الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"إن عكرمة وإن كان مختلفًا في توثيقه فقد أخرج له مسلم، لكنه إنما أخرج له من غير روايته عن يحيى بن أبي كثير". "الفتح"(9/ 51).
"سيء الحفظ وإن كان مسلم قد أخرج له فقد ضعفه غيره". "البزار"(1/ 619).
"ضعيف عندهم له - في "البخاري" - موضع واحد معلق". "الهدي"(458).
1148) عكرمة أبو عبد الله مولى ابن عباس:
ثقة ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة (ع).
"احتج به البخاري وأصحاب "السنن"، وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقرونًا بسعيد بن جبير، وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه، وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة، منهم: أبو جعفر بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الله بن منده، وأبو حاتم بن حبان، وأبو عمر بن عبد البر، وغيرهم، وقد رأيت أن الخص ما قيل فيه هنا وإن كنت قد استوفيت ذلك في ترجمته من مختصري "لتهذيب دابة":
فأما أقوال من وهاه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى أجرة الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء، فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه.
فأما البدعة فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه؛ لأنه لم يكن داعية، مع أنها لم تثبت عليه.
وأما قبول الجوائز فلا يقدح أيضًا إلا عند أهل التشديد، وجمهور أهل العلم على الجواز، كما صنف في ذلك بن عبد البر.
وأما التكذيب فسنبين وجوه رده بعد حكاية أقوالهم وأنه لا يلزم من شيء منه قدح في روايته.
فالوجه الأول فيه أقوال: فأشدها: ما روي عن ابن عمر أنه قال لنافع: "لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس" وكذا ما روى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ذلك لبرد مولاه، فقد روى ذلك إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعيد بن المسيب، وقال إسحاق بن عيسى بن الطباع سألت مالكا: أبلغك أن بن عمر قال لنافع: "لا تكذب علي كما كذب عكرمة على بن عباس"؟ قال: لا، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه، وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد عنده فقلت: ما لهذا قال إنه يكذب على أبي، وروى هذا أيضا عن عبد الله بن الحارث أنه دخل على علي. وسئل ابن سيرين عنه فقال:"ما يسوءني أن يدخل الجنة ولكنه كذاب" وقال عطاء الخراساني: قلت لسعيد بن المسيب إن عكرمة يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، فقال:"كذب مخبثان" وقال فطر بن خليفة: قلت لعطاء: إن عكرمة يقول: "سبق الكتاب الخفين" فقال: كذب سمعت ابن عباس يقول: "أمسح على الخفين، وإن خرجت من الخلاء" وقال عبد الكريم الجرزي: قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة كره كرى الأرض، فقال: كذب، سمعت ابن عباس يقول:"إن أمثل ما أنتم صانعون استئجار الأرض البيضاء" وقال وهب بن خالد: كان يحيى بن سعيد الأنصاري يكذبه، وقال إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقة، ويأمر أن لا يؤخذ عنه، وقال الربيع: قال الشافعي: "وهو - يعني مالكا- سيء الرأي في عكرمة قال: لا أرى لأحد أن
يقبل حديث عكرمة" وقال عثمان بن مرة: قلت للقاسم: إن عكرمة قال كذا، فقال: "يا بن أخي إن عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية" وقال الأعمش عن إبراهيم: "لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى فقال: يوم القيامة، فقلت: إن عبد الله - يعني ابن مسعود- كان يقول: البطشة الكبرى يوم بدر، فبلغني بعد ذلك أنه سئل عن ذلك فقال: يوم بدر" وقال القاسم بن معن بن عبد الرحمن: حدثني أبي حدثني عبد الرحمن قال: حدث عكرمة بحديث فقال: سمعت بن عباس يقول كذا وكذا، قال: فقلت: يا غلام هات الدواة، قال: أعجبك؟ فقلت: نعم، قال: تريد أن تكتبه؟ قلت: نعم، قال: إنما قلته برأيي.
وقال ابن سعد: "كان عكرمة بحرًا من البحور، وتكلم الناس فيه، وليس يحتج بحديثه".
فهذا جميع ما نقل عن الأئمة في تكذيبه على الإبهام، وسنذكر - إن شاء الله تعالى- بيان ذلك، ونصرف وجوهه، وأنه لا يلزم عكرمة من شيء منه قدح في حديثه.
وأما الوجه الثاني وهو الطعن فيه برأي الخوارج: فقال ابن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة: كان عكرمة وفد على نجدة الحروري فأقام عنده تسعة أشهر ثم رجع إلى ابن عباس فسلم عليه، فقال:"قد جاء الخبيث" قال: فكان يحدث برأي نجدة. قال: وكان - يعني نجدة- أول من حالا أجرة الصفرية.
وقال الجوزجاني: قلت لأحمد بن حنبل: أكان عكرمة إباضيًا؟ فقال: يقال: إنه كان صفريًا. وقال أبو طالب عن أحمد: كان يرى أجرة الخوارج الصفرية، وعنه أخذ ذلك أهل إفريقية.
وقال علي بن المديني: يقال: إنه كان يرى أجرة نجدة.
وقال يحيى بن معين: كان ينتحل مذهب الصفرية، ولأجل هذا تركه مالك.
وقال مصعب الزبيري: كان يرى أجرة الخوارج، وزعم أن علي بن عبد الله بن عباس كان هو على هذا المذهب. قال مصعب: وطلبه بعض الولاة بسبب ذلك فتغيب عند داود بن الحصين إلى أن مات.
وقال خالد بن أبي عمران المصري: دخل علينا عكرمة إفريقية وقت الموسم، فقال: وددت أني اليوم بالموسم بيدي حربة أضرب بها يمينا وشمالا.
وقال أبو سعيد بن يونس في "تاريخ الغرباء" وبالمغرب إلى وقتنا هذا قوم على مذهب الإباضية يعرفون بالصفرية يزعمون أنهم أخذوا ذلك عن عكرمة.
وقال يحيى بن بكير": قدم عكرمة مصر فنزل بها دارًا، وخرج منها إلى المغرب، فالخوارج الذين بالمغرب عنه أخذوا.
وروى الحاكم في "تأريخ نيسابور" عن يزيد النحوي قال: كنت قاعدًا عند عكرمة فأقبل مقاتل بن حيان وأخوه فقال له مقاتل: يا أبا عبد الله ما تقول في نبيذ الجر؟ فقال عكرمة: هو حرام، قال: فما تقول فيمن يشربه؟ قال: أقول: إن من شربه كفر. قال يزيد فقلت: والله لا أدعه أبدًا، قال: فوثب مغضبًا، قال: فلقيته بعد ذلك في مفازة فرد، فسلمت عليه، وقلت له": كيف أنت؟ فقال: بخير ما لم أرك.
وقال الدراوردي: توفي عكرمة وكثير عزة في يوم واحد، فعجب الناس لموتهما واختلاف رأيهما: عكرمة يظن به أجرة الخوارج يكفر بالذنب، وكثير شيعي مؤمن بالرجعة إلى الدنيا.
وأما الوجه الثالث: فقال أبو طالب: قلت لأحمد: ما كان شأن عكرمة؟ قال: كان ابن سيرين لا يرضاه. قال: "كان يرى أجرة الخوارج، وكان يأتي الأمراء يطلب جوائزهم ولم يترك موضعا إلا خرج إليه".
وقال عبد العزيز بن أبي رواد: رأيت عكرمة بنيسابور فقلت له: تركت الحرمين وجئت إلى خراسان، قال: جئت أسعى على عيالي.
وقال أبو نعيم: قدم على الوالي بأصبهان فأجازه بثلاثة آلاف درهم.
هذا جميع ما قيل فيه من القدح.
فأما الوجه الأول: فقول ابن عمر لم يثبت عنه؛ لأنه من رواية أبي خلف الجزار عن يحيى البكاء أنه سمع ابن عمر يقول ذلك، ويحيى البكاء متروك الحديث، قال ابن حبان:"ومن المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح" وقال ابن جرير: "إن ثبت هذا عن ابن عمر فهو محتمل لأوجه كثيرة لا يتعين منه القدح في جميع روايته، فقد يمكن أن يكون أنكر عليه مسألة من المسائل كذبه فيها" قلت: وهو احتمال صحيح؛ لأنه روي عن ابن عمر أنه أنكر عليه الرواية عن ابن عباس في الصرف. ثم استدل ابن جرير على أن ذلك لا يوجب قدحا فيه بما رواه الثقات عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه قال إذ قيل له إن نافعا مولى ابن عمر حدث عن ابن عمر في مسألة الإتيان في المحل المكروه: "كذب العبد على أبي" قال ابن جرير: "ولم يروا ذلك من قول سالم في نافع جرحًا فينبغي أن لا يروا ذلك من ابن عمر في عكرمة جرحًا" وقال ابن حبان: "أهل الحجاز يطلقون كذب في موضع أخطأ" ذكر هذا في ترجمة برد من "كتاب الثقات" ويؤيد ذلك إطلاق عبادة بن الصامت قوله: "كذب أبو محمد" لما أخبر أنه يقول الوتر واجب؛ فإن أبا محمد لم يقله
رواية وإنما قاله اجتهادًا، والمجتهد لا يقال:"إنه كذب" إنما يقال: إنه أخطأ، وذكر ابن عبد البر لذلك أمثلة كثيرة.
وأما قول سعيد بن المسيب؛ فقال ابن جرير: "ليس ببعيد أن يكون الذي حكي عنه كالذي حكى عن ابن عمر" قلت: وهو كما قال فقد تبين ذلك من حكاية عطاء الخراساني عنه في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة، ولقد ظلم عكرمة في ذلك؛ فإن هذا مروي عن ابن عباس من طرق كثيرة: أنه كان يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم. ونظير ذلك ما تقدم عن عطاء وسعيد بن جبير.
ويقوي صحة ما حكاه ابن حبان أنهم يطلقون الكذب في موضع الخطأ ما سيأتي عن هؤلاء من الثناء عليه والتعظيم له فإنه دال على أن طعنهم عليه إنما هو في هذه المواضع المخصوصة.
وكذلك قول ابن سيرين الظاهر أنه طعن عليه من حيث الرأي، وإلا فقد قال خالد الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: "ثبت عن ابن عباس" فإنما أخذه عن عكرمة، وكان لا يسميه؛ لأنه لم يكن يرضاه.
وأما رواية يزيد بن أبي زياد عن علي بن عبد الله بن عباس في تكذيبه، فقد ردها أبو حاتم بن حبان بضعف يزيد، وقال:"إن يزيد لا يحتج بنقله" وهو كما قال.
وأما ما روي عن يحيى بن سعيد في ذلك؛ فالظاهر أنه قلد فيه سعيد بن المسيب.
وأما قصة القاسم بن محمد فقد بين سببها، وليس بقادح؛ لأنه لا مانع أن يكون عند المتبحر في العلم في المسألة القولان والثلاثة فيخبر بما يستحضر منها. ويؤيد ذلك ما رواه ابن هبيرة قال قدم علينا عكرمة مصر فجعل يحدثنا بالحديث عن الرجل من الصحابة،
ثم يحدثنا بذلك الحديث عن غيره، فأتينا إسماعيل بن عبيد الأنصاري وكان قد سمع من ابن عباس فذكرنا ذلك له، فقال: أنا أخبره لكم، فأتاه فسأله عن أشياء كان سمعها من ابن عباس فأخبره بها على مثل ما سمع، قال: ثم أتيناه فسألناه، فقال: الرجل صدوق ولكنه سمع من العلم فأكثر فكلما سنح له طريق سلكه.
وقال أبو الأسود: كان عكرمة قليل العقل، وكان قد سمع الحديث من رجلين فكان إذا سئل حدث به عن رجل، ثم يسأل عنه بعد حين فيحدث به عن الآخر فيقولون: ما أكذبه! وهو صادق.
وقال سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال أيوب: قال عكرمة: "أرأيت هؤلاء الذين يكذبوني من خلفي أفلا يكذبوني في وجهي" يعني: أنهم إذا واجهوه بذلك أمكنه الجواب عنه والمخرج منه. وقال سليمان بن حرب: وجه هذا أنهم إذا رموه بالكذب لم يجدوا عليه حجة.
وأما طعن إبراهيم عليه بسبب رجوعه عن قوله في تفسير البطشة الكبرى إلى ما أخبره به عن ابن مسعود فالظاهر أن هذا يوجب الثناء على عكرمة لا القدح إذ كان يظن شيئًا فبلغه عمن هو أولى منه خلافه فترك قوله لأجل قوله.
وأما قصة القاسم بن معن ففيها دلالة على تحريه فإنه حدثه في المذاكرة بشيء يريد أن يكتبه عنه شك فيه فأخبره أنه إنما قاله برأيه، فهذا أولى أن يحمل عليه من أن يظن به أنه تعمد الكذب على ابن عباس رضي الله عنه.
وأما ذم مالك فقد بين سببه وأنه لأجل ما رمي به من القول ببدعة الخوارج، وقد جزم بذلك أبو حاتم، قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عكرمة فقال: ثقة، قلت: يحتج
بحديثه؟ قال: "نعم إذا روى عنه الثقات، والذي أنكر عليه مالك إنما هو بسبب رأيه على أنه لم يثبت عنه من وجه قاطع أنه كان يرى ذلك وإنما كان يوافق في بعض المسائل فنسبوه إليهم".
وقد برأه أحمد والعجلي من ذلك فقال في كتاب "الثقات" له: عكرمة مولى بن عباس رضي الله عنه ما مكي تابعي ثقة برئ مما يرميه الناس به من الحرورية.
وقال ابن جرير: "لو كان كل من ادعى عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعى به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه".
وأما قبوله لجوائز غير الأمراء فليس ذلك بمانع من قبول روايته وهذا الزهري قد كان في ذلك أشهر من عكرمة ومع ذلك فلم يترك أحد الرواية عنه بسبب ذلك.
وإذ فرغنا من الجواب عما طعن عليه به فلنذكر ثناء الناس عليه من أهل عصره وهلم جرا:
قال محمد بن فضيل عن عثمان بن حكيم: كنت جالسا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف إذ جاء عكرمة، فقال: يا أبا أمامة! أذكرك الله هل سمعت ابن عباس يقول: "ما حدثكم عني عكرمة فصدقوه فإنه لم يكذب علي"؟ فقال أبو أمامة: نعم. وهذا إسناد صحيح.
وقال يزيد النحوي عن عكرمة قال لي ابن عباس: "انطلق فأفت الناس".
وحكى البخاري عن عمرو بن دينار قال: أعطاني جابر بن زيد صحيفة فيها مسائل عن عكرمة، فجعلت كأني أتباطأ فانتزعها من يدي وقال:"هذا عكرمة مولى ابن عباس هذا أعلم الناس".
وقال الشعبي: "ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة".
وقال حبيب بن أبي ثابت: مر عكرمة بعطاء وسعيد بن جبير قال: فحدثهم، فلما قام قلت لها: تنكران مما حدث شيئًا؟ قالا: لا.
وقال أيوب حدثني فلان قال: كنت جالسا إلى عكرمة وسعيد بن جبير وطاوس- وأظنه قال: - وعطاء في نفر فكان عكرمة صاحب الحديث يومئذ وكأن على رؤوسهم الطير فما خالفه أحد منهم ألا أن سعيدًا خالفه في مسألة واحدة. قال أيوب: أرى ابن عباس كان يقول القولين جميعًا.
وقال حبيب أيضا اجتمع عندي خمسة: طاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء فأقبل مجاهد وسعيد على عكرمة المسائل فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما فلما نفد ما عندهما جعل يقول: نزلت آية كذا في كذا ونزلت آية كذا في كذا.
وقال ابن عيينة: كان عكرمة إذا تكلم في المغازي فسمعه إنسان قال: كأنه مشرف عليهم يراهم. قال: وسمعت أيوب يقول: لو قلت: لك إن الحسن ترك كثيرا من التفسير حين دخل عكرمة البصرة حتى خرج منها لصدقت.
وقال عبد الصمد بن معقل: لما قدم عكرمة الجند أهدى له طاوس نجيبا بستين دينارًا، فقيل له في ذلك؟ فقال ألا أشتري علم ابن عباس لعبد الله بن طاوس بستين دينارًا.
وقال الفرزدق بن خراش: قدم علينا عكرمة مرو، فقال لنا: شهر بن حوشب: ائتوه أحمد فإنه لم تكن أمة إلا كان لها حبر وإن مولى هذا كان حبر هذه الأمة.
وقال جرير عن اني قيل لسعيد بن جبير: تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: نعم عكرمة.
وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة فذكره فيهم. قال: وكان أعلمهم بالتفسير.
وقال معمر عن أيوب: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة فإني لفي سوق البصرة إذ قيل لي هذا عكرمة فقمت إلى جنب حماره فجعل الناس يسألونه وأنا أحفظ.
وقال حماد بن زيد: قال لي أيوب: لو لم يكن عندي ثقة لم أكتب عنه.
وقال يحيى بن أيوب: سألني ابن جريج هل كتبتم عن عكرمة؟ قلت: لا. قال: فاتكم ثلث العلم.
وقال حبيب بن الشهيد: كنت عند عمرو بن دينار فقال: والله ما رأيت مثل عكرمة قط.
وقال سلام بن مسكين: كان عكرمة من أعلم الناس بالتفسير.
وقال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة فبدأ به.
وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا احتج بعكرمة.
وقال جعفر الطيالسي عن ابن معين: إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة فاتهمه على الإسلام.
وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: أيما أحب إليك عكرمة عن ابن عباس أو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنه؟ قال: كلاهما ولم يختر. فقلت فعكرمة أو سعيد بن جبير؟ قال: ثقة وثقة ولم يختر.
وقال النسائي في "التمييز" وغيره: "ثقة" وتقدم توثيق أبي حاتم والعجلي.
وقال المرزوي: قلت لأحمد بن حنبل: يحتج بحديثه؟ قال: نعم.
وقال أبو عبد الله محمد بن نصر المرزوي: "أجمع عامة أهل العلم على الإحتجاج بحديث عكرمة واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا منهم: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ويحيى بن معين" ولقد سألت إسحاق عن الإحتجاج بحديثه فقال: عكرمة عندنا إمام أهل الدنيا، وتعجب من سؤالي إياه. قال: وحدثنا غير واحد أنهم شهدوا يحيى بن معين وسأله بعض الناس عن الإحتجاج بعكرمة فأظهر التعجب".
وقال علي بن المديني: كان عكرمة من أهل العلم ولم يكن في موالي ابن عباس أغزر علما منه.
وقال ابن منده: قال أبو حاتم: أصحاب بن عباس عيال على عكرمة.
وقال البزار: روى عن عكرمة مائة وثلاثون رجلا من وجوه البلدان كلهم رضوا به.
وقال العباس بن مصعب المرزوي: كان عكرمة أعلم موالي ابن عباس وأتباعه بالتفسير.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: كان عكرمة من أثبت الناس فيما يروي ولم يحدث عمن هو دونه أو مثله أكثر حديثه عن الصحابة رضي الله عنهم.
وقال أبو جعفر بن جرير: "ولم يكن أحد يدفع عكرمة عن التقدم في العلم بالفقه والقرآن وتأويله وكثرة الرواية للآثار وأنه كان عالما بمولاه وفي تقريظ جلة أصحاب
ابن عباس إياه ووصفهم له بالتقدم في العلم وأمرهم الناس بالأخذ عنه ما بشهادة بعضهم تثبت عدالة الإنسان ويستحق جواز الشهادة، ومن ثبتت عدالته لم يقبل فيه الجرح، وما تسقط العدالة بالظن، وبقول فلان لمولاه: لا تكذب علي، وما أشبه من القول الذي له وجوه وتصاريف ومعان غير الذي وجهه إليه أهل الغباوة ومن لا علم له بتصاريف كلام العرب".
وقال ابن حبان: "كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن ولا أعلم أحدًا ذمه بشيء - يعني يجب قبوله والقطع به-".
وقال ابن عدي في "الكامل" ومن عادته فيه أن يخرج الأحاديث التي أنكرت على الثقة فقال فيه بعد أن ذكر كلامهم في عكرمة: "ولم أخرج هنا من حديثه شيئًا لأن الثقات إذا رووا عنه فهو مستقيم ولم يمتنع الأئمة وأصحاب الصحاح من تخريج حديثه وهو أشهر من أن أحتاج إلى أن أخرج له شيئا من حديثه".
وقال الحاكم أبو أحمد في "الكنى": "احتج بحديثه الأئمة القدماء لكن بعض المتأخرين أخرج حديثه من حيز الصحاح احتجاجا" بما سنذكره ثم ذكر حكاية نافع.
وقال ابن منده: "أما حال عكرمة في نفسه فقد عدله أمة من التابعين منهم زيادة على سبعين رجلًا من خيار التابعين ورفعائهم، وهذه منزلة لا تكاد توجد منهم لكبير أحد من التابعين، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه ولم يستغن عن حديثه، وكان حديثه متلقى بالقبول قرنا بعد قرن إلى زمن الأئمة الذين أخرجوا الصحيح، على أن مسلمًا كان أسوأهم رأيًا فيه، وقد أخرج له مع ذلك مقرونًا".