الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
589 - قال في الروضة لا تكره الصلاة على الميت في المسجد
قالوا بل الصلاة فيه أفضل للحديث في قصة سهيل بن البيضاء في صحيح مسلم وأما الحديث الذي رواه أبو داود وغيره من صلّى على جنازة في المسجد فلا شيء له فعنه ثلاثة أجوبة أحدها ضعفه والثاني الموجود في سنن أبي داود فلا شيء عليه هكذا هو في أصول سماعنا مع كثرتها وفي غيرها من الأصول المعتمدة والثالث حمله على نقصان أجره إذا لم يتبعها للدفن اهـ
قلت: قوله أحدها ضعفه يشير إلى ما ذكره البيهقي عقب إيراده لهذا الحديث ما نصه فيه صالح مولى التوأمة مختلف في عدالته كان مالك يجرحه اهـ ولكن ذكر صاحب الكمال عن ابن معين أنه قال صالح ثقة حجة قيل إن مالكاً ترك السماع منه قال إنما أدركه مالك بعدما كبر وخرف والثوري إنما أدركه بعدما خرف ومن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت وقال العجلي صالح ثقة وقال ابن عدي لا بأس به إذا سمعوا منه قديماً مثل ابن ذئب وابن جريج وزياد بن سعد وغيرهم ولا أعرف له قبل الاختلاط حديثاً منكراً إذا روى عنه ثقة وقال ابن حنبل ما أعلم بأساً ممن سمع منه قديماً فثبت بهذا إنما تكلم فيه لاختلاطه وإنه لا اختلاف في عدالته كما ادعى البيهقي وإن مالكاً لم يجرحه وإنما ترك السماع منه لأنه أدركه بعدما اختلط ففي الحديث حجة لأنه رواه عنه من سمع منه قبل اختلاطه وهو ابن أبي ذئب وقوله في الجواب الثاني إنه الموجود في أصول السماع فلا شيء عليه هو خلاف ما نقله البيهقي في السنن فإنه اعتمد على الرواية المشهورة ولذا تمهل في إسقاطه بصالح مولى التوأمة وما خالفه أظنه إصلاحاً من أحد الرواة فعند أحمد في مسنده وفي سنن النسائي هذا الحديث بلفظ فليس له شيء وهذا لا يحتمل التغيير وقوله في الجواب الثالث أنه محمول على نقصان الأجر إذا لم يتبعها كيف يكون ذلك وقد أعطى قيراطاً من الأجر كل قيراط مثل جبل أحد كما تقدم إلا أن يقال إنه ناقص الأجر بالنسبة إلى القيراطين ولكن لفظ الحديث فلا شيء له يدل على عدم الأجر مطلقاً وقال أصحابنا الصلاة عليها في المسجد مكروه كراهية التحريم في رواية وكراهية التنزيه في أخرى أما الذين بنى لأجل صلاة الجنازة فلا يكره فيه
وأجاب صاحب المحيط عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء في المسجد بأنه صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً إذ ذاك فلم يمكنه الخروج من المسجد فأمر بالجنازة فوضعت خارج المسجد فصلى عليها في المسجد للعذر وهذا دليل على أن الميت إذا وضع خارج المسجد لعذر والقوم كلهم في المسجد أو الإمام وبعض القوم خارج المسجد والباقون في المسجد لا يكره ولو كان من غير عذر اختلف فيه المشايخ بناء على اختلافهم أن الكراهة لأجل التلويث أو كان المسجد بني لأداء المكتوبات لا لصلاة الجنازة ولما صلت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد قالت عائشة رضي الله عنها هل عاب الناس علينا ما فعلنا فقيل لها نعم فقالت ما أسرع ما نسوا ما صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة سهيل بن البيضاء إلَاّ في المسجد وفيه دليل على أن الناس ما عابوا عليها ذلك وأنكروه وجعله بعضهم بدعة إلاّ لاشتهار ذلك عندهم لما فعلوه ولا يكون ذلك إلا لأصل عندهم لأنه يستحيل عليهم أن يروا رأيهم حجة على حديث عائشة ويدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نعى النجاشي إلى الناس خرج بهم إلى المصلي فصلى عليه ولم يصل عليه في المسجد مع غيبته فالميت الحاضر أولى أن لا يصلي عليه في المسجد وقد روى الصلاة على أبي بكر في المسجد بسند رجاله ثقات أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف قال حدثنا حفص يعني ابن غياث عن هشام عن أبيه قال ما صلّى على أبي بكر إلَاّ في المسجد وهذا يصلح أن يكون حجة للإمام الشافعي رضي الله عنه وهو أولى بالاحتجاج مما أخرجه البيهقي في السنن من طريقين ضعيفين في إحداهما إسماعيل الغنوي وهو متروك وفي الثانية عبد الله بن الوليد لا يحتج به وقال الشيخ الأكبر قدس سره في كتاب الشريعة أما الصلاة على الجنائز في المقابر ففيه خلاف وبالجواز أقول في ذلك كله إلَاّ في الصلاة عليها في المسجد فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره ذلك فكرهته رأيته صلى الله عليه وسلم في النوم وقد دخل بجنازة في جامع دمشق فكره ذلك وأمر بإخراجها فأخرجت إلى باب جيرون وصلّى عليها هنالك وقال لا تدخلوا الجنازة المسجد.
590 -
(روي أنه صلى الله عليه وسلم صلّى ركعتين بعد العصر فقيل له أما
نهيتنا عن هذا) أي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب (فقال هما ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر فشغلني عنهما الوفد)
قال العراقي: أخرجاه من حديث أم سلمة ولمسلم من حديث عائشة كان يصلّي ركعتين قبل العصر ثم إنه شغل عنهما الحديث اهـ
قلت: لفظ البخاري في باب إذا كلم وهو يصلّي فأشار بيده واستمع حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب أخبرني عمر وعن بكير عن كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها فقالوا اقرأ عليها السلام منا جميعاً وسلها عن الركعتين بعد صلاة العصر وقل لها إنا أخبرنا أنك تصليهما وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنهما قال ابن عباس وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال كريب فدخلت على عائشة فبلغتها ما أرسلوني به فقالت سل أم سلمة فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عاشة فقالت أم سلمة رضي الله عنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهي عنهما ثم رأيته يصليهما حين صلّى العصر ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فأرسلت إليه الجارية فقلت قومي بجنبه قولي له تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهي عن هاتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر وإنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان وأخرجه كذلك في المغازي ومسلم وأبو داود في الصلاة وأورده معلقاً مختصراً في الباب الذي يليه وأيضاً في باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت وأخرج في هذا الباب من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه أنه سمع عائشة تقول والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله تعني الركعتين بعد صلاة العصر ومن طريق هشام بن عروة عنها قالت له يا ابن أختي ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم السجدتين بعد العصر عندي قط ومن طريق أبي إسحاق قال رأيت الأسود ومسروقاً شهدا على عائشة قالت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلَاّ صلّى ركعتين.