الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (2)
قَالَ اللهُ عز وجل: {غُلِبَتِ الرُّومُ} [الروم: 2].
قال المُفَسِّر رحمه الله: [{غُلِبَتِ الرُّومُ} ، وَهُمْ أَهْل الكتَاب، غَلَبَتْهَا فَارِسُ وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، بَلْ يَعْبُدُونَ الأوْثَانَ، فَفَرِحَ كُفَّار مكَّة بِذَلِكَ، وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: نَحْنُ نَغْلِبكُمْ كَمَا غَلَبَتْ فَارِس الرّومَ] اهـ.
قوْله تَعالَى: {غُلِبَتِ} : فعلٌ مبني للمجهول، و {الرُّومُ} نائبُ فاعِلٍ، وأنَّثها فقال:{غُلِبَتِ} ، لم يقل غُلِب الرّوم معَ أن الَّذي يحارِبُهم هُمُ الرّجالُ، لكِنَّهُ أَنَّثَها باعتبارِ القبِيلَةِ، والَّذي غَلَبَها الفرْسُ، والحكْمَةُ - واللهُ أعْلَمُ - في حَذْفِ الفاعِلِ لِسَبَبَيْنِ:
السّبَبُ الأوَّلُ: لِيَكُونَ ذَلِك أعْظَمَ إِهَانَةً للْفُرْسِ، وَأنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلذِّكْرِ.
السّبَبُ الثّانِي: لِيَكُونَ هَذا أخْفَى بِالنّسْبَةِ لِذُلِّ الرّوم وخِذْلانِها، أَيْ: تَهْوينًا للأَمْرِ عَلَى الرّومِ؛ لأَنَّهُ إِذا قِيلَ لَلإنْسَانِ: أنْتَ غُلِبْتَ، أَهْونُ مِن أَنْ يُقالَ لَه: غَلبَكَ فُلانٌ؛ فإِنَّهُ إِذا قِيل لَهُ: غَلبَك فُلان صارَ معْنَاه أنَّه ذَلِيلٌ لهذَا الرّجُلِ المذْكُورِ.
وقوْلهُ رحمه الله: [{الرُّومُ} هُمْ أهْلُ الكتَابِ]: ولوْ قال المُفَسِّر رحمه الله: (أهلُ كتابٍ) لكَانَ أحْسَنَ؛ لأَنَّ الرّوم نَصارَى، وأَهْلُ الكتَابِ يَشْمَلُ اليَهُودَ والنّصَارَى.
قوْلهُ رحمه الله: [غَلَبَتْهَا فارسُ، وَلَيْسُوا أَهْلَ كِتَابٍ، بَلْ يَعْبُدُونَ الأوْثَانَ]؛ لأنَّهم مجوسٌ يعبدونَ النّارَ، [فَفَرِحَ كُفَّارُ مكَّة بِذَلِكَ، وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: نَحْنُ نَغْلِبُكُمْ كَمَا غَلَبَتْ فارسُ الرّومَ]، يعني أنَّ كُفَّارَ مكَّة تفاءَلُوا بِهَذا الشّيْءِ، وقَالُوا: إِذا كان الرّوم أهلَ كتابٍ وغلبَتْهم الفرْسُ وهُمْ أهْلُ أوْثَانٍ فهَذا مِفتَاح نصْرٍ لَنا أَنْ نغْلِبَ المسْلِمِينَ الَّذِين هُمْ أهْلُ كِتَابٍ ونَحْنُ أهْلُ أوْثَانٍ.