الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ لِلْمَصْلَحَةِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا عَلَى الْجَارِحِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَرُدَّ بِأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وَالْكَيُّ كَالْخِيَاطَةِ
(وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ فَقَتَلُوهُ وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ) لَوْ انْفَرَدَ (فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَجِبُ إنْ تَوَاطَئُوا) أَيْ تَوَافَقُوا عَلَى ضَرْبِهِ وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ لَهُ دَخْلٌ فِي الزُّهُوقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهَا لَوْ انْفَرَدَ؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ فِي نَفْسِهَا وَيَقْصِدُ بِهَا الْإِهْلَاكَ مُطْلَقًا وَالضَّرْبُ الْخَفِيفُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ إلَّا بِالْمُوَالَاةِ مِنْ وَاحِدٍ وَالتَّوَاطُؤِ مِنْ جَمْعٍ.
(وَمِنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا) وَالْعِبْرَةُ فِي التَّرْتِيبِ وَالْمَعِيَّةِ بِالزُّهُوقِ كَمَا مَرَّ (قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (أَوْ مَعًا) وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدَّمُ بِقَتْلِهِ وَلَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمْ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمْ (فَبِالْقُرْعَةِ) يَكُونُ التَّقْدِيمُ وُجُوبًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ (وَلِلْبَاقِينَ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (الدِّيَاتُ) لِيَأْسِهِمْ مِنْ الْقَوَدِ فَإِنْ وَفَّتْ بِهِمْ التَّرِكَةُ وَإِلَّا وُزِّعَتْ (قُلْت فَلَوْ قَتَلَهُ) مِنْهُمْ (غَيْرُ الْأَوَّلِ) أَوْ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (عَصَى) وَعُزِّرَ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّ غَيْرِهِ (وَوَقَعَ قِصَاصًا) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا اسْتَحَقَّ التَّقْدِيمَ فَقَطْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَفَا قَتَلَهُ مَنْ بَعْدَهُ (وَلِلْأَوَّلِ) وَمَنْ بَعْدَهُ (دِيَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِيَأْسِهِ مِنْ الْقَوَدِ وَالْمُرَادُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ دِيَةُ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ وُزِّعَ دَمُهُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يُطَالِبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ فَفِي ثَلَاثَةٍ يَبْقَى لِكُلٍّ ثُلُثَا دِيَةِ مُوَرِّثِهِ.
(فَرْعٌ) تَصَارَعَا مَثَلًا ضَمِنَ بِقَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا تَوَلَّدَ فِي الْآخَرِ مِنْ صِرَاعِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَمْ يَأْذَنْ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى نَحْوِ قَتْلٍ أَوْ تَلَفِ عُضْوٍ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاعْتِيَادِ أَنْ لَا مُطَالَبَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ فِي انْتِفَائِهَا مِنْ صَرِيحِ الْإِذْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(فَصْلٌ)
فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى الْمَوْتِ
عَلَى الْجَارِحِ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ عَلَى الْجَارِحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ مَا دُونَهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَلِيٌّ لِلْمَصْلَحَةِ إلَخْ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَالْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ سم (قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ بَلْ تَجِبُ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ عَلَى مَا جَزَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا اهـ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ) أَمَّا لَوْ كَانَ ضَرْبُ كُلٍّ قَاتِلًا لَوْ انْفَرَدَ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ جَزْمًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ تَوَاطَئُوا أَوْ لَا ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ تَوَاطَئُوا) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عِنْدَ عَدَمِ التَّوَاطُؤِ وَإِنْ عَلِمَ بِالضَّرْبِ السَّابِقِ وَهُوَ وَاضِحٌ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَجْمُوعُ الضَّرْبِ السَّابِقِ مَرْتَبَةَ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَمَّا إذَا بَلَغَهَا وَعَلِمَ بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ خَمْسِينَ تَقْتُلُ ثُمَّ ضَرَبَهُ آخَرُ ضَرْبَتَيْنِ مَعَ عِلْمِ السَّابِقِ قُتِلَا ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ كَلَامَ الْمُغْنِي كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ) أَيْ التَّوَاطُؤُ ع ش (قَوْلُهُ: الْمُهْلِكِ إلَخْ) وَصْفٌ لِلضَّرَبَاتِ خَاصَّةً رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْجِرَاحَاتِ وَالضَّرَبَاتِ الْمُهْلِكِ كُلٌّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ التَّوَاطُؤُ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ دَفْعَةً كَأَنْ جَرَحَهُمْ أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا فَمَاتُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ أَوْ عُلِمَ سَبْقٌ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ السَّابِقِ اهـ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ عَنْ سم أَوْ عُلِمَتْ عَيْنُ السَّابِقِ ثُمَّ نُسِيَتْ (قَوْلُهُ: وَتَنَازَعُوا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مَنْ قَتَلَ جَمْعًا مَعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ تَنَازُعُهُمْ فِيمَنْ إلَخْ بَعْدَ تَرَاضِيهِمْ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَبِالْقُرْعَةِ) ، وَلَوْ طَلَبُوا الِاشْتِرَاكَ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ لَمْ يُجَابُوا لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْضُ أَوْلِيَائِهِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَائِبًا حُبِسَ الْقَاتِلُ إلَى بُلُوغِهِ وَإِفَاقَتِهِ وَقُدُومِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) وَهِيَ الْمُرَتَّبُ وَالْمَعِيَّةُ الْمَعْلُومَةُ الْمُحْتَمَلَةُ (قَوْلُ الْمَتْنِ غَيْرُ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْأُولَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ غَيْرُ مَنْ إلَخْ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ وَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: وَمَنْ بَعْدَهُ) كَانَ يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِمَا قَدَّمَهُ أَنْ يَقُولَ وَلِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَغَيْرُهُمَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ لِيَأْسِهِ) الْمُنَاسِبُ لِمَا زَادَهُ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ أَوْ جَمْعُهُ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ) كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا وَالْآخَرُ امْرَأَةً مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلُوهُ كُلُّهُمْ إلَخْ) ، وَلَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ وَعَفَا الْوَارِثُ عَلَى مَالٍ اخْتَصَّ بِالدِّيَةِ وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: تَصَارَعَا إلَخْ) أَيْ لَوْ تَصَارَعَا (قَوْلُهُ: فِي انْتِفَائِهَا) أَيْ الْمُطَالَبَةِ.
[فَصْلٌ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ الْجِنَايَةِ إلَى الْمَوْتِ]
(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي
قَوْلُهُ: وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ) عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ بِالْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ خَاطَهُ وَلِيٌّ لِلْمَصْلَحَةِ إلَخْ) بِخِلَافِ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَالْوَلِيِّ لِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُهَا وَنِصْفُهَا فِي مَالِ الْجَارِحِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ) جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَنْ قَتَلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ الْأَحْرَارِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا أَوْ حُرًّا لَكِنَّهُ قَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ فَسَيَأْتِي اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ إلَخْ) فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا مُلَخَّصُهُ وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْقَاتِلِ لِأَحَدِهِمْ بِالسَّبْقِ لِقَتْلِ بَعْضِهِمْ وَلِلْبَاقِينَ تَحْلِيفُهُ إنْ كَذَّبُوهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ فَالنُّكُولُ مَعَ يَمِينِ الْخَصْمِ إنْ قُلْنَا كَالْإِقْرَارِ لَمْ تُسْمَعْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا بِمَا يُخَالِفُ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلًا، وَإِنْ قُلْنَا كَالْبَيِّنَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُعَدِّيهَا لِثَالِثٍ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّحْلِيفِ فَلْيُنْظَرْ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْجَوَابِ إنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ التَّقْدِيمُ بِلَا قُرْعَةٍ عَلَى مَنْ عَدَا مَنْ أَقَرَّ لَهُ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ لَكِنْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَتَخَلَّفُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ اثْنَيْنِ فَقَطْ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ عَدَمُ الْبَحْثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(فَصْلٌ فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ)
بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ مِقْدَارِ الْمَضْمُونِ وَلْنُقَدِّمْ عَلَى ذَلِكَ قَاعِدَةً يَنْبَنِي عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ جَرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا بِتَغَيُّرِ الْحَالِ فِي الِانْتِهَاءِ وَمَا ضُمِنَ فِيهِمَا يُعْتَبَرُ قَدْرُ الضَّمَانِ فِيهِ بِالِانْتِهَاءِ، وَأَمَّا الْقَوَدُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ مِنْ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ إلَى الزُّهُوقِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّهُ إذَا (جَرَحَ) إنْسَانٌ (حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ) أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ آمَنَ الْحَرْبِيُّ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ بَعْدَ الْجُرْحِ (ثُمَّ مَاتَ) أَحَدُهُمْ (بِالْجُرْحِ فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةَ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مُهْدَرٌ عِنْدَهَا وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ قَاتِلَ الْمُرْتَدِّ قَدْ يُقْتَلُ بِهِ وَمِمَّا يَأْتِي أَنَّ عَلَى قَاتِلِ عَبْدِهِ كَفَّارَةً دُونَ قَاتِلِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ لِإِهْدَارِهِ عِنْدَ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ (وَقِيلَ تَجِبُ دِيَةٌ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ اعْتِبَارًا بِالِانْتِهَاءِ (وَلَوْ رَمَاهُمَا) أَيْ الْحَرْبِيَّ أَوْ الْمُرْتَدَّ وَجُعِلَا قِسْمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا وَالْعَبْدَ (فَأَسْلَمَ) أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ (وَعَتَقَ) الثَّالِثُ قَبْلَ إصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ مَاتَا بِهَا (فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ وَالْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ وَلِكَوْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُهْدَرَيْنِ وَالثَّالِثِ مَعْصُومًا حَسُنَتْ تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِأَوْ؛ لِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ كَمَا فِي {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ لَا الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي تَسَبَّبَ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مُهْدَرًا عِنْدَ الْحَفْرِ مَعْصُومًا عِنْدَ التَّرَدِّي وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا ثُمَّ عُصِمَ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ ضَمِنَهُ بِالْمَالِ دُونَ الْقَوَدِ عَلَى مَا يَأْتِي.
(تَنْبِيهٌ) عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ هُنَا وَمِمَّا سَبَقَ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ أَمْرَانِ لَا يُسْلَمَانِ مِنْ إشْكَالٍ فَلِنُقْرِرْهُمَا مُتَعَرِّضِينَ لِجَوَابِهِمَا
أَحَدُهُمَا أَنَّ تَكْلِيفَ الْقَاتِلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ حَالَ الْقَتْلِ أَيْ الْإِصَابَةِ وَأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِحَالِهِ عَنْ مُقَدِّمَةِ الْقَتْلِ كَالرَّمْيِ وَلَا بَعْدَهُ وَخَالَفُوا هَذَا فِي الشَّرْطِ الْآخَرِ وَهُوَ الْتِزَامُهُ الْأَحْكَامَ فَحَكَوْا فِيهِ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ أَحَدَهُمَا اعْتِبَارُهُ حَتَّى عِنْدَ الْمُقَدِّمَةِ فَلَوْ عُصِمَ عِنْدَهَا وَحَارَبَ عِنْدَ الْإِصَابَةِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا قَوَدَ وَالثَّانِيَ اعْتِبَارُهُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ لَا غَيْرُ كَسَابِقِهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ وَكَأَنَّهُ لَمَحَ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْتِزَامَهُ عِنْدَ الْمُقَدِّمَةِ لَا يُوجَدُ ضِدُّهُ إلَّا بِتَقْصِيرٍ بِأَنْ يُحَارَبَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الطُّرُوَّ بِخِلَافِ التَّكْلِيفِ فَإِنَّ انْتِفَاءَهُ إنْ وُجِدَ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ فِي الْأَغْلَبِ فَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ حِينَئِذٍ إذَا انْتَفَى عِنْدَ الْإِصَابَةِ هَذَا غَايَةُ مَا يُتَمَحَّلُ بِهِ لِلْفَرْقِ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْجَامِعَ بَيْنَهُمَا أَوْضَحُ إذْ كُلٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الصَّيْرُورَةُ مِنْ أَهْلِ الْمُؤَاخَذَةِ فَكَمَا
النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ الْجَانِي كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: بِحُرِّيَّةٍ إلَخْ) صِلَةُ تَغَيُّرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِقَدْرٍ) عُطِفَ عَلَى بِحُرِّيَّةٍ (قَوْلُهُ: قَاعِدَةً) الْمُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ: لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ إلَخْ فَيُزَادُ فِي الْقَاعِدَةِ وَكُلُّ جَرْحٍ وَقَعَ مَضْمُونًا لَا يَنْقَلِبُ غَيْرَ مَضْمُونٍ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش أَيْ كَمَا زَادَهُ الْمُغْنِي بِقَوْلِهِ وَمَا كَانَ مَضْمُونًا فِي أَوَّلِهِ فَقَطْ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ وَيَجِبُ ضَمَانُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْعِصْمَةُ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ أَوَّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِنْ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إلَى الزُّهُوقِ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ أَوْ عَتَقَ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ عَلَى كُفْرِهِ أَوْ رَقِّهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ لِوُجُودِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ فَقَطْ فَلَوْ عَبَّرَ هُنَا بِقَوْلِهِ مِنْ أَوَّلِ الْفِعْلِ إلَى انْتِهَائِهِ لَوَافَقَ مَا مَرَّ ع ش وَرَشِيدِيٌّ أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْسَانٌ) أَيْ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ بِالْجُرْحِ) أَيْ بِسِرَايَتِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ (قَوْلُهُ: قَدْ يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُرْتَدًّا مِثْلَهُ لِوُجُودِ الْمُكَافَأَةِ ع ش وَسَمِّ (قَوْلُهُ: أَحَدُ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَقَوْلُهُ لِإِهْدَارِهِ أَيْ الْأَحَدِ ع ش (قَوْلُهُ: وَجُعِلَا) أَيْ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ) عُطِفَ عَلَى الْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ الْأَوَّلَيْنِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَسُنَتْ (قَوْلُهُ: تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ) أَيْ فِي رَمَاهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا إلَخْ) أَيْ الْمُهْدَرَ وَالْمَعْصُومَ عِلَّةٌ لِعِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} [النساء: 135] أَيْ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَأُجِيبَ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهَا إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ يَكُنْ فَقِيرًا فَالضَّمِيرُ فِي بِهِمَا رَاجِعٌ لِمَعْمُولِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لَا لَهُمَا ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَيْ أَوْ حُرٍّ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَا الرَّمْيِ) عُطِفَ عَلَى الْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَ مُهْدَرًا إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَهُنَاكَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ السَّبَبِ مُهْدَرًا مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مَعْصُومًا عِنْدَ التَّرَدِّي) أَيْ فَإِنَّهُ يَجِبُ هُنَا الدِّيَةُ دُونَ الْقِصَاصِ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ كُلَّ جَرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُصِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَارِحُ أَوْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عُصِمَ) أَيْ الْحَرْبِيُّ هَذِهِ لَمْ تَشْمَلْهَا الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ وَقَاعِدَةُ هَذِهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْجُرْحِ إلَى الزُّهُوقِ مَضْمُونٌ تَجِبُ فِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةٌ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: فَلْنُقْرِرْهُمَا) أَيْ الْأَمْرَيْنِ وَقَوْلُهُ لِجَوَابِهِمَا أَيْ إشْكَالَيْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ حَالِ الْإِصَابَةِ فَقَطْ فِي شَرْطِ تَكْلِيفِ الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ الْآخَرُ الْتِزَامُهُ أَيْ الْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُهُ) أَيْ الْتِزَامُ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: كَسَابِقِهِ) وَهُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ: فِي الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ شَرْطِ التَّكْلِيفِ وَشَرْطِ الِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْتِزَامَهُ) أَيْ إلَى أَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الثَّانِي) أَيْ اعْتِبَارُ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُمَا) أَيْ التَّكْلِيفِ وَالِالْتِزَامِ وَقَوْلُهُ إذْ كُلٌّ أَيْ مِنْ التَّكْلِيفِ وَالِالْتِزَامِ
(قَوْلُهُ: قَدْ يُقْتَلُ بِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا (قَوْلُهُ مَعْصُومًا عِنْدَ التَّرَدِّي) فَإِنَّهُ تَجِبُ فِي هَذَا الدِّيَةُ دُونَ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَهُ) هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْإِصَابَةَ هُنَا حَصَلَتْ بَعْدَ كَوْنِ الرَّامِي مُلْتَزِمًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِهَا ثُمَّ
ثَمَّ
اُعْتُبِرَ التَّكْلِيفُ عِنْدَ الْإِصَابَةِ لَا غَيْرُ فَكَذَا الِالْتِزَامُ
ثَانِيَهُمَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْجَانِي لَا يَرْفَعُهُ طُرُوُّ ضِدِّهِ بَعْدَ الْإِصَابَةِ بِخِلَافِ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْعِصْمَةِ وَالْمُكَافَأَةِ وَكَانَ سِرُّ ذَلِكَ أَنَّ نَقْصَ الْجَانِي أَوْ كَمَالَهُ الطَّارِئَ لَا يَمْنَعُ قَتْلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ قَتْلِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ نَقْصِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ مَتَى وَقَعَ أَثَّرَ فِي مُسَاوَاتِهِ لِلْجَانِي فَأَثَّرَ طُرُوُّهُ فَلِإِلْغَاءِ النَّظَرِ الْأَوَّلِ لَمْ يُنْظَرْ لِطُرُوِّهِ بِخِلَافِ الثَّانِي هَذَا وَقَوْلُهُمْ فِي التَّكْلِيفِ عِنْدَ الْقَتْلِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي السَّبَبِ وَالْمُبَاشَرَةِ الْحِسِّيَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا أَجْزَاءٌ مُتَمَايِزَةٌ أَمَّا نَحْوُ التَّجْوِيعِ وَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالسِّحْرِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ الْمُقَارَنَةُ مِنْ أَوَّلِ التَّجْوِيعِ إلَى الزُّهُوقِ وَالشَّهَادَةُ إلَى تَمَامِ الْحُجَّةِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُكَلَّفٌ ثُمَّ الْآخَرُ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَا قَوَدَ أَوْ يُعْتَبَرُ التَّكْلِيفُ عِنْدَ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَالْأُولَى تُعْطَى حُكْمُ الْمُقَدِّمَةِ وَمِنْ أَوَّلِ عَمَلِ السِّحْرِ إلَى الْمَوْتِ بِهِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ إعْطَاءً لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى ذَلِكَ حُكْمُ الْمُقَدِّمَةِ لِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَشَارَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كَسَابِقِهِ
(وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ) مُرْتَدًّا (فَالنَّفْسُ) بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَارِحِ الْمُرْتَدِّ (هَدَرٌ) فَلَا شَيْءَ فِيهَا (وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ) الَّذِي فِيهِ قِصَاصٌ كَالْمُوضِحَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِمَا حَدَثَ بَعْدُ ثُمَّ هَذَا الْقِصَاصُ (يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ) أَوْ مُعْتَقُهُ الَّذِي يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ (الْمُسْلِمُ) الْكَامِلُ وَإِلَّا فَحَتَّى يَكْمُلَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّشَفِّي وَهُوَ لِلْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ وَلَا مُعْتَقٌ اسْتَوْفَاهُ الْإِمَامُ (وَقِيلَ) لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا (الْإِمَامُ) لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمُرْتَدِّ (فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا) لَا قَوَدًا كَجَائِفَةٍ (وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٌ) لِلنَّفْسِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ وَالرِّدَّةُ إنَّمَا تَسْقُطُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا لَا مَا يَسْتَقِرُّ قَبْلَهَا وَهُوَ فَيْءٌ لَا شَيْءَ لِقَرِيبِهِ فِيهِ (وَقِيلَ) الْوَاجِبُ (أَرْشُهُ) أَيْ الْجُرْحِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ زَادَ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْدَرِجُ فِي نَفْسٍ تَضْمَنُ (وَقِيلَ هَدَرٌ) لَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا سَرَى صَارَ تَابِعًا لِلنَّفْسِ.
(وَلَوْ ارْتَدَّ) الْمَجْرُوحُ (ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) لِتَخَلُّلِ الْمُهْدَرِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَوَدِ (وَقِيلَ إنَّ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ) أَيْ زَمَنُهَا بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِلسِّرَايَةِ أَثَرٌ فِيهِ (وَجَبَ) الْقَوَدُ لِانْتِفَاءِ تَأْثِيرِ السِّرَايَةِ فِيهَا (وَ) عَلَى الْأَوَّلِ (تَجِبُ الدِّيَةُ) كَامِلَةً مُغَلَّظَةً حَالَّةً فِي مَالِهِ لِوُجُودِ الْعِصْمَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ وَالْمَوْتِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهَا) تَوْزِيعًا عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ.
(وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ) بَعْدَ الْإِصَابَةِ (أَوْ حُرٌّ عَبْدًا فَعَتَقَ) بَعْدَهَا (وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ (وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ) أَوْ حُرٍّ مُغَلَّظَةً حَالَّةً فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ أَوَّلًا وَانْتِهَاءً فَاعْتُبِرَ الِانْتِهَاءُ
قَوْلُهُ: عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ سِرُّ ذَلِكَ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّقْصَ أَوْ الْكَمَالَ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ طُرُوُّ نَقْصِ الْجَانِي أَوْ كَمَالُهُ (قَوْلُهُ: فَأَثَّرَ طُرُوُّهُ) أَيْ نَقْصُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ النَّظَرِ الْأَوَّلِ) يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ نَقْصُ الْجَانِي أَوْ كَمَالُهُ أَثَّرَ فِي مُسَاوَاتِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لِطُرُوِّهِ أَيْ نَقْصِ الْجَانِي أَوْ كَمَالِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِي) أَيْ مَتَى وَقَعَ نَقْصُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَثَّرَ فِي مُسَاوَاتِهِ لِلْجَانِي (قَوْلُهُ: فِي التَّكْلِيفِ) صِلَةُ قَوْلِهِمْ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْقَتْلِ مَقُولُهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ التَّجْوِيعِ) أَيْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْعُرْفِيَّةِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَيْ مِنْ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ وَالسِّحْرِ أَيْ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ الْعُرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةِ) عُطِفَ عَلَى التَّجْوِيعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ الشَّاهِدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ أَوَّلِ عَمَلِ السَّحَرِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ أَوَّلِ التَّجْوِيعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَسَابِقِهِ) أَيْ مِنْ الْإِشْكَالَيْنِ وَجَوَابِهِمَا.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ إلَخْ) أَيْ طَرَأَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْجُرْحِ فَلَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ فَلَا ضَمَانَ بِاتِّفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَ جَنَى عَلَيْهِ كَانَ مُرْتَدًّا وَاحْتُرِزَ بِالسِّرَايَةِ عَمَّا لَوْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَانْدَمَلَتْ يَدُهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مُرْتَدًّا) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَارِحِ الْمُرْتَدِّ) أَمَّا إذَا كَانَ جَارِحُهُ مُرْتَدًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا مَرَّ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ إلَخْ) أَيْ لَا قَوَدَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْجَارِحُ الْإِمَامَ أَمْ غَيْرَهُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَرِيبِ وَالْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَحَتَّى يَكْمُلَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَرِيبُ الْمُسْلِمُ نَاقِصًا فَيُنْتَظَرُ إلَى كَمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْقَرِيبِ إلَخْ) فَلَوْ عَفَا وَارِثُهُ عَنْ قِصَاصِ الْجُرْحِ عَلَى مَالٍ صَحَّ وَكَانَ الْمَالُ الْوَاجِبُ فَيْئًا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ ع ش وَمُغْنِي.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا) أَيْ، وَلَوْ بِالْعَفْوِ أَوْ كَانَ خَطَأً مَثَلًا رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ) فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ كَجَائِفَةٍ لَمْ يَزِدْ بِالسِّرَايَةِ فِي الرِّدَّةِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ دِيَةُ النَّفْسِ أَقَلَّ كَأَنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُسْلِمًا بِالسِّرَايَةِ لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَهَاهُنَا أَوْلَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَهُوَ فَيْءٌ) وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ع ش (قَوْلُهُ: صَارَ تَابِعًا لِلنَّفْسِ) أَيْ وَالنَّفْسُ مُهْدَرَةٌ فَكَذَا مَا يَتْبَعُهَا مُغْنِي
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْمُكَافَأَةِ فِي حَالَتَيْ الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَبِهِ أَفْتَى م ر سم وَجَرَى عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَأَقَرَّهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِصَابَةِ) اُنْظُرْ مَا مُحْتَرَزُهُ وَقَضِيَّةُ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبْلِ الْإِصَابَةِ وَبَعْدَ الرَّمْيِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِالسِّرَايَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ انْدَمَلَ الْجُرْحُ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا لَزِمَهُ كَمَالُ قِيمَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعِتْقُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَمْ بَعْدَهُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ) الْأَوْلَى الْوَاوُ بَدَلَ
قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا إلَخْ) هَلَّا زَادَ أَوْ قَوَدًا لَكِنْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ كَالْجَائِفَةِ أَوْ عُفِيَ بِمَالٍ وَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَدِيَةِ النَّفْسِ وَيَكُونُ فَيْئًا اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَعْنَى فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ كَمَا فِي الْعَفْوِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَيَقِّنُ) مَا مَعْنَاهُ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ أَسْلَمَ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَا مَعًا وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ
لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ فَنَظَرَ فِيهِ لِحَالَةِ التَّلَفِ وَفَارَقَ التَّغْلِيظُ هُنَا عَدَمَهُ فِيمَا مَرَّ بِأَنَّهُ هُنَا تَعَمَّدَ رَمْيَ مَعْصُومٍ وَثَمَّ تَعَمَّدَ رَمْيَ مُهْدَرٍ فَطَرَأَتْ عِصْمَتُهُ فَنَزَّلُوا طُرُوَّهَا مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ (وَهِيَ) فِي الْأَخِيرَةِ (لِسَيِّدِ الْعَبْدِ) سَاوَتْ قِيمَتَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ أَوْ نَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ نَعَمْ لِلْجَانِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِ قِيمَةِ الْإِبِلِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِهَا لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي قِيمَتِهَا وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ إلَّا بِالْإِبِلِ نَفْسِهَا (فَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ وَيَتَعَيَّنُ حَقُّهُمْ فِي الْإِبِلِ (وَ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَرْحِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ هُوَ.
فَحِينَئِذٍ (لَوْ قَطَعَ) الْحَرُّ (يَدَ عَبْدٍ) أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ (فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ) وَأَوْجَبْنَا كَمَالَ الدِّيَةِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ (فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ) فِي نَفْسِهِ (وَنِصْفُ قِيمَتِهِ) الَّذِي هُوَ أَرْشُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ وَالسِّرَايَةُ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدِّيَةَ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهُ أَوْ أَرْشَ الْجُرْحِ فَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِهِ وَالزَّائِدُ لِلْوَرَثَةِ وَذِكْرُهُ النِّصْفَ لِفَرْضِهِ أَنَّ الْمَقْطُوعَ يَدٌ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِثَالٌ (وَفِي قَوْلٍ) الْوَاجِبُ لِلسَّيِّدِ (الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتِهِ) كُلِّهَا؛ لِأَنَّا نَظَرْنَا لِلسِّرَايَةِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ فَلْنَنْظُرْ إلَيْهَا فِي حَقِّ السَّيِّدِ حَتَّى يُقَدَّرَ مَوْتُهُ قِنًّا.
(وَلَوْ قَطَعَ) إنْسَانٌ (يَدَهُ فَعَتَقَ فَجَرَحَهُ آخَرَانِ) كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ الْأُخْرَى وَالْآخَرُ رِجْلَهُ (وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمْ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ حَالَ الْجِنَايَةِ (وَيَجِبُ عَلَى الْآخَرَيْنِ) قِصَاصُ الطَّرَفِ وَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُمَا كُفُؤَانِ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ إنْ وَجَبَتْ أَثْلَاثًا؛ لِأَنَّ جِنَايَاتِهِمْ صَارَتْ نَفْسًا بِالسِّرَايَةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُمْ وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيمَا عَلَى الْأَخِيرَيْنِ بَلْ فِيمَا عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى مِلْكِهِ فَلَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ وَجَرَحَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ سُدُسِ الدِّيَةِ تَوْزِيعًا لِثُلُثِهِ عَلَى جَرْحَيْهِ وَنِصْفِ الْقِيمَةِ
الْفَاءِ (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ بِقَوْلِهِ وَمَا ضَمِنَ فِيهِمَا إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ سم (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ بِسِرَايَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لِجُرْحِهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ سَاوَتْ قِيمَتَهُ) إلَى الْمُفَصَّلِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ وُجُودِهَا) أَيْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ) أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ مَحَلُّ كَوْنِ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ إنْ سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ مَنْهَجٍ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ وَالدِّيَةِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ قَطَعَ إلَخْ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ لِجُرْحِهِ أَرْشٌ كَأَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَرْشُ الْجُرْحِ) وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ يَدَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: إنْ وَجَبَتْ) كَأَنْ عَفَا الْوَارِثُ عَنْ الْآخَرِينَ أَوْ كَأَنْ قَطَعَهُمَا خَطَأً (قَوْلُهُ: نَفْسًا) أَيْ جِنَايَةَ نَفْسٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ: فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جُرِحَ جِرَاحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا فِي الرِّقِّ وَالْأُخْرَى فِي الْحُرِّيَّةِ وَالدِّيَةُ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الرِّقِّ وَالْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ جِرَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّيِّدُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَدَلُ مَا وَقَعَ فِي الرِّقِّ وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِثُلُثِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَنِصْفِ الْقِيمَةِ) عُطِفَ عَلَى سُدُسِ الدِّيَةِ.
(فَرْعٌ)
لَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ فَحَزَّ آخَرُ رَقَبَتَهُ بَطَلَتْ السِّرَايَةُ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ وَإِنْ قَطَعَ الثَّانِي يَدَهُ الْأُخْرَى بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ حُزَّتْ رَقَبَتُهُ فَإِنَّ حَزَّهَا ثَالِثٌ بَطَلَتْ سِرَايَةُ الْقَطْعَيْنِ وَكَأَنَّهُمَا انْدَمَلَا فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ وَعَلَى الثَّانِي الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلْوَارِثِ وَعَلَى الثَّالِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ وَإِنْ حَزَّهُ الْقَاطِعُ أَوَّلًا قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ فَإِنْ قُتِلَ بِهِ سَقَطَ حَقُّ السَّيِّدِ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ الْوَارِثُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ مِنْهَا الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَنِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ حَزَّهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ وَقِصَاصُ النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِلْوَارِثِ وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ حَزَّهُ الثَّانِي قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً أَوْ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ فِي الْيَدِ وَالنَّفْسِ أَوْ يَأْخُذَ بَدَلَهُمَا أَوْ بَدَلَ أَحَدِهِمَا وَقِصَاصَ الْآخَرِ وَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلسَّيِّدِ بِكُلِّ حَالٍ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى.
بِالسِّرَايَةِ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْمُكَافَأَةِ فِي حَالَتَيْ الْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ وَبِهِ أَفْتَى م ر.
(قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُعْتُبِرَ هُوَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ وَالدِّيَةِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَطَعَ إلَخْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَعَتَقَ فَجَرَحَهُ آخَرَانِ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ فَرْعٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ آخَرُ الْأُخْرَى قُطِعَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ حُرًّا بَلْ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا قُتِلَ الثَّانِي وَلَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا يَعْنِي نِصْفَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِنْ عُفِيَ أَيْ عَنْ الثَّانِي فَعَلَيْهِمَا أَيْ الْقَاطِعَيْنِ الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا وَنِصْفِ الْقِيمَةِ إلَخْ اهـ وَقَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ، الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ غَيْرَهُ فَيَكُونُ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا فَيُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَلِلسَّيِّدِ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ إلَخْ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ وَجَرَحَهُ آخَرَانِ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَكُلِّ الْقِيمَةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ وَكُلِّ الْقِيمَةِ فِي الْعُبَابِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ قَطَعَ وَاحِدٌ يَدَيْهِ أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ رَقِيقًا ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرَانِ حُرًّا فَلِلْمُعْتِقِ الْأَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَكُلُّ الْقِيمَةِ رَقِيقًا فِي الْأُولَى أَوْ وَضِعْفُهَا فِي الثَّانِيَةِ نَقَلَهُ فِي تَجْرِيدِهِ عَنْ الرَّافِعِيِّ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ كُلَّ الْقِيمَةِ فَقَطْ فَلْيُرَاجَعْ