الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد؛ فمما لا يخفى ما لعلم الحديث من الأهمية البالغة، والمكانة السامية في علوم الإسلام، وما ذاك إلا لتعلقه الشديد بصميم الدين، فجميع العلوم من عقيدة وفقه وتفسير ولغة في غاية الافتقار إليه والاتصال به لتمييز الصحيح من السقيم والأصيل من الدخيل، "فهو علم قديم الفضل؛ لحاجة السلف إليه، وحثهم عليه، شريف الأصل؛ لأنه نبع من بحر النبوة، وتفرع من دوحة الإسلام، فلا غرو"(1).
وفضائل هذا العلم ومناقبه كثيرة ظاهرة شاهرة، قد أفردت بالتأليف، وبالجملة "كل حديث في العلم وفضله؛ فإنه صادق على علم الحديث، بل هو العلم الحقيقي، والفرد الكامل عند إطلاق لفظ العلم"(2).
ومن أهم مباحث علم الحديث: علم الرجال والجرح والتعديل الذي أجمع المسلمون على شرعيته، بل ووجوبه للحاجة، فلولا الله ثم هذا العلم الجليل لخبط الناس خبط عشواء واختلط الصحيح بالضعيف، والمصلح بالمفسد، والسني الصادق بالمبتدع الفاجر، والسنة بالبدعة، والحق بالباطل، ولما وصل إلينا هذا الدين غضا طريا كما أراد
(1) من كلام ابن الوزير مع الصنعاني "التنقيح" مع "التوضيح"(1/ 3 - 4).
(2)
من كلام الصنعاني في "توضيح الأفكار"(1/ 5).
الله. قال الإمام ابن حبان رحمه الله: "ولولا هذه الطائفة وما تطلبه من تمييز الأسانيد؛ لظهر في هذه الأمة من تبديل الدين كما ظهر في سائر الأمم". "المجروحون"(1/ 25).
ومن أئمة الحديث والعلل والجرح والتعديل: الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام الذي لم يأت بعده في هذا العلم مثله أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ومكانته في هذا العلم أشهر من أن يستدل له.
وليس يصح في الأذهان شيء
…
إذا احتاج النهار إلى دليل
فيالله! كم من معضلة حلها، وكم من مشكلة بينها، وكم من خطأ توارد عليه الفئام من الناس، وربما تواردوه في تصانيفهم؛ قام ببيانه، ورد الحق إلى نصابه، وكتبه شاهدة بذلك، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
ومما من الله به علي: أن وفقني للمرور على كتبه رحمه الله لاستخراج الرواة الذين تكلم فيهم بجرح أو تعديل؛ لما له من الإمامة في هذا الشأن، والقدرة على الحكم على الراوي بما يستحقه، والربط بين أقوال الأئمة التي ظاهرها التعارض في بعض الرواة، مع معرفته القوية باصطلاحاتهم الخاصة منها والعامة، ومراتبهم من حيث الإمامة أو التشدد والتساهل والتوسط، ومن يؤخذ بقوله منهم ومن لا يؤخذ بقوله إما مطلقا أو في بعض الأحيان، مع تمكنه في هذا العلم وطول ممارسته له، بما شهد له بذلك القاصي والداني والمحب والمبغض رحمه الله.
كان الفراغ من هذا البحث للمرة الأولى عام 1422 هـ ثم أعدته للمرة الثانية ورتبته وأمعنت النظر فيه عام 1429 هـ مع زيادة 10 أيام من شهر محرم 1430 هـ.
نور الدين بن علي بن عبد الله السدعي