المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل في شروط القود) - تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي - جـ ٨

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الصِّيغَةِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَحَلِّ الطَّلَاقِ وَالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ أَوْ ذِكْرِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌[فَصْلٌ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ

- ‌(فَرْعٌ) أَقَرَّ بِطَلَاقٍ أَوْ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ أَنْكَرَ أَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدَةٌ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْأَزْمِنَةِ وَنَحْوِهَا

- ‌(فَرْعٌ) قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي فُلَانًا

- ‌[فَرْعٌ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ وَالْحَيْضِ وَغَيْرِهَا

- ‌فَرْعٌ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ ثُمَّ وُجِدَتْ وَاسْتَمَرَّ مُعَاشِرًا لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ مَاتَ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إلَى الْعَدَدِ فِي الطَّلَاقَ وَأَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنْوَاع أُخْرَى مِنْ تَعْلِيق الطَّلَاق]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا كَذَا بِمَحَلِّ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ]

- ‌(كِتَابُ الرَّجْعَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا

- ‌(كِتَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الظِّهَارِ مِنْ حُرْمَةِ نَحْوِ وَطْءٍ وَلُزُومِ كَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌(كِتَابُ الْكَفَّارَةِ)

- ‌(كِتَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ جَوَازًا أَوْ وُجُوبًا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ

- ‌[فَصْلٌ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ]

- ‌(كِتَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَدَاخُلِ الْعِدَّتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ مُعَاشَرَةِ الْمُفَارِقِ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌(بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ)

- ‌(كِتَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي حُكْمِ الرَّضَاعِ الطَّارِئِ عَلَى النِّكَاحِ تَحْرِيمًا وَغُرْمًا

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ فِي النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ الْمُؤَنِ وَمُسْقِطَاتِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْإِعْسَارِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ إذَا (أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِهَا)

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُؤَنِ الْأَقَارِبِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ وَهَل انْتِهَائِهَا فِي الصَّغِيرِ بِالْبُلُوغِ أَمْ بِالتَّمْيِيزِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُؤْنَةِ الْمَمَالِيكِ وَتَوَابِعِهَا

- ‌(كِتَابُ الْجِرَاحِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي اجْتِمَاعِ مُبَاشَرَتَيْنِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى الْمَوْتِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ)

- ‌[فَصْلٌ اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

- ‌[فَصْلٌ مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ مُوجِبِ الْعَمْدِ وَفِي الْعَفْوِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ الدِّيَاتِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]

- ‌[فَرْعٌ مُوجِبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ]

- ‌[فَرْعٌ اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا]

الفصل: ‌(فصل في شروط القود)

فِي وُصُولِهِ لَهَا إلَى عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ (وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جَرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ) لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلٌ بَعْدَ نَحْوِ يَوْمٍ (وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ) مِنْ عَمْدٍ وَضِدِّهِ وَلَا نَظَرَ لِسَرَيَانِ الْجُرْحِ لِاسْتِقْرَارِ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ (وَإِلَّا) يُذَفِّفُ الثَّانِي أَيْضًا وَمَاتَ بِهِمَا كَأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُوعِ وَآخَرُ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ أَجَافَاهُ (فَقَاتِلَانِ) لِوُجُودِ السِّرَايَةِ مِنْهُمَا وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ لَا إلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَعِيَّةِ وَهَذَا فِي التَّرْتِيبِ.

(وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ) وَهُوَ الْوُصُولُ لِآخِرِ رَمَقٍ (وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ مَعَ أَنَّهُ لَا سَبَبَ يُحَالُ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَخَالُفُهُمَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمَصِيرُ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ أَمَّا الْأَقْوَالُ كَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالتَّصَرُّفِ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُمَا

(فَرْعٌ)

انْدَمَلَتْ الْجِرَاحَةُ وَاسْتَمَرَّتْ الْحُمَّى حَتَّى مَاتَ فَإِنْ قَالَ عَدْلَا طِبٍّ إنَّهَا مِنْ الْجُرْحِ فَالْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ

(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ)

وَوَطَّأَ لَهَا بِمَسَائِلَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا بَعْضُ شُرُوطٍ أُخْرَى كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ إذَا (قَتَلَ) مُسْلِمٌ (مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) يَعْنِي حِرَابَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا أَيْ هَلْ هُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَذِكْرُهُ الظَّنَّ تَصْوِيرٌ أَوْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ الْإِشَارَةَ لِخِلَافٍ (بِدَارِ الْحَرْبِ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ مَعَ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ غَيْرُ رِدَّةٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِاحْتِمَالِ إكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قُلْت الرَّافِعِيُّ يَجْعَلُ الْأَوَّلَ رِدَّةً مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا كَذَلِكَ قُلْت إمَّا جَرَى هُنَا عَلَى مَقَالَةِ غَيْرِهِ أَوْ قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّصْوِيرِ أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ

الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: فِي وُصُولِهِ لَهَا) أَيْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إلَى عَدْلَيْنِ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يُوجَدَا أَوْ تَحَيَّرَا فَهَلْ يُقَالُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَجِبُ دِيَةُ عَمْدٍ دُونَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَيْهَا) أَيْ حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ بَعْدَ جَرْحٍ) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ مُغْنِي قَالَ ع ش الْجَرْحُ هُنَا بِفَتْحِ الْجِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ وَالْأَثَرُ الْحَاصِلُ بِهِ جُرْحٌ بِالضَّمِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ أَثَرَ الْأَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَيْ أَوْ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَ إنَّمَا يَقْتُلُ بِالسِّرَايَةِ وَحَزَّ الرَّقَبَةِ بِقَطْعِ أَثَرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَوَقَّعَ الْبُرْءَ مِنْ الْجِرَاحَةِ السَّابِقَةِ أَوْ يَتَيَقَّنَ الْهَلَاكَ بِهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْحَالِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَقَدْ عَهِدَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَعُمِلَ بِعَهْدِهِ وَوَصَايَاهُ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ إلَخْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ الْأَوَّلَ رَشِيدِيٌّ أَيْ جُرْحَهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَطَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ جَرَحَا جَرْحًا يَقْتُلُ غَالِبًا كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا السَّاعِدَ وَالْآخَرُ الْعَضُدَ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجَافَاهُ) مِنْ الْإِجَافَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ النَّزْعُ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَعِيشُ) قَالَ الْإِمَامُ، وَلَوْ انْتَهَى الْمَرِيضُ إلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَبَدَتْ مَخَايِلُهُ لَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ فِي حَالَةِ الْمَقْدُودِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْمَرِيضِ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ، وَقَدْ يَظُنُّ ذَلِكَ ثُمَّ يُشْفَى بِخِلَافِ الْمَقْدُودِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ تَخَالُفُهُمَا) أَيْ الْجَرِيحِ وَالْمَرِيضِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي.

(تَنْبِيهٌ)

قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَرِيضَ الْمَذْكُورَ يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مَا ذَكَرَاهُ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَيِّتِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَيِّتِ فِي الْجِنَايَةِ وَقِسْمَةِ تَرِكَتِهِ وَتَزَوُّجِ زَوْجَاتِهِ أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ فَهُوَ فِيهِ كَالْمَيِّتِ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرَاهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ وَصِيَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَنَحْوِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ بِجِنَايَةٍ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ مُطْلَقًا وَمَنْ وَصَلَ إلَيْهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ بِالنِّسْبَةِ لِأَقْوَالِهِ وَكَالْحَيِّ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا كَمَا جَمَعَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ]

. (فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ)(قَوْلُهُ: فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ) إلَى قَوْلِهِ أَوْ قَتَلَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بَعْضُ شُرُوطٍ أُخْرَى) يُوهِمُ أَنَّهُ أَهْمَلَ بَعْضَهَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا فَلَعَلَّهُ مَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ كَوْنِ الْقَتْلِ عَمْدًا وَظُلْمًا (قَوْلُهُ: يَعْنِي حِرَابَتَهُ إلَخْ) أَيْ لَا يَكْفِي ظَنُّ كُفْرِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ظَنِّ حِرَابَتِهِ أَمَّا إذَا ظَنَّهُ ذِمِّيًّا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيٌّ) اُنْظُرْ لِمَ صَوَّرَ بِهِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ كَمَا يَأْتِي رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَرَادَ بِهِ) أَيْ الظَّنِّ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ) يَشْمَلُ الْوَهْمَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ الْإِشَارَةِ) الْأَوْلَى تَنْكِيرُهُ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ أَرَادَ إلَخْ (قَوْلِهِ لِخِلَافٍ) لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ وَهَذَا أَيْ عَدَمُ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ ظَنَّ حِرَابَتَهُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مُحْتَرَزَ ظَنِّ الْحِرَابَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِخِلَافٍ فِيهِ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِظَنِّ حِرَابَتِهِ (قَوْلُهُ: زِيُّ الْكُفَّارِ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ) أَيْ الْقَوْلِ بِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ هَذَيْنِ) أَيْ التَّزْيِينِ وَالتَّعْظِيمِ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا ع ش (قَوْلُهُ: فِي دَارِ الْحَرْبِ) خَرَجَ بِهِ دَارُنَا فَيَكُونُ رِدَّةً ع ش وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا بِدَارِ الْحَرْبِ هُنَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ مَا يَشْمَلُ دَارَ الْكُفْرِ بِأَنْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَيَحْكُمُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ سم بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: بِدَارِ الْحَرْبِ اُنْظُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ مَعَ مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ الْأَوَّلَ) أَيْ التَّزَيِّيَ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ سَبَبًا لِظَنِّ حِرَابَتِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَقَالَةِ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الرِّدَّةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ ثَمَّ، وَأَمَّا هُنَا فَمُصَوَّرٌ

إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَقَارِبِهِ عَقِبَ هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا دَخَلَ فِي يَدِهِ عَقِبَهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ.

(فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ)(قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهَا أَيْ هَلْ هُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ) خَرَجَ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ حَرْبِيٌّ مَثَلًا أَوْ مُسْلِمٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: بِدَارِ الْحَرْبِ) اُنْظُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ مَعَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ:

ص: 394

لِمَا تَقَرَّرَ فِي الثَّانِي بَلْ أَوْلَى أَوْ قَتَلَهُ فِي صَفِّهِمْ وَلَوْ بِدَارِنَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ كُفْرَهُ (فَلَا قِصَاصَ) لِوُضُوحِ عُذْرِهِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ) عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا أَمْ لَا عَيَّنَ شَخْصًا أَمْ لَا عَهِدَ حِرَابَةٌ مَنْ عَيَّنَهُ أَمْ لَا كَمَا يَأْتِي (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَثُبُوتُهَا مَعَ الشُّبْهَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بَاطِنًا وَلَا جِنَايَةَ مِنْهُ تَقْتَضِي إهْدَارَهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِظَنِّ حِرَابَتِهِ الصَّادِقُ بِعَهْدِهَا وَعَدَمُهُ كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ انْتَفَى ظَنُّهَا وَعَهْدُهَا فَإِنْ عَهِدَ أَوْ ظَنَّ إسْلَامَهُ وَلَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَكَانَ بِدَارِنَا فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ لِتَقْصِيرِهِ أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ فَهَدَرٌ لِمَا مَرَّ، أَمَّا إذَا عَرَفَ مَكَانَهُ بِدَارِنَا فَكَقَتْلِهِ بِهَا فِي غَيْرِ صَفِّهِمْ حَتَّى إذَا قَصَدَ قَتْلَهُ قَصْدًا مُعَيَّنًا لَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قُتِلَ بِهِ أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ لَزِمَهُمْ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ ذِمِّيٌّ لَمْ نَسْتَعِنْ بِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ

(أَوْ) قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ سَوَاءٌ حِرَابَتِهِ وَرِدَّتُهُ وَغَيْرُهُمَا كَأَنْ رَأَى عَلَيْهِ زِيَّهُمْ أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ (بِدَارِ الْإِسْلَامِ)

بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تَنَاقُضَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي نَفْسِهِ إذْ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الرِّدَّةِ مُطْلَقًا ع ش (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَذَا تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ بِدَارِ الْحَرْبِ كُرْدِيٌّ أَيْ لِمَفْهُومِهِ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ مِنْ احْتِمَالِ الْإِكْرَاهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) أَيْ بَلْ التَّزَيِّي فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْلَى لِعَدَمِ كَوْنِهِ كُفْرًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَتَلَ مُسْلِمًا وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ رَاجِعٌ لِمُسْلِمٍ بِلَا قَيْدِ ظَنِّ كُفْرِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ كُفْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ) أَيْ مَحَلَّهُ فِي صَفِّهِمْ فَإِنْ عَرَفَهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ كَمَا يَأْتِي عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ ظَنَّ كُفْرَهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ وَقَصَدَهُ فَكَقَتْلِهِ بِدَارِنَا إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ وَرَمَى سَهْمًا إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ نَظَرَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصًا أَوْ عَيَّنَ كَافِرًا فَأَخْطَأَ وَأَصَابَ مُسْلِمًا فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ فِي بَيَاتٍ أَوْ غَارَةٍ وَلَمْ يَعْرِفْهُ وَإِنْ عَيَّنَ شَخْصًا فَأَصَابَهُ فَكَانَ مُسْلِمًا فَلَا قِصَاصَ وَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ ظَنَّهُ كَافِرًا اهـ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي الْقِصَاصِ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فِي دَارِهِمْ) أَيْ أَوْ فِي صَفِّهِمْ (قَوْلُهُ: عَيَّنَ شَخْصًا) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَيَّنَهُ لِلرَّمْيِ مَثَلًا أَيْ قَصَدَهُ بِالرَّمْيِ سم (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ الصَّادِقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْقَطَ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا إذَا عَرَفَ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْقَطَ إلَخْ) أَيْ بِمَقَامِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْإِبَاحَةِ مُغْنِي أَيْ أَوْ فِي صَفِّهِمْ (قَوْلُهُ وَثُبُوتُهَا) أَيْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْقُطْ حُرْمَةَ نَفْسِهِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ إهْدَارًا مُطْلَقًا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي شَرْحِ وَكَذَا إلَّا دِيَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَارِهِمْ) وَيُحْتَمَلُ أَوْ بِصَفِّهِمْ سم وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ع ش فَقَالَ قَوْلُهُ: وَكَانَ بِدَارِنَا أَيْ وَلَيْسَ بِصَفِّهِمْ لِمَا يَأْتِي اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ) بِشَرْطِ عِلْمِ مَحَلِّ الْمُسْلِمِ وَمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ إلَخْ) أَيْ أَوْ شَكَّ فِيهِ بِدَارِهِمْ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِوُضُوحِ عُذْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا عَرَفَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي مَبْحَثِ حَدِّ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: لَمْ نَسْتَعِنْ بِهِ) فَلَوْ اسْتَعَنَّا بِهِ لَمْ يُقْتَلْ ثُمَّ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِينُ بِهِ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش

(قَوْلُهُ ظَنَّ كُفْرَهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا إلَخْ سم (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا) أَيْ كَذِمِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ إنْ رَآهُ إلَى بَلْ الدِّيَةُ وَقَوْلُهُ وَجَهِلَهُ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ زِيُّهُمْ)

عَيَّنَ شَخْصًا أَمْ لَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ عَيَّنَهُ لِلرَّمْيِ مَثَلًا أَيْ قَصَدَهُ بِالرَّمْيِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدَارِهِمْ) يُحْتَمَلُ أَوْ بِصَفِّهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ) أَيْ أَوْ شَكَّ فِيهِ بِدَارِهِمْ أَوْ صَفِّهِمْ قَدْ يَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ مِنْ قَتْلِهِ مَنْ سَمِعَ إسْلَامَهُ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ تَقِيَّةٌ وَكَانَ ذَلِكَ فِي دَارِهِمْ أَوْ صَفِّهِمْ فَلَعَلَّهُ شَكَّ فِي صُدُورِ مَا سَمِعَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّقِيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ الشَّرْعِ الِاعْتِدَادُ بِالْإِسْلَامِ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّعْوِيلِ عَلَى مَا يُنْفِقُ مِنْ الِارْتِيَابِ فِي صِحَّتِهِ وَكَوْنِهِ تَقِيَّةً فَتَشْكُلُ الْوَاقِعَةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ مُحْتَمَلَةٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ الْمُرَادِ هُنَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لَا قَبْلَهُ وَلَا فِي الْحَالِ بَلْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَالْوَاقِعُ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ يَعْهَدُهُ حَرْبِيًّا ثُمَّ سَمِعَ مِنْهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ فَحَمَلَهَا عَلَى التَّقِيَّةِ فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ يَحْتَاجُ إلَى التَّأَمُّلِ ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ذَكَرَ أَنَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ فَهَدَرٌ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ قَتْلَ حَرْبِيٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِهِمْ مَثَلًا فَقَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ قَالَهَا تَقِيَّةً كَمَا وَقَعَ لِأُسَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَالَغَ فِي إنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ وَأَمَّا كَوْنُهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوجِبْ عَلَى أُسَامَةَ قِصَاصًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً فَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِإِسْقَاطِ الْجَمِيعِ وَلَكِنْ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ وَالْقِصَاصُ سَاقِطٌ لِلشُّبْهَةِ وَإِنْ ظَنَّهُ كَافِرًا وَظَنَّ أَنَّ إظْهَارَ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا تَجْعَلُهُ مُسْلِمًا وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَقَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْضٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ وَبِأَنَّ أُسَامَةَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مُعَسِّرًا فَأُخِّرَتْ الدِّيَةُ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ لِيَسَارِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عَرَفَ مَكَانَهُ بِدَارِنَا) أَخْرَجَ دَارَهُمْ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا إلَخْ

(قَوْلُهُ: ظَنَّ كُفْرَهُ) خَرَجَ مَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا إلَخْ (قَوْلُهُ

ص: 395

وَلَيْسَ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ (وَجَبَا) أَيْ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْعِصْمَةُ وَإِنْ كَانَ عَلَى زِيِّهِمْ (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ إنْ رَآهُ بِزِيِّهِمْ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حُرْمَتَهُ بِظُهُورِهِ بِزِيِّهِمْ أَوْ بِتَعْظِيمِهِ لِآلِهَتِهِمْ بَلْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ فِي دَارِنَا التَّثْبِيتُ أَمَّا مُجَرَّدُ ظَنِّ الْكُفْرِ فَيَجِبُ مَعَهُ الْقَوَدُ قَطْعًا

(أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا) يَعْنِي كَافِرًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَوْ بِدَارِهِمْ (أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ أَنَّهُ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْ أَبَاهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَجَهْلُهُ وَعَهْدُهُ وَظَنُّهُ لَا يُبِيحُ لَهُ ضَرْبًا وَلَا قَتْلًا وَلَوْ فِي الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ بِأَنَّهُ يُخَلِّي بِالْمُهَادَنَةِ وَالْمُرْتَدُّ لَا يُخَلِّي فَتَخْلِيَتُهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِدَّتِهِ، أَمَّا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ بِدَارِنَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ لَكِنْ جَرَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَيُوَجَّهُ بِعُذْرِهِ بِاسْتِصْحَابِ كُفْرِهِ الْمُتَيَقِّنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِدَارِنَا فِي صَفِّهِمْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ظَنِّ كُفْرِهِ بِدَارِنَا كَأَنْ رَآهُ عَلَى زِيِّهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَرِينَةَ أَضْعَفُ مِنْ تِينِك كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَوَدِ كَمَا تَقَرَّرَ أَمَّا الدِّيَةُ فَالْوَجْهُ وُجُوبُهَا وَفِي نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا اخْتِلَافٌ وَإِشْكَالٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ

أَيْ وَيُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَفِّ إلَخْ) أَوْ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ وَعَرَفَ مَكَانَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ سم (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ) أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْقَوَدُ) أَيْ ابْتِدَاءٌ وَالدِّيَةُ عَلَى الْبَدَلِ أَيْ بَدَلًا عَنْ الْقَوَدِ مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِ) ، وَقَدْ يُقَالُ وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ وَالدِّيَةُ إنْ لَمْ تُوجَدْ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) مَحَلُّهُ حَيْثُ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا قُتِلَ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكْفِي ظَنُّ كَوْنِهِ حَرْبِيًّا وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْهُ نِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا مُجَرَّدُ الظَّنِّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ ظَنَّ حِرَابَتَهُ كَأَنْ رَأَى عَلَيْهِ إلَخْ سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ أَيْ الظَّنُّ الْخَالِي عَنْ قَرِينَةٍ تُؤَيِّدُهُ كَكَوْنِهِ عَلَى زِيِّهِمْ أَوْ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ حَرْبِيٍّ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا وَالظَّنُّ لَا يُبِيحُ الْقَتْلَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ ع ش (قَوْلُهُ: وَعَهِدَهُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى جَهِلَهُ (قَوْلُهُ: وَظَنَّهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ إذْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّثَبُّتُ مُغْنِي وَفِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) أَيْ إذَا كَانَ فِي دَارِهِمْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي عَهْدِهِ حَرْبِيًّا إنَّمَا مَرَّ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ أَمَّا بِدَارِنَا فَسَنَذْكُرُهُ آنِفًا لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَرَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجٍ إلَخْ) وَعَدَمُ الْقَوَدِ صَرِيحُ الرَّوْضِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ.

(قَوْلُهُ: فِي صَفِّهِمْ) أَيْ وَلَمْ يَعْرِفْ مَكَانَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذِهِ الْقَرِينَةَ) أَيْ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مِنْ تِينِك) أَيْ اسْتِصْحَابِ الْكُفْرِ الْمُتَيَقِّنِ وَالْمَقَامِ فِي صَفِّهِمْ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ وُجُوبُهَا) مُعْتَمَدٌ ع ش عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْعَمْدِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ اهـ أَيْ فِي الْإِمْدَادِ وَالْإِسْعَادِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي الْجِهَادِ أَوْ تَتَرَّسُوا

وَلَيْسَ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ) أَوْ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ وَعَرَفَ مَكَانَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَمَّا مُجَرَّدُ ظَنِّ الْكُفْرِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ كَأَنْ رَأَى عَلَيْهِ زِيَّهُمْ إلَخْ

(قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي عَهْدِهِ حَرْبِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ أَمَّا لِدَارِنَا فَسَيَذْكُرُهُ لَكِنْ قَدْ يَشْكُلُ الْفَرْقُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَرَى شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ) عَدَمُ الْقَوَدِ صَرِيحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الدِّيَةُ فَالْوَجْهُ وُجُوبُهَا) خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ لَا إنْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَقَتَلَهُ وَهُوَ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ بِدَارِنَا أَوْ دَارِهِمْ أَوْ صَفِّهِمْ فَلَا قَوَدَ إلَى أَنْ قَالَ وَكَذَا لَا دِيَةَ فِيهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَهَا وَارْتَضَاهُ فِي الْإِسْعَادِ انْتَهَى وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ نَفْيَ الدِّيَةِ إذَا قَتَلَهُ بِدَارِهِمْ غَيْرُ مَنْقُولٍ أَوْ غَيْرُ مُرَجَّحٍ لَهُمْ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهِ بِالْأَوْجَهِ أَيْضًا وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ هُنَا عَهِدَ حِرَابَةَ مَنْ عَيَّنَهُ أَوْ لَا خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْجِهَادِ أَوْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَلَا نَرْمِيهِمْ إنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ وَاحْتَمَلَ الْحَالُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمْ فَلَوْ رَمَى رَامٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا فَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ جَازَ رَمْيُهُمْ وَتَوَقَّيْنَاهُ أَيْ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَرَفَ قَاتِلَهُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ جَدْوَى وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مَعْصُومًا، وَكَذَا الدِّيَةُ إنْ عَلِمَهُ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ تَوَقِّيهِ وَالرَّمْيُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مُسْلِمًا لِشِدَّةِ الصَّيْرُورَةِ لَا الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ تَحْوِيزِ الرَّمْيِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَإِنْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِتُرْسِ مُسْلِمٍ أَوْ رَكِبَ فَرَسَهُ فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ إلَّا إنْ اضْطَرَّ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الِالْتِحَامِ الدَّفْعُ إلَّا بِإِصَابَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَقَوْلُهُ السَّابِقُ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ إشَارَةٌ إلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ هُنَا السَّابِقِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ الَّذِي مِنْهُ أَمَّا إذَا عَرَفَ مَكَانَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ ضَمِنَهُ يَنْبَغِي بِالْقَوَدِ إنْ قَصَدَ قَتْلَهُ مُعَيَّنًا وَبِالدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ إنْ قَصَدَ غَيْرَهُ فَأَصَابَهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَرَفَ قَاتِلَهُ إلَخْ الْمَفْرُوضُ فِيمَا إذَا دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ لَا الْمَنْقُولُ عَنْهُمَا

ص: 396

بِدَارِهِمْ فَإِنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا.

(وَلَوْ ضَرَبَ) مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ الضَّرْبُ (مَرِيضًا جُهِلَ مَرَضُهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ) دُونَ الصَّحِيحِ غَالِبًا (وَجَبَ الْقِصَاصُ) عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ فَإِنْ عَفَى عَلَى الدِّيَةِ فَكُلُّهَا عَلَى الضَّارِبِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ لِلْمَرَضِ دَخْلًا فِي الْقَتْلِ (وَقِيلَ لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ غَيْرُ مُهْلِكٍ فِي ظَنِّهِ وَيَرِدُ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ مَعَ تَحْرِيمِ الضَّرْبِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْ نَحْوُ مُؤَدِّبٍ ظَنَّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَطَبِيبٍ سَقَاهُ دَوَاءً عَلَى مَا يَأْتِي لِظَنِّهِ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ إلَّا دِيَتَهُ أَيْ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ عَلِمَ بِمَرَضِهِ أَوْ كَانَ ضَرْبُهُ يَقْتُلُ الصَّحِيحَ أَيْضًا وَجَبَ الْقَوَدُ قَطْعًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْقَوَدِ شُرُوطًا فِي الْقَتْلِ قَدْ مَرَّتْ وَفِي الْقَاتِلِ وَسَتَأْتِي وَفِي الْقَتِيلِ كَمَا قَالَ (وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ) بَلْ وَالضَّمَانُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ (فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ) مَعَ عَدَمِ نَحْوِ صِيَالٍ وَقَطْعِ طَرِيقٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (أَوْ أَمَانٌ) يَحْقِنُ دَمَهُ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ أَوْ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ مُجَرَّدٍ وَلَوْ مِنْ الْآحَادِ أَوْ ضَرْبِ رِقٍّ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَصِيرُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ وَمَالُهُمْ فِي أَمَانٍ لِعِصْمَتِهِ حِينَئِذٍ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَوَدِ وُجُودُ الْعِصْمَةِ الَّتِي هِيَ حَقْنُ الدَّمِ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الزُّهُوقِ كَمَا يَأْتِي (فَيَهْدُرُ) بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ الصَّائِلُ إذَا تَعَيَّنَ قَتْلُهُ فِي دَفْعِ شَرِّهِ وَ (الْحَرْبِيُّ) وَلَوْ نَحْوُ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5](وَالْمُرْتَدُّ) إلَّا عَلَى مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرْبِيِّ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ فَعُصِمَ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْحَرْبِيُّ

(وَمَنْ) مُبْتَدَأٌ (عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ) فِي الْعِصْمَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ

وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ الْمُتَحَتِّمُ قَتْلُهُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَنَحْوُهُمَا مُهْدَرُونَ إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ

بِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَلَا نَرْمِيهِمْ إنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ وَاحْتَمَلَ الْحَالُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُمْ فَلَوْ رَمَى رَامٍ فَقَتَلَ مُسْلِمًا فَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ فَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ جَازَ رَمْيُهُمْ وَتَوَقَّيْنَاهُ أَيْ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ قُتِلَ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَكَذَا الدِّيَةُ إنْ عَلِمَهُ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ تَوَقِّيهِ وَالرَّمْيُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مُسْلِمًا لَا الْقِصَاصُ وَإِنْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِتُرْسِ مُسْلِمٍ أَوْ وَرَكِبَ فَرَسَهُ فَرَمَاهُ مُسْلِمٌ ضَمِنَهُ إلَّا إنْ اُضْطُرَّ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الِالْتِحَامِ الدَّفْعُ إلَّا بِإِصَابَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ انْتَهَتْ بِاخْتِصَارٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ هُنَا قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الْمَارُّ فَإِنْ قُتِلَ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ إلَخْ الْمَفْرُوضُ فِيمَا إذَا دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى رَمْيِهِمْ سم (قَوْلُهُ بِدَارِهِمْ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِدَارِهِمْ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ فَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ع ش.

(قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يُبَحْ) إلَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) لِأَنَّ جَهْلَهُ لَا يُبِيحُ لَهُ الضَّرْبَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ مُؤَدِّبٍ) كَالزَّوْجِ وَالْمُعَلِّمِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إلَّا دِيَتُهُ) فَاعِلُ لَمْ يَلْزَمْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ بِمَرَضِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ لِلْقَوَدِ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّتْ) وَهِيَ كَوْنُهُ عَمْدًا ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ (قَوْلُهُ: بَلْ وَالضَّمَانُ) أَيْ الشَّامِلُ لِلدِّيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَقَطْعِ طَرِيقٍ) أَيْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي سم (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالُوهَا) أَيْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ «إلَّا بِحَقِّهَا» ) لَا دَخَلَ لَهُ فِي الدَّلِيلِ كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: يَحْقِنُ دَمَهُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَمَانُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الشَّامِلِ لِنَحْوِ الْجِزْيَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بِعَقْدِ ذِمَّةٍ إلَخْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ بِهِ يَصِيرُ) أَيْ بِضَرْبِ الرِّقِّ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ أَوَّلِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُودِ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالرَّمْيِ) مِثَالُ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ إلَخْ) شَامِلٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُعَاهَدِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوُ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ) إنَّمَا أَخَذَهُمَا غَايَةً لِحُرْمَةِ قَتْلِهِمَا ع ش (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِ) فَلَا يَهْدُرُ فَيُقْتَلُ بِمُرْتَدٍّ مِثْلُهُ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْمُرَادُ إهْدَارُهُ أَيْ الْمُرْتَدِّ فِي حَقِّ مُسْلِمٍ أَمَّا فِي حَقِّ ذِمِّيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ فَسَيَأْتِي اهـ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الْحَرْبِيِّ) أَيْ حَيْثُ هَدَرَ، وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ وَقَوْلُهُ عَلَى مِثْلِهِ أَيْ مُرْتَدٍّ مِثْلِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: مُبْتَدَأٌ) أَيْ وَخَبَرُهُ كَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَعْرَبَهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ سم.

(قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مُهْدَرُونَ (قَوْلُهُ: وَتَارِكُ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُعْصَمُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ أَيْ فَلَا يُقْتَلُ حَالَهُمَا إلَّا الْمُرْتَدُّ أَيْ فَيُقْتَلُ حَالَ جُنُونِهِ أَوْ سُكْرِهِ اهـ وَفِي بَابِ تَارِكِ الصَّلَاةِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَاطِعَ غَيْرُ مُهْدَرٍ عَلَى التَّارِكِ وَبِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِهْدَارِ كَمَا سَيَأْتِي سم أَيْ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْإِشَارَةِ رَشِيدِيٌّ

قَبْلَ هَذَا الْمَفْرُوضِ فِيمَا إذَا لَمْ تَدْعُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ حُكْمَهُ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ الْقَوَدُ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ أَمَّا إذَا عَرَفَ مَكَانَهُ بِدَارِنَا إلَخْ فَلَا يَتَأَتَّى إطْلَاقٌ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ لَزِمَهُ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا الْمَنْقُولُ عَنْهُ آخِرًا الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِتُرْسِ مُسْلِمٍ إلَخْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّمَانَ هُنَا قَدْ يَكُونُ بِالْقِصَاصِ، وَأَيْضًا قَدْ أَبْهَمُوا الضَّمَانَ فَيَبْعُدُ أَنْ يَتَصَرَّفَ هُوَ بِتَعْيِينِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ)(وَقَطَعْ طَرِيقٍ) إنْ أُرِيدَ إنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ يَهْدُرُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَائِلًا دَخَلَ فِيمَا قَبْلَهُ أَوْ مُطْلَقًا فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ إلَّا إذَا قَتَلَ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُهْدَرُ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَلِيِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا إذَا تَحَتَّمَ قَتْلُهُ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ إلَّا إنْ كَانَ مِثْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَهُ الْآتِيَ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى إرَادَتِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ بِقَوْلِنَا إلَّا إنْ إلَخْ (قَوْلُهُ مُبْتَدَأٌ) خَبَرُهُ كَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا مُبْتَدَأٌ) أَعْرَبَهُ كُلَّهُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ (قَوْلُهُ: وَتَارِكُ الصَّلَاةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُعْصَمُ تَارِكُ الصَّلَاةِ بِالْجُنُونِ وَالسُّكْرِ لَا الْمُرْتَدُّ اهـ وَفِي بَابِ الصَّلَاةِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا عَلَى مِثْلِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَاطِعَ غَيْرُ مُهْدَرٍ لِلتَّارِكِ وَبِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ

ص: 397

(وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ) وَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ أَوْ مُرْتَدٌّ (قُتِلَ بِهِ) إذْ لَا تَسْلِيطَ لَهُمَا عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الزَّانِيَ الذِّمِّيَّ الْمُحْصَنَ إذَا قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ وَلَوْ مَجُوسِيًّا لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَا وَجَبَ قَتْلُهُ بِنَحْوِ قَطْعِ طَرِيقٍ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ بِهِ إنْ قَصَدَ بِقَتْلِهِ اسْتِيفَاءَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَدَمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ فِعْلَهُ عَنْ الْوَاجِبِ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَمَّا كَانَ هَدَرًا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الصَّارِفُ (أَوْ مُسْلِمٌ) لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا (فَلَا) يُقْتَلُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِهْدَارِهِ، وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَثْبَتَ زِنَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ بِإِقْرَارِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَنْهُ وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ أَيْ إنْ عَلِمَ بِرُجُوعِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا ثُمَّ رَأَيْت فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَا ذَكَرْته أَوْجَهُهُمَا وَلَوْ قَتَلَهُ قَبْلَ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِقَتْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ قُتِلَ بِهِ دُونَهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهُ وَمُجَرَّدُ الشَّهَادَةِ غَيْرُ مُبِيحٍ لِلْإِقْدَامِ وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي وَعَلِمَ إحْصَانَهُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا لَكِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ يَمِينٍ مَرْدُودَةٍ مِنْ الْوَارِثِ وَكَذَا

قَوْلُ الْمَتْنِ وَالزَّانِي إلَخْ) أَيْ الْمُسْلِمُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْحَرْبِيِّ) أَيْ الشَّامِلُ لِلْمُعَاهَدِ وَالْمُؤْمِنِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْ مُرْتَدٌّ) عُطِفَ عَلَى ذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ الذِّمِّيِّ وَالْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ) قَدْ يَشْكُلُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ لَكِنْ الذِّمِّيُّ الزَّانِي دُونَهُ فَقُتِلَ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا إلَخْ) فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ قُتِلَ بِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا حَقَّ لَهُمَا إلَخْ رَشِيدِيٌّ وَقَالَ السَّيِّدُ عُمَرَ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْأَخْذِ مِنْ الْخَفَاءِ وَبِتَسْلِيمِ ظُهُورِهِ فَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَرْجَحُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَسَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالْمُسْلِمِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ ع ش (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ الْأَوَّلِ وَلَكِنْ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَيُوَجَّهُ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: لَيْسَ زَانِيًا) إلَى قَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَنْهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ أَقَتَلَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَمْ بَعْدَهُ اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهُ أَيْ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ فَلْيُرَاجَعْ الْحُكْمُ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إلَخْ) وَفِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ خِلَافُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يُوَافِقُ مَا هُنَا عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَالْأَذْرَعِيِّ مَا نَصُّهُ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْقَاتِلِ وَجَهْلِهِ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجٍ كَغَيْرِهِ فَلْيُوَجَّهْ عَدَمُ الْقَتْلِ هُنَا فِيمَا إذَا جَهِلَ الرُّجُوعَ بِاسْتِصْحَابِ اسْتِحْقَاقِ الْقَتْلِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ إشْكَالُ سم بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا يُتَأَمَّلُ سم (قَوْلُهُ: بِلَا تَرْجِيحٍ) وَفِي الرَّوْضَةِ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ قَتَلَهُ شَخْصٌ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ وَقَالَ الْأَصَحُّ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ انْتَهَى سم.

(قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ)، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مُبَاشِرٌ وَهُمْ مُتَسَبِّبُونَ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ سم وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّأْكِيدَ وَالتَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ) إلَى قَوْلِهِ لَكِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنِّي إنَّمَا قَتَلْته؛ لِأَنِّي رَأَيْته يَزْنِي وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَتْلَ بَاطِنًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ رَشِيدِيٌّ وَهَذَا التَّفْسِيرُ غَيْرُ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا وَيُرَجَّحُ بَلْ يُعَيَّنُ إرَادَتُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنَّهُ إلَخْ

الْمُمَاثَلَةَ فِي الْإِهْدَارِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) قَدْ يَشْكُلُ الْأَخْذُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَاجِبِ عَلَى الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَنْهُ إلَخْ) فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ خِلَافُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ قَالَ يَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ وَلَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ رُجُوعِ الشُّهُودِ قُتِلَ بِهِ إلَّا إذَا ظَنَّ بَقَاءَ شَهَادَتِهِمْ فَهُوَ كَظَنِّ الرِّدَّةِ أَيْ فَيُقْتَلُ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي رُجُوعِهِ جَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصُّ الْأُمِّ صَرِيحٌ فِيهِ لَكِنْ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي حَدِّ الزِّنَا أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْقَاتِلِ وَجَهْلِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ عَهِدَهُ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ حَدِّ الزِّنَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَتَلَهُ شَخْصٌ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَجْهَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ كَجٍّ وَقَالَ الْأَصَحُّ لَا يَجِبُ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالرُّجُوعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُبَاشِرُوهُمْ مُتَسَبِّبُونَ، أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَهُ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعُذْرِهِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ وَإِنْ أَثَّرَ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَيْهِمْ لِتَعَدِّيهِمْ انْتَهَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَآهُ يَزْنِي إلَى قَوْلِهِ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قَطْعًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنِّي إنَّمَا قَتَلْته؛ لِأَنِّي رَأَيْته يَزْنِي وَهُوَ مُحْصَنٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ:

ص: 398

فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ قِيلَ وَلَا يُعَزَّرُ لِلِافْتِيَاتِ هُنَا إنْ قَتَلَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَنْ نَحْوِ حَلِيلَتِهِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا يُوَلِّدُ فِيهِ حَمِيَّةً تُلْجِئُهُ لِقَتْلِهِ فَعُذِرَ فِيهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي لَيْسَ زَانِيًا مُحْصَنًا الزَّانِي الْمُحْصَنُ فَيُقْتَلُ بِهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُلْحَقَ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مُهْدَرٍ كَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ بِشَرْطِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُهْدَرَ مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ وَيَدُ السَّارِقِ مُهْدَرَةٌ إلَّا عَلَى مِثْلِهِ سَوَاءٌ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ وَغَيْرُهُ.

(وَ) يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهِ (فِي الْقَاتِلِ) شُرُوطٌ مِنْهَا التَّكْلِيفُ وَمُحَصِّلُهُ (بُلُوغٌ وَعَقْلٌ) فَلَا يُقْتَلُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ حَالَ الْقَتْلِ وَإِنْ كُلِّفَ عِنْدَ مُقَدَّمَتِهِ كَالرَّمْيِ أَوْ عَقِبَهُ كَمَا حَرَّرْته بِمَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» وَلِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ) وَكُلِّ مُتَعَدٍّ بِمُزِيلِ عَقْلِهِ لِتَعَدِّيهِ فَلَا نَظَرَ لِاسْتِتَارِ عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَأَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ شَرِبَ مَا ظَنَّهُ دَوَاءً أَوْ مَاءً فَإِذَا هُوَ مُسْكِرٌ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ (وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ) أَيْ وَقْتَهُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا) فِيهِ (وَعُهِدَ الْجُنُونُ) قَبْلَهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا لِأَصْلِ بَقَائِهِمَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَى الْإِمْكَانُ وَالْعَهْدُ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى زَوَالِ عَقْلِهِ وَادَّعَى الْجُنُونَ وَالْوَلِيُّ السُّكْرَ صُدِّقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ وَمِثْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ قَالَ زَالَ بِمَا لَمْ أَتَعَدَّ بِهِ وَقَالَ الْوَلِيُّ بَلْ بِمَا تَعَدَّيْت بِهِ (وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ الْآنَ) وَأَمْكَنَ (فَلَا قِصَاصَ وَلَا يَحْلِفُ) أَنَّهُ صَبِيٌّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ أَيْضًا فِي دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ كَافِرٌ أَنْبَتَ وَأُرِيدَ قَتْلُهُ فَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَعْجَلَ بِدَوَاءٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ حَلِفُهُ إثْبَاتَ صِبَاهُ لِوُجُودِ أَمَارَةِ الْبُلُوغِ فَلَمْ يُتْرَكْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَنْبَتَ هُنَا وَجَبَ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْإِنْبَاتُ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ لَا هُنَا كَمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ.

(وَ) مِنْهَا عَدَمُ الْحِرَابَةِ فَحِينَئِذٍ (لَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ) وَإِنْ عُصِمَ بَعْدُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَلِمَا تَوَاتَرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ أَصْحَابِهِ مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ مِمَّنْ أَسْلَمَ كَوَحْشِيٍّ قَاتِلِ حَمْزَةَ رضي الله عنهما (وَيَجِبُ) الْقَوَدُ (عَلَى الْمَعْصُومِ) بِأَمَانٍ أَوْ هُدْنَةٍ أَوْ ذِمَّةٍ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا وَلَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ (وَالْمُرْتَدِّ) وَإِنْ كَانَ مُهْدَرًا لِذَلِكَ نَعَمْ لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ قُوَّةٌ وَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا ثُمَّ أَسْلَمُوا لَمْ يَضْمَنُوا عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ.

(وَ) مِنْهَا (مُكَافَأَةٌ)

قَوْلُهُ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ) أَيْ كَرُؤْيَةِ سَرِقَةِ شَخْصٍ بِشَرْطِهَا (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا لَوْ رَآهُ يَزْنِي إلَخْ (قَوْلُهُ: عَنْ نَحْوِ حَلِيلَتِهِ) هَلْ هُوَ قَيْدٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّوْجِيهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ: الزَّانِي إلَخْ) أَيْ الْمُسْلِمُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ لِلْمُكَافَأَةِ ع ش (قَوْلُهُ: كَتَارِكِ صَلَاةٍ) أَيْ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ بِهَا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُرْتَدًّا وَالْقَاتِلُ مُسْلِمًا زَانِيًا مُحْصَنًا أَوْ نَحْوَهُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا مَعَ جَعْلِهِ ضَابِطًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ سم أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي سَبَبِهِ) كَزِنًا وَتَرْكِ صَلَاةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَمُحَصِّلُهُ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمَكْسُورَةِ وَحَقِيقَتُهُ إلْزَامُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ ع ش (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَلُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ حَالَ الْقَتْلِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَقِبَهُ) عُطِفَ عَلَى عِنْدَ مُقَدِّمَتِهِ وَالضَّمِيرُ لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يُقْتَلُ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَكُلِّ مُتَعَدٍّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ شُرْبِ) عُطِفَ عَلَى أُكْرِهَ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ إلَخْ) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ لِلشُّبْهَةِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ قَالَ كُنْت إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَعَارَضَتَا انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَامَتَا بِصِبَاهُ وَبُلُوغِهِ سم أَيْ ثُمَّ إنْ عُهِدَ الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ الصِّبَا صُدِّقَ الْجَانِي وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِجُنُونِهِ وَأُخْرَى بِعَقْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ عَلِمَ وَكَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُقَيَّدَتَيْنِ بِحَالَةِ الْمَوْتِ تَعَارَضَتَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَالْقَاتِلِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: السُّكْرَ) أَيْ بِتَعَدٍّ مُغْنِي (قَوْلُهُ صُدِّقَ الْقَاتِلُ إلَخْ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إنْ عُهِدَ جُنُونُهُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ ع ش (قَوْلُهُ: مَا لَوْ قَالَ) أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: الْآنَ) إلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ كَافِرٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَضَمَّنَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: قَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلِهِ لِوُجُودِ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: الْإِنْبَاتُ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ فِي الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ سم وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ لَا يَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَالِغِينَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ إذَا نَبَتَتْ عَانَتُهُ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ قُتِلَ اكْتِفَاءً بِنَبَاتِ الْعَانَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْقَوَدِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا قِصَاصَ) أَيْ وَلَا دِيَةَ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُصِمَ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ لَوْ ارْتَدَّ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عُصِمَ) أَيْ بِإِسْلَامٍ أَوْ عَقْدِ ذِمَّةٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ) أَيْ أَحْكَامَنَا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ الْإِقَادَةِ) أَيْ عَدَمِ الِاقْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنُوا) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ زِيَادِيٌّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ تَنْبِيهٌ مَحَلُّهُ فِي الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ الضَّمَانُ

فَالْحَاصِلُ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَعْصُومٌ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْإِهْدَارِ) أَيْ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى السَّكْرَانِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ بِجُنُونِهِ وَعَقْلِهِ تَعَارَضَتَا انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ إذَا قَامَتَا بِصِبَاهُ وَبُلُوغِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ الْإِنْبَاتُ مُقْتَضٍ لِلْقَتْلِ ثَمَّ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ فِي الْكَافِرِ دُونَ الْمُسْلِمِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهَا مُكَافَأَةٌ) بِأَنْ لَمْ يَفْضُلْ

ص: 399

بِالْهَمْزِ أَيْ مُسَاوَاةٌ مِنْ الْمَقْتُولِ لِقَاتِلِهِ حَالَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَتِيلَهُ حِينَئِذٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ تَامَّةٍ أَوْ أَصَالَةٍ أَوْ سِيَادَةٍ (فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ) وَلَوْ مُهْدَرًا بِنَحْوِ زِنًا (بِذِمِّيٍّ) يَعْنِي بِغَيْرِهِ لِيَشْمَلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَالْمُسْلِمِ فِي الْآخِرَةِ لَيْسَ كَهُوَ فِي الدُّنْيَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ لَا دَلِيلَ لَهُ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَيْ لَا يُقْتَلُ الْمُعَاهَدُ مُدَّةَ بَقَاءِ عَهْدِهِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ وَعَلَى فَرْضِ احْتِيَاجِهِ لِلتَّقْدِيرِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءً مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ قَتْلُ الْكَافِرِ بِالْكَافِرِ فَلَا تَخْصِيصَ فِيهِ

وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ تَعْبِيرِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْمَنْعِ اهـ

(قَوْلُهُ: بِالْهَمْزِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ ع ش (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ) عِلَّةٌ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَتَخْصِيصُهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي الْخَبَرِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنَّمَا ذَكَرَ الذِّمِّيَّ لِيُنَبِّهَ عَلَى خِلَافِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِهِ وَحَمَلُوا الْكَافِرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ بَعْدُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ وَلَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَأُجِيبَ عَنْ حَمْلِهِمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» يَقْتَضِي عُمُومَ الْكَافِرِ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوهُ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ إذَا قَتَلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَتْلَهُ عِبَادَةٌ فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ أَنَّ لَهُ دَلِيلًا وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ فَيُرَادُ بِالْكَافِرِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ سم (قَوْلُهُ: مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْجُمْلَةِ إلَخْ) أَيْ وَوُجُوبِ اشْتِرَاكِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي صِفَةِ الْحُكْمِ لَوْ سَلِمَ إنَّمَا هُوَ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ احْتِيَاجِهِ) أَيْ قَوْلِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِلتَّقْدِيرِ) أَيْ تَقْدِيرٍ بِحَرْبِيٍّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ مَنْعِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا عَطْفَ عَلَى هَذَا أَصْلًا سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ) أَيْ الْمُعَاهَدُ (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءً) حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ لَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ مُسْلِمٍ فِي لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ

قَتِيلَهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ إلَخْ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَمَنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ فِي الْمُحَارَبَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَوَدُ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ كَأَنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا أَوْ حُرٌّ عَبْدًا. وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ الْمُحَارَبَةِ مَعْنَى الْحَدِّ أَوْ مَعْنَى الْقِصَاصِ. وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَقَتْلِ الْقَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ وَفِي قَوْلِ الْحَدِّ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَذِمِّيٍّ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ تَامَّةٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُبَعَّضٌ مُتَمَحَّضَ الرِّقِّ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَخْذِهِ مِمَّا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَفْضُلْهُ بِحُرِّيَّةٍ تَامَّةٍ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِالتَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ فَقَدْ تُؤَثِّرُ غَيْرُ التَّامَّةِ كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَقَدْ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي قَتْلِ مُبَعَّضٍ مُبَعَّضًا آخَرَ مَعَ تَفَاوُتِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ لَا وَكَمَا لَوْ وَجَدَ سَبَبَ الْحُرِّيَّةِ فَقَطْ كَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ.

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ عَطْفَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَكْسَهُ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ مَا نَصُّهُ وَقِيلَ يُخَصِّصُهُ أَيْ يَقْصُرُهُ عَلَى ذَلِكَ الْخَاصِّ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ قُلْنَا فِي الصِّفَةِ مَمْنُوعٌ مِثَالُ الْعَكْسِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» يَعْنِي بِكَافِرٍ حَرْبِيٍّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَتْلِهِ بِغَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَقَالَ الْحَنَفِيُّ يُقَدَّرُ الْحَرْبِيُّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ فِي صِفَةِ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا قَالَ بِهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ انْتَهَى فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَلِيلَ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ بَلْ لَهُ دَلِيلٌ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ فَيُقَدَّرُ الْحَرْبِيُّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ وَأَمَّا حَمْلُهُمْ أَيْ الْمُخَالِفِينَ الْكَافِرَ فِي قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ «وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالْمُعَاهَدِ وَلَا يُقْتَلُ بِالْحَرْبِيِّ لِتَوَافُقِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ يَقْتَضِي عُمُومَ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُعَاهَدِينَ وَالْحَرْبِيِّينَ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِإِضْمَارٍ وَقَوْلُهُ وَلَا ذُو عَهْدٍ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ أَيْ لَا يُقْتَلُ ذُو الْعَهْدِ لِأَجْلِ عَهْدِهِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ قَتَلَ كَافِرًا حَرْبِيًّا فَإِنَّ قَتْلَهُ عِبَادَةٌ مَعْلُومَةٌ قَطْعًا فَكَيْفَ يُقْتَلُ بِهِ وَلِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْعَامِّ عَلَى الصَّحِيحِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِلْمُخَالِفِ) أَيْ عَلَى تَخْصِيصِ الْكَافِرِ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْحَاشِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِحَرْبِيٍّ اسْتِثْنَاءً إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ مَنْعِ هَذَا اسْتِدْلَالَ الْحَنَفِيِّ السَّابِقَ عَنْ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا لَا عَطْفَ (قَوْلُهُ مِنْ الْمَفْهُومِ) أَيْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ:

ص: 400

عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِمُضْمَرٍ وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِهِ فِي الطَّرَفِ فَالنَّفْسُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ إجْمَاعًا وَالْعِبْرَةُ فِي قِنَّيْنِ وَحُرٍّ وَقِنٍّ بِهِمَا إسْلَامٌ وَضِدُّهُ دُونَ السَّيِّدِ (وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ) وَذُو أَمَانٍ (بِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ (وَبِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا) كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَمُسْتَأْمَنٍ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ) لِتَكَافُئِهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ فَلَا نَظَرَ لِمَا حَدَثَ بَعْدَهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَنَى قِنٌّ أَوْ قَذَفَ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يُحَدَّ إلَّا حَدَّ الْقِنِّ وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْخَبَرُ الْمُرْسَلُ إنْ صَحَّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ مُسْلِمًا بِكَافِرٍ وَقَالَ أَنَا أَكْرَمُ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ» .

(وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ) أَوْ ذُو أَمَانٍ (ذِمِّيًّا) أَوْ ذَا أَمَانٍ (وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ) عَلَى كُفْرِهِ (فَكَذَا) لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ قَطْعًا وَلَا فِي النَّفْسِ (فِي الْأَصَحِّ) لِلتَّكَافُؤِ حَالَ الْجُرْحِ الْمُفْضِي لِلْهَلَاكِ وَاعْتُبِرَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الْفِعْلِ الدَّاخِلِ تَحْتَ الِاخْتِيَارِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ جَرَحَ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ قُتِلَ الْمَجْنُونُ (وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) وَلَا يُفَوِّضُهُ لَهُ لِئَلَّا يُسَلَّطُ كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْلَمَ فَوَّضَهُ إلَيْهِ.

(وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ) وَإِنْ أَسْلَمَ (بِذِمِّيٍّ) وَذِي أَمَانٍ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْقَتْلِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ كَمَا مَرَّ دُونَهُمَا إذْ لَا يُقِرُّ بِحَالٍ وَبَقَاءُ جِهَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعَ بَيْعِهِ أَوْ تَزْوِيجِهَا لِكَافِرٍ نَظَرًا لِمَا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا لَوْ صَحَّحْنَاهُ لِلْكَافِرِ فَوَّتَ عَلَيْنَا مُطَالَبَتَهُ بِالْإِسْلَامِ بِإِرْسَالِهِ لِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِإِغْرَائِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ بَاطِنًا فَانْدَفَعَ تَأْيِيدُ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ هُنَا بِهَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ أَعْنِي امْتِنَاعَ بَيْعِهِ وَنِكَاحِهَا لِكَافِرٍ (وَبِمُرْتَدٍّ) لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ قَوَدًا عَلَى قَتْلِهِ بِالرِّدَّةِ حَتَّى لَوْ عَفَى عَنْهُ عَلَى مَالٍ قُتِلَ بِهَا وَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ عَلَى مِثْلِهِ إنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوَدِ فَقَطْ فَلَوْ عَفَى عَنْهُ لَمْ تَجِبْ دِيَةٌ (لَا ذِمِّيٌّ) فَلَا يُقْتَلُ (بِمُرْتَدٍّ) ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْهُ بِتَقْرِيرِهِ بِالْجِزْيَةِ.

(وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ) وَإِنْ قَلَّ

بِكَافِرٍ (قَوْلُهُ: بِمُضْمَرٍ) أَيْ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ بِحَرْبِيٍّ سم (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ) إلَى قَوْلِهِ فَانْدَفَعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِ حُمِلَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْهُ بِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْمُسْتَأْمَنِ أَيْ وَذُو الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِهِ فَلَوْ كَانَ عَطْفُهُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ بَيْنَهُمَا لَوَجَبَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْتَأْمَنِ كَمَا يُقْتَلُ الْمُعَاهَدُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَقُولُ بِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: بِهِمَا إسْلَامًا وَضِدَّهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ إلَخْ) وَيُقْتَلُ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ وَخُنْثَى كَعَكْسِهِ وَعَالِمٌ بِجَاهِلٍ كَعَكْسِهِ وَشَرِيفٌ بِخَسِيسٍ وَشَيْخٌ بِشَابٍّ كَعَكْسِهِمَا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: كَيَهُودِيٍّ) إلَى قَوْلِهِ وَبَقَاءُ جِهَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمُعَاهَدٍ وَمُسْتَأْمَنٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا إذْ لَا دَخْلَ لِلْعَهْدِ وَالْأَمَانِ فِي اخْتِلَافِ الْمِلَّةِ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ شَرْعًا مِنْ حَيْثُ إنَّ النَّسْخَ شَمِلَ الْجَمِيعَ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْمَتْنِ أَنَّهُ مِلَلٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اخْتِلَافَ مِلَّتِهِمَا بِحَسَبِ زَعْمِهِمَا مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ إلَخْ) أَيْ عَلَى التَّكَافُؤِ فِي الْكُفْرِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ وَتَأَخُّرِ الْإِسْلَامِ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ) أَيْ حَالُ الْجَرْحِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي الصُّورَتَيْنِ) وَهُمَا إسْلَامُ الْقَاتِلِ بَعْدَ قَتْلِهِ أَوْ جَرْحِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ بِطَلَبِ الْوَارِثِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتَصَّ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَوْ أَسْلَمَ) أَيْ الْوَارِثُ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَيْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ) أَيْ بَعْدَ جِنَايَتِهِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِذِمِّيٍّ) وَكَذَا يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ الْمُسْلِمِ وَلَا عَكْسَ لِاخْتِصَاصِهِ بِفَضِيلَةِ الْإِسْلَامِ وَلِخَبَرِ «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُرْتَدَّ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ دُونَهُمَا) خَبَرُ أَنَّ سم وَالضَّمِيرُ لِلذِّمِّيِّ وَذِي الْأَمَانِ (قَوْلُهُ: وَبَقَاءُ جِهَةِ الْإِسْلَامِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: يَقْتَضِي إلَخْ وَقَصَدَ بِهِ رَدَّ دَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: وَامْتِنَاعُ بَيْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُرْتَدِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّغْلِيظِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَزْوِيجِهَا) أَيْ الْمُرْتَدَّةِ عُطِفَ عَلَى بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَخْ) مَفْعُولٌ لَهُ لِلِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: لَوْ صَحَّحْنَاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ: لِمُسَاوَاتِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ وَجَبَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ فَإِفْتَاءُ صَاحِبِ الْعُبَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِمَا عُلِمَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ هَذَا وَقَوْلُهُ وَنَظِيرُهُ إلَى وَبِمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ عَفَى عَنْهُ إلَخْ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ لِغَيْرِ مِثْلِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ ع ش وَسَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) قَدْ يَشْكُلُ ذَلِكَ بِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ تَبَيُّنِ زَوَالِ مِلْكِهِ حِينَئِذٍ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ فَأَيُّ تَرِكَةٍ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ تَرِكَتُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ الْآتِي يَقْتَصُّ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ نَعَمْ عِصْمَةُ الْمُرْتَدِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا دِيَةَ لِمُرْتَدٍّ وَإِنْ قَتَلَهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِدَمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ دِيَةٌ) ؛ لِأَنَّ دَمَهُ مُهْدَرٌ لَا قِيمَةَ لَهُ وَالْقَوَدُ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ لِلتَّشَفِّي وَخَرَجَ بِالْمُرْتَدِّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلَهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِمْ وَيُقَدَّمُ قَتْلُهُ حَدًّا عَلَى قَتْلِهِ قِصَاصًا، وَلَوْ عَفَى عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى الدِّيَةِ وَجَبَتْ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمُرْتَدِّ.

(فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ تَصَوَّرَ وَلِيٌّ فِي غَيْرِ صُورَةِ آدَمِيٍّ وَقَتَلَهُ شَخْصٌ وَعَمَّا لَوْ قَتَلَ الْجِنِّيَّ شَخْصٌ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَمْ لَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْقَاتِلُ حِينَ الْقَتْلِ أَنَّ الْمَقْتُولَ وَلِيٌّ تَصَوَّرَ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ قُتِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ لَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا يَظُنُّهُ صَيْدًا وَيُحْتَمَلُ جَرَيَانُ نَظِيرِ ذَلِكَ التَّفْصِيلِ فِي الثَّانِي لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يُقْتَلُ بِالْجِنِّيِّ أَقُولُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَعَرَّفْ أَحْكَامَ الْجِنِّ وَلَا خُوطِبْنَا بِهَا ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ لَا ذِمِّيٍّ) بِالْجَرِّ بِخَطِّهِ أَوْ نَحْوِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ:

عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِمُضْمَرٍ) أَيْ مَحْذُوفٍ.

(قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ

ص: 401

عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ «لَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ بِطَرَفِهِ وَخَبَرُ «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ أَنْفَهُ جَدَعْنَاهُ وَمَنْ خَصَاهُ خَصَيْنَاهُ» غَيْرُ ثَابِتٍ أَوْ مَنْسُوخٌ بِخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَزَّرَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ» أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَتَلَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُ سَبْقِ الرِّقِّ لَهُ فِيهِ وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ مَنْ يَشُكُّ فِي إسْلَامِهِ أَوْ حُرٌّ مَنْ يَشُكُّ فِي حُرِّيَّتِهِ فَلَا قَوَدَ وَلَا يُنَافِيهِ وُجُوبُهُ فِي اللَّقِيطِ قَبْلَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ الْتِقَاطَهُ أَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الدَّارِ بِخِلَافِ هَذَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ دَارِنَا وَإِلَّا سَاوَى اللَّقِيطَ.

(وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) لِتَسَاوِيهِمْ فِي الرِّقِّ وَقُرْبُ بَعْضِهِمْ لِلْحُرِّيَّةِ لَا يُفِيدُ لِمَوْتِهِ قِنًّا نَعَمْ لَا يُقْتَلُ مُكَاتَبٌ بِقِنِّهِ وَإِنْ سَاوَاهُ رِقًّا أَوْ كَانَ أَصْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِسِيَادَتِهِ لَهُ وَالْفَضَائِلُ لَا يُقَابَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ.

(وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ أَوْ جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْجَارِحُ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ) لِلْقَاتِلِ وَالْجَارِحِ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ

(وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ زَادَتْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ إلَّا وَمَعَهُ جُزْءُ رِقٍّ شَائِعًا فَلَزِمَ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ، وَلِذَلِكَ لَوْ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ رَقِيقٌ نِصْفُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ لَا نَقُولُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ بَلْ الَّذِي فِي مَالِهِ رُبُعُ كُلٍّ وَفِي رَقَبَتِهِ رُبُعُ كُلٍّ وَنَظِيرُهُ بَيْعُ شِقْصٍ وَسَيْفٍ بِقِنٍّ وَثَوْبٍ وَاسْتَوَوْا قِيمَةً لَا يُجْعَلُ الشِّقْصُ أَوْ السَّيْفُ مُقَابِلًا لِلْقِنِّ أَوْ الثَّوْبِ بَلْ الْمُقَابِلُ لِكُلٍّ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ نِصْفُهُ قِنٌّ لَوْ قَطَعَ يَدَ نَفْسِهِ لَزِمَهُ لِسَيِّدِهِ ثُمُنُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ مَضْمُونَةٌ بِرُبُعِ الدِّيَةِ وَرُبُعِ الْقِيمَةِ يَسْقُطُ رُبُعُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ لِلسَّيِّدِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ عَبْدَ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ فِعْلَ الْحُرِّ وَهُوَ ثُمَنُ الْقِيمَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِهِ الْآنَ أَوْ حَتَّى يُوسِرَ فَإِفْتَاءُ صَاحِبِ الْعُبَابِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ قِيمَتِهِ لِمَالِكِ نِصْفِهِ وَيَهْدُرُ رُبُعُ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ لَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ أَجْنَبِيٌّ وَهْمٌ لِمَا نُقَرِّرُ

عَلَى أَيِّ وَجْهٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ عَبْدَ الْقَاتِلِ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ طَرَفُهُ) أَيْ الْحُرِّ بِطَرَفِهِ أَيْ الْعَبْدِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ بِهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ النَّفْسِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْأَطْرَافِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَنْ جَدَعَ إلَخْ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ع ش (قَوْلُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ إلَخْ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ إنْشَاءَ الزَّجْرِ وَالتَّهْدِيدِ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَنَعَ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْمَعْتُوقِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ لَهُ الرَّاجِعِ لِلْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَ قَتْلَ حَرْبِيٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ فِي دَارِهِمْ مَثَلًا فَقَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَتَلَهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ قَالَهَا تَقِيَّةً كَمَا وَقَعَ لِأُسَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبَالَغَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إنْكَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ عَدَمَ إيجَابِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أُسَامَةَ قِصَاصًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً قَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ لِسُقُوطِ الْجَمِيعِ وَلَكِنْ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ وَالْقِصَاصُ سَاقِطٌ لِلشُّبْهَةِ وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ قَوْلَهُ وَلَا يُنَافِيهِ إلَخْ، وَأَمَّا أَصْلُ الْحُكْمِ فَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ غَيْرِهِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا) أَيْ عَدَمِ الْقَوَدِ فِي قَتْلِ الْمَشْكُوكِ فِي إسْلَامِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِي دَارِنَا (قَوْلُهُ: سَاوَى اللَّقِيطَ) أَيْ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ) خَبَرُ وَقُرْبُ إلَخْ وَقَوْلُهُ لِمَوْتِهِ إلَخْ عِلَّةُ عَدَمِ الْإِفَادَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَصْلُهُ) بِأَنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ كَمَا فِي الزِّيَادِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ لِتَكَافُئِهِمَا حَالَةَ الْجِنَايَةِ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ) أَيْ مُبَعَّضًا، وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُبَعَّضِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ حُكْمُ كَامِلِ الرِّقِّ بِالْأَوْلَى مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحُرِّيَّةِ وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ إذْ الْحُرِّيَّةُ شَائِعَةٌ فِيهِمَا بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الْقِصَاصِ فَعَدَلَ عَنْهُ لِتَعَذُّرِهِ لِبَدَلِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ قَتْلُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مُغْنِي وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُبَعَّضٌ مُتَمَحَّضَ الرِّقِّ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ: لَوْ وَجَبَ فِيمَنْ نِصْفُهُ رَقِيقٌ نِصْفُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ) أَيْ بِأَنْ قَتَلَهُ شَخْصٌ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ سم وَزِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) أَيْ لِمَالِكِ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ وَرُبُعِ الْقِيمَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رُبُعِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ يَسْقُطُ رُبُعُ الدِّيَةِ إلَخْ) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رُبُعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلَ لِلْحُرِّيَّةِ جَنَى عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْحُرُّ وَالْجُزْءُ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطُ ثُمُنُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ الثُّمُنُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ لِرَقِيقٍ بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رُبُعُ الدِّيَةِ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لَوْ وَجَبَ لَهُ شَيْءٌ لَوَجَبَ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ أَسْقَطْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ بَلْ فِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَطَعَهُ أَجْنَبِيٌّ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ

لَكِنْ بِمَا لَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى أَشَرَفِيَّةِ هَذِهِ الْجِهَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَزِمَ قَتْلُ جُزْءِ حُرِّيَّةٍ بِجُزْءِ رِقٍّ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُبَعَّضٌ مُتَمَحَّضَ الرِّقِّ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ يَسْقُطُ رُبُعُ الدِّيَةِ) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رُبُعَ الدِّيَةِ الْمُقَابِلَ لِلْحُرِّيَّةِ جَنَى عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْحُرُّ وَالْجُزْءُ الرَّقِيقُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطُ ثَمَنُ الدِّيَةِ الْمُقَابِلِ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الْحُرِّ وَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ الْآخَرُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَرُبُعُ الْقِيمَةِ الْمُقَابِلُ لِلرِّقِّ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ) هَلَّا قِيلَ وَرُبُعُ الدِّيَةِ كَأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ شَائِعَةٌ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الْحُرِّيَّةَ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ الْحُرَّ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَيَبْقَى مَا يُقَابِلُ الرِّقَّ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْجُزْءِ الرَّقِيقِ لِلْجُزْءِ الْحُرِّ سم (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَطَعَهُ أَجْنَبِيٌّ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهُ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَهْدُرْ رُبُعُ الدِّيَةِ.

ص: 402

ثُمَّ رَأَيْت عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَرَّرَ كَلَامَ شَيْخِهِ الْفَتَى الْمُخَالِفَ لَهُ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّا إذَا أَبِقَ الْمُبَعَّضُ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَهَلْ لِمَالِكِ بَعْضِهِ مُطَالَبَتُهُ بِمَنْفَعَةِ مِلْكِهِ فِي مُدَّةِ الْإِبَاقِ فَأَجَابَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا أَنَّ لِسَيِّدِهِ رُبُعُ الْأُجْرَةِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِالْقَطْعِ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ وَأَتْلَفَهُ فَغَرِمَ، وَأَمَّا هُنَا فَإِبَاقُهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ فَلَمْ يَضْمَنْ بِهِ شَيْئًا (وَقِيلَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ) بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ (وَجَبَ) الْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَصْرِ لَا الْإِشَاعَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا وَذَلِكَ لِلْمُسَاوَاةِ فِي الْأُولَى وَلِزِيَادَةِ فَضْلِ الْمَقْتُولِ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الْمَفْضُولَ يُقْتَلُ بِالْفَاضِلِ أَيْ مُطْلَقًا وَلَا عَكْسَ إنْ انْحَصَرَ الْفَضْلُ فِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي بِخِلَافِهِ بِنَحْوِ عِلْمٍ وَنَسَبٍ وَصَلَاحٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَوْصَافٌ طَرْدِيَّةٌ لَمْ يُعَوِّلْ الشَّارِعُ عَلَيْهَا قِيلَ الْخِلَافُ هُنَا قَوِيٌّ فَلَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ بِقِيلِ انْتَهَى وَهُوَ عَجِيبٌ مَعَ مَا مَرَّ فِي الْخِطْبَةِ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بَيَانَ مَرْتَبَةِ الْخِلَافِ فِي قِيلَ وَقَوْلُهُ ثَمَّ فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَيْ حُكْمًا لَا مُدْرَكًا لِذِي الْكَلَامِ فِيهِ

(وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ) الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْقِنِّ وَالْكَافِرِ بِأَنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ وَلَا الْحُرُّ بِالْقِنِّ وَفَضِيلَةُ كُلٍّ لَا تُجْبِرُ نَقِيصَتَهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُقَابَلَةُ الْفَضِيلَةِ بِالنَّقِيصَةِ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ آنِفًا.

(وَلَا) قِصَاصَ (بِقَتْلِ وَلَدٍ) ذَكَرًا وَأُنْثَى لِلْقَاتِلِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) الْفَرْعُ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» وَلِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي وُجُودِهِ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ وَلَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَنْفِيَّ قُتِلَ بِهِ إنْ أَصَرَّ عَلَى نَفْيِهِ لَا إنْ رَجَعَ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَهُ أَوْ شَهِدَ لَهُ عَلَى مَا مَرَّ وَيَأْتِي.

(وَلَا) قِصَاصَ يَثْبُتُ (لَهُ) أَيْ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ كَأَنْ قَتَلَ قِنَّهُ أَوْ عَتِيقَهُ أَوْ زَوْجَهُ أَوْ أُمَّهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ بِقَتْلِهِ فَقَتْلُ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ أَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّ الْجَانِيَ أَوْ فَرْعَهُ مَتَى مَلَكَ جُزْءًا مِنْ الْقَوَدِ سَقَطَ وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُكَافِئُ وَالِدَهُ مُتَّجَهٌ لِتَمَيُّزِهِ عَلَيْهِ بِفَضِيلَةِ الْأَصَالَةِ فَزَعْمُ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ مُكَافِئٌ لَهُ كَعَمِّهِ وَتَأْيِيدُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهُ بِخَبَرِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» بَعِيدٌ لِانْتِفَاءِ الْأَصَالَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ وَلِأَنَّ الْمُكَافَأَةَ فِي الْخَبَرِ

يُهْدَرُ رُبُعُ الدِّيَةِ سم وَجَوَابُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلضَّمَانِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ دَلَالَةِ تَقْرِيرِ كَلَامِ شَيْخِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى الرُّجُوعِ وَمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ سِيَّمَا مَعَ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ مِنْ خَارِجٍ سم (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَاوَتْ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ مُطْلَقًا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ قَتَلَ وَلَدَهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) وَمَرَّ قَاعِدَةُ الْحَصْرِ وَالْإِشَاعَةِ فِي الصَّدَاقِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَصْرِ) أَيْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْمَبْنَى (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ وُجُوبُ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ فَضْلُ الْمَقْتُولِ لَا يُؤَثِّرُ أَيْ فِي مَنْعِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْأَمَانِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْأَصَالَةِ وَالسِّيَادَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ) أَيْ الْفَضْلِ (قَوْلُهُ: طَرْدِيَّةٌ) أَيْ تَبَعِيَّةٌ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: قِيلَ الْخِلَافُ إلَخْ) وَافَقَهُ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْسُنُ التَّعْبِيرُ إلَخْ) أَيْ بَلْ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَيْ حُكْمًا إلَخْ وَالْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِقِيلِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ بَلْ زَادَ الشَّارِحُ هُنَاكَ قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ سم (قَوْلُهُ لَا مُدْرَكًا لِذِي إلَخْ) فِيهِ تَوْصِيفُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ إلَخْ) ، وَلَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ وَاسْتُرِقَّ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَإِنْ صَارَ كُفُؤًا لَهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُكَافِئًا لَهُ فِيهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقُ الْقِنِّ) أَيْ الْمُسْلِمِ فَيَشْمَلُ الْأُنْثَى وَقَوْلُهُ وَالْكَافِرِ أَيْ فَيَشْمَلُ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤْمِنَ (قَوْلُهُ وَلَا الْحُرُّ بِالْقِنِّ) ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِقَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ لَمْ يَنْقُضْ حُكْمُهُ رَوْضٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: آنِفًا) أَيْ فِي شَرْحِ وَيُقْتَلُ قِنٌّ إلَخْ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا بِقَتْلِ وَلَدٍ) ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِقَتْلِ الْأَصْلِ بِالْفَرْعِ نُقِضَ حُكْمُهُ إلَّا إنْ أَضْجَعَ الْأَصْلُ فَرْعَهُ وَذَبَحَهُ فَلَا يَنْقُضُ حُكْمُهُ رِعَايَةً لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ حِينَئِذٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: لِلْقَاتِلِ) صِفَةُ وَلَدٍ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: قُتِلَ بِهِ إنْ أَصَرَّ عَلَى نَفْيِهِ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ النِّهَايَةِ وَصَرِيحُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَهَلْ يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ وَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ مَا دَامَ مُصِرًّا عَلَى النَّفْيِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ مُطْلَقًا لِلشُّبْهَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ رَجَعَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) عِبَارَةُ الرُّويَانِيِّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَإِنْ أَصَرَّ انْتَهَتْ، وَقَدْ يُفِيدُهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ الْفَرْعُ) إلَى قَوْلِهِ فَعُلِمَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ اقْتَصَّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ كَأَنْ قَتَلَ) أَيْ الْأَصْلُ قِنَّهُ أَيْ الْفَرْعِ (قَوْلُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ إلَخْ) حَيْثُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي فَرَّعَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِيهَا عَلَى الْمُكَافَأَةِ سم وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ مُكَافِئٌ لَهُ كَعَمِّهِ) أَقُولُ صُورَةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا أَنَّهُ مُكَافِئٌ لِعَمِّهِ وَعَمُّهُ مُكَافِئٌ

قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا وَقَرَّرَ كَلَامَ شَيْخِهِ الْفَتَى إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ دَلَالَةِ تَقْرِيرِ كَلَامِ شَيْخِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْ خَارِجٍ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ ثَمَّ فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ) بَلْ زَادَ هُنَاكَ قَوْلَهُ وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ وَلَا بِقَتْلِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَلَا أَصْلٌ بِفَرْعٍ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ نُقِضَ فِي الْأَصْلِ دُونَ الْعَبْدِ إلَّا إنْ أَضْجَعَ الْفَرْعَ وَذَبَحَهُ انْتَهَى فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ هُوَ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ اُقْتُصَّ بِقَتْلِ الْوَلَدِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي عَدَمِهِ بَلْ السَّبَبُ جِنَايَتُهُ أَعْنِي الْوَالِدَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْلَا تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ بِهِ لَمَا قُتِلَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ لَا إنْ رَجَعَ عَنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) قَضِيَّةُ الرَّوْضِ خِلَافُهُ م ر

(قَوْلُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ إلَخْ) حَيْثُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي فَرَّعَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِيهَا عَلَى الْمُكَافَأَةِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ مُكَافِئٌ لَهُ كَعَمِّهِ) أَقُولُ صُورَةُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا أَنَّهُ مُكَافِئٌ لِعَمِّهِ وَعَمُّهُ مُكَافِئٌ لِأَبِيهِ وَمُكَافِئُ الْمُكَافِئِ مُكَافِئٌ وَيُمْكِنُ دَفْعُ هَذَا بِمَنْعِ أَنَّ مُكَافِئَ الْمُكَافِئِ مُكَافِئٌ، وَأَمَّا

ص: 403

غَيْرُهَا هُنَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ مُكَافَأَةٌ بِوَصْفٍ مِمَّا مَرَّ.

(وَيُقْتَلُ بِوَالِدَيْهِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ الْمُكَافَأَةِ إجْمَاعًا فَبَقِيَّةُ الْمَحَارِمِ الَّذِي بِأَصْلِهِ أَوْلَى إذْ لَا تَمَيُّزَ نَعَمْ لَوْ اشْتَرَى مُكَاتَبٌ أَبَاهُ ثُمَّ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَمَا مَرَّ لِشُبْهَةِ السَّيِّدِيَّةِ

(وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) نَسَبُهُ (فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ) بِالْقَاتِلِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ أَوْ أَلْحَقَهُ (بِالْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ (اقْتَصَّ) هُوَ لِثُبُوتِ أُبُوَّتِهِ مِنْ الْقَاتِلِ رَجَعَ عَنْ الِاسْتِلْحَاقِ أَمْ لَا (وَإِلَّا) يَلْحَقُهُ بِهِ (فَلَا) يَقْتَصُّ هُوَ بَلْ غَيْرُهُ إنْ أُلْحِقَ بِهِ وَادَّعَاهُ وَإِلَّا وَقَفَ فَبِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ الْمُفْهِمِ مَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ الْمُوهِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَلْحَقْهُ بِالْآخَرِ لَا قِصَاصَ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ مُسْتَلْحِقَيْهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ابْنًا لِأَحَدِهِمَا بِدَعْوَاهُمَا وَلَوْ قَتَلَاهُ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُهُمَا، وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ وَالِانْتِسَابُ قُتِلَ بِهِ أَوْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا قُتِلَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَبِ وَلَوْ لَحِقَ الْقَاتِلُ بِقَائِفٍ أَوْ انْتِسَابٍ مِنْهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ ابْنُهُ قُتِلَ الْأَوَّلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْهُمَا وَلَوْ كَانَ الْفِرَاشُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَكْفِ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا فِي لُحُوقِهِ بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَا يَرْتَفِعُ بِالرُّجُوعِ.

(وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ)

لِأَبِيهِ وَمُكَافِئُ الْمُكَافِئِ مُكَافِئٌ وَيُمْكِنُ دَفْعُ هَذَا بِمَنْعِ أَنَّ مُكَافِئَ الْمُتَكَافِئِ مُكَافِئٌ كُلِّيًّا سم (قَوْلُهُ: غَيْرُهَا هُنَا) إذْ الْمُرَادُ بِهَا فِي الْخَبَرِ الْمُسَاوَاةُ حَيْثُ لَا مَانِعَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْمُعْتَبَرَةِ فَيُؤْخَذُ الشَّرِيفُ بِالْوَضِيعِ وَالنَّسِيبُ بِالدَّنِيءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ) وَتُمْنَعُ الْمُلَازَمَةُ بِسَنَدِ أَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ قَضِيَّةِ الْحَدِيثِ فِيمَا مَرَّ بِمُخَصِّصٍ وَلَا مُخَصِّصَ هُنَا فَلْيَتَأَمَّلْ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْإِسْلَامَ إلَخْ) فَيَلْزَمُ الْمُكَافَأَةُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمَيْنِ وَبَيْنَ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الزَّانِي كَذَلِكَ سم.

(قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الدَّالِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ اقْتَصَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى وَأَلْحَقَ بِأَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لَحِقَ إلَى، وَلَوْ كَانَ الْفِرَاشُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ سَبْقٌ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الدَّالِ) بِخَطِّهِ عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ مُغْنِي (قَوْلُهُ مَعَ الْمُكَافَأَةِ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ الْوَلَدُ الْمُسْلِمُ بِالْوَالِدِ الْكَافِرِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ فَبَقِيَّةُ الْمَحَارِمِ) أَيْ قَتْلُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بِأَصْلِهِ) أَيْ فِي الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا

(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ خَبَرِ «لَا يُقَادُ لِلِابْنِ مِنْ أَبِيهِ» إلَخْ (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْقَاتِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِاقْتَصَّ (قَوْلُهُ: رَجَعَ إلَخْ) أَيْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ انْتَفَى الْإِلْحَاقُ أَوْ الِادِّعَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَفَ) أَيْ إنْ رُجِيَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ وَتَكُونَ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ ع ش (قَوْلُهُ: فَبِنَاؤُهُ) أَيْ اقْتَصَّ سم (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ بَلْ غَيْرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ) أَيْ حَقُّ الْمَقْتُولِ مِنْ النَّسَبِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَاهُ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّفْرِيعُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ وَالِانْتِسَابُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ مَعَ أَنَّهُ بِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا يُلْحَقُ بِالْآخَرِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ أَيْ لِفَقْدِ الْقَائِفِ أَوْ تَحَيُّرِهِ وَالِانْتِسَابِ أَيْ لِقَتْلِهِ قَبْلَ انْتِسَابِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَمَفْهُومُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ مَا ذُكِرَ لَمْ يُقْتَلْ الرَّاجِعُ بِهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَائِفُ أَلْحَقَهُ بِهِ أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ انْتَسَبَ بِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ فِيهِمَا فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ فِي اللُّحُوقِ فِيهِمَا وَيَنْتَفِي الْقَتْلُ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْإِلْحَاقَ وَالِانْتِسَابَ إنْ وَقَعَا بَعْدَ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيَعْتَدُّ بِهِمَا مَعَ رُجُوعِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا فَلْيُرَاجَعْ كُلُّ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ اهـ أَقُولُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ تَأْثِيرِ الرُّجُوعِ فِي اللُّحُوقِ مُطْلَقًا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَلَا يُقْتَلُ الرَّاجِعُ فِيهِمَا جَمِيعًا (قَوْلُهُ: وَالِانْتِسَابُ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ أُصْلِحَ وَأُبْدِلَ بِلَفْظِ وَلَا انْتِسَابَ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ فَإِنَّ عِبَارَةَ النِّهَايَةِ أَيْ وَالْأَسْنَى أَيْضًا وَالِانْتِسَابُ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: قُتِلَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِرُجُوعِهِ انْتَفَى نَسَبُهُ عَنْهُ وَثَبَتَ مِنْ الْآخَرِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ أَبَاهُ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْحَقَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى رَجَعَ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ أَوْ بِغَيْرِهِمَا اُقْتُصَّ مِنْهُمَا أَسْنَى.

(قَوْلُهُ: قُتِلَ الْآخَرُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وُجِدَ الرُّجُوعُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَقْوَى مِنْهُمَا) أَيْ الْقَائِفِ وَالِانْتِسَابِ ع ش (قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَ الْفِرَاشُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ الْأَسْنَى هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِأَحَدِهِمَا بِالْفِرَاشِ بَلْ بِالدَّعْوَى كَمَا هُوَ الْفَرْضُ أَمَّا إذَا كَانَ بِالْفِرَاشِ كَأَنْ وُطِئَتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةٍ فِي عِدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَكْفِي رُجُوعُ أَحَدِهِمَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِالْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَلْحَقُ بِهِ بِالْقَائِفِ ثُمَّ بِانْتِسَابِهِ إلَيْهِ إذَا بَلَغَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكْفِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: بِالرُّجُوعِ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ بِالْجُحُودِ وَهِيَ أَعَمُّ لِشُمُولِهَا مَا لَوْ أَتَتْ أَمَتُهُ

الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ التَّأْيِيدِ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمُكَافَأَةُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ إذْ هُمَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ نَحْوِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَغَيْرِ الزَّانِي كَذَلِكَ فَمِنْ أَيْنَ شُمُولُهُ لِصُورَتِنَا وَإِرَادَتِهِمَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ فَبِنَاؤُهُ) أَيْ اُقْتُصَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ) أَيْ لِفَقْدِ الْقَائِفِ أَوْ تَحَيُّرِهِ وَالِانْتِسَابُ أَيْ لِقَتْلِهِ قَبْلَ انْتِسَابِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَمَفْهُومُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ مَا ذُكِرَ لَمْ يُقْتَلْ الرَّاجِعُ بِهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ أَنَّهُ كَالْقَائِفِ أَلْحَقَهُ بِهِ أَوْ كَالْمَقْتُولِ انْتَسَبَ إلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ فِيهِمَا فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ فِي اللُّحُوقِ فِيهِمَا وَيَنْتَفِي الْقَتْلُ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْإِلْحَاقَ وَالِانْتِسَابَ وَقَعَا بَعْدَ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْقَتْلِ فَيَعْتَدُّ بِهِمَا مَعَ رُجُوعِهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِمَا فَلْيُرَاجَعْ كُلُّ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا) عُطِفَ عَلَى رَجَعَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَتَلَاهُ ثُمَّ رَجَعَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْفِرَاشُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لَمْ يَكْفِ رُجُوعُ أَحَدِهِمَا) بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى

ص: 404

شَقِيقَيْنِ حَائِزَيْنِ (الْأَبَ وَ) قَتَلَ (الْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا) وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ سَبْقٌ وَالْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ بِزَهُوقِ الرُّوحِ (فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ) عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ مَعَ امْتِنَاعِ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُفَرَّقْ هُنَا بَيْنَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا فَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ قَتْلُ الْعَافِي (وَيُقَدَّمُ) أَحَدُهُمَا لِلْقِصَاصِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (بِقُرْعَةٍ) إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَعَ كَوْنِهِمَا مَقْتُولَيْنِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أُجِيبَ وَلَا قُرْعَةَ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَا قُرْعَةَ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَوْتُ كُلٍّ بِسِرَايَةِ قَطْعِ عُضْوٍ فَلِكُلٍّ طَلَبُ قَطْعِ عُضْوِ الْآخَرِ حَالَةَ قَطْعِ عُضْوِهِ أَيْ لِإِمْكَانِ الْمَعِيَّةِ هُنَا بِخِلَافِهَا فِي الْقَتْلِ ثُمَّ إنْ مَاتَا سِرَايَةً وَلَوْ مُرَتَّبًا وَقَعَ قِصَاصًا وَلَا فِيمَا لَوْ قَتَلَاهُمَا مَعًا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُمَا مَعًا وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ ذَلِكَ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْحَدِّ وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَيُقْرَعُ بَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ وَبِقَتْلِ أَحَدِهِمَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَوْجَهُ أَنَّهُمَا لَوْ قَتَلَاهُمَا مَعًا لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ لِتَبَيُّنِ انْعِزَالِ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ اقْتَصَّ بَعْدَ عَفْوِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ لَهُ.

(فَإِنْ اقْتَصَّ بِهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ (أَوْ مُبَادِرًا)

الْمُسْتَفْرَشَةُ بِوَلَدٍ وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ ابْنَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ شَقِيقَيْنِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ إطْلَاقُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصَ عَلَى الْآخَرِ وَلِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا كَمَا لَا يَخْفَى وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ رَشِيدِيٍّ أَيْ مِنْ قَوْلِ ع ش أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ قَوْلِهِ فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ إلَخْ الظَّاهِرُ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالْقِصَاصِ اهـ.

(قَوْلُهُ حَائِزَيْنِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي اهـ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِهَا أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمُفْرَدِهِ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ مِنْ عَفْوٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يُتَيَقَّنْ سَبْقٌ) أَيْ وَلَا مَعِيَّةٌ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْمَعِيَّةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: بِزُهُوقِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ) أَيْ الْآتِي (قَوْلُهُ: بِزُهُوقِ الرُّوحِ) أَيْ لَا بِالْجِنَايَةِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَقْتُولَيْنِ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ الْأَبَوَيْنِ لِمَوْتِهِمَا مَعًا وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ.

أَيْ مِنْ إرْجَاعِ الضَّمِيرِ لِلْقَاتِلِ وَمَقْتُولِهِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهِمَا) أَيْ الْأَخَوَيْنِ مَقْتُولَيْنِ أَيْ مُسْتَحِقَّيْنِ لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَخَوَيْنِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ الْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا فِيمَا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) أَيْ مِنْ الْأَخَوَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقُرْعَةِ) أَيْ أَمَّا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ دُونَ مَنْ لَمْ تَخْرُجْ قُرْعَتُهُ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ تَبْطُلُ بِقَتْلِهِ مُغْنِي وَأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: إنَّهُمَا لَوْ قَتَلَاهُمَا) أَيْ الْوَكِيلَانِ الْوَلَدَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ انْعِزَالِ كُلٍّ بِمَوْتِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ دَوَامِ اسْتِحْقَاقِ الْمُوَكَّلِ قَتْلَ مَنْ وُكِّلَ فِي قَتْلِهِ أَنْ يَبْقَى عِنْدَ قَتْلِهِ حَيًّا وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ مُغْنِي وَأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: انْعِزَالِ كُلٍّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الِانْعِزَالَ يُقَارِنُ الْمَوْتَ سم (قَوْلُهُ بَعْدَ عَفْوِ مُوَكِّلِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْهُ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ الْقُرْعَةِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ إلَى وَلَا يَصِحُّ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ إلَى أَوْ وَاحِدٌ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ فِي النِّهَايَةِ

قَوْلُهُ: شَقِيقَيْنِ حَائِزَيْنِ) كَتَبَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: شَقِيقَيْنِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ قَوْلِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِي انْتَهَى (وَأَقُولُ) قَوْلُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ قَوْلِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ كَأَنَّ مُرَادَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَصِحَّتُهُ مُطْلَقًا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لِلْأَبِ فَقَطْ وَقَتَلَ الْأُمَّ وَقَتَلَ الْآخَرُ الْأَبَ كَانَ لِكُلٍّ الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الَّذِي لِلْأَبِ قَتَلَ أُمَّ الْآخَرِ وَالْآخَرُ قَتَلَ أَبَا الَّذِي لِلْأَبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لِلْأَبَوَيْنِ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْتُلْ مُوَرِّثَ الَّذِي لِلْأَبِ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْحِيَازَةِ إلَخْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِ الْحِيَازَةِ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمُفْرَدِهِ عَلَى الْآخَرِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ مِنْ عَفْوٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ ذَلِكَ إلَخْ) قَدْ يُنَازَعُ فِيمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذَا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي قَتْلِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ مَعْنَى الْقِصَاصِ فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْإِقْرَاعَ لِيَتَقَدَّمَ بِالتَّشَفِّي الَّذِي هُوَ حَقُّهُ فَكَيْفَ يُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا إذَا طَلَبَ الْقَاتِلُ الثَّانِي التَّقْدِيمَ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ فِي فَصْلٍ الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ وَارِثٍ مَا نَصُّهُ وَيَأْتِي فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَنَّ قَتْلَهُ إذَا تَحَتَّمَ تَعَلَّقَ بِالْإِمَامِ دُونَ الْوَرَثَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْقُرْعَةِ إلَخْ) أَمَّا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ دُونَ مَنْ لَمْ تَخْرُجْ قُرْعَتُهُ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ تَبْطُلُ بِقَتْلِهِ وَفِيهِ مَا يَأْتِي بِالْهَامِشِ قَرِيبًا عَنْ الرُّويَانِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْأَوْجَهُ) يُؤَيِّدُ هَذَا الْأَوْجَهَ مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي صُورَةِ التَّرْتِيبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْهَامِشِ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْأَوَّلِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ تَوْكِيلِهِمَا فِي الْمَعِيَّةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ لِتَبَيُّنِ انْعِزَالِ كُلٍّ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّ الِانْعِزَالَ يُقَارِنُ الْمَوْتَ (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ) أَقُولُ إنَّمَا بُدِئَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ وَاجِبٌ أَوَّلًا فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ فَإِنْ قُلْت لِمَ وَجَبَ هُنَا تَقْدِيمُ مَا وَجَبَ أَوَّلًا وَلَمْ يَجِبْ فِيمَا لَوْ لَزِمَهُ دِيَتَانِ لِرَجُلَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ حَتَّى لَوْ ضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا لَمْ يَجِبْ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ بَلْ يَجُوزُ قِسْمَتُهُ بَيْنَهُمَا قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْحَقَّيْنِ هُنَا لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُمَا صَاحِبَاهُمَا بِنَفْسِهِمَا دَفْعَةً كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ

ص: 405

قَبْلَهَا (فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ نُوَرِّثْ قَاتِلًا بِحَقٍّ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِبَقَاءِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ (وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا) وَعُلِمَتْ عَيْنُ السَّابِقِ (وَلَا زَوْجِيَّةَ) بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ وَيَبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ وَإيهَامُ الْمَتْنِ الْإِقْرَاعَ هُنَا أَيْضًا غَيْرُ مُرَادٍ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُمَا مَعًا نَظِيرُ مَا مَرَّ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ أَعْنِي الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ وَقَتَلَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْإِذْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فَانْدَفَعَ مَا لِلرُّويَانِيِّ هُنَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ دُونَ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْقَوَدِ فَفِيمَا إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ أُمَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ قَوَدَهُ ثَبَتَ لِأُمِّهِ وَأَخِيهِ فَإِذَا قَتَلَهَا الْآخَرُ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهَا لِقَاتِلِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهَا وَهُوَ ثُمُنُ دَمِهِ فَسَقَطَ عَنْهُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَعَلَيْهِ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ أَخِيهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ أَوْ وَاحِدٌ أُمَّهُ ثُمَّ الْآخَرُ أَبَاهُ يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ فَقَطْ لِمَا ذُكِرَ.

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ هَذَا حَيْثُ لَا مَانِعَ كَالدَّوْرِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بِأُمِّهِمَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ قَتَلَاهُمَا مُرَتَّبًا فَلِكُلٍّ الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ مَعَ وُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَوَّلًا هُوَ فَلِكُلٍّ الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ أَيْ لِانْتِفَاءِ إرْثِهَا مِنْهُ أَوْ هِيَ اخْتَصَّ بِالثَّانِي أَيْ لِإِرْثِهِ مِنْهَا قَالَ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ انْتَهَى وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْوِيرِ لَا دَوْرَ فِيهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي تَمَامِ التَّصْوِيرِ عَلَى الشُّهْرَةِ فَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْفَرَائِضِ أَنَّ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِرْثَ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ مَا لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ بِهَا لِلدَّوْرِ فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِيَ أَمَتُهُ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ ثُمَّ طَالَ بِهِ حَتَّى أَوْلَدَهَا وَلَدَيْنِ فَعَاشَا إلَى أَنْ بَلَغَا ثُمَّ قَتَلَاهُمَا وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَاضِحٌ أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَتْ عَيْنُ السَّابِقِ فَالْوَجْهُ الْوَقْفُ إلَى التَّبَيُّنِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى أَحَدِهِمَا حِينَئِذٍ بِقَوَدٍ أَوْ عَدَمِهِ تَحَكُّمٌ هَذَا إنْ رُجِيَ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ.

(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) كَأَنْ جَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ لَهَا دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ وَإِنْ فَحُشَ بَعْضُهَا أَوْ تَفَاوَتُوا

قَوْلُهُ: قَبْلَهَا) أَيْ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ لَهُ مِنْهُ) أَيْ لِلْمُقْتَصِّ مِنْ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ قَتَلَا) أَيْ الْأَخَوَانِ (قَوْلُ الْمَتْنِ مُرَتَّبًا) أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ زُهُوقُ رَوْحِ أَحَدِهِمَا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ) لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ مَعَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِالْعَيْنِ مُغْنِي وَأَسْنَى.

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي الْمُرَتَّبِ بِشَرْطِهِ أَيْضًا أَيْ كَالْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبْدَأُ بِالْقَاتِلِ الْأَوَّلِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَعْنِي الْأَوَّلَ) أَيْ الْقَاتِلَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ الْأَوَّلِ وَكَذَا ضَمِيرُ وَبِقَتْلِهِ وَضَمِيرُ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ وَكِيلَ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ عَدَمَ الضَّمَانِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُطْلَقِ الْإِذْنِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ وَعَلَى هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى الْفَاءَ بَدَلَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ) أَيْ مَعَهَا إرْثٌ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ الْآتِي ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَرِثَ) أَيْ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إيَّاهُ) الْأَوْلَى هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا كَانَ لِلْأُمِّ ثُمُنُ دَمِهِ أَيْ قَاتِلُ الْأَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدٌ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَاحِدٌ أَبَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُقْتَلُ قَاتِلُ الْأَبِ إلَخْ) أَيْ وَلِوَرَثَتِهِ عَلَى قَاتِلِ الْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ لِنَظِيرِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ قَوَدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ هَذَا) أَيْ مَحَلُّ قَتْلِ الثَّانِي فَقَطْ حَيْثُ كَانَتْ زَوْجِيَّةً ع ش يَعْنِي فِي صُورَةِ مَا إذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا أَبَاهُ ثُمَّ الْآخَرُ الْأُمَّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَتَلَاهُمَا) أَيْ بَعْدَ أَنْ حَبِلَتْ بِهِمَا وَكَبُرَا فِي حَيَاةِ أَبَوَيْهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي تَصْوِيرِهِ ع ش (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي ثُمَّ إنْ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ) أَيْ الْأَبُ وَقَوْلُهُ أَوْ هِيَ أَيْ الْأُمُّ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّصْوِيرِ) أَيْ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ بِأُمِّهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْبُلْقِينِيَّ ثُمَّ طَالَ بِهِ أَيْ الْمَرَضُ بِالْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَتَلَاهُمَا) أَيْ الْوَالِدَانِ أَبَوَيْهِمَا عَلَى الِانْفِرَادِ.

(قَوْلُهُ فَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَاضِحٌ) أَيْ مِنْ الدَّوْرِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ فَلَوْ قُلْنَا بِتَوْرِيثِهِمَا لَكَانَ الْإِعْتَاقُ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ لِوَارِثٍ وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْهَا أَيْ الزَّوْجَةِ إذْ لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِجَازَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَيَمْتَنِعُ عِتْقُهَا وَامْتِنَاعُهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهَا فَيَلْزَمُ مِنْ تَوْرِيثِهَا عَدَمُهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَجُهِلَتْ عَيْنُ السَّابِقِ إلَخْ)، وَلَوْ عُلِمَتْ عَيْنُ السَّابِقِ ثُمَّ نُسِيَتْ فَالْوَقْفُ إلَى التَّبَيُّنِ ظَاهِرٌ سم (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ الْوَقْفُ إلَى التَّبَيُّنِ) كَذَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ إلَى التَّبَيُّنِ) هَلَّا أَقْرَعَ وَلَا تَحَكُّمَ مَعَ الْقُرْعَةِ حَيْثُ لَزِمَ الْقِصَاصُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَأَنَّهُ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ أَمَّا إذَا لَزِمَ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ فَمَا قَالَهُ وَاضِحٌ سم (قَوْلُهُ سِوَى الصُّلْحِ) أَيْ بِمَالٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ مَجَّانًا وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) سَوَاءٌ قَتَلُوهُ بِمُحَدَّدٍ أَمْ بِمُثْقَلٍ كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ جَرَحُوهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ دَاوَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قِيلَ إلَى أَمَّا مَنْ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَى الْمَتْنِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا

أَحَدِهِمَا وَالسَّابِقُ حَقَّهُ أَحَقُّ بِخِلَافِ الْحَقَّيْنِ هُنَاكَ سم (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ أَعْنِي الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يُقْتَلُ بَعْدَهُ وَبِقَتْلِهِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ) نَقَلَ ذَلِكَ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ تَوْكِيلَهُ صَحِيحٌ وَلِهَذَا لَوْ بَادَرَ وَكِيلُهُ بِقَتْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لَكِنْ إذَا قَتَلَ مُوَكِّلَهُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ.

(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ الْقَوَدُ عَلَى الْآخَرِ) اُنْظُرْهُ مَعَ تَفْصِيلِهِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ فَلِكُلٍّ الْقِصَاصُ عَلَى الْآخَرِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَوَّلًا هُوَ) أَيْ الْأَبُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عُلِمَ السَّبْقُ وَجُهِلَتْ عَيْنُ السَّابِقِ فَالْوَجْهُ الْوَقْفُ) وَلَوْ عُلِمَتْ عَيْنُ السَّابِقِ ثُمَّ نَسِيَ فَالْوَقْفُ إلَى التَّبَيُّنِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَى التَّبَيُّنِ) هَلَّا أَقْرَعَ وَلَا تَحَكُّمَ مَعَ الْقُرْعَةِ حَيْثُ لَزِمَ الْقِصَاصُ كُلًّا

ص: 406

فِي عَدَدِهَا وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَئُوا أَوْ ضَرَبُوهُ ضَرَبَاتٍ وَكُلٌّ قَاتِلَةٌ لَوْ انْفَرَدَتْ أَوْ غَيْرُ قَاتِلَةٍ وَتَوَاطَؤُا كَمَا سَيَذْكُرُهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَتَلَ خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً قَتَلُوا رَجُلًا غِيلَةً أَيْ خَدِيعَةً بِمَوْضِعٍ خَالٍ وَقَالَ لَوْ تَمَالَأَ أَيْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ جَمِيعًا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ شُهْرَتِهِ فَصَارَ إجْمَاعًا قِيلَ خَصَّهُمْ لِكَوْنِ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ أَمَّا مَنْ لَيْسَ لِجُرْحِهِ أَوْ ضَرْبِهِ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ.

(وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ) عَدَدِ (الرُّءُوسِ) دُونَ الْجِرَاحَاتِ فِي صُورَتِهَا لِعَدَمِ انْضِبَاطِ نِكَايَاتِهَا وَبِاعْتِبَارِ عَدَدِ الضَّرَبَاتِ فِي صُورَتِهَا الْأُولَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ فِيهَا الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ كَالْجِرَاحَاتِ وَكَذَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ فِي صُورَتِهَا الثَّانِيَةِ وَفَارَقَتْ الضَّرَبَاتُ الْجِرَاحَاتِ بِأَنَّ تِلْكَ تُلَاقِي ظَاهِرَ الْبَدَنِ فَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ هَذِهِ، وَلَوْ ضَرَبَ وَاحِدٌ مَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَسَوْطَيْنِ وَآخَرُ مَا يَقْتُلُ كَخَمْسِينَ وَأَلَمُ الْأَوَّلِ بَاقٍ وَلَا مُوَاطَأَةَ فَالْأَوَّلُ شِبْهُ عَمْدٍ فَفِيهِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَالثَّانِي عَمْدٌ فَعَلَيْهِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ الْخَمْسُونَ قُتِلَا إنْ عَلِمَ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ وَالثَّانِي حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ شِبْهِهِ، وَإِنَّمَا قُتِلَ مَنْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ لِمَا مَرَّ فِي مَبْحَثِ الْحَبْسِ.

(وَلَا يُقْتَلُ) مُتَعَمِّدٌ هُوَ (شَرِيكُ مُخْطِئٍ) وَلَوْ حُكْمًا كَغَيْرِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَأَلْحَقَ بِهِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الْحَيَّةَ وَالسَّبُعَ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي الْأُمِّ إنْ لَمْ يُقْتَلَا غَالِبًا وَإِلَّا فَكَشَرِيكِ نَحْوِ الْأَبِ (وَ) شَرِيكِ صَاحِبِ (شِبْهِ الْعَمْدِ) ؛ لِأَنَّ الزُّهُوقَ حَصَلَ بِفِعْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يُوجِبُهُ وَالْآخَرُ يَنْفِيهِ فَغُلِّبَ الْمُسْقِطُ لِوُجُوبِ الشُّبْهَةِ فِي فِعْلِ الْمُتَعَمِّدِ وَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ وَالثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ

(وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ وَلَدِهِ (وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ) وَحُرٌّ شَارَكَ حُرًّا

قَوْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ إلَى وَكَذَا يُعْتَبَرُ وَقَوْلُهُ، وَإِنَّمَا قُتِلَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَحُرٌّ شَارَكَ إلَى الْمَتْنِ، وَإِنَّمَا قُتِلَ مَنْ ضَرَبَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَدِهَا) أَيْ وَالْأَرْشُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَئُوا) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ ضَرَبُوهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى جَرَحُوهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ) أَيْ مِنْ الضَّرَبَاتِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ قَاتِلَةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عُمَرَ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْقِصَاصَ عُقُوبَةٌ يَجِبُ لِلْوَاحِدِ عَلَى الْوَاحِدِ فَيَجِبُ لَهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لَحِقْنَ الدِّمَاءِ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ الِاشْتِرَاكِ لَاُتُّخِذَ ذَرِيعَةً إلَى سَفْكِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَبْعَةً) شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي (قَوْلُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) أَيْ لَا يَرَاهُ فِيهِ أَحَدٌ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: خَصَّهُمْ) أَيْ أَهْلَ صَنْعَاءَ (قَوْلُهُ: أَمَّا مَنْ لَيْسَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَهَا دَخْلٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَيْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْ فَلَا يُقْتَلُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْجُرْحِ إنْ اقْتَضَى الْحَالُ الضَّمَانَ أَوْ التَّعْزِيرُ إنْ اقْتَضَاهُ الْحَالُ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ عَنْ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَبِاعْتِبَارِ عَدَدِ الضَّرَبَاتِ) بِأَنْ يُضْبَطَ ضَرْبُ كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ ثُمَّ يُنْسَبَ إلَى مَجْمُوعِ ضَرْبِهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِصِفَةِ فِعْلِهِ عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مُرَاعًى فِيهِ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ ع ش (قَوْلُهُ: الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: وَكُلٌّ قَاتِلَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي صُورَتِهَا الْأُولَى (قَوْلُهُ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ قَاتِلَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ الضَّرَبَاتِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هَذِهِ) أَيْ الْجِرَاحَاتِ.

(تَنْبِيهٌ) مَنْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهَا فَقَطْ دُونَ قِصَاصِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْجِرَاحَةُ لِسَارِيَةٍ، وَلَوْ جَرَحَهُ اثْنَانِ مُتَعَاقِبَانِ، وَادَّعَى الْأَوَّلُ انْدِمَالَ جَرْحِهِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَنَكَلَ فَحَلَفَ مُدَّعِي الِانْدِمَالِ سَقَطَ عَنْهُ قِصَاصُ النَّفْسِ فَإِنْ عَفَى الْوَلِيُّ عَنْ الْآخَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِالِانْدِمَالِ فَيَلْزَمُهُ كَمَالُ الدِّيَةِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى. (قَوْلُهُ مَا لَا يُقْتَلُ) أَيْ ضَرْبًا لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: كَسَوْطَيْنِ) أَوْ ثَلَاثًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَآخَرُ إلَخْ) الْأَوْلَى ثُمَّ آخَرُ إلَخْ فَتَدَبَّرْ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: قُتِلَا إلَخْ) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ مِنْهُمَا مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الثَّانِي) أَيْ بِضَرْبِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ جُهِلَ ضَرْبُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مِنْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ شَرِيكُهُ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُتِلَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِانْتِفَاءِ سَبَبٍ آخَرَ ثُمَّ يُحَالُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ اهـ أَيْ وَهُنَا ضَرْبُ كُلٍّ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ) إلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ جَرَحَهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِشُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ بِأَنْ كَانَ فِعْلُهُ خَطَأً، وَلَوْ حُكْمًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ سَقَطَ عَنْ شَرِيكِهِ أَوْ لِصِفَةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهِ كَالصَّبِيِّ وَدَفْعِ الصَّائِلِ وَجَبَ عَلَى شَرِيكِهِ نِهَايَةٌ مَعَ ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ جَرَحَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالرَّوْض وَيُقْتَلُ شَرِيكُ السَّبُعِ وَالْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا مَعَ وُجُودِ الْمُكَافَأَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْتُلَا إلَخْ) أَيْ أَوْ وَقَعَا عَلَى الْمَقْتُولِ بِلَا قَصْدٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ يَقْتُلَا غَالِبًا أَيْ وَلَمْ يَقَعَا عَلَى الْمَقْتُولِ بِلَا قَصْدٍ ع ش (قَوْلُهُ: فَكَشَرِيكِ نَحْوِ الْأَبِ) أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ سم (قَوْلُهُ: فَغُلِّبَ الْمُسْقِطُ) كَمَا إذَا قَتَلَ الْمُبَعَّضُ رَقِيقًا مُغْنِي. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْمُتَعَمِّدِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَعَاقِلَةُ الثَّانِي اهـ وَهِيَ أَقْعَدُ سَيِّدْ عُمَرْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعَلَى عَاقِلَةِ غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) وَعَلَى الْأَبِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً

مِنْهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ لَا طَرِيقَ سِوَى الصُّلْحِ أَمَّا إذَا عَلِمَ الثَّانِي فَقَطْ فَمَا قَالَهُ وَاضِحٌ.

(قَوْلُهُ: فَفِيهِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ) اعْتِبَارُ حِصَّةِ الضَّرْبِ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَتْ الْخَمْسُونَ أَوْ تَقَدَّمَتْ هُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ عَلَى كُلٍّ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ بَحْثُ الشَّيْخَيْنِ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَتْ الْخَمْسُونَ قُتِلَا) فَلَوْ عَفَى عَلَى الدِّيَةِ فَيَنْبَغِي أَنَّ عَلَى كُلٍّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُتِلَ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ.

(قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الْحَيَّةَ وَالسَّبُعَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَمِنْ شَرِيكِ

ص: 407

جَرَحَ عَبْدًا فَعَتَقَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْمُشَارِكِ بَعْدَ عِتْقِهِ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَتِهِمَا (وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكُ حَرْبِيٍّ) فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (وَ) قَاطِعُ يَدٍ مَثَلًا هُوَ شَرِيكُ (قَاطِعِ) أُخْرَى (قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) فَسَرَى الْقَطْعَانِ إلَيْهِ تَقَدَّمَ الْمُهْدَرُ أَوْ تَأَخَّرَ (وَ) جَارِحٌ لِمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَكَجُرْحِهِ لِنَفْسِهِ أَمْرُهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بِجَرْحِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ لِآمِرِهِ فَهُوَ (شَرِيكُ النَّفْسِ) فِي قَتْلِهَا (وَ) جَارِحٌ (دَافَعَ الصَّائِلَ) عَلَى مُحْتَرَمٍ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْفِعْلَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَقَعَ عَمْدًا، وَإِنَّمَا انْتَفَى الْقَوَدُ عَنْ أَحَدِهِمَا لِمَعْنًى آخَرَ خَارِجٍ عَنْ الْفِعْلِ فَلَمْ يَقْتَضِ سُقُوطَهُ عَنْ الْآخَرِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَكَوْنُ فِعْلِ الشَّرِيكِ فِيمَا بَعْدَ كَذَا مُهْدَرًا بِالْكُلِّيَّةِ لَا يَقْتَضِي شُبْهَةً فِي فِعْلِ الْآخَرِ أَصْلًا فَلَيْسَ مُسَاوِيًا لِشَرِيكِ الْمُخْطِئِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَوْلَى مِنْهُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُقَابِلُ وَشَرِيكُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ كَشَرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ أَوْ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا مَرَّ.

(وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) أَوْ وَشِبْهَ عَمْدٍ (وَمَاتَ بِهِمَا أَوْ جَرَحَ) جَرْحًا مَضْمُونًا وَجَرْحًا غَيْرَ مَضْمُونٍ كَأَنْ جَرَحَ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْمَجْرُوحُ (وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ) بِهِمَا (لَمْ يُقْتَلْ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْقِطًا لِلْقَوَدِ لِكَوْنِهِ نَحْوَ خَطَأٍ أَوْ مُهْدَرًا إثْرَ شُبْهَةٍ فِي فِعْلِهِ فَفِي الْأُولَى عَلَيْهِ مَعَ قَوَدِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ إنْ أَوْجَبَهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ وَفِيمَا بَعْدَهَا عَلَيْهِ مُوجِبُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْعِصْمَةِ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَتَعَدَّدَ الْجَارِحُ فِيمَا ذُكِرَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ قَطَعَ

وَفَارَقَ شَرِيكُ الْأَبِ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي فِعْلِ الْخَاطِئِ وَالْفِعْلَانِ مُضَافَانِ إلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي الْقِصَاصِ كَمَا لَوْ صَدَرَا مِنْ وَاحِدٍ وَشُبْهَةُ الْأُبُوَّةِ فِي ذَاتِ الْأَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَذَاتُ الْأَبِ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ ذَاتِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ سم (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) أَيْ وَالْمُشَارِكُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الْمُسْلِمِ أَوْ ذِمِّيٌّ فِي صُورَةِ الذِّمِّيِّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ يَدٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرِيكُ حَرْبِيٍّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَذَا شَرِيكُ قَاطِعٍ قِصَاصًا أَوْ قَاطِعٍ حَدًّا كَانَ جُرْحُهُ بَعْدَ الْقَطْعِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ الْقَاطِعِ وَمَاتَ بِالْقَطْعِ وَالْجِرَاحِ، وَكَذَا يُقْتَلُ شَرِيكُ جَارِحِ النَّفْسِ كَأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ بِهِمَا وَكَذَا شَرِيكُ دَافِعِ الصِّيَالِ كَأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ دَفْعِ الصَّائِلِ وَمَاتَ بِهِمَا اهـ وَهِيَ أَحْسَنُ مَزْجًا (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ الْمُهْدَرُ) أَيْ الْفِعْلُ الْمُهْدَرُ ع ش (قَوْلُهُ وَجَارِحٌ لِمَنْ جَرَحَ إلَخْ) أَيْ وَيُقْتَلُ جَارِحٌ لِشَخْصٍ جَرَحَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ جُرْحُهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ جُرْحِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ ع ش (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْجَارِحُ رَشِيدِيٌّ وَجَارِحٍ دَافِعٍ الصَّائِلَ يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى النَّفْسِ مَعَ تَنْوِينِهِ أَيْ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ جَارِحٍ دَافِعٍ الصَّائِلَ بِجَرِّ دَافِعٍ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ جَارِحٍ سم وَعِ ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ هُوَ بِتَنْوِينِ جَارِحٍ الْمَجْرُورِ بِإِضَافَةِ شَرِيكُ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ دَافِعِ الصَّائِلِ فِي الدَّفْعِ فَالصُّورَةُ أَنَّ دَافِعَ الصَّائِلِ جَرَحَهُ لِلدَّفْعِ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ جَرَحَهُ آخَرُ فَمَاتَ بِهِمَا اهـ وَقَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَخْ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَمِثْلُ الْبَعْدِيَّةِ الْمَعِيَّةُ وَالسَّبْقُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَشَرِيكُ النَّفْسِ) لَعَلَّهُ إذَا كَانَ جَرَحَهُ لِنَفْسِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا وَكَانَ مُتَعَمِّدًا فِيهِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السُّمِّ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَقْتَضِ) أَيْ ذَلِكَ الِانْتِفَاءُ.

(قَوْلُهُ: سُقُوطَهُ) أَيْ الْقَوَدِ عَنْ الْآخَرِ أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: كَشَرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ) أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا إلَخْ) ، وَلَوْ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْعَمْدُ أَوْ تَأَخَّرَ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ عَمْدًا وَخَطَأً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ جُرْحَيْنِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا) أَيْ أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ أَوْ صَائِلًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ رَجَعَ الصَّائِلُ أَوْ جَرَحَ شَخْصًا بِحَقٍّ كَقِصَاصٍ وَسَرِقَةٍ ثُمَّ جَرَحَهُ عُدْوَانًا أَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، وَلَوْ وَقَعَتْ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ بِأَمْرِهِ لِمَنْ لَا يُمَيِّزُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ خَطَأٍ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَوْلُهُ أَوْ مُهْدَرًا أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) أَيْ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا بَعْدَهَا) وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ جَرَحَ جَرْحًا مَضْمُونًا إلَخْ ع ش أَيْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ وَفِي الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُشِيرَ بِذَلِكَ إلَى كَثْرَةِ جُزْئِيَّاتِهَا كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَتَعَدَّدَ الْجَارِحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجَارِحُ أَوْ تَعَدَّدَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قِصَاصُهَا أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي اجْتِمَاعِ الْعَمْدِ مَعَ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ (قَوْلُهُ

السَّبُعِ أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا انْتَهَى أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: جَرَحَ عَبْدًا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْحُرِّ فِي قَوْلِهِ شَارَكَ حُرًّا كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِتْقِهِ) أَمَّا قِنًّا فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَقَاطِعُ يَدٍ مَثَلًا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ شَرِيكُ الْأَبِ كَمَا فِي تَضْبِيبِهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَقَاطِعُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِأَنْ جَرَحَ الْمَقْطُوعَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَمَاتَ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَفْهَمَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ انْتَهَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَشَرِيكُ النَّفْسِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَمِنْ أَيْ وَيُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ السَّبُعِ أَوْ الْحَيَّةِ الْقَاتِلَيْنِ غَالِبًا وَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَجَارِحٌ دَافَعَ الصَّائِلَ) يَنْبَغِي عَطْفُهُ عَلَى النَّفْسِ مَعَ تَنْوِينِهِ أَيْ وَيُقْتَلُ شَرِيكٌ جَارِحٌ دَافَعَ الصَّائِلَ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَجَارِحٌ دَافَعَ) يُتَأَمَّلُ فَإِنْ نُوِّنَ قَرُبَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ دَافِعِ صَائِلٍ قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِأَنَّ جُرْحَهُ الدَّافِعُ انْتَهَى وَنَظَرَ فِيهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَطَعَ

ص: 408

الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْطَعُ طَرَفُهُ فَقَطْ.

(وَلَوْ دَاوَى جَرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفَّفٍ) أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا (فَلَا قِصَاصَ) وَلَا دِيَةَ (عَلَى جَارِحِهِ) فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلُ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَ السُّمِّ بَلْ فِي الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَهُ وَإِلَّا فَالْمَالُ (وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ) السُّمُّ الَّذِي دَاوَاهُ بِهِ (غَالِبًا) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فِعْلُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى جَارِحِهِ فِي النَّفْسِ أَيْضًا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ مَعَ مَا أَوْجَبَهُ الْجُرْحُ (وَإِنْ قَتَلَ) السُّمُّ (غَالِبًا وَعَلِمَ فَ) الْجَارِحُ (شَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ) فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْأَظْهَرِ (وَقِيلَ هُوَ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْصِدُ قَتْلَ نَفْسٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ دَاوَى جَرْحَهُ مَا لَوْ دَاوَاهُ آخَرُ غَيْرُ الْجَارِحِ فَإِنْ كَانَ بِمُوَحٍّ وَعَلِمَهُ قُتِلَ الثَّانِي أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَعَلِمَ وَمَاتَ بِهِمَا قُتِلَا وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ فِيمَنْ جَاءَ لِامْرَأَةٍ لِتُدَاوِي عَيْنَهُ فَأَكْحَلَتْهُ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ إنْ ثَبَتَ ذَهَابُ عَيْنِهِ بِمُدَاوَاتِهَا ضَمِنَتْهَا عَاقِلَتُهَا فَبَيْتُ الْمَالِ فَهِيَ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي مُدَاوَاتِهِ بِهَذَا الدَّوَاءِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي مُطْلَقِ الْمُدَاوَاةِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي إتْلَافِهِ وَإِلَّا لَمْ تَضْمَنْ كَمَا لَوْ قَطَعَ سِلْعَةَ مُكَلَّفٍ بِإِذْنِهِ انْتَهَى وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَنُصَّ الْمَرِيضُ عَلَى دَوَاءٍ مُعَيَّنٍ ضَمِنَتْهُ عَاقِلَةُ الطَّبِيبِ فَبَيْتُ الْمَالِ فَهُوَ وَمَتَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كَانَ هَدَرًا وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ مَبْحَثِ الْخِتَانِ فِي ذَلِكَ مَا يَتَعَيَّنُ مُرَاجَعَتُهُ وَمِنْ الدَّوَاءِ مَا لَوْ خَاطَ الْمَجْرُوحُ جَرْحَهُ لَكِنَّهُ إنْ خَاطَ فِي لَحْمِ حَيٍّ وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَالْقَوَدُ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ لِلْمَالِ

فَيُقْطَعُ طَرَفُهُ فَقَطْ) أَيْ وَعَلَى الثَّانِي ضَمَانُ فِعْلِهِ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ دَاوَى) أَيْ الْمَجْرُوحُ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ جُرْحَهُ بِسُمٍّ كَأَنْ شَرِبَهُ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى الْجُرْحِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَيْ قَاتِلٍ سَرِيعًا) إلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِمُوَحٍّ إلَى بِمَا يَقْتُلُ وَإِلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَسَيَأْتِي إلَى وَمِنْ الدَّوَاءِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا جَزَمَ إلَى وَالْكَيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) غَايَةٌ وَقَوْلُهُ إنْ أَوْجَبَهُ أَيْ جَرْحُهُ الْقِصَاصَ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ أَوْجَبَهُ وَإِلَّا إلَخْ) هَذَا بِالنَّظَرِ لِمَا فِي الْمَتْنِ خَاصَّةً مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا دِيَةَ، أَمَّا مَعَ النَّظَرِ إلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) وَخَالَفَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ فِي الْمُذَفِّفِ الَّذِي يَقْتُلُ سَرِيعًا وَهَذِهِ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا ع ش (قَوْلُهُ: فِعْلُهُ) أَيْ تَدَاوَى الْمَجْرُوحُ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا أَوْجَبَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَوْ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إنْ اقْتَضَاهُ الْجُرْحُ اهـ وَعِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ مُوجِبُ جَرْحِهِ مِنْ قِصَاصٍ وَغَيْرِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْصِدُ) أَيْ بِالتَّدَاوِي (قَوْلُهُ مَا لَوْ دَاوَاهُ آخَرُ) أَيْ بِلَا أَمْرٍ مِنْهُ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش أَيْ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الدَّوَاءَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي اهـ.

(قَوْلُهُ: بِمُوَحٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسْرِعٍ لِلْمَوْتِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ الْجَارِحِ) اُنْظُرْ حُكْمَ مَا لَوْ كَانَ الْمُدَاوِي هُوَ الْجَارِحُ رَشِيدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَلَمْ يَعْلَمْ فَيُقْتَلُ هُنَا كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: قُتِلَ الثَّانِي) أَيْ الْمُدَاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا) أَيْ وَلَيْسَ مُوَحِّيًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ انْتَفَى غَلَبَةُ الْقَتْلِ أَوْ الْعِلْمِ بِهَا.

(قَوْلُهُ: فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ) أَيْ نِصْفُهَا عَلَى الْمُدَاوِي سم أَيْ وَعَلَى الْجَارِحِ نِصْفُ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ أَوْ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إنْ اقْتَضَاهُ الْجُرْحُ (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ) فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهَا تَقْيِيدٌ لِمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: ضَمِنَتْهَا) أَيْ الْعَيْنَ عَاقِلَتُهَا إلَخْ أَيْ عَاقِلَةُ الْمَرْأَةِ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا فَبَيْتُ الْمَالِ إنْ انْتَظَمَ وَلَمْ يَمْتَنِعْ مُتَوَلِّيهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَالْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إذْنَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِاعْتِبَارِ تَعْيِينِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: مَا يَكُونُ إلَخْ) أَيُّ دَوَاءٍ يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي إتْلَافِهِ) أَيْ الْآذِنِ أَيْ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى دَوَاءٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ بِشَخْصِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الدَّوَاءِ) إلَى الْفَرْعِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى مَا جَزَمَ إلَى وَالْكَيُّ وَقَوْلُهُ وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ خَاطَ الْمَجْرُوحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ الْأَسْنَى، وَلَوْ خَاطَ الْمَجْرُوحُ جَرْحَهُ فِي لَحْمِ حَيٍّ، وَلَوْ تَدَاوِيًا خِيَاطَةً تَقْتُلُ غَالِبًا فَكَشَرِيكِ قَاتِلِ نَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَهُ فِي لَحْمِ مَيِّتٍ فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا لِلْجِلْدِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى لِعَدَمِ الْإِيلَامِ الْمُهْلِكِ فَعَلَى الْجَارِحِ الْقِصَاصُ أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَلَوْ خَاطَهُ غَيْرُهُ بِلَا أَمْرٍ مِنْهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمِنْ الْجَارِحِ وَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ إمَامًا لِتَعَدِّيهِ مَعَ الْجَارِحِ فَإِنْ خَاطَهُ الْإِمَامُ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا الْآخَرُ فِي مَالِ الْجَارِحِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَصَدَ الْمَجْرُوحُ أَوْ غَيْرُهُ الْخِيَاطَةَ فِي لَحْمِ مَيِّتٍ فَوَقَعَ فِي لَحْمِ حَيٍّ فَالْجَارِحُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ، وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الْخِيَاطَةَ فِي الْجِلْدِ فَوَقَعَ فِي اللَّحْمِ وَالْكَيِّ فِيمَا ذُكِرَ كَالْخِيَاطَةِ فِيهِ وَلَا أَثَرَ لِدَوَاءٍ لَا يَضُرُّ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا عَلَى الْمَجْرُوحِ مِنْ قُرُوحٍ وَلَا بِمَا لَهُ مِنْ مَرَضٍ وَضَنًى اهـ.

(قَوْلُهُ: جَرْحَهُ) أَيْ جَرْحَ نَفْسِهِ الَّذِي جَرَحَهُ الْغَيْرُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا) أَيْ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَاوَاةِ بِالسُّمِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ شَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَإِنَّهُ شَرِيكُ صَاحِبِ شِبْهِ الْعَمْدِ فَلَا قَوَدَ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ) أَيْ

الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْطَعُ طَرَفُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجَارِحُ أَوْ تَعَدَّدَ إلَّا إنْ قَطَعَ الْمُتَعَمِّدُ طَرَفَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ فَعَلَيْهِ قِصَاصُهَا أَوْ الْأُصْبُعَ فَكَذَلِكَ مَعَ أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الدِّيَةِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ) أَيْ نِصْفُهَا عَلَى الْمُدَاوِي (قَوْلُهُ: مَا لَوْ خَاطَ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ خَاطَ غَيْرُهُ بِلَا أَمْرٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَمِنْ الْجَارِحِ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لَا إنْ خَاطَهُ الْإِمَامُ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ بَلْ تَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ خَاطَ فِي لَحْمِ حَيٍّ) وَإِنْ قَصَدَ الْمَجْرُوحُ أَوْ غَيْرُهُ الْخِيَاطَةَ فِي لَحْمِ مَيِّتٍ فَوَقَعَ فِي لَحْمِ حَيٍّ أَوْ فِي الْجَلْدِ فَوَقَعَ فِي اللَّحْمِ فَالْجَارِحُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ عَلَى الْجَارِحِ

ص: 409