المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ إكْرَامًا لَهُ أَوْ؛ - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: ‌ ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ) سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ إكْرَامًا لَهُ أَوْ؛

(بَابٌ الشَّهِيدُ)

سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ إكْرَامًا لَهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ قَالَ رحمه الله: (هُوَ) أَيْ الشَّهِيدُ (مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَالْبَغْيِ، وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ أَوْ وُجِدَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَبِهِ أَثَرٌ أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ ظُلْمًا، وَلَمْ تَجِبْ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ)، وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ، وَلَمْ تَجِبْ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ شُهَدَاءُ أُحُدٍ وَكُلُّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ طَاهِرٍ قُتِلَ ظُلْمًا، وَلَمْ يَرْتَثَّ، وَلَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِ عِوَضٌ مَالِيٌّ فَهُوَ فِي مَعْنَاهُمْ، وَقَوْلُهُ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ يَتَنَاوَلُ مَنْ قَتَلُوهُ مُبَاشَرَةً أَوْ تَسْبِيبًا؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ مُضَافٌ إلَيْهِمْ حَتَّى لَوْ أَوْطَئُوا دَابَّتَهُمْ مُسْلِمًا أَوْ نَفَّرُوا دَابَّةَ مُسْلِمٍ فَرَمَتْهُ أَوْ رَمَوْهُ مِنْ السُّورِ أَوْ أَلْقَوْا عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ رَمَوْا بِنَارٍ فَأَحْرَقُوا سُفُنَهُمْ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ فَمَاتَ بِهِ مُسْلِمٌ كَانَ شَهِيدًا لِمَا قُلْنَاهُ، وَلَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةُ مُشْرِكٍ لَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَوَطِئَتْ مُسْلِمًا أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ إلَى الْكُفَّارِ فَأَصَابَ مُسْلِمًا أَوْ نَفَرَتْ دَابَّةُ مُسْلِمٍ مِنْ سَوَادِ الْكُفَّارِ أَوْ نَفَرَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ فَأَلْجَؤُهُمْ إلَى خَنْدَقٍ أَوْ نَارٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ جَعَلُوا حَوْلَهُمْ الْحَسَكَ فَمَشَى عَلَيْهَا مُسْلِمٌ فَمَاتَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَهِيدًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ يَقْطَعُ النِّسْبَةَ إلَيْهِمْ.

وَإِنْ طَعَنُوهُمْ حَتَّى أَلْقَوْهُمْ فِي النَّارِ يَكُونُوا شُهَدَاءَ إجْمَاعًا قَوْلُهُ وَبِهِ أَثَرٌ أَيْ أَثَرٌ يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى الْقَتْلِ كَالْجُرْحِ وَسَيَلَانِ الدَّمِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ إذْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ شِدَّةِ الضَّرْبِ وَجُرْحٍ فِي الْبَاطِنِ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرٌ أَوْ كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ ذَكَرِهِ أَوْ دُبُرِهِ لَا يَكُونُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَخَارِقِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ عَادَةً إذْ الْإِنْسَانُ يُبْتَلَى بِالرُّعَافِ وَيَبُولُ الْجَبَانُ دَمًا وَصَاحِبُ الْبَاسُورِ يَخْرُجُ الدَّمُ مِنْ دُبُرِهِ، وَقَدْ يَمُوتُ الْجَبَانُ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ فَزَعًا، وَكَوْنُهُ فِي الْمَعْرَكَةِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِقَتْلِهِ بِلَا إصَابَةٍ فَلَمْ يَقَعْ مَقَامَ الْقَتْلِ، وَلَوْ كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ مِنْ فِيهِ فَإِنْ ارْتَقَى مِنْ الْجَوْفِ، وَكَانَ صَافِيًا يَكُونُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قُرْحَةٍ فِي الْبَاطِنِ، وَإِنْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ لَا يَكُونُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّهُ رُعَافٌ خَرَجَ مِنْ جَانِبِ الْفَمِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ جَامِدًا لَا يَكُونُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّهُ سَوْدَاءُ أَوْ صَفْرَاءُ احْتَرَقَتْ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِ دِيَةٌ أَيْ بِنَفْسِ الْقَتْلِ حَتَّى لَوْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِالصُّلْحِ أَوْ بِقَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ أَوْ شَخْصًا

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ؛ وَلِأَنَّهُ بِرٌّ وَمَعْرُوفٌ وَيُلِحُّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ فَإِنَّ الْحُزْنَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَيَضْعُفُونَ. اهـ كَمَالٌ.

[بَابٌ الشَّهِيدُ]

الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الشَّهِيدَ لَمَّا كَانَ مَيِّتًا بِأَجَلِهِ يَلِيقُ إيرَادُ بَابِ الشَّهِيدِ بَعْدَ الْجَنَائِزِ أَوْ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الشَّهِيدِ إلَى الْمَيِّتِ كَنِسْبَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ الشَّهِيدَ حَيٌّ مِنْ وَجْهٍ عَلَى مَا قَالَ تَعَالَى {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ الْمَيِّتِ الْمُطْلَقِ عَقَّبَهُ بِبَيَانِ حُكْمِ الْمَيِّتِ الْمُقَيَّدِ أَيْضًا كَذَا فِي مُشْكِلَاتِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنَّمَا ذَكَرَ الشَّهِيدَ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ يُخَالِفُ حُكْمَ سَائِرِ الْمَوْتَى فِي حَقِّ التَّكْفِينِ وَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي عَلَيْهِ وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَالسِّلَاحُ وَمَا لَا يَصْلُحُ لِلْكَفَنِ، وَلَا يُغَسَّلُ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُهُ) أَيْ تَشْهَدُ مَوْتَهُ فَهُوَ مَشْهُودٌ، وَهُوَ عَلَى هَذَا فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ مَشْهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ) أَوْ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ عِنْدَ اللَّهِ حَاضِرٌ، وَهُوَ عَلَى هَذَا فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ قَالَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ ظُلْمًا إلَخْ)، وَلَوْ قُتِلَ بِشَيْءٍ لَا يُوصَفُ بِالظُّلْمِ كَمَا إذَا انْهَدَمَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ أَوْ سَقَطَ مِنْ الْجَبَلِ أَوْ غَرِقَ فِي الْمَاءِ أَوْ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ. اهـ طَحَاوِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ ظُلْمًا مَا نَصُّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلُوا حَوْلَهُمْ الْحَسَكَ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ قَتِيلُ الْحَسَكِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُغَسَّلَ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ تَسْبِيبٌ لِلْقَتْلِ قُلْنَا مَا قُصِدَ بِهِ الْقَتْلُ يَكُونُ تَسْبِيبًا وَمَا لَا فَلَا، وَهُمْ قَصَدُوا بِهِ الدَّفْعَ لَا الْقَتْلَ. اهـ. كَمَالٌ (قَوْلُهُ: كَالْجُرْحِ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ جَرَحَهُ جَرْحًا وَالِاسْمُ الْجُرْحُ بِالضَّمِّ. اهـ. وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَالْجُرْحِ أَوْ رَضٍّ ظَاهِرٍ. اهـ. كَمَالٌ بِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ مِنْ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله: وَإِنْ ظَهَرَ الدَّمُ مِنْ الْفَمِ فَقَالُوا إنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ بِأَنْ يَكُونَ صَافِيًا غُسِلَ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَهُ مِنْ جِرَاحَةٍ فِيهِ فَلَا يُغْسَلُ، وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ الْمُرْتَقِيَ مِنْ الْجَوْفِ قَدْ يَكُونُ عَلَقًا فَهُوَ سَوْدَاءُ بِصُورَةٍ، وَقَدْ يَكُونُ رَقِيقًا مِنْ قُرْحَةٍ فِي الْجَوْفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ فَلَمْ يَلْزَمْ كَوْنُهُ مِنْ جِرَاحَةٍ حَادِثَةٍ بَلْ هُوَ أَحَدُ الْمُحْتَمَلَاتِ حِينَئِذٍ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا يَصْعَدُ مِنْ الْجَوْفِ لَا يَكُونُ صَافِيًا أَلْبَتَّةَ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ إلَخْ) وَكَانَ مُرْتَقِيًا مِنْ الْجَوْفِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَخْصًا) يَعْنِي أَوْ قَتَلَ الْأَبُ شَخْصًا آخَرَ وَوَارِثُ ذَلِكَ الشَّخْصِ ابْنُ الْقَاتِلِ. اهـ. كَذَلِكَ بِخَطِّ الشَّارِحِ حَانُوتِيٌّ (فَرْعٌ)، وَإِذَا قُتِلَ فِي قِتَالٍ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا فِي الْقِتَالِ مَعَ أَهْلِ الْحَرْبِ. الثَّانِي فِي الْقِتَالِ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ وَالْخَوَارِجِ. الثَّالِثُ فِي الْقِتَالِ مَعَ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَالسُّرَّاقِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ مِنْ هَذَا بَعْدَ أَنْ قُتِلَ بِفِعْلٍ مَنْسُوبٍ إلَى الْعَدُوِّ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَارٍ أَوْ قُتِلَ مِنْ وَطْءِ دَوَابِّهِمْ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلٍ مَنْسُوبٍ إلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمُبَاشَرَةِ مِنْهُمْ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ لَا يُغَسَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ لَا يَجِبُ فِيهِ مَالٌ فَيَكُونُ الْمَقْتُولُ شَهِيدًا كَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ. اهـ. بَدَائِعُ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ «السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ») قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله ذَكَرُوهُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ حَدِيثًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَإِنَّمَا مُعْتَمَدُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ». اهـ. اعْلَمْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ الْبَائِعُونَ أَنْفُسَهُمْ بِالْجَنَّةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111] وَالْبَاءُ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ فَتَكُونُ الْجَنَّةُ ثَمَنًا، وَقَدْ عُرِفَ

ص: 247

آخَرَ وَوَارِثُهُ ابْنُهُ يَكُونُ شَهِيدًا؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَتْلِ لَمْ يُوجِبْ الدِّيَةَ بَلْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَإِنَّمَا سَقَطَ بِالصُّلْحِ أَوْ بِالشُّبْهَةِ.

قَالَ رحمه الله: (فَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِلَا غُسْلٍ)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ بِدَفْنِ شُهَدَاءِ أُحُدٍ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ» ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ شَفَاعَةٌ، وَهُمْ مُسْتَغْنُونَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ؛ وَلِأَنَّ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ تَرْغِيبًا لِغَيْرِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ لِيَنَالُوا دَرَجَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِخِلَافِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ فَلَا يُمْكِنُ التَّرْغِيبُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ، عِنْدَ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ فِي حَقِّ الْأَمْوَاتِ، وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ مَعَ حَمْزَةَ، وَكَانَ يُؤْتَى بِتِسْعَةٍ تِسْعَةٍ وَحَمْزَةُ عَاشِرُهُمْ فَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ» الْحَدِيثَ، وَقَدْ صَلَّى عليه الصلاة والسلام عَلَى غَيْرِهِمْ كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَعْطَى أَعْرَابِيًّا نَصِيبَهُ، وَقَالَ قَسَمْتُهُ لَك فَقَالَ مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنْ اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إلَى حَلْقِهِ فَأَمُوتَ، وَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ ثُمَّ أُتِيَ بِالرَّجُلِ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ وَكُفِّنَ فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ» الْحَدِيثَ، وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه «إنَّهُ عليه الصلاة والسلام خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمِنْبَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ شُرِعَتْ إكْرَامًا لَهُ، وَالطَّاهِرُ مِنْ الذَّنْبِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا كَالنَّبِيِّ وَالصَّبِيِّ.

وَحَدِيثُ جَابِرٍ نَافٍ، وَمَا رَوَيْنَاهُ مُثْبِتٌ فَكَانَ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ مَا رَوَيْنَاهُ يُوَافِقُ الْأُصُولَ، وَمَا رَوَاهُ يُخَالِفُ فَالْأَخْذُ بِمَا يُوَافِقُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ جَابِرًا كَانَ مَشْغُولًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُشْهِدَ أَبُوهُ، وَعَمُّهُ وَخَالُهُ فَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ لِيُدَبِّرَ كَيْفَ يَحْمِلُهُمْ إلَيْهَا ثُمَّ سَمِعَ مُنَادِي، رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُدْفَنَ الْقَتْلَى فِي مُصَارِعِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا حِينَ صَلَّى عَلَيْهِمْ فَرَوَى عَلَى مَا عِنْدَهُ، وَفِي ظَنِّهِ، وَمَنْ لَمْ يَغِبْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَيْهِمْ، وَهَذَا كَمَا رُوِيَ عَنْ أُسَامَةَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام دَخَلَ الْبَيْتَ، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْكَعْبَةِ لِطَلَبِ الْمَاءِ» وَرَوَى بِلَالٌ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى فِيهِ» ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَغِبْ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِمْ لَنَبَّهَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا وَعِلَّةِ سُقُوطِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ وَعِلَّةِ سُقُوطِهِ «؛ وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى عَلَى غَيْرِ قَتْلَى أُحُدٍ» مِنْ غَيْرِ تَعَارُضٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الصَّلَاةَ شَفَاعَةٌ، وَهُمْ مُسْتَغْنَوْنَ، عَنْهَا فَفَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ دُعَاءٌ لَهُ، وَلَا يَسْتَغْنِي أَحَدٌ عَنْ الدُّعَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَأَعْلَى دَرَجَةً وَيُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ، وَهُوَ لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ قَطُّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ قُلْنَا تِلْكَ الْحَيَاةُ لَيْسَتْ حَيَاةَ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هِيَ حَيَاةُ الْأُخْرَى، وَهِيَ الْحَيَاةُ الطَّيِّبَةُ وَتِلْكَ لَا تَمْنَعُ مِنْ إجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمَوْتَى عَلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَتَعْتَدُّ نِسَاؤُهُمْ وَتُعْتَقُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ، وَمُدَبَّرُوهُمْ وَتَحِلُّ دُيُونُهُمْ الْمُؤَجَّلَةُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ.

قَالَ رحمه الله: (وَيُدْفَنُ بِدَمِهِ وَثِيَابِهِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام فِيهِمْ لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ رحمه الله (إلَّا مَا لَيْسَ مِنْ الْكَفَنِ) كَالْفَرْوِ وَالْحَشْوِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالسِّلَاحِ وَالْخُفِّ فَإِنَّهَا تُنْزَعُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ. قَالَ رحمه الله: (وَيُزَادُ وَيُنْقَصُ) يَعْنِي يُزَادُ عَلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ إذَا كَانَتْ دُونَ كَفَنِ السُّنَّةِ، وَيُنْقَصُ إذَا كَانَتْ أَزْيَدَ مُرَاعَاةً لِلسُّنَّةِ.

قَالَ رحمه الله: (وَيُغَسَّلُ إنْ قُتِلَ جُنُبًا أَوْ صَبِيًّا)، وَكَذَا إنْ قُتِلَ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

أَنَّ الدَّائِنَ إذَا مَلَكَ الْعَبْدَ الْمَدْيُونَ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا، وَهُنَا قَدْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ، وَهُوَ نَفْسُهُ لَمَّا قُتِلَ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الدُّيُونُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ «السَّيْفُ مَحَّاءٌ لِلذُّنُوبِ» ثُمَّ الْمَبِيعُ إنَّمَا يَصِحُّ عَنْ عَقْلٍ وَتَمْيِيزٍ فَلِهَذَا يُغْسَلُ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، وَإِذَا اُرْتُثَّ يَسْقُطُ حُكْمُ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الِارْتِثَاثَ بِمَنْزِلَةِ امْتِنَاعِ الْبَائِعِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا الِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَالشَّفَاعَةُ وَالتَّكْرِيمُ تُسْتَفَادُ إرَادَتُهَا مِنْ إيجَابِ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ فَنَقُولُ إذَا أَوْجَبَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ تَكْرِيمًا فَلَأَنْ يُوجِبَهَا عَلَى الشَّهِيدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ الْكَرَامَةَ أَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَالنَّبِيِّ وَالصَّبِيِّ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النَّبِيِّ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ الدُّعَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الصَّبِيِّ لِأَبَوَيْهِ هَذَا وَلَوْ اخْتَلَطَ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ بِقَتْلَى الْكُفَّارِ أَوْ مَوْتَاهُمْ بِمَوْتَاهُمْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرَ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيَنْوِي أَهْلَ الْإِسْلَامِ فِيهَا بِالدُّعَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ: «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ») قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْكَلْمُ الْجِرَاحَةُ وَالْجَمْعُ كُلُومٌ. اهـ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَا يُغْسَلُ عَنْ الشَّهِيدِ دَمُهُ، وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ ثِيَابُهُ لِمَا، رَوَيْنَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ وَدِمَائِهِمْ، وَلَا تُغَسِّلُوهُمْ» : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ غَسْلِ الدَّمِ عَنْ الشَّهِيدِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ نَزْعِ الثِّيَابِ، وَإِنَّمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ، وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ» . اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَيُغَسَّلُ إنْ قُتِلَ جُنُبًا) قَالَ فِي الْكَافِي، وَلَهُ أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُسْلِمَ طَاهِرٌ، وَإِنَّمَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَالشَّهَادَةُ مَانِعَةُ نَجَاسَةٍ ثَبَتَتْ بِالْمَوْتِ بِسَبَبِ احْتِبَاسِ الدِّمَاءِ السَّيَالَةِ فِيهِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَهَا دِمَاءٌ سَائِلَةٌ وَالشَّهَادَةُ مَانِعَةٌ مِنْ الِاحْتِبَاسِ فَلَا تَثْبُتُ نَجَاسَةُ الْمَوْتِ غَيْرَ رَافِعَةٍ نَجَاسَةً ثَابِتَةً وَحَاجَتُنَا إلَى الرَّفْعِ لِقِيَامِ الْجَنَابَةِ فَلَا تَسْقُطُ بِالشَّهَادَةِ كَالنَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ إجْمَاعًا حَتَّى يُغْسَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ

ص: 248

مَجْنُونًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يُغَسَّلُ لِعُمُومِ مَا رَوَيْنَا؛ وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالْجَنَابَةِ سَقَطَ بِالْمَوْتِ لِانْتِهَاءِ التَّكْلِيفِ وَالثَّانِي لَمْ يَجِبْ لِلشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الشَّهِيدَ إنَّمَا لَا يُغَسَّلُ لِتَطَهُّرِهِ عَنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ أَطْهَرُ فَكَانَا أَحَقَّ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «إنِّي رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُغَسِّلُ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِمَاءِ الْمُزْنِ فِي صَحَائِفِ الْفِضَّةِ» .

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ «فَذَهَبْنَا وَنَظَرْنَا إلَيْهِ فَإِذَا رَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ خَرَجَ، وَهُوَ جُنُبٌ» ، وَأَوْلَادُهُ يُسَمَّوْنَ أَوْلَادَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عُرِفَتْ مَانِعَةً لَا رَافِعَةً فَلَا تَرْفَعُ الْجَنَابَةَ، وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَيْسَا فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ كَفَى عَنْ الْغُسْلِ فِي حَقِّهِمْ لِوُقُوعِهِ طُهْرَةً، وَلَا ذَنْبَ لَهُمَا فَتَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ بِهِمْ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحَائِضُ إذَا اُسْتُشْهِدَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ، وَكَذَا قَبْلَهُ بَعْدَ اسْتِمْرَارِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الصَّحِيحِ وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِي الْجُنُبِ قَالَ رحمه الله (أَوْ اُرْتُثَّ بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ تَدَاوَى أَوْ مَضَى عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ، وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ نُقِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ أَوْ أَوْصَى)؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَصِيرُ خَلِقًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ وَيَنَالُ شَيْئًا مِنْ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ فَيُغَسَّلُ؛ لِأَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ مَاتُوا عِطَاشًا وَالْكَأْسُ يُدَارُ عَلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ نُقْصَانِ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا حُمِلَ مِنْ مَصْرَعِهِ كَيْ لَا تَطَأَهُ الْخَيْلُ؛ لِأَنَّهُ مَا نَالَ شَيْئًا مِنْ الرَّاحَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مَضَى عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْقِلُ أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَجِبَ الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِتَرْكِهَا فَيَكُونُ بِذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ إنْ بَقِيَ يَوْمًا كَامِلًا أَوْ لَيْلَةً كَامِلَةً غُسِّلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ إنْ بَقِيَ يَوْمًا، وَلَيْلَةً غُسِّلَ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ سَاعَاتٌ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا فَلَا تُعْتَبَرُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ لَا يُغَسَّلُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ نُقِلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِحَيَاتِهِ فَكَانَ كَالْمَيِّتِ.

وَقَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى يَتَنَاوَلُ الْوَصِيَّةَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَبِأُمُورِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ مُرْتَثًّا بِالْوَصِيَّةِ، وَقِيلَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا أَوْصَى بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ لَا يَكُونُ مُرْتَثًّا إجْمَاعًا، وَقِيلَ الِاخْتِلَافُ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ، وَفِي أُمُورِ الدُّنْيَا يَكُونُ مُرْتَثًّا إجْمَاعًا، وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فَجَوَابُ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِأُمُورِ الدُّنْيَا وَمُحَمَّدٌ لَا يُخَالِفُهُ فِيهَا وَجَوَابُ مُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يُخَالِفُهُ فِيهَا، وَمِنْ الِارْتِثَاثِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ، وَقِيلَ بِكَلِمَةٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُنْقِصُ مَعْنَى الشَّهَادَةِ فَيُغَسَّلُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَأَمَّا قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَلَا يَكُونُ مُرْتَثًّا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. قَالَ رحمه الله:(أَوْ قُتِلَ فِي الْمِصْرِ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا)؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ فَخَفَّ أَثَرُ الظُّلْمِ فَيُغَسَّلُ، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ فِي الْمِصْرِ، وَعُلِمَ قَاتِلُهُ لَمْ يُغَسَّلْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصَ، وَهُوَ عُقُوبَةٌ شُرِعَ لِتَشَفِّي الْأَوْلِيَاءِ، وَلَيْسَ بِعِوَضٍ لِعَدَمِ عَوْدِ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا عِوَضٌ عَنْهُ وَلِهَذَا تَعُودُ مَنْفَعَتُهَا إلَيْهِ حَتَّى يُقْضَى بِهَا دُيُونُهُ فَبَقِيَ كَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ مِنْ وَجْهٍ بِإِخْلَافِ بَدَلِهِ؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ الْمَالِ دَلِيلُ خِفَّةِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ، وَوُجُوبُ الْقِصَاصِ دَلِيلُ نِهَايَةِ الظُّلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالشُّبْهَةِ.

قَالَ رحمه الله: (أَوْ قُتِلَ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ)؛ لِأَنَّهُ بَاذِلٌ نَفْسَهُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ لِابْتِغَاءِ مَرْضَاةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُمْ فَيُغَسَّلُ قَالَ رحمه الله: (لَا لِبَغْيٍ، وَقَطْعِ طَرِيقٍ) أَيْ لَا مِنْ قُتِلَ لِأَجْلِ بَغْيٍ بِأَنْ كَانَ مَعَ الْبُغَاةِ، وَلَا مَنْ قُتِلَ لِأَجْلِ قَطْعِ طَرِيقِ فَإِنَّهُمَا لَا يُغَسَّلَانِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا أَيْضًا إهَانَةً لَهُمَا، وَقِيلَ يُغَسَّلَانِ، وَلَا يُصَلَّى

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَالْجَنَابَةُ كَانَتْ مَانِعَةً لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ إدْخَالَهُ، وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ فَلَأَنْ يَمْنَعَ إدْخَالَهُ فِي الْقَبْرِ لِلْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى. وَأَمَّا الْحَدَثُ فَلَا حُكْمَ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْعَرْضِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ حَنْظَلَةَ قُتِلَ جُنُبًا فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا غَسَّلُوا إذْ غُسْلُهُمْ لِلتَّعْلِيمِ كَمَا فِي آدَمَ عليه الصلاة والسلام فَإِنْ قِيلَ الْوَاجِبُ غُسْلُ الْآدَمِيِّينَ لَا غُسْلُ الْمَلَائِكَةِ قُلْنَا الْوَاجِبُ هُوَ الْغُسْلُ فَأَمَّا الْغَاسِلُ فَيَجُوزُ مَنْ كَانَ، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ غُسْلَ الْجُنُبِ وَجَبَ وَجَبَ عَلَيْنَا؛ لِأَنَّا مُخَاطَبُونَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ دُونَ الْمَلَائِكَةِ وَإِنَّمَا أُمِرُوا فِي الْبَعْضِ إظْهَارًا لِلْفَضِيلَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ مَا وَجَبَ بِالْجَنَابَةِ سَقَطَ إلَخْ)؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لِوُجُوبِ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ، وَقَدْ سَقَطَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَيَسْقُطُ الْغُسْلُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ أَطْهُرُ فَكَانَا أَحَقَّ بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ) أَيْ، وَهُوَ سُقُوطُ الْغُسْلِ فَإِنَّ سَقُوطَهُ لِإِبْقَاءِ أَثَرِ الْمَظْلُومِيَّةِ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَظْلُومِيَّتَهُ أَشَدُّ حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا رحمهم الله خُصُومَةُ الْبَهِيمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدُّ مِنْ خُصُومَةِ الْمُسْلِمِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحَائِضُ إلَى آخِرِهِ) احْتِرَازًا عَنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ وَاجِبًا عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْمَوْتِ إذْ لَا يَجِبُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ بِالْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْجُنُبِ إذْ قَدْ صَارَ أَصْلًا مُعَلَّلًا بِالْعَرْضِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. اهـ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ اُرْتُثَّ بِأَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ تَدَاوَى أَوْ مَضَى عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ اُرْتُثَّ غُسِّلَ، وَهُوَ مَنْ صَارَ خَلِقًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ لِنَيْلِ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَخِفُّ أَثَرُ الظُّلْمِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله قَوْلُهُ: لِنَيْلِ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ خَلِقًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ وَحُكْمُ الشَّهَادَةِ أَنْ لَا يُغَسَّلَ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ خَلِقًا فِي نَفْسِ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ شَهِيدٌ عِنْدَ اللَّهِ سبحانه وتعالى. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ إلَى آخِرِهِ)

ص: 249