسْطَهُنَّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْإِمَامَةُ وَتَرْكُ الْهَاءِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ أَيْ مَصْدَرٌ لَا وَصْفٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالْإِسْكَانِ؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ سَاكِنٌ وَمَا لَا يَصْلُحُ فَهُوَ بِالْفَتْحِ وَرُبَّمَا سَكَنَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ وَفِي الْفَصِيحِ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ وَاحْتَجَمْت وَسَطَ رَأْسِي بِالْفَتْحِ وَمِنْهُ يَشُدُّ فِي وَسَطِهِ الْهِمْيَانَ وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ كُلُّ مَا كَانَ يَبِينُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ كَوَسْطِ الْقِلَادَةِ وَالصَّفِّ وَالسُّبْحَةِ فَهُوَ
كَالْعُرَاةِ)؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَعَلَتْ كَذَلِكَ حِينَ كَانَ جَمَاعَتُهُنَّ مُسْتَحَبَّةً، ثُمَّ نُسِخَ الِاسْتِحْبَابُ؛ وَلِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ الْبُرُوزِ وَلَا سِيَّمَا فِي الصَّلَاةِ وَلِهَذَا كَانَ صَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ وَتَنْخَفِضُ فِي سُجُودِهَا وَلَا تُجَافِي بَطْنَهَا عَنْ فَخِذَيْهَا وَفِي تَقْدِيمِ إمَامَتِهِنَّ زِيَادَةُ الْبُرُوزِ فَيُكْرَهُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ حَيْثُ يُصَلِّينَ وَحْدَهُنَّ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ فَلَا تُتْرَكُ بِالْمَحْظُورِ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ مُكَرَّرَةً فَإِذَا صَلَّيْنَ فُرَادَى تَفُوتُهُنَّ بِفَرَاغِ الْوَاحِدَةِ قَبْلَهُنَّ.
قَالَ رحمه الله (وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مُسَاوِيًا لَهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَنَّهُ يَضَعُ إصْبَعَهُ عِنْدَ عَقِبِ الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عِنْدَ الْعَوَامّ وَلَنَا حَدِيثُ «ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَامَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» وَيُكْرَهُ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَسَارِهِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقِفَ خَلْفَهُ فِي رِوَايَةٍ وَيُكْرَهُ فِي أُخْرَى وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ جَازَتْ، وَكَذَا إنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ وَهُوَ مُسِيءٌ فَمِنْهُمْ مَنْ صَرَفَ قَوْلَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ إلَى الْأَخِيرِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَفَهُ إلَى الْفِعْلَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالصَّبِيُّ فِي هَذَا كَالْبَالِغِ حَتَّى يَقِفَ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ رحمه الله (وَالِاثْنَانِ خَلْفَهُ) أَيْ يَقِفُ الِاثْنَانِ خَلْفَهُ يَعْنِي خَلْفَ الْإِمَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَتَوَسَّطُهُمَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَوَقَفَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ هَكَذَا صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَنَا حَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ «قُمْت عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَجَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ حَتَّى قَامَ عَنْ يَسَارِهِ عليه الصلاة والسلام فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» وَفِعْلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ كَانَ لِضِيقِ الْمَكَانِ كَذَا قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِمَذْهَبِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَفْعُهُ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَلَئِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ الْإِبَاحَةِ وَمَا رَوَيْنَاهُ دَلِيلُ الِاسْتِحْبَابِ وَالْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ صَبِيٌّ يَعْقِلُ وَامْرَأَةٌ يَقُومُ الصَّبِيُّ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا قَالَ رحمه الله (وَيَصُفُّ الرِّجَالُ، ثُمَّ الصِّبْيَانُ، ثُمَّ النِّسَاءُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «إنَّ خَيْرَ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرَّهَا آخِرُهَا وَخَيْرَ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرَّهَا أَوَّلُهَا» ؛ وَلِأَنَّ فِي الْمُحَاذَاةِ مَفْسَدَةً فَيُؤَخِّرْنَ وَيَنْبَغِي لِلْقَوْمِ إذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَتَرَاصُّوا وَيَسُدُّوا الْخَلَلَ وَيُسَوُّوا بَيْنَ مَنَاكِبِهِمْ فِي الصُّفُوفِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ الْإِمَامُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ الْقُلُوبِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقِفَ بِإِزَاءِ الْوَسَطِ فَإِنْ وَقَفَ فِي مَيْمَنَةِ الصَّفِّ أَوْ مَيْسَرَتِهِ فَقَدْ أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَحَارِيبَ لَمْ تُنْصَبْ إلَّا فِي الْوَسَطِ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ لِمَقَامِ الْإِمَامِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ حَاذَتْهُ مُشْتَهَاةٌ فِي صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ مُشْتَرَكَةٍ تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً فِي مَكَان مُتَّحَدٍ بِلَا حَائِلٍ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
بِالْإِسْكَانِ وَمَا كَانَ مُنْضَمًّا لَا يَبِينُ كَالدَّارِ وَالسَّاحَةِ فَهُوَ بِالْفَتْحِ وَأَجَازُوا فِي الْمَفْتُوحِ الْإِسْكَانَ وَلَمْ يُجِيزُوا فِي السَّاكِنِ الْفَتْحَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: كَالْعُرَاةِ) أَيْ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ فِي أَفْضَلِيَّةِ الِانْفِرَادِ وَفِي أَفْضَلِيَّةِ قِيَامِ الْإِمَامِ وَسَطَهُنَّ، وَأَمَّا الْعُرَاةُ فَيُصَلُّونَ قُعُودًا بِإِيمَاءٍ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَا كَذَلِكَ النِّسَاءُ بَلْ يُصَلِّينَ قَائِمَاتٍ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ يُصَلِّينَ وَحْدَهُنَّ جَمَاعَةً إلَى آخِرِهِ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ وَفَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَضَعُ إصْبَعَهُ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ. هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقِفَ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَدِي أَطْوَلَ وَسُجُودُهُ قُدَّامَ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَوْضِعِ الْوُقُوفِ اهـ دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ لِضِيقِ الْمَكَانِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ وَالْجَوَابُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِضِيقِ الْمَكَانِ لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ بَلْ مَا قَالَهُ الْحَازِمِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا فَعَلَهُ بِمَكَّةَ إذْ فِيهَا التَّطْبِيقُ وَأَحْكَامٌ أُخَرُ هِيَ الْآنَ مَتْرُوكَةٌ وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا وَلَمَّا قَدِمَ عليه الصلاة والسلام الْمَدِينَةَ تَرَكَهُ بِدَلِيلِ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا اهـ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِيَلِيَنِي إلَى آخِرِهِ) قِيلَ اسْتَدَلَّا لَهُ بِهِ عَلَى سُنِّيَّةِ صَفِّ الرِّجَالِ، ثُمَّ الصِّبْيَانِ، ثُمَّ النِّسَاءِ لَا يَتِمُّ إنَّمَا فِيهِ تَقْدِيمُ الْبَالِغِينَ أَوْ نَوْعٍ مِنْهُمْ وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِمَا أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ «يَا مَعْشَرَ الْأَشْعَرِيِّينَ اجْتَمِعُوا وَاجْمَعُوا نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ حَتَّى أُرِيَكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاجْتَمَعُوا وَجَمَعُوا أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَرَاهُمْ كَيْفَ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفَّ الرِّجَالَ، ثُمَّ أَدْنَى الصَّفَّ وَصَفَّ الْوِلْدَانَ خَلْفَهُمْ وَصَفَّ النِّسَاءَ خَلْفَ الصِّبْيَانِ» الْحَدِيثُ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ. اهـ. فَتْحٌ وَاعْلَمْ أَنَّ صَفَّ الْخَنَاثَى بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَبَعْدَ النِّسَاءِ الْمُرَاهِقَاتِ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: إنَّ خَيْرَ صُفُوفِ الرِّجَالِ) أَيْ أَفْضَلَ صُفُوفِ الرِّجَالِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ آخِرُهَا وَفِي غَيْرِهَا أَوَّلُهَا إظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ لِتَكُونَ شَفَاعَتُهُ أَدْعَى إلَى الْقَبُولِ اهـ فَنِيَّةٌ فِي الْجَنَائِزِ (قَوْلُهُ إلَى اخْتِلَافِ الْقُلُوبِ) أَيْ وَتَغْيِيرُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْض فَيَكُونُ تَحْذِيرًا مِنْ وُقُوعِ التَّبَاغُضِ وَالتَّنَافُرِ وَعَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ. اهـ. غَايَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ حَاذَتْهُ) أَيْ الْمُصَلِّي أُنْثَى اهـ ع (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: مُشْتَهَاةٌ) أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فِي صَلَاةٍ إلَى آخِرِهِ) فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالِ كَوْنِهِمَا فِي صَلَاةٍ اهـ ع (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فِي مَكَان) نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا اهـ وَلَوْ قَامَ وَاحِدٌ بِجَنْبِ الْإِمَامِ وَخَلْفُهُ صَفٌّ يُكْرَهُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: بِلَا حَائِلٍ) أَيْ لِأَنَّ الْمُحَاذَاةَ تَقُومُ بِهِمَا فَلَوْ كَانَتْ عِلَّةُ الْفَسَادِ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِهِمَا لَكَانَ الْحُكْمُ وَهُوَ الْفَسَادُ ثَابِتًا فِي حَقِّهِمَا إذْ الِاسْتِوَاءُ فِي الْعِلَّةِ يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ فِي الْمَعْلُولِ. اهـ. رَازِيٌّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا وَقَفَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ
فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إنْ نَوَى إمَامَتَهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه لَا تَفْسُدُ اعْتِبَارًا بِصَلَاتِهَا وَتَرْكُ مَكَانِهَا فِي الصَّفِّ لَا يُوجِبُ فَسَادَ صَلَاةِ الرَّجُلِ كَالصَّبِيِّ إذَا حَاذَى الرَّجُلَ فَصَارَتْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ الرَّجُلَ مَأْمُورٌ بِتَأْخِيرِ النِّسَاءِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» فَإِذَا تَرَكَ التَّأْخِيرَ فَقَدْ تَرَكَ مَكَانَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَالْمُقْتَدِي إذَا تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ وَكَسَائِرِ الْمُنْهَيَاتِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْحَدَثِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُفْسِدِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَأْمُورَةٍ بِالتَّأْخِيرِ؛ وَلِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ حَالَةُ الْمُنَاجَاةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْرِيكِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى فَسَادِ الصَّلَاةِ، وَمُحَاذَاتُهَا الرَّجُلَ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا فَيَكُونُ التَّأْخِيرُ مِنْ الْفَرَائِضِ صِيَانَةً لِصَلَاتِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ بِخِلَافِ مُحَاذَاةِ الصَّبِيِّ حَيْثُ لَا تَفْسُدُ لِخُلُوِّهِ عَمَّا يُوجِبُ التَّشْوِيشَ، وَلَئِنْ وُجِدَ فَهُوَ نَادِرٌ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَفِي الْمَرْأَةِ وُجِدَ الدَّاعِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَقَوِيَ السَّبَبُ فَافْتَرَقَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا هِيَ دُعَاءٌ لِلْمَيِّتِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَرْأَةِ إجْمَاعًا لِعِلَّةِ وُجُوبِ التَّأْخِيرِ لَا لِدُنُوِّ حَالِ صَلَاتِهَا كَصَلَاةِ الصَّبِيِّ وَلَا لِتَغَايُرِ الْفَرْضِ وَلَا لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا كَأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ مِنْ الْمُسْتَحَاضَةِ وَنَحْوِهَا وَتِلْكَ الْعِلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَنْ يُحَاذِيَهُ وَبَيْنَ أَنْ تَتَقَدَّمَهُ إذْ عَدَمُ التَّأْخِيرِ فِيهِمَا مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي الصَّلَاةِ قَدْ وُجِدَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ. وَنَقُولُ: إنَّهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ، فَجَازَ الزِّيَادَةُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَاذَاةِ السَّاقُ وَالْكَعْبُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرَ الْقَدَمَ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ حَاذَتْهُ امْرَأَةٌ إلَى آخِرِهِ قَدْ تَضْمَنُ شُرُوطًا مُجْمَلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهَا وَتَفْسِيرُ كُلِّ شَرْطٍ عَلَى حِيَالِهِ فَتَقُولُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْمُحَاذِيَةُ مُشْتَهَاةً بِأَنْ كَانَتْ بِنْتَ سَبْعِ سِنِينَ اعْتِبَارًا بِتَزَوُّجِهِ عليه الصلاة والسلام عَائِشَةَ رضي الله عنها فَإِنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا حَتَّى صَلُحَتْ كَمَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ وَقِيلَ: بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ نَظَرًا إلَى بِنَائِهِ عليه الصلاة والسلام بِهَا وَلِهَذَا تَبْلُغُ فِي التِّسْعِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ السِّنَّ الَّتِي ذُكِرَتْ لَا مُعْتَبَرَ بِهَا بَلْ الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَصْلُحَ لِلْجِمَاعِ بِأَنْ تَكُونَ عَبْلَةً ضَخْمَةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا أَوْ أَجْنَبِيَّةً لِلْإِطْلَاقِ وَلَا تَفْسُدُ بِالْمَجْنُونَةِ لِعَدَمِ جَوَازِ صَلَاتِهَا وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُطْلَقَةً وَهِيَ الَّتِي لَهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ وَإِنْ كَانَا يُصَلِّيَانِ بِالْإِيمَاءِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً فِي الْأَصْلِ، وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا تَحْرِيمَةٌ وَأَدَاءٌ يَعْنِي بِالْمُشْتَرَكَةِ تَحْرِيمَةَ أَنْ يَكُونَا بَانِيَيْنِ تَحْرِيمَتَهُمَا عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ وَيَعْنِي بِالْمُشْتَرَكَةِ أَدَاءً أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَالْمُدْرِكُ بِأَنَّ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
فِي مَكَان وَاحِدٍ يُصَلِّي كُلٌّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الرَّجُلِ وَبِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ مُحَاذَاةَ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ فِي صَلَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ إنَّمَا تُوجِبُ فَسَادَ صَلَاةِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ قَرْنِهَا إلَى قَدَمِهَا عَوْرَةٌ فَرُبَّمَا تُشَوِّشُ الْأَمْرَ عَلَى الْمُصَلِّي فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِفَسَادِ صَلَاةِ الرَّجُلِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ حَكَى عَنْ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ صُورَةً فِي الْمُحَاذَاةِ تَفْسُدُ فِيهَا صَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الرَّجُلِ وَبَيَانُهَا جَاءَتْ امْرَأَةٌ فَشَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَمَا شَرَعَ الرَّجُلُ نَاوِيًا إمَامَةَ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً حِينَ شَرَعَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ فَقَامَتْ بِحِذَائِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهَا خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّأْخِيرُ لَهَا فَقَدْ تَرَكَ فَرْض الْمُقَامِ، وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهَا لَا يُمْكِنُهُ التَّأْخِيرَ بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهَا خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا تَأْخِيرُهَا بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْيَدِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وُجِدَ مِنْهُ التَّأْخِيرُ فَيَلْزَمُهَا التَّأَخُّرُ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ فَإِذَا لَمْ تَتَأَخَّرْ فَقَدْ تَرَكَتْ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْمَقَامِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهَا قَالَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ. اهـ. سَرُوجِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَفْسُدُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَقَالَتْ الثَّلَاثَةُ الْمُحَاذَاةُ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ أَصْلًا اهـ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُحَاذَاةِ الصَّبِيِّ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ: وَأَمَّا مُحَاذَاةُ الْأَمْرَدِ فَصَرَّحَ الْكُلُّ بِعَدَمِ إفْسَادِهِ إلَّا مَنْ شَذَّ وَلَا مُتَمَسَّكَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَا فِي الدِّرَايَةِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَرْأَةِ غَيْرُ مَعْلُولٍ بِعُرُوضِ الشَّهْوَةِ بَلْ هُوَ لِتَرْكِ فَرْضِ الْقِيَامِ وَلَيْسَ هَذَا فِي الصَّبِيِّ وَمَنْ تَسَاهَلَ فَعَلَّلَ بِهِ صَرَّحَ بِنَفْيِهِ فِي الصَّبِيِّ مُدَّعِيًا عَدَمَ اشْتِهَائِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ الْمَشَاهِيرِ) قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ لَمْ يَثْبُتْ رَفْعُهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْمَشَاهِيرِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. (قَوْلُهُ وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرَ الْقَدَمَ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُحَاذَاةَ الْمُفْسِدَةَ هِيَ أَنْ تُحَاذِيَ قَدَمَ الْمَرْأَةِ عُضْوًا مِنْ الْمُصَلِّي حَتَّى لَوْ كَانَتْ عَلَى ظُلَّةٍ وَحَاذَتْ رَجُلًا أَسْفَلَ مِنْهَا إنْ حَاذَى قَدَمَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إنَّ السِّنَّ الَّتِي ذَكَرْت إلَى آخِرِهِ) أَيْ السِّنَّ مِنْ الْفَمِ مُؤَنَّثَةٌ وَالسِّنُّ إذَا عَنَيْت بِهِ الْعُمْرَ مُؤَنَّثَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ مُشْتَرَكَةً إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِاتِّحَادِ الْفَرْضَيْنِ وَبِاقْتِدَاءِ الْمُتَطَوِّعَةِ بِالْمُتَطَوِّعِ وَبِالْمُفْتَرِضِ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ) أَوْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَؤُمُّ الْآخَرَ فِيمَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا فَلَوْ اقْتَدَتْ نَاوِيَةً لِلْعَصْرِ بِمُصَلَّى الظُّهْرِ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ حَيْثُ الْفَرْضُ وَصَحَّ نَفْلًا فَحَاذَتْهُ فَفِي رِوَايَةِ بَابِ الْأَذَانِ تَفْسُدُ وَفِي رِوَايَةِ بَابِ الْحَدَثِ مِنْ الْمَبْسُوطِ لَا وَقِيلَ رِوَايَةُ بَابِ الْأَذَانِ قَوْلُهُمَا وَرِوَايَةُ بَابِ الْحَدَثِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي خِلَالِهَا عِنْدَهُمَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَفْسُدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَتْ ابْتِدَاءَ النَّفْلِ حَيْثُ تَفْسُدُ بِلَا تَرَدُّدٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ) أَيْ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا إمَامًا لِلْآخَرِ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ تَحْقِيقًا) أَيْ حَالَ الْمُحَاذَاةِ اهـ
تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَتِهِ، وَكَذَا بِأَنَّ أَدَاءَهُ عَلَى أَدَاءِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا وَاللَّاحِقُ بِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ حَقِيقَةً لِالْتِزَامِهِ مُتَابَعَتَهُ وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَفَاتَهُ مِنْ الْآخَرِ بِسَبَبِ النَّوْمِ أَوْ الْحَدَثِ، وَكَذَا بِأَنَّ أَدَاءَهُ فِيمَا يَقْضِيه عَلَى أَدَاءِ الْإِمَامِ تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَتَهُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِالتَّحْرِيمَةِ فَتَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً فَيَبْقَى حُكْمُ تِلْكَ الشَّرِكَةِ مَا لَمْ تَنْتَهِ الْأَفْعَالُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِلْأَفْعَالِ فَمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ تَبْقَى الشَّرِكَةُ عَلَى حَالِهَا فَصَارَ اللَّاحِقُ فِيمَا يَقْضِي كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ تَقْدِيرًا وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بِسَهْوِهِ وَإِذَا تَبَدَّلَ اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَدَخَلَ مِصْرَهُ لِلْوُضُوءِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا تَنْقَلِبُ أَرْبَعًا، وَكَذَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا تَنْقَلِبُ أَرْبَعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا مَسْبُوقَيْنِ وَحَاذَتْهُ فِيمَا يَقْضِيَانِ حَيْثُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَا بَانِيَيْنِ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مُنْفَرِدَانِ فِيمَا يَقْضِيَانِ وَلِهَذَا يَقْرَآنِ وَيَلْزَمُهُمَا السُّجُودُ بِسَهْوِهِمَا وَإِذَا تَبَدَّلَ اجْتِهَادُهُمَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمَا بَلْ يَتَحَوَّلَانِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَبْنِيَانِ وَتَنْقَلِبُ صَلَاتُهُمَا أَرْبَعًا بِدُخُولِ الْمِصْرِ أَوْ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيه إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ الْأُولَى لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَانَ فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ وَالثَّانِيَةُ لَوْ كَبَّرَ نَاوِيًا اسْتِئْنَافَ صَلَاتِهِ وَقَطْعِهَا يَصِيرُ مُسْتَأْنِفًا وَقَاطِعًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ وَالثَّالِثَةُ لَوْ قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ، وَعَلَى الْإِمَامِ سَجْدَتَا سَهْوٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ وَلَوْ لَمْ يَعُدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بِسَهْوِ غَيْرِهِ. وَالرَّابِعَةُ أَنَّهُ يَأْتِي بِتَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ هُوَ مُنْفَرِدٌ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا يَقْضِيه حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلَوْ حَاذَتْهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُمَا لَاحِقَانِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُمَا مُشْتَغِلَانِ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا بِحَقِيقَتِهَا فَانْعَدَمَتْ الشَّرِكَةُ أَدَاءً وَإِنْ وُجِدَتْ تَحْرِيمَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَلَوْ اقْتَدَيَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أَحْدَثَا فَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ، ثُمَّ حَاذَتْهُ فِي الْقَضَاءِ يَنْظُرُ فَإِنْ حَاذَتْهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ لِلْإِمَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِيهِمَا تَقْدِيرًا لِكَوْنِهِمَا لَاحِقَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ حَاذَتْهُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِمَا لِكَوْنِهِمَا مَسْبُوقَيْنِ وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَا فِي مَكَان وَاحِدٍ بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ يَرْفَعُ الْمُحَاذَاةَ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْأَحْوَالِ الْقُعُودُ فَقُدِّرَ أَدْنَاهُ بِهِ وَغِلَظُهُ مِثْلُ غِلَظِ الْأُصْبُعِ وَالْفُرْجَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ وَأَدْنَاهَا قَدْرُ مَا يَقُومُ فِيهِ الرَّجُلُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى دُكَّانِ قَدْرِ قَامَةِ الرَّجُلِ وَالْآخَرُ أَسْفَلُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُحَاذَاةِ. وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ إمَامَتَهَا أَوْ إمَامَةَ النِّسَاءِ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ إمَامَتِهَا قِيَاسًا عَلَى الرِّجَالِ وَاعْتَبَرَهُ بِالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَلَنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ بِالنِّيَّةِ كَالْمُقْتَدِي لِمَا لَزِمَهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ لَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ، وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَأَكْثَرُهُمْ مَنَعُوا الْحُكْمَ فِيهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَّمَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ فِيهِمَا ضَرُورَةً فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى أَدَائِهَا وَحْدَهَا؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِجَنْبِ الرِّجَالِ لِكَثْرَةِ الِازْدِحَامِ فِيهِمَا فَلَا يُفْضِي إلَى فَسَادِ صَلَاتِهِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمُقْتَدِيَ يَلْزَمُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَتِهَا وَمَعَ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ الْتِزَامُهُ بِالنِّيَّةِ فَكَذَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَاللَّاحِقُ إلَى آخِرِهِ وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ رحمه الله وَاللَّاحِقُ مَنْ يَقْضِي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَمَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، ثُمَّ فَاتَهُ بَعْضُهَا إلَى آخِرِهِ كَمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ اللَّاحِقِ الْمَسْبُوقِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا تَنْقَلِبُ أَرْبَعًا) أَيْ؛ لِأَنَّ إمَامَهُ لَا يَلْحَقُ صَلَاتَهُ تَغْيِيرٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَذَا هُوَ فَكَأَنَّهُ فَرَغَ مِنْهَا بِفَرَاغِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَا مَسْبُوقَيْنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَاسْتَشْهَدَ فِي الْجَامِعِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ اللَّاحِقِ وَالْمَسْبُوقِ بِمَسَائِلَ مِنْهَا إذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِالتَّحَرِّي وَخَلْفُهُ لَاحِقٌ وَمَسْبُوقٌ فَعَلِمَا بِالْقِبْلَةِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ تَفْسُدُ صَلَاةُ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّهُ خَلَفَهُ حُكْمًا وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَمَادَى عَلَى حَالِهِ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ عِنْدَهُ وَإِنْ اسْتَقْبَلَ بِمَا عِنْدَهُ فَقَدْ خَالَفَ إمَامَهُ وَهُوَ خَلَفَهُ حُكْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ حَاذَتْهُ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ فِي الذَّهَابِ أَوْ الْعَوْدِ اهـ ش تَلْخِيصٌ (قَوْلُهُ لَا بِحَقِيقَتِهَا) أَيْ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مِنْ لَا يَشْتَرِطُ أَدَاءَ رُكْنٍ بِالْمُحَاذَاةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اقْتَدَيَا) أَيْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ اهـ قَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ وَشَرَطَ فِي الْيَنَابِيعِ شَرْطًا سَادِسًا فَقَالَ: إذَا نَوَى الْإِمَامُ إمَامَتَهَا إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَقْتَدِيَا بِهِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُمَا جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تُوجَدْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَيْثُ انْفَرَدَا فِي بَعْضِهَا فَإِذَا وُجِدَتْ الشَّرِكَةُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَوَقَفَتْ بِجَنْبِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَصَلَاتُهَا مَعَ الْقَوْمِ لِفَسَادِ صَلَاةِ إمَامِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ سَاقَ مَعْزِيًّا إلَى الذَّخِيرَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اقْتَدَيَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أَحْدَثَا إلَى آخِرِهِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ اهـ. (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِمَا مَسْبُوقَيْنِ إلَى آخِرِهِ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ الْمَسْبُوقَ يَقْضِي أَوَّلًا مَا لَحِقَ فِيهِ، ثُمَّ مَا سَبَقَ بِهِ وَهَذَا عِنْدَ زُفَرَ ظَاهِرٌ وَعِنْدَنَا وَإِنْ صَحَّ عَكْسُهُ لَكِنْ يَجِبُ هَذَا فَبِاعْتِبَارِهِ يَفْسُدُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى دُكَّانٍ إلَى آخِرِهِ) بَيَانٌ لِمُحْتَرَزٍ قَوْلُهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَكْثَرُهُمْ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَاعْلَمْ أَنَّ اقْتِدَاءَهُنَّ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ عِنْدَ كَثِيرٍ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ يَجُوزُ بِدُونِهَا نَظَرًا إلَى إطْلَاقِ الْجَوَابِ حَمْلًا عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْسِرْ اهـ. (قَوْلُهُ مَنَعُوا الْحُكْمَ) أَيْ وَهُوَ جَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِلَا نِيَّةٍ اهـ
الْإِمَامِ وَلِهَذَا يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْقِرَاءَةَ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ سَهْوِهِ فَكَانَ تَبَعًا لَهُ وَالْتِزَامُهُ الْتِزَامًا لَهُ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ إذَا ائْتَمَّتْ بِهِ مُحَاذِيَةً لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَالْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَفِي رِوَايَةٍ تَصِيرُ دَاخِلَةً فِي صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِمَامِ، ثُمَّ إنْ لَمْ تُحَاذِ أَحَدًا تَمَّتْ صَلَاتُهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ حَتَّى حَاذَتْ رَجُلًا أَوْ وَقَفَ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَصَحَّتْ صَلَاةُ الرَّجُلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُحَاذِيَةِ ابْتِدَاءً أَنَّ الْفَسَادَ فِي هَذِهِ مُحْتَمَلٌ وَفِي تِلْكَ لَازِمٌ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النِّسَاءِ لِصِحَّةِ نِيَّتِهِنَّ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وَلَوْ نَوَى النِّسَاءُ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا فَحَاذَتْهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله. وَالشَّرْطُ السَّادِسُ وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ تَكُونَ الْمُحَاذَاةُ فِي رُكْنٍ كَامِلٍ حَتَّى لَوْ كَبَّرَتْ فِي صَفٍّ وَرَكَعَتْ فِي آخَرَ وَسَجَدَتْ فِي ثَالِثٍ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ عَنْ يَمِينِهَا وَيَسَارِهَا وَخَلْفِهَا مِنْ كُلِّ صَفٍّ فَصَارَ كَالْمَدْفُوعِ إلَى صَفِّ النِّسَاءِ وَفِي مُلْتَقَى الْبِحَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ تُؤَدِّيَ رُكْنًا مُحَاذِيَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ وَقَفَتْ مِقْدَارَ رُكْنٍ فَسَدَتْ وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لَوْ حَاذَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ رُكْنٍ فَسَدَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُفْسِدُ إلَّا مِقْدَارُ الرُّكْنِ وَالشَّرْطُ السَّابِعُ وَهُوَ أَيْضًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ تَكُونَ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ لَا يُفْسِدُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ إلَّا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ. وَالشَّامِلُ لِلْجَمِيعِ أَنْ يُقَالَ: إنْ حَاذَتْهُ مُشْتَهَاةٌ فِي رُكْنٍ مِنْ صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ مُشْتَرَكَةٍ تَحْرِيمَةً وَأَدَاءً فِي مَكَان مُتَّحِدٍ بِلَا حَائِلٍ وَلَا فُرْجَةٍ أَفْسَدَتْ صَلَاتَهُ إنْ نَوَى إمَامَتَهَا وَكَانَتْ جِهَتُهُمَا مُتَّحِدَةً، ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ تُفْسِدُ صَلَاةَ ثَلَاثَةٍ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهَا وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهَا وَآخَرُ خَلْفَهَا وَلَا تُفْسِدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي فَسَدَتْ صَلَاتُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يَكُونُ حَائِلًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَتَانِ يُفْسِدَانِ صَلَاةَ أَرْبَعَةٍ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِمَا وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِمَا وَصَلَاةَ اثْنَيْنِ خَلْفَهُمَا بِحِذَائِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَثْنَى لَيْسَ بِجَمْعٍ تَامٍّ فَهُمَا كَالْوَاحِدَةِ فَلَا يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَإِنْ كُنَّ ثَلَاثًا أَفْسَدْنَ صَلَاةَ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهِنَّ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِنَّ وَثَلَاثَةً ثَلَاثَةً إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ وَهَذَا جَوَابُ الظَّاهِرِ وَفِي رِوَايَةٍ الثَّلَاثُ كَالصَّفِّ حَتَّى تَفْسُدَ صَلَاةُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُنَّ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ كَامِلٌ فَيَصِرْنَ كَالصَّفِّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَثْنَى كَالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمُهُمَا كَمَا يَتَقَدَّمُ الثَّلَاثُ وَعَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ الثَّلَاثَ كَالِاثْنَيْنِ حَتَّى لَا يُفْسِدْنَ إلَّا صَلَاةَ خَمْسَةٍ وَلَا يَسْرِي الْفَسَادُ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ؛ لِأَنَّ الْأَثَرَ وَرَدَ فِي الصَّفِّ التَّامِّ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إمَامِهِ طَرِيقٌ أَوْ نَهْرٌ أَوْ صَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ فَلَيْسَ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ صَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ خَلْفَ الْإِمَامِ وَوَرَاءَهُنَّ صُفُوفٌ مِنْ الرِّجَالِ فَسَدَتْ صَلَاةُ تِلْكَ الصُّفُوفِ كُلِّهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاةُ صَفٍّ وَاحِدٍ لَا غَيْرُ لِوُجُودِ الْحَائِلِ فِي حَقِّ بَاقِي الصُّفُوفِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَثَرِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ رحمه الله (وَلَا يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَاتِ) يَعْنِي فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَيَسْتَوِي فِيهِ الشَّوَابُّ وَالْعَجَائِزُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِظُهُورِ الْفَسَادِ فِي زَمَانِنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ الْعَجُوزُ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْعِيدَيْنِ وَيُكْرَهُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْجُمُعَةِ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ كَالظُّهْرِ لِانْتِشَارِ الْفُسَّاقِ فِيهِ وَالْجُمُعَةُ كَالْعِيدَيْنِ لِإِمْكَانِ الِاعْتِزَالِ وَقَالَا يَخْرُجْنَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فِتْنَةَ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِيهِنَّ فَصَارَ كَالْعِيدَيْنِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ إذَا ائْتَمَّتْ بِهِ) أَيْ إذَا اقْتَدَتْ بِالْإِمَامِ مُحَاذِيَةً لَهُ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْإِمَامِ لِفَسَادِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَتْ خَلْفَهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهَا رَجُلٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فَالصَّوَابُ أَنَّ اقْتِدَاءَهَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَسَادُ عَلَى مَنْ بِجَنْبِهَا وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي النِّيَّةَ مِمَّنْ بِجَنْبِهَا عَلَى الْأَصْلِ الْمَارِّ إلَّا أَنَّهُ مَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ فَيَتَوَقَّفُ مَا يَلْتَزِمُهُ عَلَى الْتِزَامِ إمَامِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ الْفَسَادِ مِنْ جِهَتِهَا بِالْمَشْيِ وَالْمُحَاذَاةِ فَتَحْتَاجُ إلَى الِالْتِزَامِ وَفِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ وَهُوَ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً لَازِمٌ أَيْ وَاقِعٌ وَفِي الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ خَلْفَهُ وَلَيْسَ بِجَنْبِهَا رَجُلٌ مُحْتَمِلٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْشِيَ فَتَحَاذَى وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ ذَلِكَ فَلَمْ تُشْتَرَطْ نِيَّةُ الْإِمَامِ هَذَا فِي صَلَاةٍ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا، وَأَمَّا فِي صَلَاةٍ لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهَا فَالتَّقَدُّمُ عَلَيْهِ وَمُحَاذَاتُهَا إيَّاهُ يُورِثُ الْكَرَاهَةَ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ رَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَخَلَفَهَا مِنْ كُلِّ صَفٍّ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا أَدَّتْ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ صَلَاتِهَا فِي كُلِّ صَفٍّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ فِي آخَرِ بَابِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ. (فَرْعٌ) امْرَأَةٌ وَقَفَتْ بِحِذَاءِ الْإِمَامِ وَقَدْ نَوَى إمَامَةَ النِّسَاءِ وَاسْتَقْبَلَتْ الْجِهَةَ الَّتِي اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ اسْتَقْبَلَتْ جِهَةً أُخْرَى لَا تَفْسُدُ ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالشَّامِلُ لِلْجَمِيعِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَالْجَامِعُ أَنْ يُقَالَ: مُحَاذَاةٌ مُشْتَهَاةٌ مَنْوِيَّةُ الْإِمَامِ فِي رُكْنِ صَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ مُشْتَرَكَةٍ تَحْرِيمَةٌ وَأَدَاءٌ مَعَ اتِّحَادِ مَكَان وَجِهَةٍ دُونَ حَائِلٍ وَلَا فُرْجَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَهَذَا جَوَابُ الظَّاهِرِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَثِيرًا مَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِهَذَا السَّبَبِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى اهـ زَادَ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا يَحْضُرْنَ الْجَمَاعَاتِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رحمه الله وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ الْجَمَاعَاتِ الْجُمَعُ وَالْأَعْيَادُ وَالِاسْتِسْقَاءُ وَمَجَالِسُ الْوَعْظِ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْجُهَّالِ الَّذِينَ تَحَلَّوْا بِحِلْيَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَصْدُهُمْ الشَّهَوَاتِ وَتَحْصِيلَ الدُّنْيَا. اهـ. (قَوْلُهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ الْعَجُوزُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَلَا يُقَالُ عَجُوزَةٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْعَوَامُّ تَقُولُهُ (قَوْلُهُ لِانْتِشَارِ الْفُسَّاقِ فِيهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ اهـ
وَلَهُ أَنَّ فَرَطَ الشَّبَقِ حَامِلٌ فَتَقَعُ الْفِتْنَةُ غَيْرَ أَنَّ الْفُسَّاقَ انْتِشَارُهُمْ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْجُمُعَةِ، أَمَّا فِي الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ فَهُمْ نَائِمُونَ وَفِي الْمَغْرِبِ بِالطَّعَامِ مَشْغُولُونَ وَالْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَلِهَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى مِنْ النِّسَاءِ مَا رَأَيْنَا لَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا مَنَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ نِسَاءَهَا. وَالنِّسَاءُ أَحْدَثْنَ الزِّينَةَ وَالطِّيبَ وَلِبْسَ الْحَلْيِ وَلِهَذَا مَنَعَهُنَّ عُمَرُ رضي الله عنه وَلَا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ كَغَلْقِ الْمَسَاجِدِ يَجُوزُ فِي زَمَانِنَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ رحمه الله (وَفَسَدَ اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ) أَمَّا الْمَرْأَةُ فَلِمَا رَوَيْنَا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلِمَا نُبَيِّنُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالصَّبِيِّ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ قَدَّمَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَلَنَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ الَّذِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْمُفْتَرِضُ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَأَمَّا إمَامَةُ عَمْرٍو فَلَيْسَ بِمَسْمُوعٍ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا قَدَّمُوهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُمْ لِكَوْنِهِ أَحْفَظَ مِنْهُمْ لِمَا كَانَ يُتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ حِينَ كَانَتْ تَمُرُّ بِهِمْ فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِفِعْلِ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَوَازِ، وَقَدْ قَالَ هُوَ بِنَفْسِهِ وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ وَكُنْت إذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ الْفَارُوقِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَأَفْعَالِهِمْ حُجَّةً وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْلِ صَبِيٍّ مِثْلِ هَذَا حَالُهُ وَفِي النَّوَافِلِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ لِلْحَاجَةِ وَلِأَنَّهُ صَلَاةٌ حَقِيقَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ فَجَازَ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِهِ كَالظَّانِّ وَهُوَ الَّذِي يَشْرَعُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا عَلَيْهِ أَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا ثَالِثَةٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. وَمَعَ هَذَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، فَكَذَا هَذَا. وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ وَمَنَعَهُ أَبُو يُوسُفَ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مَشَايِخُ بُخَارَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ نَفْلَ الصَّبِيِّ دُونَ نَفْلِ الْبَالِغِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ وَلَا يُبْنَى الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ بِخِلَافِ الظَّانِّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَ الْعَارِضُ عَدَمًا وَبِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الصَّبِيِّ بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ قَالَ رحمه الله (وَطَاهِرٌ بِمَعْذُورٍ) أَيْ فَسَدَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ كَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةُ يُصَلُّونَ مَعَ الْحَدَثِ حَقِيقَةً لَكِنْ جَعَلَ الْحَدَثَ الْمَوْجُودَ حَقِيقَةً كَالْمَعْدُومِ حُكْمًا فِي حَقِّهِمْ لِلْحَاجَةِ إلَى الْأَدَاءِ فَلَا يَتَعَدَّاهُمْ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَقْوَى حَالًا مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ وَهُوَ الْحَرْفُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ فَرْطَ الشَّبَقِ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَأَفْرَطَ فِي الْأَمْرِ إذَا جَاوَزَ فِيهِ الْحَدَّ وَالِاسْمُ مِنْهُ الْفَرَطُ بِالتَّسْكِينِ يُقَالُ إيَّاكَ وَالْفَرَطُ فِي الْأَمْرِ وَالشَّبَقُ شِدَّةُ الْغِلْمَةِ مِنْ شَبِقَ الْفَحْلُ بِالْكَسْرِ إذَا اشْتَدَّتْ غِلْمَتُهُ أَيْ شَهْوَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ فِي زَمَانِنَا الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: إلَّا الْعَجَائِزَ الْمُتَفَانِيَةَ فِيمَا يَظْهَرُ لِي دُونَ الْعَجَائِزِ وَالْمُتَبَرِّجَاتِ وَذَوَاتِ الرَّمَقِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ)، سَلِمَةُ بِكَسْرِ اللَّامِ الْجَرْمِيِّ إمَامُ قَوْمِهِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ اُخْتُلِفَ فِي صُحْبَتِهِ، وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ فَهُوَ رَبِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. (قَوْلُهُ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ إلَى آخِرِهِ) وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما وَهُوَ صَبِيٌّ يَؤُمُّ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي التَّرَاوِيحِ. اهـ. جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ دُونَ نَفْلِ الْبَالِغِ) أَيْ حَيْثُ لَا يَجِبُ بِالشُّرُوعِ نَفْلُهُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الظَّانِّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ إلَى آخِرِهِ) إذْ عِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا فَسَدَ الْمَظْنُونُ قَاسَهُ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِهِ بِنُسُكٍ مَظْنُونٍ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ حَتَّى إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا نُسُكَ كَانَ إحْرَامُهُ لَازِمًا لِلْفِعْلِ وَالصَّدَقَةِ الْمَظْنُونِ وُجُوبُهَا فَإِنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْفَقِيرِ وَالْجَوَابُ الْفَرْقُ بِالْعِلْمِ بِفَرْقِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ إحْرَامٍ وَإِنْ عَرَضَتْ ضَرُورَةٌ تُوجِبُ رَفْضَهُ إلَّا بِأَفْعَالٍ أَوْ دَمٍ، ثُمَّ قَضَاءِ أَصْلِهِ مَنْ أُحْصِرَ وَاضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَتَمَكَّنْ شَرْعًا مِنْ الْخُرُوجِ بِلَا لُزُومِ شَيْءٍ ثُمَّ الْقَضَاءِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنَّ الدَّفْعَ عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ يُوجِبُ أَمْرَيْنِ سُقُوطُ الْوَاجِبِ وَثُبُوتُ الثَّوَابِ فَإِذَا كَانَ الْوُجُوبُ مُنْتَفِيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثَبَتَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَطْلُبُ بِهِ ثَوَابَهُ وَقَدْ حَصَلَ وَثَبَتَ الْمِلْكُ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ لِلْفَقِيرِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهِ بِخِلَافِ مَنْ دَفَعَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ يَظُنُّهُ وَلَا دَيْنَ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مِلْكُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَكَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ ثَبَتَ شَرْعًا قَبُولُ مَا هُوَ مِنْهَا لِلْفَرْضِ إجْمَاعًا كَمَا فِي زِيَادَةِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ وَتَمَامِ الرَّكْعَةِ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ فَلَمْ تَلْزَمْ لُزُومُهَا إذَا ظَهَرَ عَدَمُ وُجُوبِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا إلَّا مُسْقِطًا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ الْعَارِضُ) أَيْ عَارِضُ ظَنِّ الْإِمَامِ عَدَمًا فِي حَقِّ مَنْ اقْتَدَى بِهِ فَجَعَلَ كَأَنَّ الضَّمَانَ غَيْرُ سَاقِطٍ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي فَبَقِيَ اقْتِدَاءُ ضَامِنٍ بِضَامِنٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَارِضَ غَيْرُ مُمْتَدٍّ عَرَضَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الصِّبَا؛ لِأَنَّهُ أَصْلِيٌّ فَلَمْ يُجْعَلْ مَعْدُومًا. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ) أَيْ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَسَدَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ) وَقَالَ زُفَرُ يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ ع (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمَعْذُورِ بِالْمَعْذُورِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا) مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الزَّاهِدِيِّ وَاقْتِدَاءُ الْمُسْتَحَاضَةِ بِالْمُسْتَحَاضَةِ وَالضَّالَّةُ بِالضَّالَّةِ لَا يَجُوزُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ بِالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ اهـ وَفِي الضَّالَّةِ نَقْلًا عَنْ مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لَوْ اقْتَدَى خُنْثَى بِمِثْلِهِ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَالْمُقْتَدِي بِهَا ذَكَرٌ وَقَالَ فِي الْوَبَرِيِّ لَا يَجُوزُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ قَالَ الْحَدَّادِيُّ رحمه الله وَيُصَلِّي مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ خَلْفَ مِثْلِهِ، وَأَمَّا إذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ بِهِ السَّلَسُ وَانْفِلَاتُ الرِّيحِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ صَاحِبُ عُذْرَيْنِ وَالْمَأْمُومَ صَاحِبُ عُذْرٍ وَاحِدٍ اهـ
الْمَعْذُورِ بِالْمَعْذُورِ إنْ اتَّحَدَ عُذْرُهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ قَالَ رحمه الله (وَقَارِئٍ بِأُمِّيٍّ)؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ أَقْوَى حَالًا مِنْهُ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ أُمِّيٍّ بِأَخْرَسَ؛ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ أَقْوَى حَالًا مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ قَالَ رحمه الله (وَمُكْتَسٍ بِعَارٍ وَغَيْرِ مُومِئٍ بِمُومِئٍ) لِقُوَّةِ حَالِهِمَا وَالشَّيْءُ لَا يَتَضَمَّنُ مَا هُوَ فَوْقَهُ قَالَ رحمه الله (وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَهِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظُنُّ بِمُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَةَ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَتْرُكُ فَضِيلَةَ الْفَرْضِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ نَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَى أَئِمَّتِكُمْ» وَهُوَ يُوجِبُ الْمُوَافَقَةَ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ وَأَوْصَافِهَا وَفِي الْأَفْعَالِ وَصِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ لَمْ تُوجَدْ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ. وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْجُمُعَةُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَوْ النَّفَلَ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا شُرِعَ صَلَاةُ الْخَوْفِ مَعَ الْمُنَافِي بَلْ كَانَ عليه الصلاة والسلام يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَافِلَةً وَمَعَ قَوْمِهِ فَرِيضَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يَا مُعَاذُ إمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَلَى قَوْمِك» ، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي مَعَهُ الْفَرْضَ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْكَلَامِ مَعْنًى فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّافِلَةَ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ تَارِكًا لِفَضِيلَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ فَضِيلَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَقَارِئٍ بِأُمِّيٍّ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْقَارِئُ إذَا اقْتَدَى بِأُمِّيٍّ قِيلَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَفِي رِوَايَةٍ عَدَمُ الشُّرُوعِ أَصَحُّ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ يَكُونُ أُمِّيًّا حَتَّى يُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَعَلَى هَذَا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلَمْ يَحْفَظْ يَكُونُ أُمِّيًّا. اهـ. كَاكِيٌّ. وَقَالَ فِي الْغَايَةِ فَالْأُمِّيُّ عِنْدَنَا مَنْ لَا يَحْفَظُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَصِحُّ بِهِ صَلَاتُهُ اهـ قَالَ الْأَكْمَلُ وَمَنْ أَحْسَنَ قِرَاءَةَ آيَةٍ مِنْ التَّنْزِيلِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أُمِّيًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَثَلَاثِ آيَاتٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ مَنْ يَحْفَظُ التَّنْزِيلَ بِهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ يَتِمُّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمِقْدَارِ اهـ. وَلَوْ اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِالْقَارِئِ فَتَعَلَّمَ سُورَةً فِي وَسْطِ الصَّلَاةِ قَالَ الْفَضْلِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ بِقِرَاءَةٍ وَقَالَ غَيْرُهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ يَقْوَى حَالُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ جَائِزَةٌ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ أُمِّيًّا وَالْمُقْتَدِي قَارِئًا أَوْ أَخْرَسَ وَالْمُقْتَدِي أُمِّيًّا حَيْثُ لَا يَجُوزُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ هَلْ يَصِيرُ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ فِي رِوَايَةِ بَابِ الْحَدَثِ وَزِيَادَاتِ الزِّيَادَاتِ لَا يَصِيرُ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ قَهْقَهَةً لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ وَفِي رِوَايَةِ بَابِ الْأَذَانِ يَصِيرُ شَارِعًا. وَفِي الْمُحِيطِ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَطَوِّعًا لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ كَالنَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فَكَذَا إذَا شَرَعَ وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْأَذَانِ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ فَسَادَ الْجِهَةِ يُوجِبُ فَسَادَ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ. دِرَايَةٌ وَهَذَا الْفَرْعُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ عِنْدَ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ حَقِيقَةٌ فَوْقَ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حُكْمًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا اهـ قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْفَظْ يَكُونُ أُمِّيًّا اُنْظُرْ إلَى مَا كُتِبَ عَلَى هَامِشِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقِرَاءَةُ فِيهَا مِنْ مُصْحَفٍ مَفْسَدَةٌ مَنْقُولًا عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَغَيْرِ مُومِئٍ بِمُومِئٍ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ حَالِهِمَا إلَى آخِرِهِ) الْمُرَادُ بِقُوَّةِ الْحَالِ الِاشْتِمَالُ عَلَى مَا لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْإِمَامِ مِمَّا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَقِّلٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله، ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَقِّلِ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ لَا فِي الْبَعْضِ فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذُكِرَ إذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فَسَبَقَ الْإِمَامُ الْحَدَثَ قَبْلَ السُّجُودِ فَاسْتَخْلَفَهُ صَحَّ وَيَأْتِي بِالسَّجْدَتَيْنِ وَيَكُونَانِ نَفْلًا لِلْخَلِيفَةِ حَتَّى يُعِيدَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَفَرْضًا فِي حَقِّ مَنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، وَكَذَا الْمُتَنَفِّلُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُفْتَرِضِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي يَجُوزُ وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقِرَاءَةِ وَالْعَامَّةُ عَلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَمَنَعُوا نَفْلِيَّةَ السَّجْدَتَيْنِ بَلْ هُمَا فَرْضٌ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلِذَا لَوْ تَرَكَهُمَا فَسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَلَزِمَهُ مَا لَزِمَهُ وَقَالُوا صَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ الْمُقْتَدِي أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ وَلِهَذَا لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ فَكَذَا لَوْ أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى آخِرِهِ) فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ مُعَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِشَاءَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ» لَفْظُ مُسْلِمٍ وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ فَيُصَلِّي بِهِمْ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَنْطَلِقُ إلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ» انْتَهَى كَمَالٌ (قَوْلُهُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ إلَى آخِرِهِ) الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ نَافِلَةً غَيْرَ الصَّلَاةِ الَّتِي تُقَامُ؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ وُقُوعُ الْخِلَافِ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَهَذَا الْمَحْذُورُ مُنْتَفٍ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَقَدْ رَدَّ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ رحمه الله الزِّيَادَةَ الَّتِي هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ فَقَالَ قَدْ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ هِيَ لَهُ تَطَوُّعٌ وَلَهُمْ فَرِيضَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَوْ مِنْ قَوْلِ عَمْرٍو أَوْ مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ وَاجْتِهَادٍ لَا يَجْزِمُ اهـ وَقَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ فَضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَالَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُيَيْنَةَ اهـ
وَفَضِيلَةِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي قَوْمِهِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ» النَّهْيُ عَنْ الِانْفِرَادِ لَا أَنْ يُوَافِقَ الْإِمَامَ فِي صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِلَّذِينَ صَلَّيَا الْفَرْضَ فِي رِحَالِهِمَا «إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ مُطْلَقَ النَّفْلِ لَمَّا صَحَّ هَذَا قَالَ رحمه الله (وَبِمُفْتَرِضٍ آخَرَ) أَيْ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُفْتَرِضٍ فَرْضًا آخَرَ وَآخَرُ صِفَةٌ لِفَرْضٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَرْنَاهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمُفْتَرِضٍ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ إلَّا بِمُفْتَرِضٍ آخَرَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ اتِّحَادَ الصَّلَاتَيْنِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ شَرِكَةٌ وَمُوَافَقَةٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِالِاتِّحَادِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُمْكِنَهُ الدُّخُولُ فِي صَلَاتِهِ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَتَكُونُ صَلَاةُ الْإِمَامِ مُتَضَمِّنَةً لِصَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام ضَامِنٌ أَيْ تَتَضَمَّنُ صَلَاتُهُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالنَّاذِرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ إنَّمَا يَجِبُ بِالْتِزَامِهِ فَلَا يَظْهَرُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَيَكُون بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَقِّلِ إلَّا إذَا نَذَرَ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِ مَا نَذَرَ بِهِ صَاحِبُهُ فَاقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ صَحَّ لِلِاتِّحَادِ وَلَوْ أَفْسَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّطَوُّعَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، ثُمَّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فِي قَضَائِهِ لَا يَجُوزُ لِلِاخْتِلَافِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقْتَدِيًا بِالْآخَرِ فَأَفْسَدَاهُ، ثُمَّ اقْتَدَى أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ صَحَّ لِلِاتِّحَادِ كَمَا يَصِحُّ قَبْلَ الْإِفْسَادِ وَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْحَالِفِ بِالْحَالِفِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُمَا عَارِضٌ لِتَحَقُّقِ الْبِرِّ فَبَقِيَتْ نَفْلًا. وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالْحَالِفِ لِقُوَّةِ النَّذْرِ وَعَلَى الْعَكْسِ يَجُوزُ وَلَوْ اقْتَدَى مُقَلِّدُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْوِتْرِ بِمُقَلِّدِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ لِاتِّحَادِ الصَّلَاةِ وَلَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِقَادِ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هَلْ يَصِيرُ شَارِعًا فِي التَّطَوُّعِ أَمْ لَا ذَكَرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْأَذَانِ أَنَّهُ يَصِيرُ شَارِعًا فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَمَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْأَذَانِ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ إذَا بَطَلَ يَنْقَلِبُ نَفْلًا كَشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ إذَا بَطَلَتْ تَنْقَلِبُ عَنَانًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا بَطَلَتْ جِهَةُ الْفَرْضِيَّةِ يَبْطُلُ أَصْلُ الصَّلَاةِ (قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ) الْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ فَسَدَتْ لِفَقْدِ شَرْطِ الصَّلَاةِ كَالطَّاهِرِ خَلْفَ الْمَعْذُورِ لَا يَكُونُ شَارِعًا وَإِنْ كَانَ لِلِاخْتِلَافِ بَيْن الصَّلَاتَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ شَارِعًا فِيهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ بِالْقَضَاءِ لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِهِ فَصَارَ كَالظَّانِّ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ قَالَ رحمه الله (لَا اقْتِدَاءَ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ) أَيْ لَا يُفْسِدُ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ بِالْمَاءِ أَصْلِيَّةٌ فَيَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ فَلَا يَجُوزُ. وَلَهُمَا مَا رُوِيَ «أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ عَنْ الْجَنَابَةِ وَهُمْ مُتَوَضِّئُونَ فَعَلِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» ؛ وَلِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُطْلَقَةٌ وَلِهَذَا لَا تَتَقَدَّرُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءٌ إلَى آخِرِهِ) لَعَلَّ لَا زَائِدَةٌ اهـ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْغَزِّيِّ رحمه الله (قَوْلُهُ إلَّا بِمُفْتَرِضٍ إلَى آخِرِهِ) كَذَا هُوَ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَى هَذَا فَلَفْظَةُ لَا مِنْ قَوْلِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ اهـ وَفِي مُسَوَّدَةِ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةُ لَا ثَابِتَةٌ وَلَفْظَةُ إلَّا سَاقِطَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ اتِّحَادَ الصَّلَاتَيْنِ شَرْطٌ إلَى آخِرِهِ) وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ هَذَا قَضَاءً لِلْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَدْ نُقِلَتْ عِبَارَتُهَا عَلَى هَامِشِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ عِنْدَ وَمُفْتَرِضٍ مُتَنَفِّلًا وَلَا نَعْكِسُ اهـ. فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْقَاضِي بِالْقَاضِي إذَا فَاتَهُمَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ كَالْأَدَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْغَايَةِ قَالَ قَبِيلُ الْكَلَامِ الْوَلْوَالِجِيُّ رحمه الله فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُحَاذَاةِ وَلَوْ نَسِيَ رَجُلٌ الظُّهْرَ وَآخَرُ الْعَصْرَ فَأَمَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَمْ تَجُزْ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ فَاتَتْهُمَا مِنْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْقَوْمِ بِنَاءً عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ حَتَّى فَسَدَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَتُنْتَقَصُ بِسَهْوِ الْإِمَامِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ وَعَلَى الْمَوْجُودِ صَحِيحٌ فَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ انْعَقَدَتْ تَحْرِيمَةُ الْقَوْمِ لِصَلَاةٍ مَوْصُوفَةٍ بِوَصْفِ عَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَكَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْمَعْدُومِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ اتَّصَفَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَجَبَتَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَكَانَ بِنَاءً عَلَى الْمَوْجُودِ اهـ. (قَوْلُهُ بِعَيْنِ مَا نَذَرَ بِهِ صَاحِبُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ نَذَرْت أَنْ أُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ نَذَرَهُمَا فُلَانٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ النَّاذِرِ بِالْحَالِفِ إلَى آخِرِهِ) وَلَا مَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيهِمَا اهـ. زَادَ الْفَقِيرُ (قَوْلُهُ بِمُقَلَّدِ أَبِي يُوسُفَ) أَيْ وَمُحَمَّدٍ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الصَّلَاةِ) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَعِنْدِي نَظِيرُهُ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْعَصْرِ فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ هَذَا قَضَاءً فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَاحِدَةٌ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي بَابِ الْحَدَثِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا سَبَقَ نَقْلًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا اقْتِدَاءَ مُتَوَضِّئٍ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْخُلَاصَةِ اقْتِدَاءُ الْمُتَوَضِّئِ بِالْمُتَيَمِّمِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُفْسِدُ إلَى آخِرِهِ) قَيَّدَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مَعَ الْمُتَوَضِّئِينَ مَاءٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَأَصْلُهُ فَرْعٌ إذَا رَأَى الْمُتَوَضِّئُ الْمُقْتَدِي بِمُتَيَمِّمٍ مَاءً فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ لِوُجُودِ الْمَاءِ وَمَنَعَهُ زُفَرُ بِأَنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لِعِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ عِنْدَهُمْ إذَا ظَنَّ عِلْمَ إمَامِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَهُ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ بِذَلِكَ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَيَمِّمٌ عَنْ الْجَنَابَةِ إلَى آخِرِهِ) وَالْمُحْدِثُ الْمُتَيَمِّمُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ الْجُنُبِ الْمُتَيَمِّمِ. اهـ. كُنُوزُ الْفِقْهِ لِلْمَرْعَشِيِّ
بِقَدْرِ الْحَاجَةِ عِنْدَنَا وَقِيلَ هَذَا الْخِلَافُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التُّرَابَ خُلْفٌ عَنْ الْمَاءِ عِنْدَهُمَا فَيَعْمَلُ عَمَلَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالتُّرَابِ بَدَلٌ عَنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَيَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ فَلَا يَجُوزُ قَالَ رحمه الله (وَغَاسِلٍ بِمَاسِحٍ) لِاسْتِوَاءِ حَالِهِمَا وَهَذَا لِأَنَّ الْخُفَّ مَانِعٌ مِنْ سِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ وَمَا حَلَّ بِالْخُفِّ يُزِيلُهُ الْمَسْحُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً وَإِنْ جُعِلَ فِي حَقِّهَا مَعْدُومًا حُكْمًا لِلضَّرُورَةِ وَالْمَاسِحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ كَالْمَاسِحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ كَالْغَسْلِ لِمَا تَحْتَهُ قَالَ رحمه الله (وَقَائِمٍ بِقَاعِدٍ وَبِأَحْدَبَ) أَمَّا اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا؛ وَلِأَنَّ حَالَ الْقَائِمِ أَقْوَى مِنْ حَالِ الْقَاعِدِ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ. وَلَهُمَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ وَجَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً فَقَامَ يُهَادِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَرِجْلَاهُ تَخُطَّانِ فِي الْأَرْضِ فَجَاءَ فَجَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَمُسْلِمٌ. وَهَذَا صَرِيحٌ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ إمَامًا وَلِهَذَا جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ وَمَعْنَى قَوْلِهَا وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ؛ فَأَبُو بَكْرٍ كَانَ مُبَلِّغًا حِينَئِذٍ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ إمَامَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ وَمَا رَوَيَاهُ ضَعَّفَهُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَأَمَّا إمَامَةُ الْأَحْدَبِ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ حُدْبَهُ إذَا بَلَغَ حَدَّ الرُّكُوعِ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ الْأَقْيَسُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ هُوَ اسْتِوَاءُ النِّصْفَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ اسْتِوَاءُ نِصْفِهِ الْأَسْفَلَ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْقَاعِدُ الْقَائِمَ لِوُجُودِ اسْتِوَاءِ نِصْفِهِ الْأَعْلَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ لِلْقَائِمِ، هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَوْ كَانَ بِقَدَمِ الْإِمَامِ عِوَجٌ فَقَامَ عَلَى بَعْضِهَا يَجُوزُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى قَالَ رحمه الله (وَمُومِئٍ بِمِثْلِهِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامُ يُومِئُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا لِاسْتِوَائِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا وَالْمُؤْتَمُّ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَقْصُودٌ بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِذَاتِهِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إذَا عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ فَكَانَ الْقَاعِدُ أَقْوَى حَالًا وَقِيلَ يَجُوزُ. وَالْمُخْتَارُ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَغَاسِلٍ بِمَاسِحٍ) أَيْ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ اهـ ع (قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ) أَيْ وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ. قَوْلُهُ «فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ الظُّهْرَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ الْأَحَدِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الِاثْنَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهَا صَلَاةُ الظُّهْرِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي إنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ الظُّهْرَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا الصُّبْحُ (قَوْلُهُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ) هُمَا عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ اهـ. (قَوْلُهُ يَسْمَعُ النَّاسُ تَكْبِيرَهُ إلَى آخِرِهِ) فِي الدِّرَايَةِ وَبِهِ يُعْرَفُ جَوَازُ رَفْعِ الْمُؤَذِّنِينَ أَصْوَاتَهُمْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا اهـ. أَقُولُ لَيْسَ مَقْصُودُهُ خُصُوصَ الرَّفْعِ الْكَائِنِ فِي زَمَانِنَا بَلْ أَصْلُ الرَّفْعِ لِإِبْلَاغِ الِانْتِقَالَاتِ أَمَّا خُصُوصُ هَذَا الَّذِي تَعَارَفُوهُ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ مُفْسِدٌ فَإِنَّهُ غَالِبًا يَشْتَمِلُ عَلَى مُدَّةِ هَمْزَةِ اللَّهِ أَوْ أَكْبَرِ أَوْ بَائِهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَمِلْ فَإِنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي الصِّيَاحِ زِيَادَةً عَلَى حَاجَةِ الْإِبْلَاغِ وَالِاشْتِغَالِ بِتَحْرِيرَاتِ النَّغَمِ إظْهَارًا لِلصِّنَاعَةِ النَّغَمِيَّةِ لَا إقَامَةً لِلْعِبَادَةِ وَالصِّيَاحُ مُلْحَقٌ بِالْكَلَامِ الَّذِي بِسَاطُهُ ذَلِكَ الصِّيَاحُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ أَنَّهُ إذَا ارْتَفَعَ بُكَاؤُهُ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ لَا يَفْسُدُ وَلِمُصِيبَةٍ بَلَغَتْهُ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ تَعَرَّضَ لِسُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا تَفْسُدُ وَفِي الثَّانِي لِإِظْهَارِهَا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَا فَقَالَ وَا مُصِيبَتَاهْ أَوْ أَدْرَكُونِي أَفْسَدَ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ إذَا حَصَلَ بِهِ الْحُرُوفُ وَهُنَا مَعْلُومٌ إنْ قَصَدَهُ إعْجَابُ النَّاسِ بِهِ وَلَوْ قَالَ أُعْجِبُوا مِنْ حُسْنِ صَوْتِي وَتَحْرِيرِي فِيهِ أَفْسَدَ وَحُصُولُ الْحُرُوفِ لَازِمٌ مِنْ التَّلْحِينِ وَلَا أَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ كَمَا لَا أَرَى تَحْرِيرَ النَّغَمِ فِي الدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ الْقُرَّاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَصْدُرُ مِمَّنْ فَهِمَ مَعْنَى الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا نَوْعُ لَعِبٍ فَإِنَّهُ لَوْ قُدِّرَ فِي الشَّاهِدِ سَائِلُ حَاجَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَدَّى سُؤَالُهُ وَطَلَبُهُ بِتَحْرِيرِ النَّغَمِ فِيهِ مِنْ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالتَّرْتِيبِ وَالرُّجُوعِ كَالتَّغَنِّي نُسِبَ أَلْبَتَّةَ إلَى قَصْدِ السُّخْرِيَةِ وَاللَّعِبِ إذْ مَقَامُ طَلَبِ الْحَاجَةِ التَّضَرُّعُ لَا التَّغَنِّي. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إمَامَةُ الْأَحْدَبِ) قَالَ فِي التَّجْنِيسِ بِعَلَامَةِ النُّونِ فِي فَصْلِ الرُّكُوعِ الْأَحْدَبُ إذَا بَلَغَتْ حَدَبَتُهُ الرُّكُوعَ يُشِيرُ بِرَأْسِهِ لِلرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَمَّا هُوَ أَعْلَى اهـ (قَوْلُهُ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ فَتَاوَى الْقَاضِي إذْ فِيهَا وَتَجُوزُ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ لِلْقَائِمِ بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ اهـ فَأَطْلَقَ كَمَا تَرَى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ إلَى آخِرِهِ) هَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ رحمه الله وَاَلَّذِي وَقَفْنَا عَلَيْهِ فِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ الظَّهِيرِيَّةِ هَكَذَا وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ الْأَحْدَبِ لِلْقَائِمِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِقَدَمِ الْإِمَامِ عَوَجٌ) الْعَوَجُ بِفَتْحَتَيْنِ فِي الْأَجْسَادِ خِلَافُ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ تَعَبٍ يُقَالُ عَوِجَ الْعُودُ وَنَحْوُهُ فَهُوَ أَعْوَجُ وَالْأُنْثَى عَوْجَاءُ مِنْ بَابِ أَحْمَرُ وَالْعِوَجُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَعَانِي يُقَالُ فِي الدِّينِ عِوَجٌ وَفِي الْأَمْرِ عِوَجٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ أَوْ قَائِمًا لَا يَجُوزُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَقْوَى وَالْقُعُودَ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِهِ دُونَ الْمُضْطَجِعِ فَتَثْبُتُ بِهِ الْقُوَّةُ كَذَا عَلَّلَ فِي الْغَايَةِ
الْأَوَّلُ قَالَ رحمه الله (وَمُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ)؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَقْوَى إذْ الْحَاجَةُ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ إلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْفَرْضِ وَزِيَادَةِ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ نَفْلٌ فِي حَقِّ الْمُفْتَرِضِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي أَخَذَتْ حُكْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ وَلِهَذَا لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَفْسَدَ الْمُقْتَدِي صَلَاتَهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ فَكَانَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي نَفْلًا فِي حَقِّهِ كَمَا هِيَ نَفْلٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّ إمَامَهُ مُحْدِثٌ أَعَادَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعِيدُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْجُنُبُ وَاَلَّذِي فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «أَيُّمَا إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ وَهُوَ جُنُبٌ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ، ثُمَّ لِيَغْتَسِل هُوَ، ثُمَّ لِيُعِدْ صَلَاتَهُ وَإِنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَمِثْلُ ذَلِكَ» وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ فَأَعَادَ وَلَمْ يَأْمُرْ الْقَوْمَ بِالْإِعَادَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَالِ الْإِمَامِ فَتَعَذَّرَ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «إذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ» وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ جَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَأَعَادَ بِهِمْ» ؛ وَلِأَنَّ صَلَاتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ فَصَارَ كَالْجُمُعَةِ وَكَمَا إذَا بَانَ أَنَّ الْإِمَامَ كَافِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُمِّيٌّ وَأَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَانَ أَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا الْمُحْدِثُ؛ لِأَنَّهُ لَا إحْرَامَ لَهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَلَا مُعْتَبَرًا بِعَدَمِ إمْكَانِ الْإِطْلَاعِ فِي الشُّرُوطِ وَمَا رَوَاهُ وَضَعَّفَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَيْقِنْ بِالْجَنَابَةِ وَإِنَّمَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ بِالِاحْتِيَاطِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلَى الْجُرُف فَإِذَا هُوَ قَدْ احْتَلَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَقَالَ مَا أَرَانِي إلَّا قَدْ احْتَلَمَتْ وَمَا شَعَرَتْ وَصَلَّيْت وَمَا اغْتَسَلَتْ قَالَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ وَنَضَحَ مَا لَمْ يَرَهُ وَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ) أَيْ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ أَمَّ قَوْمًا مَعْذُورِينَ وَغَيْرَ مَعْذُورِينَ فَصَارَ كَالْعَارِي إذَا أَمَّ قَوْمًا لَابِسِينَ وَعُرَاةً، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ إذَا أَمُّوا تَبْطُلْ صَلَاةُ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ لَا غَيْرُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِمَامَ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْقَارِئِ حَتَّى تَكُونَ صَلَاتُهُ بِقِرَاءَةٍ فَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ مِمَّنْ يَقْرَأُ وَمِمَّنْ لَا يَقْرَأُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَعْذَارِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لِلْمُؤْتَمِّ فَتَرْكُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ سِتْرُ الْإِمَامِ سِتْرًا لِلْقَوْمِ حَتَّى لَا تَكُونَ عَوْرَتُهُمْ مَسْتُورَةً بِسِتْرِ عَوْرَةِ الْإِمَامِ، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ وَلَا يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْإِمَامِ مَوْجُودًا فِي حَقِّهِمْ فَافْتَرَقَا، ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ عِنْدَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ خَلْفَهُ قَارِئًا يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحَالُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ إذَا اقْتَدَى بِهِ الْقَارِئُ وَلَمْ يَنْوِ الْأُمِّيُّ إمَامَتَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ كَالْمَرْأَةِ وَقِيلَ تَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهُ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ بِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عِلْمُهُ عَلَى الظَّاهِرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي شُرُوعِهِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَصِيرُ شَارِعًا يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَصِيرُ شَارِعًا فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ الْقِرَاءَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْكَرْخِيِّ، وَلَوْ كَانَ الْأُمِّيُّ يُصَلِّي وَحْدَهُ وَالْقَارِئُ وَحْدَهُ يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَمُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ إلَى آخِرِهِ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالزُّهْرِيُّ: لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ شَرِكَةٌ وَمَوَاهِبَ وَالْمُغَايِرَةُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ ثَابِتَةٌ وَجَوَابُهُمَا مَا قُلْنَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ «وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام لِأَبِي ذَرٍّ كَيْفَ بِك يَا أَبَا ذَرٍّ إذَا كَانَ أُمَرَاءُ سَوْءٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَصَلِّ فِي بَيْتِك، ثُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَك مَعَهُمْ سُبْحَةً» . اهـ. دِرَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُعِيدُ) أَيْ وَفِي الْجُمُعَةِ يُعِيدُ عِنْدَهُمْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى آخِرِهِ) هَذَا الْحَدِيثُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْغَايَةِ فِيهِمَا نَقْلًا عَنْ أَبِي الْفَرَجِ لَا يُعْرَفَانِ اهـ. (فَرْعٌ) ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى أَمَّهُمْ زَمَانًا، ثُمَّ قَالَ إنَّهُ كَانَ كَافِرًا وَصَلَّيْت مَعَ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ أَوْ بِلَا طَهَارَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إعَادَةٌ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ لِفِسْقِهِ بِاعْتِرَافِهِ. اهـ. فَتْحٌ. (فَرْعٌ) نَقَلَهُ فِي الدِّرَايَةِ عَنْ جُمَلِ النَّوَازِلِ شَكَّ فِي إتْمَامِ وُضُوءِ إمَامِهِ جَازَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ الْإِتْمَامُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَيْقِنْ بِالْجَنَابَةِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ عُمَرَ خَرَجَ إلَى الْجُرْفِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْجُرُفُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِالسُّكُونِ لِلتَّخْفِيفِ مَا جَرَفَتْهُ السُّيُولُ وَأَكَلَتْهُ مِنْ الْأَرْضِ وَبِالْمُخَفَّفِ اسْمُ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَدِينَةِ بِطَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى فَرْسَخٍ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ) وَجْهُهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ إمَّا فِي لُزُومِ الْإِتْمَامِ أَوْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِيرُ شَارِعًا) أَيْ لِأَنَّ الْأُمِّيَّ قَادِرٌ عَلَى التَّكْبِيرِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَإِذَا جَاءَ أَوَانُ الْقِرَاءَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَى آخِرِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْتَدِي بِهِ مُتَنَفِّلًا الْقَضَاءُ مَعَ أَنَّهُ إفْسَادٌ بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ شَارِعًا فِي صَلَاةٍ لَا قِرَاءَةَ فِيهَا وَالشُّرُوعُ كَالنَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً بِلَا قِرَاءَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَذَلِكَ هَذَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْأُمِّيُّ يُصَلِّي وَحْدَهُ وَالْقَارِئُ وَحْدَهُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ أَبُو حَازِمٍ عَلَى
يَظْهَرُ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ وَفِيمَا إذَا قَدَّمَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَمَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ خِلَافَ زُفَرَ هُوَ يَقُولُ: إنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ قَدْ تَأَدَّى قَبْلَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْأُمِّيَّ أَضْعَفُ حَالًا وَأَنْقَصُ صَلَاةً مِنْ الْقَارِئِ فَلَا يَصْلُحُ إمَامًا لَهُ كَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ فَلَا يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ الْقَادِرُ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ لَا يُعَدُّ قَادِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبْ الْجُمُعَةَ وَالْحَجَّ عَلَى الضَّرِيرِ وَإِنْ وَجَدَ قَائِدًا يَمْشِي مَعَهُ فَكَيْفَ اعْتَبَرَهُ قَادِرًا فِي مَسَائِلِ الْأُمِّيِّ قُلْنَا: إنَّمَا لَا تُعْتَبَرُ قُدْرَةُ الْغَيْرِ إذَا تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَهُنَا الْأُمِّيُّ قَادِرٌ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْقَارِئِ فَيَنْزِلُ قَادِرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ) أَيْ الْمُصَلِّي (تَوَضَّأَ وَبَنَى) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُنَافِيهَا وَالْمَشْيُ وَالِانْحِرَافُ يُفْسِدَانِهَا فَأَشْبَهَ الْحَدَثَ الْعَمْدَ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمَذَى فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَقَاءَ أَوْ رَعَفَ فَلْيَضَعْ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ وَيُقَدِّمْ مِنْ لَمْ يَسْبِقْ بِشَيْءٍ» ؛ وَلِأَنَّ الْبَلْوَى فِيمَا سَبَقَ فَلَا تُلْحِقُ بِهِ مَا يَتَعَمَّدُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ وَقِيلَ: إنَّ الْمُنْفَرِدَ يَسْتَقْبِلُ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤْتَمُّ يَبْنِي صِيَانَةً لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَالْمُنْفَرِدُ إنْ شَاءَ أَتَمَّ فِي مَنْزِلِهِ وَإِنْ شَاءَ عَادَ إلَى مَكَانِهِ وَالْمُقْتَدِي يَعُودُ إلَى مَكَانِهِ حَتْمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ قَدْ فَرَغَ أَوْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُقْتَدِي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ الْعَوْدُ أَفْضَلُ لِيَكُونَ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ وَالْكَرْخِيِّ وَقِيلَ مَنْزِلُهُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْمَشْيِ وَذَكَرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْعَوْدَ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ مَشْيٌ بِلَا حَاجَةٍ وَمِنْ شَرْطِ جَوَازِ الْبِنَاءِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ حَتَّى لَوْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ أَوْ مَكَثَ مَكَانَهُ قَدْرَ مَا يُؤَدِّي رُكْنًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ إلَّا إذَا أَحْدَثَ بِالنَّوْمِ وَمَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَبْنِي وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَقَامِهِ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَلَوْ قَرَأَ ذَاهِبًا
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهَا بَلْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي ذَلِكَ. اهـ. كَاكِيٌّ وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ: اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِالْأُمِّيِّ صَحِيحٌ فِي الْأَصْلِ لَكِنْ إذَا جَاءَ أَوَانُ الْقِرَاءَةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُولُ: لَا يَصِحُّ أَصْلًا هَذَا لَفْظُ صَاحِبِ الْغَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِيمَا إذَا قَدَّمَهُ) أَيْ أَحْدَثَ فَاسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا. اهـ. كَاكِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ) كَتَبَ الشَّيْخُ الشِّلْبِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَرْجَمَةً وَهِيَ قَوْلُهُ بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَوْجُودَةٌ فِي غَالِبِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ الْمَتْنِ وَفِي بَعْضِهَا مِنْهَا ضَمَّهُ إلَى بَابِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ مَشَى الشَّارِحُ رحمه الله. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ إلَى آخِرِهِ) عَنْ الْعَلَّامَةِ فَخْرِ الدِّينِ الْمَايَمُرْغِيِّ الْبِنَاءُ فِي الْأَحْدَاثِ الْخَارِجَةِ مِنْ بَدَنِهِ مُوجِبَةٌ لِلْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ بِلَا قَصْدِهِ لِلْحَدَثِ أَوْ سَبَبِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَأْتِ بَعْدَهُ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ تَوَقُّفٍ أَوْ فِعْلٍ يُنَافِي الصَّلَاةَ مِمَّا لَهُ بُدٌّ مِنْهُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام مَنْ قَاءَ إلَى آخِرِهِ) وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ أَنَّ قَوْلَهُ وَلْيَبْنِ أَمْرٌ وَأَدْنَى دَرَجَاتِهِ الْإِبَاحَةُ فَيَثْبُتُ شَرْعِيَّةُ الْبِنَاءِ وَلَا يُقَالُ قَوْلُهُ فَلْيَتَوَضَّأْ لِلْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَلْيَبْنِ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا قُلْنَا لَا يَضُرُّنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْوُجُوبِ يَكُونُ الْمُدَّعِي أَثْبَتَ لَكِنَّ الْبِنَاءَ غَيْرُ وَاجِبٍ بِالْإِجْمَاعِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى آخِرِهِ) الْحَدِيثُ الثَّانِي قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ فِيهِ: إنَّهُ غَرِيبٌ وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَأَحْدَثَ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْصَرِفْ» وَلَوْ صَحَّ مَا رَوَاهُ لَمْ يَجُزْ اسْتِخْلَافُهُ الْمَسْبُوقُ إذْ لَا صَارِفَ لَهُ عَنْ الْوُجُوبِ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَمَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَشْرَعُ بَعْدَ الْوُضُوءِ. اهـ. (قَوْلُهُ تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا الْجَوَابُ عَنْ إلْحَاقِهِ بِالْحَدَثِ الْعَمْدِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ) أَيْ فَيَتَخَيَّرُ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْحَائِلِ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْعَوْدَ يُفْسِدُ) أَيْ وَالصَّحِيحُ عَدَمُهُ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الصَّلَاةَ فِي مَكَان وَاحِدٍ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَشَى بِلَا حَاجَةٍ) قَالَ فِي الْغَايَةِ، ثُمَّ لَوْ حَمَلَ الْإِنَاءَ بَعْدَ الْوُضُوءِ إلَى مَوْضِعِ صَلَاتِهِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ جَازَ الْبِنَاءُ وَلَوْ حَمَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ لِيَتَوَضَّأَ بِهِ لَا يَبْنِي ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَقَالَ فِي الْمُفِيدِ كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَبْنِي) وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ فِي حَالِ نَوْمِهِ، ثُمَّ انْتَبَهَ وَذَهَبَ جَازَ لَهُ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ كَالْعَدَمِ اغَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ جُزْءٌ) الَّذِي فِي مُسَوَّدَةِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُؤَدِّ اهـ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا يَضَعُ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ مُشِيرًا إلَيْهِ وَفِي السُّجُودِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَفِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْفَمِ وَفِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَضَعُ إصْبَعَهُ عَلَى أَنْفِهِ اهـ وَفِي الْغَايَةِ لِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَسَجْدَةٍ يَضَعُ إصْبَعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ إنْ كَانَتْ وَاحِدَةً بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ وَفِي اثْنَتَيْنِ بِإِصْبَعَيْنِ وَفِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَضَعُ إصْبَعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَلِسَانُهُ وَفِي السَّهْوِ وَيُشِيرُ بِذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ بِتَحْوِيلِ رَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا قَالَ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَقَالَ فِي الدِّرَايَةِ أَيْضًا قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ لَا يَرْتَفِعُ مُسْتَوِيًا بَلْ يَتَأَخَّرُ مُحْدَوْدِبًا ثُمَّ يَنْصَرِفُ اهـ وَقَالَ فِي الْمُجْتَبَى أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ لَا يَرْتَفِعُ مُسْتَوِيًا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَأَخَّرُ مَحْدُودٌ بِإِثْمٍ يَنْصَرِفُ اهـ. (قَوْلُهُ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ إلَى آخِرِهِ) قُلْنَا هُوَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَمَا وُجِدَ مِنْهُ صَالِحًا لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنْهَا انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْقَصْدِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ فَلِذَا كَانَ
تَفْسُدُ وَآيِبًا لَا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ الْفَسَادُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ أَدَّى رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ وَفِي الثَّانِي مَعَ الْمَشْيِ، وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: لَوْ أَحْدَثَ رَاكِعًا وَرَفَعَ رَأْسَهُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَا يَبْنِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَحْدَثَ فِي سُجُودِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ يُرِيدُ بِهِ إتْمَامَ سُجُودِهِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ أَرَادَ الِانْصِرَافَ لَا تَفْسُدُ وَمِنْ شَرْطِهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ سَمَاوِيًّا حَتَّى لَوْ أَصَابَتْهُ شَجَّةٌ أَوْ عَضَّةُ زُنْبُورٍ فَسَالَ مِنْهَا دَمٌ لَا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ بِصُنْعِ الْعِبَادِ مَعَ نُدْرَتِهِ فَلَا يَلْحَقُ بِالْغَالِبِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْنِي لِعَدَمِ صُنْعِهِ وَلَوْ وَقَعَتْ طُوبَةٌ مِنْ سَطْحٍ أَوْ سَفَرْجَلَةٌ مِنْ شَجَرَةٍ أَوْ تَعَثَّرَ بِشَيْءٍ مَوْضُوعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَدْمَاهُ قِيلَ يَبْنِي لِعَدَمِ صُنْعِ الْعِبَادِ وَقِيلَ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَلَوْ عَطَسَ فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنَحَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ رِيحٌ بِقُوَّتِهِ. وَقِيلَ يَبْنِي وَقِيلَ لَا يَبْنِي وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْكُرْسُفُ بِغَيْرِ صُنْعِهَا مَبْلُولًا بَنَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَبِتَحْرِيكِهَا بَنَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْنِي وَإِنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ فَغَسَلَهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ مِنْهُ بَنَى وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ لَا يَبْنِي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ هَذَا غَسْلٌ لِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ ابْتِدَاءً وَفِي الْأَوَّلِ تَبَعًا لِلْوُضُوءِ وَلَوْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مِنْ خَارِجٍ وَمِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ لَا يَبْنِي وَإِنْ كَانَتَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيَتَوَضَّأُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرِ سُنَنِ الْوُضُوءِ وَقِيلَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً وَإِنْ زَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ رحمه الله (وَاسْتَخْلَفَ لَوْ إمَامًا) أَيْ إنْ كَانَ إمَامًا لِمَا رَوَيْنَا وَصُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مُحْدَوْدِبًا وَاضِعًا يَدَهُ فِي أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ قَدْ رَعَفَ فَيَنْقَطِعُ عَنْهُ الظُّنُونُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ ذَاهِبًا أَوْ أَيْبًا تَفْسُدُ لِأَدَائِهِ رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ أَوْ الْمَشْيِ وَإِنْ قِيلَ تَفْسُدُ فِي الذَّهَابِ لَا الْإِيَابِ وَقِيلَ بَلْ فِي عَكْسِهِ بِخِلَافِ الذِّكْرِ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَجْزَاءِ. اهـ. فَتْحٌ (فُرُوعٌ) مِنْ الْغَايَةِ وَلَوْ جَاوَزَ الْمَاءَ فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَشَى بِلَا حَاجَةٍ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. كَاكِيٌّ وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ يَبْنِي وَلَوْ اسْتَقَى مَاءً لِوُضُوئِهِ أَوْ خَرَزَ دَلْوَهُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْبِنَاءِ وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ يَسْتَقِي مِنْ الْبِئْرِ وَيَبْنِي قَالَ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ لَا يَبْنِي وَذَكَرَ فِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ يَبْنِي وَلَمْ يُحْكَ خِلَافًا وَرَوَى أَبُو سَلِيمَانِ أَيْضًا أَنَّ الِاسْتِقَاءَ مِنْ الْبِئْرِ لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ كَانَ الْمَاءُ بَعِيدًا أَوْ الْبِئْرُ قَرِيبَةً تَحْتَاجُ إلَى النَّزَحِ يَخْتَارُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مُؤْنَةً وَلَوْ طَلَبَ الْمَاءَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِالتَّعَاطِي أَوْ نَسِيَ ثَوْبَهُ فِي مَوْضِعِ الْوُضُوءِ فَرَجَعَ وَأَخَذَهُ لَا يَبْنِي وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ بِرَأْسِهِ فَرَجَعَ وَمَسَحَ يَجْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ وَالْمُجْتَبَى نَزْحُ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ لَا يُفْسِدُ وَلَوْ كَانَ الدَّلْوُ مُتَخَرِّقًا فَحِرْزُهُ تَفْسُدُ اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَوْ أَحْدَثَ رَاكِعًا وَرَفَعَ رَأْسَهُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ إلَى آخِرِهِ) وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُنْتَقَى. اهـ. غَايَةٌ أَيْ وَلِأَنَّ الرَّفْعَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِانْصِرَافِ فَمُجَرَّدُهُ لَا يَمْنَعُ فَلَمَّا اقْتَرَنَ بِهِ التَّسْمِيعُ ظَهَرَ قَصْدُ الْأَدَاءِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ مَعَ نَدْرَتِهِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالضَّمِّ لُغَةً. اهـ. مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الِاخْتِلَافِ) أَيْ لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْإِنْبَاتَ مِنْ صُنْعِهِمْ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ بَنَتْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) أَيْ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى تَصَوُّرِ بِنَائِهَا كَالرَّجُلِ خِلَافًا لِابْنِ رُسْتُمَ وَهُوَ قَوْلُ الْمَشَايِخِ اهـ فَتْحٌ قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ رُسْتُمَ أَيْ لِأَنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَفِي الذَّخِيرَةِ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الْوُضُوءِ وَالْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَنْ فِي الْحَدِيثِ تَتَنَاوَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا اسْتَنْجَى الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فَسَدَتْ، ثُمَّ نُقِلَ مِنْ التَّجْرِيدِ يَسْتَنْجِي مِنْ تَحْتِ ثِيَابِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ وَفِي النِّهَايَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ إنْ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْهُ لَمْ يُفْسِدْ وَإِنْ وَجَدَ بِأَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ وَغَسَلَ النَّجَاسَةَ تَحْتَ الْقَمِيصِ وَأَبْدَى عَوْرَتَهُ فَسَدَتْ. اهـ. فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا إلَى آخِرِهِ) أَوْ كَشَفَتْ رَأْسَهَا لِلْمَسْحِ. اهـ. فَتْحٌ بِالْمَعْنَى قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ إنْ أَمْكَنَهَا الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ كَشْفِ عَوْرَتِهَا بِأَنْ يُمْكِنَهَا غَسْلُ ذِرَاعَيْهَا فِي الْكُمَّيْنِ وَمَسْحُ رَأْسِهَا مَعَ الْخِمَارِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ رَقِيقًا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ فَكَشَفَتْهَا لَا تَبْنِي وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهَا بِأَنْ كَانَ عَلَيْهَا جُبَّةٌ وَخِمَارٌ ثَخِينٌ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ جَازَ كَالرَّجُلِ إذَا كَشَفَ عَوْرَتَهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عِنْدَ مُجَاوَزَةِ النَّجَاسَةِ الْمُخْرَجِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا أَطْلَقَ الْجَوَابَ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْغَسْلَ فِي الْكُمَّيْنِ حَرَجًا اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَإِنْ رُوِيَ جَوَازُ كَشْفِهِمَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَاسْتَخْلَفَ لَوْ إمَامًا إلَى آخِرِهِ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَلَوْ تَقَدَّمَ رَجُلَانِ بَعْدَمَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَتَأَخَّرَ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إلَى مَقَامِ الْإِمَامِ فَهُوَ الْإِمَامُ وَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَقْتَدُوا بِهِ وَإِنْ تَقَدَّمَا مَعًا فَأَيُّهُمَا اقْتَدَى بِهِ الْقَوْمُ فَهُوَ الْإِمَامُ وَلَوْ اقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَبَعْضُهُمْ بِهَذَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ فَصَلَاةُ الْأَكْثَرِ مَعَ إمَامِهِمْ جَائِزَةٌ وَصَلَاةُ الْأَقَلِّينَ مَعَ إمَامِهِمْ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانُوا سَوَاءً فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا اهـ.
وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَلْآنَ وَصُفُوفٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُمْ جَمِيعًا بِالْإِمَامِ فَخَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَاسْتَخْلَفَ وَاحِدًا مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ لَا تَصِحُّ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ اهـ ش الطَّحَاوِيُّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إمَامًا) أَيْ إنْ كَانَ الَّذِي سَبَقَهُ الْحَدَثُ إمَامًا. اهـ. (قَوْلُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ قَدْ رَعَفَ) أَيْ آخِذًا بِثَوْبِ رَجُلٍ إلَى الْمِحْرَابِ أَوْ مُشِيرًا إلَيْهِ اهـ
وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيه وَلَا يَسْتَخْلِفُ بِالْكَلَامِ بَلْ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ وَفِي الْمَسْجِدِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ حَتَّى جَاوَزَ هَذَا الْحَدَّ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ صُفُوفٌ مُتَّصِلَةٌ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ لِمَوَاضِعِ الصُّفُوفِ حُكْمَ الْمَسْجِدِ كَمَا فِي الصَّحْرَاءِ وَلَهُمَا أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُمْ بِنَفْسِ الِانْحِرَافِ لَكِنْ فِي الْمَسْجِدِ ضَرُورَةٌ وَلَا ضَرُورَةَ خَارِجَهُ. وَلِهَذَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَحْدَهُ وَكَبَّرَ الْقَوْمُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ الصُّفُوفِ الَّتِي خَارِجَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَجُوزُ قَالَ رحمه الله (كَمَا لَوْ حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ اسْتَخْلَفَ فِي الْحَدَثِ كَمَا يَسْتَخْلِفُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا إذَا حَضَرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بَلْ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ وَجَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ تَتَحَقَّقُ فِيمَا يَغْلِبُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ نِسْيَانَ جَمِيعِ مَا يَحْفَظُهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ بَعِيدٌ فَصَارَ كَالْجَنَابَةِ وَلَهُ أَنَّ الْعَجْزَ هُنَا أَلْزَمُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدَثِ لَوْ وُجِدَ مَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَبْنِي فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَلِهَذَا لَوْ تَعَلَّمَ مِنْ مُصْحَفٍ أَوْ عَلَّمَهُ إنْسَانٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى زِيَادَةِ أُمُورٍ غَالِبًا مِنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الْوُضُوءِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ وَاعْتَرَاهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَحُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ. أَمَّا إذَا قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ بَلْ يَرْكَعُ وَيَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ، وَكَذَا إذَا نَسِيَ الْقُرْآنَ وَصَارَ أُمِّيًّا فَاسْتِخْلَافُهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ إتْمَامَ الْقَارِئِ صَلَاةَ الْأُمِّيِّ لَا تَجُوزُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ يَظُنُّ الْحَدَثَ أَوْ جُنَّ أَوْ احْتَلَمَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) وَقَوْلُهُ يَظُنُّ الْحَدَثَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيه) أَيْ لِقُرْبِهِ وَلِهَذَا قَالَ عليه الصلاة والسلام «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَابَهُ نَائِبَةٌ اسْتَخْلَفَ مِنْهُمْ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إلَى آخِرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَفِي صَلَاةِ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ كَانَ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ لِيَصِيرَ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُقْتَدِينَ بِهِ كَغَيْرِهِ فَيَتْرُكَ الِاسْتِخْلَافِ لِمَا أَنْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ فَلَأَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ كَانَ أَوْلَى وَقَالَ أَبُو عِصْمَةَ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. دِرَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ الصُّفُوفَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَهُمَا) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ آخَرِ الصُّفُوفِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مُتَقَدِّمَهُ دُونَ صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صِفَةٍ وَمَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ) أَيْ بِالْمَسْجِدِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مِنْ الصُّفُوفِ الَّتِي خَارِجَ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَفِي الْمَسْجِدِ يَسْتَخْلِفُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ إلَّا إذَا كَانَ مِثْلَ جَامِعِ الْمَنْصُورِ وَجَامِعِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. اهـ. غَايَةٌ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَالْقَوْمُ يَنْتَظِرُونَ وَرَجَعَ إلَى مَكَانِهِ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ أَجُزْأَهُمْ. اهـ. غَايَةٌ وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لَوْ سَبَقَ الْحَدَثُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَفِي الِاسْتِخْلَافِ خِلَافٌ كَذَا فِي الْغَايَةِ قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدٌ اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ) الْحَصَرُ بِفَتْحَتَيْنِ الْعِيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَصِرَ مِثْل لَبِسَ فَهُوَ حَصَرٌ وَمِنْهُ إمَامُ حَصَرٍ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ وَضَمُّ الْحَاءِ فِيهِ خَطَأٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَصِرَ عَلَى فَعِلَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ حَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمَعْنَاهُ مَنَعَ وَحَبَسَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِسَبَبِ خَجَلٍ وَبِالْوَجْهَيْنِ حَصَلَ لِي السَّمَاعُ مِنْ شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ بُرْهَانِ الدِّينِ الخريفغني رحمه الله وَبِهِمَا صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ وَرَدَتْ اللُّغَتَانِ أَيْضًا فِي كُتِبَ اللُّغَةِ كَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْكَارُ الْمُطَرِّزِيُّ ضَمَّ الْحَاءِ فَهُوَ فِي مَكْسُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجِيءُ لَهُ مَفْعُولٌ مَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلَهُ لَا فِي مَفْتُوحِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ يَجُوزُ بِنَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْعَجْزَ هُنَا أَلْزَمُ) أَيْ أَثْبَتُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَجْزِ فِي الْحَدَثِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى زِيَادَةِ أُمُورٍ غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ غَالِبًا عَنْ فَاقِدِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَلَا يُوجَدُ مِنْهُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَصَارَ أُمِّيًّا فَاسْتِخْلَافُهُ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ وَفِي النِّهَايَةِ إنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ إذَا لَحِقَهُ خَجَلٌ أَوْ خَوْفٌ فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ أَمَّا إذَا نَسِيَ فَصَارَ أُمِّيًّا لَمْ يَجْرِ وَتَقَدَّمَ فِي دَلِيلِهِمَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ فِي النِّسْيَانِ وَهُوَ فِي النِّهَايَةِ أَيْضًا فَلَا يَخْلُو مِنْ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ النِّسْيَانُ هُنَاكَ بِمَا يُشْبِهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْقِرَاءَةِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ يَظُنُّ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ جُنَّ) يُقَالُ جُنَّ الرَّجُلُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَلَا يُقَالُ جَنَّهُ اللَّهُ بَلْ أَجَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ مُجَنٌّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ هَذَا إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ فَأَمَّا لَوْ وُجِدَتْ بَعْدَهُ فَصَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَارِجًا عَنْهَا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنْ قِيلَ الْخُرُوجُ بِفِعْلِهِ فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُوجَدْ قُلْنَا وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَمَا صَارَ مُحْدِثًا بِهَا لَا بُدَّ مِنْ اضْطِرَابٍ أَوْ مُكْثٍ بَعْدَ الْحَدَثِ فَإِنَّ الْمُكْثَ إذًا جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ الْحَدَثِ وَهُوَ صُنِعَ كَيْفَمَا كَانَ فَحِينَئِذٍ وُجِدَ الصُّنْعُ إمَّا مِنْ حَيْثُ الِاضْطِرَابُ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ اهـ
مَعْنَاهُ يَظُنُّ الْحَدَثَ مِنْهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ أَمَّا الِاسْتِقْبَالُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ يُصَلِّي مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِوُجُودِ الِانْصِرَافِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ انْصَرَفَ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ فَأَلْحَقَ قَصْدَ الْإِصْلَاحِ بِحَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا أَلْحَقْنَا التَّأْوِيلَ الْفَاسِدَ بِالصَّحِيحِ فِي حَقِّ الْبُغَاةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَظَنَّ أَنَّ مُدَّةَ مَسْحِهِ قَدْ انْقَضَتْ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا فَرَأَى سَرَابًا فَظَنَّهُ مَاءً أَوْ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّهَا نَجَاسَةً فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الِانْصِرَافَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ. وَلِهَذَا لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ يَسْتَقْبِلُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالدَّارُ وَالْجَبَّانَةُ وَالْجِنَازَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْمَرْأَةُ إذَا نَزَلَتْ مِنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلِهَذَا تَعْتَكِفُ فِيهِ وَمَكَانُ الصُّفُوفِ فِي الصَّحْرَاء لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ تَقَدَّمَ قُدَّامُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَّ سُتْرَةٌ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالْحَدُّ السُّتْرَةُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَدْرُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سُتْرَةٌ وَإِنْ اسْتَخْلَفَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ وَقِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي نَصْرٍ وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ لَمْ يَأْتِ بِالرُّكُوعِ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ أَتَى فَسَدَتْ كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِالرُّكُوعِ الرُّكْنَ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ قَامَ الْخَلِيفَةُ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرُكْنٍ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ جَازَتْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ نَفْسَهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ فَيَكُونُ مُفْسِدًا وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي الْحَدَثِ وَإِنَّمَا تُرِكَ لِلْعُذْرِ وَلَا عُذْرَ هُنَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الِاسْتِخْلَافِ وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَحَدُّهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ وَقِيلَ مِقْدَارُ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ. وَأَمَّا الِاسْتِقْبَالُ فِيمَا إذَا جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ احْتَلَمَ فَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ نَادِرَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ؛ وَلِأَنَّهُ يَبْقَى فِي مَكَانِهِ بَعْدَ وُجُودِ الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ الْبِنَاءِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ وَفِي الِاحْتِلَامِ يَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ وَإِلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الْحَدَثِ.
قَالَ رحمه الله (وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ تَوَضَّأَ وَسَلَّمَ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ فَيَتَوَضَّأُ لِيَأْتِيَ بِهِ قَالَ رحمه الله (وَإِنْ تَعَمَّدْهُ أَوْ تَكَلَّمْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ) أَيْ تَعَمَّدْ الْحَدَثَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَكَذَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، ثُمَّ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِمَا قُلْنَا، وَكَذَا لَوْ قَهْقَهَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لَكِنْ يَبْطُلُ وُضُوءُهُ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَبْطُلُ لِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي فَسَادِ الصَّلَاةِ فَأَوْلَى أَنْ لَا تُؤَثِّرَ فِي فَسَادِ الْوُضُوءِ وَهَذَا لِأَنَّ الْخَبَرَ وَرَدَ بِإِعَادَتِهِمَا فَإِذَا لَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ فَلَا يُعِيدُ الْوُضُوءَ قُلْنَا وُجُودُ الْقَهْقَهَةِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ كَوُجُودِهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَصَارَ كُنْيَةَ الْإِقَامَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ أَرْبَعًا بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَى الْبِنَاءِ، وَكَذَا لَوْ قَهْقَهَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لِأَنَّ الْعَوْدَ إلَى السُّجُودِ يَرْفَعُ السَّلَامَ دُونَ الْقَعْدَةِ فَكَأَنَّهُ قَهْقَهَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَوْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ، ثُمَّ الْقَوْمُ بَطَلَ وُضُوءُهُ دُونَهُمْ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ الصَّلَاةِ بِقَهْقَهَتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ قَهْقَهُوا حَيْثُ يَبْطُلُ وُضُوءُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِهِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُمْ الْبِنَاءُ بَعْدَمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَوْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ مَعًا بَطَلَ وُضُوءُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ.
قَالَ رحمه الله
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ مَعْنَاهُ يُظَنُّ الْحَدَثُ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ ظَنَّ الْمُخَاطَ رُعَافًا مَثَلًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْبُغَاةِ إلَى آخِرِهِ) حَتَّى لَا يَلْزَمُهُمْ بَعْدَ التَّوْبَةِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ كَالْأَهْلِ الْعَدْلِ وَإِنَّمَا افْتَرَقُوا فِي الْآثَامِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا انْصَرَفَ لَظَنَّ فَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقُهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا جَازَ الْبِنَاءُ فَظَهَرَ خِلَافُهُ جَازَ الْبِنَاءُ وَإِنْ كَانَ لَوْ كَأَنْ لَمْ يَجُزْ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ يَجُزْ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ قَدْرُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَوْجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُتْرَةً أَنْ يُعْتَبَرَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدِ ذَلِكَ انْتَهَى فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ جَازَتْ) أَيْ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَوْمُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لَا صَلَاةُ الْإِمَامِ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَهْقَهَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ إلَى آخِرِهِ) إلَّا فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْعَوْدُ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ كَالْعَوْدِ إلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَعَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ إلَى آخِرِهِ) اُنْظُرْ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ كَمَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ
(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رحمه الله هَذِهِ إلَى آخِرِهِ الْمَسَائِلُ الْمُلَقَّبَةُ بِاَلْاِثْنَا عَشْرِيَّةَ. اهـ. (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَاءَ إلَى آخِرِهِ) لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ. اهـ. غَايَةٌ فَإِنْ قِيلَ يَشْكُلُ عَلَى هَذَا بِالْمُتَيَمِّمِ إذَا أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَ، ثُمَّ وَجَدَ مَاءً لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ فَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ هُنَاكَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَسْحِ الْخُفِّ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قُلْنَا: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ هُنَا وَلَا يَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَنَّ التَّيَمُّمَ يُنْتَقَضُ بِصِفَةِ الِاسْتِنَادِ إلَى ابْتِدَاءِ وُجُودِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ فَيَصِيرُ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يُنْتَقَضْ التَّيَمُّمُ بِصِفَةِ الِاسْتِنَادِ لِانْتِقَاضِهِ بِالْحَدَثِ الطَّارِئِ عَلَى التَّيَمُّمِ فَلَمْ تُوجَدْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ حَالَ قِيَامِ الْخُلْفِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْخُلْفِ فَلَا يَلْزَمُ الِانْتِقَاضُ بِصِفَةِ الِاسْتِنَادِ، كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ. اهـ. كَاكِيٌّ. قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِي مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ وَعَلَيْك بِمُرَاجَعَةِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ
(وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ مَاءً) أَيْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَاءَ وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ حَتَّى لَوْ رَآهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ قَدَرَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ بَطَلَتْ فَدَارَ الْحُكْمُ عَلَى الْقُدْرَةِ لَا غَيْرُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُتَيَمِّمِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُؤْتَمُّ الْمُتَوَضِّئُ الْمَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّ إمَامَهُ قَادِرٌ عَلَى الْمَاءِ بِإِخْبَارِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ فَلَوْ قَالَ وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ أَوْ مُقْتَدٍ بِهِ مَاءً لَشَمِلَ الْكُلَّ قَالَ رحمه الله (أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ) هَذَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ الرِّجْلَيْنِ لَا حَظَّ لَهُمَا مِنْ التَّيَمُّمِ وَقِيلَ تَبْطُلُ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ يَسْرِي إلَى الْقَدَمِ فَيَتَيَمَّمُ إذَا بَقِيَ لَمْعَةٌ مِنْ عُضْوِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَوْ أَحْدَثَ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَتَمَّتْ الْمُدَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَوَضَّأُ. وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ وَيَبْنِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ لِحَدَثٍ حَلَّ بِهِمَا لِلْحَالِ فَصَارَ كَحَدَثٍ سَبَقَهُ لِلْحَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِحَدَثٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَلَى الشُّرُوعِ عِنْدَهُ فَكَأَنَّهُ شُرِعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ فَصَارَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا أَحْدَثَ فَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ فَوَجَدَ مَاءً فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ إذَا أَحْدَثَتْ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ ذَهَبَ الْوَقْتُ قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ قَالَ رحمه الله (أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ) بِأَنْ كَانُوا وَاسِعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ وَإِنْ كَانَ النَّزْعُ بِفِعْلٍ عَنِيفٍ تَمَّتْ صَلَاتُهُ بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُودِ الْخُرُوجِ بِفِعْلِهِ قَالَ رحمه الله (أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً) أَيْ تَذَكَّرَ أَوْ حَفِظَهَا بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ يَقْرَأُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِالتَّعَلُّمِ، أَمَّا لَوْ تَعَلَّمَ حَقِيقَةً تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ صَنْعَةٍ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ فِي الصَّلَاةِ قَاطِعٌ وَقَوْلُهُ سُورَةٌ وَقَعَ اتِّفَاقًا أَوْ هُوَ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله فَالْآيَةُ تَكْفِي وَهَذَا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا بِحَيْثُ تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ قَارِئٍ فَقَدْ قِيلَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ فَقَدْ تَكَامَلَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَبِنَاءُ الْكَامِلِ عَلَى الْكَامِلِ جَائِزٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَاءِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ اهـ ع (قَوْلُهُ أَوْ مُقْتَدٍ بِهِ مَاءٌ لَشَمِلَ الْكُلَّ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رحمه الله بَعْدَ أَنْ حَكَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رحمه الله قُلْت الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَغَيْرَهُ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُقْتَدِي بِالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً فَفِيهَا خِلَافُ زُفَرَ وَلَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ. اهـ. رَازِيٌّ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا اهـ ع (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ) قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَدْ قَالُوا إذَا انْتَقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ فِي أَعْضَائِهِ لَمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَكَذَا هَذَا اهـ. قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا بِلَا تَيَمُّمٍ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ نَقَلْته فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَانْظُرْهُ إنْ أَرَدْته اهـ، وَكَذَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ مَنِيعٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ) أَيْ أَوْ أَحَدَهُمَا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً إلَى آخِرِهِ) اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِقَارِئٍ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى آخِرِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قَالَ الْأُمِّيُّ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ الْتَزَمَ أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَامَ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي فَلَا تَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْقِرَاءَةَ ضِمْنًا لِلِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُقْتَدٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْإِمَامِ لَا فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَنَى كَانَ مُؤَدِّيًا بَعْضَ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ كَانَ مُؤَدِّيًا كُلَّهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ. اهـ. بَدَائِعُ وَفِي الْبَدَائِعِ أُمِّيٌّ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ، ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً فَقَرَأَهَا فِيمَا بَقِيَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ مِثْلُ الْأَخْرَسِ يَزُولُ خَرَسُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَصَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةٍ، ثُمَّ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ لَا تَفْسُدُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَفْسُدُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا تَفْسُدُ فِي الثَّانِي اسْتِحْسَانًا وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَجْزَأَهُ فَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَجْزُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِذَا تَعَلَّمَ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَضُرُّ عَجْزُهُ عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّ تَرْكُهَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ فِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا فِي الثَّانِي لَأَدَّى كُلَّ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَانَ الْبِنَاءُ أَوْلَى لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الْبَعْضَ بِقِرَاءَةٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْهَا فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي بَعْضِهَا فَاتَ الشَّرْطُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ صَلَاةً؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْأُمِّيِّ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقِرَاءَةِ بَلْ انْعَقَدَتْ لِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ، فَإِذَا قَدَرَ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِلَا تَحْرِيمَةٍ كَأَدَاءِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ أَرْكَانِهَا فَفَسَدَتْ وَلِأَنَّ الْأَسَاسَ الضَّعِيفَ لَا يَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَيْهِ. وَالصَّلَاةُ بِقِرَاءَةٍ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الضَّعِيفِ كَالْعَارِي إذَا وَجَدَ ثَوْبًا وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لِأَدَاءِ كُلِّ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ. اهـ. (قَوْلُهُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. غَايَةٌ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ
وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ حَقِيقَةٌ فَوْقَ الصَّلَاةِ بِالْقِرَاءَةِ حُكْمًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا قَالَ رحمه الله (أَوْ وَجَدَ عَارٍ ثَوْبًا) أَيْ ثَوْبًا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ وَعِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَلَكِنْ رُبْعُهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ طَاهِرٌ وَهُوَ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ قَالَ رحمه الله (أَوْ قَدْرٌ مُومِئٌ) أَيْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِأَنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ قَالَ رحمه الله (أَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً) أَيْ فَائِتَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَعْدُ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ فَائِتَةً عَلَى الْإِمَامِ فَتَذَّكَّرهَا الْمُؤْتَمُّ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُؤْتَمِّ وَحْدَهُ قَالَ رحمه الله (أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا) لِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ فِي حَقِّ الْقَارِئِ لَا بِالِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ حَتَّى جَازَ اسْتِخْلَافُ الْقَارِئِ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَهَذَا مُسْتَقِيمٌ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَا يُؤَثِّرُ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ رُخْصَةً. وَلِهَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَهُوَ الِاسْتِخْلَافُ فَكَذَا هُنَا لَا حَاجَةَ إلَى إمَامٍ لَا تَصْلُحُ صَلَاتُهُ قَالَ رحمه الله (أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ بُرْءٍ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ قَالَ رحمه الله (أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ) كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِمَعْنَاهَا إذَا اسْتَوْعَبَ الِانْقِطَاعَ وَقْتًا كَامِلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَلَقَّبَهَا اثْنَا عَشْرِيَّةَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْمُرَكَّبِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّ عَدَدَهَا اثْنَا عَشْرَةَ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ فَمِنْهَا إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَوَجَدَ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ وَمِنْهَا مَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْقَضَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ مِنْ الزَّوَالِ وَتَغَيُّرِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِهَا، وَمِنْهَا الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأَعْتَقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَسْتُرْ عَوْرَتَهَا مِنْ سَاعَتِهَا فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ إذَا عَرَضَ لَهُ وَاحِدَةً مِنْهَا بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ كَانَ خَلْفَهُ لَوْ كَانَ إمَامًا. وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَعَرَضَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهَا فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ سَلَّمَ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا اهـ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أُمِّيًّا فَتَعَلَّمَ سُورَةً يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْن أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا) أَيْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ اهـ ع (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ) أَيْ فِي كِتَابِ كَشْفِ الْغَوَامِضِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ اهـ عِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ إلَى آخِرِهِ) قِيلَ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ هَذَا الْخِلَافُ وَدُخُولُ الْعَصْرِ عِنْدَهُ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ مِثْلَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتًا مُهْمَلًا فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عِنْدَهُمْ وَتَمَّتْ الصَّلَاةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ بَاطِلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ رحمه الله أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْعُدَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا تَرَى وَلَكِنْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَنَّ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ بِكَوْنِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: هَذِهِ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ كَقَوْلِهِمَا يَعْنِي حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْخِلَافُ وَفِي الْمَنَافِعِ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمَا إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَعِنْدَهُ إذَا صَارَ مِثْلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَقِيلَ تَخْصِيصُ الْجُمُعَةِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الظُّهْرِ كَذَلِكَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الظُّهْرِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ) يَعْنِي أَوَّلًا لِذَلِكَ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ) أَيْ بِأَنْ تَوَضَّأَتْ مُسْتَحَاضَةٌ مَعَ السَّيَلَانِ وَشُرِعَتْ فِي الظُّهْرِ وَقَعَدَتْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَانْقَطَعَ الدَّمُ وَدَامَ الِانْقِطَاعُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ تُعِيدُ الظُّهْرَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا اهـ ع (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الِانْقِطَاعُ وَقْتًا كَامِلًا) أَيْ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَوُقُوعُ الِانْقِطَاعِ فِيهِ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ انْقِطَاعٌ مُؤَثِّرٌ فَيَظْهَرُ الْفَسَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَقْضِيهَا. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْمَرْكَبِ) أَيْ إلَّا أَنْ يُسَمَّى بِهِ فَيُنْسَبُ إلَى صَدْرِهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَعَادَ إلَيْهِمَا فَلَمَّا سَجَدَ سَجْدَةً تَعَلَّمَ سُورَةً تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَعَلَّمَ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَيَصِيرُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَلَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ تَشَهُّدٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ سَاهِيًا فَيُجْعَلُ كَالْعَدَمِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّمَ سُورَةً وَعَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ. اهـ. غَايَةٌ