الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعُهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ عَزْلُهُ بَعْدَمَا صَارَ عُرُوضًا ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَعْشُرُهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَصَارَ كَالْأَجِيرِ وَلَوْ كَانَ الْمُضَارِبُ قَدْ رَبِحَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَشَرَ نَصِيبَهُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَعْشُرُهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيكٍ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْعِمَالَةِ وَعِنْدَنَا يَمْلِكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ
قَالَ رحمه الله (وَكَسْبَ الْمَأْذُونِ) أَيْ لَا يُعْشَرُ كَسْبُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا مَرَّ بِهِ عَلَى الْعَاشِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ الْمَالَ وَلَا نَائِبٍ عَنْ الْمَوْلَى فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْشُرُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا أَدْرِي أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ عَنْ هَذِهِ أَمْ لَا وَقِيَاسُ قَوْلِهِ الثَّانِي فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهُ لَا يَعْشُرُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ تَكَلَّفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ إنَّ الْعَبْدَ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى وَلَا يَتَقَيَّدَ بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ إذَا قَيَّدَ الْمَوْلَى بِهِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رُجُوعُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ رُجُوعًا فِيهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بَعْدَ ذِكْرِ الْمُضَارِبِ وَالْمُسْتَبْضِعِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَكَانَ هَذَا حَاصِلُ الْجَوَابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ مَوْلَاهُ مَعَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِلشُّغْلِ عِنْدَهُمَا
قَالَ رحمه الله (وَثَنَّى إنْ عَشَرَ الْخَوَارِجُ) أَيْ إذَا مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْخَوَارِجِ وَهُمْ الْبُغَاةُ فَعَشَرُوهُ ثُمَّ مَرَّ عَلَى عَاشِرِ الْعَدْلِ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ مَرَّ بِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَبُوا عَلَى بِلَادٍ فَأَخَذُوا الزَّكَاةَ وَغَيْرَهَا حَيْثُ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ ثَانِيًا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ الْإِمَامِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[بَابُ الرِّكَازِ]
(بَابُ الرِّكَازِ) وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ تَحْتَ الْأَرْضِ خِلْقَةً أَوْ بِدَفْنِ الْعِبَادِ وَالْمَعْدِنُ اسْمٌ لِمَا يَكُونُ فِيهَا خِلْقَةً وَالْكَنْزُ اسْمٌ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
قَوْلُهُ بَعْدَمَا صَارَ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا نَائِبَ عَنْهُ) أَيْ وَالزَّكَاةُ تَسْتَدْعِي نِيَّةَ مَنْ عَلَيْهِ وَهُوَ كَالْمَالِكِ فِي التَّصَرُّفِ الاسترباحي لَا فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا) وَيَكُونُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ كَامِلٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِهِ الشُّفْعَةَ. اهـ. غَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ تَكَلَّفَ فِي الْفَرْقِ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى الْمَوْلَى) أَيْ بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِيهَا وَمَا زَادَ فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فَكُّ الْحِجْرِ فَيَكُونُ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ. اهـ. كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله لَا يَخْفَى عَدَمُ تَأْثِيرِ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّ مَنَاطَ عَدَمِ الْأَخْذِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَوْنُهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَا نِيَّةَ حِينَئِذٍ وَمُجَرَّدُ دُخُولِهِ فِي الْحِمَايَةِ لَا يُوجِبُ الْأَخْذَ إلَّا مَعَ وُجُودِ شُرُوطِ الزَّكَاةِ عَلَى مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فَلَا أَثَرَ لِمَا ذُكِرَ فِي الْفَرْقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَأْذُونِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْكَافِي اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ حَتَّى يَرْجِعَ بِالْعُهْدَةِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلْمُضَارَبَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ فَضَاعَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ ذَلِكَ مِنْهُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ إلَى آخِرِهِ) وَكَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَوْلِهِمْ فِيمَا لَوْ كَانَ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي قَالَ فِيهِمَا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ أَوْ لِلشَّغْلِ اهـ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا فِي هَذَا الشَّرْحِ إذْ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ كَانَ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَرَقَبَتِهِ يُفْهَمُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِي الدِّرَايَةِ مَا نَصُّهُ وَذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِكَسْبِهِ لَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا مَالِكَ لِهَذَا الْمَالِ وَقْتَ الْمُرُورِ وَعِنْدَهُمَا شُغْلُ الدَّيْنِ مَانِعٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لَمْ يَحُطَّ بِكَسْبِهِ عُشْرَ الْفَاضِلِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا بَلَغَ النِّصَابَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالُ الْمَوْلَى فَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ الْمُسْلِمُ وَالْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ أَخَذَ رُبُعَ الْعُشْرِ وَبِالْعَكْسِ أَخَذَ نِصْفَ الْعُشْرِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ الرِّكَازِ) أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ الْعَاشِرِ لِمَا أَنَّ الْعُشْرَ أَكْثَرُ وُجُودًا مِنْ الْخُمُسِ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ الْمَعَادِنِ وَكَانَ بَيَانُهُ أَحْوَجَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ أَوْ لِأَنَّ الْعُشْرَ أَقَلَّ مِنْ الْخُمُسِ وَالْقَلِيلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكَثِيرِ ذَاتًا فَقُدِّمَ بَيَانًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْدِنُ إلَى آخِرِهِ) الْمَعْدِنُ مِنْ الْعَدْنِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ وَمِنْهُ يُقَالُ عَدَنَ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ بِهِ وَمِنْهُ جَنَّاتٌ عَدْنٍ وَمَرْكَزُ كُلُّ شَيْءٍ مَعْدِنُهُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ فَأَصْلُ الْمَعْدِنِ الْمَكَانُ بِقَيْدِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ ثُمَّ اُشْتُهِرَ فِي نَفْسِ الْأَجْزَاءِ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خَلْقَ الْأَرْضَ حَتَّى صَارَ الِانْتِقَالُ مِنْ اللَّفْظِ إلَيْهِ انْتِقَالًا بِلَا قَرِينَةٍ وَالْكَنْزُ لِلْمُثْبَتِ فِيهَا مِنْ الْأَمْوَالِ بِفِعْلِ الْإِنْسَانِ وَالرِّكَازُ يَعُمُّهُمَا لِأَنَّهُ مِنْ الرِّكْزِ مُرَادًا بِهِ الْمَرْكُوزَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ رَاكِزِهِ الْخَالِقَ أَوْ الْمَخْلُوقَ فَكَانَ حَقِيقَةً فِيهِمَا مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا وَلَيْسَ خَاصًّا بِالدَّفِينِ وَلَوْ دَارَ الْأَمْرُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مَجَازًا فِيهِ أَوْ مُتَوَاطِئًا إذْ لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَعْدِنِ كَانَ الْمُتَوَاطِئُ مُتَعَيَّنًا. اهـ. كَمَالٌ
لِمَدْفُونِ الْعِبَادِ قَالَ رحمه الله (خُمِسَ مَعْدِنُ نَقْدٍ وَنَحْوِ حَدِيدٍ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ) يَعْنِي إذَا وُجِدَ مَعْدِنُ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ وَكَذَا إذَا وُجِدَ فِي الصَّحْرَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِعُشْرِيَّةٍ وَلَا خَرَاجِيَّةٍ وَاشْتِرَاطُهُمَا فِي الْمُخْتَصَرِ لِيُعْلَمَ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَيْسَ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْأَرْضِ أَوْ احْتِرَازًا عَنْ دَارِهِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ كَالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَخْرَجُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ لِأَنَّهُ لِلتَّنْمِيَةِ وَهَذَا كُلُّهُ نَمَاءٌ فَأَشْبَهَ الزَّرْعَ. وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا يُقَالُ الرِّكَازُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَعْدِنِ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْخُمُسَ فِيهِ لَا فِي الْمَعْدِنِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَعْدِنُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي وُجُوبَ الْخُمُسِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْدِنُ رِكَازًا لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ جُبَارٌ ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ بِاسْمٍ شَامِلٍ لَهُمَا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قِيلَ وَمَا الرِّكَازُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الذَّهَبُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خُلِقَتْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَذَكَرَهُ فِي الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ وَفِي الْإِمَامِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ «وَفِي السُّيُوبِ الْخُمُسُ» وَالسُّيُوبُ عُرُوقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ وَلِأَنَّهَا كَانَتْ فِي أَيْدِي الْكَفَرَةِ فَحَوَتْهَا أَيْدِينَا غَلَبَةً فَكَانَتْ غَنِيمَةً وَفِي الْغَنَائِمِ الْخُمُسُ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ كَمَا قُلْتُمْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ خُمِسَ مَعْدِنُ نَقْدٍ إلَى آخِرِهِ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا حُكْمُ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا دَارُهُ أَوْ أَرْضُهُ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلُهُ فِي النُّقَايَةِ خُمِسَ مَعْدِنُ ذَهَبٍ وَنَحْوُهُ وُجِدَ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ أَوْ عُشْرٍ إنْ لَمْ تُمْلَكْ الْأَرْضُ وَإِلَّا فَلِمَالِكِهَا وَلَا شَيْءَ فِيهِ إنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ وَفِي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ اهـ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ الْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا جَامِدٌ يَذُوبُ وَيَنْطَبِعُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَثَانِيهَا جَامِدٌ لَا يَذُوبُ كَالْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ وَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ لَا شَيْءَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَثَالِثُهَا مَائِعٌ لَا يَتَجَمَّدُ كَالْمَاءِ وَالْقِيرِ وَالنِّفْطِ. اهـ. كَاكِيٌّ وَلَا يَجِبُ الْخُمُسُ إلَّا فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ. اهـ. فَتْحٌ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْحَاشِيَةُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي آخَرِ الْبَابِ وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْخُمُسِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ فَلِأَنَّهُ مَائِعٌ خَارِجٌ مِنْ الْأَرْضِ فَصَارَ كَالْمَاءِ وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِهِ فِي الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا زَكَاةَ فِي الْحَجَرِ» وَلِلْقِيَاسِ عَلَى التُّرَابِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَنْفِ بِهِ زَكَاةَ التِّجَارَةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِيهِ كَوُجُوبِهَا فِي غَيْرِهَا فَيَتَعَيَّنُ الْخُمُسُ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ خَمَسْت الْقَوْمَ أَخْمُسُهُمْ بِالضَّمِّ إذَا أَخَذْت مِنْهُمْ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ وَخَمَّسْتُهُمْ أَخْمِسُهُمْ بِالْكَسْرِ إذَا كُنْت خَامِسَهُمْ أَوْ كَمَّلْتهمْ بِنَفْسِك خَمْسَةً اهـ.
(قَوْلُهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا) أَيْ وَعِنْدَنَا تَجِبُ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّصَابُ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ) وَقَالُوا كَمْ مِنْ حَوْلٍ قَدْ مَضَى عَلَيْهِ وَضَعْفُ هَذَا الْكَلَامِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي مَضَتْ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْوَاحِدِ فَكَيْفَ تُحْسَبُ عَلَيْهِ وَلَنَا أَنَّ النُّصُوصَ خَالِيَةٌ عَنْ اشْتِرَاطِ النِّصَابِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ سَمْعِيٍّ. اهـ. غَايَةٌ (قَوْلُنَا وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» إلَى آخِرِهِ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَالسَّفَاقِسِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الْعَجْمَاءُ الْبَهِيمَةُ تَنْفَلِتُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا سُمِّيَتْ بِهَا لِعَدَمِ نُطْقِهَا وَالْجُبَارُ الْهَدَرُ يَعْنِي أَنَّ جِنَايَتَهَا هَدَرٌ لَا غَرَامَةَ فِيهَا وَالْبِئْرُ جُبَارٌ يُتَأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ لِلْمَارَّةِ فَيَسْقُطُ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا مِنْ الْعُمْرَانِ وَالثَّانِي يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَتَنْهَارُ عَلَى الْأَجِيرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَعْدِنُ إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْفِرُ فِيهِ فَيَنْهَارُ عَلَيْهِ. اهـ. غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] وَلَا شَكَّ فِي صِدْقِ الْغَنِيمَةِ عَلَى هَذَا الْمَالِ فَإِنَّهُ كَانَ مَعَ مَحَلِّهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي أَيْدِي الْكَفَرَةِ وَقَدْ أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَكَانَ غَنِيمَةً كَمَا أَنَّ مَحَلَّهُ أَعْنِي الْأَرْضَ كَذَلِكَ. اهـ. فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) قَالَ الْكَمَالُ رحمه الله وَالرِّكَازُ يَعُمُّ الْمَعْدِنَ وَالْكَنْزَ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ فَكَانَ إيجَابًا فِيهِمَا وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ إرَادَةِ الْمَعْدِنِ بِسَبَبِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَادَةِ أَنَّهُ جُبَارٌ أَيْ هَدَرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَتَنَاقَضَ فَإِنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَعْدِنِ لَيْسَ هُوَ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِيمَنْ ضَمِنَ الرِّكَازَ لِيَخْتَلِفَ بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ إذَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ إهْلَاكَهُ أَوْ الْهَلَاكَ بِهِ لِلْأَجِيرِ الْحَافِرِ لَهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ لَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ نَفْسُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ أَصْلًا وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ إذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي كَمِّيَّتِهِ لَا فِي أَصْلِهِ وَكَمَا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْبِئْرِ وَالْعَجْمَاءِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَثْبَتَ لِلْمَعْدِنِ بِخُصُوصِهِ حُكْمًا فَنَصَّ عَلَى خُصُوصِ اسْمِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ لَهُ حُكْمًا آخَرَ مَعَ غَيْرِهِ فَعَبَّرَ بِالِاسْمِ الَّذِي يَعُمُّهُمَا لِيَثْبُتَ فِيهِمَا فَإِنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ أَعْنِي وُجُوبَ الْخُمُسِ بِمَا سُمِّيَ رِكَازًا فَمَا كَانَ مِنْ أَفْرَادِهِ وَجَبَ فِيهِ وَلَوْ فُرِضَ مَجَازًا فِي الْمَعْدِنِ وَجَبَ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ تَعْمِيمُهُ لِعَدَمِ مَا يُعَارِضُهُ لِمَا قُلْنَا مِنْ انْدِرَاجِهِ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَعَ عَدَمِ مَا يَقْوَى عَلَى مُعَارِضَتِهِمَا فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ قِيلَ وَمَا الرِّكَازُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الذَّهَبُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خُلِقَتْ الْأَرْضُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَذَكَرَهُ فِي الْإِمَامِ فَهُوَ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فِي الْإِمَامِ مُضَعَّفٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَفِي الْإِمَامِ أَيْضًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي السُّيُوبِ الْخُمُسُ» وَالسُّيُوبُ عُرُوقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ وَلَا يَصِحُّ جَعَلَهُمَا شَاهِدَيْنِ عَلَى الْمُرَادِ بِالرِّكَازِ كَمَا ظَنُّوا فَإِنَّ الْأَوَّلَ خَصَّ الذَّهَبَ وَالِاتِّفَاقُ أَنَّهُ لَا يَخُصُّهُ فَإِنَّمَا نَبَّهَ حِينَئِذٍ عَلَى مَا كَانَ مِثْلَهُ فِي أَنَّهُ جَامِدٌ يَنْطَبِعُ وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْ
لَكَانَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ لِلْغَانِمِينَ قُلْنَا لِلْوَاجِدِ يَدٌ حَقِيقَةً لِثُبُوتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَيَدُ الْغَانِمِينَ حُكْمِيَّةٌ لِثُبُوتِهَا عَلَى الظَّاهِرِ فَقَطْ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ وَاعْتُبِرَتْ الْحُكْمِيَّةُ فِي حَقِّ الْخُمُسِ وَاعْتِبَارُهُ بِالزَّرْعِ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ الزَّرْعَ يَجِبُ فِيهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَ صَاحِبِهِ سِنِينَ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ تَجِبُ فِيهِمَا كُلَّمَا حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ فَافْتَرَقَا
قَالَ رحمه الله (لَا دَارِهِ وَأَرْضِهِ) أَيْ لَا يَجِبُ فِيمَا وَجَدَهُ فِي دَارِهِ وَأَرْضِهِ مِنْ الْمَعْدِنِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجِبُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَهُ أَنَّ الدَّارَ مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ وَالْمَعْدِنُ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَا يُخَالِفُ الْكُلَّ بِخِلَافِ الْكَنْزِ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ وَفِيمَا إذَا وَجَدَهُ فِي أَرْضِهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَا يَجِبُ كَمَا ذُكِرَ هُنَا لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ فِي سَائِرِ الْأَجْزَاءِ مِنْهَا خُمُسٌ فَكَذَا فِي هَذَا الْجُزْءِ وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَجِبُ لِأَنَّ الْأَرْضَ مَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِيهَا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ حَتَّى قَالُوا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ نَخْلَةٌ تَطْرَحُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَكْرَارًا مِنْ الثِّمَارِ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ
قَالَ رحمه الله (وَكَنْزٌ) أَيْ وَخُمِسَ كَنْزٌ فَيَكُونُ الْخُمُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ خُمِسَ مَعْدِنُ نَقْدٍ قَالَ (وَبَاقِيَةٌ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ مِنْ الْكَنْزِ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسُ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ وَهُوَ الَّذِي مَلَّكَهُ الْإِمَامُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ أَوَّلَ الْفَتْحِ هَذَا إذَا وُجِدَ فِي بُقْعَةٍ مَمْلُوكَةٍ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ لِلْوَاجِدِ فِي الْمَمْلُوكَةِ أَيْضًا أَمَّا وُجُوبُ الْخُمُسِ فَلِمَا رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَهُوَ يَشْمَلُ الْمَعْدِنَ وَالْكَنْزَ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّكْزِ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ وَإِنْ كَانَ الْمُثْبَتُ مُخْتَلِفًا وَأَمَّا الْبَاقِي فَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّهُ مِنْ دَفِينِ الْكُفَّارِ وَقَدْ وَقَعَ أَصْلُهُ فِي يَدِ الْغَانِمِينَ إلَّا أَنَّهُمْ هَلَكُوا قَبْلَ تَمَامِ الْإِحْرَازِ مِنْهُمْ فَصَارَ الْمُسْتَخْرِجُ أَوَّلَ مُحْرِزٍ لَهُ فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ كَمَا إذَا وَجَدَهُ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ حَيْثُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَلَهُمَا أَنَّ يَدَ الْمُخْتَطِّ لَهُ سَبَقَتْ إلَيْهِ وَهُوَ مَالٌ مُبَاحٌ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا مَلَّكَهُ صَارَتْ فِي يَدِهِ بِمَا فِي بَاطِنِهَا وَهِيَ يَدُ الْخُصُوصِ فَيَمْلِكُ بِهَا مَا فِي بَاطِنِهَا ثُمَّ بِالْبَيْعِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
فِيهِ لَفْظَ الرِّكَازِ بَلْ السُّيُوبِ فَإِذَا كَانَتْ السُّيُوبُ تَخُصُّ النَّقْدَيْنِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إفْرَادُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ وَالِاتِّفَاقُ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَصِّصٍ لِلْعَامِّ. اهـ. (قَوْلُهُ قُلْنَا لِلْوَاجِدِ يَدٌ حَقِيقَةً إلَى آخِرِهِ) لِأَنَّهُمْ لَمَّا ثَبَتَتْ أَيْدِيهِمْ عَلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ حَقِيقَةً ثَبَتَتْ عَلَى بَاطِنِهَا حُكْمًا فَصَارَ مَا فِي بَاطِنِهَا غَنِيمَةً حُكْمًا لَا حَقِيقَةً اهـ.
(قَوْلُهُ فَكَانَتْ الْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهِ) أَيْ مُسْلِمًا كَانَ الْوَاجِدُ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ هَذَا الْمَالِ لِاسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ فَكُلُّ مَنْ سَمَّيْنَاهُ لَهُ حَقٌّ فِيهَا سَهْمًا أَوْ رَضْخًا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَأْمِنُ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لَوْ وَجَدَ فِي دَارِنَا. اهـ. فَتْحٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ لَوْ دَخَلَ دَارَنَا وَطَلَبَ الْمَعْدِنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ وَجَدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكُلُّ وَلَوْ طَلَبَ بِإِذْنِهِ يُخْمَسُ أَمَّا لَوْ وَجَدَهُ الذِّمِّيُّ يُخْمَسُ فِي الْحَالَيْنِ وَالْبَاقِي لَهُ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا وَلَهُ رَضْخٌ فِي الْغَنِيمَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَا يَجِبُ لِمَا ذَكَرْنَا) قَالَ الْكَمَالُ اسْتَدَلَّ لَهُمَا بِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» وَقَدَّمَ أَنَّهُ أَعَمَّ مِنْ الْمَعْدِنِ وَلَهُ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا مُؤْنَةَ فِي أَرْضِ الدَّارِ فَكَذَا فِي هَذَا الْجُزْءِ مِنْهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالدَّارِ وَصِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إبْدَاءِ دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَكَوْنِ الدَّارِ خُصَّتْ مِنْ حُكْمَيْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مَخْصُوصَةً مِنْ كُلِّ حُكْمٍ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي كُلِّ حُكْمٍ عَلَى أَنَّهُ أَيْضًا قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَ الْمَعْدِنِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّهُ خُلِقَ فِيهِ مَعَ خِلْقَتِهَا لَا يُوجِبُ الْجُزْئِيَّةَ وَعَلَى حَقِيقَةِ الْجُزْئِيَّةِ يَصِحُّ الْإِخْرَاجُ مِنْ حُكْمِ الْأَرْضِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ هَذَا التَّأْوِيلِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَعْدِنُ جُزْءٌ مِنْهَا فَلَا يُخَالِفُ الْكُلَّ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَجَازَ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْأَجْزَاءِ قُلْنَا أَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا بِخِلَافِ الْكَنْزِ لَا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ. اهـ. كَافِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَنْزِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ خَالِيَةً عَنْ الْمُؤَنِ) أَيْ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِيهَا عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ. اهـ. غَايَةٌ
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلْمُخْتَطِّ لَهُ) أَوْ لِوَرَثَتِهِ أَوْ وَرَثَةِ وَرَثَتِهِ إنْ عُرِفُوا وَإِلَّا يُعْطَ أَقْصَى مَالِكٍ لِلْأَرْضِ أَوْ وَرَثَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفُوا فَلِبَيْتِ الْمَالِ. اهـ. سَرُوجِيٌّ وَفِي الْمُجْتَبَى فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمُخْتَطُّ لَهُ وَلَا وَرَثَتُهُ ذَكَرَ أَبُو الْيُسْرِ أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَذَكَرَ السُّرُوجِيُّ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْصَى مَالِكٍ يُعْرَفُ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِلْمُتَأَمِّلِ قَالَهُ الْكَمَالُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ مِنْهُ لِلْوَاجِدِ اهـ.
(قَوْلُهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ) أَيْ كَالْجِبَالِ وَالْمَفَاوِزِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. غَايَةٌ وَقَوْلُهُ لِلْوَاجِدِ أَيْ اتِّفَاقًا غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ لِلْوَاجِدِ) وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. اهـ. غَايَةٌ وَبِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الثَّلَاثَةُ. اهـ. عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُهُ مُشْتَرِي الْأَرْضِ كَاللُّؤْلُؤَةِ فِي بَطْنِ السَّمَكَةِ يَمْلِكُهَا الصَّائِدُ لِسَبْقِ يَدِ الْمَخْصُوصِ إلَى السَّمَكَةِ حَالَ إبَاحَتِهَا ثُمَّ لَا يَمْلِكُهَا مُشْتَرِي السَّمَكَةِ لِانْتِفَاءِ الْإِبَاحَةِ هَذَا وَمَا ذُكِرَ فِي السَّمَكَةِ مِنْ الْإِطْلَاقِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الدُّرَّةُ غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْمَثْقُوبَةِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي بَطْنِهَا عَنْبَرٌ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا تَأْكُلُهُ وَكُلُّ مَا تَأْكُلُهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الدُّرَّةُ فِي صَدَفَةٍ مَلَكَهَا الْمُشْتَرِي قُلْنَا هَذَا الْكَلَامُ لَا يُفِيدُ إلَّا مَعَ دَعْوَى أَنَّهَا تَأْكُلُ الدُّرَّةَ غَيْرَ الْمَثْقُوبَةِ كَأَكْلِهَا الْعَنْبَرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ نَعَمْ قَدْ يُتَّفَقُ أَنَّهَا تَبْتَلِعُهَا مَرَّةً بِخِلَافِ الْعَنْبَرِ لِأَنَّهُ حَشِيشٌ وَالصَّدَفُ دَسَمٌ وَمِنْ شَأْنِهَا أَكْلُ ذَلِكَ. اهـ. فَتْحٌ
فِيهَا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهَا وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى ضَرْبِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ كَانَ نَقْشُهُ صَنَمًا أَوْ اسْمَ مُلُوكِهِمْ الْمَعْرُوفِينَ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كَالْمَكْتُوبِ عَلَيْهَا كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَحُكْمُهَا مَعْرُوفٌ وَإِنْ اشْتَبَهَ الضَّرْبُ عَلَيْهِمْ فَهُوَ جَاهِلِيٌّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَقِيلَ يُجْعَلُ إسْلَامِيًّا فِي زَمَانِنَا لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ وَالْمَتَاعُ مِنْ السِّلَاحِ وَالْآلَاتِ وَأَثَاثِ الْمَنَازِلِ وَالْفُصُوصِ وَالْقُمَاشِ فِي هَذَا كَالْكَنْزِ حَتَّى يُخْمَسَ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِلْكُفَّارِ فَحَوَتْهُ أَيْدِينَا قَهْرًا فَصَارَتْ غَنِيمَةً
قَالَ رحمه الله (وَزِئْبَقٌ) أَيْ وَخُمِسَ زِئْبَقٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ فِيهِ الْخُمُسُ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَكُنْت أَقُولُ فِيهِ الْخُمُسُ فَلَمْ أَزَلْ أُنَاظِرُهُ حَتَّى قَالَ فِيهِ الْخُمُسُ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ لَا خُمُسَ فِيهِ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَنْبُعُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَائِعٌ يَنْبُعُ مِنْ الْأَرْضِ فَأَشْبَهَ الْقِيرَ وَالنِّفْطَ وَلَهُمَا أَنَّهُ يَنْطَبِعُ مَعَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ حَجَرٌ يُطْبَخُ فَيَسِيلُ الزِّئْبَقُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ الرَّصَاصَ
قَالَ رحمه الله (لَا رِكَازَ دَارِ حَرْبٍ) أَيْ لَا يُخْمَسُ رِكَازٌ وَجَدَهُ مُسْتَأْمِنٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ هُوَ الْمَأْخُوذُ جَهْرًا وَقَهْرًا وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مُتَلَصِّصٍ غَيْرِ مُجَاهِرٍ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ بَعْضِهِمْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ فَهُوَ لَهُ لِعَدَمِ الْغَدْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ أَحَدٍ عَلَى الْخُصُوصِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالْكَنْزِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الرِّكَازِ لِيَدْخُلَ النَّوْعَانِ فِيهِ
قَالَ رحمه الله (وَفَيْرُوزَجُ) أَيْ لَا يُخْمَسُ فَيْرُوزَجُ وَهُوَ حَجَرٌ مُضِيءٌ يُوجَدُ فِي الْجِبَالِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا خُمُسَ فِي الْحَجَرِ» وَكَذَا لَا يَجِبُ فِي الْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَجَمِيعِ الْجَوَاهِرِ وَالْفُصُوصِ مِنْ
ــ
[حاشية الشِّلْبِيِّ]
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ السُّرُوجِيُّ رحمه الله وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَرْضَ بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِيهَا مَعْدِنَ فِضَّةٍ أَضْعَافَ الثَّمَنِ فَهَذَا رِبًا مُحَقَّقٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَحُكْمُهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُهَا ثُمَّ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَعَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا أَبَدًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَيْ الْجَاهِلِيُّ أَصْلٌ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الشَّرْعِ أَوْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَكْنِزَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34] الْآيَةَ وَكَانَ الْكَنْزُ مَخْصُوصًا بِالْجَاهِلِيَّةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ لِتَقَادُمِ الْعَهْدِ) فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ آثَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيَجِبُ الْبَقَاءُ مَعَ الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافُهُ وَالْحَقُّ مَنْعُ هَذَا الظَّاهِرِ بَلْ دَفِينُهُمْ إلَى الْيَوْمِ يُوجَدُ بِدِيَارِنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ وَزَئْبِقٌ) وَهُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ بَعْدَ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ بِالْهَمْزَةِ. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالزَّئْبِقُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَقَدْ عُرِّبَ بِالْهَمْزَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إلَى آخِرِهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الزِّئْبَقِ الَّذِي أُصِيبَ فِي مَعْدِنِهِ لِأَنَّ الزِّئْبَقَ الْمَوْجُودُ فِي خَزَائِنِ الْكُفَّارِ يُخْمَسُ اتِّفَاقًا. اهـ. ابْنُ فِرِشْتَا (قَوْلُهُ فَلَمْ أَزَلْ أُنَاظِرُهُ) وَأَقُولُ هُوَ كَالرَّصَاصِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ الْقِيرَ وَالنِّفْطَ) فَيَصِيرُ مِنْ جُمْلَةِ الْمِيَاهِ وَلَا خُمُسَ فِي الْهَارِبَةِ. اهـ. كَاكِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ يَنْطَبِعُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ فَكَانَ كَالْفِضَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَنْطَبِعُ مَا لَمْ يُخَالِطُهَا شَيْءٌ. اهـ. فَتْحٌ
(قَوْلُهُ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مُتَلَصِّصٍ) وَلَوْ دَخَلَ الْمُتَلَصِّصُ دَارَهُمْ فَأَخَذَ شَيْئًا لَا يُخْمَسُ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ لِأَنَّهَا مَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ غَلَبَةً وَقَهْرًا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ غَايَةُ مَا تَقْتَضِيهِ الْآيَةُ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْخُمُسِ فِي مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ فَانْتِفَاءُ مُسَمَّى الْغَنِيمَةِ فِي الْمَأْخُوذِ مِنْ ذَلِكَ الْكَنْزِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْخُمُسِ إلَّا بِالْإِسْنَادِ إلَى الْأَصْلِ وَقَدْ وُجِدَ دَلِيلٌ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ وَهُوَ عُمُومُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» بِخِلَافِ الْمُتَلَصِّصِ فَإِنَّ مَا أَصَابَهُ لَيْسَ غَنِيمَةً وَلَا رِكَازًا وَلَا دَلِيلَ يُوجِبُهُ فِيهِ فَبَقِيَ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ. اهـ. فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ بَعْضِهِمْ يَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعْدِنًا أَوْ كَنْزًا. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ تَحَرُّزًا عَنْ الْغَدْرِ) وَمَعَ هَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا مَلَكَهُ وَلَمْ يُطْلَبْ بِهِ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ وَيُكْرَهُ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفِي هَذَا الْمَحَلِّ فُرُوعٌ جَمَّةٌ يُنْظَرُ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي الصَّحْرَاءِ) أَيْ أَرْضٍ لَا مَالِك لَهَا كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَتَعْلِيلُ الْكِتَابِ يُفِيدُهُ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ لَهُ لِعَدَمِ الْغَدْرِ) يَعْنِي أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ دَارُ إبَاحَةٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّحَرُّزُ مِنْ الْغَدْرِ فَقَطْ وَبِأَخْذِ غَيْرِ مَمْلُوكٍ مِنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لَمْ يَغْدِرْ بِأَحَدٍ بِخِلَافِهِ مِنْ الْمَمْلُوكَةِ نَعَمْ لَهُمْ يَدٌ حُكْمِيَّةٌ عَلَى مَا فِي صَحْرَاءِ دَارِهِمْ وَدَارُ الْحَرْبِ لَيْسَتْ دَارَ أَحْكَامٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إلَّا الْحَقِيقَةُ بِخِلَافِ دَارِنَا فَلِذَا لَا يُعْطَى الْمُسْتَأْمِنُ مِنْهُمْ مَا وَجَدَهُ فِي صَحْرَائِنَا. اهـ. فَتْحٌ.
1 -
(فُرُوعٌ) وَمَنْ يَحْفِرُ مَعْدِنًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ يُخْرِجُ الْخُمُسَ وَبَاقِيهِ لَهُ وَإِنْ حَفَرَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَجَاءَ آخَرُ فَحَفَرَ وَوَصَلَ إلَى الْمَعْدِنِ فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ الْوَاجِدُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْحَفْرِ فَوَجَدَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَهُوَ لِلْوَاجِدِ وَمَنْ تَقَبَّلَ مِنْ السُّلْطَانِ مَعْدِنًا فَاسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ وَاسْتَخْرَجُوا الْمَعْدِنَ يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَالْبَاقِي لِلْمُتَقَبِّلِ وَإِنْ عَمِلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَقَبِّلِ فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَهُمْ دُونَ الْمُتَقَبِّلِ وَلَوْ بَاعَ الرِّكَازَ فَالْخُمُسُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَاجِدِ الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ. اهـ. غَايَةٌ وَدِرَايَةٌ
1 -
وَفِي الدِّرَايَةِ مَصْرِفُ خُمُسِ الْمَعْدِنِ مَصْرِفُ الْغَنِيمَةِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَالْمُزَنِيِّ وَابْنُ الْوَكِيلِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُصْرَفُ إلَى حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَذَوِي الْمَرَضِ وَكَتَبَةِ الْأُمَرَاءِ وَدَوَابِّ الْبُرُدِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُصْرَفُ مَصَارِفَ الزَّكَاةِ وَقَاسَهُ عَلَى الزَّرْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا خُمُسَ فِي الْحَجَرِ») هُوَ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ» مِنْ طَرِيقَيْنِ ضَعِيفَيْنِ الْأَوَّلُ بِعُمَرَ بْنِ أَبِي عُمَرَ الْكَلَاعِيِّ وَالثَّانِي بِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ لَيْسَ فِي حَجَرِ اللُّؤْلُؤِ