المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إدراك الفريضة) - تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي - جـ ١

[الفخر الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْوُضُوء]

- ‌[سُنَن الْوُضُوء]

- ‌ آدَابِ الْوُضُوءِ

- ‌[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

- ‌[مَكْرُوهَات الْوُضُوء]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[الْغُسْل]

- ‌[سُنَن الْغُسْل]

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[أَقْسَام الْمَاء]

- ‌[طَهَارَة الْمَاء المتوضأ بِهِ]

- ‌[الْمَاء الَّذِي لَا يتنجس بوقوع النَّجَاسَة فِيهِ]

- ‌الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ

- ‌[ مَاء الْبِئْر إذَا وقعت فِيهِ نَجَاسَة]

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ)

- ‌[الْجَمْع بَيْن التَّيَمُّم وَالْغُسْل]

- ‌[مُدَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَحِلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[نَوَاقِض الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[مُدَّة الْحَيْض]

- ‌[الطُّهْرِ الْمُتَخَلَّل بَيْن الدَّمَيْنِ فِي مُدَّة الْحَيْض]

- ‌النِّفَاسُ

- ‌[ مُدَّة النِّفَاس]

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌ الِاسْتِنْجَاءُ

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[الِاسْتِنْجَاء بِالْعَظْمِ والروث]

- ‌[ مَوَاقِيت الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يُسْتَحَبّ فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْقَات الَّتِي يَكْرَه فِيهَا الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْأَذَانِ)

- ‌[كَيْفِيَّة الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

- ‌[التأذين للفائتة]

- ‌[أَذَان الجنب وَالْمَرْأَة والمحدث والسكران]

- ‌[ بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ]

- ‌(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌ آدَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[فَصْلٌ الشروع فِي الصَّلَاة وَبَيَان إحرامها وأحوالها]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[الْأَحَقّ بِالْإِمَامَةِ]

- ‌[الِاسْتِخْلَاف فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا)

- ‌[فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا]

- ‌(بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ)

- ‌(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

- ‌(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)

- ‌[التَّرْتِيب فِي الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌(بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ)

- ‌[مواضع سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ]

- ‌[كَيْفِيَّة سُجُود التِّلَاوَة]

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ)

- ‌[شَرَائِط أَدَائِهَا]

- ‌[ شَرَائِط وُجُوبهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[مَنْدُوبَات عِيد الْفِطْر]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِيد وكيفيتها]

- ‌[تَكْبِير التَّشْرِيق وَقْته وعدده وَشُرُوطه]

- ‌(بَابُ الْكُسُوفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْكُسُوف]

- ‌(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَابُ الْخَوْفِ)

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْخَوْف]

- ‌(بَابُ الْجَنَائِزِ)

- ‌[فَصْلٌ السُّلْطَانُ أَحَقُّ بِصَلَاةِ الْجِنَازَة]

- ‌[شَرْط الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت]

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْجِنَازَة]

- ‌[فَصَلِّ تعزية أَهْل الْمَيِّت]

- ‌(بَابٌ الشَّهِيدُ)

- ‌(بَابٌ: الصَّلَاةُ فِي الْكَعْبَةِ)

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[شُرُوط وُجُوبهَا]

- ‌ شَرْطُ صِحَّةِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

- ‌[بَابٌ صَدَقَةُ الْبَقَرِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغَنَمِ

- ‌[زَكَاة الخيل]

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ الْعَاشِرِ)

- ‌[بَابُ الرِّكَازِ]

- ‌(بَابُ الْعُشْرِ)

- ‌(بَابُ الْمَصْرِفِ)

- ‌[بَابُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ]

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَوَارِضِ)

- ‌[فَصْلٌ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ]

- ‌(بَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌[ اعْتِكَاف الْمَرْأَة]

الفصل: ‌(باب إدراك الفريضة)

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى.

قَالَ رحمه الله (وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ) عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ الْآخَرُونَ أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى التَّرَاوِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ)

قَالَ رحمه الله (صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَأُقِيمَ يُتِمُّ شَفْعًا) أَيْ لَوْ صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً بِأَنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ، ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَيْ دَخَلَ فِيهَا الْإِمَامُ يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ. قَالَ رحمه الله (وَيَقْتَدِي) إحْرَازُ الْفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ، وَالْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ أُقِيمَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ ضَمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

ثُمَّ إذَا جَازَ عِنْدَهُمَا هَلْ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ كَامِلًا، وَكَمَالُهُ بِالْقَعْدَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْكَامِلُ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ إلَى آخِرِهِ) يُوتَرُ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوتِرُ الْإِمَامُ اهـ ع (قَوْلُهُ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ إلَى آخِرِهِ) يَعْنِي عَمَلًا، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْوِتْرِ خَارِجَ رَمَضَانَ جَائِزٌ وَفِي الْحَوَاشِي قَالَ وَيَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا فِيهِ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَيْسَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا قَدَحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَأَدَاؤُهَا فِي جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا فِي مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَكَانَ أُبَيٍّ يَؤُمُّهُمْ فِي التَّرَاوِيحِ اهـ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفْلٌ أَيْ الْوِتْرُ اهـ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَصَلَاةُ النَّفْلِ بِالْجَمَاعَةِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ وَصَلَاةَ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ. اهـ. .

[بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ]

(بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ فَرْضَهَا وَوَاجِبَهَا وَنَفْلَهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ اهـ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ. اهـ. فَتْحٌ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ أَيْ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. اهـ. (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ إذَا بَطَلَتْ صِفَةُ الْفَرْضِيَّةِ بَطَلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ الْمُؤَدَّى مَصُونًا عَنْ الْبُطْلَانِ عِنْدَهُ قِيلَ فِي جَوَابِهِ لَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا كَمَا إذَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ وَهَا هُنَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إبْطَالَ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِإِطْلَاقٍ مِنْ الشَّرْعِ وَإِبْطَالَ صِفَتِهَا هُنَاكَ لَيْسَ بِإِطْلَاقٍ مِنْ جِهَتِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَفِلَ نَفْلًا هَاهُنَا وَصَارَ كَالْمُكَفِّرِ بِالصَّوْمِ إذَا أَيْسَرَ فِي خِلَالِ الصَّوْمِ حَيْثُ يُبْطِلُ جِهَةَ كَوْنِهِ كَفَّارَةً لَا أَصْلَ الصَّوْمِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ اهـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ أَيْ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ إلَى آخِرِهِ) احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ وَبَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْطَعُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ وَالْقَطْعِ لِلْإِكْمَالِ) أَيْ يَعْنِي هُوَ تَفْوِيتُ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ لِتَحْصِيلِهِ بِوَجْهٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِتَجْدِيدِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ، ثُمَّ الْإِعَادَةُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ إحْسَانٍ جَائِزًا لِحُطَامِ الدُّنْيَا إذَا فَارَ قَدْرُهَا وَالْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ فَجَوَازُهُ لِتَحْصِيلِ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. . اهـ. فَتْحٌ. وَلِهَذَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ وَسَجَدَ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ إمَامَهُ وَيَرْفُضَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا قَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ لَا يُتَابَعُ إمَامُهُ حَتَّى لَوْ تَابَعَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ لَهُ أَنْ يَرْفُضَ الْقِيَامَ وَيَعُودَ إلَى الْقُعُودِ وَيُسَلِّمَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَا يَحْنَثُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ فَعَلِمَ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ لَهُ وِلَايَةَ الرَّفْضِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَ قُرْبَةً فَوَجَبَ صِيَانَتُهُ مَا أَمْكَنَ بِالنَّصِّ وَاسْتِئْنَافُ الْفَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ

ص: 180

فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ كَانَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ أَوْ خَطَبَ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي النَّوَافِلِ. قَالَ رحمه الله (فَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) أَيْ لَوْ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ أُقِيمَتْ يُتِمُّ الظُّهْرَ مُنْفَرِدًا عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ إحْرَازًا لِلْفَضْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ صَلَاتُهُ نَفْلًا، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ ثَوَابِ النَّفْلِ وَثَوَابِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرْضِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْصُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ بُعْدٌ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَقْطَعُهَا وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ إلَى الْقُعُودِ لِيُسَلِّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَقِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ حَتْمٌ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ صَلَاةِ مُعْتَدٍ بِهَا لَمْ يُشْرَعْ إلَّا قَاعِدًا، ثُمَّ إذَا قَعَدَ قِيلَ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قُعُودَ خَتْمٍ وَقِيلَ يَكْفِيه التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ ارْتَفَضَ الْقِيَامُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَرْضِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُ الْعِشَاءِ كَالظُّهْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَا الْعَصْرُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَتَمَّهَا وَحْدَهُ لَا يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ.

قَالَ رحمه الله (فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ لِإِتْيَانِهِ بِالْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرُ، وَكَذَا يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَإِذَا قَيَّدَهَا بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَتَمَّهَا لَمْ يَشْرَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ مُخَالَفَةِ إمَامِهِ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْمَغْرِبِ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

لَا يَسْلُبُ قُدْرَةَ صَوْنِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ، وَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ الْإِبْطَالُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَتَيْنِ نَعَمْ غَايَةُ الْأَكْمَلِيَّةِ فِي أَنْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعَارِضُهُ حُرْمَةُ الْإِبْطَالِ بِخِلَافِ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِوَصْفِهَا إلَى وَصْفٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَالنَّفْلِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَعَ فِي النَّفْلِ فَحَضَرَتْ جِنَازَةٌ خَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا تَفُوتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعًا وَقَطْعُ النَّفْلِ مُعْقِبٌ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَوْ اخْتَارَ تَفْوِيتَهَا كَانَ لَا إلَى خَلَفٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إحْرَازُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُخَالَفَةُ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ) أَيْ بَلْ يُتِمُّ شَفْعًا، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ. اهـ. (قَوْلُهُ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ) أَيْ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ والإسبيجابي وَالْبَقَّالِيُّ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ اخْتِيَارُ حُسَامِ الدِّينِ الشَّهِيدِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ لَفْظُ مُحَمَّدٍ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ الْفَرَاغِ عَلَى الْقَطْعِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْإِتْمَامِ. اهـ. غَايَةٌ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي قَضَائِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَرَوَى الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أُسْتَاذِهِ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ قَالَ كُنْت أُفْتِي زَمَانًا أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ اهـ قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله فِي الْغَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّهَا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةً وَيَنْوِي النَّفَلَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ بِالْجَمَاعَةِ إلَّا الْمَغْرِبَ؛ لِأَنَّهَا وِتْرٌ وَلَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد وَهَلْ يُعِيدُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ أَوْ إكْمَالِ الْفَضِيلَةِ أَوْ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ اهـ قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ أَيْ وَهُوَ الْقَطْعُ. اهـ. (قَوْلُهُ حَيْثُ يَقْطَعُهَا إلَى آخِرِهِ) هَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ اخْتِيَارِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ عَدَمَ قَطْعِ الْأُولَى قَبْلَ السُّجُودِ وَضَمِّ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ ضَمَّهَا هُنَا مُفَوِّتٌ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ فَيَفُوتُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُصْلَحَتَيْنِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ) أَيْ بِقَلْبِهِ فَإِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ تَبْطُلُ صَلَاةُ نَفْسِهِ ضِمْنًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى آخِرِهِ) أَيْ إلَى الْقُعُودِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِلتَّحَلُّلِ، وَهَذَا قَطْعٌ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَحَلُّلٌ مِنْ الْقُرْبَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فَإِنْ قِيلَ التَّنَفُّلُ بِالْجَمَاعَةِ خَارِجَ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ قُلْنَا ذَاكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ، وَالْقَوْمُ يُؤَدُّونَ النَّفَلَ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُؤَدِّي الْفَرْضَ، وَالْقَوْمُ النَّفَلَ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ. .

(قَوْلُهُ أَوْ الْأَكْثَرُ) وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِتَأْخِيرِ فَرْضِ الْمَغْرِبِ. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ) أَيْ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ إذْ التَّنَفُّلُ بِالثَّلَاثِ حَرَامٌ قَالَهُ قَاضِي خَانْ قُلْت الْوِتْرُ ثَلَاثٌ وَهُوَ نَفْلٌ عِنْدَهُمَا وَذَلِكَ مَشْرُوعٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُهُ حَرَامًا. اهـ. غَايَةٌ. (قَوْلُهُ أَوْ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا وَهِيَ حَرَامٌ أَيْضًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ إلَخْ) لِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَيَصِيرُ كَالْمُقِيمِ إذَا اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ يَصِحُّ وَكَالْمَسْبُوقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى عَرْضِيَّةِ أَنْ تَصِيرَ أَرْبَعًا فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَا تَكُونُ مُخَالَفَةً

ص: 181

وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَضَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِهَا وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ.

قَالَ رحمه الله (وَكُرِهَ خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ حَتَّى يُصَلِّيَ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إلَّا مُنَافِقٌ أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ يُرِيدُ الرُّجُوعَ» وَقَالُوا إذَا كَانَ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَتِهِ بِأَنْ كَانَ مُؤَذِّنًا أَوَإِمَامًا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ تَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِغَيْبَتِهِ يَخْرُجُ بَعْدَ النِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ صُورَةً تَكْمِيلٌ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى، وَفِي النِّهَايَةِ إنْ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ. قَالَ رحمه الله (وَإِنْ صَلَّى لَا) أَيْ وَإِنْ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ النِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَانِيًا قَالَ رحمه الله (إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ إنْ شُرِعَ فِي الْإِقَامَةِ) لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا وَرُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا تَزْعُمُ الْخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَيَخْرُجُ، وَإِنْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا.

قَالَ رحمه الله (وَمَنْ خَافَ فَوَاتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ ائْتَمَّ وَتَرَكَهَا) لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ وَالْوَعِيدَ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ فَكَانَ إحْرَازُ فَضِيلَتِهَا أَوْلَى قَالَ رحمه الله (وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَ إحْدَاهُمَا لَا يَتْرُكُهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ وَهَذَا لِأَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ كَإِدْرَاكِ الْجَمِيعِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يُصَلِّيهَا فِي الشَّتْوِيِّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّتْوِيِّ صَلَّاهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعَانِ صَلَّاهَا خَلْفَ الصُّفُوفِ عِنْدَ سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ وَيَبْعُدُ عَنْ الصُّفُوفِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ لِيَنْفِيَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَهُ فِي التَّشَهُّدِ قِيلَ هُوَ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

وَلَا كَذَلِكَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ عُرِفَ جَوَازُهُ بِالْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ. اهـ. كَاكِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ أَرْبَعًا سَاهِيًا بَعْدَمَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّلَاثِ وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ الرَّجُلُ مُتَطَوِّعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقْتَدِي بِالشُّرُوعِ وَعَلَى الْإِمَامِ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا فَصَارَ كَرَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِالنَّذْرِ فَاقْتَدَى فِيهِنَّ بِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي كَذَا هَذَا. اهـ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُتَابَعَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ فَإِذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى لَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَصَلَّى الرَّابِعَةَ وَصَلَّى الْمُقْتَدِي مَعَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ) وَوَجْهُهُ مَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّاهَا وَتَرَكَ الْإِمَامُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي مَعَ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهُوَ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَلَمْ يُكْرَهْ لِمَجِيئِهِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حُكْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ فِي الثَّالِثَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إلَى آخِرِهِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ؛ لِأَنَّ بِالْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ صَارَ مُلْتَزِمًا لِلرَّكْعَتَيْنِ إذْ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَكُونُ صَلَاةً لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ وَقَالَ فِيهِ نَوْعُ تَغْيِيرٍ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّغْيِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ الرُّكُوعِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَكَمَنْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِيهَا وَهِيَ قَبْلَ الْأَرْكَانِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ. اهـ. كَاكِيٌّ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُ فَإِنْ دَخَلَ يَفْعَلُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ. اهـ. غَايَةٌ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ» إلَى آخِرِهِ) قَالَ سَبْط ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْخُرُوجِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ إلَى حَاجَةٍ لِعَزْمِ أَنْ يَعُودَ فَيُدْرِكَ اهـ زَادُ الْفَقِيرِ (قَوْلُهُ وَالْعِشَاءُ إنْ شَرَعَ فِي الْإِقَامَةِ إلَى آخِرِهِ) أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا إلَى آخِرِهِ) أَمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَلِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ) أَيْ مِنْ فَضِيلَةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا تَفْضُلُ الْفَرْضَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا لَا تَبْلُغُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ضِعْفًا وَاحِدًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَضْعَافُ الْفَرْضِ كَذَا فِي الْفَتْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْفَرَائِضِ وَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ خَارِجِيَّةٌ عَنْهَا. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ وَالْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ) أَيْ مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ أَبِي مَسْعُودٍ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ هَمِّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ» الْحَدِيثَ، فَارْجِعْ إلَيْهَا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ) التَّقْيِيدُ بِالْأَدَاءِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةَ لِلْجَمَاعَةِ وَالِانْتِبَاذَ عَنْهُمْ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِد مَكَانٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَفَاوَتُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ فَصَلَاتُهُ إيَّاهَا فِي الشَّتْوِيِّ أَخَفُّ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَقَلْبِهِ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ. اهـ. فَتْحُ الْقَدِيرِ

ص: 182

الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إحْرَازُ الْفَضِيلَتَيْنِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا مَرَّ. قَالَ رحمه الله (وَلَمْ تُقْضَ إلَّا تَبَعًا) أَيْ لَمْ تُقْضَ سُنَّةُ الْفَجْرِ إلَّا تَبَعًا لِلْفَرْضِ إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ وَقَضَاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِقَضَائِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَضَاهَا مَعَ الْفَرْضِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ» فَيَبْقَى مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرْضٍ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ فَلَا تُقْضَى وَحْدَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ.

قَالَ رحمه الله (وَقَضَى الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (قَبْلَ شَفْعِهِ) أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْضِي الْأَرْبَعَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا فَاتَ مَحَلُّهَا صَارَتْ نَفْلًا مُبْتَدَأً فَيَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ كَيْ لَا يَفُوتَ مَحَلُّهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى حَالِهَا فَيَبْدَأُ بِهَا، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهَا بَعْدَهُ» أَطْلَقْت عَلَيْهِ اسْمَ الْقَضَاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُقَامُ مَقَامَ الْفَائِتِ قَالَ رحمه الله

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

( قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ) أَيْ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ بَلْ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ. اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَجْهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَمَا عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، ثُمَّ يُطِعْهُمَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ دَفَعَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا وَجَبَ مِنْ الشُّرُوعِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَأَيْضًا شُرُوعٌ فِي الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ الْإِفْسَادِ فَإِنْ قِيلَ لِيُؤَدِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى قُلْنَا إبْطَالُ الْعَمَلِ قَصْدًا مَنْهِيٌّ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّفْعَ الثَّانِيَ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا نَصُّهُ قِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ التَّنْظِيرِ نَظَرٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا وَجَبَتَا عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَجَازَ أَدَاؤُهُمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ فَإِنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالزَّمَانِ فَيَجِبُ الْمَنْذُورُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَأَدَّى بِصِفَةِ النُّقْصَانِ. اهـ (قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ رحمه الله لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ قَضَائِهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ قَبْلَ الزَّوَالِ قَضَاؤُهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا هُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ تَبَعِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا مَعْنَى لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُمَا يَقُولَانِ؛ لِأَنَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ وَقَالَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى يَكُونُ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَوْ سُنَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ. كَاكِيٌّ. (قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا) لَا يُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا قَضَاهَا مَعَ الصُّبْحِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَلْ يَسْتَدِلُّ لَهُ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ» وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ إلَى آخِرِهِ) وَفِي قَاضِي خَانْ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا وَحْدَهَا لَا تُقْضَى وَإِنْ فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ لَا تُقْضَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ تُقْضَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَفِي الْمُحِيطِ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا تُقْضَى وَحْدَهَا وَلَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ. اهـ. غَايَةٌ. وَفِي الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي سَائِرِ السُّنَنِ سِوَى الْفَجْرِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا لَا تُقْضَى سَوَاءٌ فَاتَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْفَرِيضَةِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضِي قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ. اهـ. وَفِي الْكَافِي وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْوَقْتِ الْمُهْمَلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ فَرْضُ وَقْتٍ آخَرَ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ كَالْمَشْغُولِ بِهِ وَقِيلَ يَقْضِيهَا تَبَعًا أَيْضًا وَلَا يَقْضِيهَا مَقْصُودًا إجْمَاعًا. اهـ. .

(قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ فَاتَتْ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ فَلَا تَفُوتُ الرَّكْعَتَانِ أَيْضًا عَنْ مَوْضِعِهِمَا قَصْدًا بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِي الْمُصَفَّى وَتَبِعَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ جَعَلَ قَوْلَهُمَا بِتَأْخِيرِ الْأَرْبَعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ سُنَّةً بَلْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَقَعُ سُنَّةً فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَاَلَّذِي يَقَعُ عِنْدِي أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَضَاءِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُقْضَى اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ هَلْ تَقَعُ بَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا مُبْتَدَأً حَكَوْا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا تُقْضَى أَوَّلًا فَلَوْ كَانَا يَقُولَانِ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ إنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا لَجَعَلُوهَا خِلَافِيَّةً فِي أَصْلِ الْقَضَاءِ فَاَلَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا وَقَضَى أَوَّلًا يَعْنِي أَنَّهَا تُفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَقَعُ سُنَّةً كَمَا هِيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لَا تَقَعُ سُنَّةً وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ هَذَا مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ التَّرَاوِيحِ إذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَهَلْ تُقْضَى بِلَا جَمَاعَةٍ قِيلَ نَعَمْ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ تَرَاوِيحَ أُخْرَى وَقِيلَ مَا لَمْ يَمْضِ رَمَضَانُ وَقِيلَ لَا تُقْضَى. قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهَا دُونَ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَتِلْكَ لَا تُقْضَى إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرِيضَةٍ فَكَذَا التَّرَاوِيحُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ كَانَ نَفْلًا مُسْتَحَبًّا وَلَا يَكُونُ تَرَاوِيحَ اهـ دَلَّ أَنَّهُ عَلَى اعْتِبَارِ جَعْلِهِ قَضَاءً يَقَعُ تَرَاوِيحَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهُ

ص: 183

(وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ جَمَاعَةً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ) لِأَنَّهُ فَاتَهُ الْأَكْثَرُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ انْفَرَدَ عَنْهُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَفَاتَهُ رَكْعَةٌ فَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ فِيمَا سُبِقَ بِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّ اللَّاحِقَ أَيْضًا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ صَلَّيْت بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ قَالَ رحمه الله (بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الشَّيْءِ فَقَدْ أَدْرَكَهُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ يَحْنَثُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ وَقَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ رحمه الله (وَيَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرْضِ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ لَا يَتَطَوَّعُ وَهَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَفْصِيلِ فَنَقُولُ إنَّ التَّطَوُّعَ عَلَى وَجْهَيْنِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهِيَ السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ وَغَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَالْمُصَلِّي لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ فَإِنْ كَانَ يُؤَدِّيه بِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ قَطْعًا وَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ لِكَوْنِهَا مُؤَكَّدَةً وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّيه مُنْفَرِدًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي رِوَايَةٍ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَيْهَا وَهُوَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَلَا يَكُونُ سُنَّةً بِدُونِ الْمُوَاظَبَةِ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ يُمْكِنُ فِي الْفَرْضِ وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِيهَا لَمْ يُفَرِّقْ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا إذَا خَافَ الْفَوْتَ لِأَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مِنْ التَّطَوُّعِ يَتَخَيَّرُ الْمُصَلِّي فِيهِ مُطْلَقًا: قَالَ رحمه الله (وَإِنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَصِيرُ مُدْرِكًا لَهَا لِأَنَّهُ أَدْرَكَهُ فِيمَا لَهُ حُكْمُ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فِيهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ قَائِمًا فَرَكَعَ وَلَمْ يَرْكَعْ الْمُؤْتَمُّ مَعَهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ. وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»

ــ

[حاشية الشِّلْبِيِّ]

- صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا فَاتَتْ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ فَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى قَضَائِهَا كَذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ جَمَاعَةً إلَى آخِرِهِ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ فَائِدَةَ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَأَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ صَلَّى رَكَعَاتٍ بِدُونِهِ وَالْمَسْبُوقُ فِيمَا يَقْضِي كَالْمُنْفَرِدِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ حَنِثَ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ اهـ ع.

(قَوْلُهُ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْمُصَلِّي إلَى آخِرِهِ) لِأَنَّهُ يَقُولُ إذَا لَمْ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُطِيعُنِي فِي تَرْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ إلَى آخِرِهِ) وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ شُرِعَتْ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ يُمْكِنُ فِي الْفَرَائِضِ صَاحَبَ النَّافِعِ وَالْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ قَالَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ عَلَتْ رُتْبَتُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ حَتَّى أَنَّ وَاحِدًا لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ قَالَ السُّرُوجِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم فِي غَايَةِ الْكَمَالِ وَلَا نَقْصَ فِيهَا وَقَدْ وَاظَبَ عَلَى هَذِهِ السُّنَنَ فَنَحْنُ نَأْتِي بِهَا تَأَسِّيًا بِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَعْنَى الْجُبْرَانِ فَإِنْ حَصَلَ بِهَا الْجُبْرَانُ أَيْضًا هُوَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ وَقَدْ أَكَّدَ بَعْضَ السُّنَنِ وَأَمَرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمَعْنَى الْجُبْرَانِ لَاسْتَوَتْ السُّنَنُ كُلُّهَا إذْ لَيْسَ بَعْضُ الْفَرَائِضِ بِأَوْلَى بِدُخُولِ النَّقْصِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ لِمَنْ يُخَفِّفُ فِي صَلَاتِهِ وَيُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى جَابِرَةً لِمَا أُدْخِلَ فِيهَا مِنْ النَّقْصِ بَلْ الْجُبْرَانُ بِسُجُودِ السَّهْوِ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا سَهْوًا لَا عَمْدًا وَقِيلَ النَّوَافِلُ جَوَابِرٌ لِمَا فَاتَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ. اهـ. غَايَةٌ فِي بَابِ النَّوَافِلِ قَوْلُهُ لِمَا فَاتَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ عَلَى مَا وَرَدَ أَنَّ الْعَبْدَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا يُقَالُ اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَلْ تَجِدُونَ لَهُ نَافِلَةً فَإِنْ وُجِدَتْ كَمُلَتْ الْفَرَائِضُ مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْغَابَةِ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ لِنُقْصَانِ صَلَاتِهِ مِنْ وَجْهٍ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ يَتَخَيَّرُ الْمُصَلِّي فِيهِ مُطْلَقًا) يَعْنِي بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ) يَعْنِي سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوَّلًا اهـ كَاكِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّ عِنْدَهُ هُوَ لَاحِقٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَعِنْدَنَا هُوَ مَسْبُوقٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ. اهـ. قَوْلُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَيْ إذْ الْوَاجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ وَلَكِنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ جَازَ اهـ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ» إلَى آخِرِهِ) يُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ عليه السلام «إذَا جِئْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا» . اهـ. غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمُدْرِكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْبِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ الرُّكُوعَ لَا الِافْتِتَاحَ جَازَ وَلَغَتْ نِيَّتُهُ اهـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَقَالَ الْمَحْبُوبِيُّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمَالِكٌ يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ وَيَرْكَعَ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالصَّفِّ كَيْ لَا

ص: 184