الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَوْ وَكَّلَ) آخَرَ فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدِهِ (ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا) بِعَفْوِهِ (فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ) إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ بِوَجْهٍ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي قَتْلِ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا فَبَانَ مُسْلِمًا أَمَّا إذَا عَلِمَ بِالْعَفْوِ فَيُقْتَلُ قَطْعًا، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا الظَّنُّ كَأَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ، أَوْ غَيْرُهُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ دَرْءًا لِلْقَوَدِ بِالشُّبْهَةِ مَا أَمْكَنَ وَيُقْتَلُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ صَرَفَ الْقَتْلَ عَنْ مُوَكِّلِهِ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ قَتَلْتُهُ بِشَهْوَةِ نَفْسِي لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَوَكِيلِ الطَّلَاقِ إذَا أَوْقَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بِأَنَّ ذَاكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الصَّرْفُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا فَأَثَّرَ وَيَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِ ذَيْنِك أَعْنِي بِشَهْوَتِي وَلَا عَنْ مُوَكِّلِي، وَعَلَيْهِ لَوْ شَرَّك بِأَنْ قَالَ بِشَهْوَتِي وَعَنْ مُوَكِّلِي اُحْتُمِلَ أَنْ لَا قَوَدَ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ عَلَى الْمُقْتَضِي وَدَرْءًا بِالشُّبْهَةِ (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَثَبُّتِهِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَيَجِبُ كَوْنَهَا مُغَلَّظَةً لِتَعَمُّدِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ لِعُذْرِهِ (وَ) مِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَظْهَرُ أَيْضًا (أَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الْغَارِمُ لِلدِّيَةِ (لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي) ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْعَفْوِ مَا لَمْ يُنْسَبْ لِتَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّرَهُ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْمَغْرُورِ وَآكِلِ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ ضِيَافَةً لِانْتِفَاعِهِمَا بِالْوَطْءِ وَالْأَكْلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الدِّيَةِ إذَا كَانَ بِمَسَافَةٍ يَتَأَتَّى إعْلَامُهُ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ وَالْعَفْوُ بَاطِلٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ قَدْ يُرْشِدُ لِهَذَا. اهـ.
وَقَدْ يُوَجَّهُ إطْلَاقُهُمْ بِالتَّغْلِيظِ عَلَى الْوَكِيلِ تَنْفِيرًا عَنْ الْوَكَالَةِ فِي الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الدَّرْءِ مَا أَمْكَنَ.
(وَلَوْ وَجَبَ) لِرَجُلٍ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (قِصَاصٌ فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ جَازَ) النِّكَاحُ، وَهُوَ وَاضِحٌ وَالصَّدَاقُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ عَنْهُ صَحَّ جَعْلُهُ صَدَاقًا (وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ لِمِلْكِهَا لَهُ (فَإِنْ فَارَقَ) هَا (قَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ) لِتِلْكَ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ الْبَدَلُ لَمَّا وَقَعَ الْعَقْدُ بِهِ (وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْبَدَلُ لِلْبُضْعِ
[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
ذَكَرَهَا عَقِبَ الْقَوَدِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ وَجَمَعَهَا بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا الْآتِيَةِ، وَهَاءُ الدِّيَةِ وَهِيَ شَرْعًا مَالٌ وَجَبَ عَلَى حُرٍّ بِجِنَايَةٍ فِي نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا، عِوَضٌ عَنْ فَائِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَدْيِ، وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ (فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) الذَّكَرِ الْمَعْصُومِ غَيْرِ الْجَنِينِ إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ (مِائَةُ بَعِيرٍ) إجْمَاعًا سَوَاءٌ أَوَجَبَتْ بِالْعَفْوِ، أَوْ ابْتِدَاءً كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ أَمَّا الرَّقِيقُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالْجَنِينُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِمْ
قَوْلُ الْمَتْنِ، وَلَوْ وَكَّلَ ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ إلَخْ) وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ ثُمَّ اقْتَصَّ الْوَكِيلُ بَعْدَ عَزْلِهِ جَاهِلًا بِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَظْهَرُ إلَى وَيُقْتَلُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَا يَرْجِعُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ وَوَقَعَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ صَدَّقَهُ) أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) فِي الْفَرْقِ تَحَكُّمٌ سم عَلَى حَجّ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَمَا يُمْكِنُ صَرْفُ الْقَتْلِ عَنْ كَوْنِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِعَدَاوَةٍ مَثَلًا يُمْكِنُ صَرْفُ الطَّلَاقِ عَنْ الْمُوَكَّلِ لِسَبَبٍ يَقْتَضِي عَدَمَ إرَادَةِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُوَكِّلِ فَيَصْرِفُهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَلْغُوَ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْ الْوَكِيلِ، وَلَا بُدَّ وَبِالصَّرْفِ فَأَتَتْ نِسْبَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَقَامَتْ بِالْوَكِيلِ وَأَمَّا الصَّرْفُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَوْ اُعْتُبِرَ كَانَ الطَّلَاقُ لَغْوًا مَعَ صَرَاحَةِ صِيغَتِهِ وَكَوْنِهِ لَغْوًا مَمْنُوعٌ مَعَ الصَّرَاحَةِ فَتَعَذَّرَ الصَّرْفُ ع ش وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ وَكِيلَ الْقَتْلِ مُقِرٌّ بِمَا يَضُرُّهُ فَعَمَلَ بِهِ بِخِلَافِ وَكِيلِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَقُلْنَا بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَقَعُ) بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ بِأَنَّ ذَاكَ) أَيْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الصَّرْفُ) أَيْ عَنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي مَلْحَظِ الْفَرْقِ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الِاكْتِفَاءِ (قَوْلُهُ اُحْتُمِلَ أَنْ لَا قَوَدَ) مُعْتَمَدٌ ع ش (قَوْلُهُ وَدُرِئَ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ وَتَجِبُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ ع ش (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ تَقْصِيرٌ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ التَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ مَعَ التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يُقَالُ التَّقْصِيرُ لِلتَّغْلِيظِ لَا لِأَصْلِ الضَّمَانِ ع ش.
(قَوْلُهُ لِعُذْرِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ) أَيْ {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] مُغْنِي (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْسَبْ إلَخْ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَإِنْ تَمَكَّنَ الْمُوَكِّلُ مِنْ إعْلَامِهِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ سم (قَوْلُهُ وَقَدْ يُوَجَّهُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ عَدَمَ الرُّجُوعِ سَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُوَكِّلُ إعْلَامَ الْوَكِيلِ بِالْعَفْوِ أَمْ لَا مُغْنِي
(كِتَابُ الدِّيَاتِ)
(قَوْلُهُ ذَكَرَهَا) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا الْقِنُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُوَجَّهُ إلَى وَأَمَّا الْمُهْدَرُ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِاعْتِبَارِ الْأَشْخَاصِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَهَاءُ الدِّيَةِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ عِوَضٌ وَمَا بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) يَشْمَلُ مَا لَا مُقَدَّرَ لَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ رَشِيدِيٌّ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الْمُغْنِي وَتَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ لِبَيَانِ الْحُكُومَةِ وَضَمَانِ الرَّقِيقِ وَبَدَأَ بِالدِّيَةِ؛ لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ لَهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْوَدْيِ) كَالْعِدَةِ مِنْ الْوَعْدِ مُغْنِي (قَوْلُهُ كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْوَالِدِ الْأَبَ فَنَحْوُهُ الْأُمُّ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ رَشِيدِيٌّ، وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ كَقَتْلِ نَحْوِ الْوَالِدِ وَالْمُسْلِمِ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ أَمَّا الرَّقِيقُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ (قَوْلُهُ فَسَيَأْتِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَعْرِضُ لِلدِّيَةِ مَا يُغَلِّظُهَا، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ خَمْسَةٍ: كَوْنُ الْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَفِي الْحَرَمِ، أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَقَدْ يَعْرِضُ
وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا إلَخْ) فِي الْفَرْقِ تَحَكُّمٌ (قَوْلُهُ تَقْصِيرٌ مِنْهُ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِ التَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ مَعَ التَّقْصِيرِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُنْسَبْ لِتَقْصِيرٍ فِي الْإِعْلَامِ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ م ر.
(كِتَابُ الدِّيَاتِ)(قَوْلُهُ الْمَعْصُومُ) خَرَجَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ
نَعَمْ الدِّيَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالْفَضَائِلِ بِخِلَافِ قِيمَةِ الْقِنِّ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ تِلْكَ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ اعْتِنَاءً بِهَا لِشَرَفِ الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِأَعْيَانِ مَنْ تَجِبُ فِيهِ وَإِلَّا لَسَاوَتْ الرِّقَّ وَهَذِهِ لَمْ يُحَدِّدْهَا فَنِيطَتْ بِالْأَعْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُ كُلًّا مِنْهَا وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَصَائِلٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ قِنًّا لِغَيْرِ الْقَتِيلِ، أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَوْ لَهُ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْقِنِّ وَالدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي، أَوْ مُبَعَّضًا وَبَعْضُهُ الْقِنُّ مِلْكٌ لِغَيْرِ الْقَتِيلِ فَالْوَاجِبُ مُقَابِلُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الدِّيَةِ وَالرِّقِّ مِنْ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ أَمَّا الْقِنُّ لِلْقَتِيلِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى قِنِّهِ شَيْءٌ (مُثَلَّثَةٌ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِهَا عَدَدًا (فِي الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةٌ) وَمَرَّ تَفْسِيرُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةٌ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَبِالْفَاءِ (أَيْ حَامِلًا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ فَهِيَ مُغَلَّظَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَمِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي دُونَ عَاقِلَتِهِ وَحَالَّةً لَا مُؤَجَّلَةً.
(وَمُخَمَّسَةً فِي الْخَطَأِ عِشْرُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ) عِشْرُونَ (وَبَنُو لَبُونٍ) كَذَلِكَ وَمَرَّ تَفْسِيرُهَا ثَمَّ أَيْضًا (وَحِقَاقٌ) إنَاثٌ كَذَلِكَ (وَجِذَاعٌ) إنَاثٌ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ إذْ الْحِقَاقُ تَشْمَلُهُمَا وَالْجِذَاعُ تَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعُ جَذَعٍ لَا جَذَعَةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ شَارِحٍ وَذَلِكَ لِحَدِيثٍ رَوَاهُ جَمْعٌ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ وَفِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عِشْرُونَ ابْنِ مَخَاضٍ بَدَلَ بَنِي اللَّبُونِ وَاخْتِيرَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ وَهَذِهِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَخْمِيسُهَا وَتَأْجِيلُهَا وَكَوْنُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ (فَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) حَالَ كَوْنِ الْقَاتِلِ، أَوْ الْمَقْتُولِ، وَلَوْ ذِمِّيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ وَكَوْنُهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَلْحَظَ التَّغْلِيظِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ مَعَ عِصْمَةِ الْمَقْتُولِ لَا غَيْرُ وَمِنْ ثَمَّ رَدُّوا عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى الْجَنِينَ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ (فِي حَرَمِ مَكَّةَ)
وَإِنْ خَرَجَ الْمَجْرُوحُ فِيهِ مِنْهُ وَمَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ وَمِنْ ثَمَّ يَتَأَتَّى هُنَا كُلُّ مَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ
لَهَا مَا يُنْقِصُهَا وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ: الْأُنُوثَةُ وَالرِّقُّ وَقَتْلُ الْجَنِينِ وَالْكُفْرِ فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهَا إلَى الشَّطْرِ وَالثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ وَالثَّالِثُ إلَى الْغُرَّةِ وَالرَّابِعُ إلَى الثُّلُثِ، أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَكَوْنُ الثَّانِي أَنْقَصَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ الْقِيمَةُ عَلَى الدِّيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ الدِّيَةُ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ الِاسْتِدْرَاكِ رَشِيدِيٌّ (أَقُولُ) وَجْهُهُ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ فَسَيَأْتِي إلَخْ مِنْ الِاخْتِلَافِ بِالْأَدْيَانِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (قَوْلُهُ بِالْفَضَائِلِ) أَيْ وَالرَّذَائِلِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ سم (قَوْلُهُ لَسَاوَتْ) أَيْ الْحُرِّيَّةُ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ كُلًّا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَعْيَانِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُهْدَرُ) مُحْتَرَزُ الْمَعْصُومِ (قَوْلُهُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مِثْلَهُ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَخْرَجَ الصَّائِلَ لَكِنْ تَدْخُلُهُ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَصَائِلٍ إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَتَلَهُمْ مِثْلُهُمْ لَكِنْ مَرَّ فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا صَدَرَ مِنْ حُرٍّ (قَوْلُهُ خَلِفَةٌ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ إلَخْ) ، وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهَا وَهِيَ مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خَلِفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَابْنُ سَيِّدَهُ خَلِفَاتٌ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) أَيْ السِّنِّ مُغْنِي وَالْأَوْلَى أَيْ التَّثْلِيثُ (قَوْلُهُ وَحَالَّةٌ إلَخْ) أَيْ وَكَوْنُهَا حَالَّةً ع ش.
(قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ إلَخْ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمَتْنِ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبَّرَ بِلَفْظٍ يَخْتَصُّ بِالْإِنَاثِ وَمَا عَبَّرَ بِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْحِقَاقِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى الْإِنَاثِ كَالذُّكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْجِذَاعِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إلَّا لِلذُّكُورِ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الْمُخْتَارِ إطْلَاقَ الْجِذَاعِ عَلَى الْإِنَاثِ أَيْضًا. اهـ
نَعَمْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ فِيهِمَا بِلَفْظٍ خَاصٍّ بِالْإِنَاثِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِهِ ع ش قَوْلُهُ فَإِنَّ الْجِذَاعَ مُخْتَصَّةٌ إلَخْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْمُخْتَارِ الْجَذَعُ بِفَتْحَتَيْنِ الثَّنِيُّ وَالْجَمْعُ جِذْعَانٌ وَجِذَاعٌ بِالْكَسْرِ وَالْأُنْثَى جَذَعَةٌ وَالْجَمْعُ جَذَعَاتٌ وَجِذَاعٌ أَيْضًا. اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ الْحِقَاقُ إلَخْ) عِلَّةُ الْإِيهَامِ وَقَوْلُهُ تَشْمَلُهُمَا أَيْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) أَيْ دِيَةُ الْخَطَأِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ قُتِلَ خَطَأً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا إلَخْ) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا: وَلَا تَغْلِيظَ بِقَتْلِ الذِّمِّيِّ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ.
أَيْ بِأَنْ كَانَ الذِّمِّيُّ الْمَقْتُولُ فِيهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ لَا يُقِرُّ إلَخْ) رَدٌّ لِدَلِيلِ مُقَابِلِ الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى الْجَنِينَ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَرَجَبٌ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِخَرَجِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ الْمَجْرُوحُ فِي الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَمَاتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا جُرِحَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَبِهِ صَرَّحَ شَرْحُ الرَّوْضِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ إنْسَانًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَمَاتَ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْآتِي، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إلْحَاقُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِالْحَرَمِ فَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحَرَّرْ سم
قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ ذَلِكَ) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُهْدَرُ كَزَانٍ مُحْصَنٍ إلَخْ) فِي التَّصْحِيحِ لَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ بِقَتْلِ زَانٍ مُحْصَنٍ. اهـ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاتِلُ مِثْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَمْعُ جَذَعٍ لَا جَذَعَةٍ) بَلْ جَمْعُهَا جَذَعَاتٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ ذِمِّيًّا عَلَى الْأَوْجَهِ) خُولِفَ م ر (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْبَغَوِيِّ) أَيْ وَخِلَافًا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ التَّغْلِيظِ إلَخْ) ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ التَّغْلِيظِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَرَمِ ذِمِّيًّا لِتَعَدِّيهِ بِدُخُولِهِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ ذِمِّيًّا وَظَاهِرُهُ التَّغْلِيظُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَرَمِ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ ذِمِّيًّا وَقَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ بِدُخُولِهِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ فِي كَنْزِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ فَهَلْ يُغَلَّظُ بِهِ، أَوْ يُقَالُ هُوَ نَادِرٌ الْأَوْجَهُ الثَّانِي اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ بِأَنْ دَخَلَ الْمَجْرُوحُ
فَلَوْ رَمَى مَنْ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ، وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إنْسَانًا فِيهِ فَمَرَّ السَّهْمُ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ غُلِّظَا (أَوْ) قُتِلَ (فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمُ) خَصُّوهُ بِالتَّعْرِيفِ إشْعَارًا بِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ لَا لِلتَّعْرِيفِ فَالْمُرَادُ وَخَصُّوهُ بِأَلْ وَبِالْمُحَرَّمِ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا فَالتَّحْرِيمُ فِيهِ أَغْلَظُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْجَنَّةَ فِيهِ عَلَى إبْلِيسَ (وَرَجَبٍ) قِيلَ لَمْ يُعَذِّبْ اللَّهُ فِيهِ أُمَّةً وَرُدَّ بِأَنَّ جَمْعًا ذَكَرُوا أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ أُغْرِقُوا فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهَا مِنْ سَنَةٍ فَبَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ بَلْ صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِتَظَافُرِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا بَدَأَ بِالْقَعَدَةِ
وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَرَمِ اعْتِبَارُ الْجَرْحِ فِيهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ خَارِجَهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ (أَوْ) قَتَلَ (مُحْرِمًا ذَا رَحِمٍ) كَأُمٍّ وَأُخْتٍ (فَمُثَلَّثَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَقَرَّهُمْ الْبَاقُونَ وَلِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ زَجَرَ عَنْهَا بِالتَّغْلِيظِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَطْ بِخِلَافِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالْإِحْرَامِ وَرَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْحُرُمِ وَمُحَرَّمُ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَرْحَامِ كَبَنِي الْعَمِّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّوْقِيفِ مَعَ تَرَاخِي حُرْمَةِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَيُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ مَحْرَمٌ ذُو رَحِمٍ
وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى) إلَى قَوْلِهِ وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ كَذَا قِيلَ إلَى وَبِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَخْ) أَيْ رَمَى شَخْصٌ مِنْ الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِمَا) وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْأَوَّلِ وَلِوُقُوعِ الْحَجِّ فِي الثَّانِي مُغْنِي (قَوْلُهُ إشْعَارًا بِكَوْنِهِ إلَخْ) وَكَأَنَّهُ قِيلَ هَذَا الشَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ أَبَدًا أَوَّلَ السَّنَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا لِلتَّعْرِيفِ) أَيْ فَإِنَّ تَعْرِيفَهُ بِ الْعَلَمِيَّةِ لَا بِاللَّامِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِ الْقَائِلِ خَصُّوهُ بِالتَّعْرِيفِ خَصُّوهُ أَيْ اسْمَ هَذَا الشَّهْرِ بِأَلْ وَقَوْلُهُ وَبِالْمُحَرَّمِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى بِالتَّعْرِيفِ أَيْ سَمَّوْا هَذَا الشَّهْرَ بِالْمُحَرَّمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ بِالتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ) أَيْ قَبْلَ النَّسْخِ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهَا) أَيْ: الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا) لَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ مَنْ عَدَّهَا إلَخْ) وَهُمْ الْكُوفِيُّونَ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَذَا التَّرْتِيبُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَدِّ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَجَعْلِهَا مِنْ سَنَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِتَظَافُرِ الْأَحَادِيثِ) أَيْ تَتَابُعِهَا ع ش (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَأَنْ أَوَّلَهَا ذُو الْقَعْدَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَهَا أَيْ مُرَتَّبَةً فَعَلَى الْأَوَّلِ يُبْتَدَأُ بِذِي الْقَعْدَةِ وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُحَرَّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَدَأَ بِالْقَعْدَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَ الْبُدَاءَةَ بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ بَحْثًا رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي نَذْرَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ رَمَى فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَأَصَابَ فِي غَيْرِهِ أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ جَرَحَهُ فِيهَا وَمَاتَ فِي غَيْرِهَا، أَوْ عَكْسَهُ أَنْ تُغَلَّظَ الدِّيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ اهـ وَرَدَّهُ سم بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْإِرْشَادِ بِمَا نَصُّهُ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ كَلَامِ الْإِرْشَادِ عَدَمُ التَّثْلِيثِ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ خَارِجَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِيهَا وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ يُفِيدُ هَذَا الْمُتَّجَهَ الَّذِي قَالَهُ فَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقْفَةً؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِرْشَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّرِيحِ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بَحْثٌ أَنَّ الْإِصَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَالْمَوْتَ فِيهَا تَقْتَضِي التَّغْلِيظَ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ
(قَوْلُهُ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْخَطَأُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْجَنِينُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَغَالِبٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ (قَوْلُهُ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ) كَانَ يَنْبَغِي كَأَبٍ وَأَخٍ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي دِيَةِ الْكَامِلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ فَسَيَأْتِي رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُمْ الْبَاقُونَ) فَكَانَ إجْمَاعًا وَهَذَا لَا يُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلِعَظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَمَحْرَمٍ ذِي رَحِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) أَيْ التَّثْلِيثِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْحُرُمِ) أَيْ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ (قَوْلُهُ مَحْرَمٌ ذُو رَحِمٍ
فِي الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَمَاتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا جُرِحَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فَقَالَ فَرْعٌ لَوْ أَرْسَلْت كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْلِ الْكَلْبِ لَهُ إلَى الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ إنْسَانًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَمَاتَ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إلْحَاقُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ بِالْحَرَمِ فَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحْذَرْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ) اعْلَمْ أَنَّ فِي الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَمُثَلَّثَةٌ فِي حُرُمِ شُهُورٍ كَمَكَّةَ رَمْيًا، أَوْ إصَابَةً. اهـ وَهُوَ مُصَرِّحٌ بِالِاكْتِفَاءِ فِي التَّثْلِيثِ بِوُقُوعِ الرَّمْيِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِصَابَةُ وَالْمَوْتُ خَارِجَهَا وَبِوُقُوعِ الْإِصَابَةِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ الرَّمْيُ وَالْمَوْتُ خَارِجَهَا وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ التَّثْلِيثِ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ خَارِجَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِيهَا وَلِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ هَذَا الْمُتَّجَهُ الَّذِي قَالَهُ فَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّرِيحِ فِيهِ نَعَمْ قَدْ اعْتَرَضَهُ فِي شَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ وَسَلِمَتْ عِبَارَةُ أَصْلِهِ مِمَّا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ رَمْيًا، أَوْ إصَابَةً بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَيْضًا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ اخْتِصَاصِ
مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ بِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةٍ، أَوْ أُخْتَ رَضَاعٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ ضِدَّاهُ فَلَا يَزِيدُ وَاجِبُهُمَا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ اكْتِفَاءً بِمَا فِيهِمَا مِنْ التَّغْلِيظِ وَيَأْتِي التَّغْلِيظُ بِمَا ذُكِرَ وَالتَّخْفِيفُ فِي غَيْرِ النَّفْسِ الْكَامِلَةِ كَنَفْسِ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْجَنِينِ وَالْأَطْرَافِ وَالْمَعَانِي وَالْجِرَاحَاتُ بِحِسَابِهَا بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ (وَالْخَطَأُ، وَإِنْ تُثُلِّثَ) لِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَيْ دِيَتُهُ (فَعَلَى الْعَاقِلَةِ) أَتَى بِالْفَاءِ رِعَايَةً لِمَا فِي الْمُبْتَدَأِ مِنْ الْعُمُومِ الْمُشَابِهِ لِلشَّرْطِ (مُؤَجَّلَةً) لِمَا يَأْتِي فَغُلِّظَتْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَخُفِّفَتْ مِنْ وَجْهَيْنِ كَدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَالْعَمْدُ) أَيْ دِيَتُهُ (عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةً) ؛ لِأَنَّهَا قِيَاسُ بَدَلِ الْمُتْلَفَاتِ.
(وَشِبْهُ الْعَمْدِ) أَيْ دِيَتُهُ (مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ) لِمَا يَأْتِي فَهُوَ لِأَخْذِهِ شَبَهًا مِنْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُلْحَقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ وَيَجُوزُ فِي مُعَجَّلَةٍ وَمُؤَجَّلَةٍ الرَّفْعُ خَبَرًا وَالنَّصْبُ حَالًا (وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ) بِعَيْبِ الْبَيْعِ السَّابِقِ بَيَانُهُ فِيهِ (وَ) مِنْهُ (مَرِيضٌ) فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ الْجَانِي كُلُّهَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَطْلَقَهَا فَاقْتَضَتْ السَّلَامَةَ وَلِتَعَلُّقِهَا بِالذِّمَّةِ وَبِنَائِهَا لِكَوْنِهَا مَحْضَ حَقِّ آدَمِيٍّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ فَارَقَتْ مَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ (إلَّا بِرِضَاهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ الْأَهْلِ لِلتَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ) عِنْدَ إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ (بِأَهْلِ خِبْرَةٍ) أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهَا عِنْدَ الْمُسْتَحِقِّ وَقَدْ أَخَذَهَا بِقَوْلِهِمَا، أَوْ تَصْدِيقِهِ شَقَّ جَوْفِهَا فَإِنْ بَانَ عَدَمُ الْحَمْلِ غَرِمَهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا خَلِفَةً، وَلَوْ قَالَ الدَّافِعُ أَسْقَطَتْ عِنْدَك فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَحْتَمِلُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَإِنْ أُخِذَتْ مِنْهُ بِقَوْلِ الدَّافِعِ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ، أَوْ خَبِيرَيْنِ صُدِّقَ الدَّافِعُ.
(وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ) لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا وَإِنْ نَدَرَ فَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهَا (وَمَنْ لَزِمَتْهُ) الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَوْ الْجَانِي (وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا) أَيْ نَوْعِهَا إنْ اتَّحَدَ وَإِلَّا فَالْأَغْلَبُ فَلَا تَجِبُ عَيْنُهَا تُؤْخَذُ لَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ (وَقِيلَ) يَتَعَيَّنُ (مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ) ، أَوْ قَبِيلَتِهِ إذَا كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ هَذَا مَا جَرَيَا عَلَيْهِ هُنَا وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ، أَوْ الْأَكْثَرُونَ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَخْيِيرُهُ بَيْنَ إبِلِهِ أَيْ إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً وَغَالِبُ إبِلِ مَحَلِّهِ
مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ الرَّحِمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةُ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي يَنْبَغِي مِنْ حَيْثُ الرَّحِمِيَّةُ سم أَيْ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ أُخْتُ رَضَاعٍ) عَطْفٌ عَلَى أُمِّ زَوْجَةٍ (قَوْلُهُ ضِدَّاهُ) أَيْ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي التَّغْلِيظُ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَوْ كَانَا مُمَيِّزَيْنِ وَقَتَلَا فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَلِابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُغَلَّظُ عَلَيْهِمَا بِالتَّثْلِيثِ مُغْنِي وَتَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَالذِّمِّيُّ) أَيْ مُطْلَقًا عِنْدَ الشَّارِحِ وَفِي غَيْرِ الْحَرَمِ عِنْدَ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْجِرَاحَاتُ إلَخْ) أَيْ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَمَا نَقَلَهُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ رَشِيدِيٌّ وَقَالَ الْمُغْنِي وَلَا تَغْلِيظَ فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، وَلَا فِي الْحُكُومَاتِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ فَمِثْلُ نَفْسِهِ غَيْرُهَا ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قِيَاسُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْعَاقِلَةِ وَالتَّأْجِيلُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ فِي بَابٍ عَقِبَ هَذَا. اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَغَالِبٌ إلَخْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) غَايَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مَعِيبَةٌ (قَوْلُهُ أَطْلَقَهَا) أَيْ إبِلَ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَبِنَائِهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَعَلُّقِهَا وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهَا إلَخْ عِلَّةٌ مُقَدَّمَةٌ لِلْمُضَايَقَةِ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ حَمَلَ الْخَلِفَةَ (قَوْلُهُ أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ) ، وَإِنْ فُقِدُوا وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُوجَدُوا، أَوْ يَتَرَاضَى الْخَصْمَانِ عَلَى شَيْءٍ ع ش (قَوْلُهُ غُرْمُهَا) أَيْ قِيمَتُهَا ع ش (قَوْلُهُ رُدَّتْ) وَيُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا يَمِينٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إسْقَاطُهَا فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْإِسْقَاطَ يُمْكِنُ فِي أَقَلِّ زَمَنٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَابَ بِهَا عَنْ الْجَانِي وَالشُّهُودِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرُّوا مُتَلَازِمَيْنِ لَهَا ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ صُدِّقَ الدَّافِعُ) أَيْ بِيَمِينِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَدَرَ) أَيْ حَمْلُ النَّاقَةِ قَبْلَهَا مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَغْلَبُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ إبِلِهِ أَخَذَ مِنْ الْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَتْ فَمَا شَاءَ الدَّافِعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَجِبُ عَيْنُهَا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ نَوْعُهَا وَقَوْلُهُ تُؤْخَذُ مُتَعَلِّقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَمِنْهَا (قَوْلُهُ لَا مِنْ غَالِبِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مِنْهَا فِي الْمَتْنِ يَعْنِي لَا يَكْفِي مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ إنْ لَمْ تَكُنْ إبِلُهُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ) فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مِنْ الْغَالِبِ أُخِذَتْ مِنْهَا قَطْعًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ) أَيْ فَوَجَبَ فِيهَا الْبَدَلُ الْغَالِبُ مُغْنِي (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ تَعَيَّنَ نَوْعُ إبِلِهِ إذَا وُجِدَتْ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ) ، وَهُوَ أَوْجَهُ وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي مَنْهَجِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَخْيِيرُهُ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
ذَلِكَ بِالْحَرَمِ بِخِلَافِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ وَالزُّهُوقِ فِيهَا. اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَزْمَهُ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ اعْتِبَارُ الْفِعْلِ وَالزُّهُوقِ فِيهَا يُنَافِي قَوْلَهُ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ إذْ لَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا صَرَّحَ بِخِلَافِهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ هَذَا الْمَعْرُوفَ تَصْرِيحٌ بِخِلَافِ الْمُتَّجَهِ الَّذِي ذَكَرَهُ ثُمَّ يَنْبَغِي مُرَاجَعَةُ مَا قَالَهُ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فَإِنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا لَيْسَ فِيهَا مَا يُنَافِي مَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بَحْثٌ أَنَّ الْإِصَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَالْمَوْتَ فِيهَا يَقْتَضِي التَّغْلِيظَ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةُ) قَدْ يُقَالُ الَّذِي يَنْبَغِي مِنْ حَيْثُ الْمَحْرَمِيَّةُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ) أَيْ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّثْلِيثِ وَالتَّخْمِيسِ، وَأَنْ تَأْتِيَ فِيهَا التَّخْفِيفُ بِكَوْنِهَا تُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَهَلْ تُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلِ عِنْدَ فَقْدِ مَنْ يَعْقِلُ عَنْهُ رَاجِعْهُ مِنْ مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الدَّافِعُ أَسْقَطْت عِنْدَك فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَحْتَمِلُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ) فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا يَمِينٍ م ر ش.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَخْ) ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر ش
فَلَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ، وَإِنْ خَالَفَ نَوْعَ إبِلِهِ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهِ فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً تَعَيَّنَ الْغَالِبُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ نَصَّ الْأُمِّ تَعَيَّنَ نَوْعُهَا سَلِيمًا وَقَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ إبِلٌ (فَغَالِبِ) بِالْجَرِّ (إبِلِ بَلْدَةٍ) لِبَلَدِيٍّ وَيَصِحُّ بِالضَّمِيرِ أَيْ الْحَضَرِيِّ (أَوْ قَبِيلَةِ بَدْوِيٍّ) ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهَا مِنْ الْغَالِبِ، وَإِنْ لَزِمَتْ بَيْتَ الْمَالِ الَّذِي لَا إبِلَ فِيهِ فِيمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ سِوَاهُ وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ الْإِمَامَ دَفْعُهَا مِنْ غَالِبِ إبِلِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ ذَلِكَ هُوَ جِهَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ يَنْدَفِعُ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ تَعَيُّنُ الْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ الْأَغْلَبِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ بَلَدٍ بِعَيْنِهَا تَحَكُّمٌ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّهُ لَا تَعَذُّرَ، وَلَا تَحَكُّمَ فِيمَا ذَكَرَتْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ فِي مَحَلِّهِ نَوْعٌ تَخَيَّرَ فِي دَفْعِ مَا شَاءَ مِنْهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ فِي الْبَلَدِ، أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ (فَأَقْرَبِ) بِالْجَرِّ (بِلَادِ) ، أَوْ قَبَائِلَ إلَى مَحَلِّ الْمُؤَدِّي وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَسَهُلَ نَقْلُهَا فَإِنْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا فَالْقِيمَةُ
فَإِنْ اسْتَوَى فِي الْقُرْبِ مَحَالُّ وَاخْتَلَفَ إبِلُهَا تَخَيَّرَ الدَّافِعُ وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ الْبُعْدَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِأَنْ تَزِيدَ مُؤْنَةُ إحْضَارِهَا عَلَى قِيمَتِهَا فِي مَوْضِعِ الْعِزَّةِ كَذَا نَقَلَاهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُتَعَذِّرٌ فَتَعَيَّنَ إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى مُؤْنَةٍ لِيَسْتَقِيمَ الْمَعْنَى، وَلَوْ اخْتَلَفَ مَحَالُّ الْعَاقِلَةِ أُخِذَ وَاجِبُ كُلٍّ مِنْ غَالِبِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَشْقِيصٌ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا وَجَبَتْ وَمَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ الشِّجَاجِ فِيمَنْ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ بَلْ إنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْقِيمَةُ فَالنَّقْدُ، أَوْ الْأَرْشُ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالْإِبِلِ (وَلَا يَعْدِلُ) عَمَّا وَجَبَ مِنْ الْإِبِلِ (إلَى نَوْعٍ) ، وَلَوْ أَعْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمَا إلَّا بِتَرَاضٍ مِنْ الدَّافِعِ وَالْمُسْتَحِقِّ كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ (وَ) لَا إلَى (قِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ) مِنْهُمَا أَيْضًا كَذَلِكَ وَمَحَلُّهُ إنْ عَلِمَا قَدْرَ الْوَاجِبِ وَصِفَتَهُ وَسِنَّهُ
وَقَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إبِلِ الدِّيَةِ مَحَلُّهُ إنْ جُهِلَ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيلُهُمْ لَهُ بِجَهَالَةِ صِفَتِهَا وَكَلَامُهُمَا هُنَا وَفِي غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ (وَلَوْ عُدِمَتْ) الْإِبِلُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ حِسًّا، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وُجِدَتْ فِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا (فَالْقَدِيمُ) الْوَاجِبُ فِي النَّفْسِ الْكَامِلَةِ (أَلْفُ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٌ ذَهَبًا (أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةً لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ فِيهِ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى تَعَيُّنِ الذَّهَبِ عَلَى أَهْلِهِ وَالْفِضَّةِ عَلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ) ، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ أَعْلَى مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ، فَالْقِيَاسُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ نَوْعِ إبِلِهِ سَلِيمًا وَغَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ فَإِنَّ كَلَامَ الزَّرْكَشِيّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَتْنِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِحِ وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُقَيِّدَ الْمَتْنَ بِالسَّلِيمَةِ كَمَا قَيَّدَ كَلَامَ الرَّوْضَةِ وَلِيَتَأَتَّى مُقَابَلَتُهُ بِكَلَامِ الزَّرْكَشِيّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ يَقُولُ إنَّهُ مَتَى كَانَتْ لَهُ إبِلٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ نَوْعُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا مَعِيبَةً، وَلَا خَفَاءَ فِي ظُهُورِ وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ النَّوْعُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ إبِلِهِ سَلِيمَةً وَكَوْنِهَا مَعِيبَةً إذْ لَيْسَ الْوَاجِبُ مِنْ عَيْنِهَا حَتَّى يَفْتَرِقَ الْحَالُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا قُلْنَا بِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّخْيِيرِ فَمَتَى كَانَ لَهُ إبِلٌ تَخَيَّرَ بَيْنَ نَوْعِهَا وَبَيْنَ الْغَالِبِ سَوَاءٌ كَانَتْ إبِلُهُ سَلِيمَةً، أَوْ مَعِيبَةً فَتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ ع ش وَمَرَّ آنِفًا عَنْ الرَّشِيدِيِّ تَرْجِيحُهُ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بَدَلُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَرْأَةُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمَا وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا: وَمَنْ لَزِمَتْهُ وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا إلَخْ وَوَجْهُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَزِمَهُ ذَلِكَ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ النَّقْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَيَلْزَمُهُ نَقْلُهَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مَا لَوْ تَبْلُغُ مُؤْنَةُ نَقْلِهَا مَعَ قِيمَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِبَلَدِ، أَوْ قَبِيلَةِ الْعَدَمِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ حِينَئِذٍ نَقْلُهَا وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الضَّبْطِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَيْنِ مُحْتَرَزَانِ لِقَوْلِهِ إنْ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ وَسَهُلَ النَّقْلُ، فَالْأَوَّلُ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مُحْتَرَزُ الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ عَطْفُ عَظُمَتْ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ فَلَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، أَوْ أَنَّ الْأَلِفَ سَقَطَتْ مِنْ الْكِتَابَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ) مِنْ الْجَانِي أَوْ الْعَاقِلَةِ ع ش (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى مُؤْنَةٍ) بِأَنْ يَقُولَ بِأَنْ تَزِيدَ بِمُؤْنَتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ إجْرَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُتَعَذِّرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَزِدْ مُؤْنَتُهَا كُلِّفَ إحْضَارَهَا، وَإِنْ زَادَ مَجْمُوعُ الْمُؤْنَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ فِي ثَمَنِهَا فِي مَحَلِّ الْإِحْضَارِ عَلَى قِيمَتِهَا بِمَوْضِعِ الْعِزَّةِ ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ مَحَلِّهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَرَّ قُبَيْلَ فَصْلِ الشِّجَاجِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا تَقْيِيدُ الْمَتْنِ بِأَنَّ مَحَلَّ تَعْيِينِ الْإِبِلِ فِيمَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ الْأَرْشُ) عَلَى الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْلَى) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمَحَلُّهُ إلَى وَقَوْلُهُمْ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَسَائِرِ أَبْدَالِ الْمُتْلَفَاتِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ جَوَازُ الْعُدُولِ بِالتَّرَاضِي (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَدْرِ الْوَاجِبِ إلَخْ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ) أَيْ عَلَى مَعْلُومَةِ الصِّفَةِ هُنَا وَمَجْهُولَتِهَا فِي الصُّلْحِ وَهَذَا الْحَمْلُ حَسَنٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ حِسًّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ إلَخْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَخْيِيرُ الْجَانِي بَيْنَ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ، وَهُوَ
قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَمَّا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ فَالْقِيَاسُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ نَوْعِ إبِلِهِ سَلِيمًا وَغَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَضَبَطَهُ الْإِمَامُ بِأَنْ تَزِيدَ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الضَّبْطِ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ بَعُدَتْ وَعَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ النَّقْلُ عَلَى الضَّبْطِ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهَا أَنْ تَعْظُمَ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا، وَلَا عَلَى الضَّبْطِ الثَّانِي بِمُجَرَّدِ أَنْ يَزِيدَ بِمُؤْنَةِ إحْضَارِهَا عَلَى قِيمَتِهَا فِي مَوْضِعِ الْعِزَّةِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ أَنْ تَعْظُمَ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّبْطَ ضَبْطٌ لِلْبُعْدِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِهِ فِيمَا سَبَقَ بَلْ عَطَفَ عَلَيْهِ أَنْ تَعْظُمَ الْمُؤْنَةُ فِي نَقْلِهَا
وَلَا تَغْلِيظَ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ أَنَّ الْقَدِيمَ إنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَقْدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ (وَالْجَدِيدُ قِيمَتُهَا) أَيْ الْإِبِلُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ لِحَدِيثٍ فِيهِ أَيْضًا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ فَتَعَيَّنَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَ إعْوَازِهَا (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ بِغَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْفَقْدِ الْوَاجِبِ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ لَوْ كَانَ بِهِ إبِلٌ بِصِفَاتِ الْوَاجِبِ مِنْ التَّغْلِيظِ وَغَيْرِهِ يَوْمَ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ غَلَبَ فِيهِ نَقْدَانِ تَخَيَّرَ الدَّافِعُ وَيُجَابُ مُسْتَحِقٌّ صَبَرَ إلَى وُجُودِهَا
(وَإِنْ وُجِدَ بَعْضٌ) مِنْ الْوَاجِبِ (أُخِذَ) الْمَوْجُودُ (وَقِيمَةُ الْبَاقِي) مِنْ الْغَالِبِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْمَرْأَةُ) الْحُرَّةُ (وَالْخُنْثَى) الْمُشْكِلُ (كَنِصْفِ رَجُلٍ نَفْسًا وَجَرْحًا) وَأَطْرَافًا إجْمَاعًا فِي نَفْسِ الْمَرْأَةِ وَقِيَاسًا فِي غَيْرِهَا وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْخُنْثَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْيَقِينِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَطْرَافِهِ الْحَلَمَةُ فَإِنَّ فِيهَا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ وَكَذَا مَذَاكِيرُهُ وَشَفْرَاهُ عَلَى تَفْصِيلٍ مَبْسُوطٍ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا.
(وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ) لَهُ أَمَانٌ وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (ثُلُثُ) دِيَةِ (مُسْلِمٍ) نَفْسًا وَغَيْرِهَا لِقَضَاءِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِهِ، وَلَمْ يُنْكَرْ مَعَ انْتِشَارِهِ فَكَانَ إجْمَاعًا قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي لَكِنْ هَكَذَا فِي النُّسَخِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ مِنْ هَامِشِ الْأَصْلِ
رَأْيُ الْإِمَامِ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا تَغْلِيظَ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ نَحْوِ الْحَرَمِ وَالْعَمْدِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ الدَّنَانِيرُ، أَوْ الدَّرَاهِمُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْإِبِلِ وَرَدَ بِالسِّنِّ وَالصِّفَةِ لَا بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَهَذَا أَحَدُ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَى فَسَادِ الْقَوْلِ الْقَدِيمِ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْجَدِيدُ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَنْهَجُ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِبِلُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَكَذَا وَثَنِيٌّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِحَدِيثٍ فِيهِ إلَى؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ وَقَوْلُهُ وَمَذَاكِيرُهُ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ تَأْوِيلٌ إلَى أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ إعْوَازِهَا) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ أَيْ بِغَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْفَقْدِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بَلَدُهُ، أَوْ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ حَيْثُ فُرِضَ فَقْدُهَا مِنْهُمَا بُعْدُ وُجُودِهَا فِيهِمَا وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ بَلَدَهُ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ غَيْرِهَا مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ سم (قَوْلُهُ بِصِفَاتِ الْوَاجِبِ إلَخْ) نَعْتُ إبِلٍ (قَوْلُهُ يَوْمَ وُجُوبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ يَوْمَ وُجُوبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِغَالِبِ (قَوْلِهِ وَيُجَابُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي شَرْحِ وَقِيمَةُ الْبَاقِي.
(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُمْهَلْ الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ قَالَ أَنَا أَصْبِرُ حَتَّى تُوجَدَ الْإِبِلُ لَزِمَ الدَّافِعَ امْتِثَالُهُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَإِنْ أُخِذَتْ الْقِيمَةُ ثُمَّ وُجِدَتْ الْإِبِلُ وَأَرَادَ الْقِيمَةَ لِيَأْخُذَ الْإِبِلَ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْأَخْذِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُجِدَتْ قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ فَإِنَّ الْإِبِلَ تَتَعَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سُلَيْمٌ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِنَصِّ الْمُخْتَصَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْحُرَّةُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى تَفْصِيلٍ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ تَأْوِيلٌ إلَى أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْخُنْثَى) أَيْ الْحُرُّ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كَنِصْفِ رَجُلٍ إلَخْ) فَفِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ أَوْ الْخُنْثَى خَطَأً عَشْرُ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا، وَفِي قَتْلِ أَحَدِهِمَا عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً مُغْنِي (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ النَّفْسِ ع ش (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا هُوَ مِمَّا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ أَنَّهُمَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ، وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهُ لَاسْتَثْنَى كُلًّا مِنْ حَلَمَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى إذْ حَلَمَةُ الرَّجُلِ لَيْسَ فِيهَا إلَّا الْحُكُومَةُ وَكُلٌّ مِنْ حَلَمَتَيْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى يُخَالِفُهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ أَطْرَافِهِ) أَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (قَوْلُهُ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ) أَيْ دِيَةِ حَلَمَتَيْهَا وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ فِي تَصَوُّرِ كَوْنِ الدِّيَةِ أَقَلَّ مِنْ الْحُكُومَةِ، وَلَا تَوَقُّفَ فِيهِ إذْ مَحَلُّ كَوْنِ الْحُكُومَةِ لَا تَبْلُغُ الدِّيَةَ إذَا كَانَتَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ امْرَأَةً وَالْحُكُومَةُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ رَجُلًا نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِيهَا حِينَئِذٍ أَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ الرَّجُلِ، أَوْ دِيَةَ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ مَذَاكِيرُهُ) فِيهِ تَغْلِيبُ الذَّكَرِ عَلَى الْخُصْيَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَفْرَاهُ) أَيْ حَرْفَا فَرْجِهِ (قَوْلُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ إلَخْ) دَفَعَ بِهِ مَا يُوهِمُهُ التَّشْبِيهُ مِنْ أَنَّ فِيهِمَا أَيْضًا أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْحُكُومَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّشْبِيهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا فِي الْحُكْمِ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يَضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ أَيْ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلَ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ ع ش وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثُلُثُ مُسْلِمٍ) فَفِي قَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جَذَعَاتٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ وَفِي قَتْلٍ خَطَأٍ لَمْ يُغَلَّظْ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِنْ كُلٍّ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَبَنِي اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَقَالَ مَالِكٌ نِصْفُهَا وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ قَتَلَ عَمْدًا فَدِيَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ خَطَأً فَنِصْفُهَا.
(تَنْبِيهٌ) السَّامِرَةُ كَالْيَهُودِيِّ وَالصَّابِئَةُ كَالنَّصْرَانِيِّ إنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمَا أَهْلُ
وَلَا يَخْفَى بُعْدُ ذَلِكَ وَمُخَالَفَتُهُ لِمُقْتَضَى عِبَارَةِ غَيْرِهِ كَعِبَارَةِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُمْكِنُ جَعْلُ الْعَطْفِ الْمَذْكُورِ مِنْ عَطْفِ الْوَصْفِ بِاعْتِبَارِ وَكَأَنَّهُ قِيلَ فَإِنْ بَعُدَتْ بُعْدًا تَعْظُمُ فِيهِ الْمُؤْنَةُ، وَهُوَ الْمَضْبُوطُ بِمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ بِنَقْدِ بَلَدِهِ أَيْ بِغَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ الْفَقْدِ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ عَجْلُونٍ فِي التَّصْحِيحِ وَتُقَوَّمُ الْإِبِلُ الَّتِي لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إبِلٌ قُوِّمَتْ مِنْ صِنْفِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ قِيمَةِ مَوْضِعِ الْإِعْوَازِ لَوْ كَانَتْ فِيهِ إبِلٌ. اهـ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِ الْجَانِي إبِلٌ لَا فِيمَا مَضَى، وَلَا الْآنَ وَكَانَتْ الْإِبِلُ مَوْجُودَةً فِيمَا مَضَى بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا لَكِنَّهَا عُدِمَتْ قُوِّمَتْ مِنْ صِنْفِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ بِقِيمَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ الْإِبِلِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ أَيْضًا فَيَنْبَغِي لَكِنْ يُشْكِلُ أَنَّهُ أَيُّ إبِلٍ تُعْتَبَرُ ح فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ بِغَالِبِ نَقْدِ مَحَلِّ النَّقْدِ الْوَاجِبِ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ)
وَفِيهِ تَأْوِيلٌ أَوْرَدَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَهَدَرٌ وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَدِيَتُهُ كَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ (وَمَجُوسِيٌّ) لَهُ أَمَانٌ (ثُلُثَا عُشْرٍ) وَثُلُثُ خُمُسٍ إنَّمَا هُوَ أَنْسَبُ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْحِسَابِ لِإِيثَارِهِمْ الْأَخْصَرَ لَا الْفُقَهَاءِ فَلَا اعْتِرَاضَ دِيَةُ (مُسْلِمٍ) وَهِيَ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَانِ لِقَضَاءِ عُمَرَ بِهِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّ لِلذِّمِّيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجُوسِيِّ خَمْسُ فَضَائِلُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَحِلُّ ذَبِيحَتِهِ وَمُنَاكَحَتِهِ وَتَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْهَا إلَّا آخِرُهَا فَكَانَ فِيهِ خُمُسُ دِيَتِهِ وَهَذِهِ أَخَسُّ الدِّيَاتِ (وَكَذَا وَثَنِيٌّ) أَيْ عَابِدُ وَثَنٍ، وَهُوَ الصَّنَمُ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ مِنْ غَيْرِهِ فَقَطْ وَكَذَا عَابِدُ نَحْوِ شَمْسٍ وَزِنْدِيقٌ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ (لَهُ أَمَانٌ) مِنَّا لِنَحْوِ دُخُولِهِ رَسُولًا كَالْمَجُوسِيِّ وَدِيَةُ نِسَاءِ كُلٍّ وَخَنَاثَاهُمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ رِجَالِهِمْ وَيُرَاعَى هُنَا التَّغْلِيظُ وَضِدُّهُ كَمَا مَرَّ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَنَحْوِ مَجُوسِيٍّ يُلْحَقُ بِالْكِتَابِيِّ أَبًا كَانَ، أَوْ أُمًّا وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِي الْخُنْثَى مِنْ اعْتِبَارِهِ أُنْثَى؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ فِيهِ يَقِينًا بِوَجْهٍ يُلْحِقُهُ بِالرَّجُلِ وَهُنَا فِيهِ مُوجِبٌ يَقِينًا يُلْحِقُهُ بِالْأَشْرَفِ وَلَا نَظَرَ لِمَا فِيهِ مِمَّا يُلْحِقُهُ بِالْأَخَسِّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى بِكَوْنِ الْوَلَدِ يَلْحَقُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ غَالِبًا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ) نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم إلَى (الْإِسْلَامِ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ) نَفْسِهِ وَغَيْرِهَا دِيَةُ (دِينِهِ) الَّذِي هُوَ نَصْرَانِيَّةٌ، أَوْ تَمَجُّسٍ مَثَلًا مِنْ ثُلُثِ دِيَةٍ، أَوْ ثُلُثِ خُمْسِهَا؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ (وَإِلَّا) يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ كَذَلِكَ، أَوْ جَهِلَ دِينَهُ أَوْ وَاجِبَهُ، أَوْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ، أَوْ لَا
مِلَّتِهِمَا وَإِلَّا فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءِ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثُلُثَا عُشْرِ مُسْلِمٍ) فَفِيهِ عِنْدَ التَّغْلِيظِ حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَخَلِفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ وَعِنْدَ التَّخْفِيفِ بَعِيرٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَثُلُثُ خُمْسٍ إنَّمَا هُوَ أَنْسَبُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ لَا الْفُقَهَاءِ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَلِذَا أَقَرَّ الْمُغْنِي الِاعْتِرَاضَ فَقَالَ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ ثُلُثَا عُشْرٍ أَوْلَى مِنْ ثُلُثِ خُمْسٍ؛ لِأَنَّ فِي الثُّلُثَيْنِ تَكْرِيرًا وَأَيْضًا فَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ أَهْلِ الْحِسَابِ لَهُ لِكَوْنِهِ أَخْصَرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لِلذِّمِّيِّ) صَوَابُهُ وَلِأَنَّ لِلْيَهُودِيِّ وَلِلنَّصْرَانِيِّ رَشِيدِيٌّ أَيْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَهَذِهِ) دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ عَابِدِ وَثَنٍ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) كَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَزِنْدِيقٌ) ، وَهُوَ مِنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مُغْنِي (قَوْلُهُ كَالْمَجُوسِيِّ) بَدَلٌ مِنْ كَذَا فِي الْمَتْنِ وَفِي الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ كَمَا مَرَّ أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْخَطَأُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُنَا مُوجِبٌ يَقِينًا) ، وَهُوَ وِلَادَةُ الْأَشْرَفِ سم ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) فَفِيهِ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّبْدِيلَ غَيْرُ النَّسْخِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ التَّبْدِيلِ عَدَمُ تَبْدِيلِ الْأُصُولِ، فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ أَخْذًا مِنْ إلْحَاقِ السَّامِرَةِ وَالصَّابِئَةِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي حِلِّ النِّكَاحِ حَيْثُ وَافَقُوهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ وَمِنْهَا هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّبْدِيلِ تَبْدِيلُ الْجَمِيعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُلْحَقُ الْأَكْثَرُ بِالْجَمِيعِ وَمِنْهَا هَلْ يُلْحَقُ بِالتَّمَسُّكِ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الدِّينِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمُبَدَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ وَمِنْهَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ اعْتِبَارُ تَمَسُّكِهِ بِنَفْسِهِ دُونَ تَمَسُّكِ آبَائِهِ أَيْ أَوَّلَ أُصُولِهِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِنَظِيرِهِ فِي النِّكَاحِ فَيُعْتَبَرُ تَمَسُّكُ أَوَّلِ أُصُولِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم، وَعِبَارَةُ ع ش وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ قَبْلَ تَبْدِيلِهِ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبِيحَةِ. اهـ
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَدِيَةُ دِينِهِ) أَيْ الدِّيَةُ الَّتِي نُوجِبُهَا نَحْنُ فِي أَهْلِ دِينِهِ لَا الدِّيَةُ الَّتِي يُوجِبُهَا دِينُهُ فِي الْقَتْلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمَا يُوجِبُهُ دِينُهُمْ سم (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ) أَيْ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَمَانٌ مِنَّا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ كَذَلِكَ) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِمَا بُدِّلَ مِنْ دِينٍ أَوْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي اُنْظُرْ وَجْهَ هَذَا الْحَصْرِ وَهَلَّا كَانَ مَحَلُّهُ مَا إذَا بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ جُهِلَ دِينُهُ) بِأَنْ عَلِمْنَا تَمَسُّكَهُ بِدِينٍ حَقٍّ، وَلَمْ نَعْلَمْ عَيْنَهُ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبُهُ) قَدْ يُشْكِلُ جَهْلُ الْوَاجِبِ مَعَ مَعْرِفَةِ دِينِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعِ إلَّا أَنْ
هَلْ الْمُرَادُ بِالْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بَلَدُهُ، أَوْ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ حَيْثُ فُرِضَ فَقْدُهَا مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِهَا فِيهِمَا وَقَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ بَلَدَهُ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ غَيْرِهَا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ فِيهِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) فِيهِ أُمُورٌ: مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّبْدِيلَ غَيْرُ النَّسْخِ وَقَدْ يَغْفُلُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ هُوَ فَيُسْتَشْكَلُ وُجُودُ هَذَا الْقِسْمِ إذْ كُلُّ دِينٍ يُنْسَخُ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - وَيُتَكَلَّفُ تَصْوِيرُهُ بِمَنْ تَمَسَّكَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَبَقِيَ إلَيْهَا وَمَعَ مُلَاحَظَةِ تَغَايُرِهِمَا لَا إشْكَالَ وَمِنْهَا أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي فِي عَدَمِ التَّبْدِيلِ عَدَمُ تَبْدِيلِ الْأُصُولِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ آخِرًا مِنْ إلْحَاقِ السَّامِرَةِ وَالصَّابِئَةِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي حِلِّ النِّكَاحِ حَيْثُ وَافَقُوهُمْ فِي أَصْلِ دِينِهِمْ، وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْفُرُوعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّبْدِيلِ تَبْدِيلُ الْجَمِيعِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُلْحَقُ الْأَكْثَرُ بِالْجَمِيعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ هَلْ يُلْحَقُ بِالتَّمَسُّكِ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الدِّينِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمُبَدَّلِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْإِلْحَاقُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ وَمِنْهَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِمْ اعْتِبَارُ تَمَسُّكِهِ بِنَفْسِهِ دُونَ تَمَسُّكِ آبَائِهِ أَيْ أَوَّلَ أُصُولِهِ وَيُحْتَمَلُ إلْحَاقُهُ بِنَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ فَيُعْتَبَرُ تَمَسُّكُ أَوَّلِ أُصُولِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَدِيَةُ دِينِهِ) أَيْ الدِّيَةُ الَّتِي نُوجِبُهَا نَحْنُ فِي أَهْلِ دِينِهِ لَا الدِّيَةُ الَّتِي يُوجِبُهَا دِينُهُ فِي الْقَتِيلِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ إذْ لَا عِبْرَةَ بِإِيجَابِ دِينِهِمْ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَاجِبَهُ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ جَهْلُ الْوَاجِبِ مَعَ مَعْرِفَةِ دِينِهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِنَحْوِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ، وَلَا يُعْلَمُ هَلْ وَاجِبُهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ أَوْ ثُلُثُ خُمْسٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، أَوْ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ وَلَا يُعْلَمَ أَذَكَرٌ هُوَ، أَوْ أُنْثَى لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ مَعَ فَقْدِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ شَكَّ هَلْ بَلَغَتْهُ إلَخْ) فَرْضُ هَذَا التَّرَدُّدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ