الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تقوموا حتى تروني وأخرجه بهذا اللفظ أيضاً أبو الشيخ في الأذان والبيهقي عن أبي هريرة إلى قوله لقضاء حاجته وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند من حديث أبي بن كعب بلفظ يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً يفرغ الآكل من طعامه في مهل ويقضي المتوضئ حاجته في مهل
قلت: والمعتصر هو الذي الذي غلب عليه البول أو الغائط من اعتصر العنب إذا استخرج ماءه
459 - مسألة الجهر بالتسمية في الصلاة
قلت: قد أفرد هذه المسألة بالتصنيف جماعة منهم ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي وابن عبد البر والخطيب البغدادي وآخرون وقد أذكر هنا أحاديث الطرفين والآثار الواردة عن الصحابة ومن بعدهم مقدماً أحاديث الجهر مراعاة لمذهب المصنف مع الكلام على كل حديث وأثر مما اقتضاه المقام مع كمال إنصاف وعدم تعصب متوكلا على الله معتمدا على مواهبه جل وعزَّ ومع ذلك فلكل وجهه ولكل نصيب فيما اجتهد فيه فأقول للقائلين بالجهر تسعة أحاديث وخمسة آثار أما الأحاديث فأولها وهو أجودها حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في السنن من طريق حيوة بن شريح والليث واللفظ له حدثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن وقال آمين وقال الناس آمين ويقول كلما سجد الله أكبر وإذا قام من الجلوس قال الله أكبر ويقول إذا سلم والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إسناده صحيح وله شواهد وقال في الخلافيات رواته كلهم ثقات مجمع على عدالتهم محتج بهم في الصحيح وأخرجه النسائي في سننه فقال باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا شعيب أخبرنا الليث بن سعد فذكره ورواه ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان في صحيحة والحاكم في مستدركه وقال إنه على شرط الشيخين ولم يخرجاه والدارقطني في سننه وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات والجواب عنه من وجوه أحدها أنه حديث معلول فإن ذكر البسملة فيه مما تفرد به نعيم المجمر من بين
أصحاب أبي هريرة وهم ثمانمائة ما بين صاحب وتابع ولا يثبت عن ثقة من أصحاب أبي هريرة أنه حدث عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في الصلاة وقد أعرض عن ذكر البسملة صاحباً الصحيح فرواه البخاري من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها فيكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده ثم يقول ربنا لك الحمد ثم يقول الله أكبر حين يهوى ساجداً ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه من السجود ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنتين وذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة ثم يقول حين ينصرف والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا ورواه مسلم بنحو ذلك هذا هو الصحيح الثابت عن أبي هريرة قال ابن عبد البر: وكأنه كان ينكر على من ترك التكبير في رفعه وخفضه قال ويدل على أنهم كانوا يفعلون ذلك ما رواه النسائي من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة أنه قال ثلاث كان يفعلهن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركهن الناس كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مداً وكان يقف قبل القراء هنيهة وكان يكبر في كل خفض ورفع ورواه ابن أبي ذئب في موطئه كذلك باللفظ المذكور ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام وأبو داود الطيالسي في مسنده وهذا حديث حسن ورواية ثقات وسعيد بن سمعان الأنصاري صدوق وثقة النسائي وابن حبان وليس للتسمية في هذا الحديث ولا في الأحاديث الصحيحة عن أبي هريرة ذكر وهذا مما يغلب على الظن أنه وهم على أبي هريرة فإن قيل قد رواها نعيم المجمر وهو ثقة والزيادة من الثقة مقبولة قلنا ليس ذلك مجمعاً عليه بل فيه خلاف مشهور فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقاً ومنهم من لا يقبلها والصحيح التفصيل وهو أنها تقبل في موضع دون موضع فتقبل إذا كان الراوي لها ثقة حافظاً ثبتاً والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة ولا تقبل في موضع آخر لقرائن تخصها ومن حكم في ذلك حكماً عاماً فقد غلط بل كل زيادة لها حكم يخصها ففي موضع يجزم بصحتها وفي موضع يغلب على الظن صحتها وفي موضع
يتوقف فيها وزيادة نعيم المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه بل يغلب على الظن صحتها وفي موضع يتوقف فيها وزيادة نعيم المجمر التسمية في هذا الحديث مما يتوقف فيه بل يغلب على الظن ضعفه وعلى تقدير صحتها فلا حجة فيها للقائل بالجهر لأنه قال فقرأ أو فقال بسم الله الرحمن الرحيم وذلك أعم من قراءتها سراً أو جهراً وإنما هو حجة على من لا يرى قراءتها فإن قيل لو كان أبو هريرة أسر بالبسملة وجهر بالفاتحة لم يعبر عن ذلك نعيم بعبارة واحدة متناولة للفاتحة والبسملة تناولاً واحداً ولقال فأسر بالبسملة ثم جهر بالفاتحة والصلاة كانت جهرية بدليل تأمينه وتأمين المأمومين قلنا ليس الجهر فيه بصريح ولا ظاهر يوجب الحجة ومثل هذا لا يقدم على النص الصريح المقتضى للإسرار ولو أخذ الجهر من هذا الإطلاق لأخذ منه أنها ليست آية من أم القرآن فإنه قال فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ أم القرآن والعطف يقتضي المغايرة الوجه الثاني أن قوله فقرأ أو قال ليس بصريح أنه سمعها منه إذ يجوز أن يكون أبو هريرة أخبر نعيماً بأنه قرأها سراً ويجوز أن يكون سمعها منه في مخافته لقربه منه كما روى عنه من أنواع الاستفتاح وألفاظ الذكر في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده وقد روى مسلم في الصحيح عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا قام في الصلاة وجهت وجهي الحديث ولم يكن سماع الصحابة ذلك منه دليلاً على الجهر وكذا قوله وكان يسمعنا الآية أحياناً الوجه الثالث أن قوله إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أراد به أصل الصلاة ومقاديرها وهيآتها وتشبيه الشيء بالشيء لا يقتضي أن يكون مثله من كل وجه بل يكفي في غالب الأفعال وذلك متحقق في التكبير وغيره دون البسملة فإن التكبير وغيره من أفعاله الصلاة ثابت صحيح عن أبي هريرة وكان مقصوده الرد على من تركه أما التسمية ففي صحتها عنه نظر فينصرف إلى الصحيح الثابت دون غيره وكيف يظن بأبي هريرة أنه يريد التشبيه في الجهر بالبسملة وهو الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين الحديث وقد سبق ذكره وأنه أخرجه مسلم في صحيحه عن سفيان ومالك وابن جريج كلهم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وأبي السائب كلاهما عنه فهو
ظاهر في أن البسملة ليست من الفاتحة وإلا لابتدأ بها لأن هذا محل بيان واستقصاء لآيات السورة حتى إنه لم يخل منها بحرف والحاجة إلى قراءة البسملة أمس ليرتفع الأشكال قال ابن عبد البر حديث العلاء هذا قاطع تعلق المتنازعين وهو نص لا يحتمل التأويل ولا أعلم حديثاً في سقوط البسملة أبين منه واعترض بعض المتأخرين على هذا الحديث بأمرين أحدهما قال لا تغتر بكون هذا الحديث في مسلم فإن العلاء بن عبد الرحمن تكلم فيه ابن معين فقال الناس يتقون حديثه ليس حديثه بحجة مضطرب الحديث ليس بذاك هو ضعيف رُوي عنه جميع هذه الألفاظ وقال ابن عدي ليس بالقوى وقد انفرد بهذا الحديث فلا يحتج به الثاني قال وعلى تقدير صحته فقد جاء في بعض الروايات عنه ذكر التسمية كما أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن يزيد بن سمعان عن العلاء فذكره وهذه الرواية وإن كان فيها ضعف ولكنها مفسرة لحديث مسلم أنه أراد السورة لا الآية وهذا القائل حمله الجهل وفرط التعصب على أن ترك الحديث الصحيح وضعفه لكونه غير موافق لمذهبه وقال لا تغتر بكونه في مسلم مع أنه قد رواه عن العلاء الأئمة الثقات كمالك وأضرابه ممن تقدم ذكرهم آنفاً عند ذكر المصنف لهذا الحديث ولم يذكروا هذه الزيادة والعلاء نفسه ثقة صدوق من رجال الصحيحين وهذه الرواية مما انفرد بها ابن سمعان وهو كذاب ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة ولا في المصنفات المشهورة ولا المسانيد المعروفة وإنما رواه الدارقطني في سننه وفي كتاب العلل مع أنه نبه في كل منهما على حال ابن سمعان بأنه متروك ضعيف وحسبك بالأول قد أودعه مسلم في صحيحه وزيادة ابن سمعان باطلة قطعاً زادها خطأ أو عمداً فإنه متهم بالكذب مجمع على ضعفه ومن هنا يظهر أن ما أورده الشهاب السهروردي من طريق آدم بن أبي إياس عن العلاء بمثل زيادة ابن سمعان ينظر فيه إن لم تختلط رواية برواية فإنهم أجمعوا على أن أصحاب العلاء لم يذكر أحد هذه الزيادة في حديث أبي هريرة ولو كانت رواية آدم ثابتة عندهم ما احتاجوا إلى الاستدلال برواية ابن سمعان فكيف يعل الحديث الصحيح الذي رواه مسلم بالحديث الضعيف الذي رواه الدارقطني وهلا جعلوا الحديث الصحيح علة للضعيف ومخالفة أصحاب أبي هريرة الثقات لنعيم
موجباً لرده مقتضى العلم أن يعل الحديث الضعيف بالحديث الصحيح والله أعلم * (تنبيه) * رواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رواها ابن عيينة وتابعه شعبة وروح بن القاسم والدراوردي وإسماعيل ابن جعفر وجماعة ورواية العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة رواها مالك وتابعه ابن جريج وابن إسحاق والوليد بن كثير وقد جمع مسلم بين الروايتين جمعاً وأفراداً وليس هذا الاختلاف علة فإن العلاء سمعه من أبيه ومن أبي السائب ولهذا يجمعها مسلم تارة وتارة يفرد أباه وتارة يفرد أبا السائب والله أعلم ولأبي هريرة حديث آخر أخرجه الخطيب في الجزء الذي صنفه في هذه المسألة فساق من طريق أبي أويس المدني واسمه عبد الله بن أويس قال أخبرني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ورواه الدارقطني في السنن وابن عدي في الكامل فقالا فيه قرأ بدل جهر وكأنه رواه بالمعنى والجواب لو ثبت هذا عن أبي أويس فهو غير محتج به لأن أبا أويس لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا انفرد بشيء وخالفه فيه من هو أوثق منه مع أنه تكلم فيه فوثقه جماعة وضعفه آخرون وممن ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم الرازي وممن وثقه الدارقطني وأبو زرعة وروى له مسلم في صحيحه ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه ولو اعتبرنا ذلك لذهب معظم السنة إذ لم يسلم من كلام الناس إلا من عصمة الله تعالى بل خرج في الصحيح لخلق ممن تكلم فيهم ولكن صاحبا الصحيح إذا أخرجا لمن تكلم فيه فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلم أن له أصلاً ولا يروون ما تفرد به سيما إذا خالفه الثقات وهذه العلة راجت على كثير من الناس ممن استدرك على الصحيحين فتساهلوا في استدراكهم إذ لا يلزم من كون الراوي محتجاً به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث كان يكون ذلك الحديث على شرطه وقد يوجد في الصحيح رجل روى عن معين لضبطه حديثه وخصوصيته به ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه أو لعدم ضبطه لحديثه أو لكونه غير مشهور عنه فيجيء المستدرك فيخرجه عن غير ذلك المعين ثم يقول هذا على شرط الشيخين أو أحدهما وهذا فيه تساهل كبير ينبغي التنبه لذلك فحديث أبي أويس هذا لم يترك لكلام الناس فيه بل لتفرد به ومخالفة الثقات له وعدم
إخراج أصحاب المسانيد والكتب المشهورة والسنن المعروفة ولرواية مسلم الحديث في صحيحه من طريقه وليس فيه ذكر البسملة والله أعلم ولأبي هريرة 3 - حديث آخر أخرجه الدارقطني عن خالد بن إلياس عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علمني جبريل الصلاة فقام فكبر لنا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر به في كل ركعة والجواب هذا الإسناد ساقط فإن خالد بن إلياس ويقال فيه ابن إياس مجمع على ضعفه بل منكر الحديث متروكه كما قاله أحمد والنسائي وقال الحاكم روى عن سعيد المقبري وابن المنكدر وهشام بن عروة أحاديث موضوعة والصواب في هذا الحديث وقفه وهكذا رواه نوح بن أبي مريم عن المقبري كما بينه الدارقطني في العلل ولئن سلم فليس فيه دلالة على الجهر ونحن لا ننكر أنها من القرآن وإنما النزاع في الجهر ومجرد قراءته صلى الله عليه وسلم إياها قبل الفاتحة لا يدل على ذلك وأيضاً فالمحفوظ الثابت عن سعيد المقبري عن أبي هريرة في هذا الحديث عدم ذكر البسملة كما رواه البخاري في صحيحه من حديث ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رفعه الحمد لله هي أم القرآن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم ورواه أبو داود
4 -
والترمذي وقال حسن صحيح ولأبي هربرة حديث آخر أخرجه البيهقي في السنن من طريق عقبة بن مكرم حدثنا يونس بن بكير عن أبي معشر عن محمد ابن قيس عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم فترك الناس ذلك هذا هو الصواب ووهم من قال مسعر بدل أبي معشر والجواب على تقدير ثبوت هذا الحديث من رواية أبي معشر كما قال أنه الصواب فقد قال الذهبي في مختصره أبو معشر ضعيف واسمه نجيح السندي وقد ضعفه البيهقي في غير موضع من كتابه وكان القطان لا يحدث عنه الحديث الثاني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وله ثلاث طرق أحدها رواه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن عثمان حدثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن حدثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وقال صحيح الإسناد لا أعلم في
رواته منسوباً إلى الجرح والجواب قال الذهبي في مختصره هذا خبر واه كأنه موضوع لأن عبد الرحمن صاحب مناكير ضعفه ابن معين وسعيد بن عثمان مجهول وإن كان هو الكريري فهو ضعيف اهـ وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وقال إسناد ضعيف اهـ وقال ابن عبد الهادي: هذا حديث باطل ولعله أدخل على الحاكم الثاني رواه الدارقطني في سننه عن أسيد بن زيد عمرو بن شمر منكر عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار نحوه والجواب أن عمرو بن شمر وجابر الجعفيين لا يحتج بهما قال البخاري: عمرو بن شمر منكر الحديث وقال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك الحديث، وقال الحاكم: كثير الموضوعات، وقال الجوزجاني: زائغ كذاب، وأما جابر الجعفي فقال فيه أبو حنيفة: ما رأيت أكذب منه، وأسيد بن زيد كذبه ابن معين وتركه النسائي الثالث رواه الدارقطني أيضاً عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب العلوي عن أبيه عن جده علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في السورتين جميعاً والجواب أن عيسى هذا متهم بوضع الحديث وقال ابن حبان والحاكم: روى عن آبائه أحاديث موضوعة لا يحل الاحتجاج به * الحديث الثالث لابن عباس رضي الله عنه له أربع طرق أحدها عند الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمرو بن حسان حدثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قال الحاكم: إسناد صحيح وليس له علة قد احتج البخاري بسالم هذا وهو ابن عجلان الأفطس واحتج مسلم بشريك اهـ والجواب هذا الحديث غير صريح ولا صحيح فإما كونه غير صريح فإنه ليس فيه أنه في الصلاة، وإما كونه غير صحيح فإن عبد الله بن عمرو بن حسان الواقفي كان يضع الحديث قاله ابن المديني، وقال ابن عدي: أحاديثه مقلوبات وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال ليس بشيء كان يكذب وقول الحاكم احتج مسلم بشريك فيه نظر فإنه إنما روى له في المتابعات لا في الأصول الثاني عند الدارقطني عن أبي الصلت الهروى حدثنا عباد بن العوام وحدثنا شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم والجواب هذا أضعف من الأول فإن أبا الصلت عبد السلام ابن صالح الهروي متروك قال
أبو حاتم: ليس عندي بصدوق، وضرب أبو زرعة على حديثه وقال: لا أرضاه، وقال الدارقطني: رافضي خبيث متهم، وقد خالفه غيره فرواه عن عباد فأرسله وليس فيه أنه في الصلاة أخرجه أبو داود وفي المراسيل حدثنا عباد بن موسى حدثنا عباد بن العوام عن شريك عن سالم فساقه الثالث أخرجه البيهقي من طريق إسحاق بن راهويه أخبرنا المعتمر بن سليمان سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان يحدث عن أبي خالد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة يعني كان يجهر بها رواه يحيى بن معين عن المعتمر ولفظه كان يستفتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم وله شواهد ذكرتها في الخلافيات اهـ والجواب أولاً أن إسماعيل بن حماد لم يكن بالقوي في الحديث قاله البزار بعد أن أخرج هذا الحديث في مسنده من طريقه ورواه العقيلي وأعله بإسماعيل هذا وقال: حديثه غير محفوظ، وأبو خالد مجهول قاله ابن عدي، وسئل عنه أبو زرعة فقال: لا أعرفه ولا أدري من هو.
قلت: لكن البزار قال فيه: أحسبه الوالي فإن كان كما حسب فاسمه هرمز وهو ثقة ذكره ابن حبان في الثقات، ولا أخاله يخفي على أبي زرعة حيث قال: لا أعرفه، وثانياً هذا التفسير الذي ذكره ليس من قول ابن عباس وإنما هو من قول غيره من الرواة وهو حديث لا يحتج به على كل حال الرابع أخرج الدارقطني من طريق عمر بن حفص المكي عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قبض والجواب أن هذا لا يجوز الاحتجاج به فإن عمر بن حفص ضعيف قال ابن الجوزي في التحقيق: أجمعوا على ترك حديثه، وضعفه البيهقي أيضاً في غير موضع من السنن وأنه لا يحتج به، وقال ابن عبد الهادي: يجاب عن حديث ابن عباس من وجوه أحدها الطعن في صحته فإن مثل هذه الأسانيد لا تقوم بها حجة لو سلمت من المعارض فكيف وقد عارضتها الأحاديث الصحيحة وصحة الإسناد تتوقف على ثقة الرجال ولو فرض ثقة الرجال لم يلزم منه صحة الحديث حتى ينتفي عنه الشذوذ والعلة الثاني أن المشهور في لفظه الاستفتاح لا لفظ الجهر الثالث أن قوله جهر إنما يدل على وقوعه مرة لأن كان يدل على
وقوع الفعل وأما استمراره فيفتقر إلى دليل من خارج وما روى أنه لم يزل يجهر بها فباطل كما سيأتي الرابع أنه روى عن ابن عباس ما يعارض ذلك قال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قراءة الأعراب وكذلك رواه الطحاوي قلت وكذلك رواه ابن عبد البر في الاستذكار ثم قال ويقويه ما رواه الأثرم بسنده إلى عكرمة قال أنا أعرابي إن جهرت ببسم الله الرحمن الرحيم والله أعلم *الحديث الرابع لابن عمر رضي الله عنه قال الدارقطني حدثنا عمر بن الحسن بن علي الشيباني حدثنا جعفر بن محمد بن مروان حدثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم والجواب أن هذا باطل من هذا الوجه لم يحدث به ابن أبي فديك قط والمتهم به أحمد بن عيسى العلوي المتقدم ذكره وقد كذبه الدارقطني نفسه وابن أبي فديك بريء مما نسب إليه وشيخ الدارقطني ضعيف أيضاً تكلم فيه الدارقطني نفسه وشيخه جعفر بن محمد بن مروان لا يحتج به* الحديث الخامس للنعمان بن بشير رضي الله عنه أخرجه الدارقطني في سننه عن يعقوب بن يوسف بن زياد الضبي حدثنا أحمد بن حماد الهمداني عن فطر بن خليفة عن أبي الضحى عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عند الكعبة فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والجواب أن هذا حديث منكر بل موضوع ويعقوب بن يوسف الضبي ليس له ذكر في الكتب المشهورة المصنفة في الرجال ويحتمل أن يكون هذا الحديث من وضعه وأحمد بن حماد ضعفه الدارقطني وسكوت الدارقطني والخطيب وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا الحديث بعد روايتهم له قبيح جداً ولم يتعلق ابن الجوزي إلَاّ بقطر بن خليفة وهو تقصير منه وكأنه اعتمد على قول السعدي فيه هو زائغ غير ثقة وليس هذا بطائل فإن قطر بن خليفة روى له البخاري في صحيحه ووثقه أحمد والقطان وابن معين والله أعلم الحديث السادس وللحكم بن عمير رضي الله عنه قال الدارقطني حدثنا أبو الشيخ الحسين بن محمد بن بشر الكوفي حدثنا أحمد عن موسى بن إسحاق حدثنا إبراهيم بين حبيب حدثنا موسى بن أبي
حبيب الطائفي عن الحكم بن عمير وكان بدريا قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاة الليل وصلاة الغداة وصلاة الجمعة والجواب هذا حديث باطل من وجوه أحدها أن الحكم بن عمير ليس بدريا ولا في البدريين أحد اسمه كذلك بل لا تعرف له صحبة فإن موسى بن أبي حبيب الراوي عنه لم يلق صحابيا بل هو مجهول لا يحتج بحديثه ولعل الصواب وكان بدوياً أي ينزل البادية فوقع التصحيف قال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل الحكم بن عمير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منكرة لا يذكر سماعاً وإلقاء روى عنه ابن أخيه موسى بن أبي حبيب وهو ضعيف الحديث سمعت أبي يذكر ذلك وقال الدارقطني موسى بن أبي حبيب شيخ ضعيف الحديث وقد ذكر الطبراني في معجمه الكبير الحكم بن عمير وقال في نسبته الشمالي ثم روى له بضعة عشر حديثاً منكراً وكلها من رواية موسى بن أبي حبيب عنه وروى له ابن عدي في الكامل قريباً من عشرين حديثاً ولم يذكر فيها هذا الحديث والراوي عن موسى إبراهيم بن إسحاق الكوفي قال الدارقطني متروك الحديث وقال الأزدي يتكلمون فيه ويحتمل أن يكون هذا الحديث صنعته فإن الذين رووا نسخة موسى عن الحكم لم يذكروا هذا الحديث فيها كبقي بن مخلد وابن عدي والطبراني وإنما رواه فيما علمنا الدارقطني ثم الخطيب ووهم الدارقطني فقال إبراهيم بن حبيب وإنما هو إبراهيم بن إسحاق وزاد وهما فقال الضبي بالضاد والباء وإنما هو الصيني بصاد مهملة ونون والله أعلم * الحديث السابع لأم سلمة رضي الله عنها رواه الحاكم في المستدرك عن عمر بن هارون عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين الرحمن الرحيم ثلاث آيات الخ وإنما أخرجه شاهداً والجواب أن هذا ليس بحجة لوجوه أحدها أنه ليس بصريح في الجهر ويمكن أنها سمعته سراً في بيتها لقربها منه الثاني أن مقصودها الإخبار بأنه كان يرتل قراءته ولا يسردها وقد رواه الحاكم نفسه من حديث همام عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مرتلة فوصفت بسم الله الرحمن الرحيم حرفاً حرفاً قراءة بطيئة ورواه أبو داود
والترمذي والنسائي من حديث يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً الثالث أن المحفوظ فيه والمشهور أنه ليس في الصلاة وإنما قوله في الصلاة زيادة من عمر بن هارون وهو مجروح تكلم فيه غير واحد من الأئمة قال أحمد لا أدري عنه شيئاً وقال ابن معين ليس بشيء وكذبه ابن المبارك وقال النسائي متروك الحديث وقال صالح جزرة: كان كذاباً، وقد رواه أبو جعفر الطحاوي من حديث حفص بن غياث حدثنا أبي عن ابن جريج به بمثل حديث عمر بن هارون ثم أخرجه عن ابن أبي مليكة به بلفظ السنن ثم قال: فقد اختلف الذين رووا له في لفظه فانتفى أن يكون حجة وكأنه لم يعتد بمتابعة غياث لعمر بن هارون لشدة ضعف عمر بن هارون الرابع أن يقال غاية ما فيه أنه صلى الله عليه وسلم جهر بها مرة أونحو ذلك وليس فيه دليل على أن كل إمام يجهر بها في صلاة الجهر دائماً ولو كان ذلك معلوماً عندهم لم يختلف فيه ولم يقع فيه شك ولم يحتج أحد إلى أن يسأل عنه ولكان من جنس جهره عليه السلام بغيرها ولما أنكره عبد الله بن مغفل وعدّه حدثاً، ولكان الرجال أعلم به من النساء والله أعلم الحديث الثامن لأنس بن مالك رضي الله عنه رواه الحاكم في مستدركه والدارقطني في سننه من حديث محمد بن أبي المتوكل ابن أبي السري قال صليت خلف المعتمر بن سليمان من الصلوات مالاً أحصها الصبح والمغرب فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها وقال المعتمر ما آلو أن اقتدى بصلاة أبي وقال أبي: ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس وقال أنس، ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الحاكم رواته كلهم ثقات والجواب هو معارض بما رواه ابن خزيمة في مختصره والطبراني في معجمه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة وأبو بكر وعمر اهـ (وفي الصلاة) زادها ابن خزيمة وله طريق آخر عند الحاكم أيضاً أخرجه عن محمد بن أبي السري حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا مالك عن حميد عن أنس قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فكلهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم قال الحاكم وإنما ذكرته شاهداً قال الذهبي في مختصره أما استحى الحاكم أن يورد في كتابه مثل هذا الحديث
الموضوع فأنا أشهد بالله أنه الكذب. وقال ابن عبد الهادي: سقط منه لا، وله طريق آخر عند الخطيب عن ابن أبي داود عن ابن أخي ابن وهب عن عمه عن النميري ومالك وابن عيينة عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة قال ابن عبد الهادي سقط منه لا كما رواه الباغندي وغيره عن ابن أخي ابن وهب هذا هو الصحيح وأما الجهر فلم يحدث به ابن وهب قط وقال ابن عبد البر في التقصي: رُوي هذا موقوفاً في الموطأ وهو الصواب ورفعه خطأ من ابن أخي ابن وهب اهـ وصار هذا الذي رواه الخطيب خطأ على خطأ والصواب فيه عدم الرفع وعدم الجهر والله أعلم* الحديث التاسع وهو موقوف ولكنه في حكم المرفوع أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك قال صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضي تلك القراءة ولم يكبر حين يهوى حتى قضي تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت أين بسم الله الرحمن الرحيم وأين التكبير إذا خفضت واذا رفعت فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوى ساجداً اهـ قال الحاكم صحيح على شرط مسلم ورواه الدارقطني فقال: رواته كلهم ثقات اعتمد الشافعي رحمه الله على حديث معاوية هذا في إثبات الجهر وقال الخطيب هو أجود ما يعتمد عليه في هذا الباب والجواب عنه من وجوه أحدها أن مداره على عبد الله بن عثمان بن خثيم هو وإن كان من رجال مسلم مختلف فيه فلا يقبل ما تفرد به مع أنه قد اضطرب في إسناده ومتنه وهو أيضاً من أسباب الضعف أما في إسناده فإن ابن خثيم تارة يرويه عن أبي بكر ابن حفص عن أنس وتارة يرويه عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه وقد رجح الأولى البيهقي في كتاب المعرفة لجلالة راويها وهو ابن جريج ومال الشافعي إلى ترجيح الثانية ورواه ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده فزاد ذكر الجد كذلك رواه إسماعيل بن عياش وهي عند الدارقطني والأولى عنده وعند الحاكم والثانية عند الشافعي وأما الاضطراب في متنه فتارة
يقول صلى فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها كما تقدم عند الحاكم وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حين افتتح القرآن وقرأ بأم الكتاب كما هو عند الدارقطني في رواية إسماعيل بن عياش وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولا للسورة التي بعدها كما هو عند الدارقطني في رواية ابن جريج ومثل هذا الاضطراب في السند والمتن مما يوجب ضعف الحديث لأنه مشعر بعدم ضبط الوجه الثاني أن شرط الحديث الثابت أن لا يكون شاذاً ولا معللاً وهذا شاذ معلل فإنه مخالف لما رواه الثقات الأثبات عن أنس ومما يرد حديث معاوية هذا أن أنسا كان مقيماً بالبصرة ومعاوية لما قدم المدينة لم يذكر أحد فيما علمناه أن أنسا كان معه بل الظاهر أنه لم يكن معه والله أعلم والوجه الثالث أن مذهب أهل المدينة قديماً وحديثاً ترك الجهر بها ومنهم من لا يرى قراءتها أصلاً ولا يحفظ من أحد عن أهل المدينة بإسناد صحيح أنه كان يجهر بها إلَاّ شيء يسير وله محمل وهذا عملهم يتوارثه آخرهم عن أولهم فكيف ينكرون على معاوية ما هو سنتهم هذا باطل والوجه الرابع أن معاوية لو رجع إلى الجهر بالبسملة كما نقلوه لكان هذا معروفاً من أمره عند أهل الشام الذين صحبوه ولم ينقل ذلك عنهم بل الشاميون كلهم خلفاؤهم وعلماؤهم كان مذهبهم ترك الجهر بها وما روي عن عمر بن عبد العزيز من الجهر بها فباطل لا أصل له والأوزاعى إمام الشام ومذهبه في ذلك مثل مذهب مالك لا يقرؤها سراً ولا جهراً ومن المستبعد أن يكون هذا حال معاوية ومعلوم أن معاوية صلى مع النبي صلى عليه وسلم فلو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالبسملة لما تركها حتى تنكر عليه رعيته أنه لا يحسن يصلي وهذه الوجوه من تدربها علم أن حديث معاوية هذا باطل أو مغير عن وجهه وقد يتمهل فيه ويقال: إن كان هذا الإنكار على معاوية محفوظاً فإنما هو إنكار لترك إتمام التكبير لا لترك الجهر بالبسملة ومعلوم أن ترك إتمام التكبير كان مذهب الخلفاء من بني أمية وأمرائهم على البلاد حتى إنه كان مذهب عمر بن عبد العزيز وهو عدم التكبير حين يهوى ساجداً بعد الركوع وحين يسجد بعد القعود وإلاّ فلا وجه لإنكارهم عليه ترك البسملة وهو مذهب الخلفاء الراشدين وغيرهم من أكابر الصحابة ومذهب أهل المدينة أيضاً
والله أعلم ثم إن البيهقي أخرج من طريق الشافعي من طريقين الأول قال فيه أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة الخ الثاني قال فيه أخبرنا يحيى ابن سليم عن عبد الله بن عثمان وإسماعيل عن أبيه عن معاوية مثله ثم قال الشافعي أحسب هذا الإسناد أحفظ من الأول يعني به حديث ابن جريج الذي رواه الشافعي عن عبد المجيد بن عبد العزيز عنه أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك الخ واختلفوا في معنى قول الشافعي أحسب هذا الإسناد أحفظ من الأول فقال ابن الأثير في شرح مسند الشافعي لأن الاثنين روياه عن ابن خثيم اهـ.
قلت: وهذا ليس بشيء لأن كلا منهما تكلم فيه فإبراهيم بن محمد الأسلمي مكشوف الحال وأما يحيى بن سليم الطائفي فقد ضعفه البيهقي نفسه في مواضع من كتابه وقال فيه: إنه كثير الوهم سيء الحفظ فكيف يكون هذا الإسناد أحفظ من إسناد ابن جريج مع أن ابن جريج أجل منهما وأحفظ والذي يظهر لي في معنى قوله المذكور أنه لاحظ بعض الوجوه التي أوردناها في سياق حديث ابن جريج فاستبعد ذلك السياق وجعل ما رواه ابن خثيم عن إسماعيل أقوى وأحفظ إذ إسماعيل زرقي مدني أنصاري وأبوه عبيد بن رفاعة لم تعرف له غيبة عن المدينة فحين قدوم معاوية كان حاضراً وروى ما رواه عن مشاهدة بخلاف أنس بن مالك فإنه كان إذ ذاك بالبصرة فروايته إن صحت فهي مرسلة فتأمل ذلك بالجملة فهذه الأحاديث كلها ليس فيها صريح صحيح بل فيها عدمهما أو عدم أحدهما وكيف تكون صحيحة وفي رواتها الكذابون والضعفاء والمجاهيل وكيف يجوز أن يعارض برواية هؤلاء ما رواه الشيخان في صحيحيهما من حديث أنس الذي تلقاه الأئمة بالقبول ولم يضعفه أحد بحجة إلا من ركب هواه وحمله فرط التعصب على أن علله ورده باختلاف ألفاظه كما سيأتي مع أنها ليست مختلفة بل يصدق بعضها بعضاً ومتى وصل الأمر إلى معارضة حديثه بمثل حديث ابن عمر الموضوع أو بمثل حديث علي الضعيف فجعل الصحيح ضعيفاً والضعيف صحيحاً والمعلل سالماً من التعليل والسالم من التعليل معللاً سقط الكلام وهذا ليس بعدل والله يأمر بالعدل وما تحلى
طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب والله أعلم وأما الآثار الواردة في ذلك فالأول منها ما رواه البيهقي في الخلافيات والطحاوي في كتابه من حديث عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي قال صليت خلف عمر رضي الله عنه فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان أبي يجهر بها.
قلت: وهذا الأثر مخالف للصحيح الثابت عن عمر أنه كان لا يجهر بها وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن أبيه عدم الجهر وروى الطحاوي بإسناده عن أبي وائل قال: كان عمر وعلي لا يجهران ببسم الله الرحمن الرحيم وروى الطبري في تهذيب الآثار فقال أخبرنا أبوكريب أخبرنا أبو بكر ابن عياش عن أبي سعيد عن أبي وائل قال لم يكن عمر وعلي يجهران ببسم الله الرحمن الرحيم ولا بآمين ومع ذلك فقد اختلف في هذا الأثر على عمر بن ذر قال البيهقي في كتاب المعرفة: رواه الطحاوي عن بكار بن قتيبة عن أبي أحمد عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد وكذلك رواه خالد بن مخلد عن عمر بن ذر عن أبيه وكأن ذكر أبيه سقط من كتاب البيهقي فإن ثبت هذا عن عمر فيحمل على أنه فعله مرة أو بعض أحيان لأحد الأسباب المتقدمة والله أعلم الثاني ما أخرجه الخطيب من طريق الدارقطني بسنده عن عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
قلت: وهذا باطل وعثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي أجمعوا على ترك الاحتجاج به قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: كذاب ذاهب الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الأشياء الموضوعات، وقال النسائي: متروك الحديث والله أعلم الثالث ما أخرجه الخطيب أيضاً عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه قال صليت خلف علي بن أبي طالب، وعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
قلت: وهذا أيضاً لا يثبت وعطاء لم يلحق علياً ولا صلى خلفه قط والحمل منه على ابنه يعقوب فقد ضعفه غير واحد من الأئمة وأما شيخ الخطيب فيه أبو