‌تفسير الحافظ لبعض عبارات الجرح والتعديل وبيان مراتبها - تحفة اللبيب بمن تكلم فيهم الحافظ ابن حجر من الرواة في غير «التقريب» - جـ ١

‌

‌تفسير الحافظ لبعض عبارات الجرح والتعديل وبيان مراتبها

مما ينبغي أن لا يجهله طالب علم الحديث معرفة معاني عبارات أئمة الجرح والتعديل، لما يترتب على ذلك من التوصل إلى معرفة درجة الراوي اللائقة به، وما يترتب على ذلك من الحكم على حديثه بالقبول أو الرد، فمعرفة ذلك متعلقة بصميم الدين.

وقد اهتم العلماء ببيان معاني عبارات الجرح والتعديل وبيان مراتبها، ومن هؤلاء الحفاظ النقاد الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في مواضع متفرقة من كتبه أحببت سوقها في هذا الموضع نشرا للعلم، وتقريبا للفائدة، وبالله التوفيق:

1) قول الخليلي: "متفق عليه"(1)، قال الخليلي في عباس الدوري:"متفق عليه"، قال الحافظ:"يعني: على عدالته وإلا فالشيخان لم يخرج له واحد منهما". "التهذيب"(2/ 294).

2) "فلان ملي" قال الحافظ: ""ملي" بلام خفيفة في "مقدمة مسلم" عن طاووس: "إن كان صاحبك مليا فخذ عنه" يعني: ثقة". "تبصير المنتبه"(4/ 1389).

3) "فلان من الطبقة العليا" قالها ابن شاهين في يزيد بن هارون الواسطي، قال الحافظ:"يعني من المعرفة". "اللسان"(1/ 245) ترجمة أحمد بن حفص السعدي.

4) "ما رأيت أحدًا أجدر أن يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ولا يُسأل عمن هو من فلان" قالها ابن عيينة في محمد بن المنكدر، قال الحافظ:"يعني لتحريه"(1). "التهذيب"(3/ 701).

5) قول عبد الله بن أحمد عن أبيه: "ذكره بخير" قال أبو حاتم في عباس بن الحسين القنطري: "مجهول"، قال الحافظ:"إن أراد العين؛ فقد روى عنه البخاري وموسى بن هارون الحمال والحسن بن علي المعمري وغيرهم، وإن أراد الحال فقد وثقه عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: "سألت أبي عنه فذكره بخير"". "الهدي"(413).

6) "فلان أثبت من فلان" قال الحسيني في جهير بن يزيد العبدي: "لينه يحيى القطان، بقوله: "حوشب بن عقيل أثبت منه"" قال الحافظ: "وهذه الصيغة ليست صريحة في التليين بل احتمالها قوته أقوى". "تعجيل المنفعة"(1/ 399).

7) "ليس هو كأقوى ما يكون" قالها ابن المديني في إبراهيم بن يوسف السبيعي، قال الحافظ:"قلت: هذا تضعيف نسبي". "هدي الساري"(554).

8) "ليس بالقوي، ليس بذاك القوي" قال الحافظ في ترجمة سعد بن سليمان: "ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال أبو حاتم الرازي: "ليس بالقوي" ومثل هذا يصلح أن يعتبر به وأن يكتب حديثه في المتابعات". "بذل الماعون"(112).

وقال النسائي في أحمد بن بشير المخزومي: "ليس بذلك القوي" قال الحافظ: "أما

تضعيف النسائي له فمشعر بأنه غير حافظ". "الهدي" (285 - 286).

9) "فيه ضعف" قال الحافظ: "جرح لين". "اللسان"(1/ 122) ترجمة إبراهيم بن العلاء الغنوي.

10) "مستور" قال الحافظ في ترجمة أبي مسلم التغلبي: "فيكون له راويان ولم يُجرح فهو مستور". "الإيثار"(170).

وقال في ترجمة أبي عمر الصيني: "لا يعرف اسمه ولا حاله، وقد روى عنه جماعة فهو مستور". "النتائج"(1/ 332).

11) "ليس بمشهور" أورد النباتي في "ذيل الكامل" محمد بن أيوب بن ميسرة، قال الحافظ:"ولعل مستند النباتي قول أبي حاتم: "ليس بمشهور" وليس كذلك، بل مراد أبي حاتم أنه لم يشتهر في العلم اشتهار غيره من أقرانه مثل سعيد بن عبد العزيز وأنظاره". "تعجيل المنفعة"(2/ 170 - 171).

وقال: "وكأن مستنده قول أبي حاتم: "ليس بمشهور" لكن لم يُرِد أبو حاتم بذلك أنه مجهول، وإنما أراد أنه لم يشتهر في العلم اشتهار أقرانه كسعيد بن عبد العزيز (1) ". "اللسان"(5/ 731).

12) "صالح، أو صالح الحديث": "من عادتهم إن أرادوا وصف الراوي

بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا: "صالح الحديث" فإذا أطلقوا الصلاح فإنما يريدون به في الديانة والله أعلم". "النكت" (2/ 680).

وفي ترجمة عبد الملك بن الصباح المسمعي، قال فيه أبو حاتم الرازي:"صالح"، قال الحافظ:"هي من ألفاظ التوثيق في المرتبة الأخيرة عند ابن أبي حاتم، وهو قال: "إن من قيل فيه ذلك يكتب حديثه للإعتبار" وعلى هذا عبد الملك ليس من شرط الصحيح، لكن

…

". "الفتح" (12/ 167).

13) "لا أتهمه" قال الحافظ في ترجمة محمد بن عروة بن رويم اللخمي: "ذكره النباتي في "ذيل الكامل" ولم يذكر فيه شيئًا سوى قول أبي حاتم: "لا أتهمه" وهذا ليس بقادح". "اللسان"(6/ 346) ترجمة محمد بن عروة اللخمي.

14) "لا أفهمه" قالها أبو حاتم في محمد بن عروة اللخمي، قال الحافظ:"هي بمعنى: لا أعرفه". "اللسان"(6/ 346) ترجمة محمد بن عروة اللخمي.

15) "أرجو أنه لا بأس به" قال الذهبي في ترجمة حبيب بن أبي حبيب: "ساق له ابن عدي في "الكامل" وقال: "هو على قلة حديثه أرجو أنه لا بأس به"، قال الحافظ: "وقال البرقاني عن الدارقطني: "بصري لا يعتبر به" قلت: فلم ينفرد ابن عدي بتليينه". "اللسان" (2/ 311) ترجمة حبيب بن أبي حبيب.

ففهم الحافظ بن حجر من قول ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس به" التليين حيث قال: "فلم ينفرد ابن عدي بتليينه".

16) "تركه فلان، ولم يرو عنه فلان" قال الحافظ في ترجمة الزبير بن الخريت البصري: "وحكى الباجي في "رجال البخاري" عن علي ابن المديني أنه قال: "تركه

شعبة" والذي رأيته عن علي أنه قال: "لم يرو عنه شعبة" وبين اللفظين فرقان". "الهدي"(402).

17) "ممرور" قالها الإسماعيلي في أحمد بن حفص السعدي، قال الحافظ:"أشار إلى أنه أحيانا كان يغيب عقله، والمرور هو الذي يصيبه الخلط من المرة فيخلط". "اللسان"(1/ 245) ترجمة: أحمد بن حفص السعدي.

18) "لا أعرفه" قال الحافظ في ترجمة يحيى بن المتوكل: "لكن قول يحيى بن معين "لا أعرفه" أراد به جهالة عدالته لا جهالة عينه (1)، فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة؛ فإن مجرد روايتهم عنه لا تستلزم معرفة حاله". "النكت"(2/ 677).

19) "كان شيخا صالحا، حدث بالمناكير عن المعروفين، وفي مقدار ما يروي أرجو أنه لا بأس به، وله عن الثقات والضعفاء، وإذا روى عن ثقة لا يتابع" قال الإمام الذهبي في ترجمة بكير بن جعفر الجرجاني: "منكر الحديث مشاه ابن عدي" قال الحافظ ابن حجر: "وعبارة ابن عدي تقتضي توثيق حاله؛ فإنه قال: "كان شيخا صالحا

…

"". "اللسان"(2/ 107 - 108).

20) قول البخاري: "فيه نظر، وفي حديثه نظر" قال البخاري في أبي بلج يحيى بن سليم: "فيه نظر" قال الحافظ: "وهذه عبارته فيمن كان وسطا"(2). "بذل الماعون"(117).

وقال في ترجمة ثمامة بن وائل أبي ثفال: "روى عنه جماعة، وقال البخاري: "في حديثه نظر" وهذه عادته فيمن يضعفه". "التلخيص الحبير"(1/ 127).

21) "لولا سلامة فيه لتُرك حديثه" قالها أبو داود في محمد بن بشار، قال الحافظ:"يعني أنه كانت فيه سلامة فكان إذا سها أو غلط يحمل ذلك على أنه لم يتعمد". "الهدي"(437).

22) "كان ثقة فيما يروي عن المعروفين" قال الحافظ في ترجمة مروان بن معاوية: "ثقة مشهور تكلم فيه بعضهم؛ لكثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين، فقال علي بن المديني: "كان ثقة فيما يروي عن المعروفين"". "الهدي"(443).

23) "لا بأس به إذا روى عنه ثقة" قال الحافظ في ترجمة أبي الزاهرية حدير بن كريب: "وقال أبو حاتم والدارقطني: "لا بأس به -زاد الدارقطني: إذا روى عنه ثقة" فاحترز بذلك عن رواية الضعفاء عنه؛ لأن غالب الرواة عنه كذلك". "كشف الستر"(30 - 31).

24) "يُعتبر حديثه إذا بين السماع في روايته" قال الحافظ في ترجمة عبد الله بن معاوية الأسدي البصري: "وقال ابن حبان لما ذكره في "الثقات": "ربما خالف يعتبر بحديثه إذا بين السماع في روايته" أشار إلى أنه ربما دلس عن الضعفاء فتكون النكارة من قبلهم، فتلتصق به". "تعجيل المنفعة"(1/ 766 - 767).

وقد وصف الحافظ عدة رواة بالتدليس في كتابه "تعريف أهل التقديس" مستدلا على ذلك بهذه العبارة وما شابهها.

25) "كان رفاعا" قال الحافظ في كلام أبي حاتم الرازي وغيره في بعض الرجال: "كان رفاعا": "يعنون: أنه يرفع الحديث الموقوف". "تبصير المنتبه"(2/ 630).

26) "كان خشبيا" قالها الجوزجاني في مالك بن إسماعيل النهدي، قال الحافظ:"يعني شيعيا". "الهدي"(442).

27) قول الذهبي في بعض الرواة: "لا أعرفه" قال الحافظ في ترجمة حريث بن ظهير الكوفي: "وقرأت بخط الذهبي: "لا يعرف" يعني: عدالته، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"". "التهذيب"(1/ 374).

28) قول أبي حاتم في بعض الرواة: "هو أحب إلي من فلان إذا ذكر الخبر" قال الحافظ: "يعني: إذا صرح بالسماع". "التهذيب"(3/ 430).

29) قول بعض الرواة: "فرغت من حاجتي من فلان قبل كذا وكذا" قال عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي البصري: "فرغت من حاجتي من سعيد - يعني ابن أبي عروبة - قبل الطاعون" قال الحافظ: "يعني: أنه سمع منه قبل الإختلاط". "التهذيب"(2/ 265).

30) قول الجريري: "غيره أوثق منه" قال الجريري في أبي واقد عبد الله بن قتادة الحراني: "غيره أوثق منه"، قال الحافظ:"وهذه العبارة يقولها الجريري في الذي يكون شديد الضعف". "التهذيب"(2/ 451).

31) قولهم في الراوي: "ليس بثقة" قال الحافظ في ترجمة شعبة بن دينار الهاشمي مولى ابن عباس: "لفظة: "ليس بثقة" في الإصطلاح يوجب الضعف الشديد". "التهذيب"(2/ 170 - 171).

32) "هو على يدي عدل" قال أبو حاتم في محمد بن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي: "هو على يدي عدل" قال الحافظ: "وقوله: "على يدي عدل" معناه: قرب من الهلاك، وهذا مثل للعرب، كان لبعض الملوك شرطي اسمه عدل، فإذا دُفِع إليه من جنى جناية جزموا بهلاكه غالبا، ذكره ابن قتيبة وغيره، وظن بعضهم (1) أنها من ألفاظ التوثيق فلم يصب". "التهذيب"(3/ 553).

33) "منكر الحديث" من البخاري، قال الحافظ في جرير بن أيوب البجلي:"رواه، قال البخاري: "منكر الحديث" وهو جرح شديد منه". "المهرة"(16/ 2/ 670).