المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (3) قَالَ اللهُ عز وجل: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ - تفسير العثيمين: الروم

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌الآية (3) قَالَ اللهُ عز وجل: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ

‌الآية (3)

قَالَ اللهُ عز وجل: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: 3].

قالَ المُفَسّر رحمه الله: [{فِي أَدْنَى الْأَرْضِ}: أَيْ أَقْرَبَ أَرْضِ الرّوم إِلَى فَارِسٍ بِالجزِيرَةِ التّقَى فِيهَا الجيْشَانِ، وَالبادِي بِالغزْوِ الفرْسُ، {وَهُمْ} أَيْ الرّوم، {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أُضِيفَ المصْدَرُ إِلَى المفْعُولِ، أَيْ غَلَبَة فَارِسٍ إيَّاهُمْ {سَيَغْلِبُونَ} فَارِسَ] اهـ.

قوْله تَعالَى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} قِيلَ: المعْنَى أقربَ الأرْض إِلَى فارسَ، وأنَّ فارِسَ اعتَدَوْا عَلَى الرّومِ، فحَصل القتَالُ بَيْنَهُما، وقِيلَ: إِنَّ معْنَى قوْله تَعالَى: {فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} أيْ فِي أقْرَبِها إِلَى أَرْض العرَبِ، وَهَذا يرْجعُ إِلَى التّاريخِ الَّذي يحدّد موقعَ هَذِهِ المعْرَكَةِ حتَّى نعرِفَ أدْنَى الأرْض، إِنَّما لا شَكَّ أنَّ (أدْنَى) بمعْنَى أقْرَب.

قوله رحمه الله: [{وَهُمْ} أي الرّوم {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} أضيف المصدر إِلَى المفعول أي غلبة فارس إياهم {سَيَغْلِبُونَ} فارس]، انظر تأكيدَ هَذا الوعدِ، حيْثُ صُدِّر بالاسْمِ {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ} ؛ لأنَّهُ إذا صُدّر بالاسْمِ صارَ جمْلَةً اسْمِيَّةً دالَّةً عَلَى الدّوامِ والثّبوتِ، وأكَّد مِنْ وَجْهٍ آخَر بقُرْبِه حيْثُ كانَ الخبَرُ مقرونًا بالسّين الدّالَّةِ عَلَى القرْب، ثمَّ أكَّدَه أيضًا بمؤكّد ثالِث وهُوَ قولُه:{مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} ؛

ص: 16

لِتَحَقُّق الغلَبَةِ، وأنَّ هَذا أَمْرٌ لا بُدَّ أنْ يقَعَ وَلَوْ كَانُوا مغلُوبِينَ؛ لأَنَّهُ لو حُذِف قوُله سبحانه وتعالى:{مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} فقال: (وهم سيغلبون) لقِيلَ: سَيَغْلِبُون، ولَوْ غُلِبُوا: لقَال البعْضُ: إِذَا كَانُوا قَدْ غُلِبوا فإنَّهُم لا يَغْلِبُون، فلَمّا قَال:{مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} صَارَ فِي ذَلِك تأكيدٌ للْغَلَبَةِ، فصَارَ تأكِيدُ غَلَبَةِ هَؤُلاءِ مِنْ وُجوهٍ ثلاثَةٍ.

ص: 17